عناصر المادة
- المقدمة
- الإخلاص في الحج
- هل يتعارض الإعلان عن الحج مع الإخلاص؟
- حكم الأضحية للمُقتدر وغير المُقتدر
- أحكام توزيع الأضحية أو إهدائها
- متى يبدأ التكبير المطلق؟
- صِيغ التكبيرات المأثورة
- الوصية بالأضحية من مصارف الوقف
- من الإسراف رمي أجزاء من الأضحية
- قصر المدة ما بين العمرة والحج لا ينفي وصف التمتع
- من يدفع ثمن الأضحية يمسك عن الأخذ من شعره أو أظافره
- حكم انتقاض الوضوء في آخر أشواط السعي
- الإحرام بالحج يوم عرفة للمتمتع
- حكم التوكيل بذبح الأضحية
- حكم الأضحية خارج بلد المضحي
- أفضل الأعمال في العشر من ذي الحجة
- الأنساك في الحج وأفضلها
- حكم تأخير الحج لمن لديها أطفال صغار
- حكم جمع نية صيام القضاء مع صيام التطوع
- حكم حج المتطوع في خدمة الحجيج
- خاتمة البرنامج
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ، عليه وعلى آله وصحابته أفضل الصلاة وأتم التسليم.
مُستمعينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، طبتم وطابتْ بكل خيرٍ أوقاتكم، وأهلًا ومرحبًا بكم في هذه الحلقة من برنامج (فتاوى الحج) الذي نقدمه لكم في الدورة البرامجية الخاصة بموسم الحج لهذا العام، ومع دخول هذه الأيام والليالي المباركة -اليوم 1 ذو الحجة من عام 1443هـ- سائلين المولى أن يُوفقنا وإياكم للاستزادة من الأعمال الصالحة، وأن نكون وإياكم من المقبولين.
هذه أطيب التَّحايا لكم من زملائي فريق العمل في هذا البرنامج:
من التنفيذ على الهواء: عيسى بن محمد الراقي.
ومن الإخراج: محمد بن سعيد الشمري.
ومعكم من التقديم: عبدالرحمن بن محمد الشايع.
أُرحب باسمكم جميعًا بضيف هذه الحلقة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، والأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الإمام.
السلام عليكم شيخ سعد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحيَّاكم الله، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.
مقدم البرنامج: أُذكِّر برقم البرنامج لمَن يود الاتصال بنا على الرقم: (4052999).
وهناك تغريدة يُشار فيها إلى البرنامج على حساب الإذاعة في (تويتر)، بإمكانكم كتابة الأسئلة في الردود على هذه التغريدة، ونراوح في أخذ أسئلتكم بين المتصلين، وكذلك الأسئلة المكتوبة، وبما أن البرنامج (فتاوى الحج) فالأولوية في طرح الأسئلة للأسئلة المتعلقة بالحج، وكذلك بالأضحية وأحكامها، وما يُحَثُّ عليه من الأعمال الصالحة في هذه الليالي المباركة؛ لذلك نعتذر ابتداءً للمستمعين والمستمعات الذين لديهم أسئلةٌ خارج هذا الموضوع، وبإمكانهم التواصل مع الأرقام المُخصصة لبرنامج (نور على الدرب)، لكن هذا البرنامج -كما أطلقنا عليه- هو برنامج (فتاوى الحج).
الإخلاص في الحج
مقدم البرنامج: على بركة الله نبدأ معكم شيخ سعد بسؤالٍ ورد عن الإخلاص في الحج من المُستمع عبدالله السلمي، يسأل عن الإخلاص في الحج، وماذا يعنيه هذا المفهوم؟
الشيخ: الحمد لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه واتَّبع سُنته إلى يوم الدين.
أما بعد: فمع دخول هذه العشر المباركة أسأل الله تعالى أن يُوفق الجميع لما يُحب ويرضى من الأقوال والأعمال، وأن يستعملنا جميعًا في طاعته.
وهذه العشر عشرٌ مباركةٌ، ومن مواسم التجارة مع الله بالأعمال الصالحة، فينبغي للمسلم أن يحرص على اغتنام وقتها.
بالنسبة للإخلاص: الإخلاص مطلوبٌ في جميع العبادات، وهو شرطٌ لقبول العمل، فإن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا صوابًا، كما قال : الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2]، قالوا: معنى أَحْسَنُ عَمَلًا أي: أخلصه وأصوبه.
