logo

(2) فتاوى الحج 1443هـ

مشاهدة من الموقع

عناصر المادة

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد: أحبتنا المستمعين الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نُحيِّكم في هذا اليوم المبارك -يوم التروية الثامن من شهر ذي الحجة من عام 1443 للهجرة النبوية المباركة على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم- في هذه الحلقة المباشرة من برنامج (فتاوى الحج).

أنقل لكم في بداية هذه الحلقة تحايا الزملاء:

في التنفيذ: عيسى بن محمد الراقي.

إدارة الإعلام الرقمي: فيحان بن محمد السبيعي.

في التقديم مُحدثكم: سبيت بن إبراهيم السبيت.

وفي الإخراج: محمد بن سعيد الشمري.

حيَّاكم الله مستمعينا الكرام، وأهلًا ومرحبًا بكم، كما نُرحب أيضًا بضيفنا الكريم في هذه الحلقة وفي غيرها -إن شاء الله- من الحلقات خلال الأيام القادمة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

شيخ سعد، السلام عليكم ورحمة الله.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حيَّاكم الله، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

مقدم البرنامج: حيَّاكم الله شيخنا، وأهلًا ومرحبًا بكم.

أيضًا نُرحب بكم مستمعينا الكرام، ومَن أراد طرح سؤاله على فضيلة الشيخ الدكتور سعد فليتصل على الرقم (0114052999)، وبإمكانه أن يكتب سؤاله تحت التغريدة الموجودة في حساب إذاعة القرآن الكريم، في التغريدة المُنوِّهة بهذه الحلقة من برنامج (فتاوى الحج)، اكتب سؤالك تحت هذه التغريدة، وإن شاء الله نتمكن من طرح سؤالك على فضيلة الشيخ، فأهلًا ومرحبًا بكم.

حكم الأضحية إذا كُسر قرنها قبل ذبحها

أحسن الله إليكم شيخ، هذا سؤالٌ من أحد الإخوة المستمعين الكرام يقول: شيخنا الفاضل -حفظكم الله- أنا اشتريتُ أضحيةً قبل أسبوعين، واليوم دخل رأس هذه الأضحية في شبكٍ وانكسر قرنه، فهل أُضحِّي به أو أُغيره؟

الشيخ: الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه واتَّبع سُنته إلى يوم الدين.

أما بعد: فإذا كنتَ قد عيَّنتَ هذه الأضحية بأن قلتَ: هذه أضحيةٌ، فإنها حينئذٍ تكون قد خرجتْ من ذمتك لله ، وعلى هذا ننظر: إن كان انكسار القرن أكثر من النصف، فإن كان هذا الانكسار بتفريطٍ منك فيلزمك أن تستبدلها، أما إذا لم يكن بتفريطٍ منك، وإنما كان رغمًا عنك، وأن هذه الشاة أو هذا الخروف أدخل قرنه وحصل انكسار القرن، فإنه يُجزئ، ولا شيء عليك؛ لأنه لم يكن منك تفريطٌ، وتُجزئ هذه الأضحية، إن شاء الله.

حكم شراء أضحية مكسورة القرن

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم، لكن مَن اشترى أضحيةً قرنها مكسور شيخنا، هل تُجزئ في الأضحية؟

الشيخ: إذا كان القرن المكسور أكثر من النصف فهذه محل خلافٍ في إجزائها بين الفقهاء، وجمهور الفقهاء على أنها لا تُجزئ؛ وذلك لأن ما كان مقطوعًا أكثر من نصف الأذن، وما كان مقطوعًا أكثر من نصف القرن عند الجمهور لا يُجزئ، وإن كانت المسألة محل خلافٍ، فبعضهم يرى أنه يُكره، وأنها تقع مُجزأةً، ولكن الأحوط بالمسلم ألا يُضحي بمثل هذه الأضحية التي انكسر أكثر قرنها، أو انقطع أكثر أذنها.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

حكم من طافت ولم تغتسل من حيضها

شيخنا -أحسن الله إليكم- نأخذ بعض أسئلة الإخوة في (تويتر)، يقول: امرأةٌ أحرمتْ للعمرة وهي حائض، وبعد أن طهرتْ من الحيض طافتْ وسعتْ وقصَّرتْ، ولكن قبل أن تغتسل من الحيض، فهل تصح عمرتها؟

الشيخ: هي أتتْ بالعمرة وقصَّرتْ قبل الانتهاء من الحيض؟

مقدم البرنامج: لا، انتهى حيضها، طهرتْ، ولكنها لم تغتسل، وطافتْ وسعتْ وقصَّرتْ.

الشيخ: نعم، هي قد أخطأتْ بهذا التصرف، كان ينبغي لها أن تغتسل، فإن المرأة بعد الطُّهر من الحيض يجب عليها الاغتسال؛ لقول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ يعني: اغتسلن فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222]، لكن تكون بهذا قد أتتْ بالعمرة على غير طهارةٍ، هي قد طهرتْ من الحيض ولم تغتسل منه، وتكون قد أتتْ بالعمرة على غير طهارةٍ.

وهل يصح طواف العمرة؟

جمهور الفقهاء والذي عليه المذاهب الأربعة يرون عدم صحة الطواف، لكن المسألة فيها قولٌ آخر، وهو اختاره الإمام ابن تيمية وجمعٌ من المُحققين من أهل العلم: أن الطواف يصح؛ لأنه حجَّ مع النبي عددٌ كثيرٌ من الناس، قُرَابة مئة ألفٍ، ولم يُنْقل أن النبي أمرهم بالتَّطهر للطواف.

