logo
الرئيسية/دروس علمية/شرح كتاب دليل الطالب لنيل المطالب/(55) باب السلم- من قوله: “ينعقد بكل ما بدل عليه..”

(55) باب السلم- من قوله: “ينعقد بكل ما بدل عليه..”

مشاهدة من الموقع

 ننتقل بعد ذلك إلى درس الفقه، وكنا قد وصلنا إلى باب السَّلَم.

نعم، في المنزل، المنزل مقابل أرض المسجد، مقابل المحراب من الجهة الغربية.

وصلنا إلى باب السَّلَم.

باب السَّلَم

قال المؤلف رحمه الله:

باب السَّلَم

تعريف السلم ودليل مشروعيته

السَّلَم معناه في اللغة مأخوذ من التسليم والإسلام، ويُقال: السَّلَف بالفاء.

قال بعض أهل اللغة: السَّلَم لغة أهل الحجاز، والسلف -بالفاء- لغة أهل العراق، ولكن هذا محل نظرٍ؛ لأن النبي قال: من أسلف في شيءٍ؛ فليُسلِف في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ [1]، ولغة النبي ما هي؟ لغة أهل الحجاز؟ أم لغة أهل العراق؟ لغة أهل الحجاز، فهذا ينقُضُ هذه المقولة التي قالها بعض أهل اللغة؛ ولهذا فالصواب: أن السَّلم والسَّلف بمعنًى واحدٍ في لغة أهل الحجاز ولغة أهل العراق، السَّلَم والسَّلَف بمعنًى واحدٍ في لغة أهل الحجاز ولغة أهل العراق، على أن السَّلَف أيضًا يطلق على القرض، ولا زال الآن عند العامة يقول: سلِّفني، سلِّفني يعني: أقرضني، ومن إطلاقات السَّلَف -بالفاء- على القرض: قول النبي : لا يحل سَلَفٌ وبيعٌ [2]، المقصود به: يعني القرض، لا يحل قرضٌ وبيعٌ، وهنا قوله: من أسلف المقصود: من أسْلَم، وسُمِّيَ السَّلم سَلَمًا؛ لتسليم رأس المال في مجلس العقد، وسُمِّي سَلَفًا؛ لتقديم رأس المال الذي هو الثمن.

ما معنى السَّلَم؟

يُعرِّف الفقهاء السلم بأنه “عقدٌ على موصوفٍ في الذِّمَّة، مؤجَّلٌ بثمنٍ مقبوضٍ في مجلس العقد”.

التعريف مرةً أخرى: “عقدٌ على موصوفٍ في الذِّمَّة، مؤجَّلٌ بثمنٍ مقبوضٍ في مجلس العقد”.

نوضح التعريف:

“عقدٌ على موصوفٍ”: أي إنه لا بد أن يقع العقد على موصوفٍ غير معيَّنٍ، فلا يصح السَّلَم على معينٍ.

“على موصوفٍ في الذمة”: احترازًا من الموصوف المعيَّن؛ كأن يقول: أسلمت إليك بكذا في السلعة المعينة، في المكان الفلاني، فهذا لا يصح السَّلَم فيه.

“مؤجلٌ”: لا بد من التأجيل، فلا يصح السَّلم حالًّا، وهذا فيه خلافٌ، وإن شاء الله سنتكلم عنه في الشروط.

“بثمنٍ مقبوضٍ في مجلس العقد”: أي لا بد أن يكون رأس مال السَّلم (الثمن) مقبوضًا في مجلس العقد؛ لأنه إذا لم يكن مقبوضًا في مجلس العقد؛ تصبح المسألة من قَبِيل بيع الدين بالدين، وهذا أيضًا سنبينه -إن شاء الله- في الشروط.

نوضح هذا بمثالٍ، نوضح السَّلَم بمثالٍ: أتى رجلٌ إلى آخر، وأعطاه عشرة آلاف ريالٍ نقدًا، على أن يُعطيه مئة كيلو تمرًا من النوع السكري في شهر مثلًا رجبٍ من العام المقبل، قال: في 1 رجب من عام (1432) مثلًا، فهذا هو السَّلَم، فقدَّم له الآن عشرة آلافٍ نقدًا، على أنه يعطيه تمرًا من نوع كذا، مقداره كذا، في وقت كذا، هذه هي صورة السَّلَم.

والسَّلَم جائزٌ بالإجماع، ويدل لهذا قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282]، قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: “أشهد أن السَّلَف المضمون إلى أجلٍ قد أحلَّه الله في كتابه”، ثم قرأ هذه الآية.

وجاء في “الصحيحين” عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قدم رسول الله  المدينة، فوجد أهلها يُسلِفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث، فقال : من أسلف في شيءٍ؛ فليُسلِف في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ [3].

وجواز السَّلَم من محاسن هذه الشريعة؛ إذ إن فيه توسعةً على الناس، ورفعًا للحرج عنهم؛ ولذلك يسمى السَّلَمُ “بيع المحاويج”؛ لأن الغالب أنه لا يُضطر له إلا المحتاج في الغالب، وفيه مصلحةٌ للطرفين: للمُسلِم: وهو المشتري، والمُسلَم إليه: وهو البائع؛ فالمُسلِم -الذي هو المشتري- ينتفع بالسَّلَم، وذلك بشرائه للمُسلَم فيه -ومثلًا في مثالنا السابق: التمر- بأقل من قيمته الحاضرة، إذ جَرَت عادة الناس أن يكون ثمن المُسلَم فيه أقل، يعني: يكون برخصٍ، وأما المُسلَم إليه -الذي هو البائع- فإنه ينتفع بالسَّلَم بحصوله على النقد -على الثمن- حالًّا مقدَّمًا، فكان الناس في عهد النبي عليه الصلاة والسلام أهل حَرْثٍ وأهل زرعٍ، خاصةً الأنصار، فكانوا يُسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث، يأتيهم أناسٌ ويُعطونهم دنانير أو دراهم، على أن يُعطوهم مثلًا تمر العام القادم أو الذي بعده، فينتفعون بهذا النقد، ويستفيدون منه، ثم إذا حلَّ الأجل؛ أتوا لهم بهذا التمر، ففيه مصلحةٌ للجميع، للطرفين: يعني المشتري ينتفع بالرخص، والبائع ينتفع بالثمن مقدَّمًا، يُعطَى الثمن مقدَّمًا فينتفع به.

ويمكن أن يستفاد من السَّلَم في الوقت الحاضر في البنوك في بعض العقود، وهذه -إن شاء الله- سنتكلم عنها في آخر الباب، يعني: لا تظن أن السَّلَم الآن انقطع، هو الآن يمكن أن يُمارس في عقود التوريد، وفي بعض المعاملات البنكية، وهذا -إن شاء الله- سنُشير إليه في آخر الباب.

السَّلَم نوعٌ من البيع، أليس فيه غَرَرٌ؟ يعني: كونه مثلًا يُعطيه عشرة آلاف ريالٍ، على أن يُعطيه مئة كيلو تمرًا مثلًا بعد ستة أشهرٍ، أو بعد سنةٍ أو سنتين، أليس فيه غَرَرٌ؟ يُحتمل أنه لا يستطيع أن يُوفِّر له التمر هذا، فكيف نُوفِّق بين هذا وبين ما هو معلومٌ من أن الشريعة تمنع ما كان فيه جهالةٌ وغررٌ؟ 

مداخلة:

الشيخ: لكن السؤال: هل فيه غررٌ أم لا؟

مداخلة:

الشيخ: نقول: فيه غررٌ، لكن غررٌ مُغتَفرٌ، هو فيه غررٌ، لكنه مغتفرٌ لأجل الحاجة، وإلا هو في الحقيقة بيع معدومٍ، حينما تبيع الآن مثلًا: مئة كيلو تمرًا بعد سنةٍ أو سنتين، هذا معدومٌ في الحقيقة، لكن لما كان..، طبعًا سنذكر له شروطًا من جهة الضبط؛ ضبط أوصافه وصفاته وقدره وجنسه ونوعه، لكن هو فيه غررٌ، لكن ليس كل غررٍ ممنوعًا شرعًا، ليس كل غررٍ ممنوعًا منه شرعًا، فالسَّلَم فيه غررٌ، لكن هذا الغرر مغتفرٌ بجانب المصلحة المترتبة عليه، الجُعَالة فيها غررٌ، لكنها جائزةٌ بجانب المصلحة المترتبة عليها؛ فليس إذنْ كل جهالةٍ أو كل غررٍ يكون ممنوعًا، إلا إذا كان الغرر كبيرًا، ويُفضي إلى التنازع والخصومة، لكن السَّلَم الغرر فيه يسيرٌ، فيُغتفر ما فيه من الغرر؛ لأجل الحاجة والمصلحة.

ينعقد السلم بكل ما يدل عليه

قال المؤلف، نعود لعبارة المؤلف رحمه الله، قال:

ينعقد بكل ما يدل عليه، وبلفظ البيع.

السَّلَم ينعقد بكل ما دل عليه؛ كأن يقول: أسلمتُ لك، أو أسلفت لك، وكذلك ينعقد بألفاظ البيع.

وسبق أن ذكرنا في أول باب البيوع قاعدةً قرَّرها أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: وهي أن العقود تنعقد بكل ما دل عليها من قولٍ أو فعلٍ، ولا تنحصر في ألفاظٍ معينةٍ؛ فإذنْ السَّلَم كل ما دل عليه من لفظٍ؛ انعقد به.

