logo
الرئيسية/دروس علمية/شرح منظومة أصول الفقه وقواعده/(17) من قوله: "وضاعف الغُرْم على مَن ثبتت .."

(17) من قوله: "وضاعف الغُرْم على مَن ثبتت .."

مشاهدة من الموقع

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فنبدأ أولًا بمنظومة أصول الفقه، وكنا قد وصلنا إلى قول الناظم رحمه الله: "وَضَاعِفِ الْغُرْمَ عَلَى مَنْ ثَبَتَتْ".

طالب: الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على عبدالله ورسوله محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

وَضَاعِفِ الْغُرْمَ عَلَى مَنْ ثَبَتَتْ عُقُوبَةٌ عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَتْ
لِمَانِعٍ كَسَارِقٍ مِنْ غَيْرِ مَا مُحَرَّزٍ وَمَنْ لِضَالٍ كَتَمَا
وَكُلُّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ جُعِلْ كَمَيْتِهِ فِي حُكْمِهِ طُهْرًا وَحِلْ
وَ"كَانَ" تَأْتِي لِلدَّوَامِ غَالِبًا وَلَيْسَ ذَا بِلَازِمٍ مُصَاحِبًا

الشيخ: ما بقي في صيغ العموم نتركها للدرس القادم.

طالب: قال النَّاظم رحمه الله تعالى:

وَضَاعِفِ الْغُرْمَ عَلَى مَنْ ثَبَتَتْ عُقُوبَةٌ عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَتْ
لِمَانِعٍ كَسَارِقٍ مِنْ غَيْرِ مَا مُحَرَّزٍ وَمَنْ لِضَالٍ كَتَمَا
وَكُلُّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ جُعِلْ كَمَيْتِهِ فِي حُكْمِهِ طُهْرًا وَحِلْ
وَ"كَانَ" تَأْتِي لِلدَّوَامِ غَالِبًا وَلَيْسَ ذَا بِلَازِمٍ مُصَاحِبًا

الشيخ: أذكر فقط بالنسبة لمسابقة الحفظ: سُجِّلَتْ بعض الأسماء، ومَن رغب فَلْيُسَجِّل عند أخينا الشيخ ياسر، ونُريد أن نُحدِّد الموعد.

وأيضًا قلنا: إن الجائزة هي "الموسوعة" أو "الشرح الكبير مع المُقنع والإنصاف"، يعني: الفائز الأول يختار: إما "الشرح الكبير مع المُقنع والإنصاف" الطبعة المعروفة التي حققها الدكتور التركي، أو "الموسوعة الفقهية"، إن شاء الله تعالى، لكن نُريد أن نُحدِّد موعدًا بعد تسجيل الأسماء بعد الدرس، ولعل الشيخ ياسر يأخذ جوالات الإخوة الذين سجَّلوا، ويُحدِّد لهم موعدًا -إن شاء الله- تكون هناك لجنةٌ، ويُحدِّد لهم الموعد.

كل مَن ثبتت عليه عقوبةٌ، ثم سقطتْ لمانعٍ، فإنه تسقط العقوبة، ولكن يُضاعَف عليه الغُرْم

قال الناظم:

وَضَاعِفِ الْغُرْمَ عَلَى مَنْ ثَبَتَتْ عُقُوبَةٌ عَلَيْهِ ثُمَّ سَقَطَتْ

يُشير الناظم بهذا إلى قاعدةٍ فقهيةٍ هي: أن كل مَن ثبتت عليه عقوبةٌ، ثم سقطتْ لمانعٍ، فإنه تسقط العقوبة، ولكن يُضاعَف عليه الغُرْم.

وهذه قاعدةٌ مذهبيةٌ، ليست عند جميع العلماء، ومعظم القواعد الفقهية مذهبيةٌ.

يعني مثلًا: ما يذكره السيوطي في "الأشباه والنَّظائر" إنما هو عند الشافعية إلا القواعد المُتفق عليها، وابن نُجَيم عند الحنفية، وهكذا.

السرقة من غير حِرْزٍ

إذن هذه القاعدة التي ذكرها المؤلف ومثَّل لها بمثالين، قال:

لِمَانِعٍ كَسَارِقٍ مِنْ غَيْرِ مَا مُحَرَّزٍ وَمَنْ لِضَالٍ كَتَمَا

المثال الأول: السرقة من غير حِرْزٍ، فإن من شروط القطع في السرقة: أن تكون من حِرْزٍ، وهذه -إن شاء الله- ستأتينا في "شرح الدليل" بالتَّفصيل، ستأتينا هذه المسألة ونشرحها بالتَّفصيل.