فالذي يظهر -والله أعلم- أن طوافها صحيحٌ، وأن عُمرتها صحيحةٌ، لكن تنتبه مُستقبلًا إلى أنها إذا أرادت الطواف وأرادت العمرة فعليها أن تكون مُتطهرةً؛ لأن كونها تطوف على غير طهارةٍ يجعل عمرتها غير صحيحةٍ عند طائفةٍ من أهل العلم.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

حكم من شرع في السفر فقصر وجمع ثم قرر الرجوع

أخونا عبدالرحمن النجدي في (تويتر) يقول: إذا شرعتُ في السفر قُبَيل صلاة الظهر، وعندما خرجتُ من البلد مسافة عشرين كيلو قصرتُ الظهر والعصر، ثم حصل لي عارضٌ وألغيتُ السفر، فهل يجب عليَّ أداء صلاة العصر في المسجد عند دخول الوقت حينما عُدتُ إلى بلدي؟

الشيخ: لا يجب عليك ذلك؛ لأنك لما قصرتَ وجمعتَ كنتَ قد أخذتَ بالرخصة، وكان وصف السفر مُنطبقًا عليك في حينها، ولا يُؤمر المسلم بأن يُؤدي الصلاة مرتين، أنت أديتَ صلاة الظهر والعصر جمعًا وقصرًا وأنت مُسافرٌ، ويصدق عليك وصف السفر، لكن طرأ لك ما طرأ وألغيتَ سفرك، فحيث رجعتَ إلى بلدك لا يلزمك أن تُصلي صلاة العصر مرةً أخرى؛ لكونك قد صليتَها كما أمرك الشارع، لكن يُستحب لك استحبابًا أن تدخل مع الجماعة، وأن تُصلي معهم صلاة العصر بنية أنها نافلةٌ، وهذا على سبيل الاستحباب، وأما الفرض فقد أديتَه.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

هل الذكر يُغني عن دعاء المسألة؟

كذلك عبر (تويتر) هذه أختٌ تسأل تقول: هل قول (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قديرٌ) ترديد هذا الذكر يُغني عن المسألة؟

الشيخ: لا يُغني، لعل مقصود الأخت الكريمة: يُغني عن السؤال، عن الدعاء.

مقدم البرنامج: نعم.

الشيخ: والجواب: أنه لا يُغني عن الدعاء، فهذا ذكرٌ له فضلٌ، والدعاء له فضلٌ، وربما أن السائلة اعتمدتْ على الحديث المروي: مَن شغله ذكري عن مسألتي أعطيتُه أفضل مما أُعطي السائلين [1]، ولكن هذا الحديث حديثٌ ضعيفٌ، لا يصحُّ عن النبي ، بل هذا ذكرٌ له فضلٌ، والدعاء له فضلٌ آخر، ولا تعارض بينهما، والمطلوب من المسلم هو التنويع: تارةً يأتي بهذا الذكر أو بغيره من الأذكار، وتارةً بالدعاء.

ويتأكد في حقِّ الحاج غدًا يوم عرفة من بعد الزوال، يتأكد في حقِّه الدعاء؛ لأن هذا هو هدي النبي ، فإنه عليه الصلاة والسلام بعدما صلى الظهر والعصر في عرفة جمعًا وقصرًا انطلق عليه الصلاة والسلام إلى الصخرات عند الجبل -جبل إلال الذي يُسمى: جبل الرحمة- واستقبل القبلة والجبل، وجعل رافعًا يديه يدعو حتى غربت الشمس، وهذا يدل على أن أفضل ما يشتغل به الحاج يوم عرفة بعرفة هو الدعاء.

وأما غير الحاج فيشتغل بما هو الأصلح لقلبه من الدعاء، أو الذكر من التَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل والتَّكبير.

وأيضًا الذكر الذي أشارتْ إليه الأخت السائلة: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قديرٌ)، أو الاستغفار، أو الصلاة على النبي .

والدعاء مُتأكدٌ باعتبار أن غدًا أيضًا يُوافق يوم الجمعة، ويُرجى أن يُوافق ساعة الإجابة، فإن أرجى أوقات ساعة الإجابة يوم الجمعة هي آخر ساعةٍ بعد العصر، فكلٌّ له فضلٌ: الدعاء له فضلٌ، والذكر له فضلٌ.

مقدم البرنامج: بارك الله فيكم شيخنا، وأحسن الله إليكم.

الانشغال بالدعاء يوم عرفة وتقديم الصلاة على النبي بين يديه

أيضًا سؤالٌ من أحد الإخوة في (تويتر) يقول: اعتاد الناس أو بعض الناس على أن يجعل دعاءه في آخر ساعةٍ من يوم الجمعة الصلاة على النبي ، هل يفعل ذلك غدًا في يوم عرفة؟

الشيخ: الأفضل أن ينشغل بالدعاء، وأن يُقدم بين يدي دعائه الصلاة على النبي ، مطلوبٌ الإكثار من الصلاة على النبي يوم الجمعة، كما جاء في حديث أوس بن أوس: إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا عليَّ من الصلاة فيه [2]، فيوم الجمعة يختص بأنه يُستحب فيه الإكثار من الصلاة على النبي ، لكن أيضًا ينبغي أن يُكثر المسلم من الدعاء، فإن غدًا يوم الجمعة تجتمع فيه عدة فضائل:

  • الفضيلة الأولى: أنه يوم عرفة.
  • والفضيلة الثانية: أنه يوم الجمعة.
  • والفضيلة الثالثة: أنه أحد أيام عشر ذي الحجة التي أقسم الله بها فقال: وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:2].

وتتأكد آخر ساعةٍ بعد العصر يوم الجمعة بأنها أرجى الساعات مُوافقةً لساعة الإجابة، فهذا الوقت الذي هو آخر ساعةٍ بعد العصر يوم الجمعة من أرجى أوقات إجابة الدعاء، سواء للحاج أو لغير الحاج، الحاج يدعو بعرفات، والسنة أن يدعو من بعد الزوال إلى غروب الشمس، وغير الحاج أيضًا ينبغي أن يحرص على الدعاء، وبخاصةٍ في هذه الساعة -آخر ساعةٍ بعد العصر يوم الجمعة-؛ لكونها أرجى الأوقات مُوافقةً لساعة الإجابة.

فهذه الفضائل تجتمع غدًا، عصر غدٍ تجتمع هذه الفضائل، وقلَّ أن تجتمع.

ثم أيضًا هي تُوافق حجة النبي ، حيث كان يوم عرفة مُوافقًا ليوم الجمعة.

فهذه الفضائل كلها مُجتمعة؛ ولذلك على المسلم أن يجتهد في الدعاء، ويُقدم بين يدي الدعاء الثناء على الله ، والصلاة على رسوله .