شروط انعقاد السلم

قال:

وشروطه سبعةٌ:

الشرط الأول: انضباط صفات المُسلَم فيه.

أحدها: انضباط صفات المُسلَم فيه.

نحن نريد أن نربط هذه الشروط بالمثال الذي ذكرناه دائمًا، نحن ذكرنا مثال التمر، إذا قلنا: انضباط صفات المُسْلَم فيه؛ طيب، كيف انضباط صفات المُسْلَم فيه؟ 

قال:

كالمكيل.

يعني: أن يكون مما يمكن ضبطه بكيلٍ؛ كالتمر، كما في مثالنا السابق.

والموزون.

أي: يمكن ضبط صفاته بالوزن.

والمَذْرُوع.

يمكن ضبط صفاته بالذَّرْع، وفي معنى الذَّرْع: المقاييس الموجودة الآن، بالمتر مثلًا، أو مثلًا المقاييس المعروفة، التي تعارف عليها الناس الآن هي بمعنى المذروع.

والمعدود.

كذلك.

من الحيوان.

وهذا سنقف معه.

إذنْ هذا هو الشرط الأول: أنه لا بد أن يكون مما يمكن ضبط صفاته، أما ما لا يمكن ضبط صفاته؛ فإنه لا يصح السَّلَم فيه؛ وذلك لأنه يختلف كثيرًا؛ فيُفضي إلى المنازعة بين الطرفين.

وقد سبق أن ذكرنا مرارًا: أن كل ما أدى إلى المنازعة بين الناس؛ فإن الشريعة تمنع منه، كل ما كان يفضي إلى المنازعة والخصومة بين الناس؛ فإن الشريعة تمنع منه.

المؤلف قال هنا: إن المعدود يصح السَّلَم فيه إذا كان من الحيوان.

ولو آدميًّا.

“ولو آدميًّا”، المقصود بذلك: الأرقَّاء المماليك، لكن السَّلَم في الحيوان هل يصح أم لا؟ ظاهر كلام المؤلف: أنه يصح، وهذا قد اختلف فيه أهل العلم على قولين مشهورين:

  • القول الأول: هو قول الجمهور، ومنهم الحنابلة: أنه يصح السَّلَم في الحيوان، وقد نصَّ على هذا الإمام أحمد في رواية الأثرم، ورُوي عن عددٍ من الصحابة؛ منهم: ابن مسعودٍ وابن عباسٍ وابن عمر .
  • ومن أهل العلم من ذهب إلى عدم صحة السَّلَم في الحيوان، وهو مذهب الحنفية.

أما الحنفية فعلَّلوا بأنه لا يمكن ضبط صفاته، ولكن الصحيح هو قول الجمهور، ويدل لقول الجمهور ما جاء في “صحيح مسلم” عن أبي رافعٍ  أن النبي استسلف من رجلٍ بَكْرًا، فقدمت إليه إبل الصدقة، فأمر أن يعطى الرجل بَكْرَهُ، فقالوا: يا رسول الله، لا نجد إلا خيارًا رَباعيًا، قال: أعطوه؛ فإن خير الناس أحسنهم قضاءً [4]، فدلَّ هذا على أنه يصح السَّلَم في الحيوان.

أما قول الحنفية: إنه لا يمكن ضبط صفاته، نقول: إنه يمكن ضبط صفاته في الجملة، فلا يلزم ضبط صفاته على سبيل الدقة، وإنما يمكن ضبط صفاته في الجملة؛ ولهذا نقول: الصواب إذنْ: أنه يصح السَّلَم في الحيوان.

قال:

فلا يصح في المعدود من الفواكه.

يعني: المعدود الأصل أنه يصح فيه، إلا المعدود من الفواكه، لا يصح السَّلَم فيها على رأي المؤلف؛ وذلك كالرمان والخوخ والبرتقال والتفاح ونحوه؛ وذلك لأنها تختلف في الصغر والكبر.

وقال بعض أهل العلم: إنه يصح السَّلَم في المعدود من الفواكه، وهو روايةٌ عن الإمام أحمد؛ وذلك لأن كثيرًا منها متقاربٌ في الحجم، وهذا القول هو الأقرب والله أعلم؛ لأننا إذا رجحنا: أنه يجوز السَّلَم في الحيوان؛ ففي الفواكه من باب أولى، فالاختلاف في الفواكه لن يكون بأشد من الاختلاف في الحيوان، فإذا دَلَّت السنة على جواز السَّلَم في الحيوان؛ فالفواكه من باب أولى.

قال:

ولا فيما لا ينضبط؛ كالبقول.

البقوليات، البقول جمع بَقَلٍ: وهو الذي ليس له ساقٌ من الزرع؛ كالبصل والكُرَّاث ونحو ذلك، المؤلف يقول: إنه ما لا ينضبط؛ كالبقول، البقوليَّات هذه لا يصح السَّلَم فيها، ولكن الأظهر: أنه يصح السَّلَم فيها؛ كالمعدود من الفواكه؛ لأنه إذا صحَّ السَّلَم في الحيوان؛ ففيها من باب أولى.

قال:

والجلود والرءوس والأكارع والبيض.

أما الجلود والرءوس والأكارع: فصحيح أنه لا يصح؛ لأنها تختلف كثيرًا، فلا يمكن انضباط صفاتها، فلا يصح السَّلَم فيها.

والبيض في الحقيقة هو متقاربٌ، إذا كان بيضًا لحيوانٍ واحدٍ فإنه متقاربٌ، ولذلك بيض الدجاج لا يختلف كثيرًا، هو متقاربٌ، ولهذا فالأقرب أنه يصح السَّلَم في البيض.

قال:

والأواني المختلفة رءوسًا وأوساطًا؛ كالقماقم ونحوها.

“القماقم”: جمع قُمْقُمٍ، وهو ما يُسخَّن فيه الماء، نوعٌ من الأواني.

“والأواني المختلفة رءوسًا وأوساطًا”: هذا يدلُّ على أن الأواني في زمن المؤلف كان منها ما هو مختلفٌ رءوسًا وأوساطًا، يعني: رءوسها: أعلاها، وأوساطها مختلفةٌ، ومنها: ما هو ليس بمختلفٍ، على ما هو موجودٌ في زمن المؤلف، المؤلف يقول: إذا كانت الأواني مختلفةً رءوسًا وأوساطًا؛ فهذه لا يصح السَّلَم فيها، أما إذا كانت غير مختلفةٍ؛ فيصح.

لكن في وقتنا الحاضر، هل الأواني الآن تُصنع يدويًّا أم آليًّا؟ آليًّا، تُصنع الآن آليًّا ولا تختلف، لا تختلف الأواني اختلافًا حتى يسيرًا، إذا ضُبطت بالبلد، وبالشركة الصانعة، وبالرقم؛ فإن فيها دقةً متناهيةً؛ ولذلك فالأواني في وقتنا الحاضر نقول: إنه يصح السَّلَم فيها -ولا إشكال- بجميع أنواعها؛ لأن الحكم يدور مع عِلَّته، فقول الفقهاء: إنه لا يصح السَّلَم في الأواني؛ بناءً على ما هو موجودٌ في زمنهم، في زمنهم لا يمكن ضبط الأواني؛ لأنها تُصنع يدويًّا، لكن في وقتنا الحاضر أصبحت تُصنع آليًّا عن طريق المصانع؛ ولذلك فيمكن ضبطها بدقةٍ متناهيةٍ في الوقت الحاضر؛ فيقول مثلًا: أسلمت لك في مئةٍ من آنية كذا، من مصنع كذا، شركة كذا، بلد كذا، لون كذا، فيمكن ضبطها بدقةٍ متناهيةٍ؛ ولذلك في وقتنا الحاضر كثيرٌ من الأشياء يمكن ضبطها بسبب تقدم الصناعة في وقتنا الحاضر، أكثر الأشياء الآن يمكن ضبطها بدقةٍ كبيرةٍ، فإذنْ لا يأتي أحدٌ ويقرأ كتب الفقه، ويقول: إن الفقهاء قالوا: لا يصح السَّلَم في الأواني، قالوا: لا يصح السَّلَم في الأواني، بما هو موجودٌ في زمنهم، يتكلمون عما هو موجودٌ في زمنهم، لكن في وقتنا الحاضر اختلف الحكم، أصبحت الأواني يمكن ضبطها بدقةٍ كبيرةٍ متناهيةٍ؛ ولذلك فيصح السَّلَم فيها، ولا إشكال في ذلك.

السيارات، هل يصح السَّلم فيها؟ هل يمكن ضبطها؟ نعم، يمكن ضبطها بدقةٍ كبيرةٍ، السيارة نوع كذا، موديل كذا، لونها كذا، فيمكن بالأوصاف أن تُضبط.

وهكذا -كما ذكرت- معظم الأشياء في الوقت الحاضر يمكن ضبطها، والحكم يدور مع عِلَّته؛ هذا هو الشرط الأول.

الشرط الثاني: ذكر جنس المُسلَم فيه ونوعه بما يختلف به الثمن

الشرط الثاني: ذكر جنسه ونوعه بالصفات التي يختلف بها الثمن.

“ذكر جنسه ونوعه”، إذا قلنا: ذكر نوعه؛ هل نحتاج إلى أن نقول: ذكر جنسه؟ لا نحتاج في الواقع؛ ولذلك فالصواب: أن ذكر النوع كافٍ عن ذكر الجنس؛ لأن النوع أخص، فمن ذَكَر النوع فقط؛ ذَكَر الجنس؛ ولهذا بعض فقهاء الحنابلة قالوا: ذكر نوعه، ولم يذكروا الجنس، الجنس مثل ماذا؟ التمر، النوع: تمرٌ سكريٌّ، تمر مثلًا صفريٌّ، تمر إخلاص، ونحو ذلك.

