جدول المحتويات
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه واتَّبع سُنته إلى يوم الدين.
نبدأ أولًا في أصول الفقه من منظومة الشيخ رحمه الله، وكنا قد وصلنا إلى قوله: "وَكُلُّ مَشْغُولٍ فَلَيْسَ يُشْغَلُ"، والآن نستمع للأبيات.
طالب: بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على عبدالله ورسوله محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
84- وَكُلُّ مَشْغُولٍ فَلَيْسَ يُشْغَلُ | بِمُسْقِطٍ لِمَا بِهِ يَنْشَغِلُ |
85- كَمُبْدَلٍ فِي حُكْمِهِ اجْعَلْ بَدَلَا | وَرُبَّ مَفْضُولٍ يَكُونُ أَفْضَلَا |
86- كُلُّ اسْتِدَامَةٍ فَأَقْوَى مِنْ بَدَا | فِي مِثْلِ طِيبِ مُحْرِمٍ ذَا قَدْ بَدَا |
87- وَكُلُّ مَعْلُومٍ وُجُودًا أَوْ عَدَمْ | فَالْأَصْلُ أَنْ يَبْقَى عَلَى مَا قَدْ عُلِمْ |
88- وَالنَّفْيُ لِلْوُجُودِ ثُمَّ الصِّحَّهْ | ثُمَّ الْكَمَالُ فَارْعَيَنَّ الرُّتْبَهْ |
الشيخ: حسبك، أحسنتَ، نعم.
84- وَكُلُّ مَشْغُولٍ فَلَيْسَ يُشْغَلُ | بِمُسْقِطٍ لِمَا بِهِ يَنْشَغِلُ |
85- كَمُبْدَلٍ فِي حُكْمِهِ اجْعَلْ بَدَلَا | وَرُبَّ مَفْضُولٍ يَكُونُ أَفْضَلَا |
86- كُلُّ اسْتِدَامَةٍ فَأَقْوَى مِنْ بَدَا | فِي مِثْلِ طِيبِ مُحْرِمٍ ذَا قَدْ بَدَا |
87- وَكُلُّ مَعْلُومٍ وُجُودًا أَوْ عَدَمْ | فَالْأَصْلُ أَنْ يَبْقَى عَلَى مَا قَدْ عُلِمْ |
88- وَالنَّفْيُ لِلْوُجُودِ ثُمَّ الصِّحَّهْ | ثُمَّ الْكَمَالُ فَارْعَيَنَّ الرُّتْبَهْ |
الشيخ: أحسنتَ.
فقط من باب التَّذكير: إذا انتهينا -إن شاء الله- من المنظومة سنجعل مسابقةً لحفظ الأبيات، ووعدنا أن تكون الجائزة هي "الموسوعة الفقهية الكويتية"، وهذا -إن شاء الله- سيكون بعد ثلاثة دروسٍ، سيكون اختبارًا تحريريًّا، مجرد أسئلةٍ في بعض الأبيات.
طالب: .......
الشيخ: ننظر؛ إن كان يوجد أكثر من نسخةٍ ممكن، لكن حتى الآن الأول له الموسوعة.
طالب: .......
الشيخ: مبدئيًّا بعد ثلاثة أسابيع، إن شاء الله تعالى.
قاعدة: المشغول لا يُشْغَل
قول الناظم رحمه الله:
84- وَكُلُّ مَشْغُولٍ فَلَيْسَ يُشْغَلُ | بِمُسْقِطٍ لِمَا بِهِ يَنْشَغِلُ |
هذا البيت أراد به الناظم أن يُشير إلى قاعدةٍ معروفةٍ عند الفقهاء هي: المشغول لا يُشْغَل، قاعدة: المشغول لا يُشْغَل.
وهذه القاعدة قيَّدها بعضهم بقيدٍ، والمؤلف الناظم أخذ بهذا القيد؛ ولهذا أشار قال: "بِمُسْقِطٍ لِمَا بِهِ يَنْشَغِلُ"، فكأنَّ الناظم بهذا يريد التَّفصيل في هذه القاعدة، فإن كان شُغِلَ بما لا يُسْقِط فلا بأس، وإن كان مشغولًا ثم أشغلناه بما يُسْقِط الأول فإن ذلك لا يصح.