فالعمل الذي لا يُخْلِصُ فيه صاحبه لله لا يُقبل منه، والله تعالى يقول في الحديث القدسي: مَن عَمِلَ عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه [1]، ومن ذلك: الإخلاص في الحج، ….. أريد بهذا الحج التَّقرب إلى الله ، وامتثال أمر الله له بالحج، فإن الحج هو أحد أركان الإسلام، وأحد مبانيه العِظام، والله تعالى أمر به فقال: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97].
إذن الإخلاص في الحج يعني: أن الحاج لا يريد بهذه العبادة إلا ابتغاء الأجر والثواب من الله ، لا يريد بذلك رياءً، ولا يريد بذلك سُمعةً، ولا يريد بذلك أمرًا دنيويًّا، ولا يريد أن يُقال: فلانٌ حاج، أو أن يُسمى: الحاج فلان، أو نحو ذلك، إنما يريد الأجر والثواب من الله .
وإذا عَظُمَ الإخلاص كان الأجر عظيمًا، وهذا أحد معاني الحج المبرور، فإن الحج المبرور هو الذي أخلص صاحبه فيه لله ، وأتى به على الوجه الأكمل، ولم يقع منه فيه إثمٌ ولا معصيةٌ، هذا هو الحج المبرور الذي يقول فيه النبي : والحج المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنة [2]، وهو الذي يقول فيه أيضًا: مَن حجَّ لله فلم يَرْفُث ولم يَفْسُق رجع كيوم ولدته أمه [3] أي: أنه تُحَطُّ عنه جميع الذنوب والخطايا، لكن هذا لا يكون لأي حاجٍّ، وإنما لمَن وقع حجه مبرورًا، ومن أبرز صفات الحج المبرور: أن يكون صاحبه مُخلصًا فيه لله .
مقدم البرنامج: جزاكم الله خيرًا يا شيخ سعد.
هل يتعارض الإعلان عن الحج مع الإخلاص؟
إعلان الحج، يعني: مَن يُعلن أنه قُبِلَ هذه السنة، أو أنه نوى الحج، أو يُصوِّر لحظة بدء رحلته للحج، وما نشاهده من بعض المظاهر هل تتعارض مع الإخلاص؟
الشيخ: هذا فيه تفصيلٌ؛ إذا سُئل فأخبر: هل ستحج هذا العام؟ قال: نعم. أو أخبر أصحابه أو جيرانه أو أقاربه، فهذا لا يتعارض مع الإخلاص، ولكن الذي يتعارض مع الإخلاص هو المُبالغة في التصوير، فإن بعض الحجاج كأنه يذهب لرحلةٍ سياحيةٍ، فيُصور كل شيءٍ، يُصور ذهابه ورحلته، بل بعضهم يُصور حتى طوافه بالكعبة، وسعيه بين الصفا والمروة، وهذا يتعارض مع الإخلاص، فأنت أتيت لهذا البيت -لبيت الله الحرام- تبتغي فضلًا من الله ورضوانًا، ما أتيت لأجل أن تُصور وتنقل جميع حركاتك للناس؛ لكي يراك الناس.
ما الفائدة من هذا التصوير؟! ما الفائدة من أن الحاج يُصور جميع أموره في الحج؟! يُصور حتى طوافه بالكعبة، وحتى سعيه بين الصفا والمروة، ووقوفه بعرفات!
هذه المبالغة في التصوير تتعارض مع الإخلاص، لكن التصوير الذي يكون لأجل التوثيق ونحو ذلك، هذا الأمر فيه سعةٌ، لكن الذي يقصد صاحبه منه الرياء أو السمعة، فهذا يتعارض مع الإخلاص، وهذا -مع الأسف- يوجد من بعض الحجاج، ومن بعض المُعتمرين، حتى إنه عندما يطوف بالكعبة يكون مشتغلًا بالتصوير، ولا يتفرغ للدعاء، ولا يأتي بالعبادة على وجهها الصحيح، وإنما طوال الوقت يُصور نفسه، ويُصور مَن حوله، وهذا لا شكَّ أنه يُؤثر على قبول هذه العبادة.
مقدم البرنامج: وأحيانًا البعض يطلب من الناس عندما يُعلن نيته الحج، يطلب منهم المُسامحة والعفو عنه وتحليله مثلًا.
