logo

(4) فتاوى على القناة السعودية

مشاهدة من الموقع

المقدمة

سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

طبتم وطابت أوقاتكم بالخير والمسرات، مرحبًا بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة جديدة مباشرة من برنامجكم “فتاوى”، والذي يأتيكم عبر قناة السعودية.

رحبوا معي في مطلع هذا اللقاء بمعالي شيخنا الشيخ: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء، حياكم الله يا شيخ سعد.

الشيخ: أهلًا، حياكم الله، وحيا الله الإخوة المشاهدين.

المقدم: أسعد مشاهدينا الكرام باستقبال أسئلتكم واستفتاءاتكم تباعًا على هاتف البرنامج الذي يظهر بين الفينة والأخرى، وأيضًا عبر الميديا الجديدة.

حياكم الله يا شيخ سعد.

الشيخ: الله يحييكم.

حكم التحايل على الزكاة

المقدم: أنا استغربت الحقيقة يا شيخ سعد حقيقة بعض الأسئلة التي وردت حول موضوع التحايل على الزكاة، يعني هذا فيصل الشاطري يقول: والدي لديه مجموعة من الأراضي ومجموعة من الفلل عارضها للبيع لكنه قبل أن ينتهي العام يسحبها من مكاتب العقار، ثم يبقيها عنده شهرًا، ثم يعيدها في السنة التي بعدها، هل يعتبر هذا من التحايل على الزكاة؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فهذه الأراضي فيها الزكاة مطلقًا ما دام أنه قد جزم بنية البيع بعرضها، أو حتى بعدم عرضها، لكن مع النية الجازمة بالبيع، فتجب فيها الزكاة؛ لأنه أراد بها التجارة، إنما الأرض التي لا تجب فيها الزكاة هي الأرض التي لم يُرد بها التجارة، وإنما أراد أن يبني عليها مسكنًا مثلًا، أو أراد أن يبني عليها عقارًا لتأجيره هذه لا زكاة فيها، أما التي جزم بنية البيع في الحال، أو في المستقبل، فهذه تعتبر من عروض التجارة، وفيها الزكاة.

وعلى ذلك فما فعله الأخ لا يؤثر في إسقاط الزكاة، فكونه يعرضها ثم يسحبها، ثم يعيد مرة ثانية عرضها، هذا لا ينقطع به الحول، وإنما يجب عليه الزكاة، يجب عليه أن يزكيها إلا إذا غير نيته من نية عرضها للبيع إلى نية البناء، فهنا لا تجب الزكاة، أو أنه كان في نيته مترددًا لم يكن جازمًا بالبيع، فلا تجب فيها الزكاة.

أما إذا كان جازمًا بالبيع، ولا يخطر بباله أنه يبني هذه الأرض، لكن البيع إما أن يعرضها وينوي بيعها حالًا، أو أنه لا يعرضها وينوي بيعها مستقبلًا، أي: يتربص بها ارتفاع الأسعار، فهذه تجب فيها الزكاة.

توجيه لمن لا يخرجون الزكاة من الأغنياء

المقدم: طيب يقولون مقولة: لو أن الأغنياء أخرجوا زكاة أموالهم لسدت حاجة الفقراء، يعني هناك من لا زال يعني فعلًا عنده مشكلة مع الزكاة في قضية إخراج الزكاة أو دفعها، هل من توجيه لهم يا شيخ سعد؟

الشيخ: الزكاة هي حق الله ، والله تعالى خلق البشر وامتحنهم، خلقهم لعبادته جل وعلا، وامتحنهم بأنواع من العبادة، فهناك العبادات البدنية كالصلاة، وهناك العبادات المالية كالزكاة، وهناك من تجمع بين الأمرين مالية وبدنية كالحج، فحتى يصدق على العبد أنه قد استجاب لربه سبحانه، وحقق معنى العبودية لله فلا بد أن يأتي بهذه العبادات جميعها، فإن بعض الناس لا يشق عليه العبادة البدنية الصلاة تجد أنه يحافظ على الصلاة، لكن يشق عليه جدًّا العبادات المالية من شدة حبه للمال، وتشبثه به يشق عليه إخراج الزكاة، فهنا إذا كان صادقًا في عبادته لربه سبحانه، فإنه يخرج هذه الزكاة طيبة بها نفسه.

ثم إن هذه الزكاة مقدارها يسير ليس كبيرًا، يعني زكاة عروض التجارة 2.5%، هذا قدر يسير 2.5% كل عام، وفي بعض الدول الآن، بل كثير من الدول تُؤخذ من الناس ضرائب، تُؤخذ ممن يتعامل بالتجارة، بل حتى ممن لا يتعامل بالتجارة، ممن جعل له رصيدًا في البنك، يُؤخذ منه ضرائب، وبعض الدول تأخذ ضرائب، تصل إلى 30%، يعني: إذا كان عنده رصيد في البنك مائة ألف، يأخذون منه ثلاثين ألفًا ضريبة، نحن ولله الحمد المسلمون ما عندنا إلا الزكاة، الزكاة 2.5%، ومع ذلك إذا دفعتها فأنت مأجور، والنفقة مخلوفة، ويدفع الله تعالى عنك من البلاء، ومن السوء الشيء الكثير، وتُؤجر عليها، وتنال بها الثواب العظيم في الدنيا والآخرة، فهي في الحقيقة مغنم، وليس مغرمًا.

ثم أيضًا فيها معنى تربوي، الزكاة فيها معنى تربوي عظيم، وهو تطهير النفس من الشُّح والبخل؛ لأن الإنسان إذا عوّد نفسه على الإمساك وعدم البذل، فإن النفس تصبح شحيحة بخيلة ممسكة، لكن إذا عوَّد الإنسان نفسه على…، هذه مثلًا الزكاة أخرج هذا المبلغ طيبة بها نفسه متقربًا إلى الله بها، أعطاها لهذا الفقير ولهذا المسكين، فإن هذا مما يطهر النفس من هذه الرذيلة من رذيلة البخل والشح، فهي فيها معنى تربوي، وفيها فوائد عظيمة للمسلم، وأيضًا الزكاة بإذن الله تعالى تحفظ المال من الآفات؛ ولهذا عند العامة أن المال إذا ضاع يقولون: سيعود لأنه مال مزكى، يعني هذا متداول عند العامة، يقولون: المال المزكى ما يضيع، حتى وإن سرق، حتى وإن فُقد، المال المزكى سبحان الله الزكاة تحيط به، وتحميه من الآفات، من السرقة، من الضياع، من الآفات التي تعرض للأموال.

