logo

(3) فتاوى على القناة السعودية

مشاهدة من الموقع

المقدمة

المقدم: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

طبتم وطاب مساؤكم بالخير والمسرات، مرحبًا بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة جديدة مباشرة عبر قناة السعودية في برنامجكم “فتاوى”.

رحبوا معي في مطلع هذا اللقاء بمعالي الشيخ شيخنا: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء، مرحبًا شيخ سعد.

الشيخ: أهلًا حياكم الله، وبارك فيكم، وحيا الله الإخوة المشاهدين.

المقدم: أحسن الله إليك شيخنا، أسعد مشاهدينا الكرام باستقبال أسئلتكم واستفتاءاتكم تباعًا على هاتف البرنامج أو عبر الميديا الجديدة.

توجيه في استخدام وسائل التقنية الحديثة

حياكم الله شيخ سعد، وبارك فيكم، قبل حلقة في مجموعة كبيرة من الأسئلة من الإخوان والأخوات تدور حول التقنية، فيبدو إنه في شرخ أحدثته التقنية داخل الأسرة المسلمة، وداخل أسرنا في المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، فأصبح لكل واحد من أفراد الأسرة عالمه الخاص، تشتكي الزوجة من الزوج، ويشتكي الزوج من الزوجة، وكذلك الأبناء كل واحد أصبح كأنه يعيش وحده في غرفة مع أنهم كلهم في بيت واحد، ما التوجيهات شيخ سعد لاستخدام هذه التقنية بالشكل الصحيح؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإنّ وسائل التقنية الحديثة هي سلاح ذو حدين كما يُقال، إن استخدمت استخدامًا جيدًا واستفيد منها فيما ينفع الإنسان كانت نعمة على الإنسان، ومفيدة له؛ بل من أعظم النعم.

أما إن أسيء استخدامها، فإنها تكون نقمة على الإنسان.

ولهذا ينبغي إحسان الإفادة من هذه الوسائل، وأن يكون هناك وعي وتوعية لأفراد المجتمع في أن يحسنوا الإفادة من وسائل التقنية الحديثة.

ويلاحظ أن بعض الناس عندهم شبه إدمان، الإدمان لا يختص فقط في الخمر والميسر، قد يكون الإدمان في غيره، فبعض الناس عنده إدمان أو شبه إدمان في استخدام وسائل التقنية الحديثة؛ ولذلك تجد أنه يبقى عندها الساعات الطوال، ويكون هذا ربما على حساب أسرته، وعلى حساب واجباته الاجتماعية، بل ربما على حساب دينه، ربما تؤدي إلى تضييع الصلوات مثلًا، أو الوقوع في بعض المحرمات، وحينئذٍ تتسبب وسائل التقنية الحديثة مع كونها في الأصل مباحة في إيقاع الإنسان في المعاصي.

وهذا من الاستخدام الخاطئ لوسائل التقنية الحديثة؛ لهذا ينبغي أن نحسن الإفادة منها، وأن يكون هناك توعية من وسائل الإعلام للمجتمع في أن يحسنوا استخدام هذه الوسائل.

هذه الوسائل الآن أثرت -كما تفضلتم- على المستوى الأسري، على مستوى الأسرة، فتجد أن كل واحد من أفراد الأسرة معه جهازه الخاص به، ربما في المجلس الواحد الزوج معه جواله، والزوجة كذلك، والابن والبنت وهم في مجلس واحد، إلا أن كل واحد يعيش في عالمه الخاص به، وهذا لا شك أن له الأثر السيئ على التواصل الاجتماعي؛ يبر والديه أو يصل رحمه لكن معه جواله، معظم الوقت وهو بهذا الجوال، وعلى الواتساب وعلى تويتر وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، فيكون معظم وقته على هذه الوسائل حتى في الاجتماعات العائلية والمناسبات تجد أن بعض الناس جل وقته في جهازه الجوال، وفي استخدام هذه الوسائل.

وهذا في الحقيقة لا شك أن مثل هذه التصرفات تصرفات غير لائقة، وأنه ينبغي أن نحسن الإفادة من وسائل التقنية الحديثة، باستخدامها بطريقة مناسبة، وليكن هناك ترشيد لاستخدامها ونستخدمها في الأمور المفيدة، والأمور النافعة، وألا تأخذ أيضًا من حيز وقت الإنسان؛ لأنه أنفس ما يملك وقت الإنسان هو عمره، فينبغي ألا تأخذ وقتًا كبيرًا من الإنسان، وإنما تكون في الوقت المعقول، وتكون أيضًا في الأمور النافعة، وفي الأمور المفيدة.

هل يحق للزوج أن يفتح جوال زوجته أو أبنائه؟

المقدم: أحسن الله إليك شيخنا، يقودنا هذا يا شيخ سعد إلى قضية سأل عنها -الحقيقة- الكثير: هل يحق للزوج أن يفتح مثلًا جوال زوجته، وينظر فيما يدور فيه؟ أيضًا الزوجة كذلك أيضًا الأبناء أم أن هناك يبقى في خصوصية ما ينبغي للشخص إنه يتجاوزها في هذا الأمر؟