والحِرْزُ: ما يُحْفَظ فيه المال عادةً، فإن كان السارق سرق من غير حِرْزٍ فإنه لا تُقطع يده؛ وذلك لفوات شرطٍ من شروط القطع، وهو: أن تكون السرقة من حِرْزٍ، ولكن يُضاعَف عليه الغُرْم، فإذا كان المسروق -مثلًا- يُساوي ألف ريالٍ، يغرم ألفي ريالٍ، وهكذا.

واستدلوا لهذا بحديثٍ عن النبي ، وهو الحديث الذي ورد في الثَّمر المُعلَّق، وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الثَّمر المُعلَّق: مَن أصاب بِفِيهِ من ذي حاجةٍ غير مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فلا شيء عليه، ومَن خرج بشيءٍ منه فعليه غرامة مِثْلَيْهِ والعقوبة [1]، حديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه في الثَّمر المُعلَّق.

الشاهد قوله : ومَن خرج بشيءٍ منه فعليه غرامة مِثْلَيْهِ والعقوبة.

وهذا الحديث أخرجه أبو داود، والترمذي، والنَّسائي، وابن ماجه، وأحمد، وهو حديثٌ صحيحٌ من مجموع طرقه، وقد احتجَّ به الإمام أحمد، وقال: لا أعلم شيئًا يدفعه.

وأيضًا عمر غرَّم حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنهما حين نحر غلمانُه ناقةً من مُزينة، غرَّمه مِثْلَيْ قيمتها، فَدَلَّ هذا على أن السرقة إذا كانت من غير حِرْزٍ فلا قطع، لا تُقطع يد السارق، لكن يُغَرَّم قيمة المسروق مرتين.

هذا المثال الأول للقاعدة التي ذكرها الناظم.

كتم الضَّالة

المثال الثاني: قال: "وَمَنْ لِضَالٍ كَتَمَا" يعني: في كَتْم الضَّالة، فالواجب فيمَن وجد ضالةً أن يُعَرِّفها لمدة سنةٍ، وفي الإبل لا يجوز التَّعرض لها أصلًا، لكن في غير الإبل -كالغنم مثلًا- يجب تعريفها لمدة سنةٍ، فإن كتمها ولم يُعَرِّفها يغرم قيمتها ومثلها معها، يعني: مِثْلَيْهَا.

واستدلوا لهذا بحديث أبي هريرة : أن النبي قال: ضالَّة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها [2]، وهذا الحديث أخرجه أبو داود، والبيهقي، وعبدالرزاق في "المصنف"، لكن هذا الحديث من جهة الإسناد ضعيفٌ، وهو مُرسلٌ، ولا يصح عن النبي .

ثم في سنده أيضًا عمرو بن مسلم، وهو مُختلفٌ فيه، لكن العِلة التي يُعتمد عليها في التَّضعيف: أنه مُرسلٌ، فلا يصح موصولًا.

ولهذا فالقول الصحيح: أن ضالَّة الإبل المكتومة يُعزَّر فيها، لكن لا يتعين التَّضعيف؛ لأن هذا الحديث ضعيفٌ؛ ولهذا الحنابلة أنفسهم مُختلفون في هذه المسألة.

إذن المثال الأول نُوافق النَّاظم عليه، أما المثال الثاني فقلنا: لا نُوافقه عليه، ولولا أن المثال الأول صحَّ فيه الحديث لقلنا: لا نُوافق على القاعدة أصلًا، لكن باعتبار أن حديث عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدِّه -كما قلنا- حديثٌ ثابتٌ، واحتجَّ به الإمام أحمد، وقال: "لا أعلم شيئًا يدفعه"؛ فلهذا تصح هذه القاعدة.

هذا فيما يتعلَّق بهذه القاعدة.

ما أُبِينَ من حيٍّ فهو كَمَيْتَتِه

ثم قال الناظم:

وَكُلُّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ جُعِلْ كَمَيْتِهِ فِي حُكْمِهِ طُهْرًا وَحِلْ

الأصل أن يقول: "وَحِلًّا"، لكن وقف عليها بالسكون للضَّرورة الشعرية.

