logo

(5) فتاوى الحج 1443هـ

مشاهدة من الموقع

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: أحبتنا المستمعين الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بكم -أيها الإخوة الكرام- في هذه الحلقة الجديدة من البرنامج الإفتائي المباشر (فتاوى الحج).

أنقل لكم بداية هذه الحلقة تحايا الزملاء فريق العمل:

في التنفيذ: عيسى الراقي.

في إدارة الإعلام الرقمي: فيحان السبيعي.

في التقديم مُحدثكم: سبيت بن إبراهيم السبيت.

وفي الإخراج: محمد بن سعيد الشمري.

أهلًا ومرحبًا بكم أحبتنا المستمعين الكرام، وكل عامٍ أنتم بخيرٍ، وتقبل الله منا ومنكم صالح القول والعمل.

أيضًا نُرحب بضيفنا الكريم في هذه الحلقة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

شيخ سعد، السلام عليكم ورحمة الله.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحيَّاكم الله، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

مقدم البرنامج: حيَّاكم الله فضيلة الشيخ.

وأيضًا نُرحب بكم مُستمعينا الكرام، أهلًا ومرحبًا بكم، ولمَن أراد الاتصال وطرح سؤاله على فضيلة الشيخ فالرقم: (0114052999).

حيَّاكم الله شيخ سعد.

حكم تأخير الصلوات لنهاية الوقت

نبدأ هذه الحلقة بالمتصل الأول الأخ عبدالله.

المتصل: السلام عليكم.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: أسعد الله مساءكم، وكل عامٍ أنتم بخيرٍ.

مقدم البرنامج: وأنتم بخيرٍ وعافيةٍ يا ربّ.

المتصل: عندي عدة أسئلةٍ يا شيخ:

السؤال الأول للشيخ سعد: هل ينصح بتأخير الصلوات إلى ما قبل نهاية وقتها للعذر أو من دون عذرٍ؟

السؤال الثاني: ما المحظورات التي تجب على المُضحي؟ وهل تجب على المُضحي فقط، أم تجب على الذي دفع مالًا للمُضحي كي يستلم الأضحية، والمُضحي الأول يذبحها؟ هل تجب على الاثنين أم المُضحي فقط؟

السؤال الثالث: توضيح فضيلتكم للناس الذين يصومون هذه الأيام، أنا سمعتُ في حديثٍ نبويٍّ شريفٍ أنه لا يجوز صيام الأيام: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، فنرجو التوجيه في ذلك، وجزاكم الله خيرًا.

مقدم البرنامج: طيب، تسمع الجواب -إن شاء الله- أخي عبدالله، يُعطيك العافية.

أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم، في سؤاله الأول يسأل: هل يجوز تأخير أوقات الصلوات إلى قُبَيل نهاية الوقت سواء كان ذلك بعذرٍ أو بغير عذرٍ؟

الشيخ: الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه واتَّبع سُنته إلى يوم الدين.

أما بعد: فيجوز تأخير الصلاة إلى آخر وقتها بحيث يُؤديها قبل أن يخرج الوقت؛ وذلك لأن هذا الوقت محلٌّ لأداء هذه الصلاة.

فعلى سبيل المثال: المرأة لو أرادتْ ألا تُصلي صلاة الظهر إلا قبل أذان العصر بعشر دقائق، فيجوز ذلك ولو كان هذا من غير عذرٍ؛ لأن هذا الوقت كله وقتٌ لأداء الصلاة، ولكن الأفضل هو أن تُؤدَّى كل صلاةٍ في أول وقتها ما عدا صلاة العشاء، فإن صلاة العشاء إذا تيسر تأخيرها لثلث الليل فهو الأفضل؛ لقول النبي : إنه لوقتها لولا أن أَشُقَّ على أُمَّتي [1]، وما عدا ذلك فقد دلَّت الأدلة على استحباب صلاة كل وقتٍ في أول الوقت، لكن بالنسبة للرجال يجب عليهم أن يُصلوا مع الجماعة في المسجد، ولا يجوز لهم أن يُصلوا في البيت من غير عذرٍ.

وقد جاء في “صحيح مسلم” عن أبي هريرة : أن رجلًا أعمى أتى النبي فقال: يا رسول الله، إني رجلٌ أعمى، وليس لي قائدٌ يُلائمني -يقودني إلى المسجد- فهل تجد لي رخصةً في أن أُصلي في بيتي؟ فقال له النبي : هل تسمع: حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح؟ قال: نعم. قال: فأجب، أخرجه مسلمٌ في “صحيحه” [2]، وجاء في روايةٍ عند غير مسلمٍ: لا أجد لك رخصةً [3].

فإذا كان النبي لم يجد رخصةً لهذا الرجل الكفيف غير المُبْصِر الذي ليس له قائدٌ يقوده للمسجد، فكيف بالصحيح المُبْصِر القادر؟!

وهذا من أظهر الأدلة على وجوب الصلاة مع الجماعة في المسجد، إذ إنها لو لم تكن واجبةً لم يقل النبي : لا أجد لك رخصةً، وَلَرَخَّص له عليه الصلاة والسلام في أن يُصلي في بيته، ولكن هذا الرجل فَهِمَ أن الصلاة مع الجماعة في المسجد واجبةٌ، وأقرَّه النبي على هذا الفهم، بل قال له: لا أجد لك رخصةً، وهذا يدل على وجوب الصلاة مع الجماعة في المسجد، فالرجال يجب عليهم أن يُصلوا الصلوات الخمس مع الجماعة في المسجد.

وأما المعذور من الرجال -مَن له عذرٌ- وكذلك النساء فَيُصلِّين الصلاة في وقتها، المهم أن تُصلَّى الصلاة في وقتها، ولا يحل تأخيرها عن وقتها، لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها لغير عذرٍ.

فعلى سبيل المثال: صلاة الفجر ينتهي وقتها بطلوع الشمس، ولا يجوز تأخير صلاة الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس، وتأخير الصلاة عن وقتها معدودٌ عند أهل العلم من كبائر الذنوب، والذي يفعل ذلك يدخل في السَّاهين الذين توعَّدهم الله بقوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4- 5]، قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: “يُؤخِّرونها عن وقتها” [4].

والحاصل أن الرجال يجب عليهم أن يُؤدُّوا الصلاة مع الجماعة في المسجد، أما مَن كان معذورًا من الرجال أو من النساء فيجوز لهم أن يُؤخِّروا الصلاة لآخر وقتها بحيث يُؤدُّون هذه الصلاة في وقتها قبل خروج الوقت، ولكن الأفضل أن تُصلَّى كل صلاةٍ في أول وقتها ما عدا صلاة العشاء فيُستحب تأخيرها -إن تيسر- إلى ثلث الليل.

الأمور التي يُمنع منها مَن أراد أن يُضحّي

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

معنا محمد من الخَرْج.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

مقدم البرنامج: اللهم آمين، ومنكم.

