ننتقل بعد ذلك إلى درس الفقه، وكنا قد وصلنا إلى: (باب الشروط في النكاح)، وهذا الباب من أهم الأبواب في الحقيقة، والتي يُحتاج لها في الحياة العملية، وتكثر فيه الأسئلة والاستفتاءات.
باب الشروط في النكاح
قال المؤلف رحمه الله:
المراد بالشروط في النكاح: هي ما يشترطه أحد الزوجين على الآخر؛ مما له فيه غرض.
فإذن؛ الشروط إما أن تكون من الزوج أو من الزوجة، ليس بالضرورة أن تكون الزوجة هي التي تشترط، قد يكون الزوج هو الذي يشترط على الزوجة، لكن جرت عادةُ أكثر الناس أنَّ الزوجةَ أو وليَّها هو الذي يشترط، لكن لو أراد الزوج أنه هو الذي يشترط، فلا مانع.
فإذن؛ الشروط إما من الزوج أو من الزوجة؛ لأن هذا عقدٌ، ومَرَّ معنا شروط النكاح، وهنا: الشروط في النكاح.
فنُريد أن نُفرِّق بين شروط النكاح؛ الشروط الأربعة التي تكلمنا عنها في درس سابق، ونُريد أن نستذكرها مرة أخرى، ما هي شروط النكاح أولًا؟ شروط صحة النكاح التي مرَّت معنا فنراجعها مراجعة سريعة؟
- أولًا: تعيين الزوجين.
- ثانيًا: الشهود أو الإعلان على القول الراجح، إما الشهود أو الإعلان، رجحنا هذا القول.
- والثالث: الولي.
- والرابع: الرضا.
إذن؛ هذه الشروط الأربعة: تعيين الزوجين، رضاهما، الشهادة أو الإعلان على القول الراجح، والولي. هذه الشروط الأربعة.
عندنا الآن: الشروط في النكاح، فنُريد أن نُفرِّق بين: شروط النكاح، والشروط في النكاح. هذه لها نظائر مرَّت معنا لها، نظائر في أبواب سابقة، فمن يذكر لنا نظائر هذا؟
مداخلة: …..
الشيخ: نعم، أحسنت. شروط البيع، والشروط في البيع.
أيضًا لها نظائر مرَّت معنا في المعاملات كذلك، في آخر المعاملات.
مداخلة: …..
الشيخ: نعم، أحسنت. شروط الوقف، والشروط في الوقف. هذه كلها بابها واحد.
الفرق بين شروط النكاح، والشروط في النكاح
فإذن؛ نُفرِّق بين أن نقول: الفرق بين شروط النكاح، والشروط في النكاح.
أولًا: شروط النكاح مِن وَضْع الشارع، بينما الشروط في النكاح مِن وضع العاقد، يعني: الزوج أو الزوجة أو الولي، بينما الشروط في النكاح من وضع العاقد.
ثانيًا: شروط النكاح تتوقف عليها صحة النكاح، بينما الشروط في النكاح لا تتوقف عليها صحة النكاح، وإنما يتوقف عليها لزومه، فلمن لم يُحقَّق له الشرط الفسخُ، فلمن لم يُوفَّ له بالشرط الفسخ.
ثالثًا: شروط النكاح لا يمكن إسقاطها، بينما الشروط في النكاح يمكن إسقاطها ممن هي له.
رابعًا: شروط النكاح كلها صحيحة ومعتَبرة، بينما الشروط في النكاح منها ما هو صحيح ومنها ما هو فاسد، على ما يأتي.
إذن؛ الفروق هذه: أولًا قلنا: إن شروط النكاح من وضع الشارع؛ مثل: الولي، هذا مَن الذي وضعه؟ لا نِكاح إلا بِوَلِيٍّ[1] مِن وَضْع الشارع.
الشروط في النكاح مِن وضع العاقدين؛ كأن -مثلًا- تشترط أن تسكن في بيتٍ وحدها، ونحو ذلك.
وكذلك أيضًا شروط النكاح يتوقف عليها صحة النكاح، لو كان النكاح بلا ولي، أو مثلًا بلا شهود ولا إعلان؛ لا يصح. بينما الشروط في النكاح لا يتوقف عليها صحة النكاح؛ يعني: لو أن أحدًا تزوج بدون شروط فالعقد صحيح.
وكذلك أيضًا شروط النكاح لا يمكن إسقاطها؛ فلو اتفق الزوجان على إسقاط -مثلًا- شرط الولي، فإن هذا لا يصح، لا يصح معه النكاح. بينما الشروط في النكاح يمكن إسقاطها، يمكن للمرأة مثلًا أن تشترط على الزوج شرطًا ثم تتنازل عنه.
وكذلك أيضًا شروط النكاح كلها صحيحة ومعتبرة، أما الشروط في النكاح فتُقَسَّم إلى شروط صحيحة وشروط فاسدة، على ما سيأتي تفصيله.
هذه إذن هي أبرز الفروق بين شروط النكاح والشروط في النكاح.
وأيضًا قبل أن ندخل في الشروط، عندنا قاعدة في الشروط في النكاح: وهي أنَّ الأصلَ في جميع الشروط في العقود -في العقود عمومًا- الصحة. الأصل في جميع الشروط في العقود الصحة، حتى يقوم دليلٌ على المنع؛ وذلك لعموم الأدلة الآمرة بالوفاء بالعقد. مَن يذكر لنا بعض هذه الأدلة التي فيها الأمر بالوفاء بالعقد؟
مداخلة: …..
الشيخ: لا، من القرآن.
مداخلة: …..
الشيخ: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا [الإسراء:34]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1].
في قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا، إلى غير ذلك من النصوص. هذا التأصيل مهم جدًّا، لماذا؟ لأننا إذا اختلفنا في شرط -مثلًا- هل هو صحيح أو غير صحيح؟ فالذي يُطالَب بالدليل هو الذي يقول: إنه غير صحيح، أما الذي يقول: إنه صحيح معه الأصل.
فإذن؛ نستفيد من هذا في معرفة الشروط هل هي صحيحة أو فاسدة، فالأصل في الشروط الصحة، مَن قال: إن هذا الشرط غير صحيح، نقول: ما الدليل؟ أما الذي يقول: إنه صحيح فمعه الأصل.
وأيضًا هنا مسألة قبل أن ندخل في عبارة المؤلف، الشروط المعتبرة، يقول الفقهاء: هي ما كان في صلب العقد، أو اتَّفقا عليه قبل العقد، أما ما كان بعد العقد فلا يكون لازمًا؛ لأن النكاح ليس فيه خيار.
ومعظم شروط الناس اليوم: هل هي في صلب العقد أو قبل العقد؟ ما معنى “صلب”؟ صلب: أثناء الإيجاب والقبول، انتبه! هذا المقصود بـ”الصلب”، فمعظم شروط الناس قبل العقد في الصلب؛ مثلًا يقول: “زوَّجتُكَ بنتي على أن تُسكِنها في بيتٍ وحدها”، “على أن تكون وظيفتها لها”، “على أن تكون كذا”، هذا معنى “في الصلب”.
لكنْ، عادةُ الناس أنهم يشترطون قبلُ، فيشترط مثلًا قبل العقد كذا، ثم بعد ذلك يعقد النكاح، فهي صحيحة إذا كانت قبل أو في الصلب. أما لو كانت بعدُ فإنها غير لازمة؛ لو أنه مثلًا عقد على امرأة ثم في اليوم الثاني طلب أهل المرأة أن يشترطوا شروطًا، قلنا: هذه الشروط فات محلُّها، تكون غير صحيحة وغير لازمة.
شروط صحيحة في النكاح
قال المؤلف رحمه الله:
أي: الشروط.
(صحيحٌ لازم للزوج فليس له فَكُّه؛ كزيادة مهر، أو نقدٍ معين، أو لا يخرجها مِن دارها أو بلدها، أو لا يتزوج عليها، أو لا يفرق بينها وبين أبويها أو أولادها، أو أن تُرضع ولدها، أو يُطلِّق ضَرَّتها).
صحيح وفاسد. ثم المؤلف سيُقسِّم الفاسد أيضًا إلى قسمين: قسم يُبطل النكاح، وقسم لا يُبطل النكاح، وإنما يُفسد الشرط فقط.
نبدأ أولًا بالشروط الصحيحة، قال:
الشروط الصحيحة ضابطها: هي ما لا يُنافي مقتضى العقد، ولم يَنْهَ عنه الشرع أو يُبطله. ما لا يُنافي مقتضى العقد، ولم يُبطله الشرع، أو يَنْهَ عنه. هذه الشروط الصحيحة.
ومثَّل المؤلف، قال:
يعني: ليس للزوج لزوم هذا العقد إلا بتوفية هذا الشرط؛ معنى ذلك: أنَّ مَن لم يُوفَّ له هذا الشرطُ فله الخيار. وهنا قال: (فليس له فَكُّهُ) بمعنى: أنه لازم، فيثبت الخيار لمن لم يُوفَّ له بالشرط.
ولكن هنا قوله: (فليس له فَكُّهُ) يُشعِر بأنه يُسَنُّ الوفاءُ بهذه الشروط ولا يجب، وإنما يكون لمن لم يُوفَّ له بها الخيارُ، وهذا هو المذهب عند الحنابلة: أنه يُسَنُّ الوفاء بها ولا يجب. واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يجب الوفاء بها؛ لقول النبي : إن أحقَّ الشروط ما اسْتَحْلَلْتُمْ به الفُرُوج متفق عليه[2]. وكذلك رجَّحه الشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله، رحمة الله على الجميع.