والناظم يُشير بهذا إلى قاعدةٍ فقهيةٍ أيضًا، وهي: أن ما أُبِينَ من حيٍّ فهو كَمَيْتَتِه.

"ما أُبِينَ" يعني: ما فُصِلَ من حيٍّ، "فهو كَمَيْتَتِه" يعني: كميتة ذلك الحي، وهذا معنى قوله: "وَكُلُّ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ جُعِلْ كَمَيْتِهِ" يعني: كميتة ذلك الحي في حكمه طُهْرًا وحِلًّا، يعني: سواء من جهة الطهارة والنَّجاسة، أو من جهة الحِلِّ والحُرْمَة، فإذا كانت ميتة ذلك الشيء طاهرةً وحلالًا، فما أُبِينَ منها وهي حيةٌ طاهرٌ وحلالٌ.

مثال ذلك: الجراد، الجراد ميتته طاهرةٌ وحلالٌ، فلو -مثلًا- أن رِجْل جرادةٍ سقطتْ في ماءٍ، فنقول: إن هذا طاهرٌ، حتى لو سقطتْ منها وهي حيةٌ، فنقول: إن هذا طاهرٌ؛ لأن ميتة الجرادة طاهرةٌ، لكن لو أن شخصًا أراد أن يقتل وَزَغًا، ثم إنه قطع رجله، أو قطع يده، وهرب هذا الوزغ، فما حكمها؟ هل هي نجسةٌ أم طاهرةٌ؟

نقول: نجسةٌ؛ لأن الوَزَغ ميتته نجسةٌ، فكذلك ما أُبِينَ منه وهو حيٌّ فهو نجسٌ.

طيب، لو قطع -مثلًا- جزءًا من حيوانٍ، قطع جزءًا من شاةٍ -مثلًا- أو من ناقةٍ، فما الحكم؟ هل هذا طاهرٌ أو نجسٌ؟ نفترض افتراضًا.

نجسٌ؛ لأن ميتته نجسةٌ.

إذن القاعدة: أن ما أُبِينَ من حيٍّ فهو كميتته.

فأرة المسك

استثنى بعض الفقهاء من هذا مسألتين:

المسألة الأولى: المسك وفأرته.

وعاء المسك يُسمى: فأرة المسك، ويقولون: إن أجود أنواع المسك إنما يُؤخذ من الظِّباء، فإن الظبي إذا انطلق بسرعةٍ، أو أنواعٌ من الظبي إذا انطلقتْ بسرعةٍ يتجمع دمٌ عند سُرَّتها، فتربط بشدةٍ، ثم تسقط، ويتحول هذا الدم إلى مسكٍ، يُقال: إنه من أجود أنواع المسك، وبيت المُتنبي المشهور:

فَإِنْ تَفُقِ الْأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ

يُشير إلى هذا.

إذن هذا المسك هو أصلًا دم غزالٍ، فهل نقول: إن ميتة الغزال نجسةٌ، وهذا المسك يكون نجسًا؟

الفقهاء استثنوا هذه المسألة، وقالوا: إن المسك طاهرٌ؛ لأنه تحول أصلًا من دمٍ إلى مسكٍ، فهو تحول من شيءٍ إلى شيءٍ آخر.

الطَّريدة

واستثنوا كذلك الطَّريدة، عندما يُطارد جماعةٌ من الناس صيدًا، ولا يتمكَّنون من ذكاته، ثم يُلْقِي كلٌّ منهم سكينه أو سيفه، ويضربونه فيموت ويتقطع أوصالًا، فما قُطِعَ وهو حيٌّ يُعتبر طاهرًا وحلالًا؛ لأن هذا هو المأثور عن الصحابة .

فهاتان المسألتان استثناهما كثيرٌ من أهل العلم من هذه القاعدة.

"كان" تأتي للدَّوام غالبًا

ثم قال الناظم:

وَ"كَانَ" تَأْتِي لِلدَّوَامِ غَالِبًا وَلَيْسَ ذَا بِلَازِمٍ مُصَاحِبًا

يُشير إلى "كان".

