الرئيسية/دروس علمية/فقه المعاملات المالية المعاصرة (1426هـ)/(9) فقه المعاملات المالية المعاصرة- التسويق الهرمي وبطاقات التخفيض
|categories

(9) فقه المعاملات المالية المعاصرة- التسويق الهرمي وبطاقات التخفيض

مشاهدة من الموقع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

حقيقة شركات “التسويق الهرمي”

فموضوع درسنا في هذا اليوم هو “شركات التسويق الهرمي”.

وهذه الشركات قد برزت في الآونة الأخيرة وتعددت، وحصل فيها خلافٌ كثيرٌ بين العلماء المعاصرين؛ باعتبارها نازلةً من النوازل.

ونحن نذكر في هذا الدرس حقيقة هذه الشركات، والتكييف الفقهي لها، ثم حكمها الشرعي، مع الإشارة إلى آراء العلماء المعاصرين فيها، وبيان القول الراجح.

هذه الشركات نشأت أول ما نشأت في بلاد الغرب، ثم انتقلت للمجتمعات الإسلامية؛ ولهذا حصل الخلاف بين العلماء فيها، ويتلخص عملها في أن هذه الشركات تقوم بإقناع الشخص بشراء سلعةٍ أو منتجٍ، على أن يقوم بإقناع الآخرين بالشراء، ثم هؤلاء المشترين يُقنعون آخرين، وهكذا.

وكلما زادت طبقات المشتركين، حصل الأول على عمولاتٍ أكثر تبلغ آلاف الريالات، وكل مشتركٍ يسعى لإقناع من بعده بالاشتراك مقابل هذه العمولات الكبيرة، وهذا ما يسمى بـ”التسويق الهرمي” أو الشبكي.

ومن أمثلة هذه الشركات: “شركة بزناس”، و”شركة هبة الجزيرة”، وأيضًا: “شركة سمارتس واي”، و”جولد كويست”، و”سفن دايموند”، ونحوها، لكن أبرزها: “شركة بزناس”، و”شركة هبة الجزيرة”.

وقد تختلف فيما بينها بالطريقة وبالأسلوب، ولكنها في الأصول والجذور متفقةٌ، فيجمعها أنها مبنيةٌ على التسويق الهرمي أو الشبكي، فمثلًا “شركة بزناس” فكرتها أن يشتري الشخص منتجات الشركة، وهي عبارةٌ عن برامج وموقع بريد إلكتروني بمبلغ تسعة وتسعين ريالًا، ويعطَى بعد الشراء الفرصة في أن يسوق منتجاتها لآخرين مقابل عمولاتٍ محددةٍ، ثم يقوم هذا الشخص بإقناع آخرين،… إلخ، كما ذكرنا، حتى تتكون شجرةٌ على شكل هرمٍ.

وتشترط الشركة لاحتساب العمولات ألا يقل مجموع الأفراد الذين سيتم استقطابهم عن تسعة أشخاصٍ في شجرة المشترين، على ألا يقل عدد الأعضاء تحت كل واحدٍ من الاثنين الأوَّلين عن اثنين، وتبلغ العمولة (55 دولارًا)، ويتم صرف العمولة في مقابل كل تسعة أشخاصٍ في التسلسل الهرمي.

وتتضاعف في كل مرةٍ يضاف فيها مستوًى جديدٌ، أو طبقةٌ جديدةٌ للشركة، وإذا افترضنا أن الشركة تنمو كل شهرٍ، بمعنى: أن كل شهرٍ ينضم شخصان لكل شخصٍ في الهرم، فهذا يعني أن العمولة التي يحصل عليها العضو تصل إلى أكثر من (25 ألف دولارٍ) في الشهر الثاني عشر، ويستمر هذا التضاعف في كل شهرٍ، وهذا في الحقيقة هو مصدر الإغراء في هذا النوع من البرامج، بمجرد مقابل دفع مبلغٍ زهيدٍ، (99 دولارًا)، يحصل المشترك على مئات بل آلاف أضعاف هذا المبلغ، وهذه هي فكرة هذه الشركة، ألا تكون مفهومةً للجميع بالقدر الكافي؛ لأن طريقتها يشوبها شيءٌ من الغموض، ولكن فكرتها تدور حول التسلسل الهرمي، وأن الإنسان يعطيهم (99 دولارًا)، وبعد ذلك يحصل على عمولاتٍ كبيرةٍ تصل لعشرات الآلاف من الدولارات.

وهذه الشركة أول ما برزت هنا في المملكة، سعوا لاستصدار فتاوى من بعض المشايخ، وقد حصلوا بالفعل على بعض الفتاوى، لكن كانوا يريدون فتاوى تكون أكثر دعمًا لهم، وأذكر أنه قبل ثلاث سنواتٍ جمعوا عددًا من طلاب العلم، وكنت واحدًا منهم، وقد حضر رئيس الشركة من عمان، وشرح لنا طريقة الشركة بالتفصيل، واشترطنا عليه أن يلتزم بما نصدره من فتوى، فالتزم بهذا، ثم لما رُئي اتجاه الموجودين إلى المنع، طُلب استكمال اللقاء في وقتٍ آخر، فكان اجتماعنا في رمضان قبل ثلاث سنواتٍ، وُعِدْنا باستكمال الاجتماع بعد رمضان، ولكن لم يحصل هذا إلى الآن، وسعى بعض الإخوة إلى إقناع “اللجنة الدائمة” بعدم إصدار فتوى في الشركة، وذهبوا إلى بعض المشايخ حتى في منازلهم، ولكن المشايخ أعضاء اللجنة أصدروا فتوى واضحةً وصريحةً في هذه الشركة ومَثِيلاتها.

وأما “شركة هبة الجزيرة”: فهي شبيهةٌ بـ”شركة بزناس”؛ من حيث الفكرة، وطريقة عملها تقوم على بيع أسطوانةٍ أو قرص حاسب آليٍّ يحتوي على برامج لفنونٍ شرعيةٍ؛ من فقهٍ وحديثٍ وتفسيرٍ، تباع هذه الأسطوانة بـ(500 ريالٍ)، وكل شخصٍ يتسوق من هذه الشركة فإنه يندرج تحت اسمه عددٌ من المشترين، وبمجرد اكتمال أربعة مشترين تحت هذا الشخص، فإنه يستحق مبلغ (600 ريالٍ)، بمجرد اكتمال أربعة مشترين تحت اسمه يستحق (600 ريالٍ) مكافأةً من الشركة.

والمتسوق ليس ملزمًا بإحضار هؤلاء الأربعة، أما إذا أحضر المتسوق عن طريقه أشخاصًا يرغبون في التسوق، فإنه يستحق عن كل شخصٍ مبلغًا قدره (75 ريالًا)، وإذا اكتمل تحت المشتري ثلاثمئة وأربعون متسوقًا، فإن المتسوق الأول يستحق مبلغًا قدره اثنان وأربعون ألف ريالٍ وخمسمئة ريالٍ، إذا اكتمل تحت المشتري ثلاثمئة وأربعون متسوقًا، فإن المتسوق الأول يستحق مبلغًا وقدره اثنان وأربعون ألفًا وخمسمئة ريالٍ هبةً من الشركة، وتجميع الثلاثمئة والأربعين متسوقًا مسؤولية الشركة لا المشتري، يعني أنك بمجرد أن تشتري هذه الأسطوانة بـ(500 ريالٍ) قد تحصل على عمولاتٍ تصل إلى اثنين وأربعين ألف وخمسمئة ريالٍ، ويعتبرون أن هذا هبةٌ من الشركة.

يقولون: أنت اشتريت هذه الأسطوانة لتنتفع وتستفيد منها، وهذه عمولاتٌ على كونك أتيت بمشترٍ من بعدك، أو حتى لو لم تأت بأحدٍ فإنك تستحق أيضًا عمولاتٍ، وهذه العمولات إذا تراكمت تصل إلى اثنين وأربعين ألف وخمسمئة ريالٍ.

اختلاف العلماء المعاصرين في “التسويق الهرمي”

إذنْ هذه صور هذا النوع من التسويق الهرمي، كما ذكرت، هذا النوع من الشركات يعتبر نازلةً من النوازل؛ لأنها لم تكن معروفةً في المجتمعات الإسلامية من قبل، ومن هنا اختلف العلماء المعاصرون في حكمها على قولين:

  • القول الأول: المنع، وأن هذا النوع من الشركات محرمٌ شرعًا، وإلى هذا ذهب أكثر العلماء المعاصرين، وصدر به فتوى من “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء”.
  • القول الثاني: الجواز، ثم اختلف أصحاب هذا القول؛ فمنهم من أجازها مطلقًا من غير قيودٍ، ومنهم من قيدها بأن تقدم الشركة خدماتٍ حقيقيةً نافعةً وليست صوريةً، ومنهم من قيدها بشرطين:
    • الأول: أن تبيع الشركة المنتج بسعر السوق.
    • والثاني: أن يكون المشتري لهذا المنتج بحاجةٍ إليه، وراغبًا فيه.

