عناصر المادة
مَن يذكر لنا التعريف مرةً أخرى؟
ما تعريف الصيد عند الفقهاء؟
ذكرناه للذين حضروا معنا درس الأمس.
تعريف الصيد عند الفقهاء
الحيوان الحلال البَرِّي المُتوحش بأصل الخِلْقَة.
الحيوان الحلال: خرج به الحرام، فالحيوانات مُحرمة الأكل ليست صيدًا.
البَرِّي: خرجتْ به حيوانات البحر: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ [المائدة:96].
المُتوحش بأصل الخِلْقَة: فإن كان مُستأنسًا مثل: الإبل والبقر والغنم، فهذه ليست صيدًا.
وقولنا: “بأصل الخِلْقَة” المُعتبر هو أصل الخِلْقَة في التَّوحش أو الاستئناس، فلو كان مُتوحشًا ثم استأنس مثل: الحمام، فالحمام الآن الذي حول الحرم مُستأنسٌ، لكنه في أصله مُتوحشٌ، فالعبرة بالأصل.
هذا هو الصيد.
أحكام الصيد
طيب، هنا عقد المؤلف هذا الفصل للكلام عن أحكام الصيد، وقد ذكر الله تعالى ذلك في سورة المائدة في آيتين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة:95].
قال:
أقسام الصيد
قسَّم المؤلف الصيد إلى قسمين:
- الصيد الذي له مِثْلٌ من النَّعَم.
- والصيد الذي ليس له مِثْلٌ من النَّعَم.
ما معنى: النَّعَم؟
بهيمة الأنعام، النَّعم يعني: بهيمة الأنعام.
ما بهيمة الأنعام؟
هي ثمانية أزواجٍ: من الضأن اثنين، ومن المَعْز اثنين، ومن البقر اثنين، ومن الإبل اثنين.
يعني: الذكر والأنثى من هذه الأربعة الأزواج.
ثمانية أزواجٍ، الذكر والأنثى تُصبح ثمانيةً.
يعني: الضأن والمعز والبقر والإبل، هذه بهيمة الأنعام المذكورة في سورة الأنعام: ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ [الأنعام:143].
قلنا: الصيد الذي له مِثْلٌ. ما معنى: مِثْل؟
يعني: شبيهًا، يعني: يُشبهه، فمثلًا: النعامة ما الذي يُشبهها من الإبل أو البقر أو الغنم؟
يُشبهها في الخِلْقَة، قريبٌ منها.
نعم، البَدَنَة، الناقة، فالنعامة لها رقبةٌ طويلةٌ، وأيضًا الناقة لها رقبةٌ طويلةٌ، فهي أكثر ما يُشبهها من بهيمة الأنعام: الناقة، البدنة.
الصيد الذي له مِثْلٌ من النَّعَم
قال:
حمار الوحش يُشبه البقر، وفيه بقرةٌ.
حمار الوحش يُعتبر صيدًا، أما الحمار الأهلي فهذا مُحرمٌ أكله.
حمار الوحش قد كان موجودًا في الجزيرة العربية، ثم انقرض الآن.
ويُقال: إنه هو الحيوان المُخطط، لكن هناك مَن يعترض على هذا، يقول: ليس هو الحيوان المُخطط، فالمُخطط الذي نراه في الصور هذا حيوانٌ آخر، لكنه معروفٌ الآن في أفريقيا وفي غيرها: حمار الوحش، وهو صيدٌ طيبٌ، لكنه الآن انقرض عندنا في الجزيرة العربية، وقد يوجد في بعض حدائق الحيوان ونحو ذلك.
حمار الوحش فيه بقرةٌ.
هذا على القول باعتبار أن الضّبع صيدٌ، وهذه المسألة محل خلافٍ بين الفقهاء.
الضّبع من السِّباع، وله نابٌ يفترس به، واختلف العلماء: هل يُباح أكله أو لا يُباح؟
وجاء في ذلك حديث جابرٍ قال: سألتُ رسول الله عن الضّبع، قال: هو صيدٌ، ويُجْعَل فيه كبشٌ إذا صاده المُحْرِم [1]، لكن هذا الحديث في سنده مقالٌ.
وبعض أهل العلم ذهب إلى تحريم أكل الضبع، وأنه ليس بصيدٍ، قالوا: لأنه من السّباع التي لها نابٌ، وقد نهى النبي عن كل ذي نابٍ من السباع، بل إنه يُعتبر أشدّ السباع افتراسًا، وأكثر السباع أكلًا للجيف.
فالقول بتحريم أكله قولٌ قويٌّ، لكن على القول بأنه صيدٌ يقولون: مثله الكبش.
لأن الغزال يُشبه الشَّاة.
الجَدْي هو الذكر من ولد المعز له ستة أشهرٍ.
اليربوع يُسميه الناس: الجربوع، فالجربوع واليربوع بمعنًى واحدٍ، وهو صيدٌ، ويُقال: إن رجليه أطول من يديه، فهل أحدٌ منكم رأى اليربوع؟
طالب: …..
الشيخ: نعم، هل تصفه لنا يا أبا عثمان؟ خُذ اللَّاقط.
طالب: …..
