|categories

(6) فتاوى الحج 1439هـ

مشاهدة من الموقع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للّه رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمَّان الأكملان على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

إخوة الإيمان، إخوة الإسلام، حُجَّاج بيت اللّه الحرام، السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

طبتم وطابت أوقاتكم بكل خيرٍ، وجعلها عامرةً بذكر اللّه .

نحييكم في مستهل حلقة هذا اليوم من برنامج (فتاوى الحج).

وفي هذه الحلقة التي يسرُّنا من خلالها أن نلتقي بفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة جامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية.

السلام عليكم فضيلة الدكتور.

الشيخوعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته، وحياكم الله، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

المقدم: نعم، بارك الله فيكم وأثابكم الله.

ونحن نرحب بالمستمعين الكرام: حياكم الله جميعًا.

بدايةً، بارك الله فيكم، في هذه الأجواء الإيمانية، والحاج وهو يتواصل أو يصل إلى هذه البلاد المباركة ولله الحمد، ما هي النصيحة التي منكم -معالي الشيخ- لأن يستفيد منها الحاج خلال هذه الأيام المباركة وهو يتوجه إلى هذه البقاع الطاهرة؟

الشيخالحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بـهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فأقول لمن عزم على الحج: إنك قد عزمت على الإتيان بهذه العبادة العظيمة، وأن تقوم بهذه الرحلة الإيمانية المباركة، وهذه العبادة عظم اللّه تعالى شأنها، وأخبر النبي بأن من أتى بها على الوجه الأكمل، فليس له جزاءٌ إلا الجنة، فيقول عليه الصلاة والسلام: الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة [1]، ويقول: من حج فلم يرفث ولـم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه [2]، ويقول كما في قصة إسلام عمرو بن العاص  كما في “صحيح مسلمٍ” وغيره: يا عمرو، أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله، وأن الهجرة تـهدم ما كان قبلها، وأن الحج يهدم ما كان قبله [3]، فكما أن الإسلام يهدم ما كان قبله من الذنوب والمعاصي، وكذلك الهجرة تـهدم ما كان قبلها، فكذلك أيضًا الحج إذا وقع مبرورًا فإنه يهدم ما كان قبله من الذنوب والمعاصي.

وهذه هي أبرز منافع الحج، وهناك منافع أخرى يحصل عليها الحاج، ويتفاوت الحجيج في الحصول عليها؛ ومن ذلك: أن الحاج يتعلم في هذه الرحلة الإيمانية المباركة ما يهمه في أمور دينه؛ وذلك أنه يلتقي بعلماء، ويلتقي بطلبة علمٍ، ويلتق بـمشايخ، وربما يكون الحاج عنده بعض الأخطاء المتعلقة بالعقيدة، أو بعض الأخطاء المتعلقة بسلوكياتٍ، أو بعض الأخطاء المتعلقة بأمورٍ فقهيةٍ كان يعملها بطريقةٍ خاطئةٍ، فعندما يأتي لبيت الله الحرام يتعلم الطريقة الصحيحة في هذه الأمور كلها، وكم من حاجٍّ أتى إلى بيت الله الحرام وهو يحمل بدعًا وخرافاتٍ وأمورًا خاطئةً، ولمَّا أتى واستمع إلى أهل العلم، واستمع إلى المشايخ؛ تصححت عنده هذه الأخطاء، واستفاد من رحلة الحج بتصحيح هذه الأمور، وبخاصةٍ ما يتعلق منها بالعقيدة.

كذلك أيضًا يستفيد الحاج في هذه الرحلة المباركة: أنه يتدرب على كريم الأخلاق، يتدرب على الصبر؛ فإن الحج يعتبر سفرًا، والسفر قطعةٌ من العذاب، فهو بحاجةٍ إلى صبرٍ وتحملٍ، فيتدرب الحاج على اكتساب هذا الخلق -خلق الصبر- الذي قال عنه النبي : ما أُعطي أحدٌ عطاءً خيرًا ولا أوسع من الصبر [4]، أخرجه مسلمٌ في “صحيحه”، وكذلك أيضًا اكتساب صفة الحلم، وكذلك أيضًا اكتساب صفة الكرم ومكارم الأخلاق، ومنافع الحج كثيرةٌ وغير منحصرةٍ؛ ولهذا أتت على صيغة منتهى الجموع لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ [الحج:28]؛ إشارةً إلى كثرتها وتفاوت الناس في الحصول عليها.

