logo

(4) فتاوى الحج 1443هـ

مشاهدة من الموقع

مقدم البرنامج:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: أحبتنا المستمعين الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلًا ومرحبًا بكم أيها الإخوة الكرام في هذه الحلقة الجديدة من برنامج (فتاوى الحج).

في بداية هذه الحلقة نُحييكم أحبتنا الكرام، ونقول لكم: كل عامٍ أنتم بخيرٍ، وعيدكم مباركٌ، وتقبل الله منا ومنكم صالح القول والعمل.

أنقل لكم أيضًا تحايا الزملاء فريق العمل:

في التنفيذ: عيسى الراقي.

إدارة الإعلام الرقمي: فيحان السبيعي.

في التقديم مُحدثكم: سبيت بن إبراهيم السبيت.

وفي الإخراج: محمد بن سعيد الشمري.

أهلًا ومرحبًا بكم أحبتنا المستمعين الكرام.

أيضًا نُرحب بضيفنا الكريم في هذه الحلقة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

في البداية نُرحب بكم شيخ سعد، وكل عامٍ أنتم بخيرٍ، وعيدكم مباركٌ.

الشيخ: وأنتم كذلك، وحيَّاكم الله، وحيَّا الله الإخوة المستمعين، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

مقدم البرنامج: اللهم آمين، حيَّاكم الله شيخنا.

نُرحب بكم مُستمعينا الكرام، ولمَن أراد طرح سؤالٍ على فضيلة الشيخ الدكتور سعد فليتصل على الرقم: (0114052999).

شيخ -حفظكم الله- لو ابتدأنا هذه الحلقة بالحديث عن هذا اليوم الذي نعيشه، وهو اليوم الحادي عشر، أول أيام التشريق، هل من شيءٍ يخصُّه، سواء كان للحاج أو لغير الحاج؟

الشيخ: الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد: فهذا اليوم هو اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة، ويُسمى: يوم القَرّ؛ وذلك لأن الحجاج يَقرُّون فيه في مِنًى، والتَّعجُّل إنما يكون يوم غدٍ لمَن رَغِبَ التَّعجُّل، وأما هذا اليوم فجميع الحجَّاج يَقرُّون في مِنًى، وهو يوم القَرّ.

وقد جاء في بعض الأحاديث عن النبي  -كما عند أبي داود-: أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القَرّ [1]، وهذا يدل على فضيلة هذا اليوم، وهو أول أيام التشريق، والحجَّاج يرمون فيه الجمرات الثلاث: الصغرى، ثم الوسطى، ثم الكبرى.

يبتدئ الحاج برمي الجمرة الصغرى بسبع حصياتٍ مُتعاقباتٍ، يُكبر الله مع كل حصاةٍ، ثم يأخذ ذات اليمين ويدعو طويلًا، ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصياتٍ مُتعاقباتٍ، يُكبر الله مع كل حصاةٍ، ثم يأخذ ذات الشمال ويستقبل القبلة ويدعو طويلًا، ثم يرمي الجمرة الكبرى بسبع حصياتٍ مُتعاقباتٍ، يُكبر الله مع كل حصاةٍ، ولا يقف عندها ولا يدعو.

هذه هي الأعمال التي يقوم بها الحاج، ويبقى بقية يومه وليلته في مِنًى، والواجب هو المبيت في مِنًى أكثر من نصف الليل.

والمقصود من المبيت يعني: المُكْث، أن يمكث في مِنًى أكثر من نصف الليل.

وغير الحاج كذلك يشترك في فضيلة هذه الأيام المباركة، فهي الأيام المعدودات، وكما ذكرنا في الحديث: أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القَر.

وأيام التشريق أيام أكلٍ وشربٍ وذكرٍ لله ​​​​​​​، ويجتمع فيها التكبير المُطلق والمُقيد، يجتمع في هذه الأيام التكبير المُطلق والمُقيد، أي: المُقيد بأدبار الصلوات الخمس، والمُطلق في أي وقتٍ، فهو يجتمع في هذه الأيام المباركة: أيام التَّشريق.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

معنا من مكة الأخ محمد.

المتصل: نعم يا (فندم).

مقدم البرنامج: حيَّاك الله يا محمد، تفضل.

المتصل: سؤالي: كنتُ قد عملتُ عمرةً في الأشهر الحُرُم، ولم أكن ناويًا الحج، فربنا يسَّر لي الحج وحججتُ، فهل عليَّ شيءٌ؟

الشيخ: يعني: أتيتَ بعمرةٍ في أشهر الحج وبقيتَ في مكة؟

المتصل: نعم، أنا مُقيمٌ في مكة، أنا أعمل في مكة.

الشيخ: مقيمٌ في مكة؟

المتصل: نعم، فعملتُ العمرة في الأشهر الحُرُم: في رمضان، وبعد رمضان عملتُ عمرةً ثانيةً، ولم أكن ناويًا الحج، فربنا يسَّر لي الحج وحججتُ.

الشيخ: المهم أنك أتيتَ بعمرةٍ في شهر شوال؟

المتصل: نعم.

الشيخ: ثم حججتَ هذا العام؟

المتصل: نعم.

مقدم البرنامج: تفضل يا شيخ.

الشيخ: نعم، نقول للأخ الكريم: أنت مُتمتعٌ؛ لأنك أتيتَ بالعمرة في أشهر الحج، ثم حججتَ في العام نفسه، وإن كنت مُقيمًا في مكة إلا أنك لستَ من أهل مكة المُستوطنين، أنت مُقيمٌ إقامةً عارضةً لأجل العمل، فلا تكون من حاضري المسجد الحرام الذين يسقط عنهم دمُ الهَدْي، فإن حاضري المسجد الحرام استثناهم الله بالنسبة لدم الهَدْي، قال: ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:196]، والمقصود بهم أهل مكة ومَن حولها، لكن المقصود أهل مكة المُستوطنون مكة، يعني: المُقيمين إقامةً دائمةً، أما المُقيم إقامةً عارضةً لعملٍ ونحوه فهذا لا يأخذ حكم حاضري المسجد الحرام.