بينما المال غير المزكى يكون عرضة لهذه الآفات لسرقة السارق، للضياع، لنزع البركة، كم من إنسان عنده أموال، لكنه في الحقيقة هو حارس لهذه الأموال يحرسها لمن؟ يحرسها للورثة من بعده، حارس قوي أمين، على هذه الثروة سبحان الله هذا محروم منها، عليه غرمها ولغيره غنمها، عليه الغرم ولغيره الغنم، غنمها للورثة، وعليه غرمها، محاسب عليها، يحاسب على هذه الثروة ريالًا ريالًا، فالغُرم عليه، والغُنم للورثة من بعده، يحرسها للورثة، فتنتقل غنيمة باردة للورثة من بعده، وربما أن بعض الورثة لا يحمدون مورثهم أيضًا على ما خلَّف، فما الفائدة إذن من هذه الثروة؟ ما الفائدة من هذا المال؟ ما الفائدة؟

فالإنسان ينبغي أن ينظر إلى المال النظرة الصحيحة النظرة السوية؛ لأن بعض الناس نظرتهم للمال نظرة غير صحيحة، فالمال لا بد أن يفارقه الإنسان، أو أن يفارق هو الإنسان، ولا يمكن للإنسان أن يخلد في هذه الدنيا، نحن مقامنا في هذه الدنيا محدود، وهذه الدنيا دار ممر وعبور، وعما قريب منتقلون منها إلى الدار الآخرة، والإنسان مهما كدح في هذه الدنيا، فلا بد في النهاية من لقاء الله لا بد، كما قال ربنا سبحانه: يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ [الانشقاق:6]، مهما كدح الإنسان وكدح وكدح في النهاية لا بد من أن يصل إلى هذه النقطة، وهي لقاء الله : إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ [الانشقاق:6] مهما أيضًا مُتع الإنسان في هذه الدنيا من المتع، فلا بد في النهاية من لقاء الله تعالى، كما قال سبحانه: أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ۝ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ ۝مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء:205-207].

فالإنسان ينظر لهذه الدنيا بالنظر الصحيح، وينظر لهذا المال نظرة صحيحة، فيخرج ما أوجب الله تعالى عليه، إخراجه طيبة بها نفسه غير ممتن بهذا الذي يخرجه، بل يحمد الله أن وفقه لإخراجه، بل ينبغي أن يتصدق صدقة التطوع فوق الزكاة التي يخرجها.

هل تجب الزكاة في المال المحرم؟

المقدم: أحسن الله إليكم يا شيخ سعد، بما أن فتحنا هذا الموضوع فيه شبهة دائمًا نسمعها يا شيخ سعد ربما المشاهدين يعني يتفقون معي حول هذا الأمر: بعض الشركات الكبيرة البنوك سواء داخل المملكة أو خارج المملكة ممن تعاملاتها محرمة، فهو يقول: أنا مسلم، وهذه أموال جلها بل ربما أغلبها تعامل محرم، فلا أخرج الزكاة فيها، هل تجب الزكاة في المال المحرم يا شيخ سعد؟

الشيخ: نعم تجب الزكاة فيه، إذا كانت تجب في المال المباح فالمحرم كذلك، الأصل أنها تجب الزكاة في هذا، فكونه يجمع بين خطيئتين يجمع بين كونه حرامًا وبين كونه لا يخرج زكاته، هذا جمع مع معصية معصية أخرى.

هل تصح صلاة الاستسقاء من البنات والمعلمات؟

المقدم: أختنا سامية تقول: طالبة في الصف السادس الابتدائي، هل تصح صلاة الاستسقاء منا نحن البنات في المدارس والمعلمات؟

الشيخ: أما على الصفة المعروفة التي يفعلها الرجال، بأن يجتمعوا ويقوم أحدهم ويصلي بالناس على صفة صلاة العيد، ثم يخطب بهم خطبة، ويدعو الله تعالى، ويُؤمِّنون فهذا لم يرد إلا على الهيئة المعروفة التي وردت بها السُّنة أن يخرج الناس إلى المصلى، وفي حكمها المساجد، ويصلون بهذه الطريقة.

وأما فعلها في مدارس البنات على وجه الخصوص في مدارس البنات فهذا غير مشروع، وإنما يكتفون بالدعاء، يكتفون مثلًا بأن يصلين صلاة الضحى، ويدعين الله بنزول المطر، ونزول الغيث، ونحو ذلك، وأما أن يفعلوا هذه الطريقة، وتقوم امرأة وتخطب فيهن هذا من شأن الرجال، وليس هذا من شأن النساء، مثل هذه الخطب ومثل هذه الصلاة بهذه الطريقة إنما شرعت في حق الرجال، ويصلي معهم النساء، تصلي كل واحدة صلاة الضحى، وتسأل الله أن يغيث البلاد والعباد، وأما في حق الرجال في المدارس الطلاب في المدارس فلا بأس، وفي الجامعات أيضًا فلا بأس بأن يقيموا صلاة الاستسقاء؛ لأنهم رجال، ولا فرق بين أن تقام في المصلى، أو أن تقام في المدرسة، أو أن تقام في الجامعة، أو أن تقام في المسجد كلها مجامع رجال.

ما الأوقات الصحيحة لأذكار الصباح والمساء؟

المقدم: أم عبدالعزيز من جدة تسأل تقول: ما هي الأوقات الصحيحة لأذكار الصباح والمساء؟

الشيخ: أذكار الصباح تكون من بداية الصباح ومتى يبدأ الصباح؟ يبدأ الصباح من طلوع الفجر الصبح، والنهار يبدأ شرعًا من طلوع الفجر؛ ولهذا الصائم عندما يصوم يمسك من طلوع الفجر الصادق هذا هو بداية وقت أذكار الصباح، وعلى ذلك فإذا أتى بها بعد أذان الفجر وقبل الإقامة، فقد أتى بها في وقتها، أو بعد صلاة الفجر أيضًا أتى بها في وقتها، هذه بالنسبة لأذكار الصباح.