إذن؛ هذه الشروط، ولا إشكال في أنَّ مَن لم يُوفَّ له بها: له الخيار، هذا متفق عليه. لكن مَن لم يُوفِّ بهذا الشرط هل يأثم، أو لا يأثم؟
فالمذهب أنه لا يأثم؛ لأن الوفاءَ بهذه الشروط مستحب عندهم، وعلى قول شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يأثم، لا بد أن يَفِي بهذه الشروط.
أمثلة للشروط الصحيحة
ثم مثَّل المؤلف بأمثلة للشروط الصحيحة، قال:
أن تشترط المرأة زيادة مهر؛ يعني: يكون المهر في البلد مثلًا أربعين ألفًا، تشترط أن يكون المهر ستين ألفًا مثلًا، هذا شرط صحيح، لها فيه غرض صحيح.
اشترطت المرأة أو وليُّها مثلًا أن يكون المهر بالدولار، قالوا: ما نُريده بالريال، نُريده بالدولار. هذا شرط صحيح.
فهذا أيضًا شرط صحيح، مثلًا: يكون والداها بحاجةٍ لها، فتشترط على الزوج ألا يُخرجها مِن دارها، أو ألا يُخرجها مِن بلدها.
قال:
وقد أخرج البيهقي وابن أبي شيبة أنه أتى رجل لعمر بن الخطاب ، وذكر له أن امرأته شرطت دارها، قال: وإني أريد أن أنتقل إلى أرض كذا وكذا. فقال عمر : لها شرطها. فقال الرجل: إذن يُطَلِّقْنَنَا. فقال عمر : مَقَاطِعُ الحقوق عند الشروط. هذا أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي بهذا[3]. وآخِرُه ذكره البخاري في “صحيحه” مُعلَّقًا بصيغة الجَزْم، قال البخاري: قال عمر : مقاطع الحقوق عند الشروط.
هذا إذن عَمِلَ به الصحابة ، هذا الشرط موجودٌ وقضى به عمر .
قال:
يعني: إذا شرطت المرأة على الرجل ألا يتزوج عليها، فهل هذا الشرط صحيح؟ نعم، صحيح، هذا الشرط صحيح، لو علمت به النساء لبادَرْنَ إليه؛ لأن للمرأة غرضًا صحيحًا في هذا الشرط، فإن كونها تعيش مع زوجها وحدها من أعظم مصالحها، ووجود ضرة لها مما يجعلها تتشارك معها في زوجها، وربما يُنكِّد العيش عليها ونحو ذلك.
فإذن؛ هذا الشرط للمرأة فيه غرض صحيح؛ ولهذا، عند عامة أهل العلم شرطٌ صحيح.
وأذكر أنني قابلتُ رجلًا في دورة شرعية خارج المملكة، فذكر لي أن امرأته شرطت عليه هذا الشرط: ألا يتزوج عليها، وأنه قد قَبِل بذلك. طيب، لو أراد أن يتزوج، فما هو الأثر المترتب على هذا الشرط؟ نعم، لها الخيار، وعلى المذهب لا يأثم؛ لأنه يُسَنُّ الوفاء بالشرط، لكن على قول شيخ الإسلام: إنه يلزم الوفاء به.
قال:
يعني: اشترطت عليه أن تسكن مع أبويها، أو يسكن أبواها معها، وقَبِل بهذا الشرط، وهو شرط صحيح، لها فيه غرض صحيح.
لها أولادٌ مثلًا من زوج سابق، وشرطت أن يعيش معها أولادها.
وهذا من الشروط التي يكثر وقوعها، خاصة إذا كانت المرأة لها أولاد من زوج سابق، تشترط على الزوج أن أولادها أو بعض أولادها يسكنون معها مثلًا، هذا من الشروط الصحيحة.
يكون لها ولدٌ من زوج سابق مثلًا، وتشترط على الزوج الجديد أن تُرضع هذا الولد. فهذا من الشروط الصحيحة التي للمرأة فيها غرض صحيح.
حكم اشتراط طلاق الضرة
يعني: إذا شرطت المرأة على الزوج أن يُطلِّق ضَرَّتها؛ فعلى كلام المؤلف: هل هذا الشرط صحيح؟ على كلام المؤلف صحيح، على كلام المؤلف أنه شرط صحيح. وهذا هو المذهب عند الحنابلة.
ولهذا؛ نجد أن صاحب “زاد المستقنع” بدأ بهذا المثال لمَّا تكلم عن الشروط في النكاح، بدأ بهذا المثال تمثيلًا للشروط الصحيحة، وقالوا: لأنه شرط لا يُنافي مقتضى العقد، ولها فيه فائدة كبيرة، فإنها لا ترضى بأن تتزوج بهذا الرجل إلا إذا طلَّق ضَرَّتها وانفردت به.
والقول الثاني في المسألة: إن هذا الشرط باطل؛ وذلك لما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة أن النبي قال: لا تَسْأل المرأة طلاق ضَرَّتها، أو قال: طلاق أختها، لفظ الصحيحين: طلاق أختها، لا تسأل المرأة طلاق أختها لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَها، وَلْتَنْكِحْ، فإنَّ لها ما قُدِّرَ لها. وأيضًا جاء في الصحيحين عن أبي هريرة قال: نهى النبي أن تشترط المرأة طلاق أختها[4]. وهذه الأحاديث كما ترون في الصحيحين صريحة في النهي عن هذا الشرط.
ولهذا؛ فالقول الراجح في هذه المسألة هو القول الثاني، وأن هذا الشرطَ شرطٌ غير صحيح، بل لا يجوز، تأثم المرأة بهذا الشرط؛ لأن في هذا الحديث النهي، وقد اختار هذا القول الموفق ابن قدامة في “المغني”، وكذلك ابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم، وأكثر المحققين من أهل العلم على هذا.
قال ابن القيم رحمه الله، قال: “تضمَّن حكمُ النبي بطلانَ اشتراطِ المرأةِ طلاقَ أختِها، وأنه لا يجب الوفاءُ به”.
إنْ قال قائل: لماذا ابن القيم أورد هذا السؤال: “فإن قيل: فما الفرق بين هذا وبين اشتراط ألا يتزوج عليها” أورد المؤلف هذا “حتى صحَّحتم هذا وأبطلتم شرط طلاق الضَّرَّة؟”.
ثم أجاب ابن القيم على هذا السؤال: “قيل: الفرق بينهما أن في اشتراط طلاق الزوجة من الإضرار بها، وكَسْر قلبها، وخراب بيتها، وشماتة أعدائها، ما ليس في اشتراط عدم نكاحها، ونكاح غيرها”.
“ما ليس في اشتراط عدم نكاحها” يعني: الجمع بينها وبين غيرها “في اشتراط عدم نكاحها، ونكاح غيرها، وقد فرَّق النصُّ بينهما، فقياس أحدهما على الآخر فاسد”.
إذن؛ القول الصحيح: أن اشتراطَ المرأةِ طلاقَ ضَرَّتها: أنه شرط فاسد؛ لهذه الأحاديث.
والفرق بين هذه المسألة والمسألة السابقة: أنَّ المرأةَ التي تشترط طلاق ضَرَّتها، في ذلك تَعَدٍّ على هذه الضَّرَّة، وكما ذكر ابن القيم: خرابٌ لبيتها، وشماتةٌ لأعدائها، وكسرٌ لخاطرها، وإساءة عظيمة لها.
وأما في اشتراطها ألا يتزوج عليها، هل هناك امرأة موجودة؟ ما يوجد امرأة موجودة، هي تشترط أن تعيش وحدها وألا يتزوج عليها، فليس في ذلك إضرار بأحدٍ أصلًا. فرقٌ عظيم بين المسألتين، فقياس إحدى المسألتين على الأخرى قياسٌ فاسدٌ؛ كما قال ابن القيم: قياس مع الفارق.
فإذن؛ نقول: إن هذا الشرط الذي مثَّل به المؤلف -وهو أن تشترط طلاق ضَرَّتها- شرطٌ غير صحيح على القول الراجح، بل قول الحنابلة في هذه المسألة قولٌ ضعيفٌ، وتمثيلهم لهذا من الشروط الصحيحة، هذا قولٌ مرجوح، ولا قياس مع النص، هذه المسألة ورد فيها نصٌّ، ولا قياس مع النص.
هل يحق للمرأة فسخ النكاح بسبب الإخلال ببعض الشروط
قال:
(إذا لم يَفِ بهذا الشرط فإن لها الفسخ على التراخي) يعني: لا يلزم أن يكون على الفور.
يعني: لا يسقط هذا الشرط إلا إذا أسقطته: إما بتصريح منها بالقول؛ ولهذا قال:
كأن تقول: أسقطتُ هذا الشرط، تقول هذا صراحة.
أي: علمها بعدم وفائه لهذا الشرط، فإذا مكَّنَتْه مِن نفسها مع علمها بعدم الوفاء بهذا الشرط؛ فيسقط هذا الشرط.
فمثلًا: شرطت عليه ألا يتزوج عليها، فتزوج عليها، نقول: لها الفسخ. فلو أنها صرَّحت وقالت: أنا أسقطت هذا الشرط؛ يسقط، ولو أنها لم تُصرِّح لكن مكَّنته من نفسها بعد عِلمها، أيضًا يسقط هذا الشرط؛ لأن تمكينها يدلُّ على الرضا، يدلُّ على رضاها بإسقاط هذا الشرط.
