logo
الرئيسية/دروس علمية/شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب/(99) ‌‌فصل في مقادير ديات النفس- من قوله: “ومن جنى على حامل..”

(99) ‌‌فصل في مقادير ديات النفس- من قوله: “ومن جنى على حامل..”

مشاهدة من الموقع

ننتقل بعد ذلك إلى “دليل الطالب”، وكنا قد وصلنا إلى قول المؤلف رحمه الله:

دية الجنين

فصلٌ
ومَن جنى على حاملٍ فألقت جنينًا حرًّا مسلمًا، ذكرًا كان أو أنثى؛ فدِيَته غُرَّةٌ قيمتها عُشْر دِيَة أُمِّه.

دية الجنين: غُرَّةٌ، ومعنى “غُرَّةٍ”: أفادنا المؤلف بأنها عُشر دية أُمِّه.

قال:

وهي خَمسٌ من الإبل.

مَرَّ معنا في الدرس السابق: أن الدية مئةٌ من الإبل، وأن دية المرأة الحرة على النصف من دية الرجل، فكم تكون دية المرأة من الإبل؟ خمسين، عُشر الخمسين كم؟ يعني: خمسون تقسيم عشرة: خمسةٌ، هذا وجه كون الغُرَّة خمسًا من الإبل، عُشر دية أمه.

دية الجنين بالريالات

لو أردنا أن نقدِّرها الآن بالتقدير المعاصر بالريالات، قلنا: إن الدية قبل أشهرٍ رُفعت إلى ثلاثمئة ألفٍ في الدية المخفَّفة وقتل الخطأ، وفي الدية المغلَّظة وشبه العمد إلى أربعمئة ألفٍ، لو أردنا أن نحسبها الآن: دية الجنين كما تُساوي بالريالات؟ خمسة عشر ألفًا، كيف حسبنا خمسة عشر ألفًا؟ مئةٌ وخمسون على عشرةٍ؛ لأن دية المرأة مئةٌ وخمسون ألفًا، نحن قلنا: عُشر دية أُمِّه، مئةٌ وخمسون على عشرةٍ كم؟ خمسة عشر ألف ريالٍ.

وإن شئت أيضًا بمعادلةٍ أخرى، نحن حسبنا بهذه الطريقة، لها أيضًا معادلةٌ ثانيةٌ: مئةٌ من الإبل هذه هي الدية، قُدِّرت بثلاثمئة ألفٍ، يعني الواحدة من الإبل كم؟ ثلاثة آلافٍ، قلنا: خَمسٌ من الإبل، خمسٌ في ثلاثةٍ: بخمسة عشر ألف ريالٍ، فإذنْ دية الجنين: هي خمسة عشر ألف ريالٍ، بالتقدير المعاصر.

مداخلة: …..

الشيخ: الدية المغلظة: أربعمئة ألفٍ، طبعًا العمد الواجب فيه القصاص، إلا إذا عفا ولي الدية، فالدية المغلظة التي هي أربعمئة ألفٍ، فالدية المغلظة للعمد وشبه العمد، لكن العمد عند العفو على القصاص.

تعدد الدية بتعدد الأجنة

والغُرَّة: هي عبدٌ أو أَمَةٌ، وتتعدد الغُرَّة بتعدد الجنين.

يعني: لو كان هناك أكثر من جنينٍ، فيكون هناك أكثر من ديةٍ.

دية الجنين الرقيق

ودية الجنين الرقيق: عُشر قيمة أُمَّه.

إذا كان رقيقًا؛ فدية الرقيق قيمتها عندما يكون جنينًا: عُشر قيمة أمه.

دية الجنين المحكوم بكفره

ودية الجنين المحكوم بكفره: غُرَّةٌ قيمتها عُشر قيمة أُمه.

فإن كانت كتابيةً؛ فمعلومٌ أن دية الكتابي -كما مر معنا في الدرس السابق– كم دية الكافر الكتابي؟ على النصف من دية المسلم، ودية المجوسي ذكرنا أن فيها خلافًا، مَن يذكِّرنا بالخلاف؟ من يذكِّرنا بالأقوال؟ ذكرناها في الدرس السابق، ذكرنا فيها ثلاثة أقوالٍ:

قيل: إنه نصف الكتابي.

مداخلة: …..

الشيخ: إي نعم، المذهب أنها ثمانمئة درهمٍ، وهناك قول الحنفية بأن ديته كدية المسلم.

وهناك قول بأنها نصف دية المسلم كالكتابي، ورجحنا هذا القول، وقلنا: لا فرق بين المجوسي وغيره، يعني: المجوسي والكتابي، أيُّ كافرٍ القول الصحيح: أن ديته نصف دية المسلم، لكن المذهب أنها ثمانمئة درهمٍ.

دية الجنين المحكوم بكفره، نفترض أن هذا الجنين كتابيٌّ، أنه يعني من أهل الكتاب يهوديٌّ أو نصرانيٌّ، ويقول: عُشر قيمة أمه، فيُقاس إذنْ على جنين الحُرَّة، فلو قلنا مثلًا: إن هذا الجنين أبواه كتابيان، فالكتابية كم ديتها من الإبل؟ خمسةٌ وعشرون ألفًا، عُشرها: خمسةٌ وعشرون، تقسيم عشرةٍ: اثنان ونصفٌ، تُحسب بهذه الطريقة.

قال:

وإن ألقت الجنين حيًّا لوقتٍ يعيش لمثله، وهو نصف سنةٍ فصاعدًا؛ ففيه ما في الحي.

الكلام فيما سبق: إذا ألقت الحامل الجنين ميتًا؛ فدِيَته قلنا: خمسٌ من الإبل، خمسة عشر ألف ريالٍ، يعني: إنسان ضرب امرأةً وهي حاملٌ، فأسقطت جنينها ميتًا، ففيه الدية، ديته كم؟ خمسة عشر ألف ريالٍ، خمسٌ من الإبل.

حكم من ضرب امرأته فأسقطت جنينها

لو كان الزوج ضرب امرأته فأسقطت جنينها، أكثر ما تقع هذه المسائل بين الزوجين، فهل يكون فيها ديةٌ أو لا يكون؟

لماذا؟ ضربها ضربًا مبرحًا، والغالب أنه ما يكون إسقاطٌ إلا مع الضرب الشديد، الضرب الخفيف ما يكون معه إسقاطٌ، فلو افترضنا أنه ضربها ضربًا مبرحًا، فيه الدية أم لا؟

مداخلة: …..

الشيخ: يكون عليه الدية والكفارة إذا بلغ أربعة أشهرٍ فأكثر، وستأتينا هذه المسألة، فعليه الدية إذنْ.

الدية لمَن؟ لورثة هذا الجنين، مع استبعاد الأب؛ معنى ذلك: أنها تكون لأمه إذا ضربها، فتكون دية الجنين خمسة عشر ألفًا لأمه.

حكم الجنين إذا سقط بسبب دواءٍ صرفه الطبيب

لو افترضنا أن الإسقاط ليس بسبب الضرب، بسبب مثلًا أنها أُعطيت دواءً فتسبب في إسقاط الجنين، صرف لها طبيبٌ دواءً فتسبب في إسقاط هذا الجنين، فهل عليه ديةٌ؟

ننظر؛ إذا كان لم يتعد ولم يفرط، وهذا الدواء عادة يُصرف لهذه المرأة ولأمثالها، فليس عليه شيء. أما إذا كان مفرِّطًا، ومعلومٌ عند الأطباء كلهم أن هذا الدواء لا يُصرف للحامل، لكن هذا صرفه، فهنا عليه الدية، ويغرم بدية الجنين، يغرم خمسة عشر ألف ريالٍ.

بعض الأدوية لا تُصرف للمرأة الحامل، فهذا الطبيب إذا كان مثلًا جاهلًا ليس حاذقًا وصرف، لا يُترك أيضًا يتطبب في المسلمين، ويتطبب في الناس وهو جاهلٌ في الطب، فعليه الدية، وعليه أيضًا كفارة إذا نُفخت فيه الروح، وسيأتي الكلام عنه.

مداخلة: …..

الشيخ: تقدَّر بالقيمة، يُعطى قيمة الإبل كما نص عليها المؤلف.

حكم الجنين إذا سقط من الضرب حيًّا ثم مات

قال:

وإن ألقت الجنين حيًّا لوقتٍ يعيش لمثله: وهو نصف سنةٍ فصاعدًا، ففيه ما في الحي.

إذا نزل هذا الجنين حيًّا وعاش، ثم مات بعد ذلك بسبب هذا الضرب، يعني: هذا الرجل ضرب امرأةً، ونزل الجنين حيًّا، بقي يومين، ثلاثة أيامٍ، ثم مات، لكن عرفنا أن هذا الموت بسبب هذا الضرب، مثلًا كانت الضربة على رأسه فمات، فما الحكم؟ يقول المؤلف:

ففيه ما في الحي، فإن كان حُرًّا؛ ففيه ديةٌ كاملةٌ.

قال ابن المنذر: “أجمع كل من نحفظ عنهم من أهل العلم على أن في الجنين يسقط حيَّا من الضرب الدية كاملةً”، فإذنْ نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك.

قال:

وإن كان رقيقًا، فقيمته.

لأن قيمة العبد بمنزلة دية الحُرِّ.

وإن اختلفا في خروجه حيًّا أو ميتًا فقول الجاني.

إذا اختلفا في خروجه حيًّا أو ميتًا، ولم تكن هناك بيِّنةٌ ولا قرينةٌ، فالقول قول الجاني بيمينه؛ وذلك لأنه منكرٌ لما زاد عن الغُرَّة، والأصل براءة ذمته.

