عناصر المادة
- المقدمة
- الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في مناسك الحج
- حكم الحج بالتقسيط
- النيابة في ذبح الهدي
- النيابة في الرمي للقادر عليه
- حكم من له مسكن دون الميقات ومسكن بعده
- الرمي عن كبار السن
- كفارة من خرج من عرفة قبل غروب الشمس
- حكم الخروج من مكة ثاني أيام التشريق
- لبس القفاز الشفاف للنساء في الحج
- حكم من اعتمر ثم رجع إلى بلده ويريد الحج
- الإحرام من الميقات
- الرجوع للعُرف حال الاختلاف في الأجرة
- أفضل ما ينشغل به المعتمر
- حكم من اعتمر ثم رجع إلى بلده ويريد الحج
- هل يشرع صيام يوم التروية
- قص الأظافر وحلق الشعر في النسك لمن أراد أن يضحي
- خاتمة البرنامج
المقدمة
بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين، وصلى اللّه وسلم وبارك على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
أحبتنا المستمعين الكرام، السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
أسعد اللّه مساءكم وكل أوقاتكم بكل الخير، أهلًا ومرحبًا بكم -أيها الإخوة الكرام- في هذه الحلقة الجديدة من برنامجكم اليومي الإفتائي المباشر (فتاوى الحج).
حياكم اللّه مستمعينا الكرام.
أهلًا ومرحبًا بكم أيها الإخوة الكرام، وحيَّاكم اللّه في هذه الحلقة، أن يكون معنا فيها ضيفًا كريمًا صاحب الفضيلة الشيخ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية.
شيخ سعد، السلام عليكم ورحمة اللّه.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته، وحياكم اللّه، وحيَّا اللّه الإخوة المستمعين.
المقدم: أيضًا نرحب بكم مستمعينا الكرام، ونسعد بتواصلكم عبر هاتف البرنامج لمن أراد الاتصال وسؤالَ فضيلة الشيخ.
الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في مناسك الحج
شيخ سعد، دعنا نبدأ هذه الحلقة بأن لو حدثتمونا -اللّه يحفظكم- عن أهمية أن يحاول الإنسان تتبُّع سنة النبي في أداء فريضة الحج، ولا يحاول أن يترخص ببعض الرخص، أو ربما يسأل بعض العلماء عن بعض الأمور التي فيها تساهيل وفيها ترخُّصٌ، ثم بعد ذلك ربما يفقد كثيرًا من الأجر، وهو جاء لينال الأجر والفوز بالجنة.
الشيخ: الحمد للّه رب العالمين، وصلى اللّه وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فينبغي للحاج أن يحرص على أن يكون حجه مبرورًا؛ فإن الحج المبرور جزاؤه عظيمٌ جدًّا، بل إن النبي يقول: الحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة [1].
وهذا الحج المبرور: هو الذي أتى به صاحبه على الوجه الأكمل، وحَرَص فيه على اتباع السنة، ولم يقع منه فيه إثمٌ ولا معصيةٌ، فإذا حقق هذه الأوصاف كان حجه مبرورًا؛ ولهذا ينبغي أن يكون هذا الأمر حاضرًا في ذهن الحاج، وهو أن يحرص على اتباع السنة، وأن يحرص على أداء هذه العبادة على الوجه الأكمل ما استطاع إلى ذلك سبيلًا.
فعلى سبيل المثال: بعدما يرمي الحاج جمرة العقبة، بعد ذلك يأتي بالنُّسك، وهو الحلق أو التقصير، فهو الآن بين أمرين أحدهما فاضلٌ والآخر مفضولٌ، الفاضل هو الحلق، والذي دعا النبي للمحلقين ثلاثًا، وللمقصِّرين مرةً واحدةً [2]، فعنده الحلق وعنده التقصير، فينبغي أن يحرص على الأكمل وعلى الأفضل وهو الحلق، حتى يقع حجه مبرورًا، وإن كان التقصير جائزًا، لكن ينبغي دائمًا إذا تردد بين أمرين أن يطلب الأكمل والأفضل.
وهكذا أيضًا بالنسبة لبقية أعمال الحج، فينبغي أن يكون هذا حاضرًا لديه، وأن يكون الحرص على اتباع السنة موجودًا، حتى يكون الأجر جزيلًا، وحتى يقع الحج مبرورًا.
المقدم: جزاكم اللّه خيرًا -يا شيخ سعد- ونفع الله بكم.