المقدم: اللهم آمين، نسأل اللّه أن يجعله حجًّا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا.

أيها الإخوة الكرام، أنتم معنا على الهواء مباشرةً في حلقة هذا اليوم من برنامج (فتاوى الحج)، مع ضيفنا الكريم الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان.

أحسن اللّه إليكم، نبدأ هذه الحلقة بالاتصالات من الأخ عبدالعزيز من الرياض، حياك الله.

المتصلحياك اللّه، السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام، تفضل بالسؤال، نعم.

المتصل: شيخ سعد، سؤالي: النبي يقول: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، هل هو أفضل من قيام الليل، وفي ليلة القدر؟ والنبي عندما دعا في عرفة بعد الزوال، قرأت: أنه ما أنزل يديه إلى قبل الغروب؟

الشيخهذا الحديث حديثٌ مشهورٌ، وإن كان في سنده مقالٌ، إلا أنه حديثٌ مشهورٌ عند أهل العلم، وله شواهد: خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يـحيي ويـميت، وهو حيٌّ لا يـموت، بيده الخير، وهو على كل شيءٍ قديرٌ [5].

وهدي النبي يدل على أن أفضل ما يَشتغل به الحاج يوم عرفة بعد الزوال: الدعاء؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لمَّا زالت الشمس خطب الناس في وادي نَـمِرة، وصلى بـهم صلاة الظهر والعصر قصرًا وجمعًا، ثم سار عليه الصلاة والسلام إلى آخر عرفة من جهة الشرق، عند الصخرات، وأناخ ناقته، ولم ينزل منها، وإنما أناخها وظل راكبًا عليها، مستقبلًا القبلة، رافعًا يديه طيلة الوقت، طيلة الوقت وهو رافعٌ يديه يدعو حتى غربت الشمس [6]، وهو وقتٌ طويلٌ، يعني: قد يصل إلى قرابة ست ساعاتٍ، ومع ذلك، هذا الوقت كله كان عليه الصلاة والسلام منشغلًا فيه بالدعاء، حتى إن الصحابة  شكُّوا هل كان صائمًا أم لا؟ فأرسلت إليه أم الفضل رضي الله عنها بلبنٍ بعد العصر، فشرب منه والناس ينظرون [7]، فعلموا أنه كان مفطرًا، وهذا يدل على أن أفضل ما يفعله الحاج عشية عرفة -أي من بعد الزوال- هو الدعاء.

ويسن أن يرفع يديه اقتداءً بالنبي ، والدعاء في هذا الموطن حريٌّ بالإجابة، وقد استفاض واشتهر وتواتر عن أناسٍ دعوا في ذلك المكان من الحُجَّاج، فتبينوا إجابة دعواتـهم، وأخبر النبي : بأن اللّه تعالى يدنوا من الحجيج عشية عرفة، ويقول: ما أراد هؤلاء؟ [8]، وفي الرواية الأخرى يقول: أتوني عبادي شُعثًا غُبرًا ضاحِين، أُشهِدكم أني قد غفرت لهم [9].

وسؤال الأخ الكريم عن المفاضلة: قيام الليل له فضلٌ، وكذلك ليلة القدر لها فضلٌ، وأيضًا هذا المقام -مقام يوم عرفة- له فضلٌ، لكن هذا الفضل فيما يظهر أكثر ما يكون للحجيج؛ لأن النصوص إنـما وردت بالفضل للحجيج وعلى صعيد عرفاتٍ.