المتصل: شيخنا الفاضل، عندي سؤالٌ بخصوص صلاة الجنازة: فمثلًا لو صُلِّي على الصلاة، هل يصح أن يُصلَّى على الصلاة قبل الإمام الراتب؟

مثال ذلك: لو جاءت صلاةٌ بعد صلاة الظهر اليوم، وانتهينا من صلاة الظهر وصلاة الجنائز، جاءت صلاةٌ يُصلَّى عليها العصر، ثم قدَّموا ناسًا وصلّوا عليها، هل يجوز أن يُصلَّى عليها قبل الإمام الراتب أو لا يجوز؟

مقدم البرنامج: عندك سؤالٌ ثانٍ يا محمد؟

المتصل: لا، أبدًا، فقط هذا السؤال، الله يحفظك.

مقدم البرنامج: طيب، تسمع الجواب، إن شاء الله.

شيخنا -حفظك الله- عبدالله أيضًا يسأل يقول: ما الأمور التي يُمْنَع منها مَن أراد أن يُضحِّي؟ ومَن الذي يمتنع؟ مَن يدفع المال أو ..؟ يعني: لو فصَّلتم في هذه النقطة.

الشيخ: المُضحِّي يُمْسِك عن الأخذ من شعره ومن أظفاره حتى تُذبح أُضحيته؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي قال: إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يُضحِّي، فلا يأخذنَّ من شعره ولا من أظفاره شيئًا [5]، والمراد بالمُضحِّي الذي يدفع ثمن الأُضحية، ولو لم يُباشر ذبحها، أما الذَّابح أو المُشتري للأُضحية فهذا لا يُعتبر مُضحِّيًا، ولا يتعلق به الإمساك، هذا مجرد وكيلٍ، وكيلٌ في الذبح، أو وكيلٌ في الشراء، فلا يُعتبر مُضحِّيًا، ولا يشمله النهي الوارد في الحديث، فالمراد بالمُضحِّي هو مَن يدفع ثمن الأضحية، هذا هو الذي يُمْسِك عن الأخذ من شعره وأظفاره حتى تُذبح أُضحيته.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

حكم صيام أيام التشريق

معنا من الرياض عبدالرحمن.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: الله يُعافيك ويُطوِّل عمرك، وكل عامٍ أنتم بخيرٍ والمستمعون كلهم، إن شاء الله.

مقدم البرنامج: وأنت بخيرٍ.

المتصل: أنا ما عندي سؤال، لكن -طال عمرك- أنا أرغب وكُلِّي أملٌ في الله أن يُعلق الشيخ على موضوع صِلة الرحم أثناء العيد، فقد انقطعتْ صِلة الرحم منذ سنوات، فجاء العيد يا شيخ، يعني: أنا أذهب لعمتي، وأذهب لخالي، وهناك مُشاحناتٌ عائليةٌ وكذا، لكن هذا الوقت يا شيخ -وأنت أعلم منا بهذا الشيء- وقتٌ فضيلٌ، يعني: عيد المسلمين، وعيد الأضحى، وقد مررنا بعشر أيامٍ فضيلةٍ، طيب، هل ما زالت العلاقات الاجتماعية والعلاقات الأُسرية التي سنُورِّثها لأبنائنا ..؟

يتفضل الشيخ فقط يُعلِّق بأن هذا الوقت إذا نحن ما تسامحنا ..، يعني: أنا أود -والله يا شيخ- هذه الأيام -أيام العيد- أن العالم كله يسمع لك، وإن شاء الله يكتب أجرك.

مقدم البرنامج: آمين، جزاك الله خيرًا يا عبدالرحمن، وأبشر، إن شاء الله تسمع توجيهات الشيخ ونصيحته بمشيئة الله.

عبدالله أيضًا يسأل يا شيخ -حفظكم الله- يقول: أيضًا يحتاج ..، يعني: هو يسأل عن صيام هذه الأيام -أيام التشريق- خاصةً يمكن يوم ثلاثة عشر، يعني: بعض الناس يحرص على أن يصوم أحد الأيام البيض، هل يجوز صيام هذه الأيام؟

الشيخ: لا يجوز صوم يوم العيد ولا أيام التشريق إلا في حالةٍ واحدةٍ؛ في حقِّ مَن لم يجد الهَدْي، فإنه يجوز أن يصوم أيام التشريق؛ لحديث عائشة وابن عمر : أن النبي نهى عن صيام أيام التشريق إلا لمَن لم يجد الهَدْي، وهذا الحديث أخرجه البخاري في “صحيحه” [6]، وهو نهيٌ صريحٌ من النبي عن صيام أيام التشريق، ويُستثنى من ذلك مَن لم يجد الهَدْي فيجوز له أن يصوم ثلاثة أيامٍ في الحج، ويجوز أن تكون هذه الأيام الثلاثة هي: اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجة، وما عدا ذلك فلا يجوز.

وعلى ذلك فمَن كان من عادته أنه يصوم أيام البيض فينبغي له ألا يصوم، بل لا يجوز له أن يصوم اليوم الثالث عشر، وإنما يصوم الرابع عشر والخامس عشر، ويُعوّض عن الثالث عشر بالسادس عشر، فهذا اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة لا يجوز صيامه إلا في حق مَن لم يجد الهَدْي، ومَن اعتاد صيام أيام البيض لا يصمه، وإنما يُعوّض عنه باليوم السادس عشر، بحيث يصوم الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

حكم الصلاة على الجنازة من غير الإمام الراتب

السؤال الأخير لمحمدٍ من الخَرْج، هو يسأل يقول: هل تجوز الصلاة على الجنازة؟ أحيانًا تُوضع قبل الصلاة، فبعضهم يأتي يُصلي عليها قبل أن يُصلي عليها الإمام الراتب، هل هذا جائزٌ؟

الشيخ: لا بأس بذلك؛ لعموم الأدلة، ومنها قول النبي : مَن صلَّى على جنازةٍ فله قيراطٌ [7]، وهذا يشمل الصلاة عليها قبل الإمام الراتب وبعده ومعه، فيشمل الجميع.

ثم إن الصلاة عليها قبل الإمام الراتب فيها خيرٌ للمُصلي، وفيها خيرٌ للميت؛ أما المُصلي فينال أو يُرجى أن ينال أجر القيراط، وأما الميت فكلما كَثُرَ عدد المصلين عليه كان أعظم لأجره؛ لقول النبي : ما من رجلٍ مسلمٍ يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلًا لا يُشركون بالله شيئًا إلا شفَّعهم الله فيه [8]، وجاء في حديث عائشة: ما من ميتٍ تُصلِّي عليه أُمةٌ من المسلمين يبلغون مئةً كلهم يشفعون له إلا شُفِّعوا فيه [9]، وهذا يدل على أنه كلما كَثُرَ عدد المصلين على الميت كان ذلك أفضل، فالصلاة على الجنازة قبل صلاة الإمام الراتب فيها خيرٌ للمُصلِّي وخيرٌ للميت.