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

هل من وكِّل بالأضحية عليه تسمية اسم موكله عند الذبح؟

أيضًا هذا سؤالٌ من الأخت مي تقول: إذا وكلتُ شخصًا يذبح أضحيةً عني، هل لا بد أن ينطق هو اسمي واسم مَن نويتُ عنه مع التسمية عند الذبح؟

الشيخ: لا يجب ذلك، لكنه مندوبٌ إليه، يجب عليه أن يُسمي فيقول: “بسم الله”، ويُستحب له أن يقول: “الله أكبر”، يقول: “بسم الله، والله أكبر، اللهم إن هذه منك ولك، اللهم إن هذه أضحية عن فلانة -مثلًا- وعمَّن نوتْ”.

وإن لم يقل ذلك فلا بأس، الواجب هو التسمية، والله تعالى أعلم بما نُوِيَتْ له هذه الأضحية، لكن الأكمل هو أن يُذْكَر مَن ضُحِّيَتْ عنه، فيُقال: هذه أضحية عن فلانٍ أو عن فلانةٍ.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

الأرحام التي يجب صلتها، وكيفية صلتها

في (تويتر) مَن رَمَز إلى اسمه بــ(طالب علم) يقول: ما الأرحام التي تجب صِلتها؟ وهل وسائل التواصل (كالواتساب) وغيره تُعتبر من الصِّلة؟

الشيخ: المحارم منهم مَن تجب صِلته، ومنهم مَن تُستحب صِلته ولا تجب، فالذين تُستحب صِلتهم هم جميع الأقارب، فجميع الأقارب أرحام وتُستحب صِلتهم.

أما الأقارب الذين تجب صِلتهم، ويأثم الإنسان بعدم صِلتهم، فهم المحارم الذين لو افترضتَ أن أحدهما ذكرٌ والآخر أنثى لم يحل له أن يتزوجها، ويشمل ذلك الوالدين، فالوالدان هم أعظم الأرحام الذين تجب صِلتهم، وصِلتهم تُسمى: برّ الوالدين، وكذلك أيضًا يشمل الأجداد وإن علوا، والأبناء والبنات وإن نزلوا، والإخوة والأخوات، سواء كانوا أشقاء أو لأبٍ أو لأمٍّ، والأعمام والعمَّات، والأخوال والخالات، فهؤلاء تجب صِلتهم، لكن -مثلًا- أبناء العم تُستحب صِلتهم ولا تجب؛ لأنك لو افترضتَ أن أحدهما ذكرٌ والآخر أنثى جاز له أن يتزوج بها، فالإنسان يجوز له أن يتزوج ببنت عمِّه، وهكذا أيضًا أبناء الأخوال ونحو ذلك.

هذا هو أرجح ما قيل في ضابط مَن تجب صِلته من الأرحام.

وأما ضابط صِلة الرحم فالمرجع فيها للعُرف، لم يرد فيها حدٌّ معينٌ في الشريعة، وإنما المرجع فيها للعُرف؛ لأن كل ما ورد مطلقًا في الشرع وفي اللغة فالمرجع فيه للعُرف.

وعلى ذلك ما عدَّه الناس في عُرْفهم صِلةً فيدخل في صِلة الرحم، ويدخل في ذلك التواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فإذا كانت -مثلًا- بين الأرحام مجموعةٌ على وسيلة (الواتساب) هذه تدخل في صِلة الرحم، وكون الإنسان يشترك فيها ويُبادلهم التحية، ويُبادلهم السلام، ويُفيدهم ويُتحفهم بالمقاطع النافعة، ويُدخل السرور والأُنس عليهم، فهذا يدخل في صِلة الرحم.

كذلك الزيارة تدخل في صِلة الرحم، وكذلك الاتصال الهاتفي، والسلام عليهم، وحضور مناسباتهم، خاصةً مناسبات الأفراح ومناسبات الأحزان، فهذه كلها تدخل في صِلة الرحم.

والناس يُفرقون بين الواصل والقاطع، فتجد أنهم يذكرون أن فلانًا واصلٌ لرحمه، ويذكرون أن فلانًا قاطعٌ لرحمه، فالناس بفطرتها تُميز بين الواصل والقاطع، والمرجع في ذلك إذن العُرف.

وما سأل عنه الأخ الكريم من التواصل عبر وسائل التقنية ووسائل التواصل الاجتماعي، نقول: نعم، هذا التواصل يدخل في صِلة الرحم.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

من جمع المغرب والعشاء جمع تقديم يشرع له القيام والوتر

أيضًا له سؤالٌ آخر يقول: إذا جمع الإنسان بين المغرب والعشاء جمع تقديمٍ، فهل يدخل في حقِّه الآن وقت قيام الليل والوتر من حين صلاته؟

الشيخ: نعم، إذا جَمَعَ جَمْع تقديمٍ دخل في حقِّه وقت صلاة الوتر وصلاة الليل، فله بعد ذلك أن يُصلي من الليل ما شاء، وأن يُوتر، أو له أن يُوتر مباشرةً، فيدخل في حقِّه وقت العشاء؛ لأنه قد قدَّم العشاء وصلَّاها في وقت صلاة المغرب.

مقدم البرنامج: بارك الله فيكم.

حكم استنشاق معطر الجو للصائم

أيضًا هذه إحدى الأخوات عبر (تويتر) تقول: يا شيخ، عندي سؤالٌ: أنا كنتُ صائمةً في أحد أيام ذي الحجة، وأخذتُ عطر (شوشل) الذي يُعطَّر به البيت، فكنتُ أُعطِّر البيت، وشعرتُ بطعمه في فمي، ولم أبلعه، فهل صيامي صحيحٌ؟

الشيخ: صيامك صحيحٌ، ومثل هذا لا يُفطر، وهذا الذي شعرتِ به لا يُعتبر مُفطرًا؛ لأنه ليس أكلًا ولا شربًا، وليس في معنى الأكل والشرب.

مقدم البرنامج: بارك الله فيكم.