فلو قال: أسلمتُ لك في مئة كيلو تمر إخلاص، أو قال: أسلمتُ لك مئة كيلو إخلاص، هل يصح؟ يصح، ما يوجد حاجة إلى أن يقول: تمر إخلاص، ما يوجد شيءٌ “إخلاص”، إلا التمر، فإذا ذكرت النوع؛ فقد ذكرت الجنس.

فإذنْ الصواب: أن ذكر النوع كافٍ عن ذكر الجنس.

إذنْ الشرط الثاني: ذكر نوعه بالصفات التي يختلف بها الثمن.

قال:

ويجوز أن يأخذ دون ما وُصِف له.

يعني: هذا الشخص الذي يستحق المُسلَم فيه، لو أراد أن يأخذ دون ما وُصف له؛ فإن ذلك لا بأس به؛ فمثلًا: هو اتفق معه على تمرٍ من نوع كذا، ووُصف له التمر بأنه من التمر الجيد مثلًا، فأتى له بأقل منه، بدونه؛ فيكون قد تنازل عن بعض حقه، أو مثلًا ما أتى له بمئة كيلو، أتى له بتسعين كيلو، فقال: أنا رضيت، سامحتك في الباقي، فهذا لا بأس به، يكون قد أسقط بعض حقه، وهذا كذلك يجوز حتى في القرض، لو أقرضت شخصًا مثلًا عشرة آلاف ريالٍ، ثم أتى لك بتسعة آلافٍ، خذ ألفًا وأسامحك، فتكون قد تنازلت عن بعض حقِّك، هذا معنى قوله: “ويجوز أن يأخذ دون ما وُصِف له”.

ومن غير نوعه من جنسه.

فلو مثلًا كان السَّلَم في مئة كيلو تمرًا سكريًّا، فأتى له بمئة كيلو تمر إخلاص؛ فلا بأس بذلك، لا بأس بذلك.

وأما إذا كان من جنسٍ آخر: كَبُرٍّ بشعيرٍ؛ فعلى المذهب: أنه لا يجوز؛ لما رُوي أن النبي قال: من أسلف في شيءٍ؛ فلا يصرفه إلى غيره [5].

وقيل: إنه يجوز، وهو روايةٌ عن الإمام أحمد، لكن إذا كان الجنسان مما يجري فيه الربا: كَبُرٍّ مثلًا بشعيرٍ، فيُشترط التقابض قبل التفرُّق، وألا يربح فيه، بأن يبيعه بسعر السوق، بسعر يومه، فإذا تحقَّق هذان الشرطان؛ جاز ذلك، وهذا هو القول الراجح، وهو اختيار أبي العباس ابن تيمية رحمه الله.

أما حديث: من أسلف في شيءٍ؛ فلا يصرفه إلى غيره، فحديثٌ ضعيفٌ لا يصح.

وهذا يقودنا أيضًا إلى مسألة: هل يجوز بيع المُسلَم فيه قبل قبضه؟

يعني دعونا ننطلق من المثال الذي ذكرناه في أول الدرس: أسلَفَه في مئة كيلو تمرًا، أعطاه عشرة آلاف ريالٍ على أن يُعطيه مئة كيلو تمرًا في أول شهر رجبٍ من عام كذا، مئة كيلو تمرًا من نوع كذا، في وقت كذا، ثم بعد ذلك هذا الشخص المشتري احتاج فأراد أن يبيع هذا المُسلَم فيه على شخصٍ آخر، فالجمهور يرون أن هذا لا يصح، لا يصح أن يبيع المُسلَمَ فيه قبل قبضه.

وقال بعض أهل العلم: إنه يصح لكن بشرطين:

  1. التقابض قبل التفرُّق.
  2. وألا يربح فيما لم يضمن.

التقابض قبل التفرُّق إذا باعه بجنسٍ آخر، لكن إذا باعه بجنسه، أو باعه مثلًا بنقدٍ؛ فيُشترط شرطٌ واحدٌ: وهو ألا يربح فيه.

يعني: أراد أن يبيعه مثلًا وهو اشتراه بعشرة آلاف ريالٍ، ما يبيعه بأحد عشر ألفًا، يبيعه بعشرة آلاف ريالٍ أو أقل؛ وذلك لأن النبي نهى عن ربح ما لم يضمن [6]، يعني: ما لم يدخل في ضمانه، وهذا القول اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

الشرط الثالث: معرفة القدر بالمعيار الشرعي

الثالث: معرفة قدره بمعياره الشرعي.

“معرفة قدره بمعياره الشرعي”، المعيار الشرعي: هو الكيل أو الوزن، فلا بد إذنْ من معرفة قدر المُسلَم فيه، فلا يصح السَّلَم دون ذكر قدر المُسلَم فيه؛ لقول النبي : من أسلف في شيءٍ؛ فليُسلِف في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ [7]، فيذكر مثلًا المعيار الشرعي: الكيل أو الوزن، أو مثل ما ذكرنا من الذرع، أو أي شيءٍ معهودٍ عند الناس.

فلا يصح ذكر قدر المُسلَم فيه بشيءٍ لم يُعهد عند عامة الناس؛ كما لو قال: أسلمت إليك بملء هذا الإناء عشر مراتٍ، هذا لا يصح؛ لأن هذا الإناء ربما يُفقد، ربما يضيع، فيكون ذلك مظنَّةً لوقوع النزاع بين الطرفين، لكن يقول: أسلمت لك مثلًا مئة كيلوجرامٍ مثلًا، إذا كان مما يُذرع، مئة ذراعٍ، مئة مترٍ، يعني شيئًا معهودًا ومعروفًا بين الناس.

قال:

فلا يصح في مكيلٍ وزنًا، ولا في موزونٍ كيلًا.

وذلك لأنه يجب أن يُقدَّر بالمعيار الشرعي، والصواب: أنه يصح في مكيلٍ وزنًا، وفي موزونٍ كيلًا؛ لأنه معلومٌ، والتساوي هنا ليس بشرطٍ.

ولذلك نحن قلنا في التمر، التمر مكيلٌ أم موزونٌ؟ مكيلٌ، فلو أنه قال: أعطني عشرة آلاف ريالٍ، أسلمت لك مئة كيلوجرامٍ تمرًا سكريًّا، مئة كيلوجرامٍ هذا وزنٌ، مع أن التمر مكيلٌ، فعلى كلام المؤلف: أن هذا لا يصح، لكن الصواب: أنه يصح، وليس هناك مانعٌ يمنع من هذا.

الشرط الرابع: أن يكون في الذِّمَّة إلى أجلٍ معلومٍ له وَقْعٌ في العادة

الرابع: أن يكون في الذِّمَّة إلى أجلٍ معلومٍ له وَقْعٌ في العادة؛ كشهرٍ ونحوه.

قوله: “أن يكون في الذِّمَّة”، بعض الشُّراح قالوا: “أن يكون في الذمة” يعني: يُستغنى عنه بذكر الأجل؛ لأن المؤجل لا يكون إلا في الذمة، وهذا ذكره في “نيل المآرب”.

ولكن اشتراط: أن يكون في الذمة، هو في الواقع أحد شروط صحة السَّلَم؛ ولهذا نجد أن ترتيب صاحب “زاد المستقنع” أفضل؛ لأن صاحب “زاد المستقنع” جعل “أن يكون في الذمة” شرطًا مستقلًّا، و”أن يكون إلى أجلٍ له وقعٌ في الثمن” شرطًا آخر، فجعلهما شرطين؛ ولذلك نحن نجعلهما أيضًا شرطين.

الأفضل والأحسن: أن نجعلها شرطين؛ حتى لا يلتبس؛ لأنه الآن الْتبس على بعض العلماء، لما جمع بينهما؛ التبس على بعض العلماء فقالوا: لا حاجة لأن نقول: “أن يكون في الذمة”، لكن ترتيب صاحب “زاد المستقنع” أفضل، عبارته أفضل، صاحب “الزاد” قال: “أن يكون في الذمة”، جعله أحد الشروط، و”أن يكون إلى ذكر أجل معلومٍ له وقعٌ في الثمن”، جعله أيضًا شرطًا مستقلًّا.

إذنْ نقول: الشرط الرابع: “أن يكون في الذمة”، فلا يصح أن يكون المُسلَم فيه في شيئٍ معيَّنٍ؛ يعني: يكون المُسلَم فيه موصوفًا في الذمة، فلا يصح أن يكون في شجرةٍ معيَّنةٍ، ولا في بستانٍ معيَّنٍ، فلو أنه قال: أعطني عشرة آلاف ريالٍ، على أن أُسَلِّم لك مئة كيلو تمرًا سكريًّا في: 1 رجب، من عام كذا، من بستاني أو من مزرعتي، يصح أم لا يصح؟ لا يصح؛ لأنه أصبح معيَّنًا.

أو قال: من هذه الشجرة، أو من هذه الأشجار، لا يصح؛ وذلك لأنه لا يُؤمَن تلفه وانقطاعه، ربما أن هذا البستان يتلف، ربما يُصاب بآفةٍ، ولذلك حتى يصح أن تقول: مئة كيلو تمرًا من نوعٍ سكريٍّ، تأتي لي به من مزرعتك، من مزرعة جارك، من السوق، المهم أن تأتي لي مئة كيلو تمرًا سكريًّا في وقت كذا، هذا هو السَّلَم.