ونأتي لأدلة كل قولٍ، ثم نبين القول الراجح، ولعلنا نبدأ بالقول الثاني، وهم القائلون بالجواز، فعللوا قولهم بالجواز: بأن الأصول في العقود الحل والإباحة، وأن ما ذكر من عمولاتٍ يحصل عليها المشتري قد تصل إلى أربعين ألفًا، إنما هي مبنيةٌ على حق السمسار، وهو الوسيط بين البائع والمشتري، فهي مقابل سمسرةٍ، فهذه العمولات مقابل سمسرةٍ، قالوا: وأخذ العمولة مقابل السمسرة جائزٌ شرعًا، وكون نصيبه يزيد بزيادة عدد المشترين، لا مانع منه؛ لأن الأصل هو صحة العقود إذا سلمت من الغرر والمخاطرة والربا، إذنْ هذه وجهة أصحاب هذا القول، هم اعتبروا أن هذه عمولاتٌ مقابل سمسرةٍ، وهذا يشتري منتجًا، والأصل في العقود الصحة، فما المانع من صحة هذا التعامل؟

وأما زيادة المبلغ، فقالوا: بسبب زيادة أعداد المشترين، فتزيد قيمة هذه السمسرة.

وأما من قيَّد الجواز: بأن تكون هذه المنتجات محتويةً على خدماتٍ حقيقيةٍ وليست صوريةً، فقال: لأنها إذا كانت صوريةً، فإنه يَرِد عليها عدة محاذير شرعيةٍ؛ من الربا والغرر وغيره.

وأما من قيّد ذلك بالشرطين: بأن تكون الشركة تبيع المنتج بسعر السوق، وأن يكون المشتري راغبًا في ذلك، فقال: لأن هذه العمولات تُكَيَّف على أنها هبةٌ إذا تحقق هذان الشرطان، أن هذه العمولات إذا تحقق هذان الشرطان تعتبر هبةً من الشركة، فإذا كانت الشركة تبيع المنتج بسعر السوق، وكان المشتري راغبًا بشراء المنتج، فإن ما زاد على ما أعطي المشتري بعد ذلك يعتبر هبةً من الشركة.

والواقع أن هذا التقييد مؤداه للقول الأول؛ لأن الشركة في الواقع لا تبيع المنتج بسعر السوق، فالقائل بهذا القول بناءً على هذا يلزمه أن يقول بالمنع، فيكون مؤدى هذا التفصيل هو القول الأول.

إذنْ هذه هي وجهة أصحاب القائلين بالجواز على التفصيل الذي أوردناه.

وأما القائلون بالمنع: فقد صدر في هذا فتوى من “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء”، وأجابت إجابةً مفصلةً في تاريخ: 14/ ربيع الأول/ 1425 هـ، فتوى رقم: 22935.

ذهبت “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء” برئاسة سماحة المفتي إلى أن هذا النوع من المعاملات محرمٌ، وذلك؛ لأن مقصود المعاملة هو العمولات وليس المنتج، وهذه العمولات قد تصل إلى عشرات الآلاف، في حين لا يتجاوز ثمن المنتج بضع مئاتٍ، وكل عاقلٍ إذا عرض عليه الأمران، فإنه سيختار العمولات، ولهذا كان اعتماد هذه الشركات في التسويق والدعاية لمنتجاتها هو إبراز حجم العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها المشترك، وإغراؤه بالربح الفاحش مقابل مبلغٍ يسير هو ثمن المنتج.

والواقع أن المنتج الذي تسوقه هذه الشركات هو مجرد ستارٍ وذريعةٌ للحصول على العمولات والأرباح، ولهذا؛ فإن أكثر المشترين، إن لم نقل جميع المشترين لهذا المنتج، الذي هو مثلًا في “شركة هبة الجزيرة” أسطوانةٌ، إنما قصدهم العمولات والمكافآت، وليس قصدهم الانتفاع بهذا المنتج.

ولهذا؛ نجد أن منهم من يشتري هذا المنتج، وليس عنده جهاز حاسبٍ أصلًا، ومنهم من يشتري هذا المنتج، وليس عنده اهتمامٌ بالعلم الشرعي، بل قيل: إن من المشترين من يشتري هذا المنتج وهو لا يتحدث اللغة العربية، لان الغرض هو الحصول على العمولات، بل قيل أيضًا: إن منهم من ليس بمسلمٍ، وبعضهم يشتري هذا المنتج ويعطيه غيره، أو لا يعبأ به.

وأيضًا بعضهم يشتري عددًا كبيرًا من هذا المنتج، حتى ذُكر أن أحدهم اشترى بأكثر من مئتي ألفٍ، ومعلومٌ أنه تكفيه أسطوانةٌ واحدةٌ، وفيه منتجٌ واحدٌ، فماذا يفعل بهذا العدد الهائل من الأسطوانات؟

أوجه تحريم شركات “التسويق الهرمي”

ولهذا نعرف بأن الهدف الحقيقي للمشتركين في هذه الشركات إنما هو الحصول على هذه العمولات، وهذه المكافآت التي تصل إلى آلافٍ مؤلَّفةٍ، وإذا كان ذلك كذلك؛ فإن هذا التعامل، أو حقيقة هذه المعاملة أنها محرمةٌ؛ لوجوهٍ:

  • الوجه الأول: أنها تضمنت الربا بنوعيه: ربا الفضل، وربا النسيئة، فالمشترك يدفع مبلغًا قليلًا من المال ليحصل على مبلغٍ كبيرٍ، فهي نقودٌ بنقودٍ مع التفاضل والتأخير، وهذا هو الربا المحرم.
    والمنتج الذي تبيعه الشركة على العميل ما هو إلا ستارٌ للمبادلة، فهو غير مقصودٍ للمشترك، ولا تأثير له في الحكم، ولهذا؛ فإن هذا المنتج يباع مثلًا بـ(500 ريالٍ)، بينما قيمته السوقية، وليس ما تدعيه الشركة، أقل من هذا بكثيرٍ، وبما أن الشركة لا تحتاج أن تحتفظ بحقوقٍ، يعني أنها تسمح بالنسخ، وربما يصل إلى (10 ريالاتٍ) أو أقل، وإذا تجاوزنا فربما نقول: إنه يصل إلى (100 ريالٍ)، فيكون المبلغ المتبقي يتناوله الربا؛ لأن (400 ريالٍ) أو أكثر يدفعه الإنسان، ويحصل مقابل هذا المبلغ على أضعافٍ مضاعفةٍ، هذا هو ربا الفضل، وأيضًا يجتمع معه ربا النسيئة؛ لأن فيه تأخيرًا.
  • وأيضًا من المحاذير التي اشتملت عليها هذه المعاملة: أنها من الغرر المحرم شرعًا؛ لأن المشترك لا يدري هل ينجح في تحصيل العدد المطلوب من المشتركين، أم لا؟
    وهذا التسويق الشبكي أو الهرمي مهما استمر فإنه لا بد أن يصل إلى نهايةٍ يتوقف عندها، ولا يدري المشترك حين انضمامه إلى الهرم، هل سيكون في الطبقات العليا، فيكون رابحًا، أو في الطبقات الدنيا فيكون خاسرًا؟
    والواقع أن معظم أعضاء الهرم خاسرون، إلا القلة القليلة، فالغالب هو الخسارة، وهذه هي حقيقة الغرر: وهي التردد بين أمرين أغلبهما أخوفهما، وقد نهى النبي عن الغرر [1].
  • المحذور الثالث مما اشتملت عليه هذه المعاملة: أكل أموال الناس بالباطل؛ حيث لا يستفيد من هذا العقد إلا الشركة، ومن ترغب إعطاءه من المشتركين؛ بقصد خداع الآخرين، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء:29].
    ولهذا؛ نجد أن بعض الدول الغربية منعت هذا التعامل إذا كان بدون منتجٍ، فعملت هذه الشركات واحتالت، ووضعت هذا المنتج ليكون غطاءً وستارًا؛ ليحميهم من الملاحقة القانونية في بلاد الغرب، ثم انتقل إلى بلاد المسلمين بهذا التصور.
  • رابعًا: اشتملت أو تشتمل هذه المعاملة على الغش والتدليس والتلبيس على الناس؛ من جهة إظهار المنتج وكأنه هو المقصود في المعاملة، والحال خلاف ذلك، ومن جهة إغرائهم بالعمولات الكبيرة التي لا تتحقق غالبًا، وهذا في الحقيقة من الغش المحرم، وقد قال النبي : من غش فليس منا [2]، فهذا النوع من التسويق في الحقيقة يصنف -من حيث المبدأ- ضمن صور الغش والاحتيال التجاري.

وقد تناولته كتبٌ ودراساتٌ وأبحاثٌ تحذر من هذه الشبكات، والوهم والتغرير اللذين تُوقع بهما أتباعها، وتأتيهم من جهة الطمع، وتجعلهم يحلمون بالثراء السريع مقابل مبالغ محدودةٍ يبذلونها، وهي في نهاية الأمر تصب في جيوب أصحاب هذه الشركات والمنظمات، ولا يحصد الأتباع سوى السراب.