الشيخ: هذا كان الناس يفعلونه قديمًا، لما كانت رحلة الحج تطول، وكانت محفوفةً بالمخاطر، فكان الحجاج يُودع بعضهم بعضًا، وكان الناس يُودعون الحجاج، والحاج يطلب المُسامحة؛ لأنه لا يدري هل يرجع أم لا؟ لكن -ولله الحمد- في الوقت الحاضر مع وجود الأمن والأمان، وتيسر الوصول للحج، والمدة أيضًا لم تعد طويلةً كما كانت في السابق، فأصبح هذا الأمر قليلًا، لكن ربما يكون هذا في بعض البلدان، فالذين يأتون من أماكن بعيدةٍ يفعلون ذلك؛ لأن أحدهم يرى أنه ذاهبٌ لرحلةٍ ولسفرٍ، ولا يدري هل يرجع أم لا؟ فالأمر في هذا واسعٌ.
حكم الأضحية للمُقتدر وغير المُقتدر
مقدم البرنامج: معنا المُستمع سعود من الرياض، تفضل.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل.
المتصل: عندي سؤالٌ عن حكم الأضحية للمُقتدر وغير المُقتدر.
مقدم البرنامج: شكرًا لك يا سعود.
تفضل يا شيخ سعد.
الشيخ: الأضحية للمُقتدر مُستحبةٌ استحبابًا مُؤكَّدًا، وقد قال بعض أهل العلم بوجوبها؛ ولذلك ينبغي أن يحرص عليها المسلم.
وقال الإمام ابن تيمية رحمه الله: “أَجَلُّ العبادات المالية النَّحر، وأَجَلُّ العبادات البدنية الصلاة” [4]؛ ولهذا جمع الله بينهما فقال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، وقال: قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162]، فالتقرب إلى الله تعالى بذبح الأضحية عملٌ صالحٌ عظيمٌ، بل هو أفضل العبادات المالية؛ ولذلك فالمُقتدر ينبغي أن يحرص على الأضحية.
والعجب أن بعض الناس لا يُضحي، ويُنفق أموالًا كثيرةً في كمالياتٍ، وفي أسفارٍ، ونحو ذلك، ويبخل على نفسه بذبح أضحيةٍ واحدةٍ في العام.
فنقول: إن التقرب إلى الله تعالى بذبح الأضحية عملٌ صالحٌ عظيمٌ، والنفقة مخلوفةٌ، فينبغي أن يحرص المسلم على تطبيق هذه الشعيرة، وأن يستحضر أن المقصود بالأضحية ليس هو اللحم، وإنما المقصود من الأضحية كما ذكر ربنا : لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37]، كما أن ذبح الأضحية يدخل في تعظيم شعائر الله؛ لأنها شعيرةٌ من الشعائر، والله تعالى يقول: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32].
أما مَن كان غير مُقتدرٍ فلا شيء عليه؛ لأن الأضحية ليست واجبةً، وإنما هي مُستحبةٌ.
أحكام توزيع الأضحية أو إهدائها
مقدم البرنامج: والحكم شيخ سعد في الأضحية بعد ذبحها: في توزيعها وأكلها وإهدائها.
الشيخ: بعد ذبحها الأفضل أن يأكل منها، وأن يتصدق؛ لأن الأضحية كالهدي، والله تعالى يقول: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28]، ويقول: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ [الحج:36]، فالأفضل أن يأكل، وأن يتصدق.
وورد عن بعض السلف أنه يأكل ويتصدق ويُهْدِي، والأمر في هذا واسعٌ، إن أهدى فهذا الإهداء إن كان لوالدين يدخل في بِرِّ الوالدين، وإن كان لأرحامٍ يدخل في صِلة الرحم، وإن كان لجيرانٍ يدخل في الإحسان إلى الجيران.
فالإهداء أمرٌ حسنٌ وأمرٌ طيبٌ، لكن المُؤكَّد هو الأكل والصدقة: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ.
وهذا كله على سبيل الاستحباب، فلو أكلها كلها فلا حرج عليه، على القول الراجح أنه لا بأس بذلك، ولو تصدق بها كلها فلا بأس، فالأمر في هذا واسعٌ.
مقدم البرنامج: الحمد لله.
متى يبدأ التكبير المطلق؟
معنا المُستمع أبو سالم من الرياض، تفضل.
المتصل: السلام عليكم.
مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: كيف حالك يا شيخ سعد؟
الشيخ: بخيرٍ ونعمةٍ، نحمد الله ونشكره.