أما إذا كان معينًا؛ فإنه لا يصح، وقد حُكي الإجماع عليه، قال ابن المنذر: “إبطال السَّلم إذا أسلم في ثمرة بستانٍ بعينه كالإجماع بين أهل العلم”.

وجاء في “سنن ابن ماجه” عن عبدالله بن سلامٍ  أن النبي أسلف إليه رجلٌ من اليهود دنانير في تمرٍ مُسمًّى، فقال اليهودي: من حائط بني فلانٍ، فقال النبي : أما من حائط بني فلانٍ فلا، ولكن كيلٌ مسمًّى إلى أجل مسمًّى [8]، لكن هذا الحديث من جهة الإسناد ضعيفٌ، وأخرجه ابن ماجه بسندٍ ضعيفٍ، لكن معناه صحيحٌ، وذكرنا أن معناه هو كالإجماع بين أهل العلم.

الشرط نجعله الخامس: ذِكر أجلٍ معلومٍ له وَقْعٌ في العادة، فيكون يُذكر “أجل معلوم له وقعٌ”؛ كشهر ونحوه؛ لقول النبي من أسلف في شيءٍ؛ فليسلف في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ [9].

وقد ذهب إلى اشتراط هذا الشرط جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والحنابلة، واستدلوا بهذا الحديث، فقالوا: إن النبي أمر بالأجل، والأمر يقتضي الوجوب.

والقول الثاني في المسألة: إنه لا يُشترط ذكر الأجل؛ وبناءً عليه: يصح أن يكون السَّلَم حالًّا، وهذا هو المشهور من مذهب الشافعية؛ قالوا: لأنه إذا جاز السَّلَم مؤجَّلًا؛ فحالًّا أجوَز، ومن الغرر أبعد.

أما قول النبي : من أسلف في شيءٍ، فليسلف في كيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلومٍ إلى أجلٍ معلومٍ، فالمقصود: أنه إذا كان السَّلَم إلى أجلٍ؛ فيجب أن يكون الأجل معلومًا، وليس المقصود: أنه لا بد أن يكون السَّلَم إلى أجلٍ، وهذا هو مذهب الشافعية.

وهناك قولٌ ثالثٌ اختاره أبو العباس بن تيمية رحمه الله: وهو أنه يصح أن يكون السَّلم حالًّا إن كان في ملكه، وإلا لم يجز، ولعل هذا القول هو الأقرب.

نُكمل المسألة حتى تتضح أكثر، نوضحها بمثالٍ: في مثالنا السابق نُفرِّع عليه، قال: هذه عشرة آلاف ريالٍ، أسلمت لك عشرة آلاف ريالٍ، على أن تُعطيني مئة كيلو تمرًا من نوع كذا، في وقت كذا، لو أنه لم يقل: في وقت كذا، قال: خذ عشرة آلاف ريالٍ، على أن تعطيني مئة كيلو تمرًا الآن؛ هذه هي مسألتنا، هذه السَّلَم في الحال، هل هذا يجوز؟ 

مداخلة:

الشيخ: هذا في الحقيقة يتحول إلى بيعٍ مباشرةً، فعند الجمهور إذا قال: الآن، مئة كيلو تمرًا الآن، يقول الجمهور: إنه لا يصح أن يُسمَّى سَلَمًا.

الشافعية قالوا: يصح أن يُسمَّى سَلَمًا.

ونحن نقول: لا مشاحة في الاصطلاح، الأمر سهلٌ، لكن الحكم الشرعي لهذه المعاملة، هل يجوز هذا التعامل أو لا يجوز؟

قال: أعطيك عشرة آلاف ريالٍ، تُعطني بها مئة كيلو تمرًا الآن من نوع كذا، يجوز أو لا يجوز؟

مداخلة:

الشيخ: إي نعم، إذا قال: مئة كيلو تمرًا وهو لا يملكها، هنا يكون قد باع ما لا يملك، هذا مما يُشكل على مذهب الشافعية؛ ولذلك قيدُ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله جيدٌ، شيخ الإسلام يقول: إن كان في ملكه؛ جاز، فلو مثلًا إنسانٌ صاحب مؤسسةٍ عنده فروعٌ، وأتى إليه شخصٌ، وقال: هذه عشرة آلاف ريالٍ، على أن تُعطيني مثلًا مئة كيلو، أو ذكر سلعةً مما تبيعه المؤسسة، مما يمكن انضباطها بالوصف، لكن قال: أريدها الآن، قال: والله ما هي عندنا الآن، لكن في فرعنا في جدة، أو في فرعنا في مكة مثلًا، وهو يملكها، المؤسسة تملكها، فهنا يصح، ويكون سَلَمًا على القول الراجح، يكون سَلَمًا، لكن الجمهور لا يُسمُّونه سَلَمًا.

وبعض أهل العلم قال: إن الخلاف بين الجمهور والشافعية في هذه المسألة هو خلافٌ في تسمية هذه المعاملة سَلَمًا، مع عدم وجود الأجل، وإلا فإنه خلافٌ لفظيٌّ.

لكن الواقع في الحقيقة أننا وإن قلنا: هل تُسمَّى سَلَمًا أم لا؟ لكن الأهم في بحثها: هو هل تجوز أو لا تجوز؟

فإذا كان عند الشافعية أنها تجوزٌ، لكن هذا محل نظرٍ، فالصواب أنها لا تجوز، إلا إذا كان المُسلَم فيه في ملكه؛ وعلى هذا: فيكون القول الراجح في المسألة: هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، من صحة السَّلَم حالًّا إن كان في ملكه، وإلا فلا.

الشرط الخامس: أن يكون مما يوجد غالبًا عند حلول الأجل

الخامس:

يعني: على ترتيب المؤلف، والسادس على ما ذكرنا:

أن يكون مما يوجد غالبًا عند حلول الأجل.

أن يكون المُسلَم فيه يوجد غالبًا عند حلول الأجل؛ وذلك لأجل أن يمكن تسليمه في وقته، أما إذا كان المُسلَم فيه لا يوجد في وقت الحلول؛ لم يصح السَّلَم، يُمثِّل لذلك الفقهاء يقولون: لو أسلم في رُطَبٍ في الشتاء، الرُّطَب عادةً متى وقته؟ في الصيف، يقولون: لو أسلم في رطبٍ في الشتاء؛ فإنه لا يصح؛ لأن السَّلَم في الرُّطَب لا يوجد في الشتاء.

ولو أسلم كذلك في عنبٍ في الشتاء، العنب عادةً يكون في الصيف؛ فإنه لا يصح، قال الموفَّق بن قدامة: “لا نعلم فيه خلافًا”.

اللهم إلا إذا كان المقصود بالرُّطَب: الرُّطَب المبرَّد في وقتنا الحاضر، لو أسلم في رُطَبٍ مبرَّد فهل يصح؟ أسلم في رُطَبٍ مبرَّد في الشتاء، يصح أو لا يصح؟ يصح؛ لأنه يوجد في وقتنا الحاضر، يعني على كلام الفقهاء أنه لا يمكن أصلًا أن يوجد رُطَبٌ في الشتاء، أما في وقتنا الحاضر فيمكن.

يا إخوان، من يقرأ كتب الفقهاء لا بد أن يتنبه لمثل هذه المسائل، يتنبه للفرق بين وقتنا ووقت المؤلف، وقت الفقهاء، الفقهاء في وقتهم ربما إلى قبل ثلاثين سنةً ما كان أحدٌ يعرف أن رُطَبًا يمكن أن يوجد في الشتاء، لكن يمكن من ثلاثين سنة الأخيرة أمكن ولله الحمد، أصبح يوجد الآن رُطَبٌ في الشتاء.

فلو أسلم في رُطَبٍ مبرَّدٍ؛ فلا بأس، لكن لو قال: رُطَب ليس مبرَّدًا، وإنما مجذوذًا، هذا طبعًا لا يمكن، لا يمكن أن يكون إلا في وقته وهو في الصيف.

الشرط السادس: معرفة قدر رأس مال السَّلَم وانضباطه

السادس:

وهو على ترتيبنا السابع:

معرفة قدر رأس مال السَّلَم وانضباطه، فلا تكفي مشاهدته، ولا يصح بما لا ينضبط.

“رأس مال السَّلَم”: هذا لم يذكره بعض الفقهاء شرطًا، صاحب “الزاد” لم يعتبره شرطًا، ولكن اعتباره شرطًا له وجهٌ؛ لأن رأس مال السَّلَم في الزمن السابق ربما يكون دراهم، ربما يكون دنانير، ربما يكون فلوسًا، لكن في وقتنا الحاضر أصبح الغالب عليه أنه يكون بالأوراق النقدية.

فإذنْ لا بد من معرفة قدر رأس مال السَّلَم وانضباطه، لا تكفي مشاهدته، ولا يصح بما لا ينضبط؛ وذلك لأنه لا يُؤمَن فسخ السَّلَم، وحينئذٍ عند فسخ السَّلَم لا يمكن معرفة قدر المُسلَم فيه إذا لم يكن منضبطًا، لا يمكن معرفة قدره إذا لم يكن منضبطًا، فيجب معرفة رأس ماله ليَرُدَّ بَدَلَه عند الفسخ؛ كالقرض.