ما يجب في جنين الدابة

ويجب في جنين الدابة ما نقص من قيمة أمه.

يعني: لو كان الضرب الآن لدابةٍ؛ فأسقطت جنينها ميتًا فما الحكم؟

يقول المؤلف: يجب ما نقص من قيمة أمه، يعني: نُقيِّم هذه الدابة وهي حاملٌ، ونُقيِّمها بعد سقوط هذا الجنين، فيضمن النقص كما لو قطع جزءًا من أجزائها.

لأن الحديث ورد بهذا: ميتًا، ورد في حديث قصة المرأتين الهُذَليتين اللتين رمت إحداهما الأخرى بحجرٍ فقتلتها وما في بطنها، فقضى النبي بأن في الجنين غُرَّةً عبدًا أو أمةً [1].

وأيضًا جاء في “الصحيحين” أن امرأةً ضربت أخرى من بني لحيان فقتلتها وما في بطنها، فقضى النبي في الجنين بغُرَّةٍ، يعني: ورد في أكثر من حديثٍ؛ في قصة المرأتين الهُذَليتين، وفي قصة المرأة من بني لحيان، والحديثان في “الصحيحين”، فإذا سقط الجنين ميتًا فهذا بالنص، أما إذا سقط حيًّا فلعموم الأدلة، قتل نفسًا معصومةً فيترتب عليها الدية كاملةً.

ثم قال المؤلف رحمه الله:

دية الأعضاء

فصلٌ في دية الأعضاء

مراد المؤلف بدية الأعضاء، يعني: منافع الأعضاء التالفة بالجناية عليها.

ضوابط في دية الأعضاء

ذكر المؤلف في هذا ضوابط:

الضابط الأول:

من أتلف ما في الإنسان منه واحدٌ.

يعني: ما في الإنسان منه شيءٌ واحدٌ، فهذا فيه الدية كاملةً، فيه مئةٌ من الإبل، ومثَّل المؤلف لهذا الشيء الواحد بأمثلةٍ، قال:

دية الأنف واللسان والذكر

كالأنف واللسان والذَّكَر.

هذه ليس في الإنسان منها إلا شيءٌ واحدٌ، إنسانٌ قطع لسان آخر.

ففيه الدية كاملةً.

مئةٌ من الإبل.

ومن أتلف ما في الإنسان منه شيئان ففيه الدية، وفي أحدهما نصفُ نصفِ الدية.

هذا هو الضابط، ومثَّل المؤلف لهذا بأمثلةٍ لما في الإنسان منه شيئان.

دية اليدين والرجلين والعينين والأذنين والحاجبين والثديين والخُصيتين

قال:

كاليدين والرجلين والعينين والأذنين والحاجبين والثديين والخُصيتين.

فهذه في كل واحدةٍ منها نصف الدية، وفي الثنتين جميعًا الدية كاملةً.

ثالثًا: من أتلف ما في الإنسان منه ثلاثة أشياء، ففي كل واحدٍ ثلث الدية، وهذه لم يذكرها المؤلف، لكن ذكرها غيره.

دية المارن

ومثَّلوا لذلك بالمَنْخَرين والحاجز بينها، فيقولون: إن المارن يشتمل على ثلاثة أشياء: منخرين وحاجزٍ، ففي كل واحدٍ منها ثلث الدية.

رابعًا: وما في الإنسان منه أربعة أشياء ففي كل واحدٍ ربع الدية، ومثَّل المؤلف لهذا بالأجفان.

دية الأجفان

قال:

وفي الأجفان الأربعة الدية وفي أحدها ربعها.

الأجفان؛ في كل جَفنٍ ربع الدية، الإنسان فيه أربعة أجفان: جفن العين اليمنى الأعلى، وجفن العين اليمنى الأسفل، وجفن العين اليسرى الأعلى، وجفن العين اليسرى الأسفل، ففي الإنسان منها أربعة أشياء، ففي كل واحدٍ من الأجفان ربع الدية.

فإذنْ ننظر: كم في الإنسان من هذا العضو؟ إن كان ما يوجد إلا عضوٌ واحدٌ، شيءٌ واحدٌ؛ ديةٌ كاملةٌ، فيه اثنان؛ نصف الدية، ثلاثة؛ ثلث الدية، أربعة؛ ربع الدية.

دية الأصابع

وفي أصابع اليدين الدية، وفي أحدها عشرها.

يعني: إذا كان في الإنسان منه عشرةٌ؛ مثل الأصابع؛ ففيها كلها الدية كاملةً، في كل أصبعٍ عُشر الدية، يعني: كم من الإبل؟ عشرٌ من الإبل.

بالنسبة لدية الأصابع، ورد فيها حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن النبي قال: دية أصابع اليدين والرجلين عشرٌ من الإبل لكل أصبعٍ [2]، رواه الترمذي وصححه.

قال:

وفي الأَنمُلة إن كانت من إبهامٍ؛ نصف عُشر الدية، وإن كانت من غيره؛ فثلث عُشرها.

كم في الأصبع من أَنملةٍ؟

الأصل أن فيه ثلاثةً، إلا الإبهام ففيه اثنتان، في الأصابع -ما عدا الإبهام- في الأنملة الواحدة ثلث عُشر الدية؛ لأن الأصبع الواحد فيه عُشر الدية، فإذا قطع أُنملةً ففيها ثلث عُشر الدية، أما الإبهام فيه أُنملتان، فإذا قَطع أَنملةً من الإبهام؛ ففيها كم؟ نصف عشر الدية.

قال:

وكذا أصابع الرجلين.

يعني: مثل ما قلنا في أصابع اليدين.

دية الأسنان

وفي السِّن خَمسٌ من الإبل.

وهذا قد ورد في حديث عمرو بن حزمٍ الذي تلقَّته الأُمَّة بالقبول، جاء فيه: وفي السن خمسٌ من الإبل [3].

وفي إذهاب نفع عضوٍ من الأعضاء ديةٌ كاملةٌ.

نحن كلامنا فيما سبق في الإتلاف أو في القطع، لكن لو كانت الجناية أدَّت إلى تفويت المنفعة من غير قطعٍ، يعني: أدَّت مثلًا إلى شلل اليد شللًا كاملًا؛ ففيه ما ذكرنا من الديات؛ فاليد الواحدة نصف الدية، وفي اليدين الدية كاملةً، وذلك لصيرورته كالمعدوم كما لو قطعه.

دية المنافع

ثم قال المؤلف:

فصلٌ في دية المنافع
قال:
تجب الدية كاملةً في إذهاب.

يعني:

كلٍّ.

منفعةٍ.

من.

المنافع التي هي مؤثرةٌ وكبيرةٌ، ومثَّل لها المؤلف بأمثلةٍ، قال:

سمعٍ وبصرٍ وشمٍّ وذوقٍ وكلامٍ وعقلٍ.

يعني: في كلِّ واحدةٍ منها الدية كاملةً، فلو أنه ضربه ضربةً أدَّت إلى فقده سمعه وأصبح لا يسمع؛ ففيه ديةٌ كاملةٌ، مئةٌ من الإبل، أصبح لا يبصر؛ فيه الدية كاملةً، مئةٌ من الإبل، أصبح لا يشم؛ فيه الدية كاملةً، أصبح لا يذوق، غير قادرٍ على الذوق؛ الدية كاملةً، أصبح لا يتكلم؛ الدية كاملةً، إلا في الكلام، قالوا: إذا أصبح لا يتكلم بالكلية؛ ففيه ديةٌ كاملةٌ، إذا أدت الجناية إلى إذهاب بعض الحروف، وليس جميع الحروف؛ فبحسابه، فعدد حروف اللغة العربية كم؟ ثمانية وعشرون حرفًا، والدية في الكلام كله في الحروف كلها مئةٌ من الإبل، فكم تكون الدية على كل حرفٍ؟ نقسم مئةً على ثمانية وعشرين: ثلاثة وكسر، ثلاثة وفاصلة، ربما ثلاثة من عشرةٍ، فإذا كان لما ضربه -جنى عليه جنايةً- يتكلم إلا حرفًا واحدًا من الحروف، حرف مثلًا الراء، أو حرف السين، فنقول: بحسابه، إذا كانا حرفين فتكون بحدود سبعٍ من الإبل، ثلاثة حروفٍ..، المهم أنها تكون بحسب الحروف التي أصبح لا يتكلم بها.

فإذنْ في إذهاب بعض الكلام بحسابه.

وعقلٍ.

“عقلٍ” رُوي فيه حديثٌ في كتاب عمرو بن حزمٍ: وفي العقل الدية [4].

وحَدَبٍ.

يعني: لما ضربه؛ أصبح لا يستطيع أن يستقيم، أن ينتصب، فيقولون: فيه الدية كاملةً؛ لأن انتصاب القامة يُعتبر من الكمال والجمال، وبه يتميَّز الإنسان عن كثيرٍ من الحيوانات.

ومنفعة مشيٍ.

إذا أصبح لا يمشي بسبب هذه الجناية؛ ففيه الدية كاملةً.

ونكاحٍ.

أصبح غير قادرٍ على الوطء، ففيه الدية كاملةً.

وأكلٍ.

أصبح غير قادرٍ على الأكل، وإنما مثلًا لا يأكل إلا عن طريق أنفه، أو نحو ذلك؛ ففيه الدية كاملةً.

وصوتٍ.

الصوت غير الكلام، الصوت يعني: أتلف حباله الصوتية، فيه الدية كاملةً.

وبطشٍ.

أصبح ما عنده قوةٌ، هزيلًا، ففيه الدية كاملةً.