الشيخ: الأصل هو أن كل جهاز خاص بالإنسان له خصوصية، ليس لأحد الحق في أن يفتحه، وأن يطلع على أمور تخصه، كما أنه ليس له الحق أن يطلع على حقيبته، وعلى مثلًا محفظته، وعلى أموره الخاصة، فالجوال كذلك هو كسائر أموره الخاصة، إلا في حالة واحدة، وهي أن يوجد هناك ريبة، ويكون هذا الشخص له سلطة كالزوج على زوجته مثلًا، فوجد منها ريبة، وليس وسوسة، وإنما ريبة مقترنة بقرائن مثلًا فيريد أن يتأكد، فهنا تقتضي المصلحة أن يفتح جوال زوجته، أو الأب مع ابنه، أو مع ابنته، فإذا وجد ما يستدعي ذلك فلا بأس، وإلا فالأصل أن هذه الأجهزة أنها خاصة بالإنسان، وأنه ليس لأحد أن يطلع عليها؛ لأنه ربما يكون له أمور خاصة به، قد لا تكون محرمة، لكن لا يحب من الآخرين أن يطلعوا عليها، قد تكون أمور شخصية، يعني أمور مباحة، لكن بعض الناس لا يحب من الآخرين أن يطلعوا على ما يكتب، وعلى ما يرسل، فتبقى له خصوصيته؛ ولهذا النهي عن التجسس هو لأجل هذا، أن الإنسان يحترم خصوصية الآخر، ولا ينتهكها إلا عندما تقتضي المصلحة ذلك، إذا اقتضت المصلحة الشرعية ذلك كما مثلنا الزوج مع زوجته، مع وجود ما يدل على الريبة، فهنا المصلحة تقتضي هذا، وإلا فالأصل هو الخصوصية.

حكم استخدام الآيات القرآنية أو الأذان كنغمة للجوال

المقدم: نختم هذا الملف بمسألة استخدام الآيات القرآنية أو الأذان كنغمة للجوال؟

الشيخ: أما استخدام الآيات القرآنية كنغمة للجوال فلا يجوز في قول أكثر أهل العلم المعاصرين، وقد صدر بهذا قرار من المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي؛ وذلك لأن القرآن أجل من أن يُجعل على شكل نغمة، وكلام الله ينبغي تعظيمه واحترامه وتوقيره، ولا يجعل على شكل نغمة.

ثم أيضًا هذه النغمة إذا جُعل القرآن على شكل نغمة، ربما يخرج صوت هذه النغمة في أماكن غير لائقة، كدورة المياه مثلًا، وربما أيضًا يقطعها صاحب الجوال، فمثلًا لو وضع النغمة على فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] مثلًا فلو قال: فاعلم أنه لا إله، ثم قطعها، فتؤدي معنى غير صحيح؛ ولذلك فنقول: لا يجوز وضعه على شكل نغمة.

أما غير القرآن الكريم فالأمر فيه واسع، يعني: كأن يضع الإنسان…، أو حتى أدعية لا بأس بهذا، الأمر في هذا واسع، لكن القرآن لخصوصيته يُعظّم ويُحترم، ولا يجعل على شكل نغمة.

ما هو القرض الحسن؟

المقدم: بدرية من الكويت تسأل عن القرض الحسن، تقول: ما هو القرض الحسن؟

الشيخ: القرض الحسن حقيقته عند الفقهاء هو دفع مال لمن ينتفع به، ويرد بدله، هذا هو تعريفه، وهذه حقيقته، لاحظ هنا التماثل: دفع مال لمن ينتفع به، يعني المقصود به الإرفاق والإحسان، وليس المقصود به المعاوضة، بل ينتفع به، ويرد بدله، مثله من غير اشتراط زيادة، مثال ذلك مثلًا: أقرضك عشرة آلاف ريال تردها لي بعد ستة أشهر عشرة آلاف ريال، فلا يجوز أن يشترط عليك أنك تردها مثلًا أحد عشر ألفًا، لا يجوز، وإنما تردها كما هي؛ هذا هو القرض الحسن.

والقرض الحسن يقابله القرض الربوي، والقرض الربوي معناه: القرض المشترط فيه زيادة، كأن مثلًا يقرضه عشرة آلاف على أن يردها بعد سنة أحد عشر ألفًا، هذا محرم بالإجماع، هذا لا يجوز.

لكن إذا دخل الإنسان في قرض حسن، يعني: سلفه أقرضه عشرة آلاف ريال، على أن يردها بعد سنة مثلًا عشرة آلاف ريال، لكن المقترض لما أراد أن يردها ردها ورد معها هدية، أو رد أحد عشر ألفًا، وقال: الألف الريال هذه هدية مني لك، فهذا لا بأس به، ما دامت غير مشترطة، فلا بأس به.

والدليل لهذا أن النبي استسلف من رجل بكرًا، فأتى هذا الرجل يتقاضى بكره، فلم يجدوا إلا سنًا أفضل منه، فقال النبي : أعطوه، فإن من خيار الناس أحسنهم قضاء [1].

فدل هذا على أنه تجوز الزيادة في القرض إذا كانت بعد الوفاء، وكانت غير مشترطة بهذين الشرطين: بعد الوفاء وغير مشترطة.

أما إذا كانت مشترطة فلا يجوز هذا هو القرض الربوي، أو كانت قبل الوفاء، فإنها لا تجوز مطلقًا مشترطة كانت أو غير مشترطة، قبل الوفاء لا تجوز، وقد نقل ابن المنذر وغيره الإجماع على ذلك، فقبل الوفاء لا تجوز، وكذلك أيضًا أن تكون مشترطة، أما بعد الوفاء وغير مشترطة فلا بأس بها.

والقرض الحسن هو من عقود الإرفاق والإحسان، فإذا صُرف عن موضوعه، وأصبح يراد به المرابحة والمعاوضة، فإنه ينتقل من كونه قرضًا حسنًا إلى كونه قرضًا ربويًا.