حكم الحج بالتقسيط
معنا خالدٌ من الهفوف.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أنا ناوٍ -إن شاء اللّه- هذه السنة الحج، والمبلغ لا يتيسر معي، لكن معي صديقٌ يَمَنِيٌّ قال لي: أنا أقرضك المبلغ، وقسطه لي على أقساطٍ، أنا أريد أن أعرف يجوز أو لا يجوز؟
المقدم: عندك سؤالٌ ثانٍ؟
المتصل: سؤالي الثاني: في الهَدْي هل يمكنني أن أذبح عن نفسي، أو أدفع مالًا؟
المقدم: الهدي؟
المتصل: نعم.
المقدم: طيب تسمع الإجابة.
الشيخ: كيف تدفع مالًا؟
المتصل: يعني إذا يسر الله لي وحججت، وأردت أن أضحي، أدفعها، أو أضحي عن نفسي؟
الشيخ: هذا حج الفريضة؟
المتصل: نعم.
الشيخ: وأنت تريد أن تحج متمتعًا؟
المتصل: إن شاء اللّه.
الشيخ: يعني تسأل: هل تباشر الذبح بنفسك، أو توكل غيرك، تعطيه مبلغًا ماليًّا ويذبح عنك؟
المتصل: نعم.
الشيخ: إي نعم، طيب.
المقدم: شيخ سعد، السؤال الأول يقول: ما عندي مبلغٌ يكفيني للحج، ويريد أن يقترض من صاحبه، وسيسدده أقساطًا، هل يجوز له ذلك؟
الشيخ: نعم، يجوز له ذلك، خاصةً إذا كان له دخلٌ شهريٌّ وموردٌ ثابتٌ، فلا بأس بهذا، وإن كان الحج لا يجب عليه، الحج في هذه الحال لا يجب عليه، وهو يعتبر غير مستطيعٍ، ولكن لو وجد من يقرضه وأراد أن يحج فهذا جائزٌ ولا بأس به، وهو مأجورٌ على ذلك إن شاء اللّه، لكن يضع آليةً لسداد هذا القرض، مثلًا: إذا كان له دخلٌ شهريٌّ ثابتٌ، يسدد هذا الدين ولو على أقساطٍ.
المقدم: في مثل هذه الحالة شيخ سعد، إذا كان الأخ وافدًا من غير أهل السعودية، ربما إذا ذهب إلى بلده يكون أشق، فيما يتعلق بالحج، هل الأفضل هنا أن يقترض ويحج، طالما أنه موجودٌ هنا في المملكة مثلًا؟
الشيخ: نعم، هنا المصلحة تقتضي ذلك، تقتضي أنه يتصرف هذا التصرف، وإن كان لا يجب عليه، هو لا يجب عليه، لكن ربما أنه إذا رجع إلى بلده ما استطاع أن يحج؛ بسبب صعوبة الحج وكثرة تكاليفه، فكونه يسلك هذا المسلك، هذا أمرٌ طيبٌ، خاصةً أن له دخلًا ثابتًا، ويستطيع أن يسدد هذا الدَّين على أقساطٍ.
النيابة في ذبح الهدي
المقدم: سؤاله الثاني يقول: أنا سوف أذبح الهدي: أذبحه بنفسي أو أوكِّل مثلًا جمعيةً أو نحو ذلك؟
الشيخ: إن تيسر أن تلي الذبح بنفسك، فهذا هو الأفضل وهو الأكمل، وإن أردت أن توكِّل غيرك فلا بأس، بشرط أن يكون الوكيل ثقةً، سواءٌ أكان جهةً أو كان فردًا، فإذا أردت أن توكل من يشتري لك الهدي ويذبحه عنك ويوزعه، فلا بأس بهذا، وإن أمكن أن تباشر الذبح بنفسك، أن تشتري الهدي وتباشر الذبح بنفسك، فهذا هو الأكمل والأفضل.
المقدم: لكن يشترط للوكيل أن يذبحه في مكة يا شيخ سعد؟
الشيخ: نعم، لا بد، الهدي لا بد أن يُذبح في مكة في الحرم، يعني: منطقة الحرم، سواءٌ أكان في مكة، أو كان في مِنًى، أو في مزدلفة، المهم أنه داخل حدود الحرم.
المقدم: أحسن الله إليكم.
النيابة في الرمي للقادر عليه
معنا شيخة من حائل، تفضلي يا شيخة.
المتصلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصلة: يا شيخ، عندي والدي سيحج، وأخي يقول: لا ترم الجمرة…؟
الشيخ: لماذا: مريضٌ مثلًا، أو كبيرٌ في السن، أو..؟
المتصلة: لا، لا، الحمد للّه ما فيه شيءٌ.
الشيخ: طيب، إذنْ ما السبب؟
المتصلة: فقط خائفون عليه من الجمرات، زحام أو كذا؟
المقدم: طيب، عندك سؤالٌ ثانٍ؟
المتصلة: لا، شكرًا.
المقدم: تفضل يا شيخ.
الشيخ: لا بد أن يباشر الرمي بنفسه، ما دام أنه صحيحٌ قادرٌ، ليس مريضًا ولا كبيرًا في السن، وهو قادرٌ على أن يرمي بنفسه، فلا بد أن يباشر الرمي بنفسه، خاصةً أنه في السنوات الأخيرة مع التوسعة الكبيرة لجسر الجمرات أصبح الرمي سهلًا، وأصبح ليس فيه زحامٌ كثيرٌ كما كان عليه فيما مضى؛ ولذلك فلا تبرأ ذمته إلا بأن يباشر الرمي بنفسه ما دام قادرًا على ذلك.
وما قد يجده من صعوبةٍ، وما قد يجده من مشقةٍ، فهذا لا بد منه؛ ولذلك سـمَّى النبي الحجَّ جهادًا، وقال للنساء: عليكن جهادٌ لا قتال فيه؛ الحج والعمرة [3]، وذكر اللّه تعالى آيات الحج بعد آيات الجهاد، فالحج نوعٌ من الجهاد، ولكن الإنسان مأجورٌ على ما قد يجد من مشقةٍ، وما قد يجد من صعوبةٍ، بل إن من منافع الحج تدريب الإنسان على الصبر وعلى التحمل؛ لأن بعض الناس قليل الصبر، وقليل التحمُّل، فرحلة الحج تعطيه تدريبًا على أن يرفع مستوى الصبر لديه.
المقدم: شكرًا لك يا شيخ، اللّه يعطيك العافية.
حكم من له مسكن دون الميقات ومسكن بعده
معنا من الخرج الأخ عبدالرحمن.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
اللّه يعطيك العافية يا شيخ، أنا من أهل جدة، مواليد جدة، وعملي في الخرج، في قرية، ومقيم في القرية أربع سنواتٍ، وإن شاء اللّه سأحج، من أين..؟ لا بد أن أحرم من الميقات، السيل الكبير، علمًا بأني ذاهبٌ إلى جدة -إن شاء اللّه- يوم الخميس هذا، فصعبٌ عليَّ أن أرجع لميقات السيل الكبير وأحرم؟
الشيخ: لكن بيت الأهل -بيت الوالد والوالدة- في جدة؟
المتصل: في جدة، وأنا من أهل جدة، فقط عملي في الخرج.
المقدم: عندك سؤالٌ ثانٍ؟
المتصل: عندي سؤالٌ: أنا والوالدةٌ -بإذن اللّه- سنحج، عندي الوالدة كبيرةٌ في السن، وصعبٌ عليها أن تمشي، هي تقدر أن تمشي، لكن المشي يرهقها، هل أرمي عنها الجمرة؟
المقدم: عندك سؤالٌ ثالثٌ؟
المتصل: لا، فقط هذا.
المقدم: طيب، تسمع الإجابة إن شاء الله.
شيخ سعد، في السؤال الأول يقول: هو مقيمٌ حاليًّا في الخرج، وأهله في جدة، وهو أصلًا من سكان جدة، لكن أقام في الخرج للعمل، وهو في بداية العشر سيكون هناك، فمن أين يُحرِم؟ هل يحرم من السيل؛ بحكم أنه حاليًّا مقيمٌ هنا في نجدٍ، أو يحرم من جده؟
الشيخ: هو بالخيار؛ إن شاء أحرم من الميقات، من السيل أو من وادي مَحرَمٍ، وإن شاء أخَّر إحرامه إلى جدة؛ باعتبار أن بيت أهله في جدة، فهو بالخيار، وما دام أنه ذَكَر أن الأيسر والأرفق به أن يحرم من جدة فلا بأس، له أن يؤخر الإحرام إلى جدة، ويحرم من بيت والده، وهكذا أيضًا نقول بالنسبة لمن كان له مسكنٌ دون المواقيت، وله مسكنٌ آخر بعد المواقيت، فهو بالخيار: إذا أراد الإحرام للحج أو العمرة، هو بالخيار؛ إن شاء أحرم من عند الميقات حين يمر، وإن شاء أخَّر الإحرام حتى يصل مسكنه الثاني.