مداخلة: …..
الشيخ: نعم، المقصود: الشرط، يعني: لا يسقط هذا الشرط إلا بما يدلُّ على رضاها بإسقاطه، هذا هو المقصود.
نُريد أمثلة أخرى للشروط الصحيحة، مَن يُمثِّل لنا أمثلةً أخرى للشروط الصحيحة غير ما ذكر المؤلف؟
مداخلة: …..
الشيخ: نعم، أن تشترط إكمالَ الدِّراسة، هذا من الشروط الصحيحة. أن تشترط خادمةً، هذا شرط صحيح، لها فيه غرض صحيح. أن يكون مثلًا هناك مؤخَّرٌ للمهر، نعم هذا صحيح. الاستمرار في الوظيفة إلى آخره. المقصود: أن ما كان لها فيه غرض صحيح فهو من الشروط الصحيحة، إذا لم يُنافِ مقتضى العقد، ولم ينهَ عنه الشارع. أما إذا نافى مقتضى العقد، أو نهى عنه الشارع، فهو فاسد كما سيأتي.
الشروط الفاسدة في النكاح
ننتقل بعد ذلك إلى القسم الثاني: وهو القسم الفاسد.
الشروط الفاسدة قسَّمها المؤلِّف إلى قسمين: أو قال: نوعين، نوع يُبْطِلُ النكاح، ونوعٌ لا يُبطله، وإنما يُبطل الشرط فقط.
أولًا: شروط تبطل عقد النكاح
ابتدأ المؤلف بالنوع الأول: وهو ما يُبطل النكاح. وقسَّمه المؤلف أيضًا إلى ثلاثة أنواع: الشِّغار والمُحلِّل والمُتْعة.
نكاح الشغار
بدأ أولًا بالشِّغار، الشِّغار مثال للشروط الفاسدة التي تُبطل العقد، قال:
هذا هو تعريف الشِّغار، هذا الذي يُسمِّيه العلماء بالشِّغار، وسُمِّي هذا النكاح “شغارًا” قيل: مِن الخلو، يُقال: شَغَر المكان إذا خلا، يقال: مكان شاغر، وظيفة شاغرة؛ وذلك لِخُلُوِّه عن المهر. وقيل: إنه سُمِّي شغارًا لقبحه، تشبيهًا له برَفْع الكلب رِجْله لِيَبُول، تشبيهًا له بهذا في القُبح؛ يُقال: شَغَر الكلب، إذا رفع رجله ليبول.
وأما معنى الشِّغار؛ فهو كما فسَّره المؤلف: أن يُزوِّجه موليته بشرط أن يُزوِّجه الآخر موليته. وقد ورد النهي عنه كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي نهى عن الشِّغار. والشِّغَار: أن يُزوِّجه ابنتَه على أن يُزوِّجه ابنته وليس بينهما صداق. متفق عليه، هذا لفظ الصحيحين[5].
من القائل: “والشغار أن يُزوِّجه ابنته على أن يُزوِّجه ابنته وليس بينهما صداق”؟ قيل: هو نافع، نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما؛ لأن مالكًا رواه عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، فالقائل: “والشِّغار هو” هذا تفسيرٌ من نافع.
إذن؛ إذا زوَّجه ابنته على أن يُزوِّجه الآخر ابنته، فقلنا: هذا هو الشِّغار الذي نَهَى عنه النبيُّ .
وأيضًا بهذا الشرط قد طلب النكاح بفرج موليته وليس بماله، والله تعالى قال: أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24]، فهذا قد ابتغى النكاح ليس بماله، وإنما بفرج موليته؛ ولأنه عادت منفعة الصَّدَاق لغير المرأة: وهو الولي.
والأصل أن الصَّدَاق أنه يكون للمرأة وليس للولي؛ ولأن فيه مخالفة للأمانة، فكون هذا الإنسان إنما ينظر لمصلحته فقط، ويُزوِّج هذا الرجل ابنته كأنها سلعة من السلع على أن يُزوِّجه الآخر ابنته، هذا فيه مخالفة لمقتضى الأمانة، وفيه امتهان للمرأة وإهانة لها، فكأن هذه المرأة أصبحت سلعة من السلع التي تُتبادل بهذه الطريقة.
لهذا؛ فالشغار محرم في قول عامة أهل العلم، هذا إذا لم يكن بينهما صَدَاق. أما إذا كان بينهما صداق، يعني زوَّجه هذا ابنتَه بشرط أن يُزوِّجه الآخر ابنته، وسمَّى هذا لها صَدَاقًا، وذاك سمَّى لها صَدَاقًا، هذا دفع مثلًا لها أربعين ألفًا، والآخر دفع أربعين ألفًا، لكن الشرط موجود، قال: ما أُزوِّجك ابنتي إلا بشرط أن تُزوِّجني ابنتَك، ما أُزوِّجك أختي إلا بشرط أن تُزوِّجني أختك، لكن قالوا: حتى نخرج من الشبهة كلنا ندفعُ صَدَاقًا، فهل هذا يجوز أو لا؟
المؤلف يقول: (ولا مهر بينهما)، فمفهوم كلام المؤلف: أنه إذا وُجِدَ المهر فلا يكون شِغَارًا، وهذا هو المذهب عند الحنابلة.
إذن؛ المذهب عند الحنابلة: أنه إذا سُمِّيَ مهرٌ لكُلٍّ منهما، فإن ذلك يصح ولا يكون شغارًا.
والقول الثاني في المسألة: إنه لا يصح، حتى لو سُمِّيَ لكُلٍّ منهما مهرٌ، ما دام الشرط موجودًا. وهو رواية في المذهب، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، واختاره شيخنا عبدالعزيز ابن باز أيضًا رحمه الله.
ويدلُّ لهذا القولِ أن العباس بن عبدالله بن عباس، يعني: ابن عبدالله بن عباس ، أن العباس بن عبدالله بن عباس أنكح عبدالرحمن بن الحكم ابنته، وأنكحه عبدالرحمن ابنته، وسُمِّيَ لكلٍّ منهما صَداقٌ، فكتب معاوية إلى مروان وأمره أن يُفرِّق بينهما، وقال: هذا هو الشِّغار الذي نهى عنه النبي . وهذا الأثر أخرجه أبو داود وأحمد وابن حبان بسند حسن.
وقال أبو محمد ابن حزم: هذا معاوية بحضرة الصحابة قال ذلك، ولا يُعرف له من الصحابة مخالف.
إذن؛ هذا القول الثاني لعله هو القول الراجح والله أعلم، أنه حتى لو سُمِّي صَداقًا فإنه شِغَار، ولا يجوز ما دام الشرط موجودًا؛ لأن غالب مَن يفعل ذلك يفعلونه حِيَلةً، يكون المهران متماثلين، ويذهب هذا المهر ثم يذهب هذا المهر. ثم أيضًا اشتراط هذا الشرط كما ذكرنا فيه نوعُ امتهانٍ للمرأة، وإنما ينبغي أن يكون هذا العقد مستقلًّا عن هذا العقد تمامًا، بدون أيِّ شرط.
فإذن؛ القول الصحيح: أنه شِغَار حتى ولو سُمِّي المهر.
قال:
يعني: أحيانًا بعض الناس يحتال، إذا قيل له: إن هذا شِغَار، يجعل صَداقًا دراهم معلومة، يقول: إذن نُسمِّي ألف ريال مثلًا، تدفع أنت ألف ريال، وأنا أدفع ألف ريال. هذا حتى عند الحنابلة يقولون: إنه لا يجوز؛ لأنه حِيلة على الشِّغار.
وعلى القول الذي رجَّحناه: لا يجوز أصلًا، حتى لو كانت الدراهم كثيرة، ما دام الشرط موجودًا فلا يصح مثل هذا.
مداخلة: …..
الشيخ: هو.. ظاهر السياق أن فيه شرطًا؛ لأنه زوَّجه ابنتَه، وعليه يُزوِّجه عبدالرحمن بن الحكم ابنته، لكن الذي فهم العباس أنه ما دام الصداق موجودًا خرج عن صورة الشِّغار، فمعاوية أبطل هذا الفهم، قال: لا، حتى لو كان الصَّدَاق موجودًا، ما دام الشرط موجودًا، فهذا هو الشِّغار.
أما لو كان لا يوجد شرط، فهذا ليس شِغارًا بإجماع العلماء، ما يوجد إشكال، لا مانع من أن تُزوِّج -مثلًا- الرجلَ ابنتَك ويُزوِّجك ابنته من غير شرط، لا مانع، هذا عقد مستقل عن هذا تمامًا، هذا باتفاق العلماء، الكلام في الشرط.
قال:
قلنا: إن هذا على القول الراجح أنه لا يصح، حتى على قول الحنابلة لا يصح؛ لأنه حِيلة على الشِّغار.
نكاح المحلِّل
قال:
انتقل المؤلف للكلام عن النوع الثاني من أنواع الشروط الفاسدةِ المُفسِدةِ للعقد، وهو نكاح المحلِّل؛ الثالث هو المتعة، والثاني المحلل.
الثاني: نكاح المحلِّل، وهو أن يتزوَّجها بشرط أنه إذا أحلَّها طلَّقها. هذا يُسمِّيه العلماء “نكاح المحلِّل”.