حكم تمشيط الشعر للمُحْرِمة

أيضًا هذا سؤالٌ يقول: ما حكم تمشيط الشعر للمُحْرِمة؟ وإذا كان لا يجوز وأنا مَشَّطتُه جهلًا مني، ماذا عليَّ؟

الشيخ: تمشيط الشعر للمُحرمة لا بأس به، وهكذا أيضًا تمشيط الشعر لمَن أراد أن يُضحِّي، كل ذلك لا بأس به، لكن ينبغي أن يكون التَّمشيط برفقٍ، والدليل لذلك ما جاء في الصحيحين في قصة عائشة رضي الله عنها: أنها لما أتاها الحيض، وهي كانت مُحرمةً، وأدركها وقت الوقوف بعرفة ولم تطهر، فأمرها النبي أن تقلب التَّمتع إلى قِرَانٍ، وقال لها: انقضي رأسكِ وامتشطي [3]، وهذه اللفظة في الصحيحين.

فقوله: امتشطي أمرها بالامتشاط مع أنها مُحْرِمةٌ، هي لم تتحلل؛ لكونها قد قلبت التمتع إلى قِرَانٍ، فهي لم تتحلل، ولن تتحلل إلا بعد العيد وبعدما طهرتْ، ومع ذلك أمرها النبي بالامتشاط.

فأخذ العلماء من هذا أن الامتشاط لا بأس به، لا بأس أن تمتشط المرأة المُحْرِمة، ولا بأس أيضًا أن يمتشط الرجل والمرأة، الذي يريد أن يُضحي، حتى لو تساقط شيءٌ من الشعر، فهذا الشعر المُتساقط شعرٌ ميتٌ لا حكم له، لكن ينبغي أن يكون هذا الامتشاط برفقٍ.

مقدم البرنامج: بارك الله فيكم.

ما ضابط البدعة في العبادة؟

الأخ محمد مواش عبر (تويتر) يقول: يا حبذا لو طُرِحَ هذا السؤال على فضيلة الشيخ، وهو: ما ضابط البدعة في العبادة؟ حيث كَثُرَ الخوض في هذا، وأصبح يُزهد الناس في بعض العبادات بدعوى أن هذا العمل بدعةٌ؟

الشيخ: نعم، البدعة في العبادة: أن يتعبد الإنسان لله بعبادةٍ لم يرد بها الشرع؛ وذلك لأن الأصل في العبادات التوقيف، والأصل فيها المنع والحظر إلا ما ورد الدليل بمشروعيته.

فمَن تعبد لله تعالى بعبادةٍ ليس عليها دليلٌ فيكون قد ابتدع في دين الله ، ولكن الذي يحكم بالبدعة ليس كل أحدٍ، وإنما يحكم بها العلماء المُختصون بالشريعة؛ لأنهم هم الذين يُميزون بين البدعة وغيرها.

فعلى سبيل المثال: لو أن رجلًا قال: إن ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر وقتٌ طويلٌ، ونريد أن نزيد صلاةً سادسةً، بدلًا من أن تكون خمس صلواتٍ نجعلها ستّ صلواتٍ.

هذه بدعةٌ؛ لأنه قد تعبد لله بعبادةٍ لم يرد عليها دليلٌ، لكن لو أنه أراد أن يتنفل نفلًا مطلقًا من غير أن يعتقد أنه فريضةٌ، وإنما أراد أن يتنفل مثنى مثنى، لا بأس؛ لأن هذا له أصلٌ يدل على مشروعيته.

فليس كل أحدٍ يحكم بالبدعة، وإنما يحكم بأن هذا العمل مُبتدعٌ العلماء الراسخون، فهم الذين يُميزون بين البدعة وغيرها، فالمرجع في ذلك إليهم.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم، وبارك الله فيكم.

تأخير طواف الإفاضة والاستغناء به عن طواف الوداع

شيخنا، هذا سؤالٌ أيضًا من الأخت أم ريم عبر (تويتر) تقول: الحاج المُتمتع هل يجوز جمع طواف الإفاضة مع طواف الوداع في طوافٍ واحدٍ؟

الشيخ: نعم، يجوز تأخير طواف الإفاضة إلى آخر أعمال الحاج، ويُغني عن طواف الوداع، وليس هذا فقط للمُتمتع، بل يشمل القارن والمُفرِد؛ وذلك لأن طواف الإفاضة وقته مُتَّسعٌ، فلا يلزم أن يُؤتى به يوم العيد، وللإنسان أن يُؤخره إلى اليوم الحادي عشر، أو اليوم الثاني عشر، أو أن يجعله آخر أعمال الحج، ويكفي بذلك عن طواف الوداع.

وحينئذٍ يبقى عليه السعي، إن كان قارنًا أو مُفردًا وسعى بعد طواف القدوم أجزأه ذلك، ولم يجب عليه سعيٌ آخر، يكفيه أن يطوف طواف الإفاضة، ويُغنيه عن طواف الوداع.

أما إذا كان متمتعًا، فالمتمتع عليه سعيان: سعيٌ للعمرة، وسعي الحج، فلا بد أن يسعى بعد طواف الإفاضة.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

ما يُشرع من الأعمال يوم التروية

اليوم -فضيلة الشيخ- هو يوم التروية، ما الأعمال التي يقوم بها الحجاج في هذا اليوم؟

الشيخ: نعم، اليوم هو يوم التروية، اليوم الثامن من ذي الحجة، وسُمي بذلك لأن الناس قديمًا كانوا يتروون فيه بالماء، فإن مِنًى لم يكن فيها ماء، فكان الحجاج إذا أتوا إلى مِنًى يتروون بالماء ويستعدون لأيام الحج، يستعدون لرجوعهم من مُزدلفة يوم العيد، فيتروون ويستعدون بذلك، فسُمِّي: يوم التروية.

ومُكْث الحاج في مِنًى يوم التروية مُستحبٌّ، وليس واجبًا، فلو أنه ذهب إلى عرفات غدًا مباشرةً أجزأ ذلك، وليس عليه شيءٌ.

والمشروع للحاج أن يُقيم هذا اليوم في مِنًى ويبقى فيها، ويُصلي فيها الصلوات الخمس، كل صلاةٍ في وقتها، مع قصر الصلاة الرباعية ركعتين من غير جمعٍ، وإن جمع فلا بأس، لكن الأفضل أن يكون قصرًا من غير جمعٍ.