وإن أفزع إنسانًا أو ضربه فأحدث بغائطٍ أو بولٍ أو ريحٍ ولم يَدُمْ؛ فعليه ثلث الدية، وإن دام؛ فعليه الدية.

يعني: كاملةً، أفزع إنسانًا أو ضربه فأصبح لا يستمسك عنده البول أو الغائط أو الريح، لكن بصفةٍ مؤقتةٍ، لم يَدُم؛ فهذا يقول: فيه ثلث الدية؛ وذلك لقضاء عثمان ، فإن هذا حصل في عهد عثمان ، وقضى بذلك، قال الإمام أحمد:” لا أعرف شيئًا يدفعه”، وهذا مظنَّة الشهرة ولم يُنقل خلافه.

وأثر عثمان ذكره عبدالرزاق في “المصنف”، والألباني في إرواء الغليل قال: “لم أقف عليه”، لكنه عند عبدالرزاق في “المصنف”، والإمام أحمد احتج به، الإمام أحمد صاحب سنةٍ وأثرٍ، فاحتج به الإمام أحمد، وقال: “لا أعرف شيئًا يدفعه”، وهذا مظنَّة الشهرة ولم يُنقل خلافه.

أما إن دام، يعني: أصبح لا يستمسك عنده البول ولا الغائط بسبب هذه الجناية؛ فعليه الدية كاملةً؛ وذلك لأن كلًّا منها -يعني استمساك البول والغائط والريح- له منفعةٌ كبيرةٌ، ليس في البدن مثلها، فتكون كالسمع والبصر ونحو ذلك، ففيه الدية كاملةً.

قال:

وإن جنى عليه فأذهب سمعه وبصره وعقله وشمه وذوقه وكلامه ونكاحه؛ فعليه سبع دياتٍ.

مع أنه لو مات، عليه كم؟ ديةٌ واحدةٌ، لكن إذا أذهب هذه المنافع؛ فعليه سبع دياتٍ، وهذه قيل: إنها وقعت في عهد عمر ، في رجلٍ ضرب رجلًا فذهب سمعه وبصره ونكاحه وعقله، فقضى عمر بأربع دياتٍ، وذكره هذا الأثر..، أخرجه الإمام أحمد، ولا يُعرف لعمر مخالفٌ من الصحابة ؛ فكان كالإجماع، وهذا هو الذي عليه العمل الآن بالنسبة للأخطاء الطبية، أذكر أن قضيةً حصلت شبيهةً بهذه، فقضوا بأن على الطبيب المتسبِّب خمس دياتٍ، يعني: لما كانت الدية مئة ألفٍ، لكن الآن اضربها في كم إذا اعتبرناها خطأً؟ في ثلاثمئةٍ، تصبح مليونًا وكم؟ مليونًا وخمسمئةٍ؛ لأن هذا الطبيب فرَّط، وتسبَّب في ذهاب منافع من رجلٍ، فحُكم عليه بخمس دياتٍ.

فإذنْ كل منفعةٍ عنها ديةٌ كاملةٌ.

قال:

وأرش تلك الجناية.

يعني: إذا قلنا مثلًا: إن فيه دياتٍ بحسب تفويت المنافع؛ فهناك أيضًا عوضٌ آخر غير الديات: وهو أرش الجناية، وأرش الجناية أن يُقوَّم هذا المجني عليه قبل الجناية وبعدها، فيُلزَم أيضًا بدفع الأرش، ولا يدخل في الديات للتغاير.

وإن مات من الجناية؛ فعليه ديةٌ واحدةٌ.

كما ذكرنا قبل قليلٍ في النفس، ديةٌ واحدةٌ، بينما المنافع كل منفعةٍ فيها ديةٌ، وإنما فرقنا؛ لأجل الآثار عن الصحابة  في هذا.

ثم انتقل المؤلف للكلام عن ديات الشِّجَاج.

دية الشَّجة والجائفة

قال:

فصلٌ في دية الشجَّة والجائفة

“الشجَّة”: هي الجرح في الرأس والوجه خاصةً، الشجة عند العرب وفي الشرع أيضًا: هي الجرح في الرأس والوجه خاصةً، أما إن كان الجرح في غير الرأس والوجه؛ فإنها لا تسمى شجةً، وإنما تسمى جرحًا.

قال:

الشجة: اسم لجرح الرأس والوجه.

يعني: خاصةً، في بعض النسخ قال:

وهي خمسٌ:

وفي بعضها:

وهي عشر:

ما أدري نسخ “الدليل” التي عندكم، “خمسٌ”؟ عندك “عشرٌ”؛ إذنْ النسخ مختلفةٌ، في نسخة “منار السبيل”: “عشرٌ”، وفي النسخة التي حققها نضر الفريابي: “عشرٌ”، وفي بعض النسخ: “خمسٌ”.

مداخلة: ….

الشيخ: في بعض النسخ: “وهي عشرٌ”، نفس كلام “الدليل”.

على كل حالٍ الأمر سهلٌ، نشرحها كلها.

الشجاج المنقولة عن العرب

الشجاج المنقولة عن العرب عشرٌ:

  • الأولى: الحارصة، بالحاء والصاد: وهي التي تحرص الجلد، يعني: تشقُّه قليلًا ولا تُدميه، يعني: لا يسيل منه الدم، وتسمى “القاشرة” أيضًا.
  • الثانية: البازلة، وتُسمى الدامية: وهي التي تشق الجلد وتدميه، لكن الدم قليلٌ، فتسمى “البازلة”، و”الدامعة” تشبيهًا لها بخروج الدمع من العين.
  • والثالثة: الباضعة: وهي التي تبضع اللحم، يعني: تشق اللحم بعد الجلد.
  • والرابعة: المتلاحمة: وهي الغائصة في اللحم؛ ولذلك سميت “متلاحمةً”.
  • الخامسة: السِّمْحاق: وهي التي تصل إلى ما بين الجلد والعظم، فما بين الجلد والعظم قشرةٌ رقيقةٌ تُسمى السِّمحاق، فالجراحة إذا وصلت إلى هذه القشرة وأخذت في اللحم حتى وصلت إليها؛ تسمى “السُّمحاق”.

هذه الخمس: الحارصة والبازلة والباضعة والمتلاحمة والسِّمحاق، لا مقدَّر فيها من الإبل، وإنما فيها حكومةٌ، ومعنى حكومةٍ: أن يُقوَّم المجني عليه قبل الجناية كأنه عبدٌ وبعد الجناية، فيكون بقدر التفاوت بينهما.

والآن نظرًا لنُدرة الرقيق في الوقت الحاضر؛ يتعذَّر التقويم بالحكومة على ما ذكره الفقهاء؛ ولهذا فإنها تُقوَّم من أهل الخبرة بأقرب الجراحات التي ورد تقديرها في الشرع؛ لأن الآن لو قلنا: قوِّمْه حكومةً، يعني: أيُّ واحدٍ منا كيف يُقوِّمها على أنه عبدٌ قبل الجناية وبعد الجناية؟! أين العبيد الآن؟! لو أردنا أن نُطبِّقها من ناحيةٍ عمليةٍ فهل تقويمها سهلٌ؟ صعبٌ، أين العبيد؟ كيف يُقدَّر العبيد؟ ومَن الذي يعرف الآن تقدير العبيد؟ ولهذا بعض أهل العلم يقول: إنها تُقدَّر من قِبَل أهل الخبرة بأقرب الجراحات إليها، بأقرب الجراحات التي فيها تقديرٌ، فأقرب جراحةٍ مثلًا لهذه الخمس: الموضحة، التي هي خمسٌ من الإبل، ستأتي، يعني: يكون التقدير أقل من خمسٍ من الإبل، يمكن مثلًا إذا كانت سمحاقًا؛ أن تكون أربعًا، إذا كانت مثلًا متلاحمةً؛ ثلاثًا، إذا كانت باضعةً؛ ثنتين، إذا كانت حارصةً؛ واحدةً من الإبل، يمكن أن تكون بهذا التقدير؛ لأن -كما ذكرنا- الحكومة يصعب تقديرها في الوقت الحاضر مع انقطاع وانقراض الرق.

إذنْ هذه الخمس الأولى قلنا: لا مقدَّر فيها من الإبل، بل فيها حكومةٌ.

السادسة: المُوضِحة: التي تُوضِح العظم وتُبرزه.

فهي مأخوذةٌ من الوَضَح، والوضح هو البياض، يعني: تُبدي بياض العظم، ويظهر بياض العظم، ويقولون: إنه لا يُشترط أن يظهر لأي ناظرٍ، يعني: يعرفه أهل الخبرة ولو بقدْر إبرةٍ، هذه تسمى مُوضِحةً،  وهذه ورد التقدير فيها في كتاب عمرو بن حزمٍ: وفي الموضحة خَمسٌ من الإبل [5]، ففيها إذنْ خمسٌ من الإبل.

قال المؤلف:

وفيها نصف عُشر الدية.

يعني: خمسٌ من الإبل، نصف العُشر؛ لأن الدية مئةٌ من الإبل، خمسٌ يعني: نصف العُشر.

فإن كان بعضها في الرأس وبعضها في الوجه؛ فمُوضِحتان؛ لأن كل واحدةٍ تُعتبر مُوضحةً.

السابعة: الهاشمة:
الهاشمة هي:
التي تُوضِح العظم وتهشمه.

ومعنى تهشمه: تكسره، وهذه فيها عَشرٌ من الإبل، قال:

وفيها عشرة أبعرةٍ.

وذلك لأن هذا قد رُوي عن زيد بن ثابتٍ ولم يُعرف له مخالفٌ من الصحابة.