الرمي عن كبار السن
المقدم: بارك اللّه فيكم، يقول: إن والدته كبيرةٌ في السن، ويشق عليها المشي، هل يجوز أن يذهب للرمي عنها؟
الشيخ: لا بأس أن يتوكل في الرمي عنها؛ لأن كبيرة السن قد يشق عليها أن تلي الرمي بنفسها، وإن كان مع التوسعة الحالية ليس هناك زحامٌ كثيرٌ، ولكن أصبح المشي كثيرًا بسبب طول الممرات من المخيمات إلى الجمرات، فقد ينالها المشقة بسبب المشي الكثير؛ ولذلك لا بأس أن يتوكَّل في الرمي عنها.
المقدم: أحسن اللّه إليكم.
كفارة من خرج من عرفة قبل غروب الشمس
معنا من تبوك الأخ عبداللّه.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: سؤال لو سمحت يا شيخ.
المقدم: تفضل.
المتصل: يا شيخ، هذا العام حججت أنا وزوجتي، وخرجنا من عرفة، تقريبًا قبل المغرب بحدود نصف ساعةٍ أو ساعةٍ، ومشينا مشيًا إلى أن وصلنا مزدلفة، يعني: بعد المغرب وصلنا مزدلفة، هل علينا شيءٌ؟
الشيخ: يعني: خرجتم من حدود عرفة قبل غروب الشمس؟
المتصل: نعم، قبل غروب الشمس مشيًا على أرجلنا، بحدود نصف ساعةٍ أو ساعةٍ، وصلنا مزدلفة بعد المغرب.
المقدم: لك سؤالٌ ثانٍ؟
المتصل: شكرًا.
المقدم: حياك الله، تفضل يا شيخ.
الشيخ: على كل واحدٍ منكما دمٌ، يُذبح في الحرم، ويوزَّع على فقراء الحرم؛ وذلك لأنكما تركتما واجبًا من واجبات الحج، وهو استمرار الوقوف في عرفة إلى غروب الشمس، وكان الواجب عليكما أن تبقيا حتى تغرب الشمس، وذهابكما قبل غروب الشمس فيه إخلالٌ بهذا الواجب، فيرتفع الإثم لأجل الجهل، لكن لا بد من ذبح دمٍّ، يذبح في الحرم، ويوزع على فقراء الحرم، عن كل واحدٍ منكما.
وبـهذه المناسبة: أنصح الحُجَّاج ومن يريد الحج بالاهتمام بهذه العبادة، وأن يتبصَّر وأن يتفقه فيها، فأخونا السائل الكريم الآن يرى أن معظم الحجاج واقفون في عرفة، ولم يدفع منهم قبل غروب الشمس إلا القليل من الجهَّال ونحوهم؛ فلماذا يفعل ذلك؟ ولماذا لم يتبصَّر؟ ولماذا لم يسأل؟
والوقوف بعرفة هو آكد أركان الحج، وأيضًا ينبغي للحاج أن يتأكد من كونه واقفًا بعرفة؛ لأنه لو وقف خارج حدود عرفة لم يصح حجه؛ لأن الوقوف بعرفة هو أهم وآكد أركان الحج، وقد قال عليه الصلاة والسلام: الحج عرفة [4].
فعلى الحاج أن يهتمَّ بهذه العبادة، وأن يسأل أهل العلم عما يُشكل عليه من مسائلها وأحكامها، وإذا أشكل عليه شيءٌ فليسأل، والحمد اللّه، الدولة هيأت أماكن للسؤال، وهواتف كذلك لمن أراد أن يسأل عبر الهاتف، و”وزارة الشؤون الإسلامية” لها جهودٌ مشكورةٌ في هذا، والجهات الحكومية أيضًا تسهم في هذا، في التوعية، وفي التوجيه، وفي الإرشاد، فينبغي للحاج أن يهتم، ما عليه إلا فقط أن يهتم، وأن يسأل عما يشكل عليه من مسائل وأحكام الحج، أما أن يتصرف مثل هذه التصرفات، فيقع في ترك واجباتٍ، أو في ارتكاب محظوراتٍ، ثم بعد ذلك بعد مرور نحو سنةٍ، يبدأ يسأل، هذا أيضًا مؤشرٌ آخر على قلَّة الاهتمام، فكان ينبغي أن تسأل أيضًا في حينه.