ونُمَثِّل لهذا بأمثلةٍ:
مثالٌ لمشغولٍ بما لا يُسْقِط الشّغل الأول، مشغولٌ ثم شُغِلَ بما لا يُسْقِط الشغل الأول: لو كان عند إنسانٍ بيتٌ، فأجَّره لمدة سنةٍ أو أكثر، ثم بعد أن أجَّره باعه، فهنا اجتمع عقدان في هذا البيت: إجارةٌ وبيعٌ، فهل نقول: إن البيع لا يصح؛ لأن هذا البيت مشغولٌ بالإجارة؟
نقول: لا، يصح البيع؛ لأنه وإن كان مشغولًا بالإجارة إلا أن هذا الشُّغل لا يُسْقِط الشُّغل الأول، فالبيع صحيحٌ، لكن بشرط: أن يكون المُشتري يعلم بهذه الإجارة؛ حتى لا يكون هذا فيه تغريرٌ به، فيُخبره يقول: أنا أبيعك هذا البيت، لكن البيت مُؤَجَّرٌ لمدة سنةٍ، أو لمدة سنتين، والمُستأجر سيبقى على عقده هذه المدة.
فإذا أخبر المُشتري بذلك فلا بأس بهذا البيع، وعليه عمل الناس من قديم الزمان.
إذن هذا مثالٌ لمشغولٍ شُغِلَ بما لا يُسْقِط الشُّغل الأول، فهذا لا بأس به.
أما إذا كان الشيء مشغولًا، ثم شُغِلَ بما يُسْقِط الشُّغل الأول، فقلنا: إن هذا لا يصح.
مثال ذلك: إنسانٌ رَهَنَ بيته عند آخر، فهذا البيت الآن مشغولٌ بالرهن، فلا يصح أن يرهنه مرةً أخرى لشخصٍ آخر؛ لأنه لو رَهَنَه لشخصٍ آخر لَبَطَلَ حَقُّ الأول.
فهنا إذن نقول: إن هذا البيت مشغولٌ بالرهن الأول، فلا يُشْغَل برهنٍ جديدٍ.
إذن هذا هو المقصود.
إذن هذه القاعدة ليست على إطلاقها، وإنما الصحيح أن تُقيَّد بما قيَّدها به الناظم رحمه الله تعالى: أن المشغول لا يُشْغَل بشرط: أن يكون الشُّغل يُسْقِط الشُّغل الأول، أما إذا كان الشُّغل الذي يُراد لا يُسْقِط الشُّغل الأول فهذا لا بأس به، كما مثَّلنا بمسألة بيع البيت المُسْتَأْجَر.
قاعدة: البدل له حكم المُبْدَل
قال:
85- كَمُبْدَلٍ فِي حُكْمِهِ اجْعَلْ بَدَلَا | .......................................... |
أيضًا الناظم يُشير إلى قاعدةٍ مشهورةٍ عند العلماء هي: أن البدل له حكم المُبْدَل، ومعنى هذا: أن البدل يأخذ حكم المُبْدَل ويَحِلُّ محلَّه، فإن كان المُبْدَل واجبًا كان البدل واجبًا، وإن كان مُستحبًّا كان مُستحبًّا، وهكذا.
ومن أشهر الأمثلة في هذا: التَّيمم، فالتيمم بدلٌ عن الوضوء على القول الصحيح، وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة: هل التيمم بدلٌ عن الماء فيكون رافعًا للحدث، أم أنه مُبيحٌ فقط؟
فمن العلماء مَن قال: إنه مُبيحٌ، وهذا هو المذهب عند الحنابلة.
والقول الثاني: أنه رافعٌ للحدث، وهو القول الصحيح.
على القول الثاني -وهو أنه رافعٌ للحدث- يكون التَّيمم بدلًا عن الوضوء، فمثلًا: إذا تيمَّم لصلاةٍ له أن يُصلِّي بهذا التيمم ما شاء من فرائض ومن نوافل كالوضوء تمامًا.
أما على القول بأنه مُبيحٌ: إذا تيمَّم لصلاةٍ فليس له أن يُصلِّي بمثلها أو بأرفع منها، إذا تيمم لنافلةٍ فليس له أن يُصلِّي فريضةً، والتيمم أيضًا يَبْطُل بخروج الوقت .. إلى غير ذلك مما ذكروا.
لكن القول الصحيح: أن التيمم رافعٌ للحدث، فيكون بدلًا عن الطهارة بالماء؛ فيأخذ حكمها، فيصح أن نقول: إن التيمم بدلٌ عن الطهارة، يأخذ حكم الوضوء تمامًا إلا في مسألةٍ واحدةٍ، ما هي؟
إذا حضر الماء يبطل التيمم، إذا حضر الماء فإنه يبطل التيمم، حتى لو كان في التَّشهد الأخير في الصلاة، فيبطل التيمم، وبالتالي تبطل الصلاة، ويلزم استئنافها من جديدٍ؛ ولهذا إذا تيمم عن جنابةٍ، ثم حضر الماء؛ يجب عليه أن يغتسل.