وقد جاء في حديث ابن مسعود : أن النبي لعن المُحَلِّل والمُحَلَّل له. رواه الترمذي والنسائي، قال الترمذي: “حديث حسن صحيح”[6]، وجاء في رواية ابن ماجه أن النبي سماه بالتيس المستعار[7]، ولكن هذه الرواية أعلَّها الحافظ أبو زرعة، قال: إنها لا تصح “التيس المستعار”، وقال: إنها لا تصح.
إذن؛ إذا تزوَّجها بشرط أنه إذا أحلَّها طلَّقها قلنا: هذا هو التحليل، وقد أجمع العلماء على تحريمه، وعلى أنه لا تحِلُّ به الزوجة.
قال:
يعني: هنا زوَّجه، قال: (بشرط أنه إذا أحلَّها طلَّقها)؛ يعني: هنا شَرَط عليه قال: “أزوِّجك، بشرط أنك إذا وطئتها تُطلِّقها مباشرة”، قلنا: هذا هو التحليل المحرم، لكن، ما شَرَط عليه هذا الشرط.
إنسان مثلًا رأى صديقًا له طلَّق امرأته ثلاث تطليقات، ولها منه أولاد، فأشفق عليه وذهب ينوي التحليل، ذهب وتزوَّج بهذه المرأة قاصدًا بذلك التحليل ثم يُطلِّقها، وهنا أيضًا هذا لا يجوز، هذا معنى قوله: (أو ينويه).
ويدلُّ لذلك ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه سُئل عن رجلٍ طلَّق امرأته ثلاثًا، فتزوَّجها أخٌ له عن غير مُؤامَرةٍ بينهما؛ لِيُحِلَّها لأخيه، فقال ابن عمر رضي الله عنهما: لا، إلا نكاحَ رَغبةٍ، كنا نَعُدُّ هذا سِفاحًا على عهد رسول الله . رواه البيهقي بإسناد صحيح[8].
فإذن؛ لا بد أن يكون مَن ينكحها نكاحَ رغبة، أمَّا أنْ ينكحها إشفاقًا على أخيه ليُحَلِّلها له، فإن هذا أيضًا داخل في التحليل المُحرَّم، وهذا معنى قوله:
هذا مِن بابٍ أولى، (إذا اتفقا عليه قبل العقد) من باب أولى، فإذن إذا حصل اتفاق، أو أنه تزوَّجها بشرط أنه إذا أحلَّها طلَّقها أو نواها المتزوج بقلبه، نوى التحليل، فهذا كله داخلٌ في صور التحليل.
لكن ثمَّة صورة أخرى أجازها كثيرٌ من الفقهاء، وذكرها الموفق ابن قدامة في “المغني”، قال الموفق رحمه الله: “إن قصدت المرأة أو وليُّها التحليل دون الزوج، لم يُؤثِّر ذلك في العقد”.
قال أحمد: لحديث: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟. ما وجه دلالة هذا الحديث على أن المرأة إذا قصدت لم يضر؟ أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة[9]، وجه الدلالة؟
مداخلة: …..
الشيخ: لكن ما وجه الدلالة على أن القصد إذا وُجِد من المرأة لا يضر.
مداخلة: …..
الشيخ: إي نعم، إذا نكحت رفاعة لأجل أن يُحلِّلها عبدالرحمن بن الزِّبير ثم ترجع لرفاعة، فهي إذن تزوَّجت بعبدالرحمن بن الزَّبير لأجل أن يُحلِّلها، ثم يُطلِّقها وترجع لرفاعة؛ لهذا قال : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟.
وقال: ونية المرأة ليست بشيء. هذا من كلام الموفق: ليست بشيء، وإنما قال النبي : لعن الله المُحَلِّل والمُحَلَّل له، وورد بهذا اللفظ، وورد: لعن رسول الله. لكن رواية “لعن رسول الله” أصح[10].
“ولأن العقد إنما يبطُل بنِيَّة الزوج”؛ يعني يقول: إنما قال عليه الصلاة والسلام: لعن الله المحلِّل والمُحلَّل له ولم يذكر المرأة، إنما ذكر المُحَلِّل فقط والمُحَلَّل له، الزوج الجديد والزوج السابق، قال: “ولأن العقد إنما يبطل بنية الزوج؛ لأنه الذي إليه المفارقة والإمساك، وأما المرأة فلا تملك رفع العقد، فوجود نيتها وعدمها سواء”.
ولهذا؛ أخذوا مِن هذا ضابطًا فقهيًّا ذكره صاحب “منار السبيل” وغيره، قالوا: “من لا فُرقة بيده لا أثر لنِيَّتِه”. فالمرأة ليس بيدها فُرقة؛ ولذلك لا أثر لنِيِّتها، وهذا الذي قاله الموفق متَّجِهٌ.
وإن كانت المسألة فيها خلاف، ليست محل إجماع، فمِن أهل العلم مَن قال: إن نية المرأة مؤثِّرة. لكن، هذه الأدلة التي ذكرها أدلة قوية، حديث رفاعة: أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة[11]. وإن كان ليس صريحًا، يحتمل أنها أرادت أن ترجع إلى رفاعة بعد أن تزوجها ورأت الفرق بين عبدالرحمن بن الزَّبير وبين رِفاعة، لكن الإمام أحمد احتجَّ بهذا.
وأيضًا؛ لأن الوعيد: لَعَن المُحَلِّل والمُحَلَّل له فقط، ولم تُذكَر المرأة.
وأيضًا، المرأة ليس بِيَدِها شيء، حتى لو أرادت أن ترجع فالعصمة ليست بِيَدِها، المفارقة بِيَدِ الزوج، فحتى لو أن المرأة مثلًا نَوَت ذلك، يعني: الزوج هو الذي بِيَدِه العصمة؛ ولهذا قالوا: إن نِيَّةَ المرأةِ أو وليِّها غير مؤثرة.
مداخلة: …..
الشيخ: الزوج، ما يجوز هنا، إذا وُجِدت نِيَّة من الزوج ما يجوز، لعن المُحَلِّل والمُحَلَّل له، المُحَلَّل له: هو الزوج، والمُحَلِّل: الزوج الجديد.
مداخلة: …..
الشيخ: إذا حصل مواطأة؛ خلاص لا تجوز.
مداخلة: …..
الشيخ: نعم، الكلام في الإثم، تأثم لو أرادت -مثلًا- أن تفعل هذا، لا نقول: إن هذا يجوز؛ هذا تأثم به؛ لأنها تطلب الطلاق مِن غير ما بأس، هذا جانبٌ، وتُسِيء العِشرة أيضًا لهذا الزوج الجديد، وفيه اعتداءٌ، نوعُ اعتداءٍ عليه.
لكن، من حيث صحة العقد: العقد صحيح، لا يُؤثِّر على صحة العقد، لا يُؤثِّر هذا في صحة العقد.
فإذا كانت النية من المرأة؛ لا يَضُر، الكلام إذا كان من نِيَّة الزوج الجديد أو الزوج السابق، المُحَلِّل والمُحَلَّل له، هذا هو الذي ورد فيه النهي فقط دون المرأة.
ثم قال المؤلف رحمه الله، انتقل المؤلف بعد ذلك للكلام عن نكاح المتعة:
نكاح المتعة
قال:
وهذا الذي يُسمِّيه العلماء بـ”نكاح المتعة”، ونكاح المتعة محرَّم، وقد جاء في حديث سَبْرة أن النبي قال: يا أيها الناس كنت قد أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإنَّ اللهَ حرَّم ذلك إلى يوم القيامة. رواه مسلم[12]. ورُوي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه خالف في ذلك، أنه أجاز نكاح المتعة للضرورة، لكن رُوي أنه رجع لما قيل له: إن الشُّعَراء قد أخذوا بقولك وأصبحوا يتغَنَّوْن به. فرجع عن هذا القول.
فعامة أهل السنة على تحريم نكاح المتعة، وأما الشيعة فيرون نكاح المتعة كما هو معلومٌ من مذهبهم، على اختلاف طوائفهم يرون جواز نكاح المتعة. ونحن نقول: عامة أهل السنة يرون التحريم.
إذن؛ توقيت النكاح بوقت محدَّد؛ هذا هو نكاح المتعة.
النكاح بنية الطلاق
أيضًا هو في معنى نكاح المتعة.
يعني: ينوي الطلاق.
ومثل ذلك:
وهو ما يُسمِّيه الفقهاء “النكاح بنية الطلاق”. النكاح بنية الطلاق، يرى المؤلف أنه لا يصح ولا يجوز.
وقد اختلف العلماء في هذه المسألة: فمنهم مَن أجاز النكاح بنية الطلاق، والموفق ابن قدامة رحمه الله نَسَب القول بصحته لعامة أهل العلم، ولكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “لم أرَ أحدًا من أصحابنا -يعني: الحنابلة- ذكر أنه لا بأس به تصريحًا إلا أبا محمد”؛ يعني: ابن قدامة.
والمسألة محل خلاف بين أهل العلم: فمنهم من صححه، وكما ذكرنا عن الموفق ابن قدامة رحمه الله، وشيخ الإسلام اختلف كلامه: فمرة قال بهذا ومرة قال بهذا.
واشتُهر أيضًا عن شيخنا عبدالعزيز أنه كان يقول بصحته وجوازه، قالوا: لأن النية غير مؤثرة في العقد، فإن الإنسان قد يتزوج المرأة بنية طلاقها ثم يرغب فيها فلا يُطلِّقها، ولأن التأبيد في النكاح ليس مطلوبًا كما قال ابن العربي، لو قلنا بأنه لا بد للإنسان أن ينوي التأبيد لشابهنا بذلك النصارى الذين لا يرون إباحة النكاح.