ولذلك -كما أشرنا- هناك قوانين في العديد من دول العالم التي تمنع من التنظيم الهرمي أو التسويق الهرمي بشكلٍ أو بآخر؛ وعلى سبيل المثال: “هيئة الأوراق المالية” في باكستان حذرت الناس من التعامل مع “شركة بزناس” العاملة هناك، وقالت في تحذيرها: إن الشركة المذكورة تضطلع بممارساتٍ غير مشروعةٍ، وتحايليةٍ وغير أخلاقيةٍ، كما أن هناك شركةً شبيهةً بـ”شركة بزناس” تعمل في نفس المجال اسمها “اسكاي بز”، ومقرها في الولايات المتحدة، ولها فروعٌ في العالم، هذه الشركة قد رَفعت “وزارة التجارة الأمريكية” قضيةً ضدها بتهمة الغش والاحتيال على الناس، وصدر قرار المحكمة بإيقاف عمليات الشركة، وتجميد أصولها تمهيدًا لإعادة الأموال إلى العملاء، وهي شبيهةٌ بـ”شركة بزناس”.

فإذا كان هذا عند دول الغرب، أنهم يصنفون هذه الشركات بشركات الغش والاحتيال التجاري، لا شك أن شريعة الإسلام تمنع مثل هذا، بل هي أولى بأن تمنع هذه الطرق، وهذه الأساليب، التي تقوم في أساسها على الغش وعلى الاحتيال التجاري.

هذه هي وجهة أصحاب القول، وكما ترون أدلة هذا القول قويةٌ وظاهرةٌ جدًّا، ولهذا؛ فإن هذا القول هو الراجح -والله تعالى أعلم- في هذه المسألة: وهو تحريم هذا النوع من الشركات، وهذا النوع من التعامل؛ لهذه الوجوه التي ذكرناها.

والذي يظهر لي: أن سبب الخلاف في هذه المسألة يرجع إلى الخلاف في قيمة المنتج الذي تسوقه الشركة، الشركة تدعي أن قيمة هذا المنتج (500 ريالٍ) مثلًا “هبة الجزيرة”، ولكن قيمتها الحقيقية السوقية أقل من هذا بكثيرٍ، والعبرة بالقيمة السوقية، لا بما تدعيه الشركة.

انتبهوا لهذه النقطة: العبرة في الحقيقة بالقيمة السوقية، لا بما تدعيه الشركة، ولهذا؛ إذا كانت الشركة جادةً فلتضع هذا المنتج في الأسواق، وتنظر كم تساوي قيمته، ولا يعقل أن أسطوانةً واحدةً تصل قيمتها (500 ريالٍ).

وعلى كل حالٍ لو كانت قيمتها السوقية تصل إلى هذا لكان هذا مقبولًا، ولكان القول بأن ما زاد على ذلك مقابل هبةٍ أو سمسرةٍ قد يكون مقبولًا، ولكن الإشكال هو في هذه النقطة: أن القيمة الحقيقية السوقية لهذا المنتج لا تصل لما تباع به في الأسواق، فتَرِد هذه المحاذير.

والقائلون بالجواز يقولون: إن قيمة هذا المنتج هي قيمته السوقية، ولكن هذا ليس بصحيحٍ، ولهذا أجاب أصحاب القول الأول، وهم القائلون بالمنع، على القائلين بالجواز: بأن هذه العمولات مقابل السمسرة، قالوا: بأن هذا غير صحيحٍ؛ إذ إن السمسرة عقدٌ يحصل بموجبه السمسار على أجرٍ لقاء بيع السلعة، هذه هي حقيقة السمسرة: عقدٌ يحصل السمسار بموجبه على أجرٍ لقاء بيع السلعة.

وأما التسويق الشبكي، فإن المشترك في الحقيقة هو الذي يدفع الأجر بتسويق المنتج، كما أن السمسرة مقصودها تسويق السلعة حقيقةً، بخلاف التسويق الشبكي؛ فإن المقصود هو تسويق العمولات وليس المنتج، فالفرق إذنْ بين السمسرة وبين التسويق الشبكي ظاهرٌ.

وأما القول بأن هذه العمولات من قَبيل الهبة، فلا يُسلَّم أيضًا، ولو سُلِّم فليس كل هبةٍ جائزةً، لو سُلِّم بأن هذه العمولات من قبيل الهبة، فليس كل هبةٍ جائزةً، فمثلًا: الهبة على القرض ربا، كل قرضٍ جر نفعًا فهو ربًا، هبةٌ على القرض قبل الوفاء فإنها تكون ربًا، أو الهبة بعد الوفاء مشترطةً تكون ربًا.

وكذلك أيضًا هدايا وهبات العمال غلولٌ، وهبة الموظف لرئيسه في العمل محرمةٌ، فليس إذنْ كل هبةٍ تكون مباحةً، وهذه العمولات إنما وجدت في الحقيقة لأجل الاشتراك في التسويق الشبكي، فمهما أعطيت من أسماء، سواءٌ كان هديةً أو هبةً، أو غير ذلك، فلا يغير ذلك من حقيقتها شيئًا.

والحاصل: أن هذا النوع من التعامل يشتمل على محاذير من الناحية الشرعية، وإذا كانت بعض الدول غير المسلمة تمنع منه، فالأولى أن يُمنع مثل هذا التعامل في المجتمعات الإسلامية؛ إذ إنه يقوم في الأساس على الغش والتغرير والخداع، وإغراء الناس ببذل مبلغٍ زهيدٍ، والحصول مقابلَ ذلك على أرباحٍ كبيرةٍ، فتقوم هذه الشركات في الأساس على هذه الفكرة.

ثم أيضًا: أي إنسانٍ عاقلٍ يعتقد أنه لا يمكن..، أي إنسانٍ عاقلٍ إذا تأمل هذه المعاملة فإنه سيدرك أنه لا يمكن لشركةٍ تجاريةٍ هدفها الربح أن تبيع منتجًا بمئة ريالٍ أو خمسمئة ريالٍ، وتهب الناس هبةً لوجه الله تعالى، وهذه الهبة تصل إلى أكثر من اثنين وأربعين ألفًا وخمسمئة ريالٍ، هل هذا معقولٌ؟! أي إنسانٍ يدرك بعقله وبفطرته أن هذا غير ممكنٍ؛ لأن هذه شركةٌ تجاريةٌ هدفها الربح، فحينئذٍ لا تكون هذه الهبات هباتٍ محضةً، تريد منها هذه الشركة الثواب والأجر من الله ​​​​​​​ والإحسان إلى الناس؛ فإن هذا ليس بخُلقٍ لمثل هذه الشركات.

ولهذا؛ فإن مثل هذه العمولات تشمل شيئًا من التغرير والخداع والالتفاف واللعب على الناس؛ حتى تحصل من ورائهم على الأموال الكبيرة، والمبالغ العظيمة، ويبقى هذا المشترك ينتظر ما وُعد به من هذه الأرباح وهذه الألوف المؤلفة، التي ربما يحصل عليها أول المشتركين، وهم فئةٌ قليلةٌ، ربما لا تصل إلى (10%)، وأما بقية المشتركين فإنهم لا يحصلون على شيءٍ.

ولهذا نقول: إن هذا النوع من التعامل، وهذه الشركات قائمة على الغش والتغرير والخداع؛ فهي محرمةٌ شرعًا، وما ظنكم بشركاتٍ ولدت ونشأت وترعرعت في بيئاتٍ كافرةٍ، تقوم في أساسها على الربا والميسر؟ هل تظن أن مثل هذه الشركات تأتي إلى مجتمعاتٍ إسلاميةٍ، وتكون موافقةً للشريعة الإسلامية؟

ولهذا؛ ينبغي من طلاب العلم الحذر عندما تَرِد مثل هذه الشركات، وهذه الأنواع من التعاملات، وعدم الاستعجال في الفتيا فيها، إلا بعد التأمل والنظر؛ لأن بعض الإخوة تعجل في الإجابة.

ومثل هذه الشركات تفرح بمثل هذه الفتاوى وهذه الإجابات وتبرزها، وربما نشرتها في الصحف، وبينت أن تعاملها شرعيٌّ، وجعلت هذه الفتوى دعايةً لهذه الشركة، وهذا يؤكد ما ذكرناه في أول درسٍ من أهمية الفتوى الجماعية في النوازل، وفي القضايا المعاصرة؛ إذ إنها أقرب إلى التوفيق، وإلى إصابة حكم الله ورسوله من الفتوى الفردية التي ربما يفوت المفتي فيها بعض الأمور، أو ينقصه بعض التصور.

هذا هو ملخص الكلام في هذا النوع من الشركات، وبودنا أن نغطي أبرز المعاملات المالية المعاصرة، ولذلك؛ لعلنا ننتقل لموضوعٍ ربما لا يأخذ وقتًا كثيرًا، حتى مع انتهاء هذه الدورة -إن شاء الله- نكون قد غطينا أبرز المعاملات المالية المعاصرة، ويكون من تابع هذه السلسلة من الدروس قد حصل على فائدةٍ وخلاصةٍ لأبرز المعاملات المالية التي يحتاجها.

بطاقات التخفيض

الموضوع الآخر الذي نريد أن نتحدث عنه: هو “بطاقات التخفيض”.

وحقيقة هذه البطاقات: هو أن بعض الجهات؛ من مؤسساتٍ وغيرها، تقوم بإصدار بطاقةٍ للتخفيض، مقابل رسمٍ ماليٍّ، ويحصل من مُنِحَت له هذه البطاقة على تخفيضٍ لدى بعض المحلات والمؤسسات التجارية، وكذلك ربما بعض الفنادق والمطاعم والمستوصفات والصيدليات، وتُعطِي الجهةُ التي مَنحت هذا التخفيض صاحب البطاقة دليلًا بأسماء المحلات والمؤسسات، وربما المستوصفات التي يشملها هذا التخفيض، والغالب أن هذه المحلات لا تأخذ من هذه الجهة شيئًا، وإنما تخفض لهؤلاء الحاملين لهذه البطاقات؛ باعتبار أنهم عملاء، فغرضهم من هذا التخفيض كسب أكبر عددٍ من العملاء، ووضع اسم هذه الشركات في الدليل الذي تصدره هذه الجهة.

