عناصر المادة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
منفذ العين وأثر ما يوضع فيه على الصيام
فهذا هو الدرس السادس في مفطرات الصيام المعاصرة، وسأتحدث معكم في هذا الدرس عن منفذ العين، وعن أثر ما يوضع فيه على صحة الصيام؟
العين ليست بمنفذ معتاد للطعام ولا للشراب، ولذلك فإن المريض عندما يتعذر إعطاؤه الطعام والشراب عن طريق فمه فإنه لا يمكن أن يعطى الطعام والشراب عن طريق عينه أبدًا، لا في القديم ولا في الحديث، وإنما يعطى عن طريق أنفه ونحو ذلك.
وبهذا يتبين أن العين ليست بمنفذ معتاد للطعام ولا للشراب، ويتفرع عن هذا مسائل:
أثر استخدام الكحل على الصيام
المسألة الأولى: أثر استخدام الكحل بالنسبة للصيام، هل للصائم أن يكتحل أم لا؟ هذه المسألة تعرض لها الفقهاء من قديم، ورويت في ذلك أحاديث عن النبي ، أحاديث في أن الكحل له أثر على صحة الصيام، وأحاديث في أنه ليس له أثر على صحة الصيام لكن جميع ما روي عن النبي في هذا الباب من أحاديث ضعيفة لا تصح من جهة الصناعة الحديثية، ولهذا قال الترمذي: لا يصح في الكحل للصائم شيء، فلا يثبت في هذا شيء مرفوع إلى النبي .
ويبقى بعد ذلك النظر في أثر الكحل على صحة الصيام هل للكحل نفوذ إلى الجوف أم لا؟ وحيث أننا قررنا أن العين ليست بمنفذ معتاد إلى الجوف فيترتب على هذا أن الكحل ليس له نفوذ إلى الجوف، وبهذا يتبين بأن الكحل لا يفسد الصيام، وليس له أثر على صحة الصيام، ولكن قال الإمام أحمد: حدثني إنسان أنه اكتحل في الليل فتنخعه بالنهار، نقول: إن هذا لا يؤثر على صحة الصيام، فإن من يكحل عينه قد يحس برطوبة في حلقه ونحو ذلك، وهذا ليس لأن هذا الكحل ينفذ إلى الحلق، وإنما لأن آلة التذوق هي اللسان، فيحس الإنسان بشيء من الرطوبة حول اللسان، فيشعر كأن هذا الكحل اتصل بحلقه أو تحت لسانه، لكن الواقع أن الكحل لا يمكن أن ينفذ من عينه إلى جوفه، وبهذا يتبين أن القول الراجح أن الكحل لا يفسد الصيام، وليس له أثر على صحة الصيام.
أثر قطرة العين على الصيام
ونأتي بعد ذلك للحديث عن أثر قطرة العين على صحة الصيام؟ وحيث أننا قررنا أن العين ليست بمنفذ معتاد للجوف، فينبني على هذا أن القول الراجح أن استخدام قطرة العين ليس لها أثر على صحة الصيام، وأن من وضع القطرة في عينه أن صيامه صحيح، والحمد لله.
فقطرة العين لا تفسد الصيام، وما يوضع في العين من هذه القطرة هي في الحقيقة كمية يسيرة، والعين لا تتسع لأكثر من قطرة واحدة، وهذا الماء ماء القطرة هو ماء يسير، وتمتصه العين وما حولها، ولا يصل للجوف، ولو افترضنا أنه يصل للجوف منه شيء يسير لو افترضنا هذا الافتراض فما يصل هو شيء يسير جدًّا، فهو أقل من أثر ملوحة الماء التي تبقى بعد المضمضة والتي هي معفو عنها بالإجماع.
وبهذا نقول: إنه على كل تقدير قطرة العين لا تفسد الصيام حتى لو وجد أثر طعم هذه القطرة في حلقه، فإنها لا تفسد الصيام، والأصل هو صحة الصيام.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.