إنسانٌ تيمَّم للجنابة -مثلًا- لصلاة الفجر، وصلَّى بها، ثم صلَّى الظهر، ثم رجع للحضر -لمكان الإقامة- يجب عليه أن يغتسل، ولا يقل: إن الطهارة قد ارتفعت بالتيمم، هي ارتفعت ارتفاعًا مُؤقتًا، وليس ارتفاعًا دائمًا؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: الصَّعيد الطيب طَهُور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فَلْيُمِسَّه بشرته [1].
قد يَعْرض للمفضول ما قد يجعله أفضل من الفاضل
قال:
.......................................... | وَرُبَّ مَفْضُولٍ يَكُونُ أَفْضَلَا |
يُشير أيضًا إلى قاعدةٍ -هنا جمع الناظم رحمه الله عدة قواعد- هي: أنه قد يَعْرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل.
"رُبَّ" تُستعمل للتقليل وللتكثير، والمراد هنا التقليل، يعني: الأصل أن الفاضل هو الأفضل، لكن في بعض الأحوال يعرض للمفضول ما يجعله هو الأفضل.
فمثلًا: لو كان الإنسان يقرأ القرآن -والقرآن هو أشرف الذكر- وأذَّن المُؤذِّن، فإجابة المُؤذِّن هي عملٌ مفضولٌ، وتلاوة القرآن عملٌ فاضلٌ؛ لأن القرآن هو كلام الله، فهو أشرف الذكر، أشرف من ألفاظ الأذان، لكن هنا لما أذَّن المُؤذِّن عرض لهذا المفضول ما يجعله أفضل من الفاضل، فنقول: مُتابعة المُؤذِّن في هذه الحال أفضل من الاستمرار في تلاوة القرآن، فإننا نقول لقارئ القرآن: الأفضل أن يتوقف ويُجيب المُؤذِّن، فمُتابعة المُؤذِّن أفضل، فعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل.
مثالٌ آخر: إنسانٌ من عادته -مثلًا- أن يقرأ القرآن، أو يتنفَّل بعد صلاة العشاء، ثم أتاه ضيفٌ، فهنا عرض له عملٌ مفضولٌ، لكن يفوت وقته، فنقول: هنا اشتغالك بإكرام الضيف أفضل من استمرارك في نوافل العبادات من الصلاة، أو الذكر، أو طلب العلم.
كذلك أيضًا: صلاة الظهر الأفضل أن تكون في أول وقتها، لكن عند شدة الحرِّ الأفضل تأخيرها إلى حين الإبراد؛ وذلك لأجل شدة الحرِّ، حتى لا تُذْهِب شدة الحرِّ الخشوع في الصلاة، فعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل.
وهل هذه السُّنة مشروعةٌ مع وجود المُكيفات في الوقت الحاضر: مسألة الإبراد بصلاة الظهر؟
طالب: .......
الشيخ: لو تأملنا الحديث، وهو قول النبي : إذا اشتدَّ الحرُّ فَأَبْرِدُوا بالصلاة، فإن شدة الحرِّ من فَيْحِ جهنم [2]، فالعلة منصوصٌ عليها وهي شدة الحرِّ، فإذا كانت شدة الحرِّ تنكسر بوجود المُكيفات فمعنى ذلك: أنه لا يُشرع الإبراد؛ ولهذا عند عامة أهل العلم أنه لا يُشرع الإبراد في البلاد الباردة، فحينئذٍ لا يُشرع الإبراد مع وجود المُكيفات.
ومن أهل العلم مَن ذهب إلى ما ذكره الأخ، وهو يقول: إن الحرَّ قد يوجد في الطرقات، لكن هذا بعيدٌ؛ لأن المقصود شدة الحرِّ التي تُصاحب الصلاة؛ لأن المقصود ليس هو رفع الحرج عن المُصلِّي عند مجيئه للمسجد، لا، المقصود: أنه إذا صلَّى في شدة الحرِّ فإن خشوعه يذهب، لا يخشع في الصلاة، فإن شدة الحرِّ من فيح جهنم.
فإذا نظرنا إلى الحديث نجد أن المقصود هو الصلاة نفسها، وليس المقصود المجيء إليها، بل هو الصلاة نفسها؛ ولهذا مع وجود المُكيفات الظاهر -والله أعلم- أنه لا يُشرع الإبراد.
ثم أيضًا لو أردنا تطبيق الإبراد الآن في وقتنا الحاضر فيه إشكالٌ؛ فلو أردنا تطبيق الإبراد يعني: نُؤخِّر الظهر في شدة الحرِّ في الصيف إلى آخر وقته، فأيّهما أشد حرارةً عندنا هنا في الرياض: أول وقت الظهر أو آخر وقته؟
الواقع أن آخر وقته أشدُّ من أول وقته؛ ولهذا تُحْسَب درجة الحرارة العليا عند الساعة الثالثة؛ لأنها أشدُّ ما يكون، وهذا أيضًا فيه إشكالٌ، فقد لا يستفيد الناس -مثلًا- هنا؛ لأن هذا مما يختلف باختلاف البلدان؛ ولهذا نحن نقول: إنه مع وجود المُكيفات الأقرب أنه لا يُشرع الإبراد.