وفي معنى هذا: بطاقة المعلم أو المعلمة التي يؤخذ عليها رسومٌ، ويحصل المعلم أو المعلمة على تخفيضاتٍ لدى بعض المستوصفات، وبعض الفنادق والمطاعم والمحلات التجارية.

وفي معنى هذا أيضًا: بطاقات التخفيض التي تصدرها بعض المستوصفات مقابل رسمٍ معينٍ، وعلى أن حامل هذه البطاقة كلما تردد على هذا المستوصف يحصل على تخفيضٍ.

ورأيت بعض المكتبات التجارية أيضًا تصدر هذه البطاقات مقابل رسومٍ معينةٍ.

حكم بطاقات التخفيض

فما حكم هذه البطاقات؟

نقول أولًا: لو أن هذه البطاقات خلت من الرسوم، فإن هذه لا بأس بها، إذا خلت هذه البطاقات من الرسوم، فإنها لا بأس بها، كما لو مثلًا أصدرت بطاقةَ المعلم بدون أن يبذل المعلم أي رسمٍ، ولكن باعتبار أنه معلمٌ، ويعطى هذه البطاقة، فيذهب بها إلى بعض المحلات والمستوصفات والمكتبات، فيحصل على خصمٍ، فإن هذا لا بأس به؛ لأنه ليس فيه أي محذورٍ شرعيٍّ.

غاية ما في الأمر هو أن هذه المحلات تعاونت مع الجهة التي يتبعها صاحب البطاقة، وقامت بتخفيض منتجاتها لهم، وهذا لا حرج فيه، وليس فيه ربًا ولا جهالةٌ ولا غررٌ ولا ميسرٌ، والأصل في المعاملات الحل والإباحة.

إذنْ بطاقات التخفيض إذا خلت من دفع رسمٍ من صاحب البطاقة، فإنه لا حرج فيها، وأما إذا اشتملت على دفع رسومٍ ماليةٍ من أصحاب البطاقات، فإن هذه محرمةٌ، ويترتب عليها عدة محاذير شرعيةٍ.

فتوى “اللجنة الدائمة” في بطاقات التخفيض

وقد صدر بها فتاوى من “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء”، وحاصل هذه الفتاوى: أن بطاقة التخفيض المذكورة التي يدفع صاحبها رسمًا ماليًّا أنها محرمةٌ لأمورٍ:

  • الأمر الأول: اشتمالها على الغرر والمخاطرة؛ وذلك أن من يدفع هذا الرسم قد يحصل على ما أراد من تخفيضٍ، وقد لا يحصل، وربما حصل على أكثر مما دفع أو أقل، وهذا هو معنى الغرر، هو يبذل مالًا، وقد يحصل على أكثر من هذا المال، وقد يحصل على أقل من هذا المال، وقد لا يحصل على شيءٍ.
  • ثانيًا أيضًا من المحاذير الشرعية التي تترتب على بطاقات التخفيض: اشتمالها على الربا؛  لأن دفع مصدرها نسبة التخفيض لحاملها في حال امتناع صاحب المتجر عن التخفيض هو الربا المحرم، يعني لو أن صاحب المتجر أو صاحب المحل امتنع عن التخفيض، فالجهة المُصْدرة قامت بدفع نسبة التخفيض لحامل البطاقة، حينئذٍ يكون حامل البطاقة وقع في الربا؛ لأنه قد بذل مالًا مقابل مالٍ أكثر منه أو أقل، والغالب أنه يكون أكثر، وأن التخفيض يتجاوز رسم إصدار البطاقة.
    أحيانًا صاحب المحل التجاري يمتنع عن التخفيض لأي سببٍ من الأسباب، فيرجع حامل البطاقة إلى المصدر؛ باعتبار أنه أخذ منه رسمًا ماليًّا، فالمصدر يلتزم بدفع نسبة هذا التخفيض، والغالب أن نسبة هذا التخفيض تكون أكبر من رسم البطاقة، وحينئذٍ تكون المسألة من قَبيل مالٍ بمالٍ مع التفاضل، فيكون قد وقع في الربا.
  • ثالثًا: أن لها آثارًا سلبيةً، ومنها: إثارة العداوة والبغضاء بين أصحاب المحلات المشتركين في التخفيض وغير المشتركين، وأيضًا ربما تحمل صاحبها أو حاملها على الاسترسال في الشراء، فيؤدي هذا إلى أن يشتري سلعًا ليس في حاجةٍ لها، أو إلى الإسراف، أو غير ذلك.

أقسام بطاقات التخفيض

الخلاصة: أن بطاقات التخفيض على قسمين:

  • القسم الأول: بطاقاتٌ لا يَدفع حامل البطاقة أي رسمٍ قليلًا كان أو كثيرًا، وإنما تمنح له مجانًا، وتقوم بعض المحلات والمستوصفات والفنادق بالتخفيض له، فإن هذا النوع من البطاقات لا بأس به.
  • النوع الثاني: أن يَدفع حامل البطاقة رسمًا ماليًّا لقاء الحصول على البطاقة، فإن هذا محرمٌ؛ لما يشتمل عليه من الغرر والجهالة، ولما قد يشتمل عليه أيضًا من الربا، ولهذا؛ فإن هذا النوع من بطاقات التخفيض محرمٌ من الناحية الشرعية مما يظهر، والله تعالى أعلم.

ونكتفي بهذا القدر، وما تبقى من الوقت نجيب فيه عما تيسر من الأسئلة.

حكم الاكتتاب في “شركة المراعي”

قبل أن نجيب عن الأسئلة الواردة يبدأ اليوم الاكتتاب في شركة المراعي، وقد سمعتم في هذا فتاوى مختلفةً، فمنهم بعض المشايخ أجاز الاكتتاب فيها، وبعضهم منع.

الواقع أن هذه الشركة نشرت قوائم ماليةً في الصحف، وقد اشتملت على (535 مليونًا) قروضًا ربويةً من بنوكٍ تجاريةٍ، يعني بنسبة (22%) أو أكثر، وهذا قد نشر في الصحف، وما دام أن هذه الشركة لديها هذه القروض الربوية بهذه النسبة الكبيرة، فإنها لا تجوز المساهمة فيها.

لكن الذي أحب أن أشير إليه هو أنه نُشر أيضًا في بعض الصحف أن المصدر للشركة أن هذه القروض تحولت إلى قروضٍ إسلاميةٍ، والواقع أنا لا أدري كيف تتحول القروض إلى قروضٍ إسلاميةٍ؟! القرض الربوي كيف يتحول إلى قرضٍ إسلاميٍّ؟ لا يمكن هذا إلا بوضع الفائدة، وهي قروضٌ على بنوكٍ تجاريةٍ، ولا تقبل البنوك التجارية بوضع هذه الفوائد.

ولذلك؛ لو أن هذه الشركة كانت جادةً في التحول، كان ينبغي أن تختار لجنةً أو هيئةً من العلماء الثقات، وأن يرسموا سياسةً لهذه الشركة للتخلص من هذه القروض الربوية، وذلك بوضع الربا أولًا، ثانيًا: رسم سياسةٍ مستقبليةٍ للشركة؛ حتى لا تتعامل بالربا مستقبلًا، وأن تحرص الشركة على هذا، وتبين هذا للناس.

ولهذا؛ نبعث بهذه الرسالة للقائمين على هذه الشركة بأن يفعلوا ذلك، وأن يحولوا هذه الشركة إلى شركةٍ نقيةٍ، وذلك أولًا بوضع الربا، ثانيًا: برسم سياسةٍ مستقبليةٍ للشركة؛ بحيث لا تتعامل بالربا مستقبلًا، يكون هذا بإشراف بعض المشايخ والعلماء.

ولذلك؛ القول بأن هذه القروض تحولت إلى قروضٍ إسلاميةٍ بهذا الإجمال غير مقبولٍ، القرض الربوي لا يتحول إلى قرضٍ مباحٍ، لا نقول أيضًا: إلى قرضٍ إسلامي، إلى قرضٍ مباحٍ، إلا إذا وضع الربا: وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ [البقرة:279].

فمثل هذا الكلام المجمل قد يكون فيه تمويهٌ على العامة وعلى بعض الناس، ولكن في حقيقة الأمر إنه لا بد من أن يبين العلماء هذا، وأن يوضحوا للناس أن القروض الربوية لا يمكن التصحيح فيها إلا بوضع الربا.

فلو أن هذه الشركة أعلنت أو القائمون عليها أعلنوا توبتهم، وذلك أولًا بوضع الربا، والتعهد أمام الناس بعدم الوقوع في مثل هذه التعاملات الربوية مستقبلًا، لكان هذا مقبولًا، أما بهذا الإجمال، فإن هذا غير مقبولٍ.

الأسئلة

السؤال: أحسن الله إليكم، وهذا سائلٌ يقول: توفي والدي، وترك لنا مجموعة أسهمٍ في عدة شركاتٍ، السؤال يقول: هل لا بد لنا من تطهيرها من الربا؟

الجواب: إذا كانت هذه الشركات شركاتٍ مختلطةً، فإنها تنتقل للورثة حلالًا، ولا يلزمه التطهير؛ لأن القاعدة: أن ما كان محرمًا لكسبه، فإنما يحرم على الكاسب فقط، ولا يحرم على من انتقل المال إليه، قاعدةٌ مفيدةٌ ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه: أن المحرم ينقسم إلى قسمين:

  1. محرمٍ لوصفه.
  2. ومحرمٍ لكسبه.

أما المحرم لوصفه: فهو محرمٌ على الكاسب ومن انتقل إليه؛ كالخمر والخنزير وغيرهما مما ماثلهما.

والقسم الثاني: محرمٌ لكسبه؛ كالمتحصل من الربا ونحوه، فإن هذا إنما يكون محرمًا على الكاسب فقط، ولا يكون محرمًا على من انتقل إليه.

وبناءً على ذلك: لو كان الأب يتعامل بالربا، ثم انتقلت التركة لورثته، فإن هذا المال يكون للورثة حلالًا، وعلى هذا نقول للأخ السائل: إن هذه الأموال التي انتقلت إليكم من هذه الشركات بالنسبة لكم مباحةٌ، ولا يلزمكم التطهير، ولكن يلزمكم تصفيتها مباشرةً، حتى لا تدخل عليكم أرباحٌ من فوائد ربويةٍ حصلت بعد وفاة والدكم.

أما ما حصل لكم قبل وفاة الوالد، فإنه مباحٌ ولا يلزمكم التطهير باعتبار أن كسب الوالد وما اشتمل عليه من المحرم، إنما هو من قَبيل المحرم لكسبه، وانتقاله لكم يجعله مباحًا بالنسبة لكم، ولا شيء عليكم، ولا يلزمكم التطهير.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول: ما حكم التعامل مع بطاقة اتحاد البصمة، التي يستحق حاملها تخفيضًا في عياداتٍ طبيةٍ، وفي دخول أماكن ترفيهيةٍ مختلفةٍ، علمًا أن عددًا من الشباب يتعامل مع هذه البطاقة؟

الجواب: الذي يظهر من هذه البطاقة: أن حاملها يدفع رسمًا، وعلى القاعدة: إذا كان حامل بطاقة التخفيض يدفع رسمًا للجهة المُصْدرة فإنها محرمةٌ، إذا كان يدفع رسمًا، ولو قل أو كثر، فإن هذه البطاقة تكون محرمةً.

أما إذا كان حاملها لا يدفع رسمًا فلا بأس، غاية ما في الأمر أن أصحاب المحلات أو المستوصفات أو غيرها تنازلوا عن بعض حقهم لمن يحمل هذه البطاقات، ولكن الغالب على بطاقات التخفيض هو دفع رسمٍ ماليٍّ مقابل إصدارها، وحينئذ نقول في جميع أنواع بطاقات التخفيض أنها تسري عليها هذه القاعدة: إذا كان حامل البطاقة يدفع رسمًا فإنها لا تجوز، وإذا كان لا يدفع أي رسم فإنها جائزةٌ.

السؤال: أحسن الله إليكم، وهذه سائلةٌ عبر الإنترنت تقول: أريد أن أدخل في المساهمة مع “شركة المراعي”، لكني لا أريد الأرباح منهم؛ لأني عرفت أنها محرمةٌ، بل أريد فتح محفظةٍ؛ لأني طلبت من البنك فتح محفظةٍ لي فرفض إلا بشروطٍ معقدةٍ، فقالوا: إذا جاء أي اكتتابٍ فاشتركي فيه، فإذا اشتركت هل آخذ رأس مالي فقط؟

الجواب: أولًا: ألَا يمكن فتح محفظةٍ في الشركات النقية، إن أمكن هذا فيقتصر الأخ على فتح محفظةٍ في الشركات النقية، يوجد الآن أكثر من عشرين شركةً نقيةً، ولا تتعامل بالربا، وهي الآن في تزايد ولله الحمد، هي الآن في تزايد، ونأمل خلال السنوات المقبلة أن تصبح جميع الشركات شركاتٍ نقيةً.

قد كان قبل سنواتٍ لا يوجد ولا شركةٌ واحدةٌ، ثم قبل ثلاث سنواتٍ وجد ثلاث شركاتٍ فقط، والآن أصبحت تزيد على عشرين شركةً، والمجتمع في الحقيقة مسؤولٌ في الدرجة الأولى عن دعم هذه الشركات، ومقاطعة الشركات غير النقية، وينبغي التعاون على البر والتقوى، والتواصي بين أفراد المجتمع على أن تُدعم هذه الشركات النقية، وأن يشجَّع القائمون عليها، وتقاطع الشركات غير النقية.

ولهذا نقول للأخ السائل: إن أمكن أن تفتح محفظةً في الشركات النقية فلا بأس بهذا، وأما أن تدخل في شركةٍ تعلن صراحةً أنها اقترضت بالربا لأجل فتح محفظةٍ، فلا أرى أن هذا مبرئًا للذمة، وأنت لست مضطرًا إلى فتح محفظةٍ، إن تيسر لك أن تفتح فالحمد لله، وإلا، فلست مضطرًا إلى هذا.

وهذه نقطةٌ -يا إخواني- مهمةٌ، بعض الناس كأنه يعتبر أن الاستثمار أمرٌ ضروريٌّ، وأنه لا بد منه، ليس بصحيحٍ، الاستثمار أمرٌ كماليٌّ، إن تيسر للإنسان أن يستثمر بطريقةٍ مباحةٍ فالحمد لله، إن لم يتيسر فليس ملزمًا بالاستثمار.

وينبغي أن يحرص المسلم غاية الحرص على كسب الحلال، أن يكون تعامله مباحًا، وأن يبتعد عما فيه شبهةٌ، النبي يقول: إن الحلال بينٌ، وإن الحرام بينٌ، وبينهما أمورٌ مشتبهاتٌ، لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات فقد وقع في الحرام [3].

وأرى أنه في السنوات الأخيرة -ولله الحمد- حصل عند الناس وعيٌ بالنسبة للشركات المساهمة، يعني أذكر قبل مثلًا عشر سنواتٍ ما كان أحدٌ يسأل عن الشركات النقية والشركات غير النقية، وهل هذه الشركة المساهمة عندها قروضٌ، أو ليس عندها قروضٌ.

لكن -ولله الحمد- الآن أصبح كثيرٌ من الناس يسأل، فأصبح عند الناس وعيٌ، وهذا الوعي سوف تكون آثاره حميدةً بإذن الله ​​​​​​​، وسوف يشكِّل وسيلة ضغطٍ على القائمين على هذه الشركات؛ حتى يُخَلِّصوا هذه الشركات من الربا.

وسبق أن شرحنا هذا بالتفصيل في ثاني درسٍ من هذه السلسلة من الدروس، وذكرنا كلام العلماء في حكم الشركات المساهمة التي أصل تعاملها مباحٌ، ولكنها تتعامل بالربا إما إقراضًا، أو اقتراضًا، أو استثمارًا.

وذكرنا أن للعلماء في المسألة رأيين، وأن القول بالمنع مطلقًا هو الذي عليه أكثر العلماء المعاصرين، ولو كان الربا بنسبة (1%)، وأن هذا هو الذي عليه المجامع الفقهية؛ “مجمع الرابطة”، و”مجمع منظمة المؤتمر”، وهو الذي عليه “اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء”.

وأن هذا هو القول الذي تؤيده الأدلة والقواعد الشرعية فيما يظهر، والله تعالى أعلم، وذكرنا: أن من قال بالجواز استندوا إلى قواعد ذكرها العلماء، لكن لا تنطبق على هذه المسألة؛ لأن المساهم في الحقيقة يساهم بمالٍ وعملٍ، وليس بمالٍ فقط، بمالٍ وعملٍ، ولكن هذا العمل لا يباشره، وإنما يوكل غيره في القيام عنه به.

فأنت عندما تساهم في شركة من الشركات، جميع أعمال الشركة تنسب إليك؛ لأنك أحد مُلَّاك الشركة في الحقيقة، وحينئذٍ إذا كانت الشركة تتعامل بالربا، إقراضًا أو اقتراضًا، فأنت بين أمرين: إما أن ترضى أو لا ترضى؛ فإن رضيت فقد رضيت بالربا، وإن لم ترض، فواجبٌ عليك الإنكار والتغيير، فإن عجزت فواجبٌ عليك الخروج.

أما أن الإنسان يبقى في شركةٍ وهو يعلم بأنها تتعامل بالربا الذي آذن الله تعالى فيه بالحرب، فما الذي يسوغ هذا ولو بنسبة (1%)؛ لأن هذا النسبة ولو قليلةً، سوف تُنسب لك أيها المساهم، فما حجتك أمام الله ​​​​​​​؟

والنبي لعن آكل الربا ومُوكِله، وكاتبه وشاهديه [4]، حتى مجرد شهادةٍ على الربا فقط موجبٌ للعنة، فكيف بمن يمارس الربا ولكن ليس مباشرةً؛ وإنما بالوكالة؟! لا شك أنه أشد ممن يَشهد على الربا، أو يَكتب الربا.

فإذنْ نقول: إن هذه الشركات التي تتعامل بالربا لا تجوز المساهمة فيها، ولا الدخول فيها.