وذلك أن صورة القرض في الأصل هي صورة ربوية، فمثلًا شخص يعطي آخر عشرة آلاف ريال، على أن يردها عليه بعد مدة عشرة آلاف ريال، لم يتحقق التقابض هنا نقد بنقد، مع عدم التقابض، فصورته في الأصل هي صورة ربوية، لكن الشريعة الإسلامية من باب تشجيع الناس على الإرفاق وعلى الإحسان وعلى التكافل الاجتماعي فيما بينهم استثنت هذه الصورة، فأجازت القرض ما دام يراد به الإرفاق والإحسان والتكافل، فإذا خرج القرض عن موضوعه، وأصبح لا يراد به الإرفاق والإحسان، وإنما أصبح يراد به المعاوضة والربحية، رجع القرض لصورته في الأصل، وهي الصورة الربوية، وهذا معنى قول الفقهاء: كل قرض جر نفعًا فهو ربا.

حكم الزيادة في رد القرض

المقدم: أحسن الله إليك شيخنا، طيب الصورة التالية تحصل كثيرًا: يمكن بين الموظفين قد أحتاج مثلًا عشرة آلاف ريال، فزميلي يقرضني عشرة آلاف ريال، وأعيدها له اثنا عشر ألف ريال، ويقول: الألفين هذه هي أتعاب؛ لأني سأحول لك، وأنا سأتعب، الصورة هذه هل هي صحيحة؟

الشيخ: هذا قرض ربوي، إذا كانت عشرة آلاف ريال، باثني عشر ألفًا، وكانت التكلفة تكلفة معتادة، فالأصل أن القرض نفع أخيك المسلم، وإرفاق، اللهم إلا أن يتكبد مثلًا تكاليف إضافية بسبب نقل القرض، فهذا هو الذي يجوز على القول الراجح أنه يجوز، لو أن مثلًا طلبت منه عشرة آلاف ريال، وقال: والله أنا سأرسلها مع فلان، لكن فلان يحتاج إلى مقدار الأجرة مثلًا خمسين ريالًا، فأنت تعطه عشرة آلاف ريال وخمسين، مقابل نقل هذا القرض، فهذا لا بأس به، وأما أن يؤخذ على القرض نفسه فهذا محرم، ولا يجوز.

حكم الاستمناء في نهار رمضان

المقدم: أحسن الله إليك، أبو باسم يقول: قبل سنوات عدة كنت أستمني في رمضان، الآن لا أحصي هذه الأيام، هل أقضيها أم أقدر عدد هذه الأيام؟

الشيخ: لا بد من أن تقضي هذه الأيام، ولا تعذر بالجهل في مثل هذه الحال، ما دام أنه نشأ في بيئة العلم فيها منتشر وظاهر، فلا يُعذر بالجهل في مثل هذه الصورة، وعليه أن يقضي هذه الأيام، وكونه لا يعلم عددها يتحرى بما يغلب على ظنه، ويبني على غلبة الظن، ويقضي هذه الأيام، لكن لا تبرأ ذمته إلا بالقضاء.

وكونه إذا كان جاهلًا قد يرتفع عنه الإثم لجهله، لكن لا بد من القضاء.

حكم صلاة المنفرد خلف الإمام

المقدم: يسأل أحد الإخوة عن صلاة المنفرد خلف الإمام، يقول: كثر اللغط في هذا الأمر، ما الضابط لهذا الأمر؟

الشيخ: صلاة المنفرد خلف الإمام اختلف فيها الفقهاء على قولين مشهورين:

القول الأول: هو قول الجمهور أنها تصح مطلقًا، وهو مذهب الحنفية والمالكية والشافعية، وهو رواية عند الحنابلة.

والقول الثاني: أنها لا تصح، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة، وهو من المفردات، والقول الراجح هو القول الثاني: لأن السنة الصحيحة قد دلت لرجحان هذا القول، فقد جاء أن النبي رأى رجلًا يصلي خلف الصف وحده، فأمره أن يعيد الصلاة [2]، وهذا حديث صحيح، وأيضًا قال عليه الصلاة والسلام: لا صلاة لمنفرد خلف الصف [3]، فهذه نصوص صحيحة صريحة.

وأما الجمهور، فاستدلوا بقصة أبي بكرة  عندما ركع دون الصف، فقال عليه الصلاة والسلام: زادك الله حرصًا، ولا تعد [4]، فقالوا: إن أبا بكرة صلى جزءًا من الصلاة وحده، لكنه أدرك الصف قبل الرفع من الركوع، هو أدرك الجماعة قبل الرفع من الركوع، فهذا الاستدلال ضعيف، ودلالة من قال: بأنها لا تصح أقوى وأصرح، فإنها وردت من قول النبي أن يعيد الصلاة.

وعلى هذا فالقول الراجح أنه لا تصح صلاة المنفرد إلا في حالة واحدة، وهي إذا أتى هذا المسبوق والصف قد اكتمل، وبحث عن فرجة ولم يجد، وأيضًا لم يستطع أن يصلي عن يمين الإمام، فإن غاية ما في الأمر أن هذا واجب، والواجب يسقط بالعجز عنه، وإذا كانت الأركان والشروط تسقط بالعجز عنها، فالواجبات من باب أولى، وهذا غاية ما يقال عنه إنه واجب، فيسقط بالعجز عنه، فإذا وجد الصف الذي أمامه قد اكتمل، وعجز عن أن يجد فرجة في هذا الصف، يعني لم يستطع، فيجوز له في هذه الحال أن يصلي خلف الصف وحده؛ لعجزه، وقد قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] فيسقط هذا الواجب بالعجز عنه.