طالب: .......
الشيخ: لا، الذي طُبِّقَ في عهد الشيخ محمد بن إبراهيم كان تأخيرها مدة ساعةٍ فقط، وهذا -في الحقيقة- بالعكس، يعني: ما يُحقق مقصود الحديث.
طالب: .......
الشيخ: على كل حالٍ هذه القاعدة أمثلتها كثيرةٌ، فمثلًا: صلاة مَن يُدافع الأخبثين، الأفضل أن المسلم يذهب ويُصلِّي مع الجماعة في المسجد، لكن إذا كان يُدافع الأخبثين، أو حضر الطعام، فهنا عرض لهذا الفاضل ما يجعله مفضولًا، فنقول: الأفضل أن يقضي حاجته ولو أن يُصلِّي في بيته.
قاعدة: الاستدامة أقوى من الابتداء
ثم قال الناظم:
86- كُلُّ اسْتِدَامَةٍ فَأَقْوَى مِنْ بَدَا | فِي مِثْلِ طِيبِ مُحْرِمٍ ذَا قَدْ بَدَا |
يُشير الناظم بهذا إلى قاعدةٍ فقهيةٍ هي: أن الاستدامة أقوى من الابتداء، ومثَّل لها الناظم بمثالٍ هو: الطِّيب للمُحْرِم، ابتداءً الطِّيب للمُحْرِم لا يجوز بالإجماع، لكن استدامة الطِّيب للمُحْرِم لا بأس بها، وقد كان النبي تُطيِّبه عائشة رضي الله عنها قبل إحرامه، حتى إنه لَيُرَى وَبِيص المسك على مَفَارِق النبي وهو مُحْرِمٌ [3].
ومن هنا فرَّق العلماء بين الابتداء والاستدامة.
هذا المثال الذي مثَّل به الناظم: "فِي مِثْلِ طِيبِ مُحْرِمٍ".
وقوله: "ذَا قَدْ بَدَا" يعني: ذا قد ظهر وتبين.
أيضًا من الأمثلة التي تُذْكَر في النكاح: المُحْرِم لا يجوز له ابتداء النكاح، لكن يجوز له مُراجعة امرأته التي طلَّقها، وفرَّق العلماء بين المُراجعة والابتداء، قالوا: الابتداء لا يجوز؛ لحديث: لا يَنْكِح المُحْرِم، ولا يُنْكِح، ولا يَخْطُب [4]، أما المُراجعة فهي -في الحقيقة- استدامةُ نكاحٍ، وليست ابتداء نكاحٍ جديدٍ، وإنما هي استدامة نكاحٍ، والقاعدة: أن الاستدامة أقوى من الابتداء.
من الأمثلة التي يذكرونها أيضًا تحت هذه القاعدة: لو ارتدَّ إنسانٌ عن الإسلام، وزوجته مسلمةٌ، فهي في العدة، ويبقى نكاحها حتى تنقضي عدتها، بينما المُرتد لو أراد أن يعقد على امرأةٍ جديدةٍ نقول: إن هذا لا يجوز إذا كانت هذه المرأة مسلمةً، فلو أراد أن يعقد على امرأةٍ مسلمةٍ نقول: إن هذا لا يجوز، أما بالنسبة لزوجته التي كانت معه على ذِمَّته وقت الردة فهي ما دامتْ في العدة يبقى نكاحها، ولا ينفسخ النكاح بمجرد الردة.
يعني: إذا تاب تبقى زوجته، لا نقول له: جدِّد النكاح.
ونحن سمعنا في الأيام الماضية: أن هناك مَن ارتدَّ، فمثل هذا لو كانت له زوجةٌ هل يُلزم بأن يُجدِّد عقد النكاح؟
نقول: لا، ما دامتْ في العدة وتاب ورجع للإسلام فالزوجة باقيةٌ على النكاح، ولا يلزم تجديد عقد النكاح، بخلاف ابتداء النكاح.
إذن العلماء يُفرِّقون بين الاستدامة والابتداء، فالاستدامة أقوى من الابتداء، هذا هو الذي عَنَاه الناظم في هذا البيت.