ونعود لسؤال الأخ ونقول: إذا أمكنك أن تفتح محفظةً في الشركات النقية -وهذا في ظننا متيسرٌ- فلا حرج في هذا، وأن يكون تعاملك مع الشركات النقية.

أما إذا لم يمكنك هذا فأنت لست مجبرًا، ولست ملزمًا بأن تفتح محفظةً استثماريةً، والاستثمار أمرٌ كماليٌّ، وليس يعني الإنسان مضطرًا إليه، فحينئذٍ أقول: ليس لك أن تفتح محفظةً لأجل اكتتابٍ في شركة تتعامل بالربا.

أسماء الشركات النقية موجودةٌ، نشرت في المواقع في الإنترنت، موجودةٌ في بعض المواقع الإسلامية، وهي معروفةٌ لدى الكثير من الإخوان، ويمكن الذي لا يمكنه معرفة هذه المواقع أن يتصل بي في وقتٍ آخر، ويمكن أذكر له بعض المواقع الإسلامية التي توجد فيها أسماء هذه الشركات، لكنها بكل حالٍ موجودةٌ ومنشورةٌ في أكثر من موقعٍ حقيقةً، تتناقلها مواقع الإنترنت من بعض الإخوة طلاب العلم الذين قاموا بدراسة هذه القوائم المالية للشركات، وصنفوا الشركات بناءً على هذا شركاتٍ نقيةٍ وشركاتٍ مختلطةٍ.

السؤال: أحسن الله إليكم، وهذا -يا شيخ- أخٌ من المغرب مقيمٌ في هولندا، يقول: سؤالي حول الرهن، يقول: عندنا في المغرب ما يسمونه بالرهن، وهو أن ترهن بيتًا لمدةٍ معينةٍ، وبعدها تخرج من البيت، ويعيد لك صاحب البيت المال الذي أعطيته من قبل، يقول: التفصيل: زيدٌ له بيتٌ يرهنه لعمرٍو بأربعة مليون ريالٍ مغربيٍّ لمدة ثلاث سنواتٍ، وبعد مرور هذه المدة يخرج عمرٌو من البيت، ويعيد زيدٌ النقود لعمرٍو بعد أن سكَّنه لمدة ثلاث سنواتٍ بدون مقابلٍ، يقول: ما حكم الشرع في هذه المسألة؟

الجواب: نعم، هذه يسميه بعضهم “بيع الوفاء”، وصورة هذه المسألة أن شخصًا يقرض آخر مبلغًا من المال، وحتى يضمن حقه يرهنه شيئًا، كما ذكر الأخ السائل، يرهنه مثلًا بيته يسكن فيه خلال هذه المدة، حتى يعيد له القرض، فإذا أعاد له القرض بعد ثلاث سنواتٍ، أخذ هذا بيته، وهذا أخذ قرضه، استرد قرضه، وذاك أخذ بيته، وهذا محرمٌ؛ لأنه من قَبيل القرض الذي جر نفعًا.

كأن هذا يقول: أقرضني على أن أسكنك بيتي لمدة ثلاث سنواتٍ، وهذا محرمٌ؛ لأن كل قرضٍ جر نفعًا فهو ربًا، وهذا نوعٌ من التعامل يسمى “بيع الوفاء”، وموجودٌ من قديمٍ، وهو محرمٌ ولا يجوز، وذلك لأنه يعتبر من قَبيل القرض الذي جر نفعًا.

ولهذا نقول: إن القرض لا يجوز أن يؤخذ عليه رهنٌ، إلا إذا كان الرهن لا ينتفع به، لو قيل: هل يجوز أن يؤخذ على القرض رهنٌ؟

نقول: هذا فيه تفصيلٌ؛ فإن كان هذا الرهن لا ينتفع به جاز، وإلا لم يجز؛ لأن القاعدة: أنه لا يجوز الانتفاع بالقرض، كل قرضٍ جر نفعًا فهو ربًا، وذلك؛ لأن صورة القرض في الأساس صورةٌ ربويةٌ، لكن الشريعة استثنتها إذا كانت مبنيةً على الإرفاق والإحسان والتكافل، إذا أصبح يراد به المعاوضة رجع القرض إلى أصل صورته، وهو أن أصل الصورة، صورة الربا، أنها في الأصل هي صورةٌ ربويةٌ، فمثلًا: لو أتى إليك شخصٌ وقال: أقرضني عشرة آلاف ريالٍ، قلت له: أنا أقرضك، لكن ارهن لي سيارتك، هل يجوز هذا؟

نقول: هذا فيه تفصيل؛ إن كان المرتهن لا ينتفع بالسيارة، أوقفها عند بيته لا ينتفع بها، وإنما فقط رهنها من أجل توثق هذا القرض، فهذا لا بأس به، أما إن كان هذا المرتهن ينتفع بهذه السيارة يقضي عليها حوائجه وينتفع بها، فيصبح هذا القرض من قبيل القرض الذي جر نفعًا؛ فيكون محرمًا.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول: هل يجوز استعمال بطاقات المعلم لأجل التخفيض، علمًا بأنني لم أدفع أي مبلغٍ للحصول على هذه البطاقة؟ وهل يجوز استعمال البطاقات التجارية للحصول على التخفيض إذا كانت من دون أي مبلغٍ، وحصلت عليها دون مقابلٍ؟

الجواب: نعم، إذا كانت بطاقة المعلم أو غيرها يحصل عليها الإنسان بدون دفع أي رسمٍ، فإن هذا لا بأس به؛ لأن غاية ما في الأمر أن هذه المحلات تتنازل عن بعض حقها لبعض الناس، وهذا لا مانع منه، وكونها تتنازل لبعض الناس دون بعضٍ لا مانع منه؛ لأن الإنسان حرٌّ في بيعه وشرائه.

فغاية ما في الأمر أن هذه المحلات أو المستوصفات أو الفنادق أو غيرها تتنازل عن بعض حقها لبعض الناس لمن يحمل هذه البطاقة، وهذا في الحقيقة ليس فيه أي محذورٍ شرعيٍّ، ليس فيه ربًا، وليس فيه جهالةٌ، وليس فيه غررٌ، وليس فيه ميسرٌ، والأصل في المعاملات الحِل والإباحة.

غاية ما في الأمر أن هذه المحلات تنازلت عن بعض حقها، الإشكال عندما يؤخذ رسمٌ على حامل هذه البطاقة، وبطاقة المعلم الذي يظهر أنها كانت في السابق يُدفع رسمٌ على إصدارها، كما ظهر هذا من الفتاوى موجودة..، فإن الفتاوى التي بُعثت للمشايخ في “اللجنة الدائمة” وغيرهم، يذكر المعلمون أنه يؤخذ رسومٌ على إصدار هذه البطاقات، لكن يبدو أنهم نبهوا على هذا، فأصبحت مثل هذه البطاقات لا يؤخذ عليها رسمٌ.

على كل حالٍ نحن نذكر القاعدة، وعليها تطبق آحاد المسائل، فنقول: بطاقات التخفيض، سواءٌ كانت بطاقة المعلم أو غير المعلم، إذا كان يؤخذ رسمٌ مقابل إصدارها فإنها تكون محرمةً، أما إذا كان لا يؤخذ عليها أي مقابلٍ فإنه لا بأس بها.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول: هل يجوز شراء مجموعة عملاتٍ نادرةٍ أو قديمةٍ بسعرٍ أقل أو أكثر؟

الجواب: نعم، هذه العملات النادرة أو القديمة إذا كانت لا يتعامل بها الآن، أُبطل التعامل بها، ترك الناس التعامل بها، ولم تعد أثمانًا، فإنها حينئذٍ تصبح من قَبيل عُروض التجارة، ولا بأس بأن تباع بأكثر أو أقل؛ لأنها كسائر عروض التجارة.

أما لو كانت هذه العملات لا زالت يُتعامل بها، وأنها أثمانٌ وأقيامٌ للسلع والبضائع، فإنه لا يجوز أن تباع وتشترى بجنسها إلا مع التماثل والتقابض، وبغير جنسها إلا مع التقابض، لكن الذي يظهر من سؤال الأخ أن هذه العملات قديمةٌ ونادرةٌ بحيث لم تعد أثمانًا، وأبطل التعامل بها، وبهذا الاعتبار نقول: إنها قد أصبحت من قبيل العروض، وحينئذٍ لا بأس بأن تباع بأكثر أو أقل.

السؤال: يقول: ما هو حكم بيع السيارات عن طريق التأجير المنتهي بالتمليك؟ وهل هناك صورةٌ مباحةٌ؟ وما هي شروطها؟

الجواب: نعم، هذه المسألة سبق أن خصصنا لها درسًا، فلعل الأخ السائل لم يحضر هذا الدرس، خصصنا لها درسًا في هذه السلسلة من الدروس، وتكلمنا عنها بالتفصيل، وذكرنا أن هناك صورًا ممنوعةً، وصورًا جائزةً في التأجير المنتهي بالتمليك، وأن الضابط في المنع أن يقع البيع والتأجير في وقتٍ واحدٍ، وفي عقدٍ واحدٍ، وأن الضابط في الجواز أن يقع البيع بعد التأجير بحيث يكون بعده زمانٌ، ويكون التأجير حقيقيًّا لا صوريًّا، ويَعِد المؤجر المستأجر بأن يبيعه السلعة، أو يهبه إياها وعدًا غير ملزمٍ، وأنه بهذه الصورة يجوز.