وأما قول مَن قال من أهل العلم: إن الصلاة عليها تُسقط الفرض، ويكون مَن يُصلي على الجنازة بعد ذلك تطوعًا، وتكون أدنى. فهذا قولٌ غير مُسَلَّمٍ، ولا دليل عليه، هذا تنظيرٌ لا يقف في مقابلة النصوص، فلا يُسلَّم بأن الصلاة عليها تُنقص الأجر، بل الأجر واحدٌ، فإن النبي قال: مَن صلى على جنازةٍ فله قيراطٌ من صِيغ العموم فتشمل المُصلِّي عليها أولًا، والمُصلِّي عليها ثانيًا، والمُصلي عليها ثالثًا، والمُصلي عليها بعد ذلك، تشمل هذا كله، فمثل هذا التنظير لا يقوى لمقابلة هذه النصوص الصحيحة الصريحة.

وعلى ذلك فينبغي للقائمين على ترتيب الجنائز في المساجد التي يُصلَّى فيها عادةً على الجنائز أن يأذنوا للناس بالصلاة على هذه الجنائز؛ لأن هذا فيه خيرٌ عظيمٌ لهذا الميت، وعملٌ صالحٌ لهؤلاء المصلين.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا شيخ، وبارك الله فيكم.

فضل صلة الأرحام

سؤال أخينا عبدالرحمن يتحدث عن صِلة الرحم يقول: إن كثيرًا من الناس أصبح عنده شيءٌ من القطيعة، وهذه فرصةٌ -فرصة العيد- للتواصل ونسيان الأحقاد والضغائن ودفنها، والتواصل بين الناس، فنصيحةٌ حول هذا، حفظكم الله.

الشيخ: نعم، صِلة الرحم جاءت النصوص مُتضافرةً في الحثِّ عليها، وقد جاء في الصحيحين: أن النبي قال: إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. فقال: أما ترضين أن أصل مَن وصلكِ، وأقطع مَن قطعكِ؟ قالت: بلى. قال: فذلك لكِ، ثم قال عليه الصلاة والسلام: اقرؤوا إن شئتم: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22- 23] [10]، فقد تكفَّل الله للرحم بأن يصل مَن وصلها، وأن يقطع مَن قطعها، فهي سنةٌ من سُنن الله ، وهذا ما نراه واقعًا، فمَن يصل رحمه يصله الله بكل خيرٍ وبِرٍّ وتوفيقٍ وتيسيرٍ، وتجد أن هذا الواصل من أَهْنَئِ الناس عيشًا، ومن أسعدهم وأكثرهم حظًّا وتوفيقًا في حياته، بينما تجد أن القاطع لرحمه على العكس من ذلك؛ من أتعس الناس، وأقلهم توفيقًا، وأقلهم سعادةً؛ لأن قطيعة الرحم شُؤْمٌ، وحتى لو حصَّل ثروةً لا يمكن أن تجده سعيدًا بسبب قطيعته لرحمه.

فينبغي للمسلم أن يحرص على صِلة الرحم، وصِلة الرحم تكون بكل ما عدَّه الناس في عُرفهم صِلةً، ومن ذلك: التَّزاور في أيام الأعياد وفي المناسبات، في المناسبات السعيدة، وكذلك أيضًا في المناسبات الحزينة، في المناسبات السعيدة مثل: الأعياد، والأعراس، ونحو ذلك، فيتأكد على الرحم أن يحضر مناسبة قريبه، وأن يزوره في العيد، وأن يُسلِّم عليه، وفي بقية المناسبات، وهكذا أيضًا في المناسبات الحزينة: كالعزاء ونحوه، يتأكد عليه أن يحضر، وأن يُشيِّع جنازة قريبه، وأن يُشاركه في العزاء، ونحو ذلك، وهكذا أيضًا في كل ما عدَّه الناس في عُرفهم صِلةً.

وفي المقابل قطيعة الرحم تشمل أمرين:

تشمل أولًا: الإساءة للرحم بأي صورةٍ من صور الإساءة، فإنها تُعدُّ قطيعة رحمٍ.

وتشمل ثانيًا -وهذا أمرٌ يغفل عنه بعض الناس- ترك الصِّلة، فإن ترك الصِّلة يُعتبر قطيعةً، فمثلًا: إنسانٌ له رحمٌ، له أخٌ أو أختٌ، وبقي سنين طويلةً لم يَزُره، ولم يتَّصل به، ولم يُكلمه، ولم يَرَه؛ هذا يُعتبر من قطيعة الرحم، حتى وإن كان لم يُسئ إليه.

وأَبْلَغُ من ذلك الوالدان، فإن ترك الإحسان إليهما يُعتبر عقوقًا لهما، مَن له والدان لا يتَّصل بهما، ولا يزورهما، ولا يُكلِّمهما، وتمضي على ذلك مدةٌ طويلةٌ؛ هذا يُعتبر عاقًّا لوالديه، يُعتبر هذا عقوقًا للوالدين، فترك البِرِّ وترك الصِّلة هو نوعٌ من العقوق والقطيعة.

وكما ذكر الأخ السائل الكريم: هذا العيد فرصةٌ لصِلة الرحم، وإزالة الأحقاد، وإزالة القطيعة التي تكون بين الأرحام، وقد جاء في “صحيح مسلم” أن رجلًا أتى النبيَّ وقال: يا رسول الله، إن لي قرابةً أصلهم ويقطعوني، وأُحسن إليهم ويُسِيؤون إليَّ، وأحلم عنهم ويجهلون عليَّ، فقال النبي : لئن كنتَ كما قلتَ فكأنما تُسِفُّهم المَلَّ أي: الرماد الحار، ولا يزال معك من الله ظهيرٌ عليهم ما دمتَ على ذلك [11]، وقال عليه الصلاة والسلام: ليس الواصل بالمُكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعتْ رحمه وصلها [12].

فينبغي للمسلم أن يحرص على صِلة رحمه، وأن يصل رحمه لله ؛ لأن بعض الناس ينظر إلى العلاقات نظرةً ماديةً بحتةً: ما مصلحتي من زيارة فلان؟ ما مصلحتي في التواصل مع فلان؟

ينبغي أن تكون النظرةُ نظرةً شرعيةً، فإذا كان فلانٌ رحِمًا لك يجب عليك أن تصله: أن تزوره، وأن تُبادله التحية والتهنئة بالأعياد والمناسبات ونحو ذلك، فهذا من حقِّ الرحم على رحمه.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

حكم من لم يستطع الهدي وعجز عن الصوم في الحج

معنا من الرياض الأخ أحمد.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: حيَّاكم الله شيخنا، وحيَّاك الله يا أبا إبراهيم.

مقدم البرنامج: الله يُحييك.

المتصل: عندي سؤالٌ -الله يُبارك فيك- سؤالي: لو أن حاجًّا حجَّ على نُسُكِ التَّمتع، لكن عَرَضَ له، طبعًا هذا كان فقيرًا، لا يستطيع الهَدْي، وفي نفس الوقت عَرَضَ له مرضٌ فلم يستطع أن يصوم ثلاثة أيامٍ في الحج، فهل له أن يصوم العشرة الأيام إذا رجع إلى أهله؟

جزاكم الله خيرًا.