كان: فعلٌ ماضٍ ناقصٌ، وإذا ورد في النصوص فيقول: إنها تُفيد الدَّوام، لكن ليس دائمًا، وإنما غالبًا، فما ورد -مثلًا- في القرآن في صفات الله : وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:96]، وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [النساء:158]، هذه دائمًا لإثبات الصفة اللازمة؛ لأنها يُراد بها إثبات الصفة اللازمة.

ما ورد أيضًا من أوصاف النبي : كان كثير التَّبسُّم، دائم البِشْر، فهذا يُشير إلى أن هذا بصفةٍ دائمةٍ ومستمرةٍ.

كان يُعْجِبه التَّيَمُّن في تَنَعُّلِه، وتَرَجُّلِهِ، وطُهُورِه، وفي شأنه كله [3]، فهذه تُفيد الاستمرار والديمومة.

ورود "كان" على غير الغالب

أحيانًا على غير الغالب قد تَرِد "كان" ولا يُراد بها الديمومة، ومن ذلك مثلًا: ما جاء في حديث سَمُرَة بن جُنْدُب: أن النبي كان يقرأ في صلاة الجمعة بــ"سبح"، و"الغاشية" [4]، هل كان دائمًا يقرأ "سبح" و"الغاشية"؟

نقول: لا، بدليل أنه جاء في الحديث الآخر أيضًا في "صحيح مسلم": أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ في الجمعة بسورتي "الجمعة" و"المنافقون" [5]، فدلَّ هذا على أنه لا يقرأ دائمًا سورتي "سبح" و"الغاشية"، وإنما أحيانًا يقرأ "الجمعة" و"المنافقون"؛ ولهذا السنة للخطيب يوم الجمعة أن تكون قراءته غالبًا من هذه السور الأربع، ولا بأس أن يخرج أحيانًا، لكن يكون الغالب هو من هذه السور الأربع.

فإن قال قائلٌ: أليس النبي قال: إن طول صلاة الرجل وقِصَر خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه [6]؟ فقراءة "سبح" و"الغاشية" ليست طويلةً، فهل معنى ذلك: أن الخطبة تكون أقصر من "سبح" و"الغاشية"؟

بعض الناس يفهم أن المقصود بِقِصَر الخطبة أن تكون أقصر من الصلاة، فهل هذا الفهم هو المقصود في الحديث؟

طالب: .......

الشيخ: نعم، أحسنتَ، ليس هذا المقصود قطعًا، فلا يمكن أن تكون الخطبة أقصر من "سبح" و"الغاشية"؛ لأنها لا تُؤدِّي المعنى ولا المُراد، وإنما المقصود القِصَر النِّسبي، والطول النِّسبي.

فالسُّنة في صلاة الجمعة أن تقرأ "سبح" و"الغاشية"، وهي -كما ترون- ليست طويلةً، لكن المقصود بذلك الطول النِّسبي.

ولهذا نقول: السنة في صلاة الجمعة الالتزام بالسنة بقراءة هذه السور الأربع غالبًا، وأما الخطبة فليس معنى ذلك أنها تكون أقصر من "سبح" و"الغاشية"، الخطبة تكون غالبًا في حدود قراءة سورة "ق" مُرتلةً، وإذا كان الموضوع يستدعي أحيانًا أن يُطيل قليلًا فلا بأس، لكن يكون متوسط خطبة الجمعة في هذا القدر، بحدود قراءة سورة "ق" مُرتلةً، في حدود عشر دقائق إلى ربع ساعة غالبًا، في هذا القدر تقريبًا، في هذا الحَدِّ تقريبًا.

أما ما يفعله أيضًا بعض الخُطباء من أن الخطبة كلها أربع دقائق، أو خمس دقائق، فأرى أن هذا إخلالٌ بالمقصود من الخطبة، ففي الخطبة لا بد أن يُؤدِّي الخطيب رسالةً ويُوصلها للناس الذين أتوا إلى المسجد الجامع وتهيَّؤوا واستعدوا.

ثم أيضًا النبي عليه الصلاة والسلام أُعْطِي جوامع الكلم، والناس في وقته يفهمون المقصود بالعبارة المُوجزة؛ فلهذا كون الخطيب تكون خطبته كلها أربع دقائق!

بلغني أن بعض الخطباء يخطب أربع دقائق، أو خمس دقائق، ويقصد بذلك تطبيق السُّنة.