وأما الصورة الأولى: فإنها لا تجوز، أن يقع التأجير والبيع في وقتٍ واحدٍ، ولذلك بالإمكان أن تصاغ صيغ هذه العقود صيغةً شرعيةً صحيحةً، بحيث يَسلم الذي يريد هذا التعامل من الوقوع في المحظور، وهذه الشركات أيضًا التي تتعامل بالتأجير المنتهي بالتمليك، أو التأجير مع الوعد بالتمليك ينبغي أن تعرض هذه العقود على الفقهاء، حتى يقوموا بصياغتها صياغةً صحيحةً، ويحصلوا على غرضهم الذي أرادوا، مع عدم الوقوع في المحذور.

وعلى كل حالٍ، نحيل الأخ السائل للدرس الذي أشرت إليه، وهو موجودٌ ومحفوظٌ على “موقع الجامع” وبإمكانه أن يرجع إليه، وسيجد تفصيلًا أكثر في هذه المسألة.

السؤال: أحسن الله إليكم، وأسئلةٌ كثيرةٌ، يقول في نفس الموضوع، هذا يقول: بعض المكتبات تقدم بطاقة التخفيض عند شرائك منهم بمبلغٍ لا يقل عن قيمةٍ معينةٍ مثلًا بخمسمئة ريالٍ، فما حكم هذه البطاقة؟

الجواب: نحن اشترطنا لهذه البطاقة ألا يبذل حاملها أي عِوضًا، فإذا كانت هذه المكتبة لا تطلب من حامل هذه البطاقة أي عوضٍ، لا تطلب منه أي مبلغٍ ماليٍّ، فإنه لا حرج في أخذ هذه البطاقة والاستفادة منها.

وأما ما ذكر في السؤال من أن بعض المكتبات تشترط لإصدار هذه البطاقة الشراء بمبلغٍ لا يقل عن خمسمئة ريال مثلًا، فهذا فيه تفصيل؛ إن كانت هذه الكتب، وهذه السلع التي في المكتبة تباع بسعر السوق، يعني: لا يزاد في قيمتها لأجل هذه البطاقة، فالظاهر أن هذا لا بأس به؛ لأن هذه المكتبة تنازلت عن بعض حقها لمن يشتري منها كميةً كبيرةً، وهذا كما لو كنت تبيع بضاعةً، وقلت للناس: من اشترى مني عشر قطعٍ أخفِّض عنه، من اشترى مني عشر قطع يستحق التخفيض، فلا مانع من هذا.

أما لو كانت المكتبة تزيد في قيمة الكتب أو البضاعة التي تبيعها؛ لأجل بطاقة التخفيض هذه، فمعنى ذلك: أن بطاقة التخفيض هذه أصبح لها رسمٌ، لكن بطريقٍ غير مباشرٍ، فحينئذٍ لا تجوز.

إذنْ نقول للأخ السائل: إن في هذا تفصيلًا:

إذا كانت المكتبة تبيع بسعر السوق، ولا تزيد في البضائع التي تبيعها والكتب لأجل هذه البطاقة، فإنه لا حرج في أخذ هذه البطاقة والاستفادة منها في التخفيض.

أما إذا كانوا يزيدون في قيمة الكتب لأجل هذه البطاقة، فمعنى ذلك: أن هذه البطاقة قد أصبح لها رسمٌ، وأصبح لها قيمةٌ تدفع ضمن فاتورة الشراء، وحينئذٍ لا تجوز، فإذن تكون على هذا التفصيل.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول: ما حكم البيع على التصريف؟

الجواب: البيع على التصريف فيه تفصيلٌ، صورة البيع على التصريف: أن تقوم مؤسسةٌ كبيرةٌ أو شركةٌ بإعطاء محلٍّ صغيرٍ بضاعةً على أنه إن باع هذه البضاعة، وإلا، فإنه يرجعها إلى هذه المؤسسة الكبيرة، يعني إن قام بتصريفها وإلا، يرجعها لهم، مثل الألبان، مثل الصحف، ونحو ذلك.

هذا فيه تفصيل في الحقيقة؛ هل نعتبر صاحب المحل الصغير هذا مشتريًا، أو نعتبره وكيلًا؟

مثلًا في الصحف، أو في الألبان، أو العصائر، وغيرها، هل نعتبره مشتريًا، أو نعتبره وكيلًا؟ إذا كان وكيلًا فالأمر ظاهرٌ، لا إشكال في التصريف، لا إشكال في ذلك؛ لأنه مجرد وكيلٍ عن صاحب المؤسسة الكبيرة أو صاحب الشركة، وكيلٍ بأجرةٍ، كما لو كان عندك بضاعةٌ، ووكلت أحد الناس بأن يبيع لك هذه البضاعة أو بعضها بأجرةٍ معينةٍ.

أما إذا كان صاحب المحل مشتريًا، فحينئذٍ إذا اشترى هذه البضاعة، وحصل التفرق بمكان التبايع لزم البيع، وليس له حينئذٍ أن يرد هذه البضاعة على الشركة أو المؤسسة الكبيرة.

والظاهر من حال المحلات: أن المحلات الصغيرة تشتري هذه البضائع وهذه السلع، أو الصحف، أو الألبان، أو غيرها، بدليل أن الضمان يكون على صاحب المحل التجاري الصغير.

يعني نفترض أن مثلًا هذه الشركة أتت بألبانٍ، أو أتت بصحفٍ، أو بغيرها، ثم إن هذا المحل احترق، أو تلف من غير تَعَدٍّ من صاحبه ولا تفريطٍ، لو كان وكيلًا لم يضمن؛ لأن الوكيل أمين لا يضمن إلا إذا تعدى أو فرَّط، أما المشتري فإنه يضمن بكل حالٍ؛ لأنه قد اشترى البضاعة، والبيع قد انتهى، ولزم البيع، وحصل التفرق من مكان التبايع.

والواقع أنه لو حصل مثل هذا، فإن صاحب المحل الصغير هو الذي يقع عليه الضمان، وهذا يدل على أنه مشترٍ وليس وكيلًا، وحينئذٍ نقول: ما دام أنه مشترٍ فلا يَلزم الشركة الكبيرة -إذا لم يصرف صاحب المحل الصغير هذه البضاعة- قبولها، ويعتبر هذا الشرط شرطًا باطلًا، يعتبر شرطًا غير صحيحٍ، وإن كان البيع صحيحًا، لكن هذا الشرط -أنَّ صاحب المحل الصغير يشترط على شركة كبيرة أنه إن صرفها وإلا أرجعها عليهم- شرط ٌغير صحيحٍ، وهو من الشروط الفاسدة، قد ذكره الفقهاء أنه إذا شرط عليه إن نفقت البضاعة، وإلا رد عليه المبيع: أن هذا من الشروط الفاسدة، نص على هذا فقهاء الحنابلة وغيرهم.

وحينئذٍ نقول: إن هذه الشركة الكبيرة لو أن هذا اللبن مثلًا، أو العصير، أو الصحف، أو غيره، لم تصرَّف، يعني لم تُبَع، لا يلزمهم قبولها، ولو شرط عليهم ذلك؛ لأن هذا الشرط شرطٌ غير صحيحٍ، ومثل هذا الكلام تفرح به الشركات الكبيرة؛ لأنه في صالحهم في الحقيقة.

ولكن الواقع أن الشركات الكبيرة تقبل رد البضاعة عليهم من باب تشجيع أصحاب المحلات الصغيرة على الشراء منهم، فهم لا يمانعون في رد البضاعة التي لم يتم تصريفها عليهم، ويكون هذا من قبيل التنازل عن حقها.

ولكن لو قدر أنه لو حصل مشاحةٌ وخصومةٌ مثلًا في المسألة، فإن الحكم الشرعي الذي يظهر، والله أعلم: أن هذا الشرط شرطٌ غير صحيحٍ، وأن المحل الصغير يُلزَم بهذه البضاعة، ولا يَلزم الشركة الكبيرة أن تقبل هذه البضاعة التي لم يتم تصريفها؛ لأن هذا الشرط شرطٌ غير صحيحٍ، ولو كانت قد قبلت به.

ولكن -كما ذكرت- الغالب أنه يقع التسامح في مثل هذه المسألة، وأن الشركات الكبيرة تقبل باسترجاع هذه البضائع التي لم يتم تصريفها، وبكل حالٍ يكون هذا لا بأس به على كلا التقديرين؛ سواءٌ كان على تقدير أنه وكيلٌ، أو على تقدير أنه مشترٍ، أو على تقدير أيضًا أن الشرط فاسدٌ، ولكن الشركات الكبيرة تتسامح في استرجاع هذه البضائع.