وينشغل بالتلبية، وأيضًا بالتكبير، فهذه العشر هي وقتٌ للتكبير، والتكبير المطلق قد بدأ بدخول عشر ذي الحجة؛ ولذلك لما ذهب الصحابة يوم عرفة من مِنًى إلى عرفات كان منهم المُلبِّي، وكان منهم المُكبِّر، فإذن ينبغي أن ينشغل الحاج بالتلبية وبالتكبير.

وأيضًا ينشغل بالمفيد، وبالأذكار، وبتلاوة القرآن، والتسبيح، والتحميد، والتهليل، وكذلك أيضًا بقراءة الكتب النافعة، ونحو ذلك، يُشغل وقته بما هو مفيدٌ، ويبقى هذا اليوم في مِنًى، فإذا طلعت الشمس من يوم غدٍ -يوم عرفات- يتجه إلى عرفة.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

حكم الجمع والقصر في الحج لأهل مكة

بالنسبة للقصر والجمع في مناسك مِنًى أو في عرفات وفي مُزدلفة، هل يجمع ذلك أهل مكة وغيرهم؟

الشيخ: أما الآفاقيون الذين يقدمون من غير مكة فهؤلاء يُعتبرون مسافرين، ويترخصون بجميع رُخَص السفر، ومنها القصر والجمع.

أما أهل مكة فعند جمهور الفقهاء أنهم يُتِمُّون؛ لأنهم لا يُعتبرون مسافرين؛ وذلك لأن مِنًى قريبةٌ من مكة، والآن أصبحت متصلةً بمكة؛ لذلك أهل مكة لا يترخصون برُخَص السفر عند جمهور الفقهاء.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

حكم التهنئة بعشر ذي الحجة

أخونا علي أيضًا يسأل فضيلة الشيخ يقول: ما حكم التهنئة بعشر ذي الحجة كما يُهنئ بعضنا بعضًا برمضان؟

الشيخ: لا بأس بذلك؛ لأن التهنئة من باب العادات، والمسلم يُهنأ بما يَسُرُّه، فَيُهنأ بزواجه، ويُهنأ بترقيته الوظيفية، ويُهنأ بأي أمرٍ يَسُرُّه.

ولا شكَّ أن بلوغه هذه المواسم الفاضلة مما يُسَرُّ به، فتهنئته بذلك لا بأس بها، هي من الأمور الحسنة: كتهنئته برمضان، وتهنئته بالعيد، وتهنئته بالمناسبات السعيدة، هذا كله يدخل في العادات، والأصل في العادات الحِلُّ والإباحة.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

حكم الصابون ومزيل العرق للمُحرم

أيضًا هذا سؤالٌ من إحدى الأخوات في (تويتر) تقول: يا شيخ، أنا وأمي اعتمرنا، وكنا نغتسل، واستعملنا الصابون، وأنا أيضًا وضعتُ مُزيل عرقٍ، وبعد ذلك أخبرتني إحدى الأخوات أن هذا لا يجوز، فماذا يجب علينا الآن؟

الشيخ: أولًا: الصوابين تختلف:

هناك صوابين غير مُعطرةٍ، وأصبحت الآن تُصنَّع للحجاج صوابين خاصة بالمُحْرِمين، فهذه لا بأس باستخدامها، ومن ذلك ما يُسمى بصابون (التايد) ونحوه، هذه كلها غير مُعطرةٍ، وما قد يوجد فيها هذه مجرد نكهةٍ، وليست عطرًا.

القسم الثاني: صوابين مُعطرة، ويُميِّزها الإنسان بأنه إذا قرأ المحتويات يجد أن من محتويات ذلك الصابون عطرًا، ورائحته ظاهرة، وتفوح مع الصابون، فهذه يجتنبها المُحْرِم.

وكذلك أيضًا بالنسبة لمُزيلات العرق، مُزيلات العرق الأصل أنها غير مُعطَّرةٍ، وأنها فقط مجرد مادةٍ تُزيل العرق، ولا بأس باستخدامها للمُحرم وللمُحرمة، إلا أن هناك أنواعًا خاصةً في الآونة الأخيرة أصبحت تُعطَّر، ويُكتب عليها أنها مُعطَّرة، وأنها ممزوجةٌ بعطرٍ أو بدهن عودٍ ونحو ذلك، فهذه يجتنبها المُحرم والمُحرمة.

وما قد يقع فيه الإنسان من محظورات الإحرام من الطِّيب وغيره بطريق الخطأ أو الجهل أو النسيان لا شيء عليه فيه، والله تعالى يقول عن المؤمنين: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، قال الله: قد فعلتُ [4]، والله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5].

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

حكم شرب النعناع والزعفران للمُحرم

شيخ، ماذا عن شرب النعناع والزعفران، أو القهوة التي فيها زعفران ونحو ذلك بالنسبة للمُحرم؟

الشيخ: أما النعناع لا بأس به، النعناع لا يُعتبر طِيبًا، ولا يُعتبر عطرًا، والأصل فيه الإباحة، هو كالشاي وغيره.

وأما بالنسبة للزعفران: فالزعفران قد ورد التنصيص بأنه طِيبٌ؛ لقول النبي : ولا تلبسوا شيئًا من الثياب مسَّه زعفرانٌ ولا وَرْسٌ [5]، فهذا نصٌّ بأن الزعفران يُعتبر طِيبًا، ومعدودٌ من الطِّيب، وكان الناس قديمًا يتطيَّبون به؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ولا تلبسوا شيئًا من الثياب مَسَّه زعفرانٌ ولا وَرْسٌ.

وعلى ذلك فالمُحرم ينبغي أن يجتنب الزعفران أثناء إحرامه؛ لكونه معدودًا من الطِّيب بهذا النص.

ومن ذلك أيضًا: وضع الزعفران مع الأكل أو الشرب، أن يُوضع مع القهوة، أو مع الشاي ونحو ذلك، يعني: هذا عند بعض أهل العلم، يعتبرون أن هذا طِيبٌ، وأن الطِّيب لا يجوز حتى لو كان مأكولًا، كما لو وُضِعَ مع المشروب -وُضِعَ هذا الزعفران مع المشروب- فيجتنبه المُحرم؛ لأن المُحرم مطلوبٌ منه أن يجتنب الطِّيب بجميع أنواعه، وأن يجتنب التَّرفُّه بجميع أنواعه؛ لأجل هذا المعنى، المقصود بالتَّرفُّه: الممنوع الذي قد نُصَّ عليه، وهو الطِّيب ونحوه.