المتصل: نشتاق إليك ونُحبك في الله يا شيخ.
الشيخ: أحبك الله، وبارك الله فيك.
المتصل: سؤالي يا شيخ: بالنسبة للتكبير المُطلق متى يبدأ؟ وهل هو في أثناء العشر؟ هل -مثلًا- دُبُر الصلوات أو قبل الصلوات؛ لأنه يصير لغطٌ إذا كبَّرنا، يقول بعض الناس: لا تُكبر في المسجد، هذا التكبير خاصٌّ بالمقيد؟
فنريد أن تُوضح لنا موضع التكبير، جزاك الله خيرًا.
مقدم البرنامج: شكرًا لك يا أبا سالم، في أمان الله.
تفضل يا شيخ سعد.
الشيخ: التكبير المطلق ابتدأ بدخول عشر ذي الحجة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق.
ومعنى كونه مطلقًا: أنه لا يتقيد بأدبار الصلوات الخمس.
وأما المُقيد فيبتدئ وقته لغير الحاج من بعد صلاة فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وبالنسبة للحاج من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق.
وهذه الأيام التكبير فيها مطلقٌ، فلا يكون أدبار الصلوات الخمس، ولكن قول الأخ الكريم: إنه لا يكون في المسجد، هذا غير صحيحٍ، بل يكون في المسجد، لكن لا يكون أدبار الصلوات الخمس.
ومن الأوقات المناسبة للتكبير المطلق: بين الأذان والإقامة، عندما تدخل المسجد وتأتي بالسنة الراتبة، أو تأتي بتحية المسجد، فيُشرع أن تُكبر، وأن ترفع الصوت بالتكبير بالقدر الذي لا يُزعج الناس، وإنما يحصل به إحياء السنة وإظهار هذه الشعيرة، فالمساجد من الأماكن التي ينبغي أن تظهر فيها هذه الشعيرة.
وقد كان الناس قديمًا إذا دخلت العشر فإن المساجد تَضُجّ بالتكبير، وإذا دخل الإنسان أيَّ مسجدٍ وجد الناس يُكبرون في المساجد، أما في وقتنا الحاضر فَقَلَّ مَن يُطبق هذه السنة.
فرحم الله تعالى مَن أحيا هذه السنة بقوله وفعله.
فيُمكن تطبيق وإظهار هذه الشعيرة بين الأذان والإقامة.
أما التكبير الذي يكون أدبار الصلوات فهذا لم يبتدئ وقته بعد، وإنما يكون من بعد فجر يوم عرفة.
وبعض الناس يُكبر أدبار الصلوات، وهذا قد أتى بالتكبير المُقيد الذي لم يأتِ وقته بعد، لكن إذا أردتَ أن تُطبق هذه الشعيرة يكون في غير أوقات أدبار الصلوات، كأن يكون بين الأذان والإقامة مثلًا.
صِيغ التكبيرات المأثورة
مقدم البرنامج: وبالنسبة لصيغ التكبير يا شيخ سعد.
الشيخ: صيغة التكبير المأثورة إما تثنية أو تثليث التكبير، يقول: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”، أو يُثلِّث التكبير: “الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”، وإن شاء زاد وقال: “الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بُكرةً وأصيلًا”.
هذا كله مأثورٌ عن السلف.
الوصية بالأضحية من مصارف الوقف
مقدم البرنامج: معنا عبدالله من الرياض، تفضل.
المتصل: السلام عليكم.
مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: الله يحفظك يا شيخ، عندي سؤالٌ: الوالد -الله يغفر له- عنده وقفٌ أوقَفَه: دكانان، ومن قيمة الوقف أُخرج منها ثلاث أضاحٍ، والوالد عليه دينٌ لصندوق التنمية العقاري، وما بعد سدد هذا الدين، فهل -يا شيخ- يجوز لي أن أُسدد الدين من قيمة الوقف؟ يعني: بقيمة الوقف كاملًا، يعني: أني أُسدد الدين، أم أمشي على الوصية لإخراج الأضاحي؟
الشيخ: طيب، الوقف ما الذي نُصَّ فيه بعد الأضاحي؟ يعني: الفائض بعد الأضاحي في ماذا يُصرف؟
المتصل: يُصرف في أوجه البر، أو المُحتاج من ذُريته وذوي الأرحام.