وعلى ذلك نقول للأخ الكريم: أنت مُتمتعٌ حتى لو لم تَنْوِ التَّمتع؛ لأنك أتيتَ بالعمرة في أشهر الحج، ثم حججتَ في العام نفسه، وعليك هدي التمتع، فإن لم تستطع فإنك تصوم ثلاثة أيامٍ في الحج، وسبعةً إذا رجعتَ إلى أهلك.

مقدم البرنامج: شكرًا لك يا محمد، الله يُعطيك العافية.

معنا من أبها الأخ علي.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: مسَّاك الله بالخير، كيف حالك شيخ سعد، الله يحفظك؟

الشيخ: بخيرٍ ونعمةٍ، نحمد الله ونشكره.

المتصل: الله يُبارك فيك ويجزيك عن الأمة خير الجزاء.

يا شيخ سعد، عندي سؤالٌ بالنسبة للأضحية: الآن عندي إخوةٌ -يعني- غير متزوجين وغير مُوظفين، وضحَّيتُ أنا وإياهم في أضحيةٍ واحدةٍ، فهل يُجزئ؟

الشيخ: لكن الذي دفع الثمن مَن؟

المتصل: أنا دفعتُ الثمن.

الشيخ: يعني: دفعتَ الثمن وأشركتهم معك في الثواب؟

المتصل: نعم.

الشيخ: نعم، طيب.

مقدم البرنامج: سؤالك الثاني يا علي؟

المتصل: السؤال الثاني: بالنسبة لأفضل ما يفعله الشخص لوالديه بعد موتهما، خاصةً إذا كان مُقصِّرًا وما أشبه ذلك.

الله يجزيكم خيرًا جميعًا.

مقدم البرنامج: اللهم آمين، وجزاك الله خيرًا أخ علي، الله يُعطيك العافية.

تفضل شيخنا، بالنسبة للسؤال الأول حول الأضحية.

الشيخ: نعم، فعلك صحيحٌ، هذا يُسمى: اشتراكًا في الثواب، فأنت ملكتَ الأضحية وضحَّيت بها عن نفسك، وأشركتَ إخوتك معك في الثواب، ففعلك صحيحٌ، وأنت مأجورٌ على ذلك أيضًا -إن شاء الله-؛ لأنك أدخلتَ السرور على إخوتك وأرحامك الذين تجب صِلتهم، وإدخال السرور على ذوي الأرحام يدخل في صِلة الرحم، ففعلك صحيحٌ، وأنت مأجورٌ على ذلك، إن شاء الله.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا شيخ سعد، وأحسن الله إليكم.

معنا من الرياض الأخ أحمد.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حيَّاك الله يا حبيب.

المتصل: عيدكم مباركٌ، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

مقدم البرنامج: الله يُبارك فيك.

المتصل: سؤالي -بارك الله فيكم- عن الأضحية: بالنسبة للإبل أو البقر، هي تُجزئ عن سبعة أشخاصٍ، فلو أني -مثلًا- اشتركتُ مع شخصين، وأنا الثالث، فأخذتُ السُّبع، وتناصف البقية بنية أنهم يأخذون اللحم، أما أنا فهذه الأضحية، فهل هذا جائزٌ يا شيخ؟

وبارك الله فيكم.

مقدم البرنامج: طيب، تسمع الجواب، إن شاء الله.

واضحٌ يا شيخ السؤال؟

الشيخ: نعم، نعم.

مقدم البرنامج: تسمع الجواب يا حبيبي، الله يُعطيك العافية.

شيخ -حفظك الله- هذا أحد الإخوة في (تويتر) يسأل يقول: بالنسبة للتكبير المقيد، كم مدته؟ ومتى نبدأ فيه بالضبط؟ يعني: بعد السلام مباشرةً أم كيف؟

الشيخ: نعم، التكبير المُقيد يكون أدبار الصلوات الخمس التي تُصلَّى جماعةً، فيكون التكبير المقيد بعدما يقول المصلي: “أستغفر الله” ثلاثًا، ثم بعد ذلك يقول: “اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركتَ يا ذا الجلال والإكرام”.

يستغفر الله ثلاثًا، ثم يقول: “اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركتَ يا ذا الجلال والإكرام”، ثم بعد ذلك يأتي بالتكبير، يُكبِّر ما تيسر، ثم بعد هذا يأتي بأذكار الصلاة، هذا هو الأظهر من أقوال أهل العلم في وقت التكبير المقيد.

وكذلك أيضًا المرأة تُكبر في أدبار الصلوات على القول الراجح، المرأة في هذا كالرجل، فهي تُكبر، فهو تكبيرٌ مُقيدٌ بأدبار الصلوات الخمس.

وأما التكبير المُطلق فيكون بقية الوقت، وهذه الأيام -أيام التشريق- يجتمع فيها التكبير المُطلق والتكبير المُقيد.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم، كم مُدته؟ كم يُكبر تقريبًا يا شيخ؟

الشيخ: ليس لذلك حدٌّ معينٌ، يعني: يُكبّر حسبما تيسر، يعني: عدة مراتٍ، وليس هناك حدٌّ معينٌ؛ لأن التحديد يحتاج إلى دليلٍ، لكن يُكبِّر بما تيسر.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

أخونا علي يسأل عن أفضل ما يُقدمه الإنسان -إذا كان مُقصِّرًا- لوالديه بعد موتهما؟

الشيخ: أفضل ما يُقدِّمه لوالديه بعد موتهما هو الدعاء؛ لقول النبي : إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثةٍ، وذكر منها: أو ولدٍ صالحٍ يدعو له [2]، فخَصَّ الدعاء بالذكر، وهذا يدل على فضل الدعاء، وعلى أنه ينفع الميت، وعلى أنه من أفضل ما يُقدمه الحي للميت، فهو ينتفع به انتفاعًا عظيمًا.

ثم إن الدعاء لهما يدخل في بِرِّ الوالدين، فإن الله لما ذكر بِرَّ الوالدين قال جلَّ وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إلى قوله جلَّ وعلا: وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:23- 24]، فأمر الله تعالى بالدعاء للوالدين بهذا الدعاء، وهذا يدل على أنه يدخل في البِرِّ بهما: وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا.