وغير الحاج: هناك أمورٌ ينبغي أن يحرص عليها ويفعلها؛ كصيام يوم عرفة، وأيضًا يوم عرفة يعتبر من عشر ذي الحجة، التي أخبر النبي بأنه: ما من أيامٍ العمل فيهنَّ أحب إلى الله من هذه العشر [10]، فهو أيضًا غير الحاج على خيرٍ، لكن الحُجَّاج على وجه الخصوص لهم هذه المَزِيَّة وهذا الفضل: أن اللّه يدنو، ويباهي بـهم ملائكته [11]، ويغفر ذنوبـهم وخطاياهم، ويستجيب لبعض دعواتـهم؛ لأن الله تعالى قال: أُوْلَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ [البقرة:202]؛ فدل هذا على أن هذا المقام مقامٌ يستجاب فيه بعض الدعوات التي يَدعون بـها ربهم .

المقدم: نعم، بارك الله فيكم وأثابكم الله، أيضًا نتواصل مع مستمعينا الكرام، معنا الأخ فهد من المدينة المنورة، على ساكنها محمدٍ أفضل الصلاة وأتم التسليم، فهد حياك الله.

المتصلالسلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: اللّه يعطيكم العافية ويطول بأعماركم، سؤالي: عندي نيَّة الحج هذه السنة، فهل ألبس الإحرام من المنزل وأمر على الميقات مرورًا، أو ألبس الإحرام من الميقات، هذا السؤال الأول؟

المقدم: واضح يا شيخ السؤال؟

الشيخإي نعم، واضح.

المتصل: السؤال الثاني: إذا وصلت إلى مكة وأنا معي العائلة، هل أطوف وأسعى؛ لأني مُفرِدٌ؟

المقدم: مُفرِدٌ؟

المتصلنعم، أطوف وأسعى، أو..؟

الشيخومتى ستصل إلى مكة، أي يومٍ؟

المتصلاليوم السابع إن شاء اللّه.

وإذا المرأة حاضت، هل تسعى بدون طوافٍ، أو ما عليها شيءٌ؟

الشيخطيب، وأيضًا المرأة معك مُفرِدةٌ؟

المتصلإي نعم.

المقدم: سؤالٌ آخر؟

المتصل: لا، يعطيكم العافية.

المقدم: تسمع الإجابة، تفضل يا شيخ.

الشيخأما بالنسبة للبس الإحرام: فلا بأس أن تلبس ملابس الإحرام، وقبل ذلك تغتسل وتتنظَّف وأنت في البيت، لكن لا تنوِ الإحرام، وإنما مـجرد فقط اغتسالٍ وتنظُّفٍ وأيضًا تعطُّرٍ في البدن وليس في اللباس، ولُبس ملابس الإحرام، ولا تنو الإحرام، ثم إذا وصلت إلى الميقات انْوِ الإحرام، إذا وصلت إلى الميقات قل: اللهم لبيك حجًّا، والأفضل أن يكون ذلك بعد الصلاة، إن كان وقت صلاة الفريضة قريبًا، فاجعله بعد صلاة الفريضة، وإن لـم يكن قريبًا فأتِ بصلاةٍ مشروعةٍ؛ إما سنةٍ مثلًا مثل صلاة الوتر إذا كنت في الليل، أو ركعتي الضحى، أو ركعتي الوضوء ونحو ذلك، هذا هو الأفضل، فعند محاذاة الميقات تكون النية، تقول: اللهم لبيك حجًّا.

هذا بالنسبة للسؤال الأول.

وأما بالنسبة لسؤالك الثاني: ما دمت مُفرِدًا، فإذا وصلت إلى مكة، فإنك تطوف طواف القدوم، وإن شئت سعيت سعي الحج، لكن لك أن تؤخِّر سعي الحج إلى ما بعد طواف الإفاضة، وطواف القدوم مستحبٌّ وليس واجبًا، فلو أنك ذهبت إلى مِنًى مباشرةً جاز ذلك، لكن الأفضل والأكمل أن تطوف طواف القدوم، وأن تسعى سعي الحج، وإذا سعيت سعي الحج، ليس عليك سعيٌ بعد ذلك لكونك مفرِدًا.

والمرأة كذلك معك في هذا، يعني: في جميع ما ذُكِر، وإذا حاضت المرأة فإنها لا تطوف ولا تسعى، وإنما يكون ذلك بعد الطهر، ويسقط عنها طواف القدوم، ويكون سعي الحج بعد طواف الإفاضة.