قاعدة: الأصل بقاء ما كان على ما كان
قال:
87- وَكُلُّ مَعْلُومٍ وُجُودًا أَوْ عَدَمْ | فَالْأَصْلُ أَنْ يَبْقَى عَلَى مَا قَدْ عُلِمْ |
"وَكُلُّ مَعْلُومٍ وُجُودًا أَوْ عَدَمْ"، "أَوْ عَدَمْ" بإسكان الميم، وهنا الأصل أن يقول: "وُجُودًا أو عَدَمًا"، لكن النَّاظم أسكن الميم للضَّرورة الشِّعرية، وربما أيضًا على بعض لغات العرب كلغة ربيعة، فإنهم يُسكِّنونها.
يُشير الناظم بهذا إلى قاعدةٍ، وهي قاعدة: الأصل بقاء ما كان على ما كان، وهي فرعٌ من القاعدة العظيمة، وهي: اليقين لا يزول بالشك.
قاعدة "اليقين لا يزول بالشك" إحدى القواعد الفقهية الكُلية الكُبرى، فما كان معلوم الوجود فالأصل بقاء وجوده، وما كان معلوم العدم فالأصل بقاء عدمه.
والدليل لهذه القاعدة وأصلها هو ما جاء في الصحيحين عن عبدالله بن زيد: أن النبي شُكِيَ إليه الرجل يُخَيَّل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، فقال عليه الصلاة والسلام: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا [5]، فَدَلَّ هذا على أن الأصل بقاء الطهارة، وأن اليقين لا يزول بالشكِّ، فكأنه قال: لا ينصرف إلا بأمرٍ مُتيقَّنٍ من شَمِّ الرائحة أو سماع الصوت.
وهذه لها فروعٌ كثيرةٌ: مَن توضأ وشَكَّ في الحدث، فنقول: الأصل الطهارة، وهذه تعرض لكثيرٍ من الناس، يأتي -مثلًا- للمسجد وهو على طهارةٍ، ثم يشكّ: هل أحدث أم لا؟ هل خرج منه بولٌ؟ هل خرج منه ريحٌ؟
فنقول: الأصل هو الطهارة، فاليقين لا يزول إلا بيقينٍ مثله، والأصل بقاء ما كان على ما كان، واليقين لا يزول بمجرد الشك.
طيب، لو حصل عنده شَكٌّ الأمر ظاهرٌ، نقول: لا يقطع صلاته، لكن لو أنه حصل عنده غلبةُ ظنٍّ بخروج شيءٍ منه، يعني: أتى للمسجد وغلب على ظنِّه أنه خرج منه شيءٌ؛ خرج منه ريحٌ أو بولٌ، فهل يقطع صلاته وينصرف؟ عنده غلبة ظنٍّ.
الآن ليس عنده شَكٌّ، وليس عنده يقينٌ، عنده غلبة ظنٍّ، فهل يقطع صلاته أم لا؟
طالب: .......
الشيخ: لا يقطعها؛ لماذا؟
طالب: .......
الشيخ: لا يقطعها.
طالب: .......
الشيخ: يقطعها؟
طالب: .......
الشيخ: طيب، نرجع للحديث، وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا، سماع الصوت أو شَمّ الرائحة هل هو غلبة ظنٍّ أو يقينٌ؟
يقينٌ؛ ولذلك استنبط العلماء من هذا الحديث القاعدة العظيمة: أن اليقين لا يزول إلا بيقينٍ مثله، لا يزول بمجرد الشك، وألحقوا غلبة الظنِّ بالشكِّ، فلا ينصرف حتى لو غلب على ظنِّه، بل حتى قال بعض أهل العلم: لو كان عنده نسبة (99%) أنه خرج منه شيءٌ، لكن لم تصل إلى (100%) ما يقطع صلاته.
وقال بعض السلف: لا يقطع صلاته إلا إذا تيقَّن، بحيث لو قيل له: احلف أنه خرج منك شيءٌ. لحلف.
يعني: هذا -في الحقيقة يا إخوان- يقطع الطريق على المُوسوسين.
فنقول: الحمد لله، الأمر في الإسلام واسعٌ في رفع الحرج عن المُكلف، ما يقطع صلاته إلا بيقينٍ، سمع صوتًا، تأكد (100%)، شمَّ رائحةً، تأكد (100%)، أشياء مُتيقَّنٌ منها، أما مجرد شكوكٍ، أو حتى غلبة ظنٍّ، فلا يقطع صلاته؛ لأن اليقين لا يزول إلا بيقينٍ مثله، ولا يزول بمجرد الشك، والأصل بقاء ما كان على ما كان.