فإذنْ رأس المال لا بد أن يكون معلومًا منضبطًا، وكما ذكرت في وقتنا الحاضر الغالب أن رأس المال يكون من الأوراق النقدية.

الشرط السابع: أن يقبضه قبل التفرُّق من مجلس العقد

الشرط السابع على ترتيب المؤلف، وعلى ما ذكرنا: الثامن، وهو في الحقيقة من أهم الشروط:

أن يقبضه قبل التفرُّق من مجلس العقد.

التقابض قبل التفرُّق، يعني: قبض رأس مال السَّلَم في مجلس العقد؛ وذلك لأنه إذا لم يقبض الثمن في مجلس العقد؛ فيصبح ذلك من قبيل بيع الدين بالدين، وهو لا يجوز.

وهذا محل اتفاقٍ بين أهل العلم، إلا أن المالكية أجازوا التأخير لثلاثة أيامٍ؛ كأنهم اعتبروا الثلاثة أيامٍ أنها مما يُتسامح فيه.

وانتبهوا لهذا الشرط، سنُبيِّنه عندما نتكلم عن تطبيقات السَّلَم المعاصرة، سنُبيِّن أن هذا هو الشرط الذي يقع الإخلال به.

إذنْ مِن أبرز شروط صحة السَّلم: قبض رأس المال في مجلس العقد، رأس المال الذي هو في مثالنا السابق: عشرة آلاف ريالٍ، لا بد من قبضها جميعًا في مجلس العقد، وإلا فإنه لا يصح، إذا لم يقبض رأس المال في مجلس العقد؛ تُصبح المسألة من قبيل الكالئ بالكالئ، يعني الدين بالدين.

أحكام الوفاء بالمُسلَم فيه

مكان الوفاء في عقد السلم

قال:

ولا يُشترط ذكر مكان الوفاء.

كسائر البيوع، البيع هل يُشترط فيه ذكر..، البيع بأجل لا يُشترط فيه ذكر مكان الوفاء، وكذلك أيضًا السلم.

قال:

لأنه يجب مكان العقد.

يعني: الأصل أنه يجب أن يكون الوفاء في مكان العقد.

ما لم يُعقد ببرِّيَّةٍ ونحوها؛ فيُشترط.

ببرِّيَّةٍ، وسفينةٍ، ودار حربٍ، قالوا: إنه يُشترط ذكر مكان الوفاء، وقال بعض أهل العلم: إن المرجع في ذلك هو إلى العُرف، فإذا لم يُذكر مكان الوفاء؛ فالمرجع في ذلك إلى العُرف، وهذا هو القول الصحيح، فلو عقد مثلًا السَّلَم في بريَّةٍ أو في سفينةٍ أو طائرةٍ أو نحو ذلك، فننظر لعُرف الناس، عُرف الناس أن يكون مكان الوفاء، فيُعمل بالعُرف وهذا هو الأقرب.

حكم الكفيل والرهن عن المُسلَم فيه

قال:

ولا يصح أخذ رهنٍ أو كفيلٍ بمُسْلَمٍ فيه.

“لا يصح أخذ رَهْنٍ أو كفيلٍ بمُسْلَمٍ فيه”، ورُويت كراهة ذلك عن عليٍّ وابن عباسٍ وابن عمر ؛ قالوا: لأنه عند تعذُّر الوفاء يرجع المُسلِم إلى هذا الرهن؛ فيكون قد صرف السَّلم إلى غيره، وفي الحديث: من أسلف في شيءٍ؛ فلا يصرفه إلى غيره، لكن هذا الحديث كما ذكرنا ضعيفٌ، والصحيح: هو الجواز، وهو مذهب المالكية والشافعية؛ لأن الأصل هو الحِل والإباحة، والرهن هو عقد توثقةٍ، ولأن المانعين اعتمدوا على حديث: من أسلف في شيءٍ؛ فلا يصرفه إلى غيره، وهو حديثٌ ضعيفٌ.

مثال أخذ الرهن: لو أنه لما أعطاه عشرة آلاف ريالٍ قال: أنا والله أعطيتك عشرة آلاف ريالٍ على أن تُسلِّمني مئة كيلو تمرًا من نوع كذا، لكن لا أضمن أن تُعطيني مئة كيلو تمرًا، أريدك أن تُعطيني رهنًا، حتى إذا ما أعطيتني مئة كيلو تمرًا؛ أستوفي من هذا الرهن، فالمذهب يقولون: إنه لا يصح، لكن الصحيح: أنه يصح، لا مانع، ما هو المانع الذي يمنع من هذا؟ لا مانع يمنع من هذا؛ ولهذا الصواب: أنه يصح.

أما المذهب فاعتمدوا على حديث: من أسلف في شيءٍ؛ فلا يصرفه إلى غيره، لكن نحن قلنا: إن هذا الحديث ضعيفٌ؛ ولهذا الصحيح: أنه لا بأس بأخذ الرهن على المُسْلَم فيه.

مداخلة:

الشيخ: قول المالكية والشافعية.

الحكم إذا تعذر حصول المُسلَم فيه

قال:

وإن تعذر حصوله.

يعني: حصول المُسلَم فيه.

في مثالنا السابق الذي نُفرِّع عليه: أعطاه عشرة آلاف ريالٍ، على أن يُعطيه مئة كيلو تمرًا من نوع كذا، في وقت كذا، لما أتى الوقت الفلاني -مثلًا 1 رجب من ذلك العام- بحث فما وجد مئة كيلو تمرًا، لم يجد، ما هو الحل؟ الحل قال: “وإن تعذر حصوله”، يعني: حصول المُسْلَم فيه.

خُيِّر رب السلم بين:

نقول: أنت رب السَّلَم، الذي هو المشتري، تُخيَّر بين:

صبرٍ.

تصبر عليه حتى يجد، تنتظر حتى يجد مئة كيلو تمرًا من نوع كذا.

أو فسخٍ.

أو أن تفسخ العقد ويُعطيك رأس مالك، الذي هو عشرة آلاف ريالٍ في مثالنا.

ويرجع برأس ماله أو بدله إن تعذر.

يعني: إن كان رأس المال من غير النقد مثلًا، وتعذر أن يُعطيه رأس ماله؛ يُعطيه بدل رأس المال، يعني الخلاصة: أنه إذا تعذر حصول المُسلَم فيه، فنقول لرب السَّلم: أنت بالخيار: إما أن تصبر وإما أن تفسخ، إما أن تصبر وتنتظر حتى يُوفِّر لك هذا الذي اتفقتما عليه، أو أن تفسخ العقد، ويُعيد لك رأس مالك، هذا معنى كلام المؤلف.

ومن أراد قضاء دينٍ عن غيره فأبى ربُّه؛ لم يُلْزَم بقبوله.

هذا استطراد من المؤلف، يقول: “من أراد قضاء دينٍ عن غيره”، هذا إنسانٌ تبرَّع بأن يُسدِّد دينًا عن مدينٍ، مثلًا: إنسانٌ مسجونٌ، عليه عشرون ألفًا، مسجونٌ فيها، أتى إنسانٌ محسنٌ، وقال: أنا أريد أن أُسدِّد عنك، فقال له: لا تُسدِّد عني، أبقى في السجن ولا تُسدِّد عني، بعض الناس عنده هذا النَّفَس، ما يُريد، أو أنه يعرف أن هذا المتبرع كثير المِنَّة، وهو عنده عزة نفسٍ، ربما أنه يتمنَّن عليه في المستقبل، المهم أنه أبى، أبى ربُّه؛ لم يلزمه قبوله؛ لما فيه من المنَّة، ولأن المدين إذا كان قادرًا؛ وجب عليه الوفاء، وإذا كان غير قادرٍ لم يلزمه شيءٌ؛ لأن المعسر لا يلزمه أن يُسدِّد؛ لأنه معسرٌ ليس عنده شيءٌ، ولا يجوز أن يُتعَرَّض له لا بحبسٍ ولا بغيره.

ولذلك -يا إخواني- هذا يبني معاني العزة لدى المسلم، لاحِظ هنا أنه لا يُلزَم المدين بأن يقبل التبرع، كذلك أيضًا من لم يجد ماءً إلا متبرَّعًا به؛ لا يلزمه قبوله، وله أن يعدِل إلى التيمم، كل ذلك مراعاةً لأحوال النفوس، وأيضًا هذا فيه نوعٌ من بناء العزة لدى المسلم، يكون المسلم عنده عزة نفسٍ، لا يكون يعتمد على غيره في كل شيءٍ، وإنما يكون عزيزًا، وربما هذه المسألة ترجع للمصلحة: إن كان صاحبه المتبرع ليس بكثير المنة، وربما يكون قريبًا أو صديقًا، وهو سيتضرر بعدم سداد الدين، هنا قد نقول: الأولى أن يقبل، لكن لا يجب، لا يجب عليه قبول ذلك التبرع من ذلك المحسن.

مداخلة:

الشيخ: طيب، فقط نود أن ننتهي، ثم نُتيح فرصةً للأسئلة؛ لأن الوقت ضاق علينا الآن.

مداخلة:

الشيخ: نعم لم يلزمه قبوله، لم يلزم المدين قبول أن يُسدِّد عنه هذا المحسن.