وأما أذكار المساء فالأصل أن المساء يبدأ وقته من بعد الزوال، يعني من بعد أذان الظهر، ولكن باعتبار النصوص الواردة في الأمر بذكر الله طرفي النهار، وقبل طلوع الشمس، وقبل الغروب، فالأحسن أن تكون بعد صلاة العصر، كما قال : وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق:39]، وقبل الغروب يكون بعد العصر، فهذا فيه إشارة للذكر، ومنه التسبيح أنه يكون قبل طلوع الشمس يعني بعد صلاة الفجر، وقبل الغروب يعني بعد صلاة العصر، وأذكار الصباح والمساء ينبغي أن يحرص المسلم وأن تحرص المسلمة على الإتيان بها، فإنها بإذن الله تعالى حصن حصين للمسلم، حصن له من الآفات ومن الشرور، ومن السحر، ومن العين، ومن المس، ومن سائر الشرور التي في الدنيا، وهي أذكار يحرص على ما ورد في القرآن والسنة فمن ذلك على سبيل المثال قراءة آية الكرسي، فمن قرأها دبر كل صلاة لم يكن بينه وبين الجنة إلا الموت؛ كما جاء ذلك في الحديث [1].

كذلك أيضًا قراءة سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وتكرارها في الصباح وفي المساء ثلاث مرات، وقراءة قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق و قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ هاتين السورتين اللتين يقول النبي : ما تعوذ المتعوذون بمثلهما [2].

ويقول ابن القيم: “إن هاتين السورتين: (الفلق والناس) قد جمعتا أو تضمنتا الاستعاذة بالله تعالى من جميع الشرور التي في الدنيا”، أي: شر يخطر ببالك موجود الاستعاذة به في هاتين السورتين سبحان الله!؛ فما تعوذ المتعوذون بمثلهما.

كذلك الإتيان بالأذكار الواردة في السُّنة مثل: أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، وفي المساء: أمسينا وأمسى الملك لله، والحمد لله، وأعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، إلى غير ذلك من أذكار الصباح والمساء، وهذه قد صنف فيها مصنفات.

هل يجوز للإنسان أن يبيع شيئًا من أعضائه؟

المقدم: هذا أبو أيوب من السويد يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل يجوز للإنسان المسلم أن يبيع شيئًا من أعضائه باختياره خصوصًا إذا كان بحاجة لذلك؟

الشيخ: لا يجوز له أن يبيع شيئًا من أعضائه؛ لأن أعضاءه ليست ملكًا له، وإنما هي ملك لله ، فكيف يبيع الإنسان شيئًا لا يملكه؟ وهذا في قول عامة أهل العلم أنه لا يجوز بيع الأعضاء، وإنما الذي وقع فيه الخلاف هو التبرع بالأعضاء، وليس بيع الأعضاء، بيع الأعضاء قولًا واحدًا أنه لا يجوز؛ لأنها ليست ملكًا للإنسان إنما هي ملك لله .

حكم الإسبال أو الإسدال في الصلاة

المقدم: أبو محمد يقول: حصل جدال بيننا وبين بعض الإخوة طلبة العلم حول مسألة الإسبال في الصلاة، البعض يقول: لها أصل، والآخر يقول: ليس لها أصل، أفتونا وفقكم الله.

الشيخ: الإسبال أو السدل؟

المقدم: السدل يبدو يقصد هذا، الذي هو سدل اليدين إرسال اليدين في الصلاة.

الشيخ: تعيد السؤال.

المقدم: يقول: حصل بيننا جدال أنا وبعض الزملاء من طلاب العلم حول الإسبال في الصلاة -ويبدو أنه يقصد الإسدال إسدال اليدين أو إرسالها- من يقول: لها أصل في دين الله، ومن يقول: ليس لها أصل، أفتونا في ذلك، وفقكم الله.

الشيخ: إذا كان المقصود إرسال اليدين، فظاهر السُّنة أن اليدين توضعان على الصدر، أو قريب من السرة، توضع اليد اليمنى على اليسرى هكذا، هذا هو الذي ورد كما في حديث سهل بن سعد كان الناس يؤمرون بوضع اليد اليمنى على اليسرى في الصلاة [3].

فهذه هي السُّنة أن الإنسان إذا كبَّر يضع يديه، إما على صدره، أو قريبًا من سرته هكذا هذا في القيام، وأيضًا حتى بعد الرفع من الركوع أيضًا.

حكم ضمان الربح مع رأس المال

المقدم: أبو سعد يقول: يا شيخ سعد شركة سأدخل فيها شراكة تضمن لي الربح بالإضافة إلى رأس المال، هل يجوز لي الدخول في هذه الشركة؟

الشيخ: لا يجوز الدخول في هذه الشركة؛ لأن ضمان الربح مع رأس المال يقلبها من كونها مضاربة إلى كونها قرضًا ربويًّا، فما الفرق بينها وبين القروض الربوية؟ مع الضمان لا فرق، لا فرق بين المضاربة التي يضمن فيها رأس المال والربح وبين القرض الربوي، هما بمعنى واحد في هذا، فحتى تكون مضاربة بالمعنى الشرعي لا يجوز ضمان رأس المال ولا الربح، وإنما تكون قابلة للربح والخسارة، والخسارة على رب المال والربح يكون بينهما بحسب ما اتفقا عليه، وأما ضمان عدم الخسارة، يعني ضمان رأس المال أو ضمان الربح، فهذا يحولها ويقلبها من كونها مضاربة إلى كونها قرضًا ربويًّا.

كيفية وضوء من كانت له أطراف صناعية

المقدم: أم ميسون من فرنسا تقول: لي والدة مبتورة القدم ولديها رجل صناعية عند الوضوء، هل تغسلها، أو تمسح عليها؟

الشيخ: لا يلزمها أن تغسلها، ولا أن تمسح عليها؛ لأن هذه الرجل رجل صناعية، وحينئذٍ يسقط عنها غسل هذه الرجل، ولا شيء عليها في هذه الحال، وإنما تغسل الرجل الأخرى؛ لأن الرجل الواجب غسلها هي القدمين مع الكعبين، وهي مقطوعة الآن، وبعض أهل العلم يستحب أنها تمسح رأس الرجل، لكن هذا لا دليل عليه، يعني كون مسح رأس الرجل لا دليل عليه؛ ولذلك فهذا عضو يسقط غسله، والرجل الصناعية ليست في معنى الرجل العادية الطبيعية، فنقول للأخت: ليس عليها شيء ما دامت بهذه الصفة.