الشيخ: نعم، يعني: نُصَّ على أنه يُصرف في وجوه البر؟
المتصل: نعم، ومن ضمنها أعمال الصيانة لدكانه إذا كان يحتاج إلى صيانةٍ، هذا من ضمنها، هذا الذي نُصَّ عليه.
مقدم البرنامج: طيب، شكرًا لك يا عبدالله، اسمع الإجابة.
تفضل يا شيخ سعد.
الشيخ: أولًا: لا بد من إخراج هذه الأضاحي الثلاث؛ لأنه منصوصٌ عليها من مصارف هذا الوقف، وبعد ذلك يكون في وجوه البر، ومن وجوه البر: تسديد الدين عنه، ما دام أنه لم يُخلِّف تركةً تفي بسداد الدين عنه فلا بأس أن يُسدد عنه الدين من الفائض من ريع الوقف، لكن الأصل أن هذا الدين يُسدد من تركته؛ لأن الله تعالى لما قسَّم الميراث قال: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12]، لكن لو لم تَفِ التركة بسداد هذا الدين فلا بأس أن يُسدد من فائض ريع هذا الوقف بعد أن يُضحَّى عنه.
من الإسراف رمي أجزاء من الأضحية
مقدم البرنامج: معنا عبدالمجيد من القصيم، تفضل.
المتصل: السلام عليكم.
مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: حيَّاك الله يا شيخ، كيف حالك؟
أنا -يا شيخ- عندي سؤالٌ بخصوص الأضحية: أنا تقريبًا كل سنةٍ في بعض مَن يُضحي في البيوت أو الاستراحات يأخذ فقط اللحم من الأضحية، والباقي يرميه في القمامة: كالكرش، كالرأس، كأجزاء الأضحية الباقية، فهل هذا يُعتبر من الإسراف؟ وهل هذا يُعتبر أنه أخذ الأضحية بالكامل؟
هذا سؤالي، الله يحفظك.
وأتمنى أن تُوجه -يا شيخ- نصيحةً للذين يُضحون ألا يرموا الأضحية بالكامل، خاصةً الكرش والرأس وباقي أجزاء الأضحية.
مقدم البرنامج: نعم، واضحٌ، شكرًا لك يا عبدالمجيد.
تفضل يا شيخ سعد.
الشيخ: نعم، هذا الذي يُشير إليه الأخ الكريم من أن بعض الناس يُلقي أجزاءً من الأضحية في القمامة هذا خطأٌ، وهذا أيضًا فيه عدم احترامٍ للنعمة، بل امتهانٌ للنعمة، وربما أيضًا يدخل في السرف؛ ولذلك المطلوب هو الاستفادة من جميع أجزاء الأضحية، ما يمكن للإنسان أن يأخذه مثل: اللحم يأخذه لبيته، وبقية الأجزاء يتصدق بها، فمثل الرأس سيجد مَن يقبل الصدقة به، وهكذا أيضًا بقية الأجزاء، فهذه إذا نُظِّفتْ وأُعطيتْ للفقراء والمساكين فسينتفعون بها، أو أنه يُرسلها -مثلًا- إلى مبرةٍ خيريةٍ، والمبرة تتولى ذلك، لكن رميها في القمامة هذا لا شكَّ أنه خطأٌ، ويُنْكَر على مَن يفعل ذلك، وهذا فيه نوعٌ من عدم احترام النعمة.
مقدم البرنامج: جزاك الله خيرًا يا شيخ سعد.
قصر المدة ما بين العمرة والحج لا ينفي وصف التمتع
هذا المستمع حسان يقول: إنه حجَّ في العام الماضي حجَّ تمتعٍ، ووصل اليوم الثامن، وأخذ عُمرته ثم تحلل، وبعد الظهر في اليوم الثامن أحرم للحج، فهل فعله صحيحٌ؟
الشيخ: نعم فعله صحيحٌ، فإن المُتمتع هو الذي يأتي بالعمرة في أشهر الحج، ثم يُحرم بالحج من عامه، وهذا هو الذي فعله الأخ السائل الكريم، أتى بالعمرة ثم لما كان ظهر اليوم الثامن أحرم بالحج، فهو بذلك يكون مُتمتعًا، وربما يكون منشأ الإشكال عند الأخ السائل هو قِصَر الفترة بين العمرة والحج، وهذا لا يضر، المهم أنه أتى بالعمرة كاملةً وتحلَّل منها، ثم بعد ذلك أحرم بالحج، بل حتى لو كان ذلك مباشرةً، حتى لو لم يفصل بينهما شيءٌ، لو أنه أتى بالعمرة وتحلَّل منها، ثم بعد ذلك أحرم بالحج يكون متمتعًا، فقِصَر المدة ما بين العمرة والحج لا ينفي وصف التمتع، فهو مُتمتعٌ ويصدق عليه وصف التمتع.