تطبيقات معاصرة للسلم

ننتقل بعد ذلك إلى تطبيقاتٍ معاصرةٍ للسَّلَم:

السَّلَم يمكن أن يُستفاد منه في الوقت الحاضر في عقود التوريد، فيمكن للمستورد أن يعقد عقد سلمٍ مع شركةٍ أو مؤسسةٍ أو مصنعٍ أو نحو ذلك، في سلعٍ موصوفةٍ في الذمة، ويلتزم المتعاقَد معه بتسليمها عند حلول الأجل؛ مثال ذلك: يعطيه مثلًا نصف مليون ريالٍ، على أن يُورِّد له خمس سياراتٍ من نوع كذا، (موديلها) كذا، لونها كذا، مواصفاتها كذا، في وقت كذا، هذا يصح أن يكون سَلَمًا، لكن لاحِظ تطبيق الشروط السابقة، والتي أهمها: قبض رأس مال السَّلَم، فنصف مليونٍ لا بد أن تنقُدها نقدًا له، وإلا إذا لم تنقُدها له؛ لا يصح.

طيب، إن قال: أُعطيه الآن، أعطيه مئتين وخمسين ألفًا، ومئتين وخمسين ألفًا فيما بعد إذا أتى بالسيارات، هل يصح؟ لا يصح، لماذا؟ لماذا لا يصح؟ لأنها تكون من قبيل الدين بالدين، ولم يُرخِّص في ذلك إلا المالكية في حدود ثلاثة أيامٍ فقط، و”مجمع الفقه الإسلامي الدولي” أخذ برأي المالكية، وقالوا: إنه يصعب تحقيق التقابض الفوري؛ فلذلك يُتسامح في حدود ثلاثة أيامٍ، ولكن تحديد المالكية بثلاثة أيامٍ ليس عليه دليلٌ في الواقع؛ فإذنْ هذا يمكن أن يكون مخرجًا في عقود التوريد، ويمكن تطبيق السَّلَم في البنوك، خاصةً البنوك المحافظة، يمكن أن تستفيد من السَّلَم، فتتعاقد مثلًا مع أصحاب المؤسسات أو الشركات وغيرها، فتقبض منهم أموالًا على أن تُورِّد لهم سلعًا، على ما يريدون من مواصفاتٍ معينةٍ، لكن الواقع أن الناس في الوقت الحاضر يفرُّون من السَّلَم؛ لأجل هذا الشرط: شرط التقابض قبل التفرُّق، ونحن عندما نقول للتجار: لماذا لا تلجؤون للسَّلَم؟ يقول: أنا ما عندي استعدادٌ أن أُعطيه رأس المال كاملًا، وربما أنه ما يُورِّد لي السلعة، أنا أُعطيه جزءًا من الثمن، هنا ترد الإشكالية؛ ولذلك نقول: حتى يكون سَلَمًا؛ لا بد أن تنقُد له رأس المال كاملًا.

مداخلة:

الشيخ: إي نعم، هو نقدٌ إما بـ(شيك) مثلًا مصدقٍ، أو حتى عن طريق الشبكة، أو بالنقد، بأي وسيلةٍ.

عقد الاستصناع

هنا أيضًا تتمةٌ لبحث السلم: عقد الاستصناع.

عقد الاستصناع عند الجمهور يعتبرونه سَلَمًا، ولذلك يشترطون فيه أيضًا: قبض رأس المال في مجلس العقد، والحنفية يعتبرونه عقدًا مستقلًّا.

وتعريف عقد الاستصناع: “أن يطلب إنسانٌ من آخر شيئًا لم يُصنع بعد، ليُصنَع له طِبقَ مواصفاتٍ محددةٍ، بمواد من الصانع، مقابل عوضٍ محددٍ”.

ولاحِظ هنا: أنها بمقابل مواد من الصانع، أما إذا كانت المواد ليست من الصانع وإنما من المستصنع؛ فإن هذه إجارةٌ، وليس استصناعًا، نوضح هذا بمثالٍ: عندما تذهب للخياط وتقول: فصِّل لي هذا الثوب، هذا يُعتبر عقد استصناعٍ، إذا كان القماش من الخياط، المواد من الصانع نفسه؛ فهذا يُعتبر عقد استصناعٍ، أما لو أنك أتيت له بالقماش، وقلت له: خِطْ لي هذا الثوب، فهذه إجارةٌ؛ هذا هو الفرق بينهما، إذا أتينا له بالقماش وقلنا: خِطْ هذا الثوب؛ هذه إجارةٌ، نُطبِّق عليها أحكام الإجارة، لكن إذا قلت له: القماش من عندك، وخِطْ لي هذا الثوب؛ فهذا استصناعٌ، عند الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة يعتبرون الاستصناع سَلَمًا، وعندهم تُطبَّق عليه شروط السَّلم؛ ومنها: قبض رأس المال في مجلس العقد.

وفي الحقيقة لو أخذنا برأي الجمهور؛ يلحق الحرج، فنقول لمن أراد أن يخيط ثوبًا: لا بد أن تنقد للخياط الثمن كاملًا، وهذا القول سيفرح به الخياطون، لكن قول الحنفية الحقيقة هو الذي لا يسع الناس غيره، وبعض العلماء يقول: إنه عليه الإجماع العمَلي، من قديم الزمان والناس على هذا.

فالصواب: هو مذهب الحنفية: أن عقد الاستصناع عقدٌ مستقلٌّ وليس سَلَمًا، وعقد الاستصناع لا يُشترط فيه تسليم رأس المال، وإنما يجوز تأجيله، أو تأجيل بعضه، أو نقده، فالأمر فيه واسعٌ.

الصواب إذنْ، وهو الذي قرَّره “مجمع الفقه الإسلامي”، وهو الذي عليه الفتوى، وهو الذي يُشبه أن يكون إجماعًا عَمَليًّا: أن الاستصناع عقدٌ مستقلٌّ، وأنه لا يُشترط فيه قبض رأس المال في مجلس العقد، وعلى هذا عندما تخيط ثوبًا، بناءً على قول الحنفية والقول الراجح: لك أن تعطيه مقدَّمًا، لك أن تعطيه جزءًا من المبلغ وبقية المبلغ فيما بعد، لك أن تُؤجِّل الثمن، لكن لو أن شخصًا حنبليًّا مثلًا، قال: أنا أريد أن آخذ بالمذهب، فعند الحنابلة لا يصح هذا؛ لا بد أن تنقد للخياط الثمن كاملًا.

وهكذا بالنسبة مثلًا لبناء عمارةٍ، وما يُسمُّونه “ابنِ لي عمارةً على المفتاح”، تقول لي: ابنِ لي هذه العمارة على المفتاح، هذا يعتبر عقد استصناعٍ، إذا كانت المواد من المقاول؛ فعلى قول الجمهور لا بد من نقد رأس المال كاملًا في مجلس العقد، وعلى القول الصحيح -وهو قول الحنفية- لا يُشترط ذلك.

عقد الاستصناع في الوقت الحاضر يمكن أيضًا أن يُطبَّق في عقود التوريد، فإذا كانت السلعة مما يُستصنع؛ فهنا الأمر فيه سعةٌ، لا يُشترط تقديم رأس المال كاملًا، يمكن أن يعطيه جزءًا منه، أو يُؤجِّله كله، لكن بشرط: أن تكون السلعة مما يُستصنع، فإذا اتفَقَتْ مثلًا هذه المؤسسة مع هذا الشخص، أو البنك مع مؤسسةٍ، يقولون: نحن سوف نصنع لك في الخارج أو في الداخل، حتى نصنع لك مثلًا خمسة أجهزةٍ أو عشرةً، بمبلغٍ قدره كذا، فسواءٌ نَقَد لهم رأس المال أو أجَّله، أو نقد بعضه وأجل بعضه، فهذا يعتبر عقد استصناعٍ، والأمر فيه واسعٌ.

إذا أردنا أن نُطبِّق ما سبق على عقود التوريد، عقود التوريد -يا إخوان- فيها إشكالاتٌ كثيرةٌ، إذا كان المورِّد سوف تتعاقد معه الآن، يتعاقد مع صاحب المحل الآن، فلا بد أن يكون يملك السلعة، والواقع أن كثيرًا من الموردين -إن لم يكن جميعهم- لا يملكون السلع التي يريدون استيرادها، فإذا عَقَد معه عقدًا وهو لا يملك السلعة؛ يكون قد باع ما لا يملك، وهذا هو الذي عليه كثيرٌ من المورِّدين الآن، انتبهوا يا إخوان، يتفق معه على توريد سلعةٍ، والمورِّد لا يملك السلعة، يشتري صاحب المحل السلعة والمورِّد لا يملكها؛ يكون قد باع ما لا يملك، طيب ما هو المخرج؟ المخرج: أن يعقد معه عقد سَلَمٍ، ينقد له المبلغ كاملًا، ويقول: ورِّد لي سلعةً على مواصفات كذا وكذا، لكن أكثر الناس لا يريدون السَّلَم؛ لِمَا ذكرنا من إشكالية التقابض، يقول: ما أريد أن أنقده الثمن، ولا أدري ماذا يورِّد لي، وربما قد لا يورِّد، نقول: هل السلعة مما يُستصنع؟ إذا كانت مما يُستصنع؛ يعتبر عقد استصناعٍ، والأمر فيه سعةٌ، لا يلزمك أن تنقده رأس المال، طيب إذا قال: إن السلعة ليست مما يُستصنع، وهذا هو الغالب؛ هناك مخرج ثالثٌ: وهو أن يكون على سبيل الوعد غير الملزِم، فيقول: ورِّد لي هذه السلعة، وأعدك أنك إذا ورَّدتها لي على هذه المواصفات؛ سوف أشتريها منك، وهذا جائزٌ، وهذا يعتبر في الحقيقة هو المخرج، يُعتبر مخرجًا.

فعندنا الآن ثلاثة مخارج بالنسبة لعقود التوريد:

  • الأول: أن يجعله على صيغة السلم.
  • الثاني: أن يكون عقد استصناعٍ إذا كانت السلعة مما يُستصنع.
  • الثالث: إن لم يكن سَلَمًا ولا استصناعًا؛ فيكون على سبيل الوعد غير الملزِم.

فتكون الأحوال أربعةً:

  1. إما بيعًا، ويُشترط أن يملك المورِّد السلعة، وفي الغالب أنه لا يملكها.
  2. وإما أن يكون سَلَمًا، فلا بد من تطبيق شروط السَّلَم هنا، وقبض رأس المال.
  3. وإما أن يكون استصناعًا، لا بد أن تكون السلعة مما يُستصنع.
  4. فإن لم تكن لا سَلَمًا ولا استصناعًا، ولم يملكها المورِّد؛ فليس له خيارٌ إلا أن يتعامل معه على سبيل الوعد غير الملزِم.

وإلا إذا لم يفعل هذا؛ فقد وقع في المحذور الشرعي، فانتبهوا لهذه المسألة؛ لأن هذا من الأخطاء الشائعة عند كثيرٍ من المورِّدين، ويقعون فيها جهلًا، فتجدهم يتعاملون بالتجارة، ويُورِّدون ولا ينتبهون لهذه المحاذير، فينبغي التنبيه والتنبُّه لهذه المسائل.

ونكتفي بهذا القدر، ونسأل الله ​​​​​​​ للجميع الفقه في الدين، والعلم النافع.

وإلى الساعة العاشرة نُجيب عما تيسر من الأسئلة:

الأسئلة

السؤال: أحسن الله إليكم، هل يصح السَّلَم في العقارات؛ مثل: أن أشتري منزلًا قبل تشييده، ولكن بناءً على (كروكي) ورسوماتٍ ومواصفاتٍ؟

الجواب: نعم، السَّلَم في العقار، العقار هل هو مما يُستصنع؟ نعم، مما يُستصنع؛ فيمكن إذنْ أن يكون عقد استصناعٍ، فيقول مثلًا: أريد منك أن تبني لي بيتًا على مواصفاتٍ معينةٍ -كما ذكر الأخ السائل- على هذا (الكروكي)، فإذا اعتبرناه عقد استصناعٍ؛ الأمر فيه سعةٌ، الاستصناع -يا إخوان- مجاله واسعٌ، لا يُشترط فيه قبض رأس المال، فإذنْ إذا كان البناء منزلًا على مواصفاتٍ معينةٍ؛ فهذا عقد استصناعٍ، ولا بأس به إن شاء الله.

السؤال: أحسن الله إليكم، ما المقصود بـ”الفلوس” في كلام الفقهاء، ولماذا لا يجري فيها الربا؟

الجواب: التعامل فيما سبق كان عند الناس بالدنانير التي هي من الذهب، والدراهم التي هي من الفضة، والذهب والفضة من قديم الزمان -يا إخوان- وهما من نفائس المعادن، ذكرها الله في القرآن الكريم، وربما تزداد نفاستها آخر الزمان، الآن كما ترون الذهب في تصاعدٍ، ويدل لهذا قول النبي : لا تقوم الساعة حتى يَحسِر الفرات عن جبلٍ من ذهبٍ، يقتتل عليه الناس، فينجو من كل ألفٍ واحدٌ، فمن حضره؛ فلا يأخذ منه شيئًا [10]، هذا الاقتتال يدل على نَفَاسة هذا الذهب؛ فهذا يدل على أنه سيكون له قيمةٌ، كان الناس يتعاملون بالدنانير والدراهم، وكان هناك شيءٌ آخر غير الدراهم والدنانير: وهي “الفلوس” التي تكون من نحاسٍ أو من غيره، فكانوا يتعاملون بها تعاملًا ليس شائعًا، وللفقهاء فيها تفاصيل كثيرةٌ وخلافٌ، تجد أن كثيرًا من كتب الفقه طافحةٌ بالخلاف فيها، لكن باعتبار أننا لا نحتاج إليها في الوقت الحاضر، فتعامُل الناس الآن بالأوراق النقدية؛ لذلك لا نتوسع في البحث فيها.

السؤال: أخٌ يقترح: ما رأيكم -أحسن الله إليكم- في تغيير وقت الدرس…؟

الجواب: على كل حالٍ: لو أخذنا برأي كل واحدٍ؛ سيكون عندنا ثلاثمئة رأيٍ؛ ولذلك مبدئيًّا نجعله في هذا الوقت، ويمكن فيما بعد إذا رأينا رأي الأغلبية في التغيير؛ نُغيِّر، لكن يوم الجمعة ميزته أنه ليس وقتًا للدروس، وأيضًا بالنسبة لي أيضًا هو مناسبٌ، يكون يوم جمعةٍ، وعندي خطبة جمعةٍ، فأضمن أن أكون موجودًا في الرياض، ويعني هذا..، مثلًا الخميس والجمعة غير مناسبٍ، بقية أيام الأسبوع: السبت والأحد والاثنين والثلاثاء، غالبًا تكون وقت دروسٍ أو محاضراتٍ أو نحو ذلك، ما بقي إلا الجمعة، فنجعله مبدئيًّا في هذا الوقت، وإن رُئِيَ تغييره فيما بعد؛ فيمكن، لكن الآن يكون في هذا الوقت.

مداخلة:

الشيخ: ممكن على كل حالٍ، ممكن هذا يتحول إلى درسٍ، لكن بعدما تستقر هذه الجلسة، بعدما تستقر ممكن تتحول إلى درسٍ.

مداخلة:

الشيخ: نعم، هو الأنسب هو يوم الجمعة مثلما ذكرت؛ لأنه مرتبطٌ بخطبة الجمعة.

السؤال: أحسن الله إليكم، ذكرتم مثالًا للسَّلَم في الأواني، ذكرتم فيه ضبطها بذكر نوعها وشكلها، واسم الشركة المصنِّعة لها، أليس ذكر شركةٍ بعينها داخلًا في النهي المذكور في الحديث: أما مِن حائط بني فلانٍ فلا؛ فإن إفلاس شركةٍ ما واردٌ، وعليه فينقطع السَّلَم؟

الشيخ: نعم، إذا كان شركةً معينةً؛ فهذا صحيحٌ، لكن نقصد صنعةً معينةً، يعني تعرفون الأواني، تكون من صناعة كذا، أو صناعة كذا، أو صناعة كذا، مثلًا هذه الصناعة تقوم بها عدة شركاتٍ، إذا كانت مثلًا أواني كذا، تصنعها شركاتٌ في اليابان، شركاتٌ في أمريكا، شركاتٌ في فرنسا، فما نقصد شركةً معينةً في بلدٍ معينٍ، لكن نقصد هذا النوع من الأواني الذي هو بهذه الصنعة، أما من شركةٍ معينةٍ فربما يَرِدُ ما ذكره الأخ من إفلاس هذه الشركة، فيكون هذا معيَّنًا، لكن نقصد صناعةً معينةً، هذا هو المقصود.

السؤال: أحسن الله إليكم، يقع كثيرًا في أسواق الناس أن يطلب المشتري من محلٍّ سلعةً ما، وتكون قد نفدت من المحل، فيقول البائع: أبيعكها بكذا، يقصد بسعرها المعتاد في السوق، مع ربحٍ معتادٍ، كما لو كانت عنده، فيوفر البائع السلعة من جيرانه، ثم يُعطيها المشتري، فما حكم هذه المسألة؟

الجواب: هذا يجوز بشرط أنه لا يعقد العقد إلا بعد توفير السلعة، فإن كانت السلعة له؛ يكون قد مَلَكها، وإن كانت لجاره؛ يكون قد وكَّله، يكون وكيلًا عن جاره، لكن لا يبيعه حتى توفر السلعة، أما أن يبيعها قبل أن ينقد له الثمن؛ فهذا يكون قد باع ما لا يملك، لكن إذا قال: أنا أوفرها لك، سواءٌ كانت له أو كان وكيلًا عن جاره؛ فعلى كلا التقديرين يصح، وهذا هو الغالب على الناس، الغالب أنه لا يقع العقد إلا بعد توفيرها، ولذلك لو تلفت فلا يضمن، هذا المشتري لا يضمن؛ لأنه يقول: ما اشتريتها منك إلى الآن، أنا ما أشتريها منك حتى توفِّرها.

السؤال: أحسن الله إليكم، لم أفهم مسألة بيع المُسلَم فيه وقول شيخ الإسلام، أرجو التوضيح.

الجواب: نعم، المُسلَم فيه قبل قبضه، في مثالنا السابق: هذا رجلٌ أسلم في مئة كيلو تمرًا من نوع كذا، في وقت كذا، ثم إن هذا المشتري لهذا المُسلَم فيه بعد مرور شهرين احتاج، وأتى لأحد الناس وقال: ما رأيك أبيعك مئة كيلو تمرًا أطلبها فلانًا من الناس، أبيعك إياها، فيقول شيخ الإسلام: إن هذا يجوز، إذا كان لا يربح فيه، يعني: عشرة آلاف ريالٍ بعشرة آلاف ريالٍ أو أقل، فلا يقول: أبيعك إياها بأحد عشر ألفًا؛ لأنه لو ربح فيه؛ يكون قد ربح فيما لم يضمن، وأما إذا لم يربح فيه؛ فيقول: إنه قد حلَّ محلَّه، فيكون سَلَمًا، هذا هو رأي شيخ الإسلام في هذه المسألة.

السؤال: أحسن الله إليكم، هل يصح السَّلَم في السيارات المستعملة؟ وكيف يمكن ضبط صفاتها؟

الجواب: السيارات الجديدة يمكن ضبط صفاتها بدقةٍ، أما المستعملة في الحقيقة قد لا يمكن ضبط صفاتها، قد لا يمكن، وأنا أسألكم الآن: من عنده خبرةٌ بالسيارات، هل يمكن ضبط السيارات المستعملة؟ ضبطها يعني مثلًا: مشت كيلواتٍ معينةً أو…؟ ما يمكن.

مداخلة:

الشيخ: هذا هو الظاهر، الظاهر أن السيارات المستعملة لا يمكن ضبطها.

السؤال: أحسن الله إليكم، ما حكم كثرة التوكيل في الإمامة؟

الجواب: نعم، التوكيل في الإمامة، نعم، الإمام والمؤذن، أشرنا في درس سابق إلى أن المكافأة التي يأخذانها، هي رزقٌ من بيت المال، بيت المال يُصرف في مصالح المسلمين، ومن أبرز مصالح المسلمين: أن يُصرف للإمام والمؤذن؛ حتى يرتبطا بالمسجد؛ لأنه لو لم يُصرف لهما مكافأةٌ؛ ما يكون هناك إمامٌ راتبٌ لهذا المسجد، ولا مؤذنٌ راتبٌ، هذا هو المقصود، فهي تُصرف لهما من باب التشجيع، وليست أجرةً أو معاوضةً؛ ولذلك لا يلزم الإمام والمؤذن إذا غاب وقتًا أو وقتين أو ثلاثةً مثلًا، أن يقوم فيتصدق؛ لأنها ليست على سبيل الإجارة، لكنها مكافأةٌ تشجيعيةٌ.

لكن ليس معنى هذا أيضًا: أن الإمام والمؤذن يتسيَّب دون عذرٍ؛ لأنها مكافأةٌ تشجيعيةٌ مشروطةٌ بانتظامه في المسجد في الجملة، فإذا كان حضوره أكثر من غيابه، فالذي يظهر أنه لا بأس أن يأخذ هذه المكافأة، بشرط أن يكون غيابه بعذرٍ، أما إذا كان غيابه دون عذرٍ؛ فليس له ذلك في الحقيقة، لكن لو كان غيابه بعذرٍ؛ كأن يكون مثلًا أسرته تحتاج إليه في أشغالٍ كثيرةٍ ونحو ذلك، فهنا، وكان حضوره أكثر من غيابه، وكان يُوكِّل إذا غاب؛ فلا بأس بذلك، فإذنْ يجوز هذا بشروطٍ:

  • الشرط الأول: أن يكون حضوره أكثر من غيابه، أما إذا كان غيابه أكثر؛ فلا يجوز له أن يستمر في إمامة هذا المسجد أو الأذان.
  • الشرط الثاني: أنه إذا غاب يُوكِّل من ينوب عنه.
  • الشرط الثالث: أن يكون غيابه لعذرٍ، فلا يكون غيابه دون سببٍ.

فإذا تحققت هذه الشروط الثلاثة؛ فلا بأس بهذا إن شاء الله.

السؤال الأخير: أحسن الله إليكم، ما هي البَكْرة في حديث أبي رافعٍ؟ وما هي الأكارع والرءوس في عبارة المؤلف؟

الجواب: البَكْرة لا زالت إلى الآن معروفةً عند أهل الإبل، مَن يصف لنا البَكْرة؟

مداخلة:

الشيخ: إي نعم، يعني الأنثى من الإبل التي تكون صغيرةً لم تلد بعد، هذه تُسمَّى بَكْرةً، أما قوله: الأكارع، مَن يصف لنا الأكارع؟ 

مداخلة:

الشيخ: نعم، يعني: أطراف الأرجل، تُسمَّى (المَقَادم) أو نحوها.

مداخلة:

الشيخ: (الكوالي)، يُسمِّيها الناس (الكوالي)، نعم هذا هو الظاهر. 

مداخلة:

الشيخ: الرءوس معروفةٌ، ما تحتاج توضيحًا.

مداخلة:

الشيخ: يقول: لأنها مما لا يمكن ضبطه، تختلف هذه عن هذه، لكن الحيوان يمكن ضبطه في الجملة.

مداخلة:

الشيخ: محتمل، على كل حالٍ: المسألة نادرةٌ، نادرًا أن تقع المسألة، لكن هذا في أوقاتٍ مضت؛ ولذلك لم نُفصِّل فيها، محتمل، يحتمل أن يقال بهذا: إنه إذا جاز السَّلم في الحيوان؛ فيجوز في هذه باعتبار أن الاختلاف يسيرٌ.

وعلى كل حالٍ: المهم أن نضبط القاعدة، القاعدة: هي أنه لا يكون الاختلاف كبيرًا، أن يكون الاختلاف يسيرًا، أو يمكن ضبطها في الجملة، هذه هي القاعدة، وهذا -كما ذكرنا- يختلف باختلاف الأزمان، وباختلاف البيئات، وباختلاف الأعراف، وباختلاف الأحوال، لكن المهم هو القاعدة، أن هذا مما يمكن ضبط صفاته في الجملة، ويُتسامح في الاختلاف اليسير الذي لا يُفضي إلى المنازعة والخصومة.

مداخلة:

الشيخ: هذا على التفصيل السابق من عقود التوريد، لا بد أن الشركة تملكها، أو أنك تَعِدهم أنهم إذا أتوا بها؛ تشتريها منهم، أو تكون سَلَمًا أو استصناعًا، لا بد من واحدٍ من هذه الأمور الأربعة: إما أن يبيعوا ما يملكون، أو تعقد معهم عقد سَلَمٍ، أو تعقد معه عقد استصناعٍ -إذا كان مما يُستصنع- أو يكون على سبيل الوعد غير الملزِم، ما يوجد غير هذه الأمور الأربعة، يعني: خيارٌ خامسٌ، فلا بد من واحدٍ من هذه الأمور الأربعة.

مداخلة:

الشيخ: إي نعم، أحسنت، يقول: إذا كانت السلعة مما يُستصنع، لكن المورِّد سوف يشتريها جاهزةً؛ فهل يصح أن نُطبِّق عليها عقد استصناعٍ؟

ما يصح، عقد الاستصناع للشيء الذي سوف يُصنع؛ ولذلك..، مثلًا: بناء البيت، مثل: تفصيل الثوب، مثل: تصنيع سلعةٍ لم تُصنع إلى الآن، سوف تُصنع في المستقبل، أما أنه سوف يشتري سلعةً جاهزةً؛ فلا يصح أن نُطبِّق عليها عقد استصناعٍ.

مداخلة:

الشيخ: لا، إذا كان على سبيل البيع فلا؛ لأنه حتى الآن لم توجد الثمرة بعد، هل بدا فيها الصلاح؟ ما بدا فيها الصلاح، ما يجوز.

والسَّلم لا يصح أيضًا أن يكون معيَّنًا، لا بد أن يكون في الذمة، وأنت الآن تريد ثمر هذه المزرعة المعينة، فهنا ما لك خيارٌ إلا أن يكون على سبيل الوعد، تقول: يا فلان، أنا أحجزها من قَبيل الوعد، يعدك وعدًا غير ملزِمٍ بأنه سوف يبيعك، ما تصح أن تكون بيعًا؛ لأنه لم يبُد الصلاح، لا يصح أن يكون سَلَمًا؛ لأنها معيَّنةٌ، طبعًا الاستصناع هنا غير واردٍ، مايوجد خيارٌ إلا الوعد.

مداخلة:

الشيخ: إذا استلم الثمن، معنى ذلك: أنه باعها قبل أن يبدو صلاحها، لا يجوز هذا.

السؤال الأخير، نعم، تفضل.

مداخلة:

الشيخ: هنا لا بأس، لكن بشرط: أن تكون السلعة لم تُصنع بعد وسوف تُستصنع، الغالب في التوريد: هم يأتون بسلعةٍ جاهزةٍ مصنَّعةٍ، لكن إذا كانت سوف تُستصنع؛ الأمر فيها واسعٌ، عقد الاستصناع على مذهب الحنفية أمره واسعٌ، الإشكال في السَّلَم: أنه لا بد من قبض رأس المال، والإشكال في البيع: لا بد أن يكون يبيع ما يملك، ما يجوز أن يبيع ما لا يملك، فالاستصناع أمره واسعٌ، ما يُشترط وجود السلعة، ما يشترط قبض رأس المال، المهم إذا كانت السلعة مما سوف يُستصنع فالأمر فيها فيه سعةٌ.

ونكتفي بهذا القدر، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1, ^7, ^9 رواه البخاري: 2240، ومسلم: 1604.
^2 رواه أبو داود: 3504، والترمذي: 1234، والنسائي: 4611.
^3 رواه البخاري: 2240.
^4 رواه مسلم: 1600، بنحوه.
^5 رواه أبو داود: 3468، وابن ماجه: 2283.
^6 رواه النسائي: 4631، وابن ماجه: 2188، وأحمد: 6918.
^8 رواه ابن ماجه: 2281، بنحوه.
^10 رواه البخاري: 7119، ومسلم: 2894.
zh