الثامنة: المنقِّلة: التي تُوضح وتهشم وتنقل العظم.

يعني: تُوضح العظم وتهشمه وتنقل العظم، هذه قال:

فيها خمسة عشر بعيرًا.

فالمنقِّلة فيها خمسة عشر، وهذه قد وردت في كتاب عمرو بن حزمٍ الذي كتبه النبي لأهل اليمن [6].

التاسعة: المأمومة: التي تصل إلى جلدة الدماغ.

وتسمى “الآمَّة”، وتسمى “أم الدماغ” فهذه:

فيها ثلث الدية.

أيضًا لكتاب عمرو بن حزمٍ: وفي المأمومة ثلث الدية [7].

العاشرة: الدامغة:

الدامغة بعض فقهاء الحنابلة لم يذكرها، وقالوا: إن الدامغة والمأمومة متساويتان فلا فرق، ففي كلٍّ منهما ثلث الدية.

وهذا هو المأثور: أن الدامغة والمأمومة دِيَتهما واحدةٌ، المؤلف اعتبر ديتهما واحدةً، فإذنْ فيهما ثلث الدية المأمومة والدامغة، والفرق بينهما يسيرٌ، لكن الدامغة أبلغ من المأمومة.

الحادية عشرة، وبعضهم يعتبرها العاشرة؛ لأننا إذا اعتبرنا الدامغة والمأمومة شجَّةً واحدةً، فتكون العاشرة، وهذا هو الذي فعله صاحب “الزاد”، اعتبَرَهما شيئًا واحدًا؛ لأن المعروف أن الشِّجَاج عند العرب عشرٌ، فعلى ترتيب المؤلف تصبح أحد عشر؛ لأنه ذكر بعدها الجائفة، لكن المعروف والمشهور أنها عشرٌ، فالأقرب هو ترتيب صاحب “الزاد”، نعتبر الدامغة والمأمومة شجةً واحدةً، فتكون العاشرة هي الجائفة.

الجائفة ذكرها قال:

دية الجائفة

فصلٌ
وفي الجائفة ثلث الدية: وهي كل ما يصل إلى الجوف.

هذا تعريف الجائفة:

كل ما يصل إلى الجوف؛ كبطنٍ وظهرٍ وصدرٍ وحلقٍ.

وهذه أيضًا قد وردت في كتاب عمرو بن حزمٍ، وفيه: وفي الجائفة ثلث الدية [8].

فكل ما وصل إذنْ إلى الجوف ففيه ثلث الدية، يعني: جَرَحَه ووصل الجرح إلى بطنه، فيه ثلث الدية، جَرَحَه ووصل إلى ظهره، جَرَحَه في صدره، في حلقه، يعني أحدث ثقبًا، هذا فيه ثلث الدية.

وإن جَرَح جانبًا فخرج من الآخر؛ فجائفتان.

قال ابن عبدالبر:” لا أعلم أنهم يختلفون في هذا”، ورُوي عن أبي بكرٍ أن رجلًا رمى رجلًا بسهمٍ فأنفذه، فقضى عليه بثلثي الدية [9].

لو أردنا أن نطبِّقها تطبيقًا معاصرًا: إنسانٌ أطلق النار على شخصٍ فأصابه في بطنه، واستقرت الرصاصة في البطن، استُخرجت الرصاصة بعمليةٍ، كم تكون الدية؟ نعتبرها ماذا أولًا؟ نعتبرها جائفةً، ففيها ثلث الدية، لو أن الرصاصة خرقت البطن وخرجت من الجهة الأخرى؟ جائفتين، فيها كم؟ ثلثا الدية، هذا تطبيقٌ معاصرٌ لما ذكر الفقهاء.

ومن وطئ زوجةً صغيرةً لا يُوطأ مثلها.

لاحِظ هذا القيد.

فخرق ما بين مخرج بولٍ ومنيٍّ، أو ما بين السبيلين؛ فعليه الدية.

“وطئ زوجةً صغيرةً” يعني: هي زوجته لكنها صغيرةٌ، عمرها مثلًا ست سنواتٍ، ولا يوطأ مثلها، لكن عقد عليها ووطئها فتسبب في خرق ما بين مخرج البول ومخرج المني، -المؤلف قال: “مخرج المني”- أو مخرج الحيض، فهنا عليه الدية، أو خَرَق ما بين مخرج السبيلين.

ما بين السبيلين؛ فعليه الدية إن لم يستمسك البول.

فإن استمسك؛ فعليه ثلثها، لماذا قلنا: إنه إذا استمسك عليه ثلثها؟ لأنها تصبح جائفةً، والجائفة فيها ثلث الدية، فإذا استمسك إذنْ تكون جائفةً، عليه ثلث الدية، وهي جائفةٌ، أما إن لم يستمسك؛ فعليه الدية كاملةً؛ وذلك لأن هذه منفعةٌ، فهي كسائر المنافع التي ليس في الإنسان منها إلا شيءٌ واحدٌ، فعدم استمساك البول إبطالٌ لنفع ذلك المحل؛ فتجب الدية كاملةً.

قال:

وإن كانت ممن يُوطأ مثلها لمثله.

يعني: يفترض أنها زوجةٌ كبيرةٌ، عمرها عشرون عامًا مثلًا، لكن حصل هذا أنه خرَقَ ما بين مخرج البول والمني، أو ما بين السبيلين، فهذا يُعتبر هدرًا إذا كانت كبيرةً، وهكذا لو أنه زنى بها.

قال:

أو أجنبيةً كبيرةً مطاوعةً ولا شبهة.

 يعني: لم يغتصبها، وإنما كانت مطاوعةً، فيُعتبر هذا هدرًا؛ وذلك لعدم الإكراه.

أما بالنسبة للزوجة لحصوله من فعلٍ مأذونٍ فيه، والأجنبية المطاوعة؛ لأن هذا حصل باختيارها؛ ولذلك تكون هذه الجناية هدرًا من جهة الدية، أما العقوبات الأخرى هذه لها مقامٌ آخر.

بهذا نكون قد انتهينا من الكلام عن الديات.

ما أدري، أريد أن آخذ رأيكم: هل نأخذ العاقلة وكفارة القتل الآن؟ أو نُرجئها للدرس القادم؟ رأي الأغلبية.

مداخلة: ….

الشيخ: عندنا العاقلة، وعندنا كفارة القتل، أو يكون رأيًا وسطًا، نأخذ العاقلة ونُرجئ كفارة القتل مع مقدمة الحدود، الحدود ذكر المؤلف لها مقدمةً، فلعلنا إذنْ نأخذ العاقلة الآن، ليس الكلام فيها طويلًا.

باب العاقلة

قال:

باب العاقلة
وهي ذكورُ عَصَبةِ الجاني نَسَبًا وولاءً.

العاقلة: هي العَصَبة، معناها في اللغة: العصبة، لغةً وشرعًا، وسُمي أقارب القاتل “عاقلةً”؛ لأنهم يعقلون عنه؛ وذلك لأن الإبل تُعقل بفناء أولياء المقتول؛ ولهذا تسمى الدية “عقلًا”.

فإذنْ العاقلة: هم العَصَبة، لكن قيَّدها المؤلف بالذكور: ذكور عَصَبة الجاني نَسَبًا وولاءً، وسيأتي من كلام المؤلف أنه لا يُشترط أن يكونوا ورثةً، لا يُشترط أن يكونوا كلهم وارثين، سيأتي هذا من كلام المؤلف.

وهذا من حكمة الشريعة: أن العاقلة تعقل عن القاتل قتل الخطأ وشبه العمد؛ وذلك لأن الدية كبيرةٌ، كم مقدار الدية؟ مئةٌ من الإبل، مبلغٌ كبيرٌ قديمًا وحديثًا، حديثًا الآن تقدَّر بثلاثمئة ألفٍ، مع أن التقدير هذا منتَقَدٌ أيضًا، يقال: إنه قليلٌ؛ لأنه أخذُ متوسطٍ، الواحدة من الإبل بكم؟ ثلاثة آلافٍ، يعني: بعضهم يقول: لا، المتوسط أكثر من ثلاثة آلافٍ، ربما جعلها خمسة آلافٍ، لكن نقول: على الأقل، الحد الأدنى، لكن ثلاثمئة ألفٍ مبلغٌ كبيرٌ أم يسيرٌ؟ كبيرٌ، الشخص العادي متوسط الحال ما يستطيع، فمن حكمة الشريعة أن أوجبت الدية على العاقلة؛ حتى يتساعدوا فيما بينهم لأجل دفع هذه الدية.

هل يدخل القاتل مع العاقلة في تحمل الدية؟

لكن هل يدخل القاتل مع العاقلة في تحمل الدية أو لا يدخل؟ القاتل نفسه، نفترض: أن إنسانًا تسبب عن طريق حادث سيارةٍ بوفاة أحدٍ، فحُكم عليه بالدية، وقلنا: الدية على العاقلة، لكن هو نفسه، الشخص القاتل الآن، يدخل معهم أو ما يدخل؟ المسألة محل خلافٍ بين العلماء:

المذهب عند الحنابلة: أنه لا يدخل، المذهب عند الحنابلة يقولون: لا يدخل، وهذا من المفردات.

وقالوا: الدليل لهذا: ما جاء في “الصحيحين” من قصة المرأتين الهُذَليتين اللتين رمت إحداهما الأخرى بحجرٍ، فقتلتها وما في بطنها، فقضى النبي بدية المرأة على عاقلتها [10]، قالوا: ولم يُنقل أنه حمَّل المرأة شيئًا.