وأما إذا كان في الصف فرجة، فيجب عليه أن يصلي في هذه الفرجة، ولا يجوز له أن يصلي خلف الصف وحده، فإن فعل فإن صلاته غير صحيحة.

حكم الصلاة عن يمين الإمام

المقدم: بقي مسألة يا شيخنا في مسألة صلاة المنفرد فيما لو صلى عن يمين الإمام، ثم جاء أشخاص في الصف الثاني، فصلاة هذا الذي عن يمين الإمام صحيحة؟

الشيخ: إي نعم، صلاته صحيحة، حتى لو أتى أشخاص في الصف الثاني أو الثالث أو الرابع، فصلاته صحيحة.

حكم رفع المرأة صوتها في الصلوات الجهرية

المقدم: سؤالها الأول: ترفع صوتها في الصلوات الجهرية، هل يجوز هذا للمرأة؟

الشيخ: لا بأس للمنفرد من رجل أو امرأة إذا كان يصلي صلاة جهرية أن يرفع صوته بالقراءة فيها، بل هو مخير إن شاء رفع صوته، وإن شاء أسر، ويختار ما هو الأصلح لقلبه.

حكم رفع المرأة صوتها بالأذكار

المقدم: أيضًا في الأذكار تقول: إنها ترفع صوتها بالأذكار أيضًا، وفيها بعض الآيات؟

الشيخ: لا بأس أيضًا بهذا، لكن بشرط ألا يكون بجوارها أحد يتأذى بهذا الرفع، فإذا لم يكن بجوارها من يتأذى برفع الصوت، فالأمر في هذا واسع، وأما إذا كان بجوارها من يتأذى، فقد قال النبي : لا يؤذي بعضكم بعضًا بالقراءة [5].

فليس لها أن ترفع صوتها رفعًا…، مؤذيًا، وأما إذا لم يكن حولها أحد، فالأمر في هذا واسع، سواء فيما يتعلق بالقراءة في الصلاة الجهرية…

ضوابط لبس المرأة أمام المحارم

المقدم: سؤالها الثالث وهي فتحت موضوعًا مهمًا يا شيخ سعد، يعني: يتساهل بعض الأخوات في كشف جسدها وشعرها، سواء كان أبناؤها أو إخوانها أو محارمها، هل هناك حدود معينة يا شيخ سعد حتى في اختيار اللبس أمام المحارم؟

الشيخ: المرأة أمام محارمها الأمر في هذا واسع، وأمام الزوج الأمر في هذا واسع، وعائشة رضي الله عنها كانت مع النبي يغتسلان من إناء واحد، حتى تقول: دع لي، دع لي [6].

لكن بالنسبة أمام المحارم من الإخوة مثلًا، أو الأبناء، ونحو ذلك، يجوز لها أن تكشف ما جرت العادة بكشفه، ويجب عليها أن تستر ما عدا ذلك، وما جرت العادة بكشفه يعني أمام النساء مثل شعرها، لا بأس أن تكشفه أمام محارمها، وكذلك أيضًا ذراعيها، أطراف الساقين هذه لا بأس…، فإنها تلبس اللباس الذي لا يحصل به الفتنة؛ لأنه قد تكون تحصل الفتنة من المحارم أنفسهم خاصة الفتاة أمام إخوانها، فتكون هي شابة، وهم شباب ربما حصلت الفتنة إذا لبست لباسًا ضيقًا مثلًا، أو لباسًا غير ساتر، ربما تحصل الفتنة، ويؤدي هذا إلى…، فيعني ليس معنى كونها أمام محارمها أنها تتوسع في مسائل اللباس، وإنما لها أن تكشف ما جرت العادة بكشفه أمام النساء، وما عدا ذلك فيجب عليها أن تغطيه، وإذا كان هناك مظنة فتنة، فعليها أن تحترز أكثر.

حكم بقاء المرأة مع زوج لا يصلي ولا يصوم

المقدم: سؤالها الأول يا شيخنا: هي مع زوج لا يصلي ولا يصوم، وذكرت أنه أحيانًا الجمعة يصلي، وأحيانًا ما يصليها؟

الشيخ: أما لو كان لا يصلي بالكلية لا جمعة ولا جماعة، لا يركع لله ركعة، فإن هذا يقول فيه النبي : بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة [7]، أخرجه مسلم في صحيحه، ويقول: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر [8].

فمن ترك الصلاة بالكلية لا يركع لله ركعة لا جمعة ولا جماعة، هذا قد قطع صلته بالله تعالى، فكيف يكون مسلمًا وقد قطع صلته بالله ​​​​​​​؟ حتى وإن كان يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فهذا القول الراجح أنه ليس بمسلم، ولا يحل للمرأة أن تبقى معه، ويترتب على ذلك أحكام كثيرة.

أما إذا كان يصلي أحيانًا ولو الجمعة في بعض الأحيان، فالقول الراجح: أنه لا يكون كافرًا، كما هو قول الجمهور، لكنه يكون فاسقًا، ويدل لذلك حديث عبادة بن الصامت : أن النبي قال: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن أتى بهن، فكان له عهد عند الله  وفي رواية: فمن حافظ عليهن كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن لم يكن له عهد عند الله، إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه [9]، هذا الحديث أخرجه أبو داود في سننه، وهو حديث صحيح من جهة الإسناد.