والقول الثاني في المسألة: إنه لا يجوز النكاح بنية الطلاق، وهذا قد أقرَّه مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي، وهو القول الذي مشى عليه المؤلف.
وقد سئل الإمام أحمد عن النكاح بنية الطلاق، قال: هو شبيه بالمتعة، لا، حتى يتزوجها على أنها امرأته.
ومن تزوَّج بنية الطلاق فلا يخلو -يعني- هذا من توجيه هذا القول، قالوا: إنَّ مَن تزوَّج بنية الطلاق فلا يخلو: إما أن تَعْلم المرأة أو وليُّها بذلك، أو لا يعلمان. فإن علمت المرأة أو وليُّها بذلك؛ فهذا هو نكاح المتعة المُجمَع على تحريمه.
وإن لم تعلم المرأة ولا وليُّها بذلك فيكون هذا الزوج غاشًّا لهما؛ لأن أيَّ امرأة سوية لا ترضى بأن رجلًا يتزوجها بنية طلاقها، وهكذا الوليُّ أيضًا، وإذا علمت المرأة بعد ذلك، رأت أن هذا الزوج قد غشَّها، وقد تزوَّجها بنية الطلاق، بل أساء لها إساءة عظيمة، ويرون أنه مخادع، وأنه خائن بهذا التصرُّف.
والقول الثاني هو القول الراجح والله أعلم، هو القول الثاني: وهو أنه لا يجوز النكاح بنية الطلاق.
والشيخ محمد ابن عثيمين رحمه الله يقول: لولا مسألة الغش لقلت بجوازه؛ لأن النية غير مؤثرة إلا من جهة الغش فقط، وإلا فهو نكاح مكتمل الأركان والشروط، لكن الغش فقط هو الذي جعلنا نقول بعدم جوازه.
ثم إنه في الوقت الحاضر أُسِيء استخدام هذا النكاح حتى جُعِل ستارًا للزنا، بل بعضهم يُسمِّي مثل هذا بنوعٍ من الزنا المُقَنَّن.
وأذكر أن هذه المسألة لما نُوقشت في المجمع الفقهي، كنت حاضرًا تلك الجلسة، قال أحد المشايخ: إنه كان يقول بالجواز، يقول: فلما ذهبتُ إلى إحدى الدول، فعندما نزلت بالمطار استقبلني رجلٌ ومعه عدة كروت: كارت أحمر يعني زنا، وكارت أخضر، وكارت أصفر فهذا نكاح دائم، وهذا نكاح بنية الطلاق.
يقول: فلما رأيتُ الواقع، ورأيت أن بعض الناس يأخذ هذا على أنه نكاح، ثم يتزوج عدة نساء في سَفْرة واحدة، رأيت أنه يترتب على ذلك مفاسد عظيمة، فرجعت عن هذا القول وأفتيت بتحريمه، فلا شك أنه قد أُسِيء استخدام فتوى مَن أجاز النكاح بنية الطلاق.
مَن أجاز النكاح بنية الطلاق مِن الفقهاء السابقين يقصدون رجلًا غريبًا في بلد، والناس كانوا يغتربون في السابق، يبقون سنين، يبقون من أربع سنين إلى عشر سنين، يبقون في البلد لأجل كسب لقمة العيش والاغتراب، ويحتاج الرجل إلى الزواج، وهو يعلم مِن نيته أن هذه المرأة لن ترجع معه إلى بلده لِبُعد مكانه وبُعد بلده، فينوي طلاقها بعد مدة، هذا هو الذي أجازه بعض الفقهاء.
أما الموجود الآن في بعض الدول، هذا في الحقيقة هو أشبه بالزنا المُقنَّن، هذا لا يُمكن أن تُجيز مثله الشريعة، أن الإنسان يتنقل بين عددٍ من النساء باسم النكاح، فيتزوج ثم يُطلِّق، يتزوج اليوم وغدًا يُطلِّق، ثم يتزوج الثانية، وهكذا، فيجعل هذا النكاح الذي سمَّاه اللهُ ميثاقًا غليظًا محلًّا للعب والهزل، هذا لا ترد الشريعة بجواز مثله.
فإذن؛ الصواب في النكاح بنِيَّة الطلاق قلنا: إنه محرم؛ لما فيه من الغش.
النكاح المعلق
قال:
انتقل المؤلف للكلام عن النكاح المعلَّق، ومثَّل له، قال:
وهذا تعليقٌ محضٌ.
وهذا تعليق بفعل الغير.
وهذا أيضًا تعليقٌ بفعل الغير، فيقولون: إنه لا يصح التعليق في النكاح، وقالوا: ذلك لأنه عقد معاوضة، فلا يصح تعليقه على شرطٍ مُستقبِلٍ.
وإن قلنا بجواز التعليق في البيوع، إلا أنه في النكاح لا ينبغي القولُ بجواز التعليق؛ لأن النكاح عقدٌ عظيم سمَّاه الله : مِيثَاقًا غَلِيظًا [النساء:21]، فينبغي أن يُحترَم هذا العقد وأن يُصان وأن يُعظَّم.
ولذلك؛ القول بعدم صحةِ تعليقه قولٌ مُتَّجِهٌ، فما المانع مِن أن هذا ينتظر إلى أن يأتي رأس الشهر ويُزوِّجه، لا داعي لهذا التعليق؛ لأن هذا عقدُ نكاحٍ يترتب عليه مصير أسرة، ويترتب عليه أولادٌ، ويترتب عليه أمور عظيمة، فلا يُستهان به بهذه الطريقة: “إذا جاء رأس الشهر زوَّجتُكَ”، أو “إن رضيتْ أمها” أو نحو ذلك.
فإذن؛ القول الذي قرَّره المؤلف، وإن كانت المسألة فيها خلاف، لكن القول الذي قرَّره المؤلف قولٌ مُتَّجِه.
لعل الأسئلة نُؤجِّلها إلى آخر الدرس؛ حتى ما نُؤخِّر الإخوة، ننتهي من عبارة المؤلف.
ثانيًا: شروط فاسدة لا تبطل عقد النكاح
ثم انتقل المؤلف رحمه الله للشروط الفاسدة غير المُفسِدة للعقد.
الزواج بدون مهر أو نفقة
قال:
يعني: من الشروط الفاسدة التي يَفسُد معها الشرط دون العقد.
ومثَّل المؤلف لهذا القسم بأمثلة، أو لهذا النوع بأمثلة، قال:
يشترط الزوج على المرأة أنْ لا مهر لها، فيرى المؤلف أن العقد صحيح وأن الشرط فاسد. وهذا هو المذهب عند الحنابلة.
والقول الثاني في المسألة: أنه إن شرط أنْ لا مهر لها؛ فإن العقد فاسد. وقد نَصَر هذا القولَ شيخُ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
فإذن؛ يُلحق هذا على رأي شيخ الإسلام بالقسم الأول؛ دليله قال: لأن الله يقول: وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ [النساء:24]، أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ فقيَّد النكاح بابتغاء المال.
ولأن الله تعالى ذكر فيما أحلَّ لنَبِيِّه أن تَهَبَ له المرأةُ نفسَها، وأن هذا ذكره الله تعالى أنه خاصٌّ بالنبي ؛ كما في قوله: وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ [الأحزاب:50]، فذكر الله هذا الحُكم، وهو أن النبي عليه الصلاة والسلام مِن خصوصياته أنه يجوز أنَّ المرأةَ تَهَب نفسها له بدون مهر، وذكر الله تعالى أن هذا خاصٌّ له: خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ.
وإذا قلنا بصحة النكاح بشرط انتفاء المهر لكان هذا هِبَةً، لأجزنا أن تَهَب المرأة نفسها لغير النبي ، وهذا يخالف ظاهر الآية.
وأيضًا أن النبي لم يُزوِّج الرجلَ الذي طلب منه أن يُزوِّجه الواهِبةَ نفسَها إلا بمهرٍ، حتى قال له : الْتَمِسْ ولو خاتَمًا مِن حديد، فلمَّا لم يجد قال : أتحفظ شيئًا من القرآن؟. قال: سورة كذا وكذا. قال : زوَّجْتُكَها بما معك من القرآن[13]. فلم يقبل النبي أن يُزوِّجها إياه بدون مهر؛ فدلَّ ذلك على أن المهر لا بد منه.
فإذن؛ القول الراجح هو القول الثاني، وهو أن هذا الشرطَ شرطٌ فاسدٌ مُفسِدٌ للعقد.
وبذلك يُعلم خطأ بعض الناس الذين -عندما يخطب منهم خاطبٌ كفءٌ- يقولون: نُزوِّجك إياها بدون مهر، ما يحتاج مهرًا. هذا غلط، هذا شرط فاسد، وإنما يمكن أن يُصحَّح ذلك؛ يقولون: لا نأخذ منك إلا مهرًا قليلًا. فيُخفِّفون عنه المهر، لكن أن يُسقِطوا عنه المهر؛ هذا غير صحيح، لا بد من المهر في النكاح.