المقدم: وطواف الوداع يسقط عنها يا شيخ؟

الشيخكذلك أيضًا، المرأة إذا كانت حائضًا يسقط عنها طواف الوداع، إنما الذي لا يسقط عنها: طواف الإفاضة؛ طواف الإفاضة ركنٌ من أركان الحج.

المقدم: يعني: تنتظر حتى تطهر؟

الشيخنعم، إذا أتاها الحيض ولـم تطف طواف الإفاضة؛ فإنـها تنتظر حتى تطهر.

ولذلك: من كان معه نساءٌ فينبغي أن يبادر إلى تطويفهن طواف الإفاضة يوم العيد؛ لأنه لا يدري ما يعرض لهؤلاء النسوة، فلو أن هذه المرأة أتاها الحيض وهي لم تطف طواف الإفاضة فإنـها تنتظر حتى تطهر؛ ولذلك النبي لمَّا قيل له: إن صفية قد حاضت، قال: أحابستنا هي؟ [12]، هذا دليلٌ على أن المرأة تحبس مَحرَمها، ويتنظر معها حتى تطهر.

المقدم: نعم بارك الله فيكم.

اتصالٌ، معنا الأخ محمد من عُنَيزة، حياك الله.

المتصلالسلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: أريد أن أستفسر، أنا -يا شيخ- مرةً جمعت أنا ووالدي صلاة المغرب والعشاء، لكن قبل صلاة العشاء تقريبًا بخمس دقائق أو عشر دقائق.

الشيخنعم، وأنت في سفرٍ؟

المتصلوأنا في سفرٍ، إي نعم.

السؤال الثاني: صلينا مرةً مع إمامٍ، وبعدما سلم قمنا، وتكلم معه بعض المأمومين، قالوا: إنك أنقصت ركعةً، فبعدما أتـم مع الإمام بعدما قام، بعضنا أكمل صلاته وحده، ما ندري ما الصواب…؟

الشيخطيب، وأنتم ما الذي غلب على ظنكم: أنه فعلًا أنقص أم لا؟

المتصلنعم، نقص ركعةً.

الشيخطيب، وأكملتم ركعةً؟

المتصلأكملنا ركعةً، لكن بعضنا أكملها مع الإمام، وبعضهم أكملها وحده، يعني… ركعتين أو..؟

المقدم: شكرًا يا محمد، نعم، تفضل يا شيخ.

الشيخأما بالنسبة لجمعكم المغرب والعشاء فهو صحيحٌ، سواءٌ أكان ذلك في وقت المغرب أو في وقت العشاء، فعلى كل تقديرٍ هو جمعٌ صحيحٌ؛ لأنه يجوز لكم أن تجمعوا جمع تقديمٍ بأن تُصَلُّوها في وقت المغرب، أو أن تجعلوها جمع تأخيرٍ بأن تصلوها في وقت العشاء، فما فعلتموه صحيحٌ والحمد للّه.

المقدم: وصلينا -يقول- ينقصنا ركعةٌ مع الإمام، ما الوضع؟

الشيخنعم، أما بالنسبة لصلاتكم مع الإمام: فمن صلى مع الإمام هذه الركعة، وتابعه في الإتيان بـها، وسجد للسهو، ففعله صحيحٌ، والمسبوقون الذين أكملوا صلاتـهم أيضًا فعلهم صحيحٌ، لكن المسبوقين لا بد أن يأتوا بـهذه الركعة، لا بد أن يتداركوا ويأتوا بـهذه الركعة، ثم يسجدوا للسهو في آخر صلاتهم.

المقدم: نعم، بارك اللّه فيكم وأثابكم اللّه.