وبكل حالٍ: فالواجب على كل واحدٍ منكما دمٌ يُذبح في الحرم، ويوزع على فقراء الحرم.
المقدم: بارك اللّه فيكم شيخنا.
حكم الخروج من مكة ثاني أيام التشريق
معنا من المدينة الأخ طارق.
المتصل: السلام عليكم ورحمة اللّه.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: كيف حالك يا شيخ سعد؟
الشيخ: بخيرٍ ونعمةٍ، نحمد الله.
المتصل: عندي سؤالان يا شيخ:
السؤال الأول: ما حكم الخروج من مكة ثاني أيام التشريق، أريد أن أُدخِل سيارتي داخل مكة، أذهب خارج مكة تقريبًا جهة الجموم، وأريد أدخل سيارتي، ما حكم ذلك؟
والسؤال الثاني: زوجتي تسأل تقول: ما حكم لبس القفَّاز الشفَّاف أثناء قضاء الحاجة، بارك اللّه فيكم؟
المقدم: يعني: وهي مُحرِمة، أو ماذا؟
المتصل: نعم، محرمةٌ، أثناء الحج، إي نعم؟
المقدم: شيخ، سؤاله الأول يقول: حكم الخروج من مكة أثناء أيام التشريق، أو ثاني أيام التشريق؛ من أجل أن يأتي بسيارته؟
الشيخ: لا بأس بذلك، بشرط أن يرجع إلى مِنًى ويبيت بها أكثر من نصف الليل، ما دام أن هذا الخروج قبل أن يكمل أعمال النسك، يعني: في اليوم مثلًا الحادي عشر -كما سأل- فلا بأس أن يذهب، ويقضي حاجته ثم يرجع، والواجب أن يبيت في مِنًى أكثر من نصف الليل.
لبس القفاز الشفاف للنساء في الحج
المقدم: بارك الله فيكم، تسأل زوجته أيضًا: حكم لبس القفاز الشفاف أثناء قضاء حاجتها؟
الشيخ: لا يجوز للمحرمة أن تلبس القفاز بجميع أنواعه، وعند قضاء الحاجة هناك بدائل يمكن أن تستعملها بدل هذا القفاز؛ من المناديل ونحوها، لكن ما دامت مُحرِمةً فهي ممنوعةٌ من لبس القفازين بجميع أنواعها.
المقدم: بارك اللّه فيكم.
حكم من اعتمر ثم رجع إلى بلده ويريد الحج
عبر (تويتر) الأخ درعي السبيعي، يقول: عندي سؤالٌ أريد عرضه على الشيخ: أنا أريد أن أحج هذا العام، وأريد أن أعتمر الأيام هذه وأرجع، إلى أن آتي الحج متمتعًا، أريد أن أعرف: هل أستطيع؟ وهل تكفي العمرة إذا أتيت اليوم السابع أو الثامن؟ يقول: وإذا أتيت من أين أحرم؟ وهل أتكلم بشيءٍ؟
الشيخ: نعم، ذكر البلد الذي هو فيه الآن؟
المقدم: لا، ما ذكر بلده.
الشيخ: طيب، إذا أتى بعمرةٍ هذه الأيام، إن رجع إلى بلده انقطع تـمتُّعه، فلو حج في العام نفسه، فيكون مفردًا، ولا يكون متمتعًا، أما إذا أتى بالعمرة ولـم يرجع إلى بلده الذي هو مقيمٌ فيه، بقي في مكة، أو ذهب لبلدٍ آخر غير بلده، فإنه يكون متمتعًا.
الإحرام من الميقات
وأما سؤاله: من أين يُحرِم؟ يحرم من الميقات، فإذا كان مثلًا من أهل نجدٍ يحرم من قَرْن المنازل، من السيل الكبير، أو من وادي مَحرَم، إذا كان مثلًا من جهة اليمن يحرم من يَلَمْلَم، إذا كان يأتي من جهة المدينة يحرم من ذي الحُلَيفة، وهكذا.
المقدم: لكن -يا شيخ- لو كان مثلًا من أهل نجدٍ واعتمر، ثم ذهب إلى جدة وأراد أن يحرم الآن للحج في يوم ثمانية، من أين يحرم يا شيخ؟
الشيخ: نعم، إذا أتى بالعمرة في أشهر الحج، فإنه إذا أراد أن يحرم بالحج، يحرم بالحج من مكانه، فإذا كان في مكة يحرم من مكة.
المقدم: أحسن اللّه إليكم.