كذلك أيضًا ينتفع الوالدان بعد موتهما بالصدقة، فإن الصدقة تنفع الميت، وأعظم ما تكون الصدقة أن تكون صدقةً جاريةً، أي: وَقْفًا، فإن تيسر أن يجعل الولد -من ابنٍ أو بنتٍ- عن أبيه أو عن أمه صدقةً جاريةً -يعني: وقفًا- فهذا هو الأكمل؛ لأنه يستمر ثوابها مع استمرار نفعها، وكذلك أيضًا حتى الصدقة غير الجارية ينتفع بها الميت.

كذلك أيضًا العمرة والحج، فالعمرة والحج ينفعان الميت، ويصل ثوابهما للميت.

أيضًا هناك أمرٌ ذكره النبي ويغفل عنه كثيرٌ من الناس، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: إن من أبرِّ البِرِّ صِلة الرجل أهل وُدِّ أبيه [3]، وهذا يدل على أن صِلة مَن كان يُحبهم أبوه، أو مَن كانت تُحبهم أمه؛ أن هذا يدخل في بِرِّ الوالدين، بل من أبرِّ البر، وهذا أمرٌ يغفل عنه كثيرٌ من الناس.

فينبغي للإنسان أن يتعاهد أصدقاء والده وأصدقاء والدته بالبر والإحسان بالهدايا وبالزيارات وبالصلة، فهذا من بِرِّه بوالديه: أن يصل أصدقاء أبيه وأمه، خاصةً مَن كانا يُحبَّانه: إن من أبرِّ البر صِلة الرجل أهل وُدِّ أبيه.

كذلك أيضًا إنفاذ وصيتهما إن كانا قد أوصيا بوصيةٍ، أو إنفاذ عهدهما.

أيضًا قضاء الديون التي عليهما، وهذا واجبٌ بعد وفاتهما مباشرةً: أن يبدأ بقضاء الدين وتنفيذ الوصية، بل هذا مُقدَّمٌ حتى على قسمة الإرث.

فهذه الأمور التي يستطيع الإنسان أن يُحْسِن إلى والديه بها بعد مماتهما.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

معنا من الخُبَر الأخ رائد.

المتصل: السلام عليكم.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: الله يتقبل منا ومنكم، وجزاك الله خيرًا يا شيخ، ويُعطيك الصحة والعافية.

الشيخ: اللهم آمين.

المتصل: سؤالي بخصوص الجلوس بعد صلاة الفجر إلى الإشراق، ثم صلاة ركعتين بعد الإشراق، هل ثبت فيه حديثٌ أنها حجةٌ تامةٌ؟

مقدم البرنامج: طيب، سؤالٌ ثانٍ؟

المتصل: فقط هذا السؤال.

مقدم البرنامج: تستمع الجواب -إن شاء الله- أخي رائد.

أحسن الله إليكم شيخنا، سؤال أخينا أحمد من الرياض يقول: إنني سأشترك مع بعض الإخوة في إبلٍ -يعني: أضحية إبل- لكنهم يريدونها لحمًا، وأنا أُريدها أضحيةً، يعني: أريد السُّبع يكون لي أضحيةً، والباقي يكون لهم لحمًا، هل يصح هذا الاشتراك؟

الشيخ: هذا الاشتراك لا يصح عند كثيرٍ من الفقهاء، لا يُصحِّحون هذا الاشتراك، يشترطون أن تكون الواحدة من الإبل أو البقر أن يشترك فيها جميع مَن يُريدها هَدْيًا أو أضحيةً، أما تجزئتها بهذه الطريقة فيمنع منه كثيرٌ من الفقهاء.

ولهذا نقول للأخ الكريم: الأحوط أنك لا تفعل هذا، إما أن تشتركوا جميعًا، والأخ الكريم ذكر الاشتراك إلى ثلاثةٍ، وهذا غير صحيحٍ، الاشتراك إلى سبعةٍ، الاشتراك في الإبل والبقر إلى سبعةٍ، فإما أن تشتركوا جميعًا، وإما أنك تأخذ واحدةً من الغنم، أما إذا أردتَ أن تشترك مع غيرك فلا بد أن يكون الجميع يريد بها هَدْيًا، أو يُريد بها أُضحيةً.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

في (تويتر) أيضًا هذا محمد يقول: أنا لي ثلاثة أجدادٍ توفوا -رحمهم الله- وأُريد أن أعتمر عنهم، هل أستطيع أن أعتمر عنهم مرةً واحدةً كلهم، أم لا بد أن كل واحدٍ له عمرة؟

الشيخ: لا بد لكل واحدٍ عمرة، لا يمكن أن تجمع أكثر من شخصٍ في عمرةٍ واحدةٍ، لكن بالإمكان أن تعتمر عن أحدهم، فإذا فرغتَ من العمرة تذهب للتنعيم وتعتمر عن الثاني، ثم كذلك عن الثالث، يعني: بإمكانك أن تعتمر عنهم جميعًا في سَفْرةٍ واحدةٍ، وإن كان هذا خلاف الأولى، فالأولى تخصيص السَّفْرة الواحدة بالعمرة الواحدة؛ لأن هذا هو المنقول عن النبي وعن الصحابة، لكن مع ذلك ما ذكرته يجوز، لكن يكون الإحرام بالعمرة الثانية أو الثالثة من الحِلِّ كالتنعيم، مثلًا.

وننصح في هذه الأيام -أيام موسم الحج- وكذلك في أيام رمضان على وجه الخصوص بعدم تكرار العمرة، حتى تُتاح الفرصة للآخرين؛ لأن المسلمين أعدادهم كثيرة، فإذا كان كل إنسانٍ سيُكرر العمرة، وسيعتمر عن الأموات وعن غيره من الأحياء العاجزين، فإن هذا سيُسبب زحامًا؛ ولذلك ننصح بعدم تكرار العمرة.

مقدم البرنامج: بارك الله فيكم شيخنا، وأحسن الله إليكم.

معنا اتصالٌ.

معنا أم عبدالله من جدة.

المتصلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصلة: لو سمحتَ يا شيخ أريد أن أسأل: إذا شخصٌ من غير الحُجَّاج هل يجوز أن ينوي في أيام العيد التَّضحية أو الهَدْي؟ وهل يلزمه الإمساك عن قصِّ الشعر والأظافر؟

الشيخ: من غير الحُجَّاج؟

المتصلة: نعم، ما هو بحاجٍّ، في هذه الأيام نوى أن يُضحِّي أو يُهْدِي، هل يلزمه الإمساك عن قصِّ الشعر والأظافر؟ وهل يجوز أن يُضحي في هذه الأيام، في هذا اليوم أو غدًا؟

مقدم البرنامج: طيب، عندكِ سؤالٌ ثانٍ يا أم عبدالله؟

المتصلة: لا، شكرًا.

مقدم البرنامج: تسمعين الجواب، إن شاء الله.

أخونا رائد من الخُبَر -الله يحفظك- يسأل عن الجلوس بعد صلاة الفجر إلى أن تُشرق الشمس، ثم صلاة ركعتين بعدها، هل يثبت في هذا حديثٌ؟

الشيخ: الجلوس بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس قد وردتْ به السنة الصحيحة عن النبي ، كما جاء في “صحيح مسلم” من حديث جابر بن سمرة : أن النبي كان إذا صلَّى صلاة الفجر بقي في مُصلَّاه حتى تطلع الشمس طلوعًا حسنًا [4]، وهذا هو هدي النبي في معظم الأيام؛ أنه كان إذا صلَّى صلاة الفجر بقي في مُصلاه حتى تطلع الشمس يذكر الله .

فالجلوس في المُصلَّى بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس لذكر الله هذا قد وردتْ به السنة، فهو سنةٌ عن النبي ، ينبغي أن يحرص عليه الرجل في المسجد، وكذلك المرأة في مُصلَّاها، يفتتح يومه بهذا الذكر.

وهذا يدخل في قول الله تعالى: فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ [الروم:17]، وأيضًا يدخل في قول الله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق:39].

فالجلوس في المسجد أو المُصلَّى لذكر الله بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس يدخل في قول الله: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وأيضًا في قوله: وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:42]، والبُكْرَة هي: أول النهار، فهذا سنةٌ، لكن الحديث المروي -حديث أبي هريرة- أن النبي قال: مَن صلى الغداة في جماعةٍ ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس .. كانت له كأجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ، تامةٍ، تامةٍ [5]، هذا الحديث حديثٌ ضعيفٌ من جهة الإسناد، أخرجه الترمذي في “جامعه”، لكنه حديثٌ ضعيفٌ.

والمحفوظ هو ما جاء في “صحيح مسلم” من أن النبي كان يجلس بعدما تطلع الشمس كما جاء في حديث جابر بن سَمُرة وغيره.

فالجلوس إذن في المُصلَّى بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس قد وردتْ به السنة الصحيحة، لكن الأجر الذي ورد وهو: أنه أجر حجةٍ وعمرةٍ تامةٍ، تامةٍ، تامةٍ، الحديث المروي في ذلك ضعيفٌ.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

سؤال أم عبدالله شيخ -حفظكم الله- تقول: لو كان هناك شخصٌ من غير الحُجَّاج يريد أن يُضحِّي اليوم، يعني: نوى اليوم الذي هو الحادي عشر، تقول: يُضحِّي أو يُهْدِي، فهل يلزمه الإمساك عن أخذ ظفره وشعره حتى يُضحِّي أم يُضحِّي مباشرةً؟

الشيخ: وقت ذبح الهَدْي والأضحية يستمر إلى غروب شمس آخر أيام التَّشريق، فوقت الذبح هو يوم العيد وثلاثة أيامٍ بعده على القول الراجح، وبعض الفقهاء يقول: يومان بعده، لكن القول المُرجَّح المختار عند كثيرٍ من المُحققين: أنها ثلاثة أيامٍ بعده.

وعلى ذلك فتكون أيام الذبح أربعة أيامٍ: يوم العيد وثلاثة أيامٍ بعده، ونحن اليوم في اليوم الحادي عشر، ومعنى ذلك: بقي اليوم الثاني عشر، واليوم الثالث عشر، بقي يوم غدٍ وبعد غدٍ، كلها وقتٌ لذبح الهَدْي ولذبح الأُضحية، لكن مَن أراد أن يُضحِّي، مَن نوى الآن أن يُضحِّي فإنه يُمْسِك عن الأخذ من شعره ومن أظفاره حتى تُذبح أُضحيته، فيكون الإمساك من حين جزمه بنية ذبح الأضحية.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

شيخ، هل الهَدْي مُختصٌّ بمَن أراد الحج والعمرة، أو يمكن للإنسان أن يُهْدِي للحرم وهو غير حاجٍّ أو مُعتمرٍ؟

الشيخ: يمكن أن يُهْدِي وهو غير حاجٍّ وغير مُعتمرٍ، يُوكِّل مَن يذبح عنه هَدْي تطوعٍ، أو يُهْدِي للحرم، هذا كله لا بأس به، وقد كان النبي وهو في المدينة وهو غير حاجٍّ يبعث الهَدْي لذبحه في الحرم [6]، فهذا يدل على مشروعية ذلك.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا.

هذا الأخ أحمد عبر (تويتر) يقول: أعمل في موسم الحج، وبعض الحُجَّاج يُعطينا مالًا مُكافأةً، ما حكم أخذ هذا المال؟

الشيخ: لا بأس بذلك، إذا أُعطِي مالًا من أحدٍ من الناس وهو غير سائلٍ ولا مُتطلِّعٍ فلا بأس بذلك؛ لقول النبي : ما جاءك من هذا المال وأنت غير مُشْرِفٍ ولا سائلٍ فخذه، وما لا فلا تُتبعه نفسك، كما جاء في حديث عمر بن الخطاب في “صحيح البخاري” وغيره [7].