هذه إحدى الأخوات تقول: إنها تعمل في الحرم المدني لتنظيم النساء، وأحيانًا تذهب إلى الروضة الشريفة، وهي.. تقول: أحيانًا عملي وأكون حائضًا، هل هذا يجوز أم لا، حفظكم اللّه؟

الشيخالمرأة الحائض لا يجوز لها أن تـمكث في المسجد، ومن ذلك الحرم النبوي، فليس لها أن تفعل ذلك إلا على سبيل المرور، اللّه يقول: وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ [النساء:43]، فإذا كان ذلك على سبيل المرور فلا بأس به، أما أنها تـمكث الوقت الطويل في المسجد، فإن هذا لا يجوز بالنسبة للمرأة الحائض؛ ولهذا لمَّا قال النبي لعائشة رضي الله عنها: ناوليني الخُمْرَة -يعني: كساء- قالت: إني حائضٌ، قال: إن حيضتك ليست بيدك [13]، فأقرها النبي على فهمها في أن الحائض لا تـمكث في المسجد، لكن بيَّن أن مجرد المناولة هي مناولةٌ باليد، وأن الحيضة ليس لها علاقةٌ باليد، وهذا يدل على أن المرأة الحائص ممنوعةٌ من المكث في المسجد.

فعلى الأخت الكريمة أن تتفاهم مع المسؤولين في الرئاسة، أو وكالة رئاسة المسجد الحرام، والمسجد النبوي، في وضع آليةٍ، بحيث إن المرأة العاملة في المسجد الحرام والمسجد النبوي إذا أتاها الحيض لا تـمكث في المسجد أثناء فترة حيضها.

المقدم: نعم، بارك اللّه فيكم.

نستقبل أيضًا اتصالًا آخر: أم يحيى من الرياض، تفضلي.

المتصلالسلام عليكم، عندي سؤالان:

الأول: والدتي لمَّا توفاها الله، نحن أرسلنا مالًا لأختها، وكانت في المدينة، وحجت عنها، وأنا بنتها، وعندي رغبةٌ أن أحج عنها مرةً أخرى، هل الأفضل أن أحج عنها أو..؟

الشيخوأنتِ حججت عن نفسك؟

المتصلأنا حججت الفريضة، نعم بفضل اللّه.

السؤال الثاني: أنا ابني عنده إحدى عشرة سنةً ونصفٌ، يعني: هو -بفضل اللّه- متحملٌ للمسؤولية، هل يمكن أن أسافر معه كمحرمٍ، أو لا بد أن يكون بالغًا؟

المقدم: كم عمره؟ إحدى عشرة؟

المتصلإحدى عشرة سنةً ونصفٌ.

الشيختسافرين معه للحج؟

المتصلأسافر معه بالطائرة.

الشيخللحج؟

المتصللا، أسافر مصر يعني؟

المقدم: نعم، تفضل يا شيخ.

الشيخأما بالنسبة لسؤالها الأول المتعلق بحجها عن والدتها المتوفاة، فلا بأس به، لا بأس بأن تحج عن والدتها، وهي مأجورةٌ على ذلك، وهذا يدخل في البـرِّ؛ لأنه إحسانٌ عظيمٌ لأمها المتوفاة، وما دامت قد حجت هي عن نفسها حج الفريضة، فيجوز لها أن تحج عن غيرها، وما دامت تريد أن تحج عن والدتها، فهي على خيرٍ، ويُرجى أن تؤجر على ذلك؛ كونه نوعًا من البر بوالدتها.

المقدم: الولد عمره إحدى عشرة ونصفٌ، يصير محرمًا؟

الشيخبالنسبة لسفرها مع ابنها، وهذا الابن عمره إحدى عشرة ونصفٌ، فهذا ليس مَـحرمًا؛ لأنه غير بالغٍ، ولا تحصل به الكفاية؛ ولذلك فلا تسافر معه، إنما تسافر مع مَحرمٍ؛ لقول النبي : لا يحل لامرأةٍ تؤمن باللّه واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يومٍ وليلةٍ إلا ومعها ذو محرمٍ [14].

المقدم: نعم، بارك اللّه فيكم، وأثابكم اللّه، معنا اتصال الأخ نايف من الطائف، حياك اللّه.

المتصلالسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته، تحية لكم للأستاذ خالد الرُّمَيح، وأيضًا لضيفك الكريم… سؤال لمعالي الشيخ: هل يسقط الحج عن الرجل الذي يعاني من البدانة أو السمنة الزائدة؟

الشيختقصد حج الفريضة؟

المتصل: نعم يا شيخ.