والقول الثاني في المسألة، وهو قول الجمهور؛ الحنفية والمالكية والشافعية، وروايةٌ عند الحنابلة: أن القاتل يدخل مع العاقلة في تحمل الدية؛ قالوا: لأن العاقلة إنما تحمَّلت الدية من باب المناصرة والمعاونة، والأصل أنها على القاتل، لكن لما كانت الدية مبلغًا كبيرًا؛ ناسب أن يكون العَصَبة يتعاونون فيما بينهم على حملها، ولا يليق أن تحمل العاقلة الدية والقاتل قد يكون غنيًّا ولا يحمل شيئًا منها، قالوا: إن هذا لا يتفق مع الأصول والقواعد الشرعية، القاتل مثلًا قد يكون إنسانًا يملك الملايين، ومع ذلك لا نوجب عليه شيئًا، وعاقلته ربما يكونون فقراء هم الذين يدفعون الدية وهو ما يدفع شيئًا!هذه وجهة الجمهور.

والراجح -والله أعلم- هو قول الجمهور: وهو أن القاتل يدخل مع العاقلة في تحمل الدية؛ وذلك لقوة ما ذكروه من الدليل؛ فإن قواعد الشريعة وأصول الشريعة تقتضي تحميل القاتل؛ لأن الأصل أن الدية عليه، وإنما أوجبها الشارع على العاقلة من باب المواساة والتعاون والتناصر، ولا يليق أن نقول: إن الشريعة توجب الدية على العاقلة، وهذا الرجل ربما يكون غنيًّا وثريًّا ولا يتحمل شيئًا من الدية.

على أننا سنذكر أن من شروط تحمل العاقلةِ الديةَ: الغنى، فإذا كان فقيرًا أصلًا؛ ما يجب عليه شيءٌ، كيف نترك هذا القاتل الغني، وعاقلته ربما يكونون أقل منه غنًى هم الذين يتحملون الدية وهو بعيدٌ ما يتحمل شيئًا؟! فالقول الصحيح هو قول الجمهور: أن القاتل يدخل مع العاقلة في تحمل الدية.

أما قصة المرأتين الهذليتين فكيف نجيب عنها؟

من جهة الإسناد: لا إشكال في صحته، في “الصحيحين”، لكن من جهة الدلالة: نحن رجحنا الآن قول الجمهور، نحتاج لأن نجيب عن قصة المرأتين الهذليتين، الحنابلة يقولون: ما حمَّل النبي المرأة شيئًا، إنما حمَّل عاقلتها، فكيف نُجيب عنه؟ هو حمَّل العاقلة، هم يقولون: لماذا لم يحمل النبي المرأة؟

مداخلة: …..

الشيخ: نقول: إنها واقعة عينٍ يَرِد عليها الاحتمالات التي ذكرتموها كلكم، كلها واردةٌ، نقول: أما قصة المرأتين الهذليتين فهي واقعة عينٍ، فيحتمل أن النبي لم يُحمِّل المرأة الدية مع عاقلتها؛ لأنه لا مال لها، والغالب أن النساء في عهد النبي عليه الصلاة والسلام يغلب عليهن الفقر، وليس هناك وظائف في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، والمرأة يُنفق عليها زوجها ووليها، فالغالب أنها لا مال لها، ولذلك لم تُذكر؛ لأن هذا هو الغالب على حال النساء في عهد النبي عليه الصلاة والسلام، أنها إنما تقوم برجلٍ يُنفق عليها، فليس إذنْ هناك دلالةٌ، ويحتمل أيضًا أن المرأة اشتركت في دفع الدية ولم يُنقل، كل هذا واردٌ؛ فليس إذنْ هنا شيءٌ صريحٌ يدل على أن القاتل لا يدخل مع العاقلة في تحمل الدية.

لا تحمل العاقلة دية قتل العمد

قال:

ولا تحمل العاقلة عمدًا ولا عبدًا ولا إقرارًا، ولا ما دون ثلث دية ذكرٍ مسلمٍ، ولا قيمة متلَفٍ.

وهذا قد رُوي عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، فقد رُوي عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه قال: “لا تحمل العاقلة عمدًا ولا عبدًا ولا صلحًا ولا اعترافًا” [11]، هذا لفظ ابن عباسٍ، رُوي مرفوعًا ولا يصح، لكن الصحيح: أنه موقوفٌ على ابن عباسٍ رضي الله عنهما، رواه أحمد والبيهقي بسندٍ حسنٍ.

قال الموفق بن قدامة: “لا يعرف له مخالفٌ من الصحابة ؛ فكان كالإجماع”.

ما معنى هذا الكلام؟ “لا تحمل عمدًا” يعني: أن العاقلة لا تحمل دية القتل العمد، وهذا بالإجماع، بالإجماع أن العاقلة لا تحمل دية القتل العمد، إنما تحمل الخطأ وشبه العمد؛ ولهذا قال الموفق بن قدامة: “لا خلاف أن العاقلة لا تتحمل دية ما يجب فيه القصاص”.

من الذي يتحمل دية القتل العمد؟ القاتل.

“ولا عبدًا” يعني: لا تحمل العاقلة قيمة عبدٍ قتله الجاني، فإذا قَتل العبدَ؛ لم يجب على عاقلة القاتل دفع قيمته؛ وذلك لأنه مالٌ من الأموال، ولو حُمِّلت بدله؛ لحُمِّلت أيضًا بدل الحيوان والمتاع، ولا قائل بذلك.

“ولا إقرارًا” يعني: اعترافًا، فإذا ادعى إنسانٌ أنه قتل آخر بطريق الخطأ، وأراد من عاقلته أن تدفع الدية، فإن صدَّقته عاقلته؛ لزمها دفع الدية، لكن إن لم تُصدِّقه؛ لم يلزمها دفع الدية، فلو أن إنسانًا ادعى، قال: أنا والله في البلد الفلاني دهست رجلًا بسيارةٍ، وأريد منكم أن تساعدوني في دفع الدية، ولم يُصدِّقوه، هذا رجلٌ معروفٌ بالكذب؛ لا يلزمهم أن يدفعوا معه الدية، هذا هو المقصود.

فإذنْ لا يلزم العاقلة أن تدفع الدية إلا إذا صدَّقت القاتل أو وُجدت بيِّنةٌ، يكون مثلًا الحادث معروفًا ومشهورًا، وعليه شهودٌ، لكن أن يأتي ويدَّعي بأنه قد قَتَل ويريد العاقلة أن تدفع معه، لا يلزمهم إلا إذا صدَّقوه، وهذا أيضًا باتفاق أهل العلم.

وذكر ابن القيم: أن المدِّعي والمدَّعى عليه قد يتواطآن على الإقرار بجنايةٍ، ويشتركان فيما تحمله العاقلة، ويتصالحان على تغريم العاقلة، يعني: إنسانٌ يرى أنه فقيرٌ، وأن أقاربه أغنياء، فيتفق مع شخصٍ يدَّعي أنه قتل مثلًا ابنه، أو قتل قريبه، أو كذا؛ لأجل أن تدفع العاقلة الدية، ثم يتقاسمها مع صاحبه، فهنا نقول: إنه لا يلزم العاقلة دفع الدية إذا لم تُقِّر لهذا المدعي بالقتل، قال: “ولا ما دون ثلث دية ذكرٍ مسلمٍ”، ما دون الثلث أيضًا لا تحمله العاقلة، وهذا أشرنا له في درس سابق؛ لقضاء عمر في هذا: أن العاقلة لا تحمل شيئًا حتى يبلغ الثلث.

قال: “ولا قيمة متلَف”، كذلك قيمة المتلَفَات، قلنا: كالعبد، هذه كلها لا تحملها العاقلة، إذنْ ماذا تحمل؟

العاقلة تحمل دية قتل الخطأ وشبه العمد

قال:

وتحمل الخطأ وشبه العمد.

تحمل دية قتل الخطأ ودية القتل شبه العمد.

مؤجلًا في ثلاث سنين.
وابتداء حول القتل: من الزهوق، والجرح: من البُرء.

إذنْ تَحمل العاقلة الدية، وتُقَسَّط عليها الدية، تقسط في كم؟ في ثلاث سنين؛ لقول عمر وعليٍّ رضي الله عنهما، ولا يُعرف لهما مخالفٌ من الصحابة فكان كالإجماع، وحكى ابن رشدٍ الاتفاق على أن دية الخطأ مؤجلةٌ ثلاث سنين.

وهناك قول لبعض أهل العلم: أنها لا تؤجل إذا رأى الإمام المصلحة في ذلك، وإذا رأى المصلحة في التأجيل أجَّل، وهذا قول الإمام ابن تيمية رحمه الله؛ فمثلًا: إذا كان العاقلة أغنياء، فرأى القاضي أن يُلزمهم بها حالَّةً؛ فلا بأس، يعني: من مسائل الاجتهاد، أما إذا كانوا فقراء أو يغلب عليهم، يعني: لم يظهر عليهم الثراء؛ فتؤجل عليهم ثلاث سنين.

كيف تتحمل العاقلة الدية؟

قال:

ويُبدأ بالأقرب فالأقرب؛ كالإرث.