على جميع التقادير نقول: ليس في ذلك حرجٌ في البيع على التصريف، لا حرج في ذلك مطلقًا، ولكن ثمرة هذا الكلام إنما تظهر فيما لو حصل مشاحةٌ أو خصومةٌ بين هذا المحل الذي قبل، الذي اشترط البيع على التصريف، وبين الشركة الكبيرة، لو حصل مشاحةٌ هنا تظهر ثمرة مثل هذا الكلام، وإلا ما دام أن الأمور مبنيةٌ على التسامح، وعلى قبول البضاعة التي لم يتم تصريفها، فيكون الأمر فيه سعةٌ، والحمد لله.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول: اشتريت علاجًا بمبلغ تسعة وثلاثين ريالًا وتسعين هللةً، وأخذ صاحب الصيدلية أربعين ريالًا ببطاقة صرافٍ، فهل في ذلك شيءٌ؟

الجواب: نقول: ليس في ذلك شيءٌ؛ لأن غاية ما في الأمر أن صاحب الصيدلية اعتبر هذا العلاج أنه بأربعين ريالًا، اعتبر أنه بأربعين ريالًا، وحينئذٍ لا حرج في ذلك، ولا يجري الربا بين الدواء وبين النقد؛ لأن هذه بضاعةٌ، وهذا دواءٌ مقابل مالٍ، فكأنه يقول: أبيعك هذا؛ لأنه لا يوجد عندي صرفٌ، أو لأني أبيعك بهذه الطريقة أو عن طريق الصراف، لا أبيعك هذا الدواء إلا بأربعين ريالًا، وقد قبلت بهذا، ولا حرج في ذلك.

وهنا أنبه على مسألةٍ: وهي أنه لا بد عند النظر في هذه المسائل أن ينظر إلى اعتبار كون المال ربويًّا، ليست كل الأموال ربويةً، الأموال الربوية هي التي تجري فيها علة الربا، وما هي علة الربا؟ علة الربا في الأثمان؛ في الذهب والفضة، والأوراق النقدية، هي الثمنية، وفي غيرها الطُّعم مع الكيل أو الوزن، وحينئذٍ غير المطعومات ما عدا الذهب والفضة والأوراق النقدية، غير المطعومات كلها لا يجري فيها الربا، كل غير المطعومات لا يجري فيها الربا.

فلو بعت سيارةً بسيارتين يجوز، بعت قلمًا بقلمين، مثل ما ذكر الأخ السائل الدواء لا يجري فيها الربا؛ لأنه غير مطعومٍ، غير المطعومات كلها من غير الذهب والفضة والأوراق النقدية لا يجري فيها الربا.

وحينئذٍ بالنسبة لسؤال السائل نقول: لا إشكال ولا حرج في هذا؛ لأن الدواء ليس من الأموال الربوية، وغاية ما في الأمر أن صاحب الصيدلية قال: لا أبيعك هذا الدواء إلا بهذا المبلغ، لكوني مثلًا لا أجد لك صرفًا مثلًا بالهلل، أو أن البيع والشراء كان عن طريق الصراف أو غير ذلك، المقصود أنه أراد أن يبيعك بهذا المبلغ، وقد قبلت بهذا، وحصل التراضي، فلا إشكال في ذلك.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول: بالنسبة للتأمينات التعاونية على الرُّخَص والسيارات، هل سيكون لكم حديثٌ عنه؟ وما رأي فضيلتكم فيمن يختار أقوى الشركات بالنسبة لتعاملها مع الناس إذا حصل له حادثٌ مروريٌّ، وأن أكثر الناس مقبلون عليها؟

الجواب: نعم، إن شاء الله تعالى سيكون هناك حديثٌ عن التأمين وأنواعه، وحكمه الشرعي، سواءٌ كان تأمينًا تجاريًّا أو تأمينًا تعاونيًّا، ولعلنا أيضًا نتعرض لهذه المسألة التي ذكرها الأخ السائل، وهي ما هي، يعني اختيار مثل هذا النوع من الشركات، وأيضًا نتكلم -إن شاء الله تعالى- عما إذا قام الإنسان بالتأمين، ثم احتاج إليه، فهل له أن يأخذ أكثر مما دفع، أو ليس له ذلك؟

وكلام العلماء في ذلك، وبيان القول الراجح هذا -إن شاء الله تعالى- لعلنا نتناوله بالتفصيل في درسٍ قادمٍ إن شاء الله تعالى.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول: ما الحكم إذا كانت الشركة الهرمية لا تعطي مالًا للمتسوق الأول، بل تعطي جائزةً رمزيةً بسيطةً عن كل مشتركٍ عن طريقه؟ يقول: وما الحل لمن وقع فيها؟

الجواب: التسويق الهرمي بجميع أشكاله لا يجوز، يكتنفه محاذير شرعيةٌ عديدةٌ، حتى ولو كان بالصورة التي ذكرها السائل، ولذلك هي مصنفةٌ في دول الغرب من ممارسات الغش والاحتيال، وكما ذكرنا كانت تمنع، منعت بموجب القوانين والأنظمة الموجودة هناك، ثم قامت هذه الشركات والْتفَّت، ووضعت منتجاتٍ وهميةً، يعني ليس لها قيمةٌ حقيقيةٌ، وإنما قيمةٌ رمزيةٌ؛ كأن يأتوا بمنتجٍ قيمته عشرة ريالاتٍ، ويباع بخمسمئة ريالٍ أو قريب من هذا، فهي في الحقيقة مصنفةٌ على أنها من ممارسات الغش والاحتيال.

ثم أيضًا تَرد عليها مسألة الربا، وهي أشكلُ ما في المسألة؛ لأنه مالٌ مقابل مالٍ مع التفاضل، ومع النساء، اجتمع فيها ربا الفضل وربا النسيئة، هذا فضلًا عن الميسر، وفضلًا عن الغرر، وأكل المال بالباطل، وقد لا تكون جميعها على صورةٍ واحدةٍ، هي لها عدة صورٍ كما ذكرنا.

يعني مثلًا: “بزناس” تختلف عن “هبة الجزيرة” تختلف عن الشركات الأخرى في بعض الصور، ولكنها من حيث الفكرة متفقةٌ، ليس بينها اختلافٌ، يعني من حيث الفكرة واحدةٌ، ولذلك نقول: إن جميع هذه الشركات القائمة على التسويق الهرمي غير جائزةٍ، وأنها محرمةٌ.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول: أردت شراء سيارةٍ من شركةٍ بالتقسيط، فأخبرني أحد الإخوة بعدم الجواز؛ لأن الشركة تأخذ مبلغًا زائدًا عند التأخر عن سداد قسطٍ من تلك الأقساط، فقلت له: إني واثقٌ وعازمٌ على عدم التأخر مطلقًا، فهل يجوز لي الإقدام على الشراء والحالة هذه؟

الجواب: أولًا نقول: ليس لهذه الشركة التي تأخذ غرامةً عند تأخر السداد، وما يسمى بالشرط الجزائي، الشرط الجزائي في الديون محرمٌ، بل هو ربا الجاهلية؛ لأن ربا الجاهلية إذا حل الدين، قال الدائن للمدين: إما أن تقضي، وإما أن تربي، أما الشرط الجزائي في غير الديون فلا بأس به.

فهذا الذي تمارسه هذه الشركة هو شرطٌ جزائيٌّ في دينٍ، فيقول: إذا حل القسط إما أن تقضي وإما أن تربي، فلا شك أن تعامل هذه الشركة محرمٌ.

وأما سؤال الأخ وقوله: إنه يريد أن يدخل في هذه الشركة، مع عزمه على سداد الأقساط من غير تأخيرٍ، فنقول: إن هذا لا يجوز، لأمورٍ:

الأمر الأول: أن قبوله بهذا العقد المشتمل على هذا الشرط الربوي لا يجوز، عندما يوقع على أنه إذا تأخر عن السداد احتُسب عليه غرامةٌ، فمعنى ذلك أنه قد وقع على قبول الربا، وقَبِل الربا، وهذا لا يجوز، والربا أمره عظيمٌ عند الله ​​​​​​​، وملعونٌ آكله وموكله، وكاتبه وشاهديه، فلا يجوز أصلًا قبوله بهذا العقد.

ثانيًا: أن عزمه على السداد من غير تأخيرٍ قد لا يمكنه، قد لا يتمكن من هذا، قد لا يتمكن من السداد من غير تأخيرٍ، ولو كان عازمًا على ذلك، ونظير هذا ما ذكرنا في بطاقات الائتمان، بطاقات الفيزا ونحوها، وقلنا: إنها لا يجوز الدخول فيها، ولو كان حامل البطاقة عازمًا على السداد خلال فترة السماح المجانية؛ لأن الإنسان لا يدري ما يطرأ له، ولا يدري ما يعرض له.

وحدثني أحد الأشخاص أنه فعل ذلك، وأنه أصدر بطاقة ائتمانٍ، وكان عازمًا على السداد خلال فترة السماح المجانية، كان عازمًا عزمًا أكيدًا، يقول: ثم عرض لي عارضٌ، فلم أستطع السداد، فألزمت بدفع الربا.

ولهذا نقول للأخ: لا يجوز لك أن تشتري من هذه الشركة، وينبغي مناصحتهم، ينبغي مناصحة القائمين على هذه الشركة، وبيان أن هذا التعامل الذي يتعاملون به تعاملٌ محرمٌ، وأنه لا يجوز، والحمد لله الشركات التي تبيع بالتقسيط من غير اشتراط هذا الشرط كثيرةٌ، فبإمكانه أن يلجأ لمثل هذه الشركات التي تبيع من غير اشتراط هذا الشرط المحرم.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه مسلم: 1513.
^2 رواه مسلم: 102.
^3 رواه البخاري: 52، ومسلم: 1599.
^4 رواه مسلم: 1598.
مواد ذات صلة