المقدم: لديك سؤالٌ آخر؟

المتصل: جزاكم الله خيرًا.

المقدم:. تفضل يا شيخ.

الشيخإذا كان لا يستطيع أن يحج هذا الرجل، أو أنه يشق عليه الحج مشقةً شديدةً؛ بسبب وضعه الذي أشار إليه الأخ السائل، فإنه يكون غير مستطيعٍ، وينيب من يحج عنه، إذا كان قادرًا على ذلك بماله، واللّه تعالى إنما أوجب الحج على المستطيع، فقال تعالى: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، لكن إذا كان هذا الرجل يرجو أن يزول عنه هذا العائق في المستقبل، فإنه ينتظر ولا يتعجل في أن يُنيب من يحج عنه، خاصةً أن ما ذكره الأخ الكريم هو متعلقٌ بالبدانة، وقد أصبح في الوقت الحاضر علاج ذلك سهلًا ومـمكنًا، وهناك مراكز للسمنة وعلاج البدانة، يمكن أن يتعالج عن طريقها، فهو ليس من الأمراض المستعصية التي لا يُرجَى شفاؤها.

ولذلك ينبغي أن ينتظر حتى ييأس، فإذا أيس من أن يزول عنه هذا العائق، إذا أيس فإنه ينيب من يحج عنه، أما إذا كان يرجو أن يزول عنه هذا العائق فلا يتعجل في الإنابة؛ وإنما ينتظر لعل اللّه تعالى أن ييسر له الأمر، ويزول عنه هذا المانع ويحج بنفسه.

المقدم: نعم، بارك اللّه فيكم، ساعتنا تشير إلى الخامسة والنصف عصرًا في إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية على الهواء مباشرةً في برنامج (فتاوى الحج)، مع ضيفنا الكريم فضيلة الشيخ سعد بن تركي الخثلان.

هذا المتصل من الرياض، محمد، حياك اللّه.

المتصلالسلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ارفع صوتك.

المتصل: شيخ عندي سؤالٌ بالنسبة للرمي قبل الزوال: هل يجوز، وما هي ضوابطه؟

الشيخفي اليوم الثاني عشر؟

المتصلنعم، آخر يومٍ؟

الشيخالرمي قبل الزوال في اليوم الثاني عشر هو محل خلافٍ بين أهل العلم، والذي يظهر: أن من كان محتاجًا لذلك فلا حرج عليه؛ لأن اللّه تعالى يقول: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:203]، واليوم يبدأ بطلوع الفجر، وهذا نصٌّ في المسألة، وفعل النبي في أنه لم يرمِ إلا بعد الزوال، يدل على أن الأفضل والأكمل أن يكون الرمي بعد الزوال، والرمي بعد الزوال فيه خروجٌ من خلاف أهل العلم في هذه المسألة؛ ولذلك من لم يكن محتاجًا للرمي قبل الزوال فينبغي له أن يجعل رميه بعد الزوال؛ لأن هذا هو السنة.

أما من احتاج لذلك؛ كأن يكون مرتبطًا بحجوزات طيرانٍ، أو مرتبطًا بحملةٍ ونحو ذلك، فلا حرج عليه في أن يرمي قبل الزوال؛ للآية الكريمة.

المقدم: نعم، معالي الشيخ بارك اللّه فيكم، نختم هذه الحلقة باتصال الأخ عبدالرحمن من الرياض، تفضل.

المتصلالسلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: أنا -طال عمرك- عندي انتدابٌ، مُقدِمٌ على انتدابٍ مع الوزارة في الحج، لكني لم أؤدِ الركن الذي عليَّ، الحج الفرض ما حججت، فبعض الناس قالوا لي: ما يجوز مثل هذا، أولًا حُجَّ، بعد ذلك انتدب..

الشيخيعني: أنك ستعمل مُنتدَبًا وتأتي بالحج في الوقت نفسه؟

المتصلنعم..، أنا مقدِمٌ على انتدابٍ، لكن الناس قالوا لي: لا، ما يصلح أن تنتدب وأنت أصلًا ما حججت، حج وبعد ذلك..