وهو أيضًا يدل على أن من لم يحافظ على الصلوات الخمس وإن كان فاسقًا، إلا أنه لا يكفر؛ وذلك لأنه قال: إن شاء عذبه، وإن شاء عفا عنه فلو كان كافرًا لم يكن له سبيل إلى العفو، هذا من الأدلة التي استدل بها الجمهور على أن تارك الصلاة أحيانًا أنه لا يكفر.

ومما يدل لذلك أيضًا الحديث السابق: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة فهنا قال: ترك الصلاة، ولم يقل: ترك صلاة، هذا يدل على أن ترك الصلاة يعني جميع الصلوات أنه لا يصليها، فالقول الراجح أنه إذا كان يصلي أحيانًا ويترك الصلاة أحيانًا كما هو حال أكثر المتساهلين بالصلاة، فإنه يكون من الساهين الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] وجاء في تفسيرها أنهم يصلونها أحيانًا، ويتركونها أحيانًا، وأيضًا جاء في تفسيرها أنهم يؤخرونها عن وقتها، وكلا المعنيين صحيح في تفسير الآية.

وعلى ذلك فمن كان يصلي أحيانًا، ويترك الصلاة أحيانًا، فهو على خطر عظيم، وهو فاسق، ومرتكب لكبيرة، ويدخل في الساهين الذين توعدهم الله في هذه الآية، لكنه لا يكون كافرًا، ولا يجب على امرأته مفارقته لكن يلزمها أن تستمر في نصيحته، هي ذكرت أنها تنصحه يجب عليها أن تنصحه، وأن تنوع له في أساليب النصح، وأن تطلب ممن يقبل منه أيضًا أن ينصحه، وأن تهتم بهذا الأمر، تهتم به اهتمامًا كبيرًا، تجعله أكبر اهتماماتها، وتبذل له النصيحة من حين لآخر، وبأساليب متنوعة، وتسأل الله له الهداية.

حكم طلب المرأة الطلاق من زوج يطلب منها الاختلاط بالرجال

المقدم: سؤال أختنا أم وردة تقول: أبوها زوّج إحدى بناته من رجل كبير في السن، ثم أنجبت ولدًا الآن البنت لا تريد العودة إلى هذا الرجل؛ لأنه يقول لها فيما يبدو ينبغي أن تكشفي على الرجال في بعض العادات والتقاليد، تجلس مع إخوانه، وتجلس مع أعمامه، ومع أخواله، ما يرون في هذا بأس، هل يحق لها أن ترفض العودة إلى هذا الرجل؟

الشيخ: هذا فيه تفصيل، فإن أمكنها أن تعود من غير أن تقع في هذه المعصية، من غير أن تكشف عن وجهها لرجال أجانب، فالأصل أنه يلزمها العودة، وأما إذا كانت لا تستطيع أن تعود لزوجها إلا بارتكاب هذه المعصية، فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، لا تعود إليه ما دام أنه يلزمها بأن تقع في معصية الله ، لكن لو أنها تفاهمت معه على أنها لا تقع في المعصية، ولا تكشف لرجال أجانب، ورضي بذلك، ورضيت بذلك، فالأصل أنها يجب عليها أن تذهب، وأن تعود لزوجها، وعلى أهلها أن يتفاهموا معه، وأن يبينوا له أن هذا لا يجوز، وطلبه منها هذا الطلب لا يجوز شرعًا، وإذا كان لا يجوز شرعًا، فليس له الحق في أن يجبرها على ذلك، فعلى أهلها أن يتفاهموا معه، فإن تقبل ذلك وتفهم فيلزمها أن تذهب إليه، وأما إذا رفض ويجبرها على الوقوع في المعصية، فلا يلزمها أن تذهب إليه.

حكم وصية الميت بالصدقة عنه

المقدم: أخونا عوض سؤاله الأول يقول: توفيت والدته، وطلبت منه أن يتصدق عنها، هل مجرد هذا الطلب هو وصية بحد ذاتها؟ وإذا لم يجد ما يتصدق ماذا يفعل؟

الشيخ: إذا كانت لها تركة، وأوصت بالصدقة من هذه التركة، أو بالأضحية من هذه التركة، فيجب تنفيذها، الله تعالى لما قسم الميراث، قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11]، وأما إذا لم يكن لها تركة، وإنما أوصت ولدها على سبيل الإرشاد، وأن يبر بها، وأن يحسن إليها، فالأمر في هذا واسع، يتصدق عنها متى ما تيسر، وهو ذكر أنه أحيانًا يضحي عنها استقلالًا، وأحيانًا يشركها معه في الأضحية، فلا بأس بذلك.

إذا لم تخلف تركة، وتوصي بالصدقة والأضحية في هذه التركة، فيكون الأمر واسعًا، له أن يضحي يشركها معه في الأضحية، أو يضحي عنها استقلالًا، الأمر واسع.

أما إذا كان لها تركة وأوصت بأن يتصدق عنها من هذه التركة، ويضحى عنها من هذه التركة، فيجب تنفيذ وصيتها، كما أوصت.