وعلى ذلك نقول: ينبغي أن يحرص المُحْرِم على تجنب الطِّيب، سواء كان ملموسًا، أو كان في شيءٍ ملبوسٍ، أو كان مشمومًا؛ كأن يكون بخورًا، أو أن يكون مخلوطًا بالصَّوابين، أو (شامبو)، أو نحو ذلك، أو حتى أن يُوضع مع الطعام، فيجتنب المُحرم الطِّيب بجميع أنواعه.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

حكم تسمية المضحي مُحرمًا

شيخ، بعض الناس يُسمي مَن أراد أن يُضحِّي وامتنع عن أخذ شعره، يُسميه: مُحْرِمًا، فربما اعتقد أنه يُشارك المُحرم في بعض أحكامه، فما الذي يُشاركه فيه؟

الشيخ: أولًا: تسميته: مُحْرمًا، هذه تسميةٌ غير صحيحةٍ، هو ليس مُحرمًا، وإنما فقط مأمورٌ بالإمساك عن الأخذ من شعره وأظفاره، ولا يُشارك المُحرم إلا في هذه فقط: الإمساك عن الأخذ من شعره وأظفاره حتى تُذبح أُضحيته.

وبعض الفقهاء يقول: إن الحكمة من ذلك هي التَّشبه بالمُحرِم، وربما يكون هذا هو السبب في تسمية بعض الناس لهذا بأنه مُحرِمٌ، يعني: أخذًا من قول بعض الفقهاء: إن الحكمة من ذلك هي التَّشبه بالمُحرِم، وإن كان الأقرب -والله أعلم- هو ما ذكره الإمام ابن القيم وجماعةٌ من أن الحكمة في ذلك -الحكمة من الإمساك- حتى يأخذ من شعره وأظفاره بعد ذبح أُضحيته، فيكون ذلك من كمال التَّعبد لله بها، هذا هو الأقرب في الحكمة من نهي مَن أراد أن يُضحِّي عن أن يأخذ من شعره أو من أظفاره شيئًا.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا، وأحسن الله إليكم.

حكم المشاركة في الأضحية

أم مريم في (تويتر) تقول: شيخنا، أنا متزوجةٌ من ابن خالي، وساكنةٌ بجانب أمي، ولكن أكلنا وشُربنا مع بعضٍ، هل يجوز أن نتشارك نحن وأمي وزوجي في أُضحيةٍ واحدةٍ؟

الشيخ: لا بأس أن تكتفوا بأضحيةٍ واحدةٍ يتكفل بثمنها أحدكم، كأن يكون -مثلًا- زوجك يتكفل بهذه الأضحية، ويُشرككِ معه، ويُشرك معه مَن شاء، فهذا لا بأس به، وهذا يُسميه العلماء بالاشتراك في الثواب، فإن الاشتراك في الثواب معناه: أن يُشرك المُضحي معه مَن أراد، وهذا لا حدَّ له، فللمُضحي أن يُشرك في ثواب الأضحية مَن شاء من الأحياء والأموات، وفضل الله واسعٌ، فيُشرك معه في أُضحيته والديه وأولاده وزوجته، ومَن أراد من الأقارب، ومَن أراد من الأحياء والأموات من غير أن يُحدَّ ذلك بعددٍ معينٍ، فهذا يُسميه العلماء: الاشتراك في الثواب، هذا لا بأس به.

أما الاشتراك في المِلْك بأن يشتركوا في شراء واحدةٍ من الغنم، فالاشتراك في المِلْك يكون في الإبل وفي البقر إلى سبعة أشخاصٍ، أما الغنم فعند جمهور الفقهاء وعند عامة الفقهاء: أن الاشتراك في الغنم لا يكون، وإنما تكون الواحدة من الغنم عن شخصٍ واحدٍ، كما كان عليه العمل في عهد النبي ، قد كانوا يشتركون في الإبل والبقر إلى سبعة أشخاصٍ، أما الغنم فإنها تكون عن شخصٍ واحدٍ، ويُشرك معه مَن أراد في الثواب من الأحياء والأموات.

وعلى ذلك إذا كان زوجكِ أو أحدكم هو الذي سيشتري الأضحية ويريد أن يُشرك معه البقية في الثواب فلا بأس بذلك، بل إن هذا هو الأفضل.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

حكم من حج قارنًا وترك الهدي جاهلًا

أيضًا عبر (تويتر) سحيم يقول: حججتُ قبل خمسٍ وعشرين سنةً قارنًا، ولم أقم بذبح الهدي؛ ظنًّا مني أنه ليس على القارن هديٌ، فماذا يجب عليَّ الآن؟

أفتونا، جزاكم الله خيرًا.

الشيخ: أولًا: كون هذه المدة قد مضتْ عليك ولم تعلم بهذا الحكم -يعني- هذا يُعتبر تقصيرًا منك، كان ينبغي لك أن تتفقه في أحكام النُّسك وأن تسأل، وكذلك أيضًا عندما تستمع لمثل هذه البرامج وهذه الفتاوى -يعني- تعرف أحكام النُّسك، وأن القارن كالمُتمتع عليه هديٌ، لكن بالنسبة لما حصل هذا الهدي باقٍ في ذمتك تذبحه أو تُوكِّل مَن يذبحه في الحرم الآن، وتبرأ ذمتك بذلك -إن شاء الله- وأما تأخرك فأنت معذورٌ بجهلك، لكن تنتبه مُستقبلًا لمثل هذه المسائل؛ ولذلك ننصح مَن أراد الحج أن يتفقه في مسائل الحج.