مقدم البرنامج: وإياك، شكرًا لك أخي أحمد.

تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: نعم، إذا لم يستطع الهَدْي؛ لكونه مُتمتعًا أو قارنًا، ولم يستطع الهَدْي، فإن الله يقول: فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196]، فإذا عجز عن صيام الثلاثة الأيام التي في الحج فإنه يصومها إذا رجع إلى أهله، وعلى ذلك يصوم إذا رجع إلى أهله عشرة أيامٍ كاملة.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

حدود اللحية وحكم حلقها

معنا الأخ خالد.

المتصل: السلام عليكم.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: حيَّاكم الله، سؤالي يتعلق باللحية: هناك ثلاثة أقسامٍ للحية: ما يتعلق بالرقبة، والذي يخرج على الخدين، وما تشعَّث من اللحية، ما حكم أخذ هذه الأمور الثلاثة؟

مقدم البرنامج: طيب، واضحٌ يا شيخنا السؤال؟

الشيخ: نعم.

مقدم البرنامج: تفضل.

الشيخ: اللحية هي ما نبت على الذقن والعارضين، هذه هي اللحية التي يجب على الرجل إعفاؤها، قد قال عليه الصلاة والسلام: أعفوا اللِّحى [13]، أرخوا اللِّحى [14]، أوفوا اللِّحى [15]، خالفوا المشركين [16]، خالفوا المجوس [17]، فيجب إعفاء اللحية، وحلقها مُحرمٌ، وحُكي إجماع العلماء على ذلك.

والذي يحلق لحيته يُجاهر -أولًا- بهذه المعصية لله ، وثانيًا: أن هذه المعصية تتكرر منه، فيمكن أن يحلق لحيته في السنة أكثر من خمسين مرةً، فإنه يعصي الله تعالى أكثر من خمسين مرةً، وهذا يُبيِّن خطورة هذه المعصية.

وأما ما نبت على الرقبة فهذا ليس من اللحية؛ فيجوز أخذه، وهكذا أيضًا ما نبت على الخدين، فإنه أيضًا ليس من اللحية على القول الراجح ويجوز أخذه.

وأما ما تطاير من اللحية من الشعر الزائد، فما كان أكثر من القبضة فإن جمهور الفقهاء يرون جواز أخذه، ونصَّ على ذلك فقهاء الحنابلة وغيرهم: أن ما زاد على القبضة مما يُباح أخذه ولا يُشدَّد فيه، وهكذا ما تطاير أيضًا من الشعر ونحوه، كما ورد ذلك عن عمر .

وينبغي للمسلم أن يحرص على إعفاء لحيته، وأن يُطبق السنة في ذلك، فإن السنة أن يُعفي لحيته، وأن يُرخيها؛ لأمر النبي بذلك.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا شيخنا، وأحسن الله إليكم.

وصف الفقير والمسكين المستحق للزكاة

معنا أبو عمر من جدة.

المتصل: السلام عليكم.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: الله يحفظك يا شيخنا، عندي سؤالٌ بخصوص الزكاة، وفي كل رمضان طبعًا دائمًا يمرُّ علينا نفس هذا الموضوع: ما نعرف كيف نصرف الفلوس؟ كيف نَقْدِر أن نُفرق بين الفقير والمسكين في المملكة؟

عندي زملاء في الشغل رواتبهم بحدود أربعة آلاف أو خمسة آلاف، وعندهم عائلةٌ كبيرةٌ، هل يُعتبرون ضمن المساكين، أم لا بد أن تكون للمسكين شروطٌ معينةٌ، خاصةً على مستوى البلد هنا؟

والبعض قال: يُفضَّل طالما أنه لا يوجد مساكين بهذه الحاجة يمكن أن تُعطيها بعض المؤسسات المُعتمدة في المملكة التي تتصرف فيها خارج المملكة إلى ناسٍ فقراء في بعض الدول النامية، هل هذا صحيحٌ؟ وكيف أقدر أن أضع -مثلًا- أو يجوز أن أُعطي الزملاء في العمل؟ وهل لا بد أن أُعلمهم بأن هذه زكاةٌ؟ خاصةً لو كانت رواتبهم بحدود أربعة آلاف أو خمسة آلاف؟

وجزاكم الله خيرًا.

مقدم البرنامج: جزاك الله خيرًا، وشكرًا لك يا أبا عمر، الله يُعطيك العافية.

تفضل شيخنا.

الشيخ: الزكاة تُصرف للمصارف الثمانية التي ذكرها الله في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ أي: الزكوات لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60]، وأوضح هذه الأقسام في مجتمعنا: الفقراء والمساكين والغارمين.

الفقراء والمساكين هم: المُحتاجون الذين لا يجدون ما يكفيهم.

والفرق بين الفقير والمسكين: أن الفقير هو المُعْدَم الذي لا يجد شيئًا، أو يجد دون نصف الكفاية.

أما المسكين: فهو الذي يجد نصف الكفاية أو أكثرها، ولا يجد تمام الكفاية.

ونُوضح هذا بالمثال:

  • مَن كان ليس عنده شيءٌ هذا فقيرٌ.
  • مَن كان عنده شيءٌ لكن يكفيه لعشرةٍ من الشهر -مثلًا- فهذا أيضًا فقيرٌ.
  • مَن كان عنده دخلٌ يكفيه لمنتصف الشهر، ولا يكفيه إلى آخر الشهر، فهذا مسكينٌ.
  • مَن كان عنده دخلٌ يكفيه لعشرين من الشهر، ولا يكفيه إلى آخر الشهر، فهذا مسكينٌ.

فهؤلاء مُستحقون للزكاة.

أما مَن كان دخله يكفيه لآخر الشهر، أو يدَّخر منه شيئًا، فهذا ليس بفقيرٍ ولا مسكينٍ، ولا تَحِلُّ له الزكاة.

وكذلك أيضًا تجوز الزكاة، يجوز دفعها للغارمين، والمقصود بهم: الذين عليهم ديونٌ حالَّةٌ وهم عاجزون عن سدادها، بحيث لو قُدِّر أن الدائن رفع شكايةً في هذا المدين لربما سُجِنَ بسبب ذلك، فهذا يُعتبر غارمًا، ويجوز أن يُسدَّد دينه من الزكاة.

وأما قول الأخ الكريم: هل يجب أن أُخبر الفقير أو المسكين بأنها زكاةٌ؟ فهذا فيه تفصيلٌ: إن كان من عادته أنه يأخذ الزكوات من الناس ولا يأنف من ذلك فلا يلزم إخباره بذلك، أما إذا كنتَ تشك في أنه يقبل الزكاة فلا بد من إخباره حتى يكون على وضوحٍ وعلى بيِّنةٍ بأن هذا المال زكاةٌ؛ لأن بعض الناس يأنف من قبول الزكاة وإن كان فقيرًا، وبعضهم عنده عزة نفسٍ، بل إن بعضهم يعتب عتبًا كبيرًا على مَن أعطاه مالًا ولم يُخبره بأن هذا المال زكاةٌ، ويرى أن هذا الشخص قد غَرَّه وخدعه بذلك.