هل يجوز التيمم لمن يشق عليه الوضوء؟

المقدم: سؤاله الثاني يقول: رجله مبتورة، وأحيانًا يصعب عليه الذهاب إلى دورة المياه، هل يجزئ أن يتيمم يا شيخ سعد؟

الشيخ: الأصل في هذا قول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] عليه أن يتقي الله تعالى ما استطاع، إن استطاع أن يذهب إلى دورة المياه، أو أن يكون معه من يذهب به إلى دورة المياه، فيتوضأ، أو أنه يضع الماء قريبًا منه، ويتوضأ منه مباشرة، فهذا هو الواجب، وهذا متيسر في الأعم الأغلب، فعليه أن يهتم بهذا الأمر، وسيجد من الوسائل ما يعينه على ذلك، حتى لو لم يجد من يذهب به إلى دورة المياه، فإن كان يطلب ممن عنده في البيت أن يضع عنده ماءً، ويضع عنده أيضًا ما يمكن أن تتناثر فيه قطرات الماء بعد الوضوء، وبذلك يستطيع أن يتوضأ، وهو في مكانه، ما دام أن الماء موجود، فالأصل أنه يتوضأ بالماء، وليس له أن يتيمم.

لكن لو قدر أنه لم يستطع أن يتوضأ بالماء، ولم يجد من يذهب به إلى دورة المياه، فيتيمم في هذه الحالة؛ لأنه إذا عجز عن استعمال الماء، جاز له أن يعدل إلى التيمم، والله تعالى قال: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43] فبدأ الله بالمرض، فإذا لم يتيسر له أن يتوضأ بالماء، فله أن يعدل إلى التيمم.

كيفية تيمم المريض الذي لا يتحرك

المقدم: شيخ سعد بخصوص التيمم حينما يكون المريض ما يستطيع أن يتحرك، ويكون في البيت أو المرأة مثلًا كيف تتيمم؟ ما عندهم مثلًا الصناديق الموجودة هذه أو لا بد أن يخرج إلى مكان فيه تراب؟

الشيخ: يؤتى له بتراب، أو يؤتى له في بعض الصناديق التي يوضع فيها مثل التراب، أو ما يتيمم به، يؤتى له به، فيتيمم، ينبغي الاهتمام بشأن الصلاة، وإذا كان في بيته، ولا يستطيع أن يتوضأ فعليه أن يهتم، والإنسان إذا اهتم وجد من الوسائل الكثير، لكن عندما لا يُوجد الاهتمام يصعب عليه الأمر، فهو إذا اهتم يسأل أبناءه، يسأل من حوله، يسأل كل من يأتيه عن التراب، وعن كيف يمكن إحضار التراب له؟

المقصود: ينبغي للمسلم أن يرفع مستوى الاهتمام بالصلاة وبالطهارة للصلاة، سواء أكان في حال الوضوء بالماء، أو حتى عند العجز عن استعماله بالتيمم، وإيجاد ما يتيمم به لا بد من الاهتمام، نحن نلاحظ أن بعض الناس لا يهتم بهذه الأمور، ويكفيه أن يسأل سؤالًا عابرًا، ثم بعد ذلك يأخذ بما يقال له في الإجابة، أقول: إذا رفع مستوى الاهتمام عنده سيجد من الوسائل ما يعينه على إيجاد ما يتيمم به.

حكم الحنث في اليمين

المقدم: أحسن الله إليكم، أم ماجد سؤالها الأول تقول: هي تذهب لحلقات التحفيظ، وأرجلها تعبانة، وأحيانًا تحلف، بعد التعب تروح وتتعب فتحلف إنها ما تروح، ثم تشتاق وتعود مرة ثانية، فهل عليها شيء؟

الشيخ: نعم، إذا حلفت ألا تذهب، ثم ذهبت، فتكون قد حنثت في يمينها، هذه فعليها أن تكفر كفارة يمين، ولا تمنعها يمينها عن أن تذهب؛ لأنها تذهب إلى خير تذهب إلى حلقات تحفيظ القرآن، وهذه فيها خير كثير والنبي  يقول: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده [10] أخرجه مسلم في صحيحه.

لو لم يرد في حلق تحفيظ القرآن الكريم إلا تنزل عليهم السكينة، وتغشاهم الرحمة، وتحفهم الملائكة، ويذكرهم الله فيمن عنده، هذا الفضل في حلقات تحفيظ القرآن الكريم ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يعني في المسجد، أو المرأة إذا كانت في المسجد أو في دار تحفيظ، هي في حكم المسجد يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم وهذا ينطبق تمامًا على حلقات تحفيظ القرآن الكريم، فإنهم يجتمعون على تدارس كتاب الله تلاوة وتصويبًا للقراءة، وحفظًا وتدبرًا، فهو ينطبق عليها تمامًا، يحوزون على هذا الفضل العظيم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده.

فنقول للأخت الكريمة: عليكِ أن تستمري في الذهاب إلى حلقات تحفيظ القرآن الكريم، حتى لو لحقك بعض التعب، فأنتِ مأجورة على ذلك إن شاء الله تعالى، وحتى لو حلفت، أو صدر منك يمين، فهذه اليمين يستحب لك، والنبي يقول كما في الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه: والذي نفسي بيده لأن يلج أحدكم في يمينه ‌آثم ‌له ‌عند ‌الله من أن يأتي الكفارة التي فرض الله [11].

والمعنى: أن يلج يعني يستمر ويتمادى هذا أقرب إلى الإثم منه للبر، يأتي بالبر ويكفر الكفارة التي شرع الله ، يعني كأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ينبغي لليمين ألا تكون مانعة لكم من البر، فكونك تستمر في الوفاء بهذه اليمين، هذا أقرب للإثم منه للبر، من أن تحنث وتكفر وتأتي بالبر؛ ولهذا قال: لأن يلج يعني: يستمر ويتمادى أحدكم في يمينه آثم له عند الله من أن يأتي الكفارة التي فرض الله وهذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه.