وهذه قاعدةٌ ذكرها لنا النبي : ما جاءك من هذا المال وأنت غير مُشْرِفٍ ولا سائلٍ يعني: لم تسأل هذا المال، ولم تتطلَّع لأخذه أيضًا، وإنما أُهْدِي لك من أحدٍ من الناس فخذه لا بأس بذلك، وما لا فلا تُتبعه نفسك يعني: لا تسأل أحدًا أن يُعطيك مالًا، وأيضًا لا يكون عندك إشرافٌ وتطلُّعٌ لذلك، لكن ما أتاك وأنت غير سائلٍ ولا مُشْرِفٍ -يعني: غير مُتطلِّعٍ- فخذه، ولا بأس بذلك.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

معنا الأخ هلال.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: سؤالٌ يا شيخ -حفظك الله يا شيخ- ذبحتُ أُضحيتي اليوم وتبيَّن لي أنها مريضةٌ، ورميتُها حقيقةً، ماذا عليَّ؟

الشيخ: مريضةٌ مرضًا بَيِّنًا؟

المتصل: عندما فتحتُ البطن تبين لي أن الرئة فيها مرضٌ؟

الشيخ: تبيَّن أن الرئة فيها مرضٌ.

المتصل: نعم.

الشيخ: يعني: المرض بَيِّنٌ؟

المتصل: نعم -والله- واضحٌ، بَيِّنٌ فعلًا، حتى لدرجة أني رميتُها تمامًا.

الشيخ: طيب، وسؤالك عن ماذا؟

المتصل: هل لا بد أن آتي بأضحيةٍ بدلها أو …..؟

الشيخ: لكن المرض قبل أن تشتريها؟

المتصل: لا، بعد أن ذبحتُها.

مقدم البرنامج: عندك سؤالٌ ثانٍ يا هلال؟

المتصل: فقط هذا السؤال، جزاك الله خيرًا.

مقدم البرنامج: وإياك.

تفضل يا شيخ.

الشيخ: المريضة البيِّن مرضها لا تُجزئ في الأضحية، فعلى هذا أنت تكون قد اشتريتَ أضحيةً وهي غير مُجزأةٍ، كما لو اشتريتَ عرجاء، أو اشتريتَ عوراء، ما دام أنها مريضةٌ ومرضها بيِّنٌ فهذه لا تُجزئ في الأضحية، وأنت لم تُضَحِّ بها، والأضحية مُستحبةٌ، ليست واجبةً، وأنت لم تعلم بذلك، يعني: لم يحصل منك تفريطٌ، ولم يحصل منك تَعَدٍّ، ولم تتسبب في مرضها، فليس عليك شيءٌ، لكن لو أنك ذبحتَ أضحيةً بدلًا عنها فهذا أفضل؛ لأن ذبح الأضحية عملٌ صالحٌ، لكن هذه الأضحية التي رأيتَ لما ذبحتَها اكتشفتَ هذا المرض لا يلزمك شيءٌ؛ لأنه لم يحصل منك تفريطٌ، ولم يحصل منك تَعَدٍّ ولا تفريطٌ، فليس عليك شيءٌ.

مقدم البرنامج: نعم، أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

معنا مصعب.

المتصل: مسَّاك الله بالخير يا شيخ.

الشيخ: مسَّاك الله بالخير والعافية، وحيَّاكم الله.

المتصل: الله يُحييك، أُحبك في الله يا شيخ سعد، الله يجزيك خيرًا.

الشيخ: أحبك الله وأكرمك، بارك الله فيك.

المتصل: فقط نستفسر يا شيخ، بالنسبة لسؤال الجلوس في المسجد: بعض الإخوة يُشدد على الناس في الكلام العام في المسجد، ومرَّ علينا حديث أنه  كان يلتفت لأصحابه ويسألهم: مَن رأى منكم اليوم رؤيا؟ فقط للتنبيه: هل هناك محظورٌ؟ وهل الكلام العام في المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب؟ ومن باب التشديد على الأطفال وأننا نرى حركةً في المسجد، خاصةً في حلقات التحفيظ، فلو تُفقِّههم في هذا الأمر، هل المسجد فقط للذكر والصلاة، ويُنْهَى عن أي شيءٍ آخر فيه، أم أن هناك مجالًا وسَعَةً للجلوس أو حتى النوم أو كذا؟

مقدم البرنامج: عندك سؤالٌ ثانٍ للشيخ يا مصعب؟

المتصل: لا والله، جزاك الله خيرًا.

مقدم البرنامج: تفضل يا شيخ.

الشيخ: الكلام المُباح في المسجد لا بأس به، النبي كان إذا صلى صلاة الصبح بقي يستمع لأصحابه وهم يتحدثون في أمور الجاهلية وما مَنَّ الله تعالى به عليهم من الإسلام، فكان عليه الصلاة والسلام ينظر إليهم ويتبسم [8]، وأيضًا زارته زوجته صفية رضي الله عنها وهو مُعتكفٌ في المسجد، فتحدث معها ساعةً [9]، تحدث معها في أمورٍ مُباحةٍ، وأيضًا حسّان بن ثابت قال: “كنتُ أُنشد الشعر بحضرة النبي وهو في المسجد” [10].

فالأدلة تدل على أن الكلام المُباح لا بأس به، والأصل أن المساجد تكون للذكر، للصلاة وللذكر وتلاوة القرآن وتعليم القرآن وتعليم العلم، لكن الكلام المُباح غير المُحرم يجوز ولا بأس به في المسجد، إنما الممنوع هو عقد الصفقات التجارية داخل المسجد من البيع والشراء، وكذلك أيضًا نُشْدان الضَّالة، هذا هو الممنوع؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: إذا رأيتم مَن يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك [11]، فإن المساجد لم تُبْنَ لهذا [12]، ولما نشد رجلٌ ضالةً، قال: لا ردَّها الله عليك [13].

فَنُشْدان الضَّالة والبيع والشراء والدعاية التجارية هذه ممنوعةٌ في المسجد، أما الكلام المُباح فلا بأس به؛ لأن هذا قد كان يصدر من النبي عليه الصلاة والسلام، وكان يصدر من الصحابة ويُقِرُّ النبي ، يُقِرُّ الصحابة على ذلك.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا يا شيخ سعد، وبارك الله فيكم.

معنا زهرة.

المتصلة: السلام عليكم.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصلة: أريد أن أسأل عن العمرة: أنا أريد أن أعتمر، لكن عندي مناسبةٌ قبلها في جدة، وأقدر أن أَمُرَّ من الميقات وأُحرم، وبعد ذلك أحضر المناسبة، وفي اليوم الثاني أعتمر؟

الشيخ: يعني: تحضرين المناسبة وأنت مُحرمةٌ؟

المتصلة: أجل.