فلا بد إذا كنتَ لا تثق في أنه ممن يقبل الزكاة، وربما أنه لا يقبلها، لا بد من أن تُخبره بأنها زكاةٌ، ولا يلزم أن تُخبره بأنها زكاةٌ من عندك، تقول: عندي زكاةٌ من فاعل خيرٍ -مثلًا- وأنت تقصد نفسك، خُذْ هذه، ربما تكون عليك التزاماتٌ، أو أنك مُحتاجٌ، ونحو ذلك، يأتي بعبارةٍ لطيفةٍ لا يكسر بها خاطر الفقير، لكن لا بد من إخباره بذلك.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

شيخنا، أرجو المعذرة في هذا، الواحد ما يدري: هل يُعتبر مثل هؤلاء مساكين؟ يكون راتبه أو مرتبه يكفيه، ولكن أحيانًا ربما اشترى بيتًا -عقارًا- أو سيارةً، فأصبح يُقسِّط أقساطًا كبيرةً جدًّا، فأصبح باقي راتبه ما يكفيه، فهل يُعتبر هذا في المساكين؟

الشيخ: إذا كان دخله لا يكفيه لآخر الشهر فيُعتبر إما فقيرًا أو مسكينًا بغَضِّ النظر عن السبب؛ لأن كثيرًا من الفقراء والمساكين عندهم سوءُ تدبيرٍ للمال، فالمهم أن دخله لا يكفي إلى آخر الشهر، فيُعطى بقدر كفايته، وإلا لو طُبّقت المعايير، وأنه لا يُعطى من الفقراء إلا مَن كان حسن التدبير لماله؛ لحُرِمَ كثيرٌ من الفقراء والمساكين من الزكاة.

وعلى ذلك فيُتعامل معهم بالظاهر، مَن كان ظاهرُ حاله أن دخله لا يكفيه لآخر الشهر فيُعطى من الزكاة، حتى لو أخطأ المُعطي فإن ذمَّته تبرأ؛ لأنه ليس له إلا الظاهر؛ ولهذا قال الفقهاء: إذا دفع زكاته لغنيٍّ ظنَّه فقيرًا أجزأ، وعلَّلوا ذلك: بأن الفقر وصفٌ خفيٌّ، وقد يدَّعي الفقر مَن ليس بفقيرٍ، والإنسان ليس له إلا الظاهر، فإذا غلب على ظنِّك أن هذا مُستحقٌّ للزكاة، وأنه فقيرٌ أو مسكينٌ، فيجوز أن تُعطيه من الزكاة بناءً على غلبة الظن.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا شيخنا، وبارك الله فيكم.

حكم رمي الجمرات قبل الزوال

معنا فيصل من جدة.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا شيخ.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: أريد أن أسألك يا شيخ، عندي سؤالان:

السؤال الأول يتعلق بالمساجد التي تكون تحت العمائر …..، ويبعد الجامع عنها أقلّ من خمس دقائق؛ لأني سمعتُ كثيرًا -يا شيخ- أن الصلاة تحت العمائر لا تجوز بما أنه تكون عوائل فوق ودورات مياه.

هذا السؤال الأول.

الشيخ: يعني: يبعد مسافة كم كيلو مثلًا؟

المتصل: لا، لا، أقلّ من خمس دقائق.

الشيخ: يسمعون المؤذن؟

المتصل: يسمعونه، يعني: حتى صلاة الجمعة يُقيمونها فيها؛ لأنها -كما تعرف يا شيخ- غُرَفٌ تحت، ونبَّهناهم، لكني مُستغربٌ، فمنهم مَن كان يقول: إنه جائزٌ، ومنهم لا، حتى صلاة الجمعة يُقيمونها فيها.

الشيخ: لكن صاحب العمارة جعلها مكانًا للصلاة فيه؟

المتصل: أجل، أجل.

والسؤال الثاني -يا شيخ-: هل البرامج التي يشتري الواحد منها الآن (أونلاين)، يعني: تأخذ لك أيَّ سلعةٍ، وهذه تكون على دُفعاتٍ -أربع دُفعاتٍ- وفي حال تأخرك يُغرِّمونك، حتى لو تأخرتَ يومًا واحدًا يُغرِّمونك، فسألتُ كثيرين فقالوا: هذا ربا؟

جزاك الله خيرًا يا شيخ.

مقدم البرنامج: شكرًا لك يا فيصل، الله يُعطيك العافية.

شيخنا -حفظك الله- من أسئلة إخوتنا في (تويتر): الأخ عمر يقول: عياله حاجُّون، واليوم عقب صلاة الفجر رموا الجمرات، وطافوا طواف الوداع، وخرجوا من مكة، فهل حجُّهم صحيحٌ؟

الشيخ: نعم، ما داموا رموا الجمرات، وطافوا طواف الوداع، وقد أتوا بأركان الحج، ومنها طواف الإفاضة والسعي، فقد أتوا بالواجب عليهم، وحجُّهم صحيحٌ.

مقدم البرنامج: لعل الذي أشكل عليهم: أنهم رموا الفجر يا شيخ، يعني: يوم اثنا عشر.

الشيخ: نعم، الرمي قبل الزوال، مَن كان له عذرٌ: كأن يكون مُرتبطًا بترتيب رحلة طيرانٍ، ونحو ذلك، فلا بأس بهذا؛ لعموم قول الله : فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ [البقرة:203]، واليوم يصدق على النهار من طلوع الفجر، فالأمر في هذا واسعٌ، إن شاء الله.

مقدم البرنامج: الحمد لله، جزاكم الله خيرًا.

هل أيام التشريق تقطع تتابع صوم الكفارة؟

أيضًا هذا سائلٌ آخر يقول: إذا كان على الشخص كفارة صيام شهرين، وبدأ الصيام في شهر ذي القعدة، واستمر الصيام حتى أيام التشريق، هل تُصام؟

الشيخ: يوم العيد وأيام التشريق لا تُصام، ولا تقطع التتابع أيضًا، يعني: هي فترة راحةٍ بالنسبة له، فيُفطر هذه الأيام الأربعة، ثم بعد ذلك يُكمل الصيام.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

حكم بناء المسجد أسفل العمارة

فيصل من جدة يسأل: بالنسبة للمساجد التي هي تحت العمائر خُصِّصتْ للصلاة، يقول: المساجد ليست بالبعيدة، ويصلي الناس في هذه المساجد، هل في هذا شيءٌ؟ وأحيانًا يُصلون فيها جمعة.

الشيخ: لا بأس بالصلاة فيها؛ لأن صاحب العمارة خصَّصها للصلاة، وهو المالك لهذه العمارة، وجعل جزءًا من عمارته مكانًا للصلاة فيه، فهو إذا أوقفها -إذا كان صاحب العمارة أوقفها- تكون مسجدًا، فلا يُشدد في ذلك، وهم يصلون جماعةً في هذا المكان، فهو لا يخلو: إما أن يكون مسجدًا، أو أن يكون مُصلًّى، خاصةً أن المسجد القريب -كما ذكر- يحتاج إلى سيرٍ لا يقل عن خمس دقائق، فالذي يظهر أن اجتماع هؤلاء في هذا المكان وصلاتهم فيه لا بأس بها.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا يا شيخ، وبارك الله فيكم.