الرجوع للعُرف حال الاختلاف في الأجرة
معنا الأخ دخيل من حفر الباطن.
المتصل: السلام اللّه عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: مساكم اللّه بالخير.
المتصل: مساك الله بالنور والسرور، حياك الله.
المتصل: أريد الشيخ.
المقدم: الشيخ يسمعك، تفضل.
المتصل: يا شيخ سعد، حججت أنا قبل ثلاث سنواتٍ تقريبًا مع حملةٍ، ولما وصلنا إلى الميقات تفاجأنا أن التصاريح مزوَّرةٌ، معظمها، والمبلغ الذي أعطيته مُشرِفَ الحملة قال: دعه معك، آخذه منك في الطريق، ولما وقفنا عند السيل، نزلنا من (الباص) والمشرف لا أعرف أين اختفى، وتورطنا، ومكثنا نشير لسيارات الأجرة، وأدخلونا طريقًا وأخرى، ولا أعرف ما الحل؟ والمبلغ إلى الآن ما أعطيته الرجل، وراجعت نفسي لمَّا لم أعطه، وبعد ذلك أنَّبَني ضميري أن أعطي له الأجرة، وليس هناك شيءٌ مما اتفقنا عليه، الأمور المعيشة وأمور السكن، السكن سكنَّا مدة ثلاثة أيامٍ، لكن المعيشة، الغداء والعشاء، يومًا يأتي، ويومًا لا يأتي، واتضح أن الحملة مزيَّفةٌ، وتورطنا، لست أعرف هل أعطيه المبلغ كاملًا أو جزءًا منه، لا أعرف؟
المقدم: يعني السؤال: هل تعطيه مالًا أو لا تعطيه؟
المتصل: نعم.
الشيخ: الواجب أن تعطوه مقدار نفقته عرفًا، يعني: الأشياء التي أنفقها عليكم تعطونه إياها، وهذا يقدره أهل الخبرة في هذا المجال، فيمكن أن تسألوا أصحاب مثلًا الحملات، وتشرحوا لهم بالتفصيل: ماذا حصل، وما الذي أنفقه عليكم، وكم يستحق من المبلغ؟ فإذا قدَّروا مبلغ الاستحقاق، فتعطونه إياه، أما أنكم ما تعطونه شيئًا، هذا لا يجوز، هو قد أنفق من جيبه، وإن كان قد أخطأ، عنده سلوكياتٌ خاطئةٌ -كما ذكرت- لكن هذا لا يـمنع من أن يُعطَى حقَّه الذي يستحقه شرعًا.
المقدم: عندك سؤالٌ ثانٍ، يا دخيل.
المتصل: الله يعافيك.
المقدم: شكرًا لك.
أفضل ما ينشغل به المعتمر
شيخ، من الأسئلة: هذا يقول: نحن الآن مقيمون في مكة، يعني: معتمرون وباقون في مكة، لكن ما هو أفضل ما نقضي فيه أوقاتنا إذا أتينا الحرم؟ هل الطواف، أو الصلاة، أو بماذا نقضيها؟
الشيخ: ينبغي أن تشتغلوا بالعبادة، ومن أفضلها الصلاة -إن تيسر- أن تذهبوا للحرم وتصلوا، وتكثروا من صلاة النافلة بعد صلاة الفريضة، تصلون مثنى مثنى، ركعتين ركعتين، ما عدا أوقات النهي؛ فلا يُتطوَّع فيها، فهذا عملٌ صالحٌ عظيمٌ، وأجر الصلاة مضاعفٌ في تلك البقاع.
كذلك أيضًا الطواف، لكن الطواف لو أنكم وسَّعتم لإخوانكم الحُجَّاج وتركتم الطواف -طواف التطوُّع- لأجلهم، فإن هذا أمرٌ حسنٌ، ويُرجى أن تؤجروا على هذا التصرُّف؛ لأن أعداد الحجاج كبيرةٌ، ولو أن كل واحدٍ مقيمٍ في مكة قال: أنا أريد أن أطوف طواف تطوُّعٍ، لشقَّ ذلك على الحجاج.
فالطواف، الذي أرى: أن تتركوا طواف التطوُّع هذه الأيام؛ توسعةً على إخوانكم الحجاج والمعتمرين الذين يأتون بالعمرة في نسك التمتُّع.