نقول: هذا يُعتبر تقصيرًا مُخِلًّا، وأيضًا لا تَطُول تطويلًا مُمِلًّا، كأن تصل -مثلًا- إلى نصف ساعةٍ، فهذا تطويلٌ مُمِلٌّ، أو ساعة إلا ربع -مثلًا- لكن تكون في حدود عشر دقائق إلى ربع ساعة، هذا في حدود قراءة سورة "ق" مُرتلةً، وهذا هو الأقرب -والله أعلم- الذي يدل له مجموع ما ورد في هذه المسألة.

ثم انتقل بعد ذلك الناظم لصيغ العموم، وبقية الأبيات كلها في الحديث عن صيغ العموم، وصيغ العموم نتكلم عنها -إن شاء الله تعالى- في الدرس القادم، وبشرحها ننتهي من شرح هذه المنظومة، إن شاء الله تعالى.

طالب: .......

الشيخ: نعم، هو أصلًا ما يجوز أن يأخذها، لكن لو أخذها وكتمها فيُعزَّر وتُضاعف عليه الغرامة، والحديث ضعيفٌ كما قلنا، قلنا: الحديث ضعيفٌ.

طالب: .......

الشيخ: للأمرين جميعًا.

طالب: .......

الشيخ: لا، جميع الضَّوال ليست خاصةً بالإبل.

طالب: .......

الشيخ: يتركها أحسن، وسبق أن قلنا في باب اللُّقَطة: الأفضل ترك اللُّقَطة إلا إذا خشي عليها من الضياع، لكن إذا لم يَخْشَ عليها من الضياع، إذا لم تلتقطها أنت سيلتقطها غيرك، فلماذا تُعرّض ذِمَّتك للمسؤولية؟ وقد لا تقوم بواجب التَّعريف، فقد تلحقُك التَّبِعة.

إذا لم تكن واثقًا من أنك ستقوم بالتعريف على الوجه الشرعي المطلوب فاتركها؛ لأن بعض الناس تجد أنه يأخذ اللُّقطة، ثم لا يُعرِّفها.

فنقول: لماذا تأخذها أصلًا؟

وهو ليس له هدفٌ، ليس يطمع فيها، لكن يُؤْتَى من جهة التَّفريط، يأخذها ولا يُعرِّفها، فيُعرِّض نفسه للإثم، فإما أن تأخذها وتُعرِّفها، أو اتركها يأخذها غيرك ويُعرِّفها.

ولهذا الصواب: أن الأفضل ترك الالتقاط إلا إذا خشي عليها من الهلاك أو الضياع، كأن يجد شاةً في أرضٍ مُسْبِعةٍ -مثلًا- فالأفضل أن يلتقطها؛ حفظًا لمال أخيه، لكن إذا كانت اللُّقَطة إن لم تلتقطها أنت التقطها غيرك، فالأفضل هو ترك الالتقاط.

طالب: .......

الشيخ: لا، ما يأثم إذا كان عليها خوفٌ أيضًا.

بعض العلماء -كما ذكر صاحب "الإنصاف"- على أنه يجب الالتقاط، لكن كثيرًا من أهل العلم يقولون: إنه لا يجب مثل هذا، لكن يُستحبُّ استحبابًا مُؤكَّدًا، وهذا هو الأقرب في الالتقاط.

طالب: .......

الشيخ: نعم، للتَّحريم؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام لما سُئِلَ عن ضالَّة الإبل غضب وقال: ما لك ولها؟! [7]، وهذا يقتضي التَّحريم.

طالب: .......

الشيخ: هي مسألةٌ خلافيةٌ، ونحن قلنا: إن الصواب أنه لا يُغرَّم قيمتها، وبناءً على القول الراجح لا نحتاج للتَّفصيل.

طالب: .......

الشيخ: نعم، لو كتمها يُغرَّم قيمتها.

^1 رواه أبو داود: 1710، والترمذي: 1289 وقال: حسنٌ، والنسائي: 4958، وأحمد: 6936.
^2 رواه أبو داود: 1718، والبيهقي في "السنن الكبرى": 12077، وعبدالرزاق في "مصنفه": 18599.
^3 رواه البخاري: 168، ومسلم: 268.
^4 رواه أبو داود: 1125، والنسائي: 1422.
^5 رواه مسلم: 877.
^6 رواه مسلم: 869.
^7 رواه البخاري: 2427، ومسلم: 1722.
zh