المثال الثاني، قال:
يعني: لها، يَشترط أنه ليس لها نفقة. وهذا أكثر ما يحصل فيما يُسمَّى بـ”زواج المِسيار”. زواج المِسيار هو زواج صحيح؛ لأنه مكتمل الأركان والشروط، فهو بوليٍّ وشهود ومهر، مكتملُ الأركان والشروط، إلا أن المرأة تنازلت فيه عن بعض حقوقها.
وتسميته بالمسيار هي التي جعلت بعض الناس ينتقد هذا النوع من الزواج، وإلا كان معروفًا من قديم الزمان، لكن ما كانوا يُسمُّونه بالمسيار، فهو موجود من قديمٍ، وإن كان غير مقبول من الناحية الاجتماعية، قد يكون غير مقبول، لكن ليس كل زواج غير مقبول من الناحية الاجتماعية يكون غير صحيح من الناحية الشرعية.
أرأيت -مثلًا- زواج الرجل بخادمته؟ قد يكون غير مقبول، أو زواج المرأة بسائقها، لو اكتملت الأركان والشروط من الناحية الشرعية -صحيحٌ- قد يكون غير مقبول من الناحية الاجتماعية.
هكذا أيضًا ما يُسمَّى بـ”زواج المِسيار”، ما دام أنه مكتمل الأركان والشروط، وتنازلت فيه المرأة عن بعض حقوقها فهو صحيح، وإن كان قد يكون غير مقبول من الناحية الاجتماعية، فكثيرًا ما يحصل فيما يُسمَّى بـ”زواج المِسيار” أن الرجل يشترط على المرأة أنْ لا نفقة لها، فيقول المؤلف: إن هذا الشرط شرط غير صحيح.
طيب، لماذا غير صحيح؟ لأنه مخالف لمقتضى العقد، فإن مقتضى عقد النكاح أن الرجل يُنفِق على امرأته ما دام متمكِّنًا من الاستمتاع بها؛ لقول النبي : ولهنَّ عليكم رِزْقهُنَّ وكِسوَتُهُنَّ بالمعروف. قال هذا في حجة الوداع[14].
ولأن المرأة أيضًا أسقطت حقًّا قبل ثبوته، فإنه إنما يثبت لها بعد النكاح، يثبت حقُّها في النفقة بعد النكاح، فكونها تُسقِط حقًّا قبل ثبوته غير مُعتبَر.
ولهذا؛ لو أن رجلًا تزوج امرأة على أنْ لا نفقة لها، فلها أن تُطالب بالنفقة؛ لأن العقد صحيح والشرط فاسد.
إذا شرط أن يقسم لها أكثر من ضرتها أو أقل
قال:
فيكون هذا الشرطُ شرطًا فاسدًا، ولكن العقد الصحيح.
يعني أراد هذا الرجل أن يتزوج امرأة، وله امرأة أخرى، فاشترطت له أن يبقى عندها مثلًا يومين وعند ضرَّتها يومًا واحدًا؛ هذا لا يجوز، والنبي نهى عن أن تسأل المرأة طلاقَ أختها[15]. وهذا فيه نوعٌ من التعدِّي على أختها.
فمثل هذا إذن لا يجوز، هذا الشرطُ شرطٌ غير صحيح.
قال:
كيف (أو أقل)؟ مَن يُصوِّر لنا هذه المسألة؟ يعني: كون المرأة تشترط أن يَقْسِمَ لها أكثر من ضَرَّتها هذا واضح، لكن كيف تشترط أقلَّ من ضَرَّتها؟
مداخلة: …..
الشيخ: لكن المرأة هي نفسها الآن تشترط على الزوج أقلَّ من ضَرَّتها، تقول: هي لها يومان، وأنا لي يوم.
مداخلة: …..
الشيخ: نعم، نقول: قد تكون ظروف المرأة، يعني مثلًا: مشغولة بوالديها، أو بوظيفتها، تكون مثلًا في الطب، أو طبيبة وعندها مناوبات مثلًا، هذا مُتصوَّر، فتشترط على الزوج أن لها أقلَّ مِن ضَرَّتها، ما تُريد أن لها يومًا ولضَرَّتها يومًا، فيقول المؤلف: إن هذا الشرطَ شرطٌ غير صحيح.
والقول الثاني في المسألة: إن المرأة إذا اشترطت أقلَّ من ضَرَّتها، طبعًا هنا قول المؤلف: إنه شرط غير صحيح، قالوا: لأن في ذلك إسقاطًا لحقِّ الزوج.
والقول الثاني في المسألة: إن هذا الشرط صحيح، ويدلُّ لذلك أن سودة رضي الله عنها وَهَبَت ليلتها لعائشة رضي الله عنها، وأقرَّها النبي على ذلك[16].
وأيضًا هي قد أسقطت حقَّها برضاها، والزوج أسقط حقه برضاه؛ لأنه رضي بهذا الشرط.
وهذا هو القول الراجح: أن المرأة إذا اشترطت أقلَّ من ضَرَّتها أن هذا الشرطَ شرطٌ صحيح.
مع أن هذا من المسائل النادرة، بل تكاد تكون مفترضة، يعني: لا يكاد يوجد امرأة تشترط أقلَّ من ضَرَّتها، تشترط أكثر من ضَرَّتها هذا يمكن، لكن أقلَّ هذا يندُر إن لم يكن مفترَضًا.
قال:
يعني: هذا مثالٌ للشروط الفاسدة غير المُفسِدة.
هذا الرجل يُريد أن يتزوج امرأة، ثم إنه اشترط في العقد، قال: إن طلقتُكِ تُرجعون عليَّ المهر. يرجع عليها بما أنفق، هذا الشرط غير صحيح؛ لأن المرأة تستحق المهر بالدخول عليها، يستقر بالعقد عليها، ويستقر بالدخول، فيكون هذا الشرط مخالفًا لمقتضى العقد؛ فلا يصح، لكن العقد صحيح.
الخيار في فسخ النكاح
ثم انتقل المؤلف للكلام عن الشروط الأخرى، قال:
وإن شرَطَها مُسلِمةً فبانت كتابيةً.
فله الخيار؛ ذلك لكونه قد غُرِّر؛ لأن المسلمة أعلى من الكتابية.
يعني: فاختل الشرط فله الخيار.
كأن تكون مثلًا من أسرةٍ الصَّمَمُ فيها كثيرٌ أو الخرس، واشترط ألا تكون صَمَّاء، أو ألا تكون خرساء، ثم بعد ذلك تبيَّن أنها صَمَّاء، وأنها خرساء؛ فله الخيار.
قال:
وذلك لأنه شَرَطَ صفةً مقصودة ففاتت، وحينئذٍ انفسخ؛ فإنه يُعاد له المهر إذا كان قبل الدخول، أما إذا كان بعد الدخول فإنه يرجع بالمهر على مَن غَرَّه.
إن شاء الله ستأتينا المسألة بالتفصيل في الدرس القادم، إن شاء الله في (باب: عيوب النكاح).
لأنها زيادةُ خيرٍ، لو شرطها كتابيةً فبانت مسلمةً فلا خيار له؛ لأن المسلمة أعلى من الكتابية.
قال:
لأن الحُرِّية أعلى مِن الرِّق، فإذا تزوجت رجلًا على أنه حُرٌّ فبان عبدًا فلها الخيار: إما أن تبقى معه، أو أن تطلب الفسخ.
وهكذا أيضًا لو شرطت، قال:
يعني: إن كانت شرطتْ -أمرًا غير الشرط السابق- رجلًا على أنه حُرٌّ فبان عبدًا، شرطت صفة أخرى: كأن تشترط أن يكون الزوج شابًّا، أو تشترط أن يكون الزوج نَسِيبًا، أو جميلًا، أو نحو ذلك، فبان أقل.
يعني: هذه امرأة قيل لها: سنُزوِّجك بفلان. قالت: بشرط أن يكون شابًّا. فلما دخل بها إذا هو كبيرٌ في السن، قد جاوز الستين من عمره، فالمؤلف يقول: فلا فسخ لها، لماذا؟ قالوا: لأن هذه من الأمور التي تُراد في المرأة دون الرجل.
والقول الثاني في المسألة: إن لها الفسخ. وهذا هو القول الصحيح؛ أن لها الفسخ، بل ربما نقول: إنها أولى بالفسخ من الزوج؛ لأن الزوج بيده الطلاق، ويُمكنه التخلُّص من هذه المرأة إذا لم يُوَفَّ له بهذا الشرط، أو بالطلاق مثلًا، له مخرج آخر غير الفسخ، بينما المرأة فليس لها مخرج آخر سوى الفسخ، فربما نقول: إنها أولى بذلك من الزوج.
الصحيح إذن أنها إن شرطت في الزوج صفة فبانت أقلَّ؛ الصحيح أن لها الفسخ.
قال:
إذا عَتَقَت وزوجها رَقِيقٌ فإن لها الخيار، وهذا قد دلَّت له السُّنة، كما في قصة بَرِيرة في الصحيحين، كانت بريرة تحت مُغِيث، وكان عبدًا، ثم إنها كاتبت أسيادها وأعانتها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، فلما عَتَقَت كان لها الخيار فأرادت الفسخ، وزَوْجُها مغيث كان يُحِبُّها حبًّا شديدًا، فذهب يبكي في الطرقات، يسيل دمعه على خَدَّيه.
فأبلغوا النبي عليه الصلاة والسلام، أخبروه بهذا، قالوا: إن هذا هو شأن مغيث. فدعا النبي عليه الصلاة والسلام بَرِيرة وأشار عليها، قال: هو زوجك وهو يحبك. فقالت: يا رسول الله، أتأمر أم تُشير؟ قال: بل أشير. قالت: لا حاجة لي به[17]. فكان أمرهما عجبًا، هو يُحبها محبة شديدة، وهي تكرهه كراهية شديدة، لكن لله الحكمة في هذا.