حكم تغسيل ودفن العضو المقطوع من الإنسان

المقدم: سؤالها الثاني تقول: عند بتر القدم تم رميها في القمامة، وقرأت فيما بعد أنه كان ينبغي تغسيلها ودفنها، ما الواجب علينا الآن؟

الشيخ: ما دام أن هذا الأمر قد انتهى، فأرجو ألا يكون عليها شيء، ودفنها مأثور عن بعض السلف الصالح، أنها تدفن، وما دام أنها رمتها في القمامة، يعني هي ليست جثة، وإنما هي جزء من الجسد، وبعض السلف روي ذلك عن بعض الصحابة أنهم يستحبون دفنه، بل حتى يستحبون دفن الشعر، والأمر في هذا واسع إن شاء الله.

حكم تغسيل وتكفين السقط

المقدم: طيب بالنسبة للسقط العمر المحدد الذي ينبغي مثلًا أن يغسل ويكفن، هل له عمر محدد؛ لأن هذا يسأل عنه الكثيرون الحقيقة؟

الشيخ: نعم له عمر محدد، وهو إذا نُفخت فيه الروح، وأما قبل نفخ الروح فيه فليس إنسانًا، ونفخ الروح إنما يكون بعد مرور مائة وعشرين يومًا على الحمل، يعني بعد مرور أربعة أشهر؛ لقول النبي : إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نطفة، ثم علقة مثل ذلك يعني: أربعين، ثم أربعين ثمانين، ثم مضغة، مثل ذلك يعني مائة وعشرين، ثم يأتي إليه الملك ويؤمر بنفخ الروح فيه فيؤمر بنفخ الروح إذن بعد مرور مائة وعشرين يومًا ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد [4] هذا كله بعد مرور أربعة أشهر.

فبعد مرور أربعة أشهر تنفخ فيه الروح، فيصبح جسدًا وروحًا، فيصبح إنسانًا، وأما قبل ذلك فهو لا زال جسدًا بدون روح، فما دام الجسد بدون روح لا يسمى إنسانًا، وإنما هو نطفة أو مضغة أو علقة، فليس إنسانًا، قطعة لحم ليس إنسانًا، فلا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه؛ لأنه ليس بإنسان، متى يقال عنه: إنه إنسان؟ إذا كان في جسد وروح، والروح هذه يعني ليست من عالم المادة، من عالم آخر لا يستطيع البشر معرفة حقيقتها؛ ولهذا لما سُئل النبي عنها توقف فيها، فأنزل الله قوله: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء:85]، يعني: أنتم لا تعرفونها أيها البشر؛ لأنها ليست من عوالمكم، ليست من عالم المادة، هي من عالم آخر، لا تعرفون حقيقته قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [الإسراء:85]، فهذه الروح سبحان الله! يأتي الملك ويؤمر بنفخ الروح في هذا الجنين عندما يمضي عليه أربعة أشهر، فإذا نفخت فيه الروح أصبح إنسانًا إلى أن يتكامل، ويبقى في بطن أمه إلى أن يتكامل نموه، ثم بعد ذلك تلده أمه، ويخرج للدنيا.

فبعد مضي مائة وعشرين يومًا هو إنسان لو قدر عليه أنه سقط أو أسقط من بطن أمه فيعامل معاملة الإنسان، يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين، ويدعى له، ويدعى لوالديه بأن يكون شفيعًا لهما، ويسمى أيضًا حتى يدعى باسمه يوم القيامة؛ لأنه يحشر يوم القيامة، لكن هل يعق عنه؟ لا يعق عنه؛ لأن العقيقة إنما تكون من باب شكر نعمة الله على سلامة المولود، وهذا لم يسلم، هذا مات؛ فلا يعق عنه، وإنما يسمى ويغسل ويكفن ويدفن في مقابر المسلمين، ويصلى عليه، ويدفن في مقابر المسلمين.

المقدم: من عق يا شيخنا يلحقه شيء يا شيخ سعد؟

الشيخ: لا يلحقه شيء، المسألة خلافية بين أهل العلم، ليست محل إجماع أيضًا، يعني من فعل ذلك فليس عليه شيء إن شاء الله.

هل يجوز السفر إلى الدول التي تشرع زواج المثليين؟

المقدم: أم بدور تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، زوجي ينوي أخذ إجازة لمدة أسبوع، والسفر إلى إحدى الدول التي شرّعت زواج المثليين، وقلت له: إن هذه من الدول التي غضب الله عليهم؛ لأنهم يشرعون هذا الأمر، هل يجوز لي طاعته؟ وهل يجوز لنا السفر إلى مثل هذه الدول؟

الشيخ: هنا ننظر في سبب السفر إذا كان السفر لحاجة لعلاج مثلًا لدراسة لتجارة، فهذا لا بأس به إن شاء الله، وأما إذا كان لغير ذلك، فالذي ننصح به أن المسلم لا يذهب إلى البلاد التي تكون فيها الفتن، فتن الشبهات، وفتن الشهوات، والنبي يقول: من سمع بالدجال فلينأ عنه [5].

يعني من سمع بالمسيح الدجال لا يذهب ويقول: أنا عندي من الإيمان ما أعرف به أن المسيح الدجال كذاب، ولن أغتر به، ولن أنخدع به، فالنبي عليه الصلاة والسلام يقول: فلينأ عنه يعني: فليبتعد عنه، هذا مبدأ للمسلم أن يبتعد عن مواطن الفتن.