الشيخ: لكن تجتنبين الطِّيب، وتجتنبين محظورات الإحرام؟

المتصلة: أجتنب الطِّيب، لكن الزينة مُؤقتةٌ، ما تكون دائمةً.

مقدم البرنامج: عندك سؤالٌ ثانٍ يا زهرة؟

المتصلة: لا، شكرًا.

مقدم البرنامج: تفضل يا شيخ.

الشيخ: إذا كنت ستجتنبين محظورات الإحرام فلا بأس بذلك، لكن مع اجتناب جميع محظورات الإحرام.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

معنا من مكة الأخ يوسف.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: الله يكرمك، عندي ثلاثة أسئلةٍ:

السؤال الأول: ……….

الشيخ: يعني: أنت الآن أردتَ الإحرام؟

المتصل: نعم، هو أحرم، وبعدما أحرم أخي المشرف الخاص بالحجاج قال له: لا تُحْرِم …… الإحرام، فَأَصَرَّ على لبس الإحرام، ولبس فوق الإحرام الثوب الخاص به، لبس ….. في خدمة الحُجَّاج، وحجَّ على ذلك.

الشيخ: يعني: استمر على إحرامه بثوبه؟

المتصل: نعم، نعم.

مقدم البرنامج: طيب، هل عندك سؤالٌ ثانٍ يا يوسف؟

المتصل: نعم، السؤال الثاني هو: أنا في السودان اشتريتُ …..

مقدم البرنامج: اشتريتَ ماذا؟

المتصل: اشتريتُ الشوال على سعر 300 ريال.

مقدم البرنامج: شوال.

المتصل: نعم، وبعتُه له، وقال أنه يأخذه كم شهر، ويُعطيني في الشوال 500 ريال …..

الشيخ: يعني: أنت اشتريتَ منه شوال أيش؟

المتصل: لا، شَوَّال (بتاع) ذُرة، (بتاع) قمح.

مقدم البرنامج: الشوال يعني: خَيْشَة ذُرة يا شيخ.

المتصل: نعم، يعني: شوال (بتاع) قمح …..

مقدم البرنامج: يوسف، أنت اشتريت بـ300؟

المتصل: …….

مقدم البرنامج: طيب، اسمعني، أنت اشتريتَ بـ300، وعرضتَ أنك تبيع للأخ الثاني الشوال بـ500، لكن يُعطيك المبلغ بعد ذلك، صحيحٌ؟

المتصل: نعم، يُعطيني إياه مُتأخرًا …..

مقدم البرنامج: طيب، تسمع الجواب، إن شاء الله.

طيب، سؤاله الأول -يا شيخ- بالنسبة للأخ الذي قال له المشرف: لا بد أنك ما تكون حاجًّا، فلبس ثوبه على إحرامه، يقول: مشى مع الحجاج في مشاعر الحج كلها ولكنه بثوبه.

الشيخ: تكون عليه فديةٌ عن لبسه للمخيط؛ لأنه لَبِسَ المخيط وهو مُحْرِمٌ، فإن كان فقط اكتفى بلبس المخيط فعليه فديةٌ، أما إن كان غَطَّى رأسه فعليه فديتان.

والفدية مُخيَّرٌ فيها بين ثلاثة أمورٍ: بين ذبح شاةٍ، أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم، أو صيام ثلاثة أيامٍ في أيِّ مكانٍ.

فإن كان فقط اكتفى بلبسه المخيط فعليه فديةٌ، وإن كان غطَّى رأسه فعليه فديتان.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

معنا من الرياض الأخ عبدالرحمن.

المتصل: السلام عليكم.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: يا شيخ، أنا والدي تُوفي منذ أكثر من عشر سنين، وما زرتُ قبره يوم تُوفي، هل هذا يُعتبر عقوقًا أم لا؟ لكن ما نُقصر معه في الدعاء والزكاة.

مقدم البرنامج: ما سمعتُ.

الشيخ: يقول: ما زار قبره.

مقدم البرنامج: تسمع الجواب، إن شاء الله.

شيخ -حفظك الله- أخونا يوسف يقول: إنه اشترى مجموعة شوالات ذرة أو قمح يريد تخزينها، واشترى الواحد بـ300 ريال، ثم جاء واحدٌ وقال: أعطني بعضها وسأشتريها منك بـ500، لكن أُسددك لاحقًا.

الشيخ: هذا لا بأس به، هذا بيع التقسيط، أو البيع المُؤجَّل، لا بأس به: أن يشتري الإنسان السلعة ثم يبيعها مُؤجَّلةً أو مُقسَّطةً مع زيادة الثمن، هذا كله لا بأس به، وقد حُكِيَ الإجماع على جوازه، حكاه الحافظ ابن حجر وجماعةٌ من أهل العلم؛ لأن سعر السلعة نقدًا يختلف عن سعرها وهي مُؤجَّلةٌ أو مُقسَّطةٌ.

فنقول: هذا البيع لا بأس به.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم، وجزاكم الله خيرًا يا شيخ.

هذا سؤالٌ يا شيخ -حفظكم الله- من أبي مالك يقول: مَن كان لديه بيتان، وأراد أن يُضحِّي بذبيحتين، وذبح واحدةً وبقيت أخرى، هل يجوز له أن يأخذ من شعره وظفره؟

الشيخ: ليس له أن يأخذ من شعره أو من ظفره حتى تُذبح الأضحية الثانية؛ لعموم الحديث، فإن النبي قال: إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يُضحِّي وهذا يشمل الأضحية الواحدة أو أكثر من أضحيةٍ، فلا يأخذنَّ من شعره ولا من أظفاره شيئًا [14].

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

معنا من مكة الأخت دلال.

المتصلة: السلام عليكم.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصلة: يا شيخ، أنا عندي سؤالٌ واحدٌ هو: أنا أمي تداينتْ من واحدٍ، وأعطتْ خالي الفلوس حتى يُسدِّد عنها الدَّين، وهي تحسب أن خالي سدَّد عنها الدَّين، وما عرفتْ إلا قبل موته، حيث قال لها: أنا ما سددتُ الدَّين. فهل يُعتبر الدَّين ما زال عليها أم لا؟

مقدم البرنامج: تسمعين الجواب، إن شاء الله.