العاقلة الآن مجبرون على دفع دية قتل الخطأ وشبه العمد، كيف تتحمل العاقلة الدية؟

نبدأ بالأقرب فالأقرب، فيُبدأ بالآباء والأبناء، ثم الإخوة ثم بنيهم، ثم الأعمام ثم بنيهم، الأقرب فالأقرب، ويجتهد القاضي في تحميل كلٍّ منهم ما يسهل عليه بحسب وضعه المادي -دخله- فإن أبى، نفترض مثلًا أخو هذا القاتل أبى، قلنا: يا فلان، عليكم الدية، قال: أبدًا، أنا لن أدفع، رفض أحد هؤلاء العاقلة أن يدفع، وهذا يقع، خاصةً في زمننا الذي غلب فيه الشح على بعض الناس، وأصبح تعامل بعض الناس تعاملًا ماديًّا، فبعض الناس قد يمتنع، فما الحكم؟ يجبر ولو بالسجن، يُجبر؛ لأن هذا حقٌّ واجبٌ عليه، يعني: ليس تكرمًا منه، الآن ليس له فيه منةٌ، هذا حقٌّ واجبٌ عليه شرعًا، فيجبر عليه.

قال:

ولا يُعتبر أن يكونوا وارثين لمن يعقلون عنه، بل متى كانوا يرثون لولا الحجب؛ عقلوا.

يعني: لا يُشترط في العاقلة الإرث، سواءٌ كانوا وارثين أم غير وارثين؛ ولهذا قال: “متى كانوا يرثون لولا الحجب” يعني: لو كان ابن عم بعيدٍ فيدخل في العاقلة، وإن كان محجوبًا بأب القاتل، أو بإخوته، أو بأبناء العم الأقربين، فلا يشترط إذنْ الإرث في العاقلة.

شروط تحمُّل العاقلة الدية

قال:

ولا عقل على فقيرٍ.

هنا أشار المؤلف لما يُشترط:

الشروط فيمن يتحمل من العاقلة الدية:

الشرط الأول:

قال: “على فقيرٍ” يعني: الشرط الأول: أن يكون من يتحمل الدية من العاقلة غنيًّا، فإن كان فقيرًا؛ فلا يجب عليه تحمل شيءٍ من الدية.

ولكن ما المقصود هنا بالغنى والفقر؟ يعني: ما الضابط في هذا؟

يقول الفقهاء: إن غنى كل موضعٍ بحسبه؛ الغنى في باب الزكاة، غير الغنى في باب العاقلة، غير الغنى في زكاة الفطر، في كل موضعٍ بحسبه؛ فمثلًا: الغنى في باب الزكاة: هو أن يملك نصابًا ويحول عليه الحول، أما هنا فقد ذكر الفقهاء  أيضًا أن الضابط: هو أن يملك نصاب الزكاة عند حولان الحول فاضلًا عنه؛ فمثلًا: نصاب الأوراق النقدية الآن حدود كم ريالًا؟ تقريبًا الآن في حدود ألفي ريالٍ، إذا كان الشخص ليس عنده ألفي ريالٍ، ما يلزم بأن يتحمل شيئًا من الدية، لكن عنده أكثر من ألفي ريالٍ، يدخر أكثر من ألفي ريالٍ، فهذا يُلزَم.

إنسانٌ راتبه لا يدخر منه شيئًا، هل يُلزَم بتحمل شيءٍ من الدية؟ لا يُلزَم، إنسانٌ إذا كان عشرون من الشهر؛ ليس عنده شيءٌ من راتبه، ما يُلزَم، هذا يُعتبر فقيرًا، فقيرٌ بالمعنى العام، لكن إذا أردت فقيرًا ومسكينًا، فالفقير: من لا يجد شيئًا دون نصف الكفاية، والمسكين: ما يجد أكثر الكفاية، أو دون تمامها.

إذنْ لا بد أن يَدخر، يدخر ماذا؟ مقدار نصاب الزكاة فأكثر، يعني: يدخر مثلًا في وقتنا الحاضر ألفي ريالٍ فأكثر، عنده في رصيده مثلًا في البنك أكثر من ألفين، فهنا نُلزمه بأن يَدخل مع العاقلة في تحمل الدية، لكن لو ليس عنده شيءٌ، ليس عنده في رصيده شيءٌ، أو عنده مثلًا ألف ريالٍ، فهنا نقول: إنه يُعتبر فقيرًا، ولا يجب عليه تحمل الدية مع العاقلة.

هذا الشرط الأول، الشرط الأول: الغنى، وقلنا: غنى كل شيءٍ بحسبه.

الشرط الثاني:

قال:

وصبيٍّ ومجنونٍ.

يعني: أن يكون العاقل مكلفًا؛ بأن يكون بالغًا عاقلًا، فإن كان صغيرًا أو مجنونًا؛ فلا يُلزمان بدفع الدية؛ وذلك لأنهما ليسا من أهل النصرة، وقد نُقل الإجماع على ذلك.

الشرط الثالث:

قال:

وامرأةٍ.

الذكورية: فلا بد في العاقلة أن يكونوا ذكورًا، فإن كانت أنثى؛ فلا تدخل مع العاقلة في تحمل الدية، ونقل ابن المنذر الإجماع على ذلك.

ولو مُعتَقةً.

ولو كانت المرأة معتقةً.

فإذنْ أصبحت الشروط عندنا كم؟ ثلاثة شروطٍ.

وأضاف بعضهم شرطًا رابعًا: وهو أن يكون العاقل حُرًّا، فإن كان رقيقًا؛ فإنه لا يعقل.

وأيضًا أضافوا شرطًا خامسًا: وهو الاتفاق في الدِّين، فمع اختلاف دِين الجاني؛ لا يجب تحمل الدية؛ وذلك لفوات المعاضدة والمناصرة.

فأصبحت الشروط إذنْ خمسةً، نعدها مرةً أخرى:

  1. الغنى، وغنى كل شيءٍ بحسبه.
  2. والتكليف.
  3. والذكورية.
  4. والحرية.
  5. والاتفاق في الدِّين.

فإذا تحقَّقت هذه الشروط الخمسة؛ فيجب على ذلك الذي انطبقت عليه هذه الشروط أن يتحمل نصيبه من الدية.

إذا كان ليس له عاقلةٌ؟

حكم من لا عاقلة له، أو له وعجزت عن الدية

قال:

ومن لا عاقلة له، أو له وعجزت؛ فلا دية عليه.

إذا كان لا دية عليه، ما الحكم؟

وتكون في بيت المال.

وهذا هو المذهب عند الحنابلة: أن مَن لا عاقلة له، أو له عاقلةٌ وعجزت؛ فتسقط عنه الدية، وتكون الدية من بيت مال المسلمين.

والقول الثاني في المسألة: أن من لا عاقلة له، أو عجزت؛ فتؤخذ من الجاني، وتبقى في ذمته، إن عجز؛ تبقى في ذمته، وهذا القول هو روايةٌ عن الإمام أحمد، واختاره الإمام ابن تيمية رحمه الله، وهو الأقرب: أن من لا عاقلة له؛ يتحملها هو، أو مَن كان له عاقلةٌ وعجزت؛ فتبقى في ذمته هو يتحملها عند قدرته، وتُصبح دينًا في ذمته كسائر الديون، هذا هو الأقرب والله أعلم.

دية من مات ولم يُعلم قاتله

قال:

كدِيَة من مات في زحمةٍ؛ كجمعةٍ وطوافٍ.

المسلم لا يضيع دمه هدرًا، لا يضيع دم مسلمٍ هدرًا، فإذا وُجد إنسانٌ ولم يُعلم قاتله؛ فتُدفع ديته من بيت مال المسلمين، وُجد إنسانٌ قتيلًا، بحثنا عن القاتل، ما عرفنا مَن هو القاتل، يجب أن دفع ديته من بيت مال المسلمين وجوبًا، وهكذا لو قُتل في زحمةٍ كما ذكر، في زحمة مسجدٍ جامعٍ مثلًا، أو في الحرم، أو في الجمرات، في الطواف مثلًا، أو في السعي، أو في منًى، أو في مزدلفة، أو في عرفة، المهم أنه لم يُعرف قاتله، فيجب دفع ديته من بيت مال المسلمين؛ لأن دم المسلم لا يمكن أن يضيع هدرًا.

وأيضًا لِمَا جاء في “الصحيحين” في قصة القَسَامة، وفيها: أن النبي وَدَى الأنصاري الذي قُتل بخبير من بيت مال المسلمين، وداه بمئةٍ من الإبل [12]، فهذا دليلٌ على أن دم المسلم لا يمكن أن يضيع هدرًا، بل يُودَى إذا لم يُعرف قاتله، يُودَى من بيت مال المسلمين.

قال:

فإن تعذَّر الأخذ منه؛ سقطت.

يعني: إن لم يتيسر دفع الدية من بيت المال؛ تسقط الدية حينئذٍ.

هذه أبرز المسائل والأحكام المتعلقة بالعاقلة، نقف عند باب كفارة القتل.

ولعلنا نجيب، نبدأ بالأسئلة المكتوبة:

الأسئلة

السؤال: أحسن الله إليكم وبارك فيكم، هذا السائل يقول: هل جنين الكفار محكومٌ بكفره؟ وكيف نوفِّق بين ذلك وحديث: كل مولودٍ يولد على الفطرة؟

الجواب: نعم، إذا كان أبواه كافرين؛ فيُحكم بكفره في الدنيا؛ لقول النبي : فأبواه يُهوِّدانه، أو يُنصِّرانه، أو يُمجِّسانه [13]، وذلك في الدنيا، لا يُغسَّل، ولا يُكفَّن، ولا يُدفن في مقابر المسلمين.

وأما في الآخرة: فقد اختلف العلماء في أطفال الكفار، والأقرب والله أعلم: أنهم يُمتحنون يوم القيامة -كأهل الفترة- امتحانًا الله أعلم بحقيقته، أطفال المشركين يُمتحنون يوم القيامة، وكذلك مَن لم تبلغه دعوة الإسلام؛ كأهل الفترة؛ مثلًا: إنسانٌ عمره ما سمع بالإسلام، هذا موجودٌ الآن؛ بسبب تقصير المسلمين في إبلاغ رسالة الإسلام، وُجد الآن أعدادٌ كبيرةٌ لم تبلغهم رسالة الإسلام، فهؤلاء حكمهم حكم أهل الفترة، والله تعالى يقول: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15]، يُمتحنون يوم القيامة امتحانًا الله أعلم بحقيقته.