فهذا يدل على أن الإنسان إذا حلف على ترك شيء، وهذا الشيء فيه بر، وفيه مصلحة، فالأفضل في حقه أن يحنث في يمينه، وأن يكفر الكفارة؛ يعني يأتي بهذا الأمر البر ويكفر الكفارة التي شرع الله تعالى، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام.

فنقول للأخت الكريمة: لا تردك هذه اليمين، عليكِ أن تكفري كفارة يمين، وأن تستمري في ذهابك إلى دار تحفيظ القرآن الكريم.

حكم ولد الزنا

المقدم: أحسن الله إليكم شيخنا، هذا أبو ميمون من فرنسا، يقول: لي صديق وقع في فاحشة الزنا وحملت هذه المرأة، وأنجبت طفلًا، ثم بدا له أن يتزوجها، فتزوجها، فما حكم هذا المولود الأول؟

الشيخ: ما دام أن هذه المرأة التي وقع بها لم تكن فراشًا للزوج، يعني كانت غير ذات زوج، ثم بعد ذلك تابا إلى الله من هذا الزنا، لا بد من التوبة، لا بد أن يتوب هو، وأن تتوب هي، فتابا إلى الله توبة صادقة استوفت جميع شروطها، ثم تزوجها، فهل له أن يستلحق هذا الولد، فيكون ابنًا له، وهو لما وقع بها لم تكن فراشًا للزوج أم لا؟

أما لو كانت فراشًا، فهذا بالإجماع هذه المزني بها فراشًا، وأراد أن يستلحق هذا الولد، هل له ذلك أم لا؟ هذه المسألة محل خلاف كبير بين أهل العلم، فمن أهل العلم من ذهب إلى أنه ليس له أن يستلحق هذا الولد في هذه الحال، وهذا هو قول جماهير أهل العلم الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على هذا القول، وعن بعض التابعين مروي عن إسحاق…، وأيضًا وروي عن جماعة من السلف، وهو قول في مذهب الحنابلة، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية وابن القيم رحمة الله على الجميع، أن هذه المرأة ما دامت لم تكن فراشًا لما زنى بها، فيجوز الاستلحاق في هذه الحال، وإذا لم يوجد منازع، وهذا هو القول الأقرب، والله أعلم في هذه المسألة أنه يجوز الاستلحاق في هذه الصورة بخصوصها، لكن لا بد قبل ذلك من التوبة إلى الله ، ولا بد أيضًا من ألا تكون وقت الزنا بها ليست فراشًا، وأيضًا لا بد من أن يتوبا إلى الله توبة صادقة مستوفية لجميع شروطها، من هذا العمل من الزنا، فإذا تحققت هذه الشروط، فعلى القول الراجح: أنه يجوز الاستلحاق في هذه الحال.

المقدم: يعني تنقطع الصلة بينهم وبين هذا الطفل يا شيخ سعد؟

الشيخ: على القول بعدم الاستلحاق تنقطع، وأما على القول بالاستلحاق، فيكون أبًا له، وهذه أصلًا أمه، هي أمه، ولو قلنا: بعدم الاستلحاق لنُسب إلى أمه، لكن إذا قيل بالاستلحاق: فينسب لأبيه.

ما المقصود بالأعضاء السبعة في السجود؟

المقدم: أخونا يقول: ما المقصود بالأعضاء السبعة، وهل لو رفعت الأنف مثلًا عن الأرض تعتبر الصلاة باطلة؟

الشيخ: نعم، السجود على الأعضاء السبعة هو من أركان الصلاة، والأعضاء السبعة: اليدان والركبتان وأطراف القدمين والجبهة، هذه سبعة أعضاء: الجبهة، ومنها الأنف، فتكون اليدان الأول والثاني، والركبتان الثالث والرابع، وأطراف القدمين الخامس والسادس، والجبهة ومعها الأنف؛ ولهذا لما قال: الجبهة أشار إلى أنفه، فيكون هذا هو السابع، هذا من أركان الصلاة، فيجب السجود على الأعضاء السبعة، فلو أنه رفع مثلًا إحدى رجليه فلا يكون قد سجد على الأعضاء السبعة، سجد على ستة أعضاء، فيكون قد أخل، لكن لو رفع أنفه وقد سجد على جبهته فهل تصح؟ محل خلاف بين الفقهاء، فمنهم من قال: إنها لا تصح؛ لأنه أيضًا أخل بركن من أركان الصلاة، والقول الثاني: أنها تصح؛ لأن العضو السابع سجد على جزء كبير منه، وهو الجبهة، فإن العضو السابع هو الجبهة ومعها الأنف، وهو إنما ترك جزءًا من عضو، فالأنف ليست عضوًا متتابع، الجبهة ومعها الأنف، وهذا رواية عن الإمام أحمد، وهو القول الراجح، لكن مع ذلك ينبغي ألا يفعل هذا المسلم؛ لأنه إذا فعل ذلك أولًا هناك من أهل العلم من يقول ببطلان الصلاة وعدم صحتها، وأيضًا هذا خلاف السُّنة، فالنبي وأصحابه لم ينقل عن أحد منهم أنه كان يسجد ويرفع أنفه، فلا يصيب أنفه موضع السجود، هذا خلاف السنة.