والآن أصبحت وسائل التَّفقه في مسائل الحج مُتيسرةً، فهناك الآن الكتيبات الصغيرة التي يستطيع أن يقرأها الحاجُّ، وتُعْرَض بلغةٍ مُبسطةٍ ولغةٍ سهلةٍ، كذلك أيضًا هناك المقاطع النافعة المفيدة التي تشرح الحجَّ بطريقةٍ مُبسَّطةٍ، أيضًا المشايخ متواجدون، المفتون والمشايخ والعلماء متواجدون في المشاعر، وأيضًا يتيسر الاتصال والتواصل معهم عبر وسائل التقنية الحديثة؛ ولذلك ينبغي للحاج أن يحرص على أن يتفقه في مسائل حجِّه؛ حتى يكون حجُّه مبرورًا، وحتى لا يقع في مثل هذه الأخطاء.

ولهذا الأخ الكريم الآن يسأل عن مسألةٍ وقعتْ له قبل ربع قرنٍ، ويُفتى الآن بأنه لا بد من ذبح هذا الهدي، وأيضًا ربما تأتي أشياء أعجب من هذا: كمَن يترك طواف الإفاضة، أو يترك طواف العمرة من رجلٍ أو امرأةٍ، ثم يتزوج بعد ذلك، وهنا يرد إشكالٌ على صحة ذلك النكاح؛ لكونه قد عقد إذا كان رجلًا، أو عُقِدَ عليه إذا كانت امرأةً، وهو ما زال مُحْرِمًا، ويترتب على ذلك تجديد عقد النكاح.

فمسائل كثيرةٌ تترتب على هذا؛ ولذلك على المسلم أن يحرص على الاهتمام بهذه العبادة، فإذا أراد أن يحجَّ يقرأ عنها، ويستمع للمقاطع المفيدة من العلماء الموثوقين، وإذا أشكل عليه شيءٌ يسأل أهل العلم عن مسائل وأحكام ذلك النُّسك؛ حتى لا يقع في مثل هذه الأخطاء.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا شيخ.

الطريقة المثلى في تربية الأولاد

أخونا علي يقول: شيخ، ما الطريقة المثالية في تربية الأولاد في هذا الزمن الذي قد يكون فيه شيءٌ من الفتن؟

الشيخ: نعم، هداية الأولاد تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: الدلالة والإرشاد.

والقسم الثاني: الإلهام والتوفيق.

أما هداية الإلهام والتوفيق فهذه لا يملكها إلا الله تعالى وحده، وهي المذكورة في قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص:56]، وبعض الأنبياء لم يستطيعوا أن يهدوا أقرب الناس إليهم، فهذا نوحٌ لم يستطع أن يهدي ابنه، وإبراهيم لم يستطع أن يهدي أباه، ومحمدٌ لم يستطع أن يهدي عمَّه، عليهم الصلاة والسلام، مع أنهم يملكون أعظم وأحسن وسائل الإقناع والتربية والهداية، ومع ذلك لم يستطيعوا هداية هؤلاء الأقارب؛ لأن الله تعالى لم يُرد هدايتهم.

ولما حرص النبي على هداية عمه أبي طالب إلى آخر لحظةٍ من حياته قال: يا عم، قل: لا إله إلا الله، كلمة أُحاجّ لك بها عند الله [6]، لكن الله لم يُرد هدايته فمات على الكفر، وأنزل الله تعالى قوله: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].

والقسم الثاني: هداية الدلالة والإرشاد بأن يدل أولاده، ويُبيِّن لهم، ويُوضح لهم طريق الخير من طريق الشر، ويحرص على أن يربطهم بالجُلساء الصالحين، فيبذل الأسباب في استقامتهم وهدايتهم، وهذه مطلوبةٌ من الوالدين -من الأب والأم- وعلى ذلك فمطلوبٌ من الوالدين أن يبذلا أسباب هداية الدلالة والإرشاد، وأن يسألا الله تعالى لأولادهما هداية الإلهام والتوفيق.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم.

حكم من قص أظفاره قبل الجزم بنية الأضحية

أيضًا هذا سؤالٌ من أحد الإخوة يقول: لدي استفسارٌ: قمتُ بقصِّ أظفاري أمس، ونويتُ أن أُضحي اليوم، فهل عليَّ شيءٌ؟

الشيخ: لا شيء عليك؛ لأنك لما قصصتَ أظافرك لم تكن جازمًا بنية الأضحية، فقصصتَها بناءً على أنك لن تُضحي، ثم بعد ذلك في اليوم التالي غيرتَ نيتك وجزمتَ بنية الأضحية، فمن حين الجزم بنية الأضحية تُمسك عن الأخذ من شعرك ومن أظافرك، وأما ما سبق فقد كان في وقتٍ لم تكن جازمًا فيه بنية الأضحية، فلا شيء عليك.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

حكم من ذبح الجزار أضحيته قبل الصلاة

باخت الجدعان يقول: مَن وضع أُضحيته عند الجزار، وذبحها أثناء الصلاة أو قبلها، فهل على صاحبها شيءٌ؟ مع أنه أكَّد على الجزار ألا يذبحها إلا بعد الصلاة.

الشيخ: أولًا: صلاة العيد قد تتفاوت من مسجدٍ لآخر، ومن مُصلى لآخر، فيتأكد أولًا من أن الأضحية إنما ذُبحتْ بعد الصلاة؛ لأن المقصود أن تُذبح بعد الصلاة، وليس بعد خطبة العيد، وإنما بعد الصلاة، لكن لو افترضنا أن أُضحيته ذُبحتْ قبل صلاة العيد في البلد، فهذه لا تُجزئ أضحيةً، وإنما هي كما قال النبي لأبي بُردة لما ذبح شاةً قبل صلاة عيد الأضحى قال: شاتُكَ شاة لحمٍ [7]، فالشاة التي تُذبح قبل صلاة العيد هذه تعتبر شاة لحمٍ، ولا تعتبر أُضحيةً، وإذا أرادها أضحيةً فلا بد أن يذبح شاةً أخرى، لكن -كما ذكرتُ- ربما يكون هناك تفاوتٌ في إقامة صلاة العيد في البلد، فإذا أُقيمت صلاة العيد في البلد في أي مكانٍ، وذُبحتْ هذه الشاة بعد صلاة العيد، فإنها تكون أضحيةً، لكن لو قُدِّر أنها ذُبحتْ قبل صلاة العيد في جميع البلد فلا تكون أضحيةً، وإنما تكون شاة لحمٍ.

مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا شيخنا.

وقت الأضحية

“مُحبة رسول الله” -كما سمَّتْ نفسها- تقول: شيخنا -الله يُسعدك- أسأل عن الأضحية: أبي ناوٍ أن يُضحي، لكن ما عنده مالٌ ليشتريها، مثلًا: لو توفر له هذا المبلغ ثالث أيام العيد هل يجوز أن يُضحِّي؟

الشيخ: نعم، يجوز أن يُضحي، فإن وقت الأضحية أربعة أيامٍ على القول الراجح: يوم العيد، وثلاثة أيامٍ بعده، فلو لم يتيسر ثمن الأضحية إلا في اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، وضحَّى قبل غروب الشمس، فإنها تقع مُجزأةً.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

وقت سنة الفجر

هدى عبدالعزيز تقول في سؤالها: إذا أذَّن الفجر، وأنا ما صليتُ سُنة الفجر، كيف أُصليها؟ أُصليها بعد الأذان أو كيف؟ وكيف أُفرق بينها وبين صلاة الفجر؛ لأن كلهم ركعتان؟

هذا سؤالها بنصِّه يا شيخ.

الشيخ: المقصود: قبل طلوع الفجر أو قبل طلوع الشمس؟

مقدم البرنامج: هي تقول: قبل أذان الفجر، يمكن أن تتوقع أنها قبل الصلاة.

الشيخ: سنة الفجر إنما تكون بعد طلوع الفجر، ليس قبل طلوع الفجر، فربما يكون السؤال غير دقيقٍ، أو أنها تقصد قبل طلوع الشمس، فوقت صلاة الفجر يمتد إلى طلوع الشمس، لكن سُنة الفجر تابعةٌ لصلاة الفجر، فيبدأ وقتها بطلوع الفجر، وينتهي وقتها بطلوع الشمس، فهي تابعةٌ لصلاة الفجر.

مقدم البرنامج: أحسن الله إليكم.

هل يجب على المضحي أن يذبح أضحيته بنفسه؟

سراج يقول: هل لا بد للإنسان أن يُباشر ذبح الأضحية بيده؟

الشيخ: هذا هو الأفضل، الأفضل أن المُضحِّي وهكذا المُهْدِي يُباشر الذبح بيده إن تيسر؛ لأن النبي فعل ذلك، ذبح أُضحيته بيده الشريفة، وفي حجة الوداع ذبح بيده الشريفة ثلاثًا وستين من البُدْن، وأمر عليًّا فأكمل البقية إلى مئةٍ، وأكل من لحمها، وشرب من مَرَقِها، مُمتثلًا أمر ربه في قوله: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28]، فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ [الحج:36].

فإن كان الإنسان يُحْسِن الذبح، وتيسر له أن يذبح، فالأفضل أن يُباشر الذبح بنفسه، وهذه هي أكمل الأحوال، فإن لم يتيسر فيحضر الذبح، فإن هذا أبلغ في التعظيم لاسم الله ، فإن لم يتيسر هذا ولا ذاك فإنه يُوكِّل مَن يذبح عنه أُضحيته أو هديه ولو لم يحضر، ويُجزئ ذلك.

وهنا أُنبه إلى أن المقصود من ذبح الهَدْي والأُضحية ليس اللحم، وإنما المقصود أمرٌ وراء ذلك، وهو تعظيم الله ، كما قال الله سبحانه: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37]، وقال: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32]، فذبح الأضحية والهَدْي من تعظيم شعائر الله ، وهو عملٌ صالحٌ عظيمٌ، بل قال بعض أهل العلم -وذكر هذا الإمام ابن تيمية رحمه الله-: “أَجَلُّ ‌العبادات ‌المالية النَّحر، وأَجَلُّ العبادات البدنية الصلاة” [8]؛ ولهذا جمع الله بينهما فقال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي أي: ذبيحتي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162].

فالمقصود إذن من ذبح الأُضحية والهَدْي ليس اللحم: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ تعظيم الله  وما يقوم في القلب من تعظيم الله وذِكْره؛ ولهذا فإن تيسر أن يُباشر المُضحي ذبح أُضحيته بنفسه هذا هو الأكمل، وإن لم يتيسر يحضر الذبح، وإن لم يتيسر هذا ولا ذاك فيُوكِّل مَن يذبح عنه أُضحيته.

خاتمة البرنامج

أحسن الله إليكم شيخنا، وبارك الله فيكم، بهذه الإجابة نصل إلى ختام هذه الحلقة التي قد تفضل فيها بالإجابة عن أسئلتكم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

جزاكم الله خيرًا شيخ سعد، وتقبل الله منا ومنكم.

الشيخ: اللهم آمين، وبارك الله فيكم، وشكر الله لكم وللإخوة المستمعين.

مقدم البرنامج: شكرًا لكم أيضًا أحبتنا المستمعين الكرام حُسن مُتابعتكم.

نسأل الله جلَّ وعلا أن يُفقِّهنا وإياكم في دينه، وأن يُعلمنا جميعًا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا.

هذه أرقُّ التَّحايا وأصدق الدعوات من فريق العمل:

في التنفيذ: عيسى الراقي.

في إدارة الإعلام الرقمي: فيحان السبيعي.

في التقديم مُحدثكم: سبيت إبراهيم السبيت.

وفي الإخراج: محمد بن سعيد الشمري.

نلتقي بكم -بمشيئة الله تعالى- في لقاءٍ قادمٍ وأنتم على خيرٍ.

تقبل الله منا ومنكم صالح القول والعمل، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري في “التاريخ الكبير”: 1879.
^2 رواه أبو داود: 1531، والنسائي: 1374، وابن ماجه: 1085.
^3 رواه البخاري: 316، ومسلم: 1211.
^4 رواه مسلم: 126.
^5 رواه البخاري: 5805، ومسلم: 1177.
^6 رواه البخاري: 3884، ومسلم: 24.
^7 رواه البخاري: 955، ومسلم: 1961.
^8 “مجموع الفتاوى” لشيخ الإسلام ابن تيمية: 16/ 532.
zh