مداخلة: …..

الشيخ: هذا قيل: إنه كان صبيًّا بالغًا، وهذا أحد الأجوبة، وأيضًا جوابٌ آخر، قيل: إنه قد يكون مصيره إلى النار لو أنه لم يتجاوز الامتحان الذي يكون لأهل الفترة، وقيل غير ذلك، والله أعلم، لكن من القواعد المحكمة المقررة المجمع عليها: أن أحدًا لا يعذب حتى تبلغه رسالة الإسلام: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15]، وأطفال المشركين محل خلافٍ كثيرٍ بين أهل العلم، أما أطفال المسلمين: ففي الجنة بالإجماع، أطفال المسلمين في الجنة بإجماع العلماء.

السؤال: أحسن الله إليك فضيلة الشيخ، هذا السائل يقول: لو اعتدى رجلٌ على آخر، فأُصيب المجني عليه بحالةٍ نفسيةٍ، فهل يضمن الجاني ذلك؟

الجواب: هذا يُسمى “الضرر المعنوي”، الضرر المعنوي عند الغرب يُبالغون فيه مبالغةً كبيرةً، ويضعون عليه مبالغ كبيرةً، أما الذي عليه العمل في المحاكم عندنا أنه لا يُعتبر، لا بد أن يكون الضرر ماديًّا، أما الضرر المعنوي لا يعتبر قضاءً، لكن فيما بينه وبين الله لا شك أنه آثمٌ، ولا بد أن يتحلَّل منه ديانةً، هو غير معذورٍ، أما قضاءً فالذي عليه العمل: أن الضرر الذي يُحكم فيه بالتعويض هو الضرر المادي دون المعنوي.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقول: ما الحكم لو أفزع إنسانٌ آخر، فهل يعزر الجاني لأجل الترويع فقط؟

الجواب: نعم، إذا روعه وتسبب في ضررٍ عليه، ورفع فيه شكايةً، يعزر تعزيرًا يناسبه.

السؤال: أحسن الله إليك فضيلة الشيخ، هذا السائل يقول: ما معنى: القتل قصاصًا وحدًّا وتعزيرًا؟ وما كفارة القتل العمد؟

الجواب: هذا سبق أن ذكرناه، ربما الأخ ما حضر الدروس السابقة، ذكرنا الفرق بين القصاص والحد: القصاص عندما يَقتل إنسانٌ آخر، إذا كان قصاصًا في النفس، فقلنا: يتعلق به ثلاثة حقوقٍ:

  1. حق الله تعالى ويسقط بالتوبة.
  2. وحق المقتول وهذا يبقى لصاحبه يوم القيامة.
  3. وحق أولياء الدم، مخيَّرون بين ثلاثة أشياء:
  • إما أن يطلبوا القصاص، يعني: القتل، القود.
  • أو الدية.
  • أو العفو مجانًا.

وأما الحد: فسيأتي -إن شاء الله- في الدروس القادمة الحدود وأنواعها، وأنها خمسة حدودٍ، عند الجمهور أنها خمسةٌ: حد الزنا، وحد القذف، وحد السرقة، وحد شرب المسكر، وحد الحرابة، خمسة حدودٍ.

وأما التعزير: فهو في كل جنايةٍ ليس فيها حدٌّ ولا قصاصٌ، وهذه كثيرةٌ، يعني: أكثر العقوبات الآن في المحاكم تعزيريةٌ، وسيأتي أيضًا الكلام عن التعزير.

السؤال: أحسن الله إليك فضيلة الشيخ، هذا السائل يقول: هل للعضو الزائد ديةٌ؟

الجواب: نعم، العضو الزائد فيه ديةٌ، لكن ديةٌ غير مقدَّرةٍ.

السؤال: أحسن الله إليكم، هذا السائل يقول: متى تستقر الدية على الجاني، فإنه لو أذهب من منافعه ثم مات، فهل يكون عليه ديةٌ؟

الجواب: إذا جنى عليه وتسبَّب في تفويت المنفعة على وجهٍ لا تعود معه غالبًا عند أهل الخبرة -في وقتنا الحاضر الأطباء هم أهل الخبرة- فتستقر الدية، إذا قال الأطباء: إن هذا لا يُرجى أن يعود، فتستقر الدية حينئذٍ، فالمرجع في ذلك إذنْ هو رأي الأطباء.

السؤال: أحسن الله إليكم، هذا سائلٌ يقول: هل يصح ما رُوي عن زيد بن ثابتٍ في تقدير المتلاحمة بثلاثةٍ من الإبل؟

الجواب: هذا أثرٌ مرويٌّ وهو مشهورٌ يتناقله الفقهاء، أما تحقيقه من جهة الرواية فلم أُحرِّر هذه المسألة، لكن كثيرًا من الآثار المروية في الجنايات تشتهر، ويكون عليها عمل كثيرٍ من أهل العلم، فقد  يُكتفى أحيانًا باحتجاج بعض الأئمة الكبار مثل الإمام أحمد، والخلاف في الجنايات قليلٌ، يا إخوة، الخلاف في الجنايات والديات قليلٌ، وما يوجد من الخلافات أحيانًا تكون خلافاتٍ ضعيفةً؛ مثلًا: العبادات، الخلاف فيها كثيرٌ، وأحيانًا يكون الخلاف قويًّا في كثيرٍ منها، أما الجنايات والديات: فالخلافات فيها  قليلةٌ، ومبناها غالبًا يكون على آثارٍ مرويةٍ عن الصحابة .

السؤال: أحسن الله إليكم، هذا السائل يقول: نويت أن أصلي ركعة الوتر، لكني نسيت وزدت ركعةً أخرى، فجعلتها راتبةً للعشاء، فهل تصح أن تكون راتبةً؟

الجواب: هو الآن نوى أن يصليها وترًا واحدةً، ثم قلب النية إلى كونها سنةً راتبةً، نواها راتبة العشاء، يعني: أراد الانتقال من نفلٍ معينٍ إلى نفلٍ معينٍ، هل يصح؟ تحتاج مزيد تأملٍ، لعلنا نتأمل فيها أكثر إن شاء الله تعالى.

السؤال: أحسن الله إليك فضيلة الشيخ، هذا السائل يقول: ما حكم توبة مَن سب الله تعالى أو رسوله بعد القبض عليه؟

الجواب: أما من سب الله تعالى فتقبل توبته بنص الآية، فإن الله تعالى ذكر قول من تنقَّص الله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ [المائدة:73]، ثم قال بعد ذلك: أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ [المائدة:74]؛ فدل ذلك على: أنه تقبل توبة من سب الله تعالى.

أما من سب الرسول : فهي محل خلافٍ بين العلماء على قولين:

  • القول الأول: أنها لا تقبل، وهذا مشهورٌ عن الإمام ابن تيمية رحمه الله، يقول: تقبل توبة من سب الله تعالى، ولا تقبل توبة من سب رسول الله ؛ لأننا لا نعلم عن النبي هل أسقط حقه أم لا؟
  • والقول الثاني، وهو قول الجمهور: أنه إذا قُبلت توبة من سب الله تعالى؛ فقبول توبة من سب الرسول عليه الصلاة والسلام من باب أولى؛ لأن حق الله تعالى أعظم، وهذا هو الأقرب والله أعلم، أنها تقبل، وأنه لا أحد يحول بينه وبين التوبة، لكن هذا من جهة التنظير، أما قضاءً: للحاكم إذا رأى تساهل الناس في السب أن يأخذ بالقول الآخر، وهو عدم قبول التوبة، إذا رأى تساهل الناس في هذا، وأراد الردع والزجر لغيره.

فالمسألة محل اجتهادٍ ونظرٍ، لكن يظهر -والله أعلم- من حيث الدليل: أن التوبة تُقبل مطلقًا مع التعزير، لا شك مع التعزير، لكن كلامنا هل يقتل؟ الكلام في البحث الذي ذكرته: هل يقتل؟ يجب قتله أو لا يجب؟ يعني: إذا قلنا: تُقبل؛ ما يجب قتله.

السؤال: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ، هذا سائلٌ يقول: أعطاني أحد التجار زكاة أمواله وقال: وزِّعها على أهلها، فقلت له: إني أطلب أحد الأشخاص دينًا منذ سنين، فهل أقضي دينه من هذه الزكاة، قال: افعل بالمبلغ ما شئت، فهل يجوز لي خصم هذا الدين من مبلغ الزكاة، علمًا بأن هذا المديون لديه منزلٌ ملكٌ، ويملك سبعين رأسًا من المال، لكنه لا يُحسن التصرف في أمواله، وديونه كثيرةٌ، وأنا يائسٌ من سداد دينه؟

الجواب: ليس لك ذلك؛ لأن خصم الزكاة من الدين باتفاق العلماء لا يصح، إنسانٌ يطلب آخر دينًا، وهذا المدين فقيرٌ، يقول: أعتبرها زكاةً وأخصمها من الدين، هذا لا يصح باتفاق العلماء، نُقل الإجماع على ذلك.