أيضًا من فروع هذه القاعدة: لو أن رجلًا أراد أن يُصلِّي -مثلًا- السُّنة الراتبة في بيته، وأراد أن يُصلِّي -مثلًا- في المجلس، أو في الصَّالة، أو في أيِّ موضعٍ من البيت، فقيل له: إنه يُحتمل أن يكون هذا المكان فيه نجاسةٌ. فهل نقول: يُصلِّي، أو أنه يبحث عن مكانٍ آخر؟
يُصلِّي؛ لأن الأصل في الأشياء الطهارة، الأصل هو الطهارة، فنقول: صَلِّ في أيِّ مكانٍ إلا إذا علمتَ وتيقَّنتَ بأن هذا المكان نجسٌ، فلا تُصَلِّ فيه؛ لأن اليقين لا يزول بالشك، ولأن الأصل بقاء ما كان على ما كان.
طيب، إنسانٌ في دورة المياه، وسقطتْ ملابسه في دورة المياه، فهل نقول: إنك لا تُصلِّي فيها؟
نقول: الأصل أن اليقين لا يزول بالشك، الأصل الطهارة، فإذا تيقَّنْتَ بأنها قد أصابتها نجاسةٌ نعم لا تُصَلِّ فيها، أما إذا ما تيقَّنْتَ فالأصل هو الطهارة.
طالب: .......
الشيخ: لا، ليس الأصل النَّجاسة، موضع النَّجاسة هو فقط يُسمى بـ"الحُشِّ"، هذا هو موضع النَّجاسة، أما الباقي فهو مجرد مُحيطٍ بهذا الحُشِّ، موضع قضاء الحاجة هذا هو النَّجس، أما ما حوله فالأصل فيه الطَّهارة.
لو كان العكس: لو كان إنسانٌ على غير طهارةٍ، وشَكَّ: هل توضأ أم لا؟
فنقول: يعتبر نفسه أنه ما توضأ؛ لأن الأصل أنه لم يتوضأ، وهذا هو اليقين، واليقين لا يزول بالشك، والأصل بقاء ما كان على ما كان، فنقول: لا بد أن يتوضأ.
طيب، إنسانٌ اشتبه عليه الأمر: هل أدَّى زكاته أم لم يُؤَدِّ زكاته؟
فنقول: الأصل أنه لم يُؤَدِّ زكاته؛ لأن هذا هو اليقين، واليقين لا يزول بالشك.
طيب، أيضًا مما يعرض لبعض الناس من الوساوس في هذا: مسألة الطلاق، وأنا أذكر أن رجلًا أتى إليَّ في هذا المسجد من مسافةٍ بعيدةٍ تزيد على خمسمئة كيلو يريد أن يسأل: عنده وسواسٌ في الطلاق، يعني: هذا يُسبِّب حرجًا لبعض الناس؛ مسائل الطلاق.
لو شَكَّ هل طلَّق زوجته أم لا؟
فالأصل المُتيقَّن هو أنه لم يُطلِّق زوجته، والطلاق مشكوكٌ فيه، واليقين لا يزول بالشك.
بعض الناس عندما يُسأل أيضًا: هل نويتَ الطلاق أو ما نويتَ؟
يقول: ما أدري.
أتى بلفظٍ مُحتمِلٍ، ولا يدري هل نوى أو ما نوى؟ يقول: تَشَوَّش ذهنه، ما يدري عن نِيَّته.
فنقول: الأصل هو استمرار النكاح، ولا نخرج عن هذا الأصل ونقول: إن زوجته حرمتْ عليه إلا بيقينٍ.
إذن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وكما قال الناظم: "وَكُلُّ مَعْلُومٍ وُجُودًا أَوْ عَدَمْ" فالأصل أن يبقى، فالنكاح معلومٌ، فالأصل أن يبقى النكاح، والطلاق مشكوكٌ فيه، فيبقى ما كان معلومًا على ما كان حتى نتيقَّن زواله.
هذه قاعدةٌ يا إخوان، قاعدةٌ عظيمةٌ تُفيد طالب العلم، وتُريح الإنسان كثيرًا، وتُذْهِب عنه الشكوك.
بعض الناس مُبتلى بالوسواس، والتَّفَقُّه في هذه القاعدة من وسائل العلاج عند مَن ابتُلي بالوسواس؛ لأن الوسواس إنما يأتي مع قِلة البصيرة وضعف الإرادة، فإذا كان عند الإنسان قِلة بصيرةٍ، وعنده حرصٌ على الخير، فتجد أنه قد يكون له وسواسٌ في الطهارة، ووسواسٌ في النية، ووسواسٌ في الطلاق، ووسواسٌ حتى في الزكاة.
أنا أتى إليَّ رجلٌ ومعه أخوه، وقال: إن أخاه معه وسواسٌ في الزكاة، وأنه يكاد يصرف جميع أمواله الآن، فقد يأتيه الوسواس في الزكاة.