كذلك أيضًا: الذكر بجميع أنواعه؛ تلاوة القرآن، وهو أشرف الذكر، والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وكل ما هو عملٌ صالحٌ، ينبغي أن تغتنموا هذه الأوقات في العبادة، ويلاحظ أن بعض الحجاج الذين يَقدَمون مكة في مثل هذه الأيام تضيع عليهم أوقاتـهم من غير أن يستفيدوا منها، تضيع في القيل والقال، وفي صرفها في أمورٍ لا تنفع، بل ربما تجر إلى أمورٍ قد يلحقهم معها الإثم؛ كالغيبة ونحوها.
ولذلك: ينبغي أن يحرص الحاج الذي أتى إلى هذه البقاع يبتغي فضلًا من اللّه ورضوانًا، أن يحرص على حسن إدارة وقته، وأن يخصص وقتًا أكبر -قدر ما يـمكن- للعبادة.
المقدم: أحسن اللّه إليكم شيخ، معنا أحمد من جدة.
حكم من اعتمر ثم رجع إلى بلده ويريد الحج
المتصل: السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: يا شيخ، عندي سؤالان:
السؤال الأول: اعتمرت قبل أسبوعٍ تقريبًا، أحرمت بها متمتعًا إلى الحج، وبعدما حللت إحرامي رجعت إلى جدة؛ لأنني من سكان جدة، فما أدري إذا كانت عمرتي صحيحةً، ونُسُك التمتع صحيحًا أو لا؟
الشيخ: يعني: أنت الآن من سكان جدة، وأتيت بعمرةٍ، ثم رجعت الآن لجدة؟
المتصل: نعم.
السؤال الثاني: إن شاء اللّه، إذا ربِّي سهَّل، أريد أن أحج أنا وأمي وزوجتي، وكلنا متمتِّعون، فما أدري هل الهدي علينا لكل شخصٍ هديٌ، أو الهدي واحدٌ مشترَكٌ؟
الشيخ: طيب، بالنسبة للزوجة ومن معك، هم أتوا بالعمرة أيضًا ورجعوا إلى جدة؟
المتصل: صحيح.
المقدم: مثلك يعني؟
المتصل: نعم، كلنا اعتمرنا ورجعنا إلى جدة.
الشيخ: ما دمتم أتيتم بالعمرة، ثم رجعتم إلى بلدكم الذي تقيمون فيه، وهو جدة، فقد انقطع التمتع في حقكم، وعلى ذلك: إذا أتيتم بالحج، فتكونون مُفرِدين، وليس عليكم هديٌ؛ باعتبار أنكم مُفرِدون، والمفرد ليس عليه هديٌ، إنما الهدي يكون على المتمتع والقارن.
المقدم: يعني: الآن ما عليهم هديٌ، كلهم؛ لا هو، ولا زوجته، ولا أمه؟
الشيخ: كلهم ليس عليهم هديٌ، نعم؛ لأن التمتع انقطع برجوعهم إلى بلدهم.
هل يشرع صيام يوم التروية
المقدم: شيخ، هذا أحد الإخوة يقول: أنا سأحج -إن شاء اللّه- وأريد صيام يوم التروية، هل يشرع ذلك لي؟
الشيخ: الأفضل ألا تصوم؛ لأن هذا هو هدي النبي ، وهو أكمل الهدي، وقد وصل عليه الصلاة والسلام إلى مكة في رابع ذي الحجة، وأقام بالأبطح إلى يوم التروية، ولم ينقل عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يصوم صيام تطوُّعٍ في هذه المدة، ثم إنك مسافرٌ، ثم إن هذا اليوم أيضًا هو يوم التروية، وأنت ستذهب إلى مِنًى، فالأفضل ألا تصوم صيام التطوع، والحمد لله يمكن أن تعوض بعد انقضاء الحج إذا رجعت لبلدك، تصوم ما تيسَّر من التطوع، ولو أن تصوم يومًا وتفطر يومًا، وهو أكمل درجات صيام التطوع.
أما في أيام الحج، في يوم التروية، وكذلك أيضًا يوم عرفة؛ فالأفضل ألا تصوم صيام تطوعٍ.
المقدم: أحسن اللّه إليكم.
قص الأظافر وحلق الشعر في النسك لمن أراد أن يضحي
معنا المتصل الأخير في هذه الحلقة، أبو محمدٍ.
المتصل: السلام عليكم يا شيخ، أسألك: إن شاء اللّه السنة هذه ناوٍ أن أحج، وأحب أن تكون الأضحية، سأوصي بها أحد أقربائي يضحي ثاني أيام العيد، فإذا دخلت في الإحرام يوم سبعة أو يوم ثمانية، هل يجوز لي أني أحلق من شعري وأقلِّم أظافري وأنا سأضحي؟
الشيخ: وأنت ناوٍ التمتع؟
المتصل: إفرادًا.