مَن يستنبط لنا الحكمة؟ لماذا جميع العلماء متفقون على أنه لا يصح اعتبار الدين من الزكاة؟ خصم الدين من الزكاة، لماذا؟ الحكمة؟

لو قال: أنا أطلب فلانًا عشرة آلاف ريالٍ، وعليه زكاةٌ عشرة آلاف ريالٍ، وفلانٌ فقيرٌ، إذنْ أُسقط عنه الدين مقابل الزكاة، فيها مقصدٌ شرعيٌّ عظيمٌ.

مداخلة: …..

الشيخ: هو يقول الآن: أعطيها للفقير، لكن بطريقةٍ غير مباشرةٍ.

مداخلة: …..

الشيخ: هو يقول: فلانٌ أطلبه عشرة آلاف ريالٍ، فبدل أن أعطيه عشرة آلاف ريالٍ ويعطينيها مرةً أخرى، أخصمها عليه مباشرةً.

العلماء بالإجماع يقولون: لا يصح هذا، لكن نريد أن نعرف مقصود الشريعة: لماذا لا يصح؟

مداخلة: …..

الشيخ: هناك ملمحٌ ومقصدٌ عظيمٌ، يقولون: إن الدَّين على الفقير يعتبر من رديء المال، انتبه لهذا المعنى! من الرديء، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ [البقرة:267]، فكأنه الآن يُنفق الآن من رديء المال؛ لأن الدين على الفقير قد يسدَّد وقد لا يسدد، والغالب في الفقير: أنه لا يسدِّد، فكأنه أراد أن يُخرج الزكاة من رديء ماله، والله تعالى قال: وَلَا تَيَمَّمُوا يعني: لا تقصدوا الْخَبِيثَ يعني: الرديء مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ [البقرة:267]، فلا يجوز أن يقصد إخراج الرديء من المال في الزكاة، فالدين يُعتبر من رديء المال، ولهذا لا يجوز خصم الدين واعتباره من الزكاة باتفاق العلماء، فنقول للأخ إذنْ بالنسبة لهذا الشخص: ليس لك أن تخصم عليه الدين وتعتبره من الزكاة، ثم أيضًا هذا الرجل يملك ستين رأسًا، ويملك بيتًا، هذا ليس فقيرًا، هذا لا يُعطَى من الزكاة، إذا كان يملك ستين رأسًا هذا غنيٌّ، بكم الرأس؟ ما ذكر هو رأسٌ من الإبل، في الغالب أنه يقصد من الإبل، لكن هذا من الأغنياء، كونه لا يُحسن تدبير المال، ليس معنى ذلك: أننا نجعله يزاحم الفقراء والمساكين وليس فقيرًا.

السؤال: أحسن الله إليك فضيلة الشيخ، هذا السائل يقول: تسلَّفت من رجلٍ مالًا، وهذا الرجل يطلبه رجلٌ آخر مالًا، فجاءني من يطلب ممن تسلَّفت منه، وقال: أعطني المال الذي تسلَّفته منه، فهل يجوز لي أن أُعطيه المال؟

الجواب: إذا رضي هذا صاحبه؛ تكون حوالةً، يعني: هو تسلَّف من رجلٍ مالًا، وهذا يطلب هذا دينًا، فقال: أعطني بدل أن تعطي فلانًا وفلانٌ يُعطيني، أعطني أنت مباشرةً، ليس له ذلك إلا بإذن صاحبه.

السؤال الأخير: أحسن الله إليكم، يقول: امرأةٌ اشترت بيتًا عليه قرضٌ من الصندوق العقاري، وسجلته باسم أمها؛ لأن أمها أرملةٌ، والنظام لا يسمح بالقرض إلا لأرملةٍ، والآن تريد أن ترفع بطلب إعفاء لأمها حسبما نص عليه النظام؛ لأن أمها أرملةٌ، فهل يجوز ذلك؟ أو يعتبر حيلةً لإسقاط الدين؟

الجواب: يعني أمها متوفاةٌ؟

السائل: أمها أرملةٌ.

الشيخ: هل يسقط الدين عن الأرامل؟ عن المتوفاة؟ ربما تقصد المتوفاة.

مداخلة: …..

الشيخ: عن الأرامل أيضًا؟

مداخلة: …..

الشيخ: إذا كانت هي القائمة على أمها؛ فيظهر أن الأمر فيه سعةٌ إن شاء الله؛ لأن هذا يُصرف من بيت مال المسلمين للمحتاجين، فإذا كانت هي القائمة على أمها وتساعدها، وجعلت البيت باسمها؛ فالذي يظهر: أن هذا لا يُشدَّد فيه؛ لأن أيضًا من مصارف بيت المال: الفقراء والمساكين، بيت المال من يملكه؟ بيت مال المسلمين من يملكه؟ المسلمون، المسلمون هم الذين يملكونه، ووليُّ الأمر أمينٌ عليه فقط، مؤتمنٌ، وبيت المال له مصارف شرعيةٌ، من أبرزها: الفقراء والمساكين، فإذا كانت هذه المرأة فقيرةً، أو أنها تقوم على أمها، فالذي يظهر: أن مثل هذه الأمور لا يشدد فيها؛ لأنها صادفت مصرفًا من مصارف بيت مال المسلمين.

نُتيح فرصةً الآن للأسئلة الشفهية:

السؤال: …..؟

الجواب: نعم، من وقع مثلًا في معصيةٍ، فالأصل أنه يستتر بستر الله ، هذا هو الأصل؛ لهذا ماعزٌ لما ذهب إلى أبي بكرٍ  أمره أن يستتر ولا يُبلِّغ، وكذلك لما ذهب إلى عمر أمره أن يستتر، والنبي عليه الصلاة والسلام أيضًا أعرض عنه؛ حتى يستتر بستر الله تعالى، فيعني: إذا كان يريد أن يفعل كما فعل ماعزٌ ، وكما فعلت المرأة أيضًا؛ فهذا لا شك أنه أعظم في التوبة، كونه يُطهَّر في الدنيا أعظم؛ لأن ماعزًا والغامدية رضي الله عنهما أصرَّا على إقامة الحد عليهما، لكن أيضًا هذا لا يجب، فلو أنه أنكر الحد واستتر بستر الله ​​​​​​​ وتاب فيما بينه وبين الله؛ فله ذلك أيضًا.

مداخلة: …..

الشيخ: حتى لو كان مقبوضًا عليه، ومن تاب؛ تاب الله عليه، إذا لم يثبت عليه بطريقٍ آخر، من تاب؛ تاب الله عليه، على أنني أرى أن من أقر بحدٍّ؛ فلا يُقبل منه الرجوع عن ذلك الحد، هذا قول المالكية، إلا إذا كان ثمَّ شبهةٌ، أنه مثلًا مكرهٌ أو نحو ذلك، أو انتُزع منه الإقرار، هذا قول المالكية، واختيار الإمام ابن تيمية، واختيار الشيخ بن عثيمين.

والحقيقة أن الأخذ بقول الجمهور -وهو الرجوع عن الإقرار، خاصةً في وقتنا الحاضر- أدى إلى تعطيل كثيرٍ من الحدود الآن، يعني مثلًا: لا نسمع بإقامة حد السرقة؛ بسبب أن السارق يُقبض عليه ويعترف، ثم إذا أتى عند القاضي أنكر، وبالتالي لا تُقطع يده، والسارق عندما يسرق لم يسرق والشهود يرونه، ليس عندنا وسيلةٌ إلا الإقرار، والقرائن كلها تدل على أنه سارقٌ، ويعترف أول ما يُقبض عليه، ثم عند القاضي يُنكِر، الذي أرى: أنه لا يُقبل رجوعه في هذه الحال.

مداخلة: …..

الشيخ: في الحدود ما يُطلب يمينٌ ولا تحليفٌ، يأتي بعبارةٍ إذا كان تاب فيما بينه وبين الله، المهم أن يتوب فيما بينه وبين الله تعالى توبةً صادقةً.

السؤال: …..؟

الجواب: نعم، نحن قلنا: إن الجنين مطلقًا فيه غُرَّةٌ عبدٌ أو أَمَةٌ، بغض النظر عن كونه أربعة أشهرٍ أو أقل أو أكثر، الذي يأتي فيه التفصيل أربعة أشهرٍ أو أقل أكثر: هذا في الكفارة، في الدرس القادم إن شاء الله، أما الدية مطلقًا، حتى لو كان يومًا واحدًا، ما دام ثبت أنه حملٌ؛ ففيه غُرَّةٌ، لكن الحمل يقولون: لا يتبين الحمل على وجهٍ يقينيٍّ إلا بعد مرور ثمانين يومًا، قبل ثمانين يومًا لا زال نطفةً، أو علقةً، فالمهم إذا قطعنا بأنه حملٌ، وتسبَّب في إسقاطه؛ فعليه غُرَّةٌ، التي هي خمسٌ من الإبل، يعني: خمسة عشر ألف ريالٍ، هذه ديته.

مداخلة: …..

الشيخ: يقولون: نصف عشر دية أُمه؛ لأنه تقدَّر الغُرَّة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام بخمسٍ من الإبل، هكذا يقولون: إنها تُقدر هذا التقدير.

نكتفي بهذا القدر، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 5758، ومسلم: 1681.
^2 رواه أبو داود: 4561، والترمذي: 1391.
^3, ^5 رواه النسائي: 4857.
^4 رواه البيهقي: 16305، من حديث معاذ بن جبل .
^6 رواه النسائي: 4853.
^7, ^8 رواه النسائي: 4856.
^9 رواه البيهقي: 16218.
^10 رواه البخاري: 6910، ومسلم: 1681.
^11 رواه مالك في الموطأ بروية محمد بن الحسن، والبيهقي: 16442.
^12 رواه البخاري: 6898، ومسلم: 1669.
^13 رواه البخاري: 1358، ومسلم: 2658.
zh