الشيخ: تعرفونه جميعًا؟
الطلاب: …..
الشيخ: خلاص، ما دام معروفًا لا يحتاج إلى وصفٍ، رجلاه أطول من يديه، يُعتبر صيدًا.
قال:
الجَفْرَة: هي ما كان من ولد الماعز له أربعة أشهرٍ، وسُميتْ بذلك؛ لأنها جَفَرَتْ جَنْبَاها، يعني: عَظُمَتَا، يعني: ما كان من الماعز له أربعة أشهرٍ.
الأرنب يُعتبر صيدًا.
طيب، هل الأرنب حيوانٌ مُتوحشٌ أو مُستأنسٌ؟
هو مُستأنسٌ الآن، لكن هو مُتوحشٌ بأصل الخِلْقَة، فهو مثل الحمام، فيُعتبر صيدًا، وفيه عَنَاقٌ، والعَنَاق: ما كان من المعز أقلّ من أربعة أشهرٍ.
وسَّع المقصود بمصطلح “الحمام” قال:
وهو طائرٌ يُشبه الحمام.
أيضًا نوعٌ من الحمام.
ووجه الشَّبه بين الحمامة والشاة هو: أنها تُشبهها في عَبِّ الماء، فإذا رأيتَ حمامةً تشرب الماء فانظر للشاة وهي تشرب الماء تجد بينهما تشابُهًا، فهي تُشبهها في عَبِّ الماء.
هذه كلها قد قضى فيها الصحابة، والله تعالى يقول: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة:95]، وليس هناك أعدل من الصحابة، وقد حكموا في هذه التي ذكرها المؤلف بما ذُكِرَ، فهذه الأقضية أقضية الصحابة ، وهم أعدل الناس، والله يقول: يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ.
هذا الذي له مِثْلٌ، وقد يكون أوضحها وأكثرها في وقتنا الحاضر: الحمام، الحمام الذي يوجد عند الحرم، وهذا فيه شاةٌ.
الصيد الذي لا مِثْلَ له
مثَّل المؤلف بما لا مِثْلَ له، يعني: ليس له مِثْلٌ ولا شبيهٌ من بهيمة الأنعام.
هذه معروفةٌ لديكم، فالحَجَل معروفٌ، والحُبَارَى كذلك تعرفونها، والأُوَزّ كذلك موجودٌ ومعروفٌ.
الكُرْكِي نوعٌ شبيهٌ بالحَجَل.
جزاء الصيد
يعني: يُقَوِّم الصيد، كم قيمته في مكانه الذي حصل قتل الصيد فيه؟
وعلى هذا فجزاء الصيد على قسمين:
القسم الأول: أن يكون للصيد مِثْلٌ، فَيُخَيَّر بين ثلاثة أشياء:
- الأول: ذَبْح المِثْل -مثلًا: قتل حمامةً يذبح شاةً- وتفريق لحمه على فُقراء الحرم.
- ثانيًا: تقويم المِثْل بأن ينظر كم يُساوي المِثْل، ويُخْرِج ما يُقابل قيمته طعامًا يُوزَّع على المساكين، لكل مسكينٍ نصف صاعٍ.
فمثلًا: لو أنه قتل حمامةً ففيها شاةٌ، وقيمة الشاة -مثلًا- خمسمئة ريالٍ، فيشتري بخمسمئة ريالٍ طعامًا يُوزِّعه على فقراء الحرم. - ثالثًا: أن يصوم عن إطعام كل مسكينٍ يومًا، فهذا الطعام لو وُزِّع على المساكين، لكل مسكينٍ نصف صاعٍ، كم يكون عدد المساكين؟ فيصوم عن كل مسكينٍ يومًا.
كما قال الله تعالى: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ هذا المِثْل، يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ إذن قيمته طعام، أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا [المائدة:95].
فذكر الله تعالى الأمور الثلاثة: ذَبْح المِثْل، والطعام -يشتري بقيمته طعامًا- والصيام -يصوم يومًا عن إطعام كل مسكينٍ- هذا إذا كان له مِثْلٌ.
القسم الثاني: إذا لم يكن له مِثْلٌ كالجراد، فَيُخَيَّر بين أمرين:
- الأمر الأول: تقويم قيمة الصيد، ينظر كم قيمته في مكانه؟ ويشتري بقيمته طعامًا يُوزَّع على مساكين الحرم، لكل مسكينٍ نصف صاعٍ.
- ثانيًا: يصوم عن إطعام كل مسكينٍ يومًا.
وهذه التَّقديرات وردتْ فيها آثارٌ عن الصحابة ، وقد قال : يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ، والصحابة هم أعدل الناس.
أما ما لم يرد فيه حكمٌ عن الصحابة فيُختار اثنان من ذوي العدل والخبرة فيحكمان: هل هذا له مِثْلٌ أو ليس له مِثْلٌ؟ فإن كان له مِثْلٌ فَيُخَيَّر بين الأمور الثلاثة، وإن لم يكن له مِثْلٌ فَيُخَيَّر بين الأمرين الأخيرين.
هذا هو جزاء الصيد.
الحاشية السفلية
^1 | رواه أبو داود: 3801. |
---|