حكم غرامة التأخير

معنا من القويعية الأخ محمد.

المتصل: معك محمد موسى، عندي سؤالٌ.

مقدم البرنامج: تفضل يا محمد.

المتصل: يا شيخ، أنا حالفٌ بالطلاق، قالوا لي: لماذا حولتَ لفلانٍ دراهم؟ قلتُ: عليَّ الطلاق ما حولتُ له. وأنا متأكدٌ أني ما حولتُ له، السؤال: هل إذا حولتُ له، نُحوِّل له أم ما نُحوِّل له؟

مقدم البرنامج: تسمع الجواب -إن شاء الله- يا محمد، الله يُعطيك العافية.

سؤال أخينا فيصل الثاني يا شيخ -حفظكم الله- يقول: هناك برامج يشتري الإنسان عن طريقها بعض السلع، أو بعض الخدمات تُقدمها، وتُسدِّدها بشكل أقساط، ولكن إذا تأخرتَ تُغرّم، فهل يجوز التعامل معها؟

الشيخ: هذا الشرط شرطٌ لا يجوز، وهو نظير ربا الجاهلية، فإنهم كانوا إذا حلَّ الدَّين على المدين، يقول الدائن للمدين: إما أن تقضي، وإما أن تُربي. يعني: إما أن تُسدد الدَّين، وإما أن نحسب عليك ربًا، وهو ما يُسمى بلغة العصر: غرامة تأخيرٍ، بسبب التَّأخر في سداد الدين، وهذا لا يجوز، هذا من جنس ربا الجاهلية، حتى وإن كانوا سيضعون هذا المبلغ في وجوه البر؛ لأن كون المدين يُلزَم بدفع غرامةٍ بسبب تأخره عن سداد الدين هذا لا يجوز؛ ولذلك فهذا الشرط الربوي شرطٌ مُحرَّمٌ.

مقدم البرنامج: بارك الله فيكم شيخنا.

حكم الطلاق المعلق على شرط

أخونا محمد من القويعية يقول: أنه طلَّق أنه ما حوَّل مبلغًا، ويقول: وأنا لم أُحوِّله. لكن المشكلة يقول: أنا أريد تحويله. فما الذي يجب عليه؟

الشيخ: مسائل الطلاق مسائل عظيمةٌ يترتب عليها مصير أُسَرٍ، ويترتب عليها استحلال فروجٍ، وتترتب عليها أمورٌ عظيمةٌ، ولا يُفتى فيها عبر وسائل الإعلام، ولا يُفتى فيها بواسطةٍ، بل لا بد أن مَن وقع منه الطلاق يذهب لسماحة المفتي، أو يذهب لمَن يأذن له سماحة المُفتي بالفتيا في الطلاق؛ حتى يستمع منه، ويدرس حالته، ويدرس لفظه وقصده ونيته، وحالته النفسية، ودرجة غضبه، وحالة المرأة من جهة الطُّهر وعدمه، ويستمع أيضًا للمرأة أو وليِّها، وينظر للسياق، ونحو ذلك، ثم بعد ذلك -بعد هذه الدراسة الوافية- تكون الفُتيا: هل يقع الطلاق أو لا يقع؟

والصورة التي ذكرها الأخ، أكثر الفقهاء -وهو الذي عليه المذاهب الأربعة: مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، وهي المذاهب المتبوعة في العالم الإسلامي- على وقوع الطلاق في حال عدم تحقُّق ما علّق عليه الطلاق.

وهذه ليست فُتيا للأخ الكريم، لكن أُبيِّن له خطورة المسألة، وألا يعود لهذا اللفظ.

وبعض الناس تجد أن لفظ الطلاق على لسانه في مدخله وفي مخرجه، إذا أراد أن يُبيِّن للناس كرمه حلف بالطلاق، وإذا أراد أن يُؤكِّد صحة أمرٍ حلف بالطلاق، ويجعل الطلاق على لسانه، فتنقل لنا وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع لأناسٍ يتكرر الطلاق من أكثر من شخصٍ في المجلس الواحد، وهذا من التلاعب بحدود الله ، ومن الاستهانة بحرماته، وهذا العمل عملٌ لا يجوز؛ ولذلك فهذا الذي وقع منه هذا الأمر نقول: يذهب لدار الإفتاء؛ حتى تُدرس حالة الطلاق الذي صدر منه، ويُفتى بوقوع الطلاق أو بعدم وقوعه.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا شيخ سعد، وبارك الله فيكم.

حكم الاشتراك في ثمن الأضحية

معنا من الرياض الأخت سارة.

المتصلة: السلام عليكم.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصلة: عيد أضحى مباركٌ علينا وعليكم سعادة الشيخ والإخوة في نفس برنامج إذاعة القرآن -الفتاوى- اللهم آمين.

سؤالي هو: ما الحكم على مجموعةٍ من نفس الأسرة دفعوا مبلغ أُضحيةٍ واحدةٍ من الضأن بسبب أن لديهم التزاماتٍ، والشخص الواحد لا يستطيع أن يدفع مبلغ الأضحية وحده؟

بارك الله فيكم وفي الجميع، وشكرًا.

مقدم البرنامج: وفيكم، تفضل يا شيخ.

الشيخ: الاشتراك إنما يكون في الإبل والبقر إلى سبعة أشخاصٍ، أما الاشتراك في واحدةٍ من الغنم فلا يصح إلا إذا كان بقية أفراد الأسرة وهبوا هذا المبلغ لأحدهم، وهو الذي ضحَّى وأشرك البقية في الثواب فلا بأس.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

حكم من لم يستطع الهدي وترك الصوم لعذر

أيضًا من الأسئلة شيخنا: (حبيب الرحمن) كما سمَّى نفسه في (تويتر) يقول: ما حكم مَن لم يصم ثلاثة أيامٍ في الحج، وهو قد حجَّ مُتمتعًا، ولم يستطع الهَدْي؟ هل يقضيها في بلده؟

الشيخ: نعم، يقضيها في بلده، ويصوم في بلده عشرة أيامٍ كاملة.

أفضل ما يقدم للميت من الأعمال

مقدم البرنامج: أيضًا الأخ عبدالله في (تويتر) يقول: ما أفضل ما يُقدَّم للميت من عملٍ؟ وهل إذا شاركتُ في الوقف المُقدَّم للميت لي أجرٌ، وأنا نيتي أن هذا الوقف للميت؟

الشيخ: أفضل ما يُقدَّم للميت: الدعاء؛ لقول النبي : إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثةٍ، وذكر منها: أو ولدٍ صالحٍ يدعو له [18].