حكم وضع صور الأموات للذكرى

المقدم: سامية تقول: توفي والدي رحمه الله قبل أشهر، ووضعت صورته صورة عرض في الواتس آب، وأيضًا في بعض أدوات التواصل الاجتماعي الآخر، كلما نظرت إلى هذه الصورة أبكي وأتوجع، هل علي إثم في هذا؟

الشيخ: لا يجوز وضع صور الأموات، أولًا: وضع هذه الصورة هو ذريعة لتعظيمها؛ لأن الناس يغلب عليهم تعظيم الأموات أكثر من الأحياء، ووقع الشرك في قوم نوح لما وضعوا نصبًا أتاهم الشيطان، يعني كان هناك أناس صالحون ماتوا في وقت واحد، فحزن عليهم قومهم حزنًا شديدًا، فأتاهم الشيطان، وقال: صوروهم، حتى إذا رأيتم هذه الصور تذكرتم عبادتهم، فنشطتم، انظر كيف الشيطان دخل عليهم من هذا المدخل الخبيث، وبالفعل فعلوا ذلك، انقرض هذا الجيل، أتى الجيل الذي بعده، وقالوا: إنهم ما فعلوا ذلك إلا لعبادتهم، فلهذا السبب وقع الشرك في بني آدم، يعني وضع صورة الميت، حتى وإن كانت صورة فوتوغرافية، هذا الذي أرى أنه لا يجوز؛ لأنه:

  • أولًا: ذريعة للتعظيم.
  • ثانيًا: يجدد الحزن على الإنسان.
  • ثالثًا: ينافي الصبر المطلوب الإنسان إذا وقعت له مصيبة من موت قريب أو غيره، فالواجب عليه الصبر، يجب عليه أن يصبر، وأن يستسلم لقضاء الله وقدره، صحيح أن الرضا ليس واجبًا، وإنما هو مستحب، لكن الصبر واجب.

فوضع مثل هذه الصور وتجديد الحزن، وكما ذكرت الأخت البكاء كلما رأت هذه الصورة، هذا ينافي الصبر المطلوب، هذه ليست من أخلاق المسلم، المطلوب من المسلم أن يصبر، وأن يفعل ما ينفع الميت، الآن هذه الأفعال التي تفعلها الأخت هل هي تنفع الميت؟ لا تنفع الميت، بل إن النبي يقول: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه [6]، أخرجه البخاري ومسلم.

وقال أهل العلم: معنى يعذب، يعني: يتألم عندما يعلم بأن أهله يبكون عليه، يتألم، والألم ليس عقوبة؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: إن السفر قطعة من العذاب [7].

والإنسان يقول: عذبني ضميري، يعني هو ألم، ليس بالضرورة أن يكون عقوبة، فالميت يعذّب ببكاء أهله عليه، فنقول للأخت السائلة: إذا أردت أن تنفعي الميت فافعلي ما ينفع الميت، وما الذي ينفع الميت؟ الذي ينفع الميت هو ما ورد في النصوص، ومن ذلك قول النبي : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية يعني وقف أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له [8].

فدعاء الحي للميت ينفعه، ويصل ثوابه له، الصدقة الجارية، يعني التي ينتفع بها أن يُجعل وقف لهذا الميت، ما دام أن هذا الوقف ينتفع به، فيجري ثوابه له، أو علم ينتفع به، إما صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، فهذا هو الذي ينفع الميت، فإذا أردت أن تحسني لهذا الميت فافعلي ما ينفع الميت، وأما هذه الأمور من وضع صورته والبكاء كلما رأيتِ صورته، هذه لا تنفع الميت، بل ربما يعذب بسبب ذلك، فالميت يعذب ببكاء أهله عليه.

حكم رسم شخصيات من الرجال أو النساء

المقدم: أبو سميح من الجزائر يقول: أنا فنان تشكيلي، وأقوم أحيانًا برسم بعض الشخصيات أتخيلها رجالًا أو نساءً، هل هذا داخل في التصوير المحرم؟

الشيخ: أولًا لا بد أن نعرف ما ضابط التصوير المحرم، التصوير المحرم والصور المحرمة ما الضابط فيها؟ لأن هذه المسألة تشكل على بعض الناس، وبعض الناس يقول قديمًا كان الناس يرون التصوير يعني ينهون عنه، والآن تسامح الناس في التصوير، هذه المسألة نريد أن نوضحها، ما ضابط التصوير المحرم؟

التصوير المحرم الذي وردت النصوص بتحريمه، بل التشديد فيه كما في قول النبي : أشد الناس عذابًا يوم القيامة المصورون [9] ولعن الله المصور [10].

الضابط فيه هو ما تتحقق فيه علة النهي عن التصوير، يعني لماذا نهت الشريعة عن التصوير؟ ما هي العلة؟ العلة جاءت منصوص عليها في قول النبي : قال الله تعالى: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي [11]، يضاهون بخلق الله [12].

هي المضاهاة والمحاكاة والتقليد لخلق الله هذه هي العلة؛ إذن هي المضاهاة لخلق الله المحاكاة لخلق الله، التقليد لخلق الله، فهذا هو التصوير المحرم، على ذلك هذا ينطبق تمامًا على المجسمات من ذوات الأرواح التماثيل والمجسمات من ذوات الأرواح، كأن تكون كصورة إنسان تمثال لإنسان مثلًا، أو أسد أو نمر مثلًا أو نحو ذلك صغيرًا كان أو كبيرًا؛ لأن هذا يتحقق فيه علة النهي عن التصوير، وهي مضاهاة خلق الله ، فالصور المجسمة لذوات الأرواح هذه تدخل فيها، أيضًا الصور المرسومة باليد، ومن ذلك ما ذكره الأخ السائل الرسام الصور المرسومة باليد، هل فيها مضاهاة لخلق الله؟ نعم فيها مضاهاة لخلق الله؛ لأن هذا يحاكي خلق الله، يقلد خلق الله، فهو يرسم صورة هذا الإنسان، فكونه يرسم صورة إنسان، أو حتى حيوان من ذوات الأرواح هذا فيه مضاهاة لخلق الله تعالى، وهذا لا يجوز؛ ولذلك ننصح الأخ الرسام والرسامين عمومًا بألا يرسموا ذوات أرواح، وإنما يجعلون رسومهم في غير ذوات الأرواح.