من يدفع ثمن الأضحية يمسك عن الأخذ من شعره أو أظافره
مقدم البرنامج: معنا أبو خالد من جيزان، تفضل.
المتصل: السلام عليكم.
مقدم البرنامج: وعليكم السلام، حيَّاك الله، تفضل بسؤالك.
المتصل: أحببتُ أن أسأل عن الأضحية: إذا كانت عن طريق جمعيةٍ خيريةٍ أو صدقة هل يُمسك الواحد عن أظافره وشعره أو لا؟
مقدم البرنامج: طيب، واضحٌ، شكرًا لك يا أبا خالد.
تفضل يا شيخ سعد.
الشيخ: نعم، يُمسك عن الأخذ من شعره وأظفاره.
المُضحِّي هو الذي يدفع ثمن الأضحية، وليس المقصود بالمُضحِّي مَن يُباشر الذبح، فالمُضحِّي هو مَن يدفع الثمن، سواء باشر الأضحية بنفسه أو وكَّل غيره.
فهذا الذي يُعطي جمعيةً خيريةً أو مبرةً، يُعطيهم ثمن أُضحيةٍ ويقول: اشتروا لي بها أُضحيةً واذبحوها عني. هو يُعتبر مُضحِّيًا، وهم وكلاء عنه، فيلزمه الإمساك عن الأخذ من شعره وأظفاره، الذي ذكره النبي في قوله: إذا دخلت العشر وأراد أحدكم أن يُضحي فلا يأخذنَّ من شعره ولا من أظفاره شيئًا [5]، والمقصود بالمُضحِّي الذي يدفع ثمن الأضحية، ولو لم يُباشر الذبح.
حكم انتقاض الوضوء في آخر أشواط السعي
مقدم البرنامج: معنا مصطفى من مكة، تفضل.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله.
مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل يا مصطفى.
المتصل: والله -يا شيخ- أنا عندي سؤالان:
السؤال الأول: أنا كنتُ أعمل عمرةً لوالدي المتوفي، وبعدما أنهيتُ العمرة، وأنا في السعي نزل مني ماء بولٍ في آخر شوطٍ في السعي، فهل هذا يُؤثر على العمرة التي عملتُها لوالدي؟
الشيخ: الذي خرج منك في السعي؟
المتصل: في آخر شوطٍ، يعني: آخر عشرة أمتار في شوط سعي الصفا والمروة.
مقدم البرنامج: أحسَّ بقطراتٍ من البول.
الشيخ: أحسستَ بقطراتٍ من البول في آخر شوطٍ من السعي بين الصفا والمروة؟
المتصل: بين الصفا والمروة، آخر عشرة أمتار، شربتُ ماء زمزم، وأنا ماشٍ نزلتْ مني قطرات بولٍ.
مقدم البرنامج: طيب، واضحٌ، سؤالك الثاني يا مصطفى.
المتصل: السؤال الثاني: أنا تطوعتُ فهل يجوز أن أُحرم من عرفة؟
مقدم البرنامج: ماذا؟
المتصل: أنا سائق (باص) خدمات حجاج، فهل يجوز أن أُحرم من عرفة يوم عرفة إن شاء الله؟
الشيخ: لكن لما أتيتَ كنتَ جازمًا بنية الحج، أو أنك مُترددٌ؟
المتصل: أنا عملتُ عمرةً مُتمتعًا بها إلى الحج أول ما جئتُ إلى مكة المكرمة.
الشيخ: نعم، يعني: أول ما أتيتَ أحرمتَ من الميقات وأتيتَ بعمرةٍ.
المتصل: نعم، أحرمتُ من الميقات: الجُحفة، وأتيتُ بعمرةٍ مُتمتعًا بها إلى الحج.
الشيخ: نعم، واضحٌ.
مقدم البرنامج: شكرًا لك يا مصطفى.
سؤاله الأول -يا شيخ- عن حكم عمرته حين انتقض وضوؤه في آخر شوطٍ في السعي.
الشيخ: عمرته صحيحةٌ؛ وذلك لأن السعي لا يُشترط له الطهارة، وعلى ذلