عناصر المادة
- باب زكاة الأثمان
- حُكم الزكاة في الذهب والفضة
- حُكم زكاة الأوراق النقدية
- مقدار الزكاة في الذهب والفضة
- مقدار نصاب الذهب
- مقدار نصاب الفضة
- هل يُضَم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب؟
- حُكم الزكاة في الحُلِيّ
- حُكم تحلية المسجد بالذهب أو الفضة
- حُكم التختم بالفضة للرجل
- أين يُلبس الخاتم؟
- حُكم تحلي الرجل بغير الذهب
- حُكم التختُّم بالحديد والرصاص والنحاس
- باب زكاة العُرُوض
سننتقل إلى دليل الطالب، وكنا قد وصلنا إلى باب “زكاة الأثمان”.
بسم الله الرحمن الرحيم.
باب زكاة الأثمان
قال المصنف رحمه الله:
باب: زكاة الأثمان.
وفسَّر المقصود بها؛ قال:
وهي: الذهب والفضة.
الذهب والفضة من المعادن النفيسة من قديم الزمان، وأودَعَ اللهُ تعالى فيهما من الخصائص ما لا يُوجد في غيرهما من المعادن، والعجيب أن هذَين المعدنَين نفيسان من قديم الزمان ومن آلاف السنين، وفي وقتنا الحاضر كذلك؛ وقد ذكرهما الله تعالى في القرآن في أكثر من موضع: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34].
من اللطائف هنا: الأحبار هم علماء اليهود، والرهبان هم عُبَّاد النصارى، والذين يكنزون الذهب والفضة هم التجار؛ يقول بعض العلماء: إن الله تعالى ذكر ثلاثة أصناف (العلماء – العُبَّاد – التجار) وهؤلاء الثلاثة هم الذين يقودون الناس، وبقية الناس لهم تبع. وذكر الله تعالى أن علماء السوء وكذلك مَن يَتْبعهم من العُبَّاد أنهم يأكلون أموال الناس بالباطل؛ يعني: يأكلون الدنيا بالدِّين -من قديم الزمان-، وأيضًا يصدون عن سبيل الله، وهذا تجده في الوقت الحاضر؛ تجد أحيانًا الصد عن سبيل الله وعن دين الله وعن الدعوة إلى الله من علماء السوء، فانظر كيف أن الله تعالى ذكر هذا عن علماء السوء من قديم الزمان! ثم ذكر التجار الذين يبخلون بما أعطاهم الله تعالى من فضله: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34]؛ هذه فقط من اللطائف التي أذكرها هنا.
الذهبُ أنفَسُ من الفضة، وذكر ابن منظور في “لسان العرب” عن ثعلب أنه قال: “كنتُ أحسب أن قول الأصمعي أن الفضة لا تُنْتِن صحيحًا، حتى أخبرني بعض أهل الخبرة أن الذهب لا يَبْلِيه الثرى، ولا يُصْدِئُه الندى، ولا تَنْقُصُه الأرض، ولا تأكله النار. وأما الفضة: فإنها تَبلى، وتصدأ، ويعلوها السواد، وتُنْتِن”؛ وهذا من اللطائف التي ذكرها صاحب اللسان.
وحين بُعث النبي كان العرب يتعاملون بالذهب والفضة، لكن الذهب في صورة ماذا؟ دنانير، والفضة في صورة دراهم.
لكن كانت الدراهم مختلفة الأوزان، ما بين كبار وصغار وخِفاف وثِقال؛ ولهذا لم يكن أهل مكة يتعاملون بالدراهم عَدًّا، وإنما كانوا يتعاملون بها وزنًا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: الميزان ميزان أهل مكة[1]، يتعاملون بالدراهم كأنها قطع وسبائك غير مضروبة.
وجاء في حديث أبي صفوان بن عميرة؛ قال: “بِعتُ من رسول الله سراويل قبل الهجرة، فوَزَنَ لي وأَرْجَحَ”[2] وهذا في سنن ابن ماجه بسندٍ حسن؛ فكانوا إذَن يتعاملون بالدراهم موزونة، وليست معدودة.
حُكم الزكاة في الذهب والفضة
طيب، أجمع العلماء على وجوب الزكاة في الذهب والفضة للنصوص من الكتاب والسنة؛ ومنها الآية التي ذكرناها: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34، 35].
وما جاء في معناها من السنة؛ كما جاء في حديث أبي هريرة أن النبي قال: ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها؛ إلا إذا كان يوم القيامة صُفِّحَت له صفائح من نار، فيُكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردَت أُعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يُقضى بين العباد، فيُرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار[3].
حُكم زكاة الأوراق النقدية
طيب إذَن؛ تجب الزكاة في الذهب والفضة بإجماع العلماء، وفي الوقت الحاضر أصبح الناس يتعاملون بالأوراق النقدية بعدما كان الناس يتعاملون بالدنانير والدراهم. والأوراق النقدية أول ما برزت كانت مغطاةً بالذهب أو الفضة تغطيةً كاملةً؛ ولذلك في الريال قديمًا أنا أذكر كان يُكتب على الريال: تتعهد مؤسسة النقد العربي السعودي أن تدفع لحامل هذا السند قيمته. لكن فيما بعد ذلك أصبحت التغطية غير كاملة للأوراق النقدية، بل ربما الجزء الأكبر غير مغطى، وأصبحت الأوراق النقدية تخضع لاقتصاد الدولة والتعامل بالعملات الصعبة، ونحو ذلك من بعض الأمور التي يضبطها أيضًا الاقتصاد العالمي؛ يعني ترتبط بالاقتصاد العالمي، فأصبحت ليست مرتبطة بالغطاء من الذهب والفضة.
وقد بحث الفقهاء المعاصرون التكييف الفقهي للأوراق النقدية، أول ما بحثوها اختلفوا اختلافًا كثيرًا؛ ولذلك ربما تجد بعض الآراء الغريبة، كرأي الشيخ ابن سعدي وهو رأي غريب، يعني اعتبرها كالفلوس، لو فتحنا هذا المجال لقلنا إن البنوك ليس فيها ربا بإطلاق، ولفرحَت البنوك بهذا الرأي! لكن كان هذا الرأي في أول ظهور الأوراق النقدية، لكن بعد ذلك استقر رأي العلماء -أو جُلّ العلماء المعاصرين- والمجامع الفقهية والهيئات العلمية: على أن الأوراق النقدية نقدٌ قائمٌ بذاته، كقيام النقدية في الذهب والفضة تمامًا؛ فنعتبر الأوراق النقدية كأنها ذهب أو كأنها فضة تمامًا، وأن الورق النقدي أجناس، تتعدَّد بتعدُّد جهات الإصدار؛ فالريال السعودي جنس، والدولار جنس، واليورو جنس، والجنيه جنس، وهكذا.
طيب نحن قلنا إنه تجب الزكاة في الذهب والفضة بالإجماع؛ فهل تجب الزكاة في الأوراق النقدية؟
نعم؛ لأننا قلنا إن الأوراق النقدية كالذهب والفضة تمامًا، فتجب إذَن الزكاة في الأوراق النقدية.
نصاب الزكاة في الأوراق النقدية
طيب، كم نصاب الأوراق النقدية؟
المؤلف الآن بين نصاب الذهب ونصاب الفضة؛ فما هو نصاب الأوراق النقدية؟ لعلنا نعجِّل هذه المسألة قبل أن نتكلم عن نصاب الذهب والفضة، باعتبار أننا تكلمنا الآن عن الأوراق النقدية.
نصاب الأوراق النقدية؛ للعلماء المعاصرين فيها قولان:
- القول الأول: أن نصاب الأوراق النقدية يُقدَّر بالذهب.
- القول الثاني: أنه يُقدَّر بالفضة. والمجمع الفقهي، ومجلس هيئة كبار العلماء قديمًا -يعني في الدورات الأولى للمجلس-؛ قالوا: إن نصاب الأوراق النقدية هو أدنى النصابَين من الذهب والفضة.
فمؤدَّى القول الثاني أن يكون نصاب الأوراق النقدية هو الفضة؛ لماذا؟ لأن الفضة أرخص بكثير من الذهب. ومَن قال بأن نصاب الأوراق النقدية هو الذهب؛ قال: لأن الأصل براءة ذمة المُكلَّف، والأوراق النقدية نقدٌ قائمٌ بذاته، فنعتبرها بالذهب؛ لأن الأصل براءة ذمته.
ومَن ذهب إلى أن نصاب الأوراق النقدية هو الفضة؛ نظر إلى أن ذلك هو الأَحَظُّ للفقراء والمساكين، فإن بين القولين فرقًا كبيرًا، فسعر الجرام من الذهب في الوقت الحاضر يعادل تقريبًا مئة ريال، بينما سعر الجرام من الفضة أقل من ريال -سبعون إلى ثمانين هللة-؛ فانظر إلى الفرق الكبير الشاسع بين الذهب والفضة. فلا شك أن الأَحَظَّ للفقراء والمساكين هو الفضة، والقول الراجح -والله أعلم- هو القول الثاني، وهو أن نصاب الأوراق النقدية هو نصاب الفضة؛ وذلك لأنه هو الأَحَظُّ للفقراء والمساكين.
وعلى ذلك؛ بعدما نأخذ نصاب الذهب والفضة نرجع لنصاب الأوراق النقدية، لكي نعرف كم مقدار نصاب الأوراق النقدية.
مقدار الزكاة في الذهب والفضة
نعود لعبارة المؤلف؛ قال رحمه الله:
وفيهما رُبُع العُشر.
أو قال:
وفيها.
يعني: الأثمان، أو
فيهما.
يعني: الذهب والفضة.
رُبُع العُشر.
لحديث أنس أن النبي في كتاب أبي بكر الذي كتبه لأنس؛ قال: “وفي الرِّقَة رُبُعُ العُشر”[4] هذا رواه البخاري، وفي منار السبيل قال: متفق عليه، وهذا محل نظر، وليس في صحيح مسلم، وإنما في البخاري.
وفي حديث عائشة وابن عمر: “أن النبي كان يأخذ من كل عشرين مثقالًا نصف مثقال”[5] رواه ابن ماجه بسندٍ صحيح، يأخذ من كل عشرين مثقالًا نصف مثقال، “نصف مثقال” تعادل كم؟ رُبُع العُشر؛ يعني: اثنين ونصف في المئة.
طيب، “رُبُع العُشر” قلنا هي بالنسبة المئوية اثنان ونصف في المئة، أي: واحد من أربعين. ولهذا نذكر قاعدة فقهية، قاعدة مفيدة لطالب العلم في كيفية احتساب رُبُع العُشر؛ وهي: أن أيَّ رقم عندك تقسمه على أربعين يخرج لك رُبُع العُشر مباشرةً. فإذا أردت أن تحسب نصاب الذهب والفضة اقسمه على أربعين، نصاب الأوراق النقدية اقسمه على أربعين، أيُّ رقم عندك اقسمه على أربعين يخرج لك مقدار الزكاة مباشرةً.
فإذا قسمت مثلًا ألف ريال على أربعين فالناتج (25)، ألفين على أربعين فالناتج (50)، أربعة آلاف على أربعين فالناتج (100)، أربعين ألف على أربعين فالناتج (1000)، ثمانين ألف على أربعين فالناتج (2000)، مئة ألف على أربعين فالناتج (2500)، وهكذا.
إذَن؛ أيُّ رقم عندك اقسمه على أربعين يخرج لك رُبُع العُشر، هذه قاعدة مفيدة؛ لأنك إذا أردت أن تحسب مثلًا زكاة مالك أو زكاة مال أحد من الناس، فاقسم الرقم مباشرةً على أربعين -بدلًا من أن تحسب اثنين ونصف في المئة-؛ يخرج لك رُبُع العُشر مباشرةً.
قال المصنف رحمه الله:
إذا بلغت نصابًا.
مقدار نصاب الذهب
ثم بيَّن النصاب.
فنصاب الذهب بالمثاقيل عشرون مثقالًا.
نصاب الذهب بالمثاقيل عشرون مثقالًا؛ ويدل لذلك حديث علي أن النبي قال: إذا كان لك عشرون دينارًا، وحال عليها الحول؛ ففيها نصف دينار[6] رواه أبو داود، وهو حديثٌ صحيح.
والدينار هو المثقال -في الأعم الأغلب أو في الاصطلاح العام-، لكن أحيانًا الدينار يكون له مصطلح آخر، سيذكره المؤلف، لكن في هذا الحديث الدينار هو المثقال.
والدينار لم يتغير في جاهليةٍ ولا في إسلامٍ، وقد وُجد الدينار الإسلامي المسكوك في عهد عبدالملك بن مروان، وُجد في أكثر من دار للمتاحف والآثار؛ ومنها: المتحف في إسبانيا، وأكثر من متحف، واتفقت جميعها على أن دينار عبدالملك بن مروان يَزِنُ أربعة جرامات ورُبُع. إذَن؛ الدينار الذي هو المثقال يَزِنُ أربعة جرامات ورُبُع، ويكاد يكون هذا محل اتفاق بين العلماء المعاصرين.
طيب، أربعة جرامات ورُبُع نريد أن نضربها في عشرين؛ أربعة في عشرين، كم؟ ثمانون؛ ورُبُع في عشرين، كم؟ خمسة؛ فيكون إذَن المجموعُ خمسةً وثمانين، فيكون إذَن نصابُ الذهب خمسةً وثمانين جرامًا، احفظ هذا الرقم، نصابُ الذهب خمسةٌ وثمانون جرامًا؛ لأن تعامل الناس الآن بالجرامات.
طيب، قال:
وبالدنانير خمسة وعشرون، وسُبُعَا دينار، وتُسُع دينار.
الدينار الذي يعنيه المصنف هنا دينارٌ موجودٌ في زمنه، وليس الدينار المعروف، فالدينار الذي عَنَاهُ المصنف دينارٌ زِنَتُه درهمٌ وثُمُنُ درهم، وبكل حال ليس هو المقصود هنا، لكن الدينار الذي ورد في الحديث يعادل المثقال. وبكل حال؛ الذي يعنينا هو الموازين المعاصرة، والموازين المعاصرة في الوقت الحاضر التي يستعملها الناس اليوم هي الجرامات؛ فنقول: إن النصاب بالجرامات خمسةٌ وثمانون جرامًا.
مقدار نصاب الفضة
قال:
ونصاب الفضة مئتا درهم.
وهذا قد ورد في الحديث؛ قال ابن خلدون رحمه الله: “اعلم أن الإجماع منعقد منذ صدر الإسلام وعهد الصحابة والتابعين على أن الدرهم الشرعي: هو الذي تَزِنُ العشرة منه سبعة مثاقيل من الذهب”.
العشرة من الدرهم تَزِنُ سبعة مثاقيل؛ يعني سبعة دنانير، والأوقية أربعون درهمًا؛ فتكون إذَن النسبة بين الدراهم والدنانير: كل سبعة دنانير تعادل عشرة دراهم.
والدينار يعادل أربعة جرامات ورُبُع، فنضرب هذا الرقم في سبعة، أربعة جرامات ورُبُع اضربه في سبعة، ثم اقسم الناتج على عشرة، ستجد أن الناتج يعادل جرامين وتسعمئة وخمس وسبعين من الألف من الجرام؛ هذا يعني مقدار الدرهم بالجرامات. نضرب هذا الرقم في نصاب الفضة -الذي هو مئتا درهم-، فيكون الناتج خمسمئة وخمسة وتسعين جرامًا، احفظ هذا الرقم؛ إذَن نصاب الفضة بالجرامات (595) جرامًا.
أعيد مرةً أخرى؛ نصاب الفضة بالجرامات: خمسمئة وخمسة وتسعون جرامًا.
مقدار نصاب الذهب والفضة بالجرامات
فإذَن الخلاصة: أن نصاب الذهب بالجرامات (85) جرامًا، ونصاب الفضة بالجرامات (595) جرامًا؛ أهم شيء أن تحفظ هذين الرقمين.
طيب، المؤلف ذكر تقديرات موجودة في زمنه؛ قال:
والدرهم اثنتا عشرة حبة خَرُّوب.
الخَرُّوبُ نباتٌ شاميٌّ حلوٌ يؤكل، وهذا موجود في زمن المؤلف.
والمثقال درهم وثلاثة أسباع درهم.
وهذا على تقدير المؤلف، نحن نقدرها بالجرامات؛ لأنها هي المستعملة اليوم.
طيب، عرفنا الآن نصاب الذهب (85) جرامًا، وعرفنا نصاب الفضة (595) جرامًا.
طيب، نصاب الأوراق النقدية، رجَّحنا أن نصاب الأوراق النقدية هو نصاب الفضة؛ فمعنى ذلك: إذا أردنا أن نعرف نصاب الأوراق النقدية، ننظر كم تساوي (595) جرامًا من الريالات، فنذهب لأصحاب محلات الذهب والفضة، نقول لهم: (595) جرامًا من الفضة كم تساوي من الريال؟
الطالب: …
الشيخ: لا، (595) جرامًا من الفضة؛ “من الفضة” يعني من الفضة الخالصة، طبعًا غير مضروبة، من الفضة الخالصة كم تساوي؟ لو بعتها كم تساوي؟
فيعني مثلًا: الجرام من الفضة يعادل تقريبًا ستين إلى سبعين هللة، في الوقت الحاضر أظن يصل ثمانين هللة؛ فتعادِل تقريبًا خمسمئة ريال.
لكن أنبِّه هنا: لو ذهبت الآن لأصحاب المحلات الموجودة في الأسواق؛ يعرفون نصاب الجرام من الذهب، لكن لا يعطونك نصاب الفضة، المحلات الصغيرة الموجودة في الأسواق هم يبيعون الذهب والفضة، لكن لا يعرفون مقدار الجرام من الفضة. ولذلك إذا أردنا أن نعرف نرجع للمحلات الكبيرة والأرقام الموجودة في الصحف، سعر الذهب والفضة تجدونه في الصحف، وأيضًا تُعلَن أسعارهما في القنوات الفضائية.
سعر الفضة بالأوقية وليس بالجرام، وأيضًا سعرها بالأوقية بالدولار وليس بالريال، تحتاج إلى معادلة لكي تحول الأوقية إلى جرامات، وتحول الدولارات إلى ريالات؛ وهذه المعادلة ذكرتُها في الدورة العلمية المُقامة في جامع شيخ الإسلام ابن تيمية قبل سنوات في “فقه المعاملات المالية المعاصرة”، وهي موجودة في موقع الجامع بالصوت ومكتوبة أيضًا، وستخرج في كتاب قريبًا -إن شاء الله-.
لكن هذه المعادلة موجودة لمَن أراد أن يعرف نصاب الأوراق النقدية بدقة، يستخدم هذه المعادلة وينظر لمقدار الفضة المعلن في الصحف، ويأخذها مباشرة، ويستطيع بإدخال هذه المعادلة أن يعرف نصاب الأوراق النقدية.
أما إذا ذهبت لأصحاب المحلات ما يفيدونك وما يدرون كم سعر الجرام من الفضة، يعطونك سعر الجرام من الذهب، لكن سعر الجرام من الفضة ما يعرفه إلا أصحاب المحلات الكبيرة، على أن بعض المحلات الكبيرة أيضًا يتعاملون بالأوقية، فتحتاج إلى معادلة لتحويلها إلى جرامات، ثم أيضًا الدولارات إلى ريالات؛ لكن باختصار: هي تقريبًا في حدود خمسمئة ريال، نصاب الأوراق النقدية في حدود خمسمئة ريال، قد تنقص عن هذا الرقم وقد تزيد عنه قليلًا، بحسب تذبذُب أسعار الفضة.
هذا بالنسبة لنصاب الأوراق النقدية؛ يعني مَن عنده مئة ريال ليس عليه زكاة، ولو حال عليها الحول، مئتا ريال أو ثلاثمئة أربعمئة ما فيها زكاة، ستمئة سبعمئة فما فوق فيها زكاة، خمسمئة محل نظر، والأحوط هو أن يزكيها.
وعلى ذلك؛ مكافأة طلاب المرحلة الجامعية إذا حال عليها الحول، فيها الزكاة أم لا؟
فيها الزكاة؛ لأنها تبلغ نصابًا.
هل يُضَم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب؟
طيب نعود لعبارة المؤلف؛ قال:
ويُضَم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب، ويُخرِج من أيهما شاء.
هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم؛ هل الذهب والفضة جنسان فلا يُضم أحدهما إلى الآخر، أم أنهما جنس واحد فيُضم أحدهما إلى الآخر؟
المؤلف ذهب إلى أنه يُضم أحدهما للآخر، وأنهما كالجنس الواحد، وهذا هو المذهب عند الحنابلة؛ قالوا: لأنهما نقدان وتقوَّم بهما الأشياء، والمقصود منهما واحد وهو الشراء؛ فلذلك تُضم الفضة إلى الذهب أو الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب.
فلو كان عند رجل عشرة مثاقيل ذهب، ومئة درهم من الفضة؛ فيُضم أحدهما إلى الآخر، ونقول: تجب عليك الزكاة بناءً على هذا القول.
القول الثاني في المسألة: أنه لا يُضم أحدهما إلى الآخر، بل هما جنسان مختلفان، وذلك لعموم الأدلة؛ ومنها: قول النبي : ليس فيما دون خَمس أَوَاقٍ صدقة[7]، وهذا يشمل ما إذا كان عنده من الذهب ما يُكمَّل به خَمس أَوَاقٍ أو لا.
ولأن الشعير لا يُضم إلى البُر في تكميل النصاب بالاتفاق، مع أن المقصود منهما في عهد النبي واحد، وهو أنهما قُوت؛ فكذا الذهب والفضة لا يُضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب. ولأن الأدلة قد وردت باعتبار أن كلًّا منهما جنس مستقل؛ كما في قول النبي عليه الصلاة والسلام: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة…[8] الحديث، ولا دليل يدل على أن أحدهما يُكمَّل بالآخر في النصاب، وهذا القول هو القول الراجح -والله أعلم-، رجحه الشيخ محمد بن عثيمين، وهو الأقرب؛ لأنه لا دليل يدل على ضم أحدهما إلى الآخر لتكميل النصاب، والأدلة وردت بأن كل واحد منهما جنس مستقل؛ الذهب على أنه جنس مستقل عن الفضة، الذهب بالذهب، والفضة بالفضة؛ ولذلك عند بيع الذهب بالفضة لا يُشترط التساوي، وإنما يُشترط التقابض، فهما جنسان مختلفان، ولا دليل إذَن على ضمِّ أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب، هذا هو القول الراجح، فيكون الصواب إذَن هو خلاف ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.
الطالب: …
الشيخ: إي نعم، أحسنت، سؤال جيد؛ يقول: هل الأوراق النقدية تُضم إلى الفضة -باعتبار أننا قلنا أن نصاب الأوراق النقدية هو نصاب الفضة-، أم لا؟
نحن اعتبرنا أن الأوراق النقدية نقدٌ قائمٌ بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة؛ فإذا رجحنا أن الفضة لا تُضم للذهب، فكذلك الأوراق النقدية لا تُضم للذهب ولا للفضة، لكن -على المذهب- تُضم الأوراق النقدية للذهب وللفضة؛ فإذَن يجري فيها الخلاف الذي ذكره المؤلف.
حُكم الزكاة في الحُلِيّ
طيب، قال:
ولا زكاة في حُلِيٍّ مباح، مُعَدٍّ لاستعمالٍ أو إعارةٍ.
هذه المسألة من المسائل الخلافية: هل تجب الزكاة في الحلي المُعَدّ للاستعمال أو لا تجب؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين مشهورين:
- القول الأول -وهو ما رجحه المؤلف-: لا تجب الزكاة في الحلي المُعَدّ للاستعمال، ومثل ذلك الإعارة؛ وقد رُوي هذا عن جابر وابن عمر وأنس وعائشة وأسماء ، وذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة.
- القول الثاني: وجوب الزكاة في الحلي المُعَدّ للاستعمال؛ وهو مذهب الحنفية، ورواية عن أحمد، واختاره من المعاصرين شيخنا عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله تعالى.
وهذه المسألة أتوقف عندها قليلًا لأنها من المسائل المهمة؛ استدل الجمهور بعدم وجوب الزكاة في الحلي المُعَدّ للاستعمال بما جاء في الصحيحين عن زينب امرأة عبدالله بن مسعود، أن النبي قال للنساء يوم العيد: تصدَّقْنَ ولو من حُلِيِّكُنَّ[9]؛ ووجه الدلالة أنه لو كانت الزكاة واجبة فيه لَمَا ضرب به المثل في صدقة التطوع، فإنه لا يحسن أن يقال مثلًا: تصدَّقْ ولو من السائمة من بهيمة الأنعام. فلو كانت الزكاة واجبة فيه لَمَا ضرب به المثل في صدقة التطوع، فدل ذلك على أن الزكاة لا تجب فيه؛ كأنه يقول: إن الزكاة لا تجب في هذا الحلي، فتصدَّقْنَ منه. ولأن قاعدة الشريعة: أن ما كان مُعَدًّا للاستعمال والقُنْيَة، وليس مُرْصَدًا للنماء؛ لا زكاة فيه، لقول النبي : ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة[10].
واستدل أصحاب القول الثاني -وهو القول بوجوب الزكاة في الحلي المُعَدّ للاستعمال- بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأةً أتت إلى رسول الله ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مَسَكَتان غليظتان من ذهب، فقال: أتعطين زكاة هذه؟ قالت: لا، قال: أيَسُرُّكِ أن يُسَوِّرَكِ اللهُ بهما سِوَارَين من نارٍ؟، فخلعَتْهما وألقَتْهما، وقالت: هما لله ورسوله[11] وهذا الحديث أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد، وسيأتي الكلام عن درجته؛ فهذا هو دليلهم الأول.
دليلهم الثاني: حديث عائشة رضي الله عنها؛ قالت: دخل عليَّ رسولُ الله وفي يدي فَتَخَات من وَرِق، [يعني: من فضة]، فقال: ما هذا يا عائشة؟، فقلت: صنعتُهُنَّ أتزينُ لك بهنَّ يا رسول الله، فقال: أتؤدين زكاتهنَّ؟، قالت: لا، قال: هو حَسْبُكِ من النار[12] رواه أبو داود والدارقطني والحاكم.
دليلهم الثالث: حديث أم سلمة رضي الله عنها؛ قالت: كنت ألبس أوضاحًا من ذهب، [لاحِظ “أوضاحًا من ذهب”]، فقلت: يا رسول الله، أَكَنْزٌ هو؟ قال: ما بَلَغَ أن تُؤَدَّى زكاتُه فزُكِّيَ؛ فليس بكَنْز[13] رواه أبو داود والحاكم، وهذه هي أدلة القائلين بالوجوب.
والقول الراجح -والله أعلم- هو القول الأول؛ وهو أن الزكاة لا تجب في الحلي المُعَدّ للاستعمال، وهو قول أكثر العلماء.
والقول الثاني قد كان مهجورًا لا يُعمل به هنا في المملكة حتى رجحه سماحة شيخنا عبدالعزيز بن باز رحمه الله، فتبعه على ذلك كثير من المشايخ، وهذا يدل على أثر ترجيحات واختيارات العالِم الكبير المُحقِّق، وإلا كان الناس قبل زمن الشيخ عبدالعزيز بن باز لا يكادون يعرفون هذا القول، لكن لمَّا رجحه الشيخ لفت النظر لهذا القول، وعمل به كثير من الناس.
لكن عند التحقيق؛ الراجح -والله أعلم- هو قول الجمهور، وهو أنه لا تجب فيه الزكاة؛ وذلك لقوة أدلته، وهو المأثور عن أكثر الصحابة، بل أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن رحمه الله؛ قال: لا نعلم أحدًا من الخلفاء قال في الحلي زكاةً[14].
قال القاسم بن محمد: “ما أدركت أحدًا أخذ صدقة الحلي”. وأخرج أيضًا ابن أبي شيبة عن عمرة بنت عبدالرحمن؛ قالت: ما رأيت أحدًا يزكيه[15].
أما أدلة القائلين بالوجوب فجميعها ضعيفة من جهة الإسناد، هذا جوابٌ عامٌّ عنها؛ قال أبو عيسى الترمذي: “ليس يصح في هذا الباب شيء”. انتبه؛ تضعيف الترمذي هو من أقوى ما يكون، إذا ضعَّف الترمذي الأحاديث فهذا يعني أنه من أقوى ما يكون.
وقال أبو عبيد عن حديث “المَسَكَتَيْن”: لا نعلمه إلا من وجهٍ قد تكلم الناس فيه قديمًا وحديثًا.
فالحديث ضعيف إذَن، لكن بعض العلماء المعاصرين صححه بمجموع الطرق؛ منهم شيخنا عبدالعزيز بن باز والألباني، لكنه عند المحققين ضعيف، كما قال الترمذي وأبو عبيد.
ثم أيضًا تَرِدُ عليه إشكالات كثيرة؛ المَسَكَتان في يد تلك المرأة، هل تعادلان نصابًا؟ النصاب خمسة وثمانون جرامًا. ثم على تقدير ذلك؛ الواجب فيهما كم؟ كم الواجب في زكاة الذهب؟ رُبُع العُشر.
“ألقَتْهما” إشكال آخر أيضًا؛ إذا كانت هذه المرأة تجهل وجوب الزكاة في الذهب، فتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز؛ يعني لو كان الحديث صحيحًا لقال النبي عليه الصلاة والسلام: الواجب فيهما رُبُع العُشر -اثنان ونصف في المئة فقط-.
أيضًا حديث عائشة رضي الله عنها؛ نحن قلنا إنه ضعيف من جهة السند، لكن أيضًا تَرِدُ عليه إشكالات؛ هل يُعقَل أن الفَتَخَات التي في يد عائشة تبلغ خمسمئة وخمسة وتسعين جرامًا؟! هذا لا يُعقَل، ولا حتى نصف هذا الرقم! ومن المعلوم أن بيت النبي عليه الصلاة والسلام كان يمرُّ عليه الشهر والشهران والثلاثة، وما أوقِدَ فيه نار.
وأيضًا من المعلوم أنه يُشترط لوجوب الزكاة في الذهب والفضة أن يحول عليه الحول، وعائشة هي زوج النبي عليه الصلاة والسلام، وظاهر القصة أنه رأى هذه الفَتَخَات لأول مرة عليها، ومعلوم أنه لا بد أن يحول عليها الحول.
ثم أيضًا صحَّ عن عائشة رضي الله عنها كما في الموطأ: أنها كانت تَلِي بنات أخيها يتامى، في حِجرها لهُنَّ الحلي فلا تُخرِج منه الزكاة[16]، ولو كان النبي عليه الصلاة والسلام قال لها: هو حَسْبُكِ من النار؛ لَكَانت أخرجت زكاة الحلي لبنات أخيها.
وأما حديث أم سلمة رضي الله عنها فهو ضعيف، وفيه إشكال أيضًا؛ وهو قولها: “كنت ألبس أوضاحًا من ذهب”، والأوضاح لا تكون من الذهب، وإنما تكون من الفضة.
ثم أيضًا على تقدير صحة هذه الأحاديث وسلامتها من الإشكالات؛ فكما قال الإمام أحمد: “خمسة من أصحاب النبي يَرَوْن زكاةَ الحلي عارِيَّتَه”؛ فتُحمل الزكاة في هذه الأحاديث -لو صحت- على أن المقصود بها العارِيَّة. ولا شك أن الصحابة هم أعلم الناس بمراد الشارع، وأعلم الناس بمدلول لغة العرب، فلولا أنه يُسُوغُ حَمْل الزكاة على العارِيَّة لَمَا قال به هؤلاء الصحابة الخمسة، كما قال الإمام أحمد.
فإذَن؛ القول الراجح -والله أعلم- أنه لا تجب الزكاة في الحلي المُعَدّ للاستعمال، وأن هذه قاعدة مُطَّرِدَة في الشريعة: “كل ما كان مُعَدًّا للاستعمال والقُنْيَة لا تجب فيه الزكاة”؛ ولذلك السيارة التي تستعملها لا تجب فيها الزكاة، البيت الذي تسكنه ليس فيه زكاة، الأثاث الذي تستخدمه ليس فيه زكاة، كل ما كان مُعَدًّا للاستعمال والقُنْيَة ليس فيه زكاة؛ وبناءً على ذلك أيضًا الحلي المُعَدّ للاستعمال، ليس فيه زكاة بناءً على القول الراجح -والله أعلم-.
حُكم زكاة الحلي المُحَرَّم والمُعَدّ للكِرَاء
قال:
وتجب في الحلي المُحَرَّم.
الحلي المُحَرَّم تجب فيه الزكاة، وقد حُكي الاتفاق على هذا.
وكذا في المباح المُعَدّ للكِرَاء.
يعني: للتأجير، فتجب فيه الزكاة؛ لأن الزكاة إنما سقطت عمَّا أُعِد للاستعمال لصرفه عن جهة النماء، ففيما عداه يبقى على الأصل، وهكذا إذا كان مُعَدًّا للنفقة، فتجب فيه الزكاة، إذا أعدَّه للنفقة إذا احتاج إليه.
بعض الناس يكون عنده الذهب، أو بعض النساء لا تريد أن تلبسه، لكن تقول: إذا احتجت إليه بعت منه؛ يعني بعت من هذا الذهب لأجل النفقة مثلًا، فهذا تجب فيه الزكاة، إنما الذي لا تجب فيه الزكاة -على قول الجمهور- المُعَدّ للاستعمال.
قال:
إذا بلغ نصابًا وَزْنًا.
وهذا تكلمنا عنه، لكن قال هنا: “وَزْنًا”؛ يعني لا بُدَّ أن يَزِنَ، يَزِنُ الذهب (85) جرامًا، والفضة (595) جرامًا.
ويُخْرِج عن قيمته إذا زادت.
ولهذا قالوا: الاعتبار في النصاب بوزنه، وفي الإخراج بقيمته. في النصاب بوزنه، لا بُدَّ أن يَزِنَ (85) جرامًا في الذهب و(595) جرامًا في الفضة، لكن فيما بعد إذا أردت مثلًا أن تزكي ألف جرام من الذهب، فيكون الإخراج عن قيمته.
حُكم تحلية المسجد بالذهب أو الفضة
قال:
فصل: وتحرم تحلية المسجد.
ثم انتقل المصنف رحمه الله للكلام عن بعض المسائل المتعلقة بالتحلي بالذهب والفضة، وتكلم الفقهاء عن أحكام التحلي بالذهب والفضة في هذا الباب.
قال:
تحرم تحلية المسجد بذهب أو فضة.
وذلك لأنه سَرَف، فهو من الإسراف المذموم، والإسراف والتبذير محرم؛ قال الله تعالى: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ [الإسراء:27]، وتجب إزالته كسائر المنكرات، إلا إذا استُهلك بحيث لا يجتمع منه شيء، فإنه لا تجب إزالته؛ لأنه لا فائدة في إتلافه وإزالته، لأن ماليَّته قد ذهبت.
وقد رُوي أن عمر بن عبدالعزيز لما أراد جَمْع ما في مسجد دمشق مما مُوِّهَ به من الذهب؛ قيل له: إنه لا يجتمع منه شيء، فتركه.
ولذلك؛ المساجد ينبغي أن تبعد عن الزخرفة، وعن السَّرَف المذموم، وعن المبالغات، فوَضْع مثلًا منارات للمسجد قد تدخل في هذا، يعني ما الفائدة من وضع أكثر من منارة للمسجد؟! المنارة الواحدة تكفي، وبالإمكان تقوية الصوت عن طريق مكبرات الصوت. كذلك أيضًا وَضْع القبب، والمبالغات في بناء المساجد؛ هذا من السَّرَف المذموم، بل حتى بعض العلماء يكره المحاريب.
ولهذا؛ ينبغي أن تصان بيوت الله عن مثل هذه الأمور؛ عن الزخرفة وعن المبالغة في بنائها، لأن هذه بيوت الله ، ليست محلًّا للسَّرَف وللتفاخر بها، وبالإمكان وضع هذا المبلغ -الذي يُوضَع في الزخرفة وفي المبالغة- في مسجد آخر أو في أمور تنفع المسلمين.
حُكم التختم بالفضة للرجل
قال:
ويباح للذكر.
يعني: من الذهب والفضة
الخاتم من الفضة، ولو زاد على مثقال.
يباح الخاتم من الفضة؛ وذلك لأن النبي كان يَتَخَتَّم بالفضة، وكان أول ما اتخذ خاتمًا من ذهب، فاتخذ الناس خواتم من ذهب، فنزعه ثم اتخذ خاتمًا من فضة.
كان سبب ذلك؛ أن النبي كتب لرؤساء وملوك العالَم يدعوهم إلى الإسلام، فقيل له: إنهم لا يقبلون كُتُبك ورسائلك إلا مختومة، فاتخذ خاتمًا من ذهب، ثم لمَّا اتخذ الناس خواتم من ذهب نزعه واتخذ خاتمًا من فضة. يقول أنس : لمَّا أراد النبي أن يكتب إلى الروم، قيل له: إنهم لن يقرؤوا كتابك إذا لم يكن مختومًا، فاتخذ خاتمًا من فضة، ونَقَشَه “محمد رسول الله”؛ يقول أنس: فكأني أنظر إلى بياضه في يده[17] والحديث في البخاري.
وكان نقش الخاتم ثلاثة أسطر: (محمد سطر، ورسول سطر، ولفظ الجلالة سطر)[18] كما في رواية البخاري. وكان خاتم النبي هذا في يده، كان عليه الصلاة والسلام عندما يلبسه يضع فَصَّه إلى باطن الكف، ليس إلى ظاهر الكف، بل إلى باطن الكف، هذه هي السُّنة لمَن لبس الخاتم. سنتكلم عن حُكم لبسه، أن يضع فصَّه إلى باطن الكف؛ للدلالة على أنه ما اتخذه للزينة، وإنما اتخذه للحاجة.
بقي هذا الخاتم في يد النبي عليه الصلاة والسلام، ثم لمَّا وَلِيَ الخلافةَ أبو بكر كان يلبسه، فكان في يده، ثم في يد عمر من بعده، ثم في يد عثمان حتى وقع منه في بئر “أَرِيس”، خلعه عثمان ينظر فيه ثم سقط منه، وكان عند بئر “أَرِيس”، فسقط منه في البئر. قال أنس: “فاختلفنا ثلاثة أيام مع عثمان ننزح البئر”[19]؛ نزحوا ماء البئر فلم يجدوه، ولله تعالى الحكمة في هذا.
لكن هذا يقودنا لحُكم التختُّم بالفضة؛ أما التختُّم بالذهب فإنه لا يجوز، وقد نهى النبي عنه؛ ولمَّا رأى رجلًا قد لبس خاتمًا من ذهب نزعه منه وألقاه في الأرض، وقال: يَعْمَد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده، فقيل لهذا الرجل: خذ خاتمك فانتفِع به، قال: لا، والله لا آخذ خاتمًا نزعه رسول الله [20]؛ وهذا يدل على أنه أحيانًا الشدة تكون هي الحكمة في التعامل، وليس دائمًا الرفق هو الحكمة، أحيانًا قد تكون الشدة.
لاحِظ تعامل النبي عليه الصلاة والسلام مع هذا الرجل، كان فيه شيء من الشدة؛ أليس كذلك؟ كونه يأخذه من يده وينزعه، فيه شدة، لكن هل هذا الأسلوب نفع معه؟ نعم، نفع مع هذا الرجل. ولهذا تأثَّرَ؛ قيل له: خذ خاتمك فانتفِع به، قال: لا، والله لا آخذ خاتمًا نزعه رسول الله ؛ فكأن النبي عليه الصلاة والسلام عَلِمَ أنَّ هذا الرجل ليس جاهلًا، وإنما هو عالم بالحُكم ونحو هذا؛ فاتخذ هذا الأسلوب. ولذلك؛ الحكمة هي وضع الشيء في موضعه؛ قد يكون اللين -وهو الغالب في التعامل-، لكن أحيانًا قد يكون استخدام القسوة والشدة هو الحكمة في التعامل مع الغير.
اختلف العلماء في حُكم التختُّم بخاتم الفضة للرجل، مع اتفاقهم على جوازه؛ فمن العلماء مَن قال إنه سنة مطلقًا، وقال الجمهور إنه مباح، وقال آخرون إنه مباح إلا لمَن يتخذه لحاجة كأن يتخذه وينقش عليه ختمًا ويختمه، فهو سنة في حقه؛ وهذا القول الأخير هو القول الراجح -والله أعلم-.
كان بعض القضاة -خاصةً الأَكِفَّاء الذين لا يبصرون-؛ كانوا يتخذون خواتم عليها ختمهم، ويختمون بها الصكوك، وغيرهم كذلك، ربما بعض الناس يحتاج لمثل هذا الختم، فمَن يتخذه لحاجة فيكون في حقه سنة، وهذا هو القول الراجح؛ لأن النبي لم يتخذه للزينة، وإنما اتخذه للحاجة؛ ولذلك جعل فصَّه إلى باطن كفه؛ ولأن الصحابة لم يُنقل عنهم أنهم كانوا يتخذونه، إنما اتخذه النبي عليه الصلاة والسلام وأبو بكر لَمَّا وَلِيَ الخلافةَ، وعمر لمَّا وَلِيَ الخلافةَ، وعثمان لمَّا وَلِيَ الخلافةَ، ولم يُنقل عن بقية الصحابة أنهم كانوا يتخذونه؛ فدل ذلك على أنه سنة في حق مَن احتاج إليه، هذا هو القول الراجح -والله أعلم-.
أين يُلبس الخاتم؟
قال المصنف:
وجَعْلُه بخِنْصِر.
لأن النبي عليه الصلاة والسلام كان يلبسه في الخِنْصِر، فهو الإصبع الصغير؛ لكن هل يكون في اليمين أو في اليسار؟
المؤلف يقول:
يسارٍ أفضل.
أكثر الأحاديث على أن التختُّم في اليد اليسرى؛ ولهذا قال الدارقطني: “المحفوظ أن النبي كان يتختَّم في يساره”، وقال الإمام أحمد: “اليسار أفضل؛ لثبوته عن النبي “، وضعَّف الأحاديث التي فيها التختُّم في اليد اليمنى. لكن الأحاديث التي فيها أنه عليه الصلاة والسلام تختَّم في اليد اليمنى وردت من طرق متعددة يقوِّي بعضُها بعضًا، والأقرب أنها محفوظة، فيكون قد ورد هذا وهذا، وإن كان الأكثر أنه تختَّم في اليد اليسرى؛ فالأمر في هذا واسع.
لكن كيف نجمع بين هذه الأحاديث؟
من أحسن الأقوال في هذه المسألة؛ هو ما اختاره الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري، أنه لمَّا ذكر الأقوال وسرد الروايات؛ قال: ويظهر لي أن ذلك يختلف باختلاف القصد؛ فإن كان اللبس للتزيُّن به فاليمين أفضل، وإن كان للتختُّم به فاليسار أولى؛ لأنه كالمُودَع فيها، ويحصل تناوله منها باليمين، وكذا وَضْعه فيها.
إذَن؛ حاصل كلام الحافظ ابن حجر؛ أنه إذا كان المقصود من التختُّم الزينة، فاليمين أفضل؛ وإذا كان المقصود منه ليس الزينة، وإنما اتخذه لحاجة، فاليسار أفضل.
طيب، يتفرع عن هذه المسألة مسألةٌ من المسائل المعاصرة؛ وهي: لبس الساعة؛ هل الأفضل لبس الساعة في اليد اليمنى أو في اليد اليسرى؟
الساعة كالخاتم تمامًا، فالأقوال التي ذكرناها في الخاتم تنطبق على الساعة؛ فتكون الأقوال فيها ثلاثة:
قول بأن لبس الساعة في اليسار أفضل، وقول بأنها في اليمين أفضل، وقول يفصِّل التفصيل الذي ذكره الحافظ ابن حجر: إن كان لبس الساعة للزينة ففي اليمين أفضل، وإن كان للحاجة -لمعرفة الوقت مثلًا- فاليسار أفضل.
وغالب الناس يلبسون الساعات للزينة أم للحاجة؟ أما الرجال فيلبسونها للحاجة، وأما النساء فيلبَسْنَها للزينة؛ فالرجال يلبسونها -في الغالب- للحاجة، وبعضهم قد يلبسها للزينة، فمَن يلبسها للحاجة -لأجل معرفة الوقت مثلًا-؛ نقول: لُبْسها في اليسار أفضل من اليمين، وهذا هو الذي عليه أكثر الروايات، كما ذكر الدارقطني والإمام أحمد.
لكن لو أن رجلًا لبسها للزينة، أو أن امرأة -وهو غالب النساء- لبسَتْها للزينة؛ فنقول: في اليمين أفضل، وهذا هو الذي تجتمع به الأحاديث، وهذا الجمع الذي ذكره الحافظ ابن حجر جمعٌ حسنٌ، تجتمع به الروايات الواردة في المسألة.
الطالب: …
الشيخ: للحاجة يعني لمعرفة الوقت، إذا كان هذا كالمُودَع، أو مثلًا لحاجة الخَتْم أو نحو ذلك، فالساعة أيضًا لمعرفة الوقت تُعتبر حاجة، فمعظم الرجال يلبسون الساعة لمعرفة الوقت، وهذا يُعتبر حاجة. لكن مَن يلبسها للزينة؛ نقول: لا، اليمين أفضل، النبي عليه الصلاة والسلام لُبْسه كان للحاجة -في الأعم الأغلب-؛ لأنه نَقَشَ عليه خاتمه، ولذلك أكثر الروايات على لبسه في اليسار. هذا هو التحقيق في هذه المسألة، يعني به تجتمع الروايات -والله أعلم-، وكلام الحافظ ابن حجر هو من أحسن ما وقفتُ عليه في هذه المسألة.
قال المؤلف رحمه الله:
وتباح قَبِيعَة السيف.
“وتباح قَبِيعَة السيف” يعني من الفضة فقط؛ والقَبِيعَة: ما يكون على رأس مقبض السيف، فهذه تباح أن تكون من الفضة. قال أنس : “كانت قَبِيعَة سيف رسول الله من فضة”[21] رواه أبو داود بسندٍ صحيح.
قال المؤلف:
ولو مِن ذهب.
أي: تباح قَبِيعَة السيف من الذهب، ورُوي عن عمر أن قَبِيعَة سيفه من ذهب، لكن الروايات المحفوظة أنها كانت من فضة، لكن قالوا إن السيف من آلة الحرب، وبتحليته من الفضة أو الذهب إغاظةٌ للعدو، وإغاظة الأعداء ممدوحة؛ كما قال الله تعالى: وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ [التوبة:120]، على أن الفضة أوسع منها في الذهب؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه لم يرد أصلًا النهي عن لبس الفضة بالنسبة للرجال، إنما ورد عن الذهب، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أيضًا أن اليسير من الذهب يباح؛ واستدل بحديث: أن النبي نهى عن لبس الذهب إلا مُقطَّعًا[22] وحسَّن بعضهم إسناده كما ذكر ذلك صاحب الفروع.
وعلى ذلك؛ يسير الذهب -على قول شيخ الإسلام- يُعفى عنه، ومن ذلك مسألة يطرحها بعض الناس، وهو القَصَب الموجود على المَشالح، بعض الناس يقول إنه من ذهب، وهذا غير صحيح، قد ذكر الشيخ محمد بن إبراهيم أنهم قد اختبروه، وأنهم وجدوه أنه ليس ذهبًا، ثم لو كان ذهبًا لتضاعفت أقيام المَشالح، ليس ذهبًا، وإنما هي لمعة؛ ولذلك تتغير مع مرور الوقت، ولو كانت ذهبًا لَمَا تغيرت.
لكن على تقدير أن فيه شيئًا من الذهب؛ فإنه على قول شيخ الإسلام لا بأس به، لأن الذهب اليسير على رأيه يجوز، وأما الفضة فالأمر فيها واسع.
قال:
وحِلْيَة المِنْطَقَة.
“المِنْطَقَة” هي ما يُشد به الوسَط، فيجوز أن تكون من الفضة.
وكذلك:
الجَوْشَن.
و”الجَوْشَن” هو الدرع، وهو الذي يُلبس في الحروب.
والخُوذَة.
وهي البَيضة، أيضًا تُلبس في الحروب.
قال:
لا الرِّكَاب.
يعني: فلا يجوز أن يُحلى به الفضة، والرِّكَاب: حلقة تُعلَّق بالسُّرُج يجعل الراكبُ فيها رِجله، لمَّا كانوا يركبون الدواب، فيُجعل حلقة تُعلَّق بسَرْج الدابة يجعل الراكبُ فيها رِجله.
واللِّجَام.
يعني: لا يجوز أيضًا أن يُحلى اللِّجَام؛ وهو أداة من حديد توضع في فم الدابة، ولها سيور تُمكِّن الراكب من السيطرة عليها؛ فيقول المؤلف إنه لا يجوز تحليتها بالفضة.
والدَّوَاة.
وهي ما يوضع فيه الحِبر ويُكتب منه، أيضًا لا يجوز تحليتها بالفضة، لكن على رأي شيخ الإسلام أن الفضة الأمر فيها واسع، أنه لا يحرم منها إلا الأواني وما كان في معناه، فالذهب الأمر فيه أشد من الفضة.
قال:
ويباح للنساء ما جَرَت عادتهنَّ بلبسه.
يعني: من غير إسراف، وإلا فإن الذهب والفضة مباحان للنساء؛ لقول النبي عن الذهب والحرير: أُحِلَّ الذهب والحرير لإناث أمتي، وحُرِّم على ذكورها[23] أخرجه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حديثٌ حسنٌ صحيح.
ولو زاد على ألف مثقال.
ما لم يصل إلى السَّرَف والخيلاء والتبذير.
حُكم تحلي الرجل بغير الذهب
قال:
وللرجل والمرأة التحلي بالجوهر، والياقوت، والزَّبَرْجَد.
لأن الأصل في ذلك هو الحِل والإباحة؛ فلو كان مثلًا لَبِس الرجل ساعةً من جوهر ثمين فلا بأس بذلك -ما لم يصل إلى حد الإسراف-. لو لَبِس ساعةً مثلًا من ألماس، هل يجوز؟ نعم يجوز، الممنوع هو أن يلبس من الذهب، أما الساعة من الألماس فلا حرج في ذلك.
طيب، لَبِس ساعةً من فضة؛ نحن قلنا: خاتم من فضة يجوز، وكذلك الساعة كالخاتم تمامًا.
حُكم التختُّم بالحديد والرصاص والنحاس
طيب، قال:
وكُرِهَ تختُّمهما بالحديد والرَّصاص والنُّحاس.
والتختُّم بالحديد والرصاص والنحاس؛ اختلف العلماء فيه على قولين:
- القول الأول -وهو ما رجحه المؤلف-: أنه مكروه؛ وذلك لحديثِ أن الحديد هو حلية أهل النار[24] وهذا الحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي.
- القول الثاني: أن التختُّم بالحديد والرصاص والنحاس مباح؛ وذلك لقول النبي : التمِس ولو خاتمًا من حديد[25] متفق عليه، وهذا هو القول الراجح -أنه يجوز التختُّم بالحديد من غير كراهة-؛ وذلك لأن حديث: التمِس ولو خاتمًا من حديد في الصحيحين.
وأما حديثُ أن الحديد هو حلية أهل النار فحديثٌ ضعيف، ولو ثبت فإن حديث: التمِس ولو خاتمًا من حديد أصح منه.
قال:
ويُستحب بالعَقيق.
يعني: يُستحب التختُّم بالعَقيق، والعَقيق ضربٌ من الخرز الأحمر؛ واستدلوا لذلك بحديث: تختموا بالعَقيق فإنه مبارك[26] ولكن هذا الحديث حديثٌ ضعيف جدًّا، بل قيل إنه موضوع؛ أخرجه العقيلي في “الضعفاء”، وذكره ابن الجوزي في “الموضوعات”؛ ولذلك فالعَقيق كغيره من الجواهر لا يقال إنه يُستحب ولا يُكره، وإنما يباح، هو كالياقوت والألماس والزَّبَرْجَد، كغيره من الجواهر.
باب زكاة العُرُوض
ثم قال المؤلف رحمه الله:
باب: زكاة العُرُوض.
وعرَّفها فقال:
وهي: ما يُعَدُّ للبيع والشراء لأجل الربح.
العُرُوض: جمع عَرْض، بإسكان الراء، عَرْض عُرُوض، وعَرَض أعراض، ومنه عَرَض الحياة الدنيا؛ يعني: متاع الحياة الدنيا، لكن العَرْض: هو المال المُعَدّ للتجارة، وعرَّفه المؤلف بأنه: ما يُعَدُّ للبيع والشراء لأجل الربح.
وعرَّفه الموفق ابن قدامة في المغني بأنه: “غير الأثمان [يعني: النقود] من المال على اختلاف أنواعه [من الحيوان أو العقار أو الثياب أو سائر الأموال]”، وهذا تعريف مختصر، هذه كلها تسمى عُرُوضًا، وسُمِّيت بذلك لأنه لا يستقر، وإنما يَعرِض ثم يزول؛ وذلك لأن المُتَّجِر لا يريد السلعة بعينها وإنما يريد ربحها، وبهذا نعرف أن عُرُوض التجارة هي أعم أموال الزكاة وأشملها.
حُكم زكاة عُرُوض التجارة
وتجب فيها الزكاة في قول أكثر أهل العلم، وقد حُكي إجماعًا، وانتبِه لهذه المسألة؛ بعض العلماء المعاصرين وعلى رأسهم الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله؛ قال: إنه لا دليل يدل على وجوب الزكاة في عُرُوض التجارة، وأنها تُستحب، وتبعه على ذلك بعض طلابه. وأذكر كنتُ في بعض الدورات الشرعية خارج المملكة، فأجد بعض الناس قد تأثروا بهذا القول، هذا القول في الحقيقة فيه خطورة؛ لأننا لو قلنا به لتعطَّلت معظم الزكوات في الوقت الحاضر، معظم زكوات الناس هي من عُرُوض التجارة، تكاد تكون الآن (90%) أو أكثر هي من زكاة عُرُوض التجارة. ولهذا؛ فالصواب هو ما عليه أكثر أهل العلم في أن الزكاة تجب في عُرُوض التجارة، بل عُدَّ إجماعًا؛ وقال ابن المنذر: “أجمع أهل العلم على أن في العُرُوض التي يراد بها التجارة الزكاةَ إذا حال عليها الحول”. بل إنه لا يُعرَف أن أحدًا قال بعدم وجوب الزكاة في عُرُوض التجارة إلا داود الظاهري؛ قالوا: وهو مسبوق بالإجماع، وأخذ بهذا القول الشيخُ الألباني وأحياه، وإلا كان مهجورًا.
ويدل لوجوب الزكاة في عُرُوض التجارة دخولُها في عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في المال؛ ومنها قول الله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]، وقول النبي لمعاذ حين بعثه لليمن: أَعلِمْهُم أن الله قد افترض عليهم صدقةً في أموالهم؛ تُؤخَذ من أغنيائهم، وتُرَدّ إلى فقرائهم[27] ولا شك أن عُرُوض التجارة مالٌ، بل من أعظم الأموال.
وأيضًا حديث سمرة بن جندب أنه قال: “كان النبي يأمرنا أن نُخرِج الزكاة مما نُعِدُّه للبيع”[28] وهذا أَصْرَحُ ما ورد في زكاة عُرُوض التجارة، لكن في إسناده مقال، أخرجه أبو داود في سننه، لكن هو من رواية الحسن عن سمرة؛ ولذلك ضعَّفه كثير من أهل العلم. قال ابن حجر في “البلوغ”: “في إسناده لين”، لكن جماهير العلماء عملوا بمعناه.
وأيضًا قول النبي : إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى[29] ومَن يتعامل بالتجارة إنما يقصد قيمتها من الذهب أو الفضة أو النقد عمومًا، ولا يقصد أعيان تلك العُرُوض. ومن المُجمَع عليه أن الزكاة تجب في الذهب والفضة، وفي الأوراق النقدية؛ فكذلك أيضًا في عُرُوض التجارة.
ثم إذا نظرنا إلى قاعدة الشريعة في الزكاة: “أن الزكاة تجب في الأموال النامية”، ولا شك أن عُرُوض التجارة من الأموال النامية، فتجب فيها الزكاة كالسائمة بل أَوْلى؛ وعلى ذلك نحن نقول: إنه تجب الزكاة في عُرُوض التجارة بالإجماع، وخلافُ مَن خالَف في هذه المسألة مسبوقٌ بالإجماع. وعلى هذا؛ تجب الزكاة في جميع عُرُوض التجارة، تجب على أصحاب المحلات التجارية أيًّا كان ما يباع فيها، سواء كان أواني أو ملابس أو فرشًا أو أجهزة أو غير ذلك مما يُعَدُّ للبيع، يجب عليهم أن يخرجوا زكواتها.
طيب، الأراضي أيضًا قد يراد بها التجارة، فتُعتبر من عُرُوض التجارة؛ متى تكون؟ إذا نوى بها التجارة؛ وعلى هذا تكون الأرض على ثلاثة أقسام:
- القسم الأول: ألَّا يريد بها التجارة، وإنما يريد أن يبني عليها مسكنًا مثلًا؛ فهذه لا تجب فيها الزكاة.
- القسم الثاني: أن يريد بها التجارة، ويعرضها للبيع؛ فتجب فيها الزكاة إذا حال عليها الحول.
- القسم الثالث -وهو موضع إشكال-: ألَّا يعرضها للبيع، لكن يريد أن يبيعها فيما بعد، فهو يريد أن يتربَّص بها ارتفاعَ الأسعار، انتبِه يريد أن يتربَّص بها ارتفاعَ الأسعار. رجل عنده أرض يقول: ما أريد أن أبيعها إلا بعد خمس أو عشر سنين لعل أسعار الأراضي ترتفع؛ فهل تجب الزكاة في هذا النوع من الأراضي أم لا؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: جمهور العلماء على أن الزكاة تجب فيها، وأما المالكية فقالوا: لا تجب فيها. والقول الراجح هو قول الجمهور -وهو أنه تجب فيها الزكاة-؛ وذلك لأن هذه الأرض هي في الحقيقة نقد لكنها على شكل أرض، فكأنك عندك نقد في نصيبك في البنك مثلًا، لكن هذا نقد سائل وهذا نقد على شكل أرض؛ فما الفرق بينهما؟! ولذلك فالقول الراجح أنه تجب فيها الزكاة، ما دام أنه يريد بيعها -ولو بعد سنين- فتجب فيها الزكاة؛ لأنها كأنها نقد لكن على شكل أرض، هذا هو الأقرب والذي عليه جمهور الفقهاء.
حُكم زكاة الأسهم
طيب، الأسهم التي يتاجر أصحابها فيها؛ هل تجب فيها الزكاة؟
الأسهم تنقسم إلى قسمين:
- القسم الأول: أسهم لا يَقصد صاحبُها بها المتاجرة؛ وهو ما يسميه بعض الناس “المضاربة”، وإنما يريد الاستفادة من ريعها وأرباحها، أو أنه اكتتب في أسهم شركة معينة وتركها، فهذه تكفي زكاة الشركة عن المساهم، إذا كانت الشركة تزكي فتكفي زكاة الشركة عن المساهم. وعندنا في المملكة؛ جميع الشركات المساهمة مُلزَمة بدفع الزكوات إلى مصلحة الزكاة والدخل، وعلى هذا فالمساهم الذي يريد الاستثمار -يعني: لا يريد المضاربة والمتاجرة، وإنما ترك هذه الأسهم للاستفادة من أرباحها أو أنه اكتتب وتركها-؛ نقول: لا تجب عليك الزكاة باعتبار أن الشركة تزكي عنك.
- القسم الثاني: أسهم يَقصد صاحبُها بها المتاجرة، أي إنه مضارب فيها، فيبيع فيها ويشتري؛ فهذه عُرُوض تجارة، فعلى المساهم أن يزكيها عند تمام الحول، فينظر كم عنده من الأسهم، ولو باعها عند تمام الحول كم قيمتها ويزكيها. والصناديق الاستثمارية هي من هذا النوع، أكثر الصناديق الاستثمارية يضارَب فيها، والبنوك أصلًا لا تزكيها؛ ولذلك الصناديق الاستثمارية تجب زكاتها، فينظر الإنسان كم في محفظته من الأسهم ويزكيها عند تمام الحول.
هذه خلاصة الكلام في زكاة الأسهم، نعود لعبارة المؤلف.
كيفية زكاة عُرُوض التجارة
قال:
فتُقَوَّم إذا حال الحول.
يعني: إذا حال عليها الحول تُقوَّم. وكيفية التقويم أن ينظر إلى قيمة ما عنده مما يُعَدُّ للبيع، فيَعتبر نفسه كأنه يريد أن يبيعه الآن، فكم تساوي قيمته؟
وعلى هذا لو كان العَرْض أرضًا، فينظر كم قيمة الأرض عند تمام الحول؛ فلو أنه اشتراها بمئة ألف لكنها عند تمام الحول أصبحت قيمتها مئة وخمسين، فيزكيها زكاة مئة وخمسين؛ ولو أنه اشتراها بمئة ألف وأصبحت عند تمام الحول قيمتها ثمانين، فيزكيها زكاة ثمانين.
طيب، قال:
وأولُه من حين بلوغ القيمة نصابًا.
يعني: لا بُدَّ أيضًا من بلوغ النصاب في زكاة عُرُوض التجارة.
قال:
بالأَحَظِّ للمساكين من ذهب أو فضة.
نحن قلنا: إن الأَحَظَّ هو الفضة؛ فعلى ذلك نصابُ عُرُوض التجارة هو نصابُ الفضة، فلو كان عند إنسان عُرُوض تجارة، فننظر هل تعادل قيمتها (595) جرامًا من الفضة؟ يعني: هل تعادل خمسمئة ريال تقريبًا؟ إذا كان عنده من العُرُوض في حدود هذا القدر -في حدود خمسمئة ريال، أو (595) جرامًا من الفضة-؛ فنقول: قد بلغَت نصابًا، ووجب فيها الزكاة. قال:
وَجَبَ رُبُع العُشر.
فزكاتها رُبُع العُشر، اثنان ونصف في المئة؛ أي: واحد من أربعين.
وإلا فلا، وكذا أموال الصَّيَارِف.
يعني: المؤلف يتكلم عما هو موجود في زمنه، وقد كان -كما ذكرنا- الدراهم تُوزَن، لكن هذه المسألة لا يُحتاج لها في وقتنا الحاضر؛ لأن الصَّيَارِف الآن يتعاملون بالأوراق النقدية. قال:
ولا عبرة بقيمة آنية الذهب والفضة، بل بوزنها.
يعني: النصاب -كما سبق- هو بالوزن -الذهب (85) جرامًا، والفضة (595) جرامًا- لا بالقيمة.
ولا بما فيه صناعة محرمة.
فتُستبعَد.
فيُقوَّم عاريًا عنها.
ومَن عنده عَرْض للتجارة أو وَرِثَه فنواه للقُنْيَة ثم نواه للتجارة؛ لم يَصِر عَرْضًا بمجرد النية، غيرَ حُلِيِّ اللُّبس.
انتبِه لهذه المسألة؛ هذه المسألة ذكرها المؤلف بهذه الصيغة، لكن هو نقلها من المقنع والشرح الكبير، وغالب كلام المؤلف من المقنع والشرح الكبير، بل منار السبيل يكاد يكون ملخصًا للشرح الكبير، بل عامة كتب الحنابلة عالةٌ على كُتُب الموفق رحمه الله، فعبارة الموفق أوضح من عبارة المؤلف، أنا أنقل لكم عبارة الموفق في المقنع؛ قال: “فإن مَلَكها بإرث أو مَلَكها بفعله بغير نية، ثم نوى التجارة بها؛ لم تَصِر للتجارة”.
معنى هذا: أنه إذا مَلَك هذه العُرُوض بإرث -يعني: ورثها عن أبيه مثلًا-، أو مَلَكها بفعله -يعني: باختياره؛ كالشراء مثلًا أو الهبة ونحو ذلك-، ثم نوى بها التجارة بعد ذلك؛ فإنها لا تكون للتجارة، وبالتالي لا تجب فيها الزكاة؛ لأنه لا يصير عَرْضًا بمجرد النية، هكذا عَلَّلُوا، وقالوا: لأن الأصل في العُرُوض القُنْيَة، فإذا صارت للقُنْيَة لم تنتقل بمجرد النية، يعني ليس لهم إلا التعليل فقط، وهذا أيضًا هو قول الجمهور.
والقول الثاني في المسألة: أنه إذا نوى بها التجارة، وحال عليها الحول؛ فتجب فيها الزكاة -ولو كان قد وَرِثها-. وهكذا لو اشتراها ثم نوى بها التجارة؛ فتجب فيها الزكاة. وهذا هو القول الراجح في المسألة -والله أعلم-، وإن كان القول الأول هو قول الجمهور، يعني قول الأكثر، لكن القول الراجح -والله أعلم- أنها تصير للتجارة بمجرد النية، وتجب فيها الزكاة إذا حال عليها الحول بهذه النية، هذا القول رواية عن الإمام أحمد، اختاره ابن عقيل من الحنابلة.
قال الموفق ابن قدامة: وذهب أبو بكر -يعني: عبدالعزيز غلام الخَلَّال- وابن عقيل إلى أنها تصير للتجارة بمجرد النية، وحكَوْه روايةً عن أحمد؛ قال بعض أصحابنا: هذا على أصح الروايتين، ثم ذكر حديث سمرة بن جندب : “كان النبي يأمرنا أن نُخرِج الزكاة مما نُعِدُّه للبيع”[30] وهذا داخل في عمومه؛ ولأن نية القُنْيَة كافية بمجردها، فكذا نية التجارة، بل هذا أَوْلى؛ لأن الإيجاب يُغلَّب على الإسقاط احتياطًا. يعني: كأن الموفق يميل لهذا القول أيضًا؛ ولأنه نوى به التجارة أشبه ما لو نوى حال الشراء. إذَن؛ القول الراجح -والله أعلم- أنه متى ما نوى بها التجارة، ومضى على هذه النية سنة كاملة؛ فتجب فيها الزكاة.
أما هذا القول الذي ذكره الجمهور فلا دليل عليه؛ ما الدليل على أنه إذا وَرِثها أنها لا تصير للتجارة، أو أنه إذا اشتراها بفعله ثم نوى التجارة لا تصير للتجارة؟! ما الدليل على هذا؟! لا نُسَلِّم بهذا القول الذي ذكروه. فالصواب إذَن؛ أنها تكون للتجارة، وإذا حال عليها الحول وقد نوى بها التجارة؛ فإنها تكون للتجارة، وهذا هو الذي عليه الفتوى، وهو الذي يفتي به شيخنا عبدالعزيز بن باز والشيخ محمد بن عثيمين رحمهما الله تعالى. أما قول الجمهور -كما ذكرنا- فعَلَّلُوا بتعليل عليل، وليس على هذا دليل ظاهر؛ ولهذا فالصواب أنه إذا نوى بها التجارة، ومضى على ذلك سنة كاملة؛ تجب فيها الزكاة -ولو كان قد مَلَكها بإرث أو نحوه-.
ولذلك اضطروا إلى استثناء حُلِيِّ اللُّبس؛ قال:
غيرَ حُلِيِّ اللُّبس.
لأن الأصل وجوب زكاته، فإذا كان نواه للتجارة فقد رَدَّه للأصل. والصواب أنه تجب الزكاة مطلقًا؛ ولذلك خُذُوها فائدة: “من علامة القول المرجوح: كثرة الاستثناءات عليه، وصعوبة فهمه، وصعوبة تطبيقه. ومن علامة القول الراجح: عدم ورود الاستثناءات عليه -أو قِلَّتها-، وسهولة فهمه، وسهولة تطبيقه”.
فإذا وجدتَّ قولين؛ أحدهما صعب في فهمه، أو صعب في تطبيقه، أو أن الاستثناءات منه كثيرة؛ فهذه علامة على أنه مرجوح. والقول الراجح -في الغالب- تجده سهلًا في الفهم، سهلًا في التطبيق، وتَقِلّ -أو لا توجد- عليه استثناءات.
قال:
وما استُخرج من المعادن؛ ففيه بمجرد إحرازه رُبُع العُشر.
لعموم قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ [البقرة:267].
قال:
إن بلغَت القيمة نصابًا بعد السَّبْك والتصفية.
يعني: بمجرد الإحراز يجب عليه أن يزكيه.
ونكتفي بهذا القدر، ونقف عند باب “زكاة الفطر” إن شاء الله تعالى.
الحاشية السفلية
^1 | رواه البيهقي في “السنن الكبرى”: 7717، وفي “معرفة السنن والآثار”: 8155. |
---|---|
^2 | رواه ابن ماجه: 2221. |
^3 | رواه مسلم: 987. |
^4 | رواه البخاري: 1454. |
^5 | بنحوه رواه ابن ماجه: 1791. |
^6 | رواه أبو داود: 1573. |
^7 | رواه البخاري: 1405، ومسلم: 979. |
^8 | رواه البخاري: 2175، ومسلم: 1590. |
^9 | رواه البخاري: 1466، ومسلم: 1000. |
^10 | رواه مسلم: 982. |
^11 | رواه أبو داود: 1563، والنسائي: 2479، وأحمد: 6901. |
^12 | رواه أبو داود: 1565، والدارقطني: 1951، والبيهقي في “السنن الكبرى”: 7547، والحاكم في “المستدرك”: 1437. |
^13 | رواه أبو داود: 1564، والحاكم في “المستدرك”: 1438. |
^14 | رواه ابن أبي شيبة في “المصنف”: 10279. |
^15 | رواه ابن أبي شيبة في “المصنف”: 10278. |
^16 | رواه مالك في “الموطأ” -رواية الزهري-: 656. |
^17 | رواه البخاري: 2938، ومسلم: 2092. |
^18 | رواه البخاري: 5878. |
^19 | رواه البخاري: 5879. |
^20 | رواه مسلم: 2090. |
^21 | رواه أبو داود: 2583. |
^22 | رواه أبو داود: 4239، وأحمد: 16844، وابن ماجه: 3656، والنسائي: 5150. |
^23 | رواه الترمذي: 1720، والنسائي: 5148، وأحمد: 19502. |
^24 | رواه أبو داود: 4223، والترمذي: 1785، والنسائي: 5195، وأحمد: 6518. |
^25 | رواه البخاري: 5121، ومسلم: 1425. |
^26 | رواه العقيلي في “الضعفاء الكبير”: 2271، وابن عدي في “الكامل في الضعفاء”: 469، وابن الجوزي في “الموضوعات”: 3/ 56. |
^27 | رواه البخاري: 1395، ومسلم: 19. |
^28 | رواه أبو داود: 1562. |
^29 | رواه البخاري: 1، ومسلم: 1907. |
^30 | سبق تخريجه. |