الشيخ: إفرادًا نعم، يعني: إذا أحرمت يوم السابع، معنى ذلك: ستبقى على إحرامك إلى يوم العيد؟
المتصل: نعم.
المقدم: يعني: أنت سؤالك عن قبل الإحرام، تقص أظافرك و..؟
المتصل: نعم، قبل الإحرام، ويوم التشريق، هل يجوز لي أن أحلق قبل الأضحية، أو أنتظر إلى ثاني يوم بعدما يذبح؟
المذيع: طيب، تفضل يا شيخ.
الشيخ: ما دمت ناويًا الأضحية فليس لك أن تأخذ من شعرك ولا من أظفارك، من حين دخول عشر ذي الحجة، ولو عند اغتسالك للإحرام، فلا تأخذ من شعرك ولا من أظفارك شيئًا، على أن الأخذ من الشعر ومن الأظفار قُبَيل الإحرام ليس مرتبطًا أصلًا بالإحرام، وإنما ذكره من ذكره من الفقهاء لأن الناس قديمًا كانوا يأتون للحج في وقتٍ مبكِّر، وبعضهم يكونون قارنين ومفردين، ويَبقون على إحرامهم مدةً طويلةً، فيقولون: حتى لا يحتاج المُحرِم إلى الأخذ من شعره ومن أظفاره، ينبغي أن يتعاهد نفسه، وأن يأخذ من شعره ومن أظفاره قبل أن يدخل في النسك، وقبل أن يُحرِم، وإلا هو ليس من خصائص الإحرام، وليس مرتبطًا به.
فالأخ الكريم ما دام أنه ينوي الحج، فنقول: تغتسل عند الإحرام وتتنظف، لكن لا تأخذ من شعرك ولا من أظفارك شيئًا، وأما يوم العيد بعدما ترمي جمرة العقبة، فلا بأس أن تحلق رأسك أو تُقصِّر، هذا نُسُكٌ، ومن واجبات الحج: الحلق أو التقصير ولو كنت ستُضحِّي؛ لأن هذا نُسُكٌ، لكن تُمسك عن الأخذ من شعرك وأظفارك وبقية الشعور حتى تُذبح أضحيتُك، وأما بالنسبة لحلق الرأس أو التقصير فهذا نسكٌ، هذا تأتي به يوم العيد بعد رمي جمرة العقبة، ولو قبل أن تُذبَح أضحيتك.
المقدم: أيضًا مثل شيخنا..، يعني: تقصير الشعر لعمرة التمتُّع كذلك؟
الشيخ: كذلك أيضًا: لو كنت متمتعًا، فلا بأس أن تُقصِّر بعد الطواف والسعي في العمرة؛ لأن هذا نُسُكٌ، ولو كنت ناويًا الأضحية، فالحلق أو التقصير المتعلق بالنسك هذا ليس له علاقةٌ بالأخذ من الشعر والأظفار المنهي عنه لمن أراد أن يضحي.
المقدم: بقي شيءٌ أبا محمد؟
المتصل: جزاك الله خيرًا، شكرًا لك.
المقدم: شكرًا لك يا أبا محمد.
خاتمة البرنامج
بهذه الإجابة الوافية من فضيلة الشيخ الدكتور سعد، نكون قد وصلنا إلى نـهاية هذه الحلقة التي قد تفضل فيها بالإجابة عن أسئلتكم فضيلة الشيخ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية، جزاكم اللّه خيرًا -شيخ سعد- ونفع اللّه بكم.
الشيخ: بارك الله فيكم، وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: شكرًا لكم أيضًا -مستمعينا الكرام- على حسن متابعتكم لنا في هذه الحلقة.
نسأل اللّه سبحانه وتعالى أن يفقهنا وإياكم في دينه، وأن يعلمنا وإياكم ما ينفعنا، وأن ينفعنا بـما علمنا، وأن يزيدينا وإياكم علمًا وهدىً وتوفيقًا وسدادًا، وأن يحفظ حجاج بيته الكريم، وأن يوفقهم لأداء نسكهم على أكمل وجهٍ وأتمِّه، إنه سـميعٌ مجيب الدعاء.
نلتقيكم غدًا بمشيئة الله تعالى، حتى ذلك الحين نستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.