فاستَدلَّ بهذه القصةِ العلماءُ على أن المرأة إذا عَتَقَت، وزوجُها لا زال رَقِيقًا، فإن لها الخيار بغير حكمِ حاكمٍ. وحكاه ابن المنذر وابن عبدالبر إجماعًا.
قال:
يعني: فيبطل خيارها.
وقد جاء في “سنن أبي داود”: أن النبيَّ قال في قِصَّة بَرِيرة: إن قَرِبَكِ فلا خيار لك. لكن هذه الرواية ضعيفة من جهة الإسناد[18]؛ ولقول ابن عمر رضي الله عنهما: لها الخيار ما لم يمسها[19].
وهذا الأثر رواه مالكٌ عن نافعٍ عن ابن عمر، هذه تسمى “السلسلة الذهبية”: رواه مالكٌ في “الموطأ” عن نافع عن ابن عمر قال: لها الخيار ما لم يمسها.
فدلَّ ذلك على أن لها الخيار بشرط ألا يمسها، لا بمباشرة ولا بقبلة ولا بتمكينٍ من وطءٍ، فإن فعلتْ بطل خيارها.
لكن المؤلف يقول: حتى مع الجهل، حتى لو جهلت عِتْقها فيبطل الخيار، وحتى لو جهلت أن لها الفسخ يبطل الخيار.
ولكن في هذه المسألة الأخيرة، قال أبو الخطاب: إن جهلت ذلك لا يَبطُل؛ لأن تمكينها مع الجهل لا يدل على رضاها.
وهذا القول هو الراجح، قول أبي الخطاب هو القول الراجح في المسألة، أنه مع الجهل لا يبطل الخيار، لكن مع العلم يبطل الخيار.
ونقف عند (باب: حكم العيوب في النكاح).
وأُذكِّر بأن الأسبوع القادم ليس فيه درسٌ، يتوقف الدرسُ الأسبوعَ القادم، ونستأنف الدرس الأسبوع بعد القادم إن شاء الله تعالى.
الأسئلة
نُجيب عما تيسر من الأسئلة، نبدأ أولًا بالأسئلة المكتوبة:
السؤال: هذا يقول: ما حكم ما يُسمَّى بـ”الزواج العرفي”؟
الشيخ: الزواج العرفي له صورتان:
- الصورة الأولى: أن يقصد به الزواج غير المُسجَّل رسميًّا، هذا يُسمَّى في بعض البلدان -الزواج غير المسجل رسميًّا- يُسمَّى “زواجًا عرفيًّا”، فيكون نكاحًا بوليٍّ وبشهود وبمهر، يعني: مكتمل الأركان والشروط، لكنه لم يُسجَّل في وثائق رسمية، وهذا حكمه من ناحية الشرعية: أنه صحيح، حكمه صحيح.
- النوع الثاني: الزواج العرفي، موجود في بعض الدول أنه يكون بدون وليٍّ، وأن المرأة تُزوِّج نفسها شابًّا تعرَّفت عليه، ويتزوجها زواجًا عرفيًّا، وهذا نكاح باطل؛ لأن النكاح بدون وليٍّ باطل، كما سبق أن شرحنا: أيُّما امرأةٍ نكحتْ نفسَها بغيرِ إذنِ وليِها فنكاحُها باطلٌ، باطلٌ، باطلٌ[20].
فإذن؛ هو يختلف باختلاف المقصود به من بلدٍ لآخر، لكن هو لا يخرج عن هاتين الصورتين.
السؤال: أحسن الله إليكم. يقول: هل يصح أن يُقال: إن من الفروق بين شروط النكاح والشروط في النكاح: أن شروط النكاح محصورة، والشروط في النكاح ليست محصورة؟
الشيخ: نعم، هذا يصح أن يكون أيضًا من الفروق، هذا من الأخ جزاه الله خيرًا، شروط النكاح محصورة على خلافٍ فيها بين أهل العلم، لكنها في النهاية تؤول للحصر، أما الشروط في النكاح فغير محصورة.
السؤال: أحسن الله إليكم. يقول: كيف يصح عند الحنابلة في القَسْم الصحيح استحبابُ الوفاء به ثم يقولون: للمرأة الفسخ على التراخي! ألا يُعَدُّ هذا تناقضًا؟!
الشيخ: هو لا يُعَدُّ تناقضًا؛ لأنهم يقولون: فائدة الشرط أن للمرأة الخيار. لكن، هم يقولون: لا يجب الوفاء به، وإنما يستحب؛ لأننا لو قلنا بوجوب الوفاء به فمعنى ذلك أننا سنمنعه مما أباحه الله له.
فإذا اشترطت ألا يتزوج عليها، لماذا نمنعه مِن أن يتزوج عليها؟ الله تعالى أباح له النساء إلى أربع. هذه وجهة الحنابلة، فيقولون: لا نستطيع أن نُحرِّم عليه شيئًا أباحه الله تعالى بمقتضى الشرط فقط، لكن يثبت أثر الشرط في الخيار، فإنه إذا لم يُوفِّ بهذا الشرط فله الخيار.
فهو ليس تناقضًا، هم ينظرون له من هذه الناحية، وقولهم قوي في هذه المسألة، قول الحنابلة قوي.
ويظهر أثر ذلك مثلًا في مسألة: إذا شرطت عليه ألا يتزوج عليها؟ فعلى القول الثاني بوجوب الوفاء نقول: لو تزوج عليها يأثم. هذا فيه إشكال؛ كيف يأثم والله تعالى أباح له التعدد؟!
على قول الحنابلة يقولون: لا يأثم. لكن، هي تستفيد من الشرط في أن لها الخيار.
فهو -حقيقة- قولٌ له قوته، وليس فيه تناقضٌ، وإنما هو مُطَّرد، وهم إنما لم يقولوا بالوجوب خشيةً مِن هذه اللوازم.
السؤال: أحسن الله إليكم. يقول: إذا تزوج رجل امرأة مطلقة زواجًا عن رغبة، ثم بعد وَطْئها أراد أن يُطلقها شفقةً بها، لكي ترجع إلى زوجها الأول، فهل يجوز هذا؟
الشيخ: نعم، يصح إذا كان عند العقد نكاحُ رغبةٍ ثم بدا له أن يُطلقها؛ فلا بأس، المهم أنه عند العقد يكون نكاح رغبة، فإذا طرأ على ذلك ما طرأ لا حرج.
السؤال: أحسن الله إليكم. يقول: ذكر المؤلف بأن الزوجة يسقط حقُّها في شرطها إذا مكَّنته مِن نفسها، وعلَّلنا ذلك بأنه دليلٌ على رضاها، لكن لا يلزم من التمكين لنفسها رضاها، فقد تُمكِّنه مِن نفسها وهي غير راضية، فهل يمكن أن يُرجَع في هذا إلى العُرْف؟
الشيخ: الأصلُ أن المرأةَ لا تُمكِّن الزوجَ من نفسها إلا وهي قد رضيت بهذا الشرط، أما إذا أكرَهَها فهنا لا يسقط حقُّها، لكن إذا أمكنته من نفسها راضية، فمعنى ذلك أنها أسقطت حقَّها، فإذا أرادت أن تتمسَّك بشرطها لا تُمكِّنه من نفسها، وإنما تطلب الفسخ مباشرة.
السؤال: أحسن الله إليكم. يقول: ذكرتم أن للمرأة المطالبة بالنفقة ولو أسقطتها في العقد؛ لأنه حقٌّ سقط قبل ثبوته فلا يُعتبر إسقاطه، أفلا نأخذ بهذا التعليل أيضًا فيمن اشترطتِ القَسْمَ الأقل، فكيف نعتبر هذا الإسقاط منها وهو قبل ثبوت الحقِّ؟! وما الفرق أثابكم الله؟
الشيخ: هي إذا أسقطت النفقة فيقولون: إنَّ مِن مقتضى العقد أن يُنفق عليها، فإذا أسقطت ذلك فهي قد أسقطت هذا الأمر الذي هو مِن مقتضى العقد، وأسقطته قبل أن يَثبُت لها، وحينئذٍ فهذا الشرط غير صحيح.
أما إذا شرطت أقل، شرطت أن يكون الزوج عندها أقل، فيقولون: إن هذي شرطت أمرًا لها فيه مصلحة، فيصح بناءً على القول الراجح، وإلا فعند الحنابلة يكون فاسدًا.
إشكال الأخ يقول: أيضًا هي لم يثبت لها بعدُ، يعني: القَسْم لم يثبت لها بعدُ، لكن نقول: إن المرأة التي لها ضرائر، لها وضع خاص يختلف عن غيرها، فالنفقة لكلِّ امرأة واجبة، أما المرأة التي لها ضرائر فلها وضع خاص بالنسبة للمبيت والقَسْم؛ ولذلك إذا أسقطت هذا قبل العقد، وكانت شرطت عليه أقل، فيسقط هذا باعتبارِ -كما ذكرنا- أن هذا له وضع خاص.