أحسن الله إليكم شيخنا، عبدالرحمن يقول: إن والده تُوفي من عشر سنين تقريبًا، ولم يزر قبره، هل يُعتبر مُقصِّرًا في بِرِّ أبيه؟

الشيخ: لا يُعتبر مُقصِّرًا؛ وذلك لأن الميت ينتفع بالدعاء، ولا يُشترط لذلك أن يكون عند قبره، وإنما يدعو له في أي مكانٍ، يدعو لأبيه المُتوفى في أي مكانٍ.

زيارة القبور المقصود الأساسي منها هو قول النبي : زوروا القبور، فإنها تُذكِّركم الآخرة [15]، المقصود من زيارة القبور: تذكُّر الآخرة، وأما الدعاء للميت فهذا يكون في أي مكانٍ، لا يختص الدعاء له عند قبره.

وأما كون صاحب القبر يعرف مَن زاره ويأنس به، فهذا لم يثبت فيه شيءٌ عن النبي ، الحديث المروي في ذلك ضعيفٌ، وهذه الأمور ليس فيها مجالٌ للعقل، وإنما المرجع فيها للوحي، ولم يثبت في هذا شيءٌ عن النبي .

وعلى ذلك فالمسلم يفعل ما ينفع الميت مما وردتْ به السنة، ومن ذلك الدعاء في أيِّ مكانٍ، وكذلك أيضًا الصدقة والعمرة والحج، وأيضًا بِرُّه بأصدقاء والده، ونحو ذلك.

بعض الناس يُتْعِب نفسه في الذهاب إلى القبر، بلغني أن بعضهم كل يومٍ يذهب لقبر والده أو والدته، وهذا الذهاب ليس له فائدةٌ إلا أن يتذكر فقط، يعني: يَعْتَبر بهذا الذهاب للمقبرة، يتذكر الآخرة، أما الميت فلا فرق بين أن يدعو له عند قبره، أو يدعو له في بيته، أو في أي مكانٍ، فبعض الناس عندهم مُبالغاتٌ في هذا الجانب؛ يذهبون لقبور أقاربهم، بعضهم في كل أسبوعٍ مرةً، وبعضهم كل يومٍ مرةً، وهذا الذهاب الذي يقصد صاحبه منه نفع الميت، الميت لا فرق بين أن تدعو له عند قبره، أو تدعو له وأنت في بيتك، أو في أيِّ مكانٍ.

وبعض الناس أيضًا يظن أن هذا الميت يأنس ويفرح بأنك أتيتَه في قبره، وهذا لم يرد فيه شيءٌ ثابتٌ عن النبي فيما أعلم، بل هذا الميت مشغولٌ بنفسه: إما في نعيم القبر، أو في عذابه، وجسده الذي وُضِعَ في هذه الحفرة يُصبح تُرابًا كما أخبر بذلك النبي ما عدا عَجَب الذَّنَب: كل ابن آدم يأكله التراب إلا عَجَب الذَّنَب [16] كما صحَّ ذلك عن النبي .

وعَجَب الذَّنَب: هو العُصص، آخر العمود الفقري، هذا هو الذي يبقى، وما عدا ذلك يُصبح ترابًا إلا الأنبياء ومَن شاء الله من الصديقين والشهداء والصالحين.

ولذلك شعور الأخ الكريم يقول: أشعر أني مُقصِّرٌ؛ لأني لا أذهب لزيارة قبر أبي.

نقول: لا يلزم أن تذهب لزيارة قبر أبيك، إنما تذهب إلى المقبرة لأجل تذكُّر الآخرة، أما أبوك فادعو له في أيِّ مكانٍ، ولا فرق بين أن تدعو له عند قبره، أو تدعو له في أيِّ مكانٍ آخر.

مقدم البرنامج: جزاك الله خيرًا شيخ سعد، وبارك الله فيك.

معنا أحمد.

المتصل: حيَّاك الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: عيدكم مباركٌ، وكل عامٍ أنتم بخيرٍ.

مقدم البرنامج: الله يُبارك فيك.

المتصل: عندي سؤالٌ واحدٌ يا شيخ.

مقدم البرنامج: تفضل.

المتصل: شيخ، جدتي وكَّلتْ عمِّي يشتري أُضحيةً، وبعدما اشتراها عمي جاء عمي الآخر وأهداها أُضحيةً، فصارتْ عندها أُضحيتان، فهل الذبيحة التي اشتريتُها أنا أكون مُلزمًا بذبحها الآن أم يجوز لي بيعها والتَّصرف فيها؟

الشيخ: لكنه نواها أُضحيةً؟ عيَّنها؟

المتصل: عيَّنها، ثم عمي الآخر أهداها بعد ذلك بيومين تقريبًا، فهل يدخل في التبديل أو ما يدخل؟

مقدم البرنامج: يعني: أهداها لجدتك؟

المتصل: نعم.

مقدم البرنامج: أنت اشتريتَ واحدةً لجدتك، وجاء عمك وأهدى جدتك واحدةً ثانيةً، فأصبحت عندها أُضحيتان؟

المتصل: نعم.

الشيخ: أصبحت عندها أُضحيتان، طيب، ما السؤال؟

المتصل: الأضحية التي ذبحناها هي المُهْدَاة، وبقيت الأضحية الأولى التي اشتريتُها أنا.

الشيخ: يعني: هل يلزمكم أن تذبحوها أم لا؟

المتصل: نعم.

مقدم البرنامج: تسمع الجواب -إن شاء الله- يا أحمد، الله يُعطيك العافية.