وكذلك أيضًا الصدقة يصل ثوابها للميت، وأفضل ما تكون الصدقة: الصدقة الجارية التي هي الوقف، فهذه كلما انتُفِعَ بها جرى ثوابها للميت.

كذلك أيضًا الحج والعمرة يصل ثوابهما للميت.

فهذه أمورٌ ينتفع بها الميت، وأعظمها الدعاء، ومُشاركة الأخ الكريم عن قريبه المتوفى في وقفٍ يصل ثوابه -إن شاء الله- للميت، وهو مأجورٌ على نيته في ذلك، إن شاء الله.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا يا شيخ، وبارك الله فيكم.

حكم من لم يستطع الإحرام من الميقات

معنا من المدينة المنورة أم غادة.

المتصلة: السلام عليكم ورحمة الله.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصلة: يا شيخ، نحن من المدينة، وأحتاج إلى أن أُسافر لجدة لزيارة شخصٍ معينٍ موقوفٍ، وأريد أن أعتمر، وأكون ناوية العمرة من المدينة، من أين أُحْرِم أنا والأولاد؟ هل نُحْرِم من المدينة؟ يعني: يصعب علينا أن نذهب ونُؤدِّي المهمة التي سنُؤديها في جدة بالإحرام -خاصةً الأولاد- ثم نعتمر بمكة، فهل يجوز لنا أن نُحرم من جدة أم لا بد أن نُحرم من المدينة؟

الشيخ: لكم بيتٌ في جدة؟

المتصلة: لا، لا، نحن نذهب لنزور سجينًا في جدة، ونحتاج إلى أن ندخل عليه في السجن ونزوره، فصعبٌ أن ندخل، وخاصةً الأولاد، يعني: أنا يمكن أن أدخل بإحرامي، لكن الأولاد صعبٌ.

مقدم البرنامج: واضحٌ سؤالك.

المتصلة: هذا السؤال الأول، وعندي طلبٌ -يا شيخ-: أحتاج إلى أن أتواصل معك في مسألةٍ خاصةٍ.

مقدم البرنامج: الزملاء -بإذن الله- يُعطونك الرقم.

تفضل يا شيخ بالنسبة لسؤالها.

الشيخ: إن تيسر أن تُحرموا من ميقات أهل المدينة وهو ذو الحُليفة -أبيار علي- فهذا هو الأكمل والأحسن، وأيضًا فيه خروجٌ من خلاف العلماء في المسألة، لكن إن كان لا يتيسر للظرف الذي ذكرته الأخت الكريمة، فيمكن أن تذهبوا إلى جدة، ثم إذا أردتم العمرة ترجعون لأقرب ميقاتٍ، ولا يلزم أن ترجعوا لذي الحُليفة على القول الراجح، وإنما تُحرمون من أقرب ميقاتٍ، وربما يكون الأقرب بالنسبة لمَن كان في جدة: وادي محرم، فوادي محرم في الهدا بالطائف قريبٌ، هو أقرب المواقيت التي يُحْرِم منها أهل جدة، أو السَّيل، لكن وادي محرم أقرب، فيُمكن أن تذهبوا لوادي محرم وتُحْرِمون منه، وهذا لا بأس به في أرجح أقوال أهل العلم؛ لعموم قول النبي : هنَّ لهنَّ ولمَن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ ممن أراد الحج والعمرة [19]، لكن ليس لكم أن تُحرموا من جدة، بل إما أن تُحرموا من ذي الحُليفة، أو أنكم إذا أديتم المهمة ترجعون لأقرب ميقاتٍ وتُحرمون منه.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا فضيلة الشيخ.

حكم من اشترى أضحية ثم باعها واشترى غيرها

معنا من جازان أبو خالد.

المتصل: السلام عليكم.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: كل عامٍ أنتم طيبون أخي.

مقدم البرنامج: وأنت طيبٌ.

المتصل: لو سمحت عندي سؤالان:

السؤال الأول: اشتريتُ أُضحيةً، وطلبها أخي، وأعطيتُه إياها، وأعطاني ثمنها، ورجعتُ اشتريتُ لي أُضحيةً أخرى، هل تجوز أم لا بد أن تكون الأضحية الأولى؟

الشيخ: لكن لما اشتريتَها عيَّنتَها، قلتَ: هذه أُضحيةٌ؟

المتصل: نعم، عيَّنتُها يا شيخ.

الشيخ: واشتريتَ وضحَّيتَ بدلًا منها؟

المتصل: نعم، اشتريتُ أُضحيةً بدلًا منها، وأكبر منها، وأفضل منها ….. فأعطيتُه إياها.

الشيخ: يعني: المهم أن التي اشتريتَها ثمنها أكثر من الأولى؟

المتصل: نعم.

السؤال الثاني يا شيخ: بالنسبة للاستماع إلى خطبة العيد، هل هي واجبةٌ؟ لأني رأيتُ أناسًا كثيرين أول ما انتهت الصلاة تركوا المُصلَّى ولم يستمعوا للخطبة!

مقدم البرنامج: تسمع الجواب -إن شاء الله- يا أبا خالد.

بالنسبة لأُضحيته التي اشتراها ثم أعطاها أخاه، ثم اشترى أخرى، ما الذي يجب عليه في هذا يا شيخ؟

الشيخ: كان ينبغي أن يذبح أُضحيته؛ لأنه قد عيَّنها، وقد خرجتْ من ملكه لله ، لكن ما دام أن هذا الأمر وقع، وأن أخاه أيضًا قد ذبح الأضحية، وهو قد اشترى بدلًا منها بثمنٍ أكثر من ثمن أُضحيته، فأرجو ألا يكون عليه شيءٌ، إن شاء الله.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

حكم الاستماع لخطبة العيد

السؤال الثاني: بالنسبة للاستماع لخطبة العيد يا شيخ.

الشيخ: الاستماع لخطبة العيد فرض كفايةٍ، وليس فرضًا على الأعيان، فإذا بقي مَن يستمع الخطبة كفى ذلك، لكن ينبغي للمسلم أن يحرص على الاستماع لخطبة العيد، وألا ينصرف؛ لأنه بذلك يكسب أجرًا وثوابًا، وينتفع بما يُعطيه الخطيب، لكن لو أنه انصرف وبقي في المُصلى مَن يستمع للخطبة فليس عليه حرجٌ.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

حكم تكرار زيارة القبور

طيب، سؤالٌ أيضًا من أحد الإخوة عبر (تويتر) يقول: هل تُشرع الزيارة للقبر مراتٍ عديدةً؟ مثلًا: كل أسبوعٍ لقريبه.

الشيخ: الزيارة تكون لِمَا أخبر عنه النبي بقوله: زوروا القبور، فإنها تُذكِّركم الآخرة [20]، فزيارة المقابر الغرض الأساس منها هو تذكُّر الآخرة: زوروا القبور، فإنها تُذكِّركم الآخرة.

وأما زيارة القبور لأجل الدعاء لميتٍ معينٍ، فالدعاء لا يختلف بين أن يدعو عند قبر صاحبه، أو أن يدعو في أيِّ مكانٍ، يدعو في بيته، أو في أي مكانٍ، فالميت ينتفع بالدعاء، وقُرْبُ الداعي من قبره غير مُؤثرٍ.