السؤال: أحسن الله إليكم. يقول: رجَّحتم جواز نكاح المِسْيار، ثم رجَّحتم بطلان اشتراط إسقاط النفقة، أليس بين ذلك تعارضٌ؛ لأنه يلزم من نكاح المِسيار إسقاط النفقة؟
الشيخ: لا يلزم، لا يلزم من نكاح المسيار إسقاط النفقة، المرأة إذا أسقطت حقَّها برضاها يسقط حتى بغير المسيار، افترِض أن رجلًا تزوَّج امرأة وهي مثلًا موظفة فأسقطت حقَّها، لم تُطالب بحقِّها في النفقة، يسقط كذلك أيضًا فيما يُسمَّى بـ”المسيار”.
الكلام إذا طالبت، إذا طالبت لا يسقط حقُّها في النفقة. أما إذا أسقطت حقَّها فيسقط.
فإذا طالبت بالنفقة فإنه لا يسقط حقُّها في النفقة، بل حتى الفقهاء ذهبوا إلى ما هو أبعد من هذا، قالوا: حتى لو أسقطت حقَّها في النفقة بعد النكاح، بعد الزواج، ثم تراجعت، فلها ذلك، قالوا: لأن النفقة من الأشياء التي تتجدَّد يومًا فيومًا.
السؤال: أحسن الله إليكم. يقول: ما الحكم فيما لو تزوَّج رجلٌ وفي نِيَّته التحليل، ثم رغب في المرأة وأعرض عن التحليل، وكذا مَن تزوج بنية الطلاق، ثم رغب في المرأة، هل يبطل العقد في كِلا الصورتين؟
الشيخ: أما في الصورة الأولى: إذا تزوجها بنية التحليل ثم رغب فلا بد من تجديد النكاح؛ لأن العقد فاسد، لا بد من تجديد عقد النكاح.
وأما في الصورة الثانية: فإذا رَغِب فيها لا يحتاج لتجديد عقد النكاح؛ لأن النكاحَ صحيحٌ لكن مع الإثم، فإنه نكاحٌ مكتمل الأركان والشروط، وإنما قلنا بعدم جوازه لما فيه مِن الغشِّ فقط، وإلا فهو نكاح صحيح. ففرقٌ بين المسألتين.
السؤال: أحسن الله إليكم. يقول: بأنه يُريد الذهاب إلى جدة وأَخْذَ عمرة، ويقول: أنا مضطر للذهاب إلى جدة أولًا، فهل أُحرِم من جدة؟
الشيخ: الأفضل أن يُحرِم في الطائرة عند محاذاة الميقات، إن كان يُريد أن يذهب بالطائرة عند محاذاة الميقات، أو عند محاذاة الميقات عمومًا ثم يذهب لجدة، ويبقى بإحرامه، أو يذهب لمكة ويعود لجدة هذا الخيار الأول.
الخيار الثاني أن يذهب إلى جدة بثيابه لا ينوي شيئًا، وإذا انتهى غَرَضُه يرجع للميقات ويُحرم منه، وفي كِلتا الحالتين لا بد من أن يكون الإحرام من الميقات.
السؤال: أحسن الله إليكم. يقول: إذا كان البشارة هو الإخبار بما يَسُر ويُفرح، فكيف يكون تفسير قوله تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [آل عمران:21]؟
الشيخ: الأصل في البشارة أنه الإخبار بما يَسُر، لكن قد تكون البشارة بغير ذلك على خلاف الأصل، كما في قول الله تعالى: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ، وكما في حديث: إذا مررتَ بقبرِ كافِرٍ فبَشِّرْه بالنار[21]، وإن كان فيه ضعف، فقد يقولون: إن هذا من الأساليب التي قد تُستخدم أيضًا في العذاب، يعني: في التبشير بعذابٍ، لكن الأصل أنها للإخبار بما يَسُر، هذا هو الأصل.
لكن، من باب التهكُّم أن يُبشَّر الإنسان بما يسوؤه، على سبيل التهكُّم؛ ولذلك: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يعني: على سبيل التهكُّم.
ولذلك؛ تجد الناس حتى في أساليبهم، إذا أراد الإنسان أن يتهكَّم بآخر، يقول: بَشِّره بكذا، بشِّره بأنه سيحصل له كذا. فهذا من الأساليب حتى الموجودة بين الناس القائمة.
طيب، نأخذ أسئلة شفهية.
مداخلة: …..
الشيخ: لا، يكون العقد فاسدًا، إذا كان وقت العقد اشترطوا أن لا مهر، فالعقد فاسد، بخلاف ما إذا لم يُذكر المهر.
انتبِهوا يا إخوان؛ إذا تم العقد ولم يُذكر المهر فالعقد صحيح، ويكون لها مهر المثل. فرقٌ بين المسألتين، لكن الكلام هنا: اشترط، كتب العقد واشترط أن لا مهر لها، فهنا لا يصح، لا بد من تجديد عقد النكاح مرة أخرى.
مداخلة: …..
الشيخ: على القول الراجح نعم، على القول الراجح العقد أصلًا فاسد، لا بد من تجديد العقد.
مداخلة: …..
الشيخ: نعم، القول الصحيح، والمسألة خلافية، لكن القول الراجح أنه يجوز للمرأة أن تدفع الزكاة لزوجها، الضابط أن يكون مستحقًّا للزكاة، أن يكون فقيرًا، فإذا كان من المستحقين للزكاة جاز لها؛ لقصة امرأة ابن مسعود ، قال النبي عليه الصلاة والسلام لما سألَتْه، استفتَتِ النبيَّ في هذه المسألة، فأفتاها بأنه يجوز، ولما -أيضًا- سألته عن أن تدفع الزكاة للأيتام في حجرها، قال: صَدَقةٌ وصِلَةٌ[22].
فدلَّ ذلك على أنه يجوز، لكن بشرط أن يكون من المستحقين للزكاة، بخلاف العكس، بخلاف الزوج فليس له أن يدفع الزكاة لزوجته.
مداخلة: …..
الشيخ: هو ما كان مُبطِلًا للنكاح، إذا كان منافيًا لمقتضى العقد، أو يقولون: نهى عنه الشارع، أو أبطله الشارع. فمثلًا؛ أبطله الشارع مثل الشِّغار، مثل المتعة، مثل التحليل.
أو منافيًا لمقتضى العقد، على رأي شيخ الإسلام: المهر، يقول: إنه يُنافي مقتضى العقد، مقتضى العقد أنها يكون لها مهر.
فإذا لم يكن منافيًا لمقتضى العقد، ولم يَرِد النهي عنه صراحة؛ فيكون فاسدًا غير مُفسِد، مثل -مثلًا- الأمثلة التي مثَّل بها المؤلف.
مثل: لو اشترطتْ طلاقَ ضَرَّتها فيكون فاسدًا غير مُفسِد، هو غير منافٍ لمقتضى العقد، لكن أيضًا ورد النهي عنه، ليس على سبيل الإبطال، وإنما على سبيل النهي: ولا تسأل[23]؛ لا تسأل فقط مجرَّدَ سؤال.
فيكون إذن فاسدًا غير مُفسِد، بخلاف نكاح الشِّغار ورد فيه اللعن، هذا يقتضي الإبطال، بخلاف نكاح المتعة، فما يُبطل العقد: محصورة، محصورة لا تتجاوز الأربعة أو الخمسة، محصورة في هذه، وما عداها الأصل أنها فاسدة لكن لا تُبطل العقد.
مداخلة: …..
الشيخ: إذا كانت فاسدة ومفسدة، فالأصل أن العقد غير صحيح أصلًا. لكن مسألة لو أنه مثلًا في نكاحِ شِغَارٍ ودخل بها، فهل يستقر لها المهر أو لا؟ قد وطئها الآن، وربما استمتع بها، فهل يثبت لها المهر؟ تحتاج المسألة مزيد تأمل، والله أعلم، تحتاج مزيد تأمل.
مداخلة: …..
الشيخ: يُفرَّق بينهما بدون طلاق، ما يحتاج طلاق؛ لأنه فاسد أصلًا، العقد أصلًا فاسد.
نكتفي بهذا القدر، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الحاشية السفلية
^1 | رواه أحمد: 2260، وأبو داود: 2085، والترمذي: 1101. |
---|---|
^2 | رواه البخاري: 2721، ومسلم: 1418. |
^3 | رواه ابن أبي شيبة في “مصنفه”: 17247، والبيهقي في “الكبرى”: 14438. |
^4 | أخرجه البخاري: 5152، ومسلم: 1408. |
^5 | رواه البخاري: 5112، ومسلم: 1415. |
^6 | رواه أحمد: 4308، والترمذي: 1120، والنسائي: 3416. |
^7 | رواه ابن ماجه: 1936. |
^8 | رواه الحاكم في “المستدرك”: 2806، والبيهقي في “الكبرى”: 14189. |
^9 | رواه البخاري: 2639، ومسلم: 1433. |
^10 | رواه أحمد: 4403، والترمذي: 1120، والنسائي: 3416. |
^11, ^23 | سبق تخريجه. |
^12 | رواه مسلم: 1406. |
^13 | رواه البخاري: 5871، ومسلم: 1425. |
^14 | رواه مسلم: 1218. |
^15 | رواه البخاري: 5152، ومسلم: 1408. |
^16 | رواه البخاري: 5212. |
^17 | رواه البخاري: 5283. |
^18 | رواه أبو داود: 2236. |
^19 | رواه مالك: 26. |
^20 | رواه أحمد: 24372، وأبو داود: 2083، والترمذي: 1102. |
^21 | رواه ابن ماجه: 1573. |
^22 | رواه البخاري: 1466، ومسلم: 1000. |