شيخ -حفظك الله- الأخت دلال من مكة تقول: إن أمها استدانتْ مبلغًا من شخصٍ، ثم وكَّلتْ أخاها في إعطاء هذا المبلغ، وتبيَّن قُبَيل موت الخال أنه لم يُعْطِ هذا المبلغ للدائن، هل يلزمها أن تُسدد أو يُعتبر على الخال؟

الشيخ: ما دامتْ أعطت الخال فهو دينٌ عليه، دينٌ في ذمته، ويُؤخذ هذا الدَّين من ورثته ما دام أنه قد مات وقد استلم مبلغًا، فيُؤخذ هذا المال من تركته، إن كان خلَّف تركةً يُؤخذ من تركته، ويُسدَّد بها هذا الدين، فهذا الرجل إذن استلم مالًا لكنه لم يُوصله للدائن، فهو ما زال باقيًا في ذمته، وحيث إنه تُوفي يُؤخذ هذا المال من تركته ويُسدد به الدائن.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

هذا أيضًا شيخنا -حفظك الله- الأخ أحمد كما ذكر، ويبدو أن هناك سؤالًا مُشابهًا له في (تويتر)، هو يقول: إن جدته وكَّلته في أن يشتري أُضحيةً، وقام عمه واشترى أُضحيةً ثانيةً، وذبحوا هذه الأضحية لجدته، يقول: الآن أُضحيتي أنا، أو الأضحية التي اشترتها جدتي، وأنا اشتريتُها، ما ندري هل لا بد أن نذبحها، أو يمكن أن نبيعها ونتصرف فيها؟

الشيخ: ما دام أنهم قد عيَّنوها أضحيةً فلا بد من ذبحها؛ لأن الأضحية إذا عُيِّنتْ خرجتْ من ملك صاحبها لله ووجب ذبحها.

ما دام أنهم قد عيَّنوها وقالوا: هذه أضحية، فيلزم ذبحها، ولا مانع من أن يُضحَّى عن جدتهم بأُضحيتين، فإنه لا يُشترط أن تكون أضحيةً واحدةً، يمكن أن يُضحي الإنسان عن نفسه بأُضحيتين أو أكثر، لكن المهم هو تعيين الأضحية، فما دام أن هذه قد عُيِّنتْ أضحيةً فيلزم ذبحها.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

معنا من المجمع عبدالعزيز.

المتصل: رفع الله قدرك.

مقدم البرنامج: يا مرحبًا.

المتصل: شيخنا -الله يحفظك- بالنسبة لأبناء العم، سلام العيد عليهم هل هو واجبٌ أو متروكٌ للشخص؟

مقدم البرنامج: تفضل يا شيخ.

الشيخ: أبناء العم تُستحب صِلتهم ولا تجب، والأرحام الذين تجب صِلتهم هم المحارم، وضابط ذلك: أنه لو افتُرض أن أحدهما ذكرٌ والآخر أنثى لما حلَّ له أن يتزوج بها.

هذا هو الراجح من أقوال أهل العلم؛ لقول النبي : لا يُجْمَع بين المرأة وعمَّتها، ولا بين المرأة وخالتها [17]، فنهى النبي عن الجمع بينهما؛ لأن ذلك مظنَّةٌ لقطيعة الرحم، لكنه لم يَنْهَ عن الجمع بين ابنتي العمين، أو ابنتي الخالين، أو ابنتي الخالتين، مع أن ذلك المعنى موجودٌ.

فأخذ بعض المُحققين من أهل العلم الضابط في الأرحام الذين تجب صِلتهم، وأنهم المحارم، وهو كل مَن افتُرض أن أحدهما ذكرٌ والآخر أنثى، لم يحلّ له أن يتزوج بها.

فعلى ذلك الأرحام الذين تجب صِلتهم: الوالدان وإن عَلَوَا، والأولاد وإن نزلوا، والإخوة والأخوات، سواء كانوا أشقاء أو لأبٍ أو لأمٍّ، وكذلك الأعمام والعمَّات، والأخوال والخالات، أما أبناء العم فتُستحب صِلتهم ولا تجب.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

شكر الله لكم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

جزاكم الله خيرًا شيخ سعد، وتقبل الله منا ومنكم صالح القول والعمل.

الشيخ: اللهم آمين، وشكر الله لكم وللإخوة المستمعين.

مقدم البرنامج: شكر الله لكم أحبتنا المستمعين الكرام حُسن مُتابعتكم لنا في هذه الحلقة.

نسأل الله جلَّ وعلا أن يُعيد علينا وعليكم هذه الأيام المباركة وهذه المواسم العظيمة أيامًا عديدةً وأزمنةً مديدةً، ونحن وأنتم والمسلمون في أمنٍ وأمانٍ ورخاءٍ واستقرارٍ.

اللهم أدم علينا فضلك وإحسانك وجودك وكرمك، وعافنا، واعفُ عنا، واغفر ذنوبنا، واستر عيوبنا، وتقبل منا ومن إخواننا المسلمين في كل مكانٍ صالح القول والعمل، واغفر لنا ذنوبنا كلها: دِقَّها وجلَّها، أولها وآخرها، سِرَّها وعلانيتها.

شكرًا لكم أحبتنا المستمعين الكرام، وهذه أرقُّ التَّحايا وأصدق الدعوات من فريق العمل:

في التنفيذ: عيسى بن محمد الراقي.

في إدارة الإعلام الرقمي: فيحان بن محمد السبيعي.

في التقديم مُحدثكم: سبيت بن إبراهيم السبيت.

وهذه تحيةٌ من مخرج البرنامج: محمد بن سعيد الشمري.

نلتقيكم -بمشيئة الله تعالى- في حلقة الغد من (فتاوى الحج)، حتى ذلك الحين نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه أبو داود: 1765، وأحمد: 19075.
^2 رواه مسلم: 1631.
^3 رواه مسلم: 2552.
^4 رواه مسلم: 670 بلفظٍ قريبٍ.
^5 رواه الترمذي: 586 من حديث أنسٍ .
^6 رواه البخاري: 1698، ومسلم: 1321.
^7 رواه البخاري: 1473، ومسلم: 1045 باختلافٍ يسيرٍ.
^8 رواه مسلم: 670.
^9 رواه البخاري: 6219، ومسلم: 2175.
^10 رواه مسلم: 2485 من حديث أبي هريرة : أن عمر مَرَّ بحسان وهو يُنْشِد ‌الشعر في ‌المسجد، فَلَحَظَ إليه، فقال: “قد كنتُ أُنشد وفيه مَن هو خيرٌ منك”.
^11 رواه الترمذي: 1321، والنسائي في “السنن الكبرى”: 9933.
^12, ^13 رواه مسلم: 568.
^14 رواه مسلم: 1977.
^15 رواه ابن ماجه: 1569.
^16 رواه البخاري: 4935، ومسلم: 2955.
^17 رواه البخاري: 5109، ومسلم: 1408.
zh