حُكم صيد حَرَم مكة
أي: يحرم صيد ما كان في الحرم، سواء على المحرم أو على غير المحرم، ما كان داخل حدود الحرم يحرم صيده مطلقًا. وحدود الحرم قد حُددت تحديدًا دقيقًا، وجبريل أتى وحدَّدها لإبراهيم عليه الصلاة والسلام، وتناقلها الناس جيلًا بعد جيل وقرنًا بعد قرن إلى وقتنا هذا، ووُضعت الآن علامات ولوحات على حدود الحرم؛ فمثلًا عرفة من الحِل وليست من الحرم، بينما مزدلفة ومنى من الحرم. وصيد حَرَم مكة مُحرَّم بالإجماع؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي قال: إن هذا البلد حَرَّمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحُرمة الله إلى يوم القيامة[1]؛ هذا البلد الحرام يأمن فيه الإنسان والحيوان والطير، بلد آمن.
وهل تحريم حَرَم مكة وصيدها وقطع نباتها منذ زمن إبراهيم؟
جاء في الصحيحين من حديث عبدالله بن زيد أن النبي قال: إن إبراهيم حرَّم مكة ودعا لها[2]، والأظهر -والله أعلم- أن تحريمها كان قبل إبراهيم؛ لأنه قد جاء في الحديث السابق: إن هذا البلد حَرَّمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحُرمة الله إلى يوم القيامة[3].
وأما قوله: إن إبراهيم حَرَّم مكة فالمراد: أنه أظهر تحريمها، وإلا فهي محرمة قبل إبراهيم.
وستبقى مكة بلدًا إسلاميًّا، لا يمكن أن يحتله المشركون والكفار إلى قيام الساعة؛ لأنه عليه الصلاة والسلام قال: لا هجرة بعد الفتح[4] هذا فيه بشارة بذلك؛ ولذلك مكة ستبقى بلدًا إسلاميًّا. إلا أنه في آخر الزمان -من أشراط الساعة- الكعبة تُهدم، يهدمها ذو السُّوَيْقَتَيْن -رجل من الحبشة-، هو الذي يهدم الكعبة حجرًا حجرًا، ولله الحكمة في هذا، ويحج الناس البيت والكعبة مهدومة.
حُكم قطع شجر الحرم وحشيشه على المُحِل والمُحرِم
قال:
والمقصود بذلك: الشجر والحشيش الأخضرَين اللذَين لم يزرعهما الآدمي؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: لا يُعْضَد شجرها، ولا يُحَشّ حشيشها، ولا يُخْتَلى خلاها[5]. وعلى ذلك؛ يجوز قطع اليابس، ويجوز قطع ما زرعه الآدمي؛ لأنه عليه الصلاة والسلام أضاف الشجر إلى الحرم، فدل ذلك على أن المُحرَّم إنما هو شجر الحرم دون ما يُنبِته الآدمي.
ويُستثنى من ذلك "الإذْخِر"؛ فإنه عليه الصلاة والسلام لمَّا ذكر تحريم الحرم قال العباس: يا رسول الله، إلا الإذْخِر، فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا؛ قال: إلا الإذْخِر[6]؛ وهو حشيشٌ ونبتٌ طيب الرائحة، يستفاد منه في القبور، خاصةً في مكة؛ لأنهم يجعلونه بين اللَّبِنات ليَمنع تسرب التراب للميت، ويستفيدون منه في تسقيف المنازل قديمًا، ويستفيدون منه في الحدادة؛ لأنه سريع الاشتعال؛ فاستثناه النبيُّ .
قال:
يعني: يستوي المُحرِم وغير المُحرِم في تحريم قطع الشجر والحشيش الأخضر.