الوسواس في الصيام أيضًا، فبعض الناس عندهم وسواسٌ فيما يتعلق بالبلغم، وفيما يتعلَّق ببلع الرِّيق، وهذه المسائل، والنية من أكثر ما يكون، وأكثرها في الطهارة، أكثر الوسواس في الطهارة، ثم في الطلاق.
الوسواس نُلاحظ أنه قد كثُر في الآونة الأخيرة، لكن أيضًا نُنبِّه هنا إلى أن الوسواس قد يكون حالةً مرضيةً عند بعض الناس، يعني: ليس بالضرورة أن يكون الإنسان عنده ضعفٌ في الإرادة، قد يكون هو نوعًا من المرض النفسي، فإذا كثُر من الإنسان واستحكم فهنا يُعالِج نفسه عند المُختصين، عند الأطباء النَّفسانيين.
وأنا التقيتُ ببعض الأطباء النَّفسانيين، وقالوا: إن هذا مرضٌ معروفٌ عندنا ويُعالَج، وكثيرٌ من الناس قد عُولِجوا وشفاهم الله ، فإذا استحكم وبلغ مرحلة الوسواس القهري فنُحيله إلى المُختصين للعلاج، فقد يكون مرضًا يُبْتَلى به الإنسان كسائر الأمراض، وليس بالضرورة أن يكون من ضعف الإرادة، لكن إذا كان في بدايته فيُنصح بتقوية الإرادة وبالتَّفقُّه في مثل هذه القاعدة؛ قاعدة: اليقين لا يزول بالشك، والأصل بقاء ما كان على ما كان.
قاعدة: الأصل في النَّفي نفيُ الوجود، فإن تعذَّر فنفيُ الصحة، فإن تعذَّر فنفيُ الكمال
قال:
88- وَالنَّفْيُ لِلْوُجُودِ ثُمَّ الصِّحَّهْ | ثُمَّ الْكَمَالُ فَارْعَيَنَّ الرُّتْبَهْ |
"وَالنَّفْيُ لِلْوُجُودِ ثُمَّ الصِّحَّهْ" هنا يُشير الناظم إلى قاعدةٍ هي: أن الأصل في النَّفي نفيُ الوجود، فإن تعذَّر فنفيُ الصحة، فإن تعذَّر فنفيُ الكمال.
فالأصل عندما يَرِد النَّفي في كلام الله وكلام رسوله أن الأصل هو نفيُ الوجود، فإذا تعذَّر بأن كان الشيء موجودًا فينصرف إلى نفي الصحة، فإن تعذَّر بأن وُجدتْ أدلةٌ تدلُّ على أن هذا الشيء صحيحٌ شرعًا فينصرف إلى نفي الكمال.
مثلًا: قول النبي : لا صلاة بحضرة طعامٍ، ولا هو يُدافعه الأخبثان [6].
فهنا نفيٌ: لا صلاة بحضرة طعامٍ.
أولًا: نُطبِّق القاعدة على هذا الحديث: لا صلاة بحضرة طعامٍ هل المقصود نفي الوجود؟
لا يمكن أن يكون هذا هو المقصود؛ لأن هناك مَن يُصلِّي بحضرة الطعام.
طيب، نأتي للرتبة الثانية: هل المقصود نفيُ الصحة؟
نقول: ليس هذا هو المقصود، وإن كان الظاهرية قد قالوا به، فالظاهرية قالوا: لا تصح صلاة مَن صلَّى بحضرة الطعام أو وهو يُدافعه الأخبثان. لكن قول الظاهرية هنا قولٌ ضعيفٌ، والذي عليه أكثر أهل العلم أن الصلاة صحيحةٌ؛ لأنها صلاةٌ قد استكملت الشروط والأركان والواجبات، فهي صلاةٌ صحيحةٌ؛ ولهذا ينصرف النَّفيُ لنفي الكمال.
فَعَدَلنا عن نفي الوجود لتعذُّره؛ لأن الصلاة موجودةٌ، وعدلنا عن نفي الصحة -خلافًا للظاهرية- وذلك لتوفُّر الشروط والأركان والواجبات، فما بقي إلا نفي الكمال.
أيضًا من الأمثلة لهذا: حديث: لا وضوء لمَن لم يذكر اسم الله عليه [7].
أولًا: هذا الحديث من جهة الإسناد ضعيفٌ، والإمام أحمد رحمه الله قال: "لا يثبت في هذا الباب شيءٌ"، لكن على تقدير ثبوته، بعض المُتأخرين جمع له طرقًا، وقال: "إنه حسنٌ"، فعلى تقدير ثبوته: هل نحمله أولًا على نفي الوجود؟
لو أردنا أن نُطبِّق القاعدة هذا مُتعذّرٌ؛ لأنه يوجد وضوءٌ بدون ذكر الله.
طيب، ننتقل لنفي الصحة: هل نحمله على نفي الصحة؟ أنه لا يصح الوضوء بدون ذكر اسم الله.
أيضًا هذا نقول: إنه غير واردٍ؛ لأن الواصفين لوضوء النبي لم ينقلوا أنه سمَّى ولو مرةً واحدةً، مع أنهم نقلوا أشياء دقيقةً، نقلوا حتى اضطراب لحيته في الصلاة، فَدَلَّ هذا على أنه ليس المقصود نفي الصحة، فَيُحْمَل على نفي الكمال على تقدير ثبوته.
أيضًا من الأمثلة لهذه القاعدة: قول النبي : لا صلاة لفردٍ خلف الصفِّ [8]، هل نحملها -أولًا- على نفي الوجود؟
نفي الوجود هنا مُتعذّرٌ؛ لأنه يوجد مَن يُصلِّي خلف الصفِّ مُنفردًا.
ننتقل للرتبة الثانية وهي: نفي الصحة، فهل نحملها على نفي الصحة أو نفي الكمال؟
هذا محل خلافٍ بين الفقهاء؛ فالجمهور حملوها على نفي الكمال، وقالوا: إن الصلاة صحيحةٌ؛ لأنها صلاةٌ استكملت الشروط والأركان والواجبات، فحملوها على نفي الكمال.
والحنابلة حملوها على نفي الصحة.
والأقرب -والله أعلم- هو قول الحنابلة في هذه المسألة: وهو نفي الصحة؛ لورود أحاديث أخرى تدل على عدم صحة صلاة المُنفرد خلف الصفِّ، ومنها: حديث وابصة بن معبد : أن النبي رأى رجلًا يُصلِّي خلف الصفِّ وحده، فأمره أن يُعيد الصلاة [9]، فَدَلَّ ذلك على أن صلاة المُنفرد خلف الصفِّ غير صحيحةٍ.
إذن القول الصحيح في هذا: أنه يُحمل على نفي الصحة، وليس على نفي الكمال، اللهم إلا إذا لم يجد فُرجةً داخل الصفِّ، فالقول الصحيح: أنه يُصلِّي خلف الصفِّ وحده؛ لأن غاية ما في الأمر أن المُصافَّة واجبةٌ، فتسقط بالعجز عنها، فإذا كانت الأركان والشروط والواجبات تسقط بالعجز عنها، فما بالك بهذا الواجب؟
هذا يسقط بالعجز عنه، هذا القول الصحيح، وليس له أن يجذب أحدًا من المُصلين أمامه، فالقول بالجذب قولٌ ضعيفٌ، وبُنِيَ على حديثٍ ضعيفٍ، وفيه تَعَدٍّ على الآخرين ونقلهم من الصفِّ الفاضل إلى الصفِّ المفضول.
إذن يُصلِّي خلف الصفِّ وحده إذا تعذر أن يجد فُرجةً داخل الصفِّ.
نكتفي بهذا القدر في أصول الفقه.
طالب: .......
الشيخ: محتمل، ولكن هذا غير صحيحٍ، وهذا ..
طالب: .......
الشيخ: لا، لا، شيخ الإسلام في مثل هذا يقول: نفي الصحة، في مسألة المُنفرد خلف الصفِّ.
طالب: .......
الشيخ: ما أظن أن هذا يصح عنه.
وهذا -في الحقيقة- يقودنا إلى ما ذكرتُه سابقًا في بعض الدروس: أن طالب العلم لا يُبالغ في التَّقعيدات، فالتَّقعيد أحيانًا يطرح تساؤلًا: ما أصل القاعدة؟ القاعدة التي أنت تستدل بها ما دليلها؟
أكثر القواعد مذهبيةٌ وتحتاج إلى أدلةٍ، وقد يكون الدليل الذي بنوا عليه ضعيفًا، ومَرَّتْ معنا هنا في "منظومة أصول الفقه" قواعد، وقلنا: إن الصحيح عدم الأخذ بها.
يعني: لا يُبالغ طالب العلم في الأخذ بالقواعد، وإنما يُبالغ في الأخذ بالدليل، فيكون مُعظِّمًا للدليل من الكتاب والسُّنة، أما القواعد فتحتاج إلى أدلةٍ، لكن هناك بعض القواعد المُجْمَع عليها، المُتفق عليها، تُفيد طالب العلم، مثل: قاعدة "اليقين لا يزول بالشك"، والقواعد الخمس الكبرى المُتفق عليها، فهذه تُفيد طالب العلم، لكن أيضًا لا تكون عنده مُبالغةٌ في مسألة التَّقعيدات؛ لأنه أيضًا -كما ذكرنا- يُطالب بالأدلة لهذه القواعد.