وأما ما رُوي من حديث: أن مَن زار ميتًا فإن الميت يعرفه ويأنس به، ونحو ذلك، فهذا لا يصح عن النبي ، هذه أمورٌ إنما تُتلقى من جهة الوحي، ولا مجال للعقل البشري للاجتهاد فيها، وحيث إنه لم يثبت في ذلك شيءٌ عن النبي ، فالأصل أن الميت مشغولٌ بنفسه، وأنه يُنعَّم في القبر أو يُعذَّب، وأنه ينتفع بما وردت الأدلة الدالة على انتفاعه به: من الدعاء، والصدقة، والعمرة، والحج، ونحو ذلك، وأما مجرد زيارة قريبه له فلا يستفيد منه سوى الدعاء، والدعاء يكون في أيِّ مكانٍ.

وعلى ذلك فنقول للأخ الكريم: إذا كنتَ ستذهب للمقبرة بغرض تذكُّر الآخرة فهذا عملٌ مشروعٌ قد حثَّ عليه النبي ، أما إذا كان قصدك مجرد الدعاء لقريبك الميت، فالدعاء ينتفع به الميت وأنت تدعو له في أيِّ مكانٍ.

هل مال الورثة إذا لم يوزع يكون فيه زكاة؟

مقدم البرنامج: مُتصلٌ أخيرٌ معنا: أبو محسن.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: كل عامٍ أنتم بخيرٍ فضيلة الشيخ.

عندي سؤالٌ من شِقَّين -الله يُحْسِن إليك يا شيخ-: توفي والدي في رمضان قبل حولين، وترك مبلغًا من المال، تركناه عند الوالدة، ما اقتسمنا المبلغ، ولديه ورثةٌ، لكن جعلنا المبلغ مثل الصندوق يأخذ منه المُحتاج كَسُلفةٍ، ثم يُعيد إليه المبلغ، هل على هذا زكاةٌ، على نفس المبلغ المتروك عند الوالدة؟

الشيخ: لكن الذين يدفعون الآن لهذا الصندوق لو انسحب أحدهم يرجع له المال الذي دفعه؟

المتصل: يرجع سلفةً، وبعضهم تعثَّر الآن، لا يستطيع أن يُرجع المبلغ، يعني: أصبح من أهل الزكاة، فهل ..؟

الشيخ: هم الآن اتَّفقوا على أن كل واحدٍ منهم يدفع لهذا الصندوق؟

المتصل: لا، لا، هو المبلغ كله تركناه، الذي هو إرثُ الوالد، تركناه عند الوالدة، ما قسَّمنا منه شيئًا.

الشيخ: لو أراد واحدٌ منكم أن يسحب نصيبه من الإرث، هل يمكن أو لا يمكن إرجاعه له؟

المتصل: لا، ممكنٌ يا شيخ.

الشيخ: نعم، يعني: بشكلٍ مُؤقتٍ، جعلتم هذا الصندوق بشكلٍ مُؤقتٍ؟

المتصل: والله إلى الآن ما طلب أحدٌ من الورثة مبلغه، لكن اختلفنا في موضوع: أن مَن لا يستطيع السداد -يعني: تعثَّر- مبلغه لن يرجع -أصلًا- إلى الصندوق، فالآن اختلفنا: هل على هذا الصندوق زكاةٌ؟

الشيخ: يعني: هذا المبلغ الآن هو إرثٌ من الوالدة؟

المتصل: من الوالد.

الشيخ: وتركتُموه في هذا الصندوق؟

المتصل: نعم.

الشيخ: وماذا أردتم من هذا الصندوق؟

المتصل: مَن يحتاج من إخواني يأخذ منه كسلفةٍ، ثم يُعيد المبلغ.

الشيخ: ثم يُعيد المبلغ، طيب.

المتصل: الشقُّ الثاني يا شيخ: من هذا المبلغ ضحَّينا هذه السنة، فالسؤال الأول: هل عليه زكاةٌ؟ ولو كانت عليه زكاةٌ العام الماضي كان المبلغ أكبر مما هو عليه الآن، فهل نُزكي عن عامين؟

والسؤال الثاني: ضحَّينا من هذا المبلغ هذه السنة، فهل تُجزئ الأضحية؟

جزاك الله خيرًا يا شيخ.

الشيخ: لكن الغرض من هذا الصندوق هو: أن مَن احتاج يقترض منه؟

المتصل: يقترض منه فقط، نعم.

الشيخ: نعم، هذا الصندوق فيه زكاةٌ؛ لأن فيه أموالًا لهؤلاء الورثة، وهؤلاء الورثة أرادوا أن يُبقوا هذه الأموال ولا يتقاسموها، وإنما يُقرضون منها مَن يحتاج، فهذا مالٌ تجب فيه الزكاة؛ لأنه تنطبق عليه شروط وجوب الزكاة.

مقدم البرنامج: ويقول: ضحَّينا منه يا شيخ.

الشيخ: الأضحية منه لا بأس بها؛ لأنه ملكٌ لهم، وهذه الأضحية لا بأس بها.

خاتمة البرنامج

جزاكم الله خيرًا يا شيخ، وأحسن الله إليكم، بهذه الإجابة أحبتنا نصل إلى نهاية هذه الحلقة التي قد تفضَّل فيها بالإجابة عن أسئلتكم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

جزاكم الله خيرًا شيخ سعد، وبارك الله فيكم.

الشيخ: وإياكم، بارك الله فيكم.

مقدم البرنامج: شكرًا لكم أيضًا أحبتنا الكرام، كل عامٍ أنتم بخيرٍ، وتقبل الله منا ومنكم صالح القول والعمل، وهذه أرقُّ التَّحايا من فريق العمل:

في التنفيذ: عيسى الراقي.

إدارة الإعلام الرقمي: فيحان السبيعي.

في التقديم: سبيت السبيت.

وفي الإخراج: محمد بن سعيد الشمري.

نلتقيكم -بمشيئة الله تعالى- في حلقة الغد من (فتاوى الحج)، حتى ذلك الحين نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه مسلم: 638.
^2 رواه مسلم: 653 بلفظٍ قريبٍ.
^3 رواه أبو داود: 552.
^4 تفسير الطبري: 24/ 660.
^5 رواه مسلم: 1977.
^6 رواه البخاري: 1997.
^7 رواه مسلم: 946.
^8 رواه مسلم: 948.
^9 رواه مسلم: 947.
^10 رواه البخاري: 7502، ومسلم: 2554.
^11 رواه مسلم: 2558.
^12 رواه البخاري: 5991.
^13 رواه مسلم: 259.
^14, ^17 رواه مسلم: 260.
^15 رواه الطبراني في “المعجم الكبير”: 11724.
^16 رواه البخاري: 5892، ومسلم: 259.
^18 رواه مسلم: 1631.
^19 رواه البخاري: 1524، ومسلم: 1181.
^20 رواه ابن ماجه: 1569.
zh