الشيخلكن أثناء الانتداب ستحج؟

المتصللا، لست بحاجٍّ، سأكون هناك، لكن ما أنا بحاجٍّ؟

الشيخ: نعم، مع أي وزارةٍ؟ مع وزارة الشؤون الإسلامية؟

المتصللا، المالية.

الشيخ: نعم، طيب، ما يتيسر لك أن تحج مع عملك؟

المتصلواللّه يا ليت، اثنان في واحدٍ، لكن…

الشيخما دمت لم تحج حج الفريضة، ينبغي لك أن تبادر لأداء هذه الفريضة، وهذا الركن هو ركنٌ من أركان الإسلام، خاصةً أنك عزمت على أن تكون عاملًا ومنتدبًا مع جهة من الجهات الحكومية، وأظن أن المسؤولين والقائمين على تلك الجهة لن يمانعوا في أن تأتي بالحج؛ لأنك لم تحج حج الفريضة، فلعلك ترتِّب معهم، وتنسق مع زملائك في أن تأتي بحجِّ الفريضة.

وبكل حالٍ: ليس هناك ارتباطٌ بين العمل وبين الحج، فلو أنك أيضًا لـم تحج هذا العام، وذهبت مُنتدَبًا، فلا شيء عليك، لكنك إذا كنت قادرًا على الحج، فينبغي لك أن تبارد بأداء الحج؛ لأن الإنسان لا يدري ما يعرض له، وقد يكون الأجل قريبًا والإنسان لا يشعر، وقد يعرض له مرضٌ يعيقه عن الحجّ مستقبلًا، فنصيحتي لك أن تبادر هذا العام بأداء الحج، وألا تؤخر الحج، وأن تحرص على أن تحج ولو كنت مُنتدبًا، إذا كان الحج لن يؤثر على أداء عملك، ورتَّبت مع زملائك ومع المسؤولين في تلك الجهة، فتكون بهذا قد أتيت بحج الفريضة، وأيضًا أدَّيت العمل المناط بك.

المهم أنه ينبغي أن تهتمَّ بأداء هذا الركن، وأداء هذه الفريضة ما استطعت إلى ذلك سبيلًا؛ إن تيسر هذا العام، فهذا هو المطلوب، وإن لـم يتيسر، فتعقد العزم على أن تأتي بـهذه الفريضة العام المقبل إن شاء اللّه تعالى.

المقدم: شكرًا، جزاك اللّه خيرًا يا شيخ سعد.

الشيخوشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.

المقدم: أيها الإخوة والأخوات، إلى هنا نأتي إلى ختام حلقة هذا اليوم من برنامج (فتاوى الحج)، وقد أجاب عن أسئلتكم فضيلة الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية.

جزى اللّه الشيخ خير الجزاء، وجعل ذلك في موازين حسناته.

كما أسأل الله العلي القدير أن يجعل هذا الحج حجًّا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وأن يُسلِّم الحُجَّاج والمعتمرين في برهم وبحرهم وجوهم، وأن يعودوا سالمين غانمين مُتقبَّلًا منهم يا ربَّ العالمين، وأن يحفظ هذه البلاد المباركة -بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية- من كل شرٍّ ومن كل مكروهٍ، وأن ينصر جنودنا المرابطين في الحد الجنوبي وفي كل مكانٍ.

اللهم آمين، اللهم آمين.

نلقاكم على خيرٍ بإذن اللّه تعالى في حلقةٍ قادمةٍ.

والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 1773، ومسلم: 1349.
^2 رواه البخاري: 1521، ومسلم: 1350.
^3 رواه مسلم: 121.
^4 رواه البخاري: 1469، ومسلم: 1053.
^5 رواه الترمذي: 3585.
^6 رواه مسلم: 1218.
^7 رواه البخاري: 5604.
^8 رواه مسلم: 1348، بنحوه.
^9 رواه أحمد: 8047، وابن خزيمة: 2840.
^10 رواه البخاري: 969.
^11 رواه مسلم: 1348.
^12 رواه البخاري: 4401، ومسلم: 1211.
^13 رواه مسلم: 298.
^14 رواه البخاري: 1088، ومسلم: 1339.