بقي التصوير الفوتوغرافي، ومثل ذلك التصوير التلفزيوني، هل هذا تتحقق فيه علة المضاهاة لخلق الله؟ الواقع أنه ليس فيه مضاهاة لخلق الله، هي كصورة الإنسان الحقيقية في المرآة كما خلقه الله تعالى، ولا أحد يقول: إن صورة الإنسان في المرآة محرمة، لكن بحكم تقدم التقنية الصور الفوتوغرافية ثبتت، والصورة التلفزيونية سُرّعت، وإلا فكرة الصور التلفزيونية هي نفسها فكرة الصور الفوتوغرافية لكنها مسرعة سرعة لا تدركها العين، مسرعة يقولون من ستة عشر إلى خمسة وعشرين مرة في الثانية ليس في الدقيقة في الثانية الواحدة، وهذه لا تدركها العين، وإلا الفكرة واحدة، لكن في الصور الفوتوغرافية مثبتة، وفي الصور التلفزيونية مسرعة، هذه لا تتحقق فيها المضاهاة لخلق الله .

فإن قال قائل: الناس يسمونها صورة وصورًا، نقول: تسمية الشيء بغير اسمه لا يغير من حقيقته، أرأيت لو سمى الناس الخمر مشروبًا روحيًّا، هل هذا ينقله عن حكمه؟ لا، يبقى خمرًا سواء سمي خمرًا، أو مشروبًا روحيًّا، أو غير ذلك، بل كان الناس هنا في المملكة أنا أذكر أن الناس هنا في المملكة العربية السعودية كانوا قديمًا يسمون هذه الصور عكوس وعكس، قديمًا يسمونها عكس، والحقيقة أن هذا هو الوصف الدقيق لها، هي في الحقيقة عكس لخلق الله ، ليست صورة، فتسمية الناس لها صورة من باب التجوز في العبارة، وإلا فهي عكس وعكوس، فهذه إذن العكوس هذه لا تنطبق فيها علة النهي عن التصوير، وهي مضاهاة خلق الله .

إذن حصل التصوير المحرم الذي فيه علة النهي عن التصوير لمضاهاة خلق الله في ماذا؟ في الصور المجسمة التماثيل المجسمات لذوات الأرواح، وأما غير ذوات الأرواح فجائزة، ذوات الأرواح كالإنسان والحيوان وأيضًا في الصور المرسومة؛ لأن فيها أيضًا مضاهاة لخلق الله .

أما الصور الفوتوغرافية أو التلفزيونية فهذه لا تتحقق فيها علة النهي عن التصوير، وهي المضاهاة لخلق الله ، هذه في الحقيقة ليست صورًا بالمعنى الشرعي، هي عكوس، كما كان الناس قديمًا في المملكة عندنا يسمونها عكوسًا، فلا تدخل في الصور المحرمة.

حكم عمل المجسَّمات التعليمية

المقدم: هذا أحد الإخوان يبدو أنه طبيب أو شيء، لكن يقول: هل يدخل في هذا أيضًا المجسَّمات التعليمية في كليات الطب وغيرها؟

الشيخ: الأصل أنها تدخل، لكن يمكن لأجل الإفادة منها طمس معالم الوجه، إذ طمست معالم الوجه زال الإشكال، فيمكن عندهم مثلًا في كلية الطب، ما دام أن هذه مجسمات لأجل التعليم أن تمسح معالم الوجه فإذا مسحت معالم الوجه لم يكن في ذلك بأس، ولا تدخل بعد ذلك في الصور المحرمة.

حكم الزواج من أخت أخته من الرضاعة

المقدم: فيصل يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أمي أرضعت بنت عمي، وأنا أنوي أن أخطب أختها، لكنهم قالوا لي: إن كلا الأسرتين أصبحوا محرمين على بعض، فهل هذا صحيح؟

الشيخ: ما دام أن أمك أرضعت ابنة عمك، فمعنى ذلك أن ابنة عمك أصبحت أختًا لك، وأما أختها فليس لها علاقة، يعني أختها لا زالت امرأة أجنبية؛ لأنها لم ترتضع من أمك، وإنما التي ارتضعت من أمك هي ابنة عمك هذه المرتضعة، فأختها لا بأس أن تتزوج بها، ما لم ترتضع أنت من أمها، فإذا كان الواقع منحصرًا فيما ذكره الأخ السائل؛ أنه فقط ابنة عمه هي التي رضعت من أمه فقط، وهو يريد أن يتزوج من أخت المرتضعة، فلا بأس بذلك، ولا يكون أخًا لها من الرضاع، وإنما المرتضعة تكون أختًا من الرضاع له ولجميع إخوته وأخواته.

حكم الشك في عدد الرضعات

المقدم: توسع الناس في مسألة الرضاع يا شيخ سعد بشكل يعني ترد أسئلة كثيرة حول هذا أحيانًا يعني إلى درجة الأسئلة يشك هل هي رضعة واحدة؟ هل هي اثنتين؟ هل هي ثلاث؟ يعني ما الضابط في هذه القضية؟

الشيخ: هو ينبغي عند الرضاع أن تضبط عدد الرضعات، حتى لا تسبب إشكالًا، الرضعات المحرمة هي خمس رضعات فأكثر، هذه الرضعات المحرمة، فعندما تقوم امرأة بإرضاع طفل ليس طفلها، فينبغي أن تضبط عدد الرضعات، ولو أن يكتب ذلك أيضًا حتى لا ينسى حتى لا يسبب إشكالًا وحرجًا.

كيفية قضاء السنن الفائتة

المقدم: بدر يقول: كيف أقضي السنن التي فاتت وخصوصًا سنة الفجر؟

الشيخ: السنن تقضى كما تقضى الفرائض؛ لعموم قول النبي : من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها [13]؛ وهذا يشمل الفريضة والنافلة، فتدخل في ذلك السنن الرواتب في أرجح أقوال أهل العلم، ومن ذلك سنة الفجر، لكن إذا ضاق الوقت يعني بعض الناس يأتي وقد أقيمت الصلاة صلاة الفجر، ولم يأتِ بالسنة الراتبة، فلا بأس أن يصليها بعد الفريضة، لا بأس، وأيضًا لا بأس أن يؤخرها إلى ما بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، يعني بعد طلوع الشمس بعشر دقائق يؤخرها أيضًا فيقضيها بعد ذلك لا بأس، لكن جعل السنة الراتبة سنة الفجر قبل الفريضة فهو أفضل، وقد قال النبي : ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها [14]، رواه مسلم.