حكم دفع مبلغ لصاحب العقار وتسديد بقية الأقساط عنه

المقدم: عندي سؤال عن التلقيح الصناعي أطفال الأنابيب هل هو حرام أو حلال؟

السؤال الثاني: أنا سأشتري منزلًا عن طريق البنك العقاري، وجاءني صاحبه وقال: أنا سأبيعك إياه بستمائة وخمسين، يصير على البنك خمسمائة، وأسدد ستمائة وخمسين ألفًا، بعدما ينزل اسمي، أنا أسدد القروض حق البنك وأعطيه مائة وخمسين كاش مبدئيًا هل يجوز؟

الشيخ: لكن أنت اشتريت عن طريق البنك؟

السائل: لا يا شيخ، مواطن نزل اسمه وعمّر عمارة مثلًا دور ويوم خلصها جئته، وقلت له: أنا سأشتري منك الدور، وقال: أبيعك إياه بستمائة وخمسين ألفًا، يعني أدفع له مائة وخمسين ألفًا كاش وبعدين عادي…

المقدم: وإذا نزل البنك تعطيه البنك؟

السائل:… القروض نسددها التي هي أقساط حق البنك العقاري.

الشيخ: يعني تعطيه مائة وخمسين ألفًا، وتتقبل البنك عنه؟

السائل: نعم.

المقدم: شكرًا لك، نبدأ بالأخير يا شيخ سعد، الذي هو مشروع البنك.

الشيخ: إذا لم يكن في هذا مخالفة نظامية، وكان البنك يسمح بهذا، فلا مانع في مثل هذه الصورة، أن يعطيه مائة وخمسين ألفًا، وهو يسدد القرض بدلًا عنه، لكن يكون ذلك بعد التنسيق مع البنك العقاري، بحيث ينقل سداد القرض من هذا الشخص إلى هذا الشخص، فإذا كان ذلك بتنسيق مع صندوق التنمية العقاري فلا بأس بذلك إن شاء الله.

حكم التلقيح الصناعي “أطفال الأنابيب”

المقدم: سؤال أخينا عن التلقيح الصناعي يا شيخ سعد؟

الشيخ: التلقيح الصناعي إذا كان بين زوجين، وكان هناك احتراز صارم من ألا يكون هناك اختلاط في الماء، وكان التلقيح فقط بين الحيوان المنوي للرجل وبويضة المرأة التي هي زوجته، إذا تحققت الضوابط الشرعية فلا بأس بهذا؛ لأنها هي زوجته، لكن بدل ما تحمل عن طريق الجماع، تحمل بهذه الطريقة الطبية، فهذا لا بأس به، وصدر به قرار من مجمع الفقه الإسلامي الدولي، بأنه يجوز، لكن مع مراعاة هذه الضوابط التي ذكرنا. بأن يكون هناك احتراز، وهذا ولله الحمد هذه الاحترازات موجودة عندنا في المملكة العربية السعودية، هي موجودة، وعندهم مراعاة لهذه الجوانب، لكن ما دمنا في مقام الفتوى لا بد أن نذكرها، وأيضًا ينتبه لها الإخوة المسلمون في الدول الأخرى، فالدول غير الإسلامية لا يهتمون بهذا الجانب، فلا بد من التأكد من هذا الجانب، ويكون هناك احتراز تام، وتأكد من أن التلقيح إنما هو بين ماء هذا الرجل وبويضة هذه المرأة التي هي زوجته، فإذا تحققت هذه الاحترازات فهو في الحقيقة ما بين ماء الرجل وبويضة المرأة، فلا حرج في هذا إن شاء الله تعالى.

حكم بناء مسجد جديد قريب من مسجد قديم

السؤال: السؤال الأخير: في قرية كان فيها مسجد قديم مدة عشرين سنة أحدهم بنى مسجدًا جديدًا، يبعد مائة متر، يقول: الآن اختلفوا جماعة المسجد الجديد هذا ما حكم الصلاة فيه؟

الشيخ: لا يجوز تفريقه، لا بد من أن يتفقوا على الصلاة في أحد المسجدين، ويراجعوا في هذا وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، هي…، المساجد فعليهم أن يتصلوا بمن يمثل وزارة الشؤون الإسلامية في القرية، أو في هذا البلد، وهي التي تفصل في هذا الموضوع نحن الآن أمام يعني الدعوى لا ندري هل هؤلاء على الحق، أو أولئك على الحق لا ندري، لكن لا بد أن يجتمعوا، ولا يجوز تفرقة أهل هذا الحي للصلاة في مسجد وبجواره مسجد لا يبعد إلا مائة متر، هذا يخالف مقصود الشارع من صلاة الجماعة، فالمقصود أن يجتمعوا من الجماعة، أن يجتمعوا على إمام واحد، فكيف تكون هناك جماعتان ليس بينهما إلا مائة متر؟ هذا لا يجوز، لكن الذي يفصل في ذلك هو من يمثل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في تلك البلد.

خاتمة البرنامج

المقدم: أحسن الله إليكم شيخ سعد، وبارك فيكم، انتهت هذه الحلقة، واستمتعنا كثيرًا بهذه الإجابات الموفقة، أسأل الله لكم التوفيق يا شيخ سعد.

الشيخ: اللهم آمين، وشكرًا لكم وللإخوة المشاهدين.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 2392، ومسلم: 1600.
^2 رواه أبو داود: 682، والترمذي: 230، وابن ماجه: 1004، وقال الترمذي: حديث حسن.
^3 رواه ابن ماجه: 1003.
^4 رواه البخاري: 783.
^5 بنحوه رواه أحمد: 4928.
^6 رواه مسلم: 321.
^7 رواه مسلم: 82.
^8 رواه الترمذي: 2621، وابن ماجه: 1079، والنسائي: 463، وأحمد: 22937، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.
^9 رواه أبو داود: 1420.
^10 رواه مسلم: 2699.
^11 بنحوه رواه البخاري: 6625 ومسلم: 1655.
zh