حكم صنع ثياب النساء من الأقمشة الرجالية

المقدم: هذه مجموعة من أسئلة الأخوات صغتها في السؤال التالي: الآن مع قرب الشتاء يوجد أقمشة رجالية، لكن بعض الأخوات يأخذن الأقمشة الرجالية، ويصنعن منها تنانير، هل هذا يدخل في قضية لبس الرجل؟

الشيخ: لا بأس بهذا، ما دام أنها في النتيجة النهائية ليست على صفة لباس الرجل، فلا بأس بذلك، وكونها استخدمت مثلًا قطعة من قماش الرجل في خياطة ثوب امرأة، وهو في النهاية يصدق عليه أنه ثوب امرأة وليس ثوب رجل، وليس فيها تشبهًا بالرجال، فلا بأس بذلك بغض النظر عن القطعة المستخدمة في تصنيع هذا اللباس.

حكم تسمية المولودة “تولين”

المقدم: تسأل إحدى الأخوات عن اسم تولين، هل يصح أن تسمي ابنتها تولين؟

الشيخ: ما معناها؟ يحتاج أولًا أن نعرف معناها، إذا عرفنا معناها لعلنا إن شاء الله نتأمل إن شاء الله تعالى، نبحث أولًا عن معناها، وإذا عرفنا معناها يمكن بعد ذلك يأتي الكلام على الحكم.

لكن بالمناسبة ما دمنا الآن استشكلنا في هذا البرنامج المعنى، ينبغي للإنسان أن يختار لابنه أو ابنته اسمًا معناه واضح؛ لأنه في الحقيقة في النهاية يسيء لهذا الابن، أو هذه البنت يسيء له يصبح عقدة، فكلما أتى مجلسًا: ما معنى هذا الاسم؟ ما هو هذا الاسم؟ والناس يطلبون منه أن يعيدون اسمه مرة ثانية وثالثة ورابعة، ثم ربما أتى وسأله سائل: ما معنى اسمك؟ فالحمد لله اللغة العربية واسعة، والأسماء الحسنة كثيرة، فينبغي للإنسان أن يختار لابنه أو ابنته اسمًا معناه حسنًا، وأيضًا معروفًا.

أقل نصاب الزكاة

المقدم: أقل نصاب للزكاة يا شيخ سعد؟

الشيخ: في ماذا؟

المقدم: في المال، أقل نصاب تقول: الوالدة عندها مبلغ ثمانمائة ريال، مر عليه سنة كاملة في حسابها، لم تستخدمه، ولم تسحب منه شيئًا، فهل فيه زكاة؟

الشيخ: نعم، أقل النصاب في الأوراق النقدية، هو أدنى النصابين من الذهب أو الفضة، والآن الفضة أرخص من الذهب بكثير، فيكون نصاب الأوراق النقدية هو نصاب الفضة، ونصاب الفضة 595 جرامًا، فنضرب سعر الجرام من الفضة × 595، فيخرج لنا نصاب الأوراق النقدية هي في حدود 1250 ريالًا، تقريبًا، وقد يتغير هذا الرقم، وقد يزيد وقد ينقص تبعًا لتذبذب أًسعار الفضة، فثمانمائة ريال لم تبلغ نصابًا، وليس فيها زكاة.

هل يأثم من نسي ما حفظه من القرآن؟

المقدم: هذا يسأل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كنت حافظًا لأجزاء كثيرة من كتاب الله ، ثم اشتغلت بالتجارة، ونسيتها تمامًا، ما الذي يلزمني؟ وهل علي إثم في هذا؟

الشيخ: بإمكانك أن تتدارك الآن، فتراجع ما حفظته من كتاب الله سبحانه، وأحسن طريقة في هذا أن ترتبط بمقرئ يعني لا تحفظ على نفسك لا تراجع على نفسك؛ لأن القرآن يؤخذ بالتلقي؛ لأن الإنسان إذا حفظ على نفسه ربما يفتح المصحف ويحفظ الآية بطريقة خاطئة، يعني بعض الآيات في قراءتها تحتاج إلى أن تؤخذ بالتلقي هي مكتوبة بالرسم العثماني، فربما أتى الإنسان وحفظها بطريقة خاطئة، فلذلك ننصح الأخ السائل بأن يلتحق بإحدى حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وهي ولله الحمد منتشرة عندنا في بلادنا انتشارًا واسعًا.

المقدم: حتى إلكترونيًّا يا شيخ سعد.

الشيخ: نعم، لا يكاد يوجد الآن مسجد في المملكة إلا وفيه حلقة أو حلقات من تحفيظ القرآن الكريم، وهذا من نعم الله تعالى علينا في هذه البلاد.

فعليه أن يلتحق بحلقة من حلقات تحفيظ القرآن الكريم، ويُصبِّر نفسه، كما أن عنده جلد وصبر على التجارة يجعل له وقتًا للقرآن، يجعل له نصف ساعة في اليوم مثلًا إلى ساعة لمراجعة ما حفظه من كتاب الله ، يرفع مستوى الاهتمام بالقرآن عنده إذا رفع مستوى الاهتمام سيجد الوسائل التي تعينه على المراجعة، لكن عندما يكون مستوى الاهتمام ضعيفًا، فسينشغل بالتجارة، ثم أيضًا هو الآن مع عمله التجاري الآن يعني هل هو منشغل أربعًا وعشرين ساعة؟ سيجد وقتًا طويلًا، يعني المراجعة ما تأخذ منك نصف ساعة إلى ساعة، لكن تحتاج منك إلى قوة إرادة، وقوة عزيمة، فنقول للأخ السائل الكريم: يعني لا تجعل أمور التجارة تأخذ معظم وقتك، اجعل للقرآن وقتًا، واجعل لصلاتك وقتًا، واجعل لعلاقاتك الاجتماعية وقتًا، يكون المسلم متوازنًا في حياته، متوازن لا يطغى جانب على جانب، لا يطغى انشغاله بأمور التجارة على حساب دينه، أو حساب أسرته، أو حساب مثلًا القيام بحقوق من له عليه حق، فينبغي أن يعتدل الإنسان في أعماله؛ ولهذا لما أتى عبدالرحمن بن عوف إلى أبي الدرداء وجده منقطعًا للعبادة طول الليل يقوم الليل، وطول النهار صائم، فسأل امرأته قالت: هذه حاله، ذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام فدعا أبا الدرداء وقال: إن لنفسك عليك حقًا، ولأهلك عليك حقًا، ولعينك عليك حقًا، ولزورك عليك حقًا، فأعط كل ذي حق حقه [15].

هكذا تكون حياتك فيها اعتدال، فيها توازن، فبعض الناس يغلب جانب على جانب، وهذا يسبب خللًا في الحقيقة، فنقول: لا بأس بالاشتغال بالتجارة، لكن لا تكن على حساب دينك، لا تكن على حساب عنايتك بالقرآن الكريم، لا تكن على حساب قيامك ببر الوالدين، وصلة الرحم، وعلاقاتك الاجتماعية المطلوبة، ونحو ذلك من الأمور، فلتكن حياة المسلم حياة معتدلة متوازنة، منهجها قول النبي : فأعطِ كل ذي حق حقه.

المقدم: يأثم يا شيخ سعد من حفظ شيئًا من القرآن ثم هجره؟

الشيخ: هذا فيه تفصيل إن كان هجره رغبة عنه، هذا هو الذي ورد فيه الوعيد، يعني تركه رغبة عنه، أما إذا كان لأجل انشغال مثلًا، أو كسل، أو نحو ذلك، فلا يأثم بهذا، لكنه محروم حرم نفسه خيرًا عظيمًا.

ما صحة: “حسنة في مكة تعدل مائة ألف حسنة في غيرها”؟

المقدم: هذا فيصل من مكة يقول: ما صحة حديث: “حسنة في مكة المكرمة تعدل مائة ألف حسنة في غيرها”؟

الشيخ: لا أعلم لهذا أصلًا، ومتنه فيه نكارة، الثابت في هذا هو قول النبي : صلاة في مسجدي هذا تعدل ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام [16].

وهذا يدل على أن الصلاة في المسجد النبوي أنها تعدل ألف صلاة، وأن الصلاة في المسجد الحرام فضلها أكثر من ألف صلاة، وجاء أنها تعدل مائة ألف صلاة [17].

الأقرب في هذه المسألة أن الصلاة في المسجد الحرام لها فضل أكثر من ألف صلاة للحديث السابق الذي رواه مسلم، وأن الصلاة في المسجد النبوي تعدل ألف صلاة فيما سواه من المساجد، وأما هذا الذي ذكره الأخ السائل لا أعلم له أصلًا.

ما الضابط في إدراك الجماعة؟

المقدم: أبو لؤي من طريف يقول يا شيخ سعد: ما الضابط في إدراك الجماعة، حيث إنه يحصل هناك إشكالية كبيرة؟ هل يدرك بالركعة؟ هل يدرك بإدراك جزء من التحيات وغيره؟ هذا يحصل فيه لغط كثير من الناس؟

الشيخ: نعم، هو سبب الإشكال في هذا أن المسألة خلافية، المسألة محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من قال: إن الجماعة تدرك بإدراك جزء من الصلاة، وعلى ذلك لو أدرك آخر التشهد أدرك الجماعة.

والقول الثاني: أن الجماعة إنما تدرك بإدراك ركعة، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية، وجمع من المحققين من أهل العلم، وهو القول الراجح، ويدل له قول النبي : من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة [18]، أخرجه البخاري ومسلم.

ومفهوم هذا الحديث: أن من لم يدرك ركعة من الصلاة لا يكون مدركًا للصلاة؛ ولهذا الناس في الجمعة إذا لم يدرك ركعة، يعني أتى والإمام رفع من الركوع من الركعة الثانية يوم الجمعة يقضي كم ركعة؟ أتى المسبوق وقد رفع الإمام من الركوع في الركعة الثانية، يعني أتى وهو في السجود في الركعة الثانية وسلّم الإمام يوم الجمعة، كم يقضي من ركعة يا شيخ؟

المقدم: أتوقع أنه يصليها ظهرًا.

الشيخ: نعم أحسنت أربع ركعات، يقضيها أربع ركعات، الجمعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة، كذلك الجماعة أيضًا الجماعة لا تدرك إلا بإدراك ركعة، وعلى ذلك فمن أتى وقد رفع الإمام من الركوع من الركعة الأخيرة، فقد فاته أجر الجماعة.

ولهذا إذا أتيت والإمام قد رفع من الركوع من الركعة الأخيرة، وفيه داخلون للمسجد، فاطلب من الداخلين للمسجد قل لهم: ننتظر حتى يسلم الإمام، ونقيم جماعة جديدة؛ لماذا؟ لأنك لو صليت مع الجماعة الجديدة، تضمن أجر الجماعة تضمن سبعًا وعشرين درجة، لكن لو دخلت مع الجماعة الأولى، فاتك أجر الجماعة، فلهذا الأفضل لمن دخل والإمام قد رفع من الركوع من الركعة الأخيرة أن ينتظر حتى يُسلِّم الإمام، ويصلي مع الجماعة الجديدة، حتى يضمن أجر الجماعة.

خاتمة البرنامج

المقدم: أحسن الله إليكم، شيخ سعد، وبارك فيكم على هذه الإجابات المباركة، وكانت فرصة الحقيقة يعني أن أرضينا كثيرًا من الإخوة والأخوات عبر الميديا الجديدة دائمًا يقولون: أسئلتنا يغطي عليها الاتصال، فشكر الله لكم، انتهت هذه الحلقة، وبارك فيكم يا شيخ سعد.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المشاهدين.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه النسائي في السنن الكبرى: 9848.
^2 رواه أبو داود: 1463.
^3 رواه البخاري: 740.
^4 رواه البخاري: 3208، ومسلم: 2643.
^5 رواه أبو داود: 4319.
^6 رواه البخاري: 1290، ومسلم: 927.
^7 رواه البخاري: 1804، ومسلم:1927.
^8 رواه مسلم: 1631.
^9 رواه البخاري: 5950، ومسلم: 2109.
^10 رواه البخاري: 5347.
^11 رواه البخاري: 5953، ومسلم: 2111.
^12 رواه البخاري: 5954، ومسلم: 2107.
^13 رواه مسلم: 680.
^14 رواه مسلم: 725.
^15 رواه البخاري: 1968.
^16 رواه البخاري: 1190، ومسلم: 1394.
^17 رواه ابن ماجه: 1406.
^18 رواه البخاري: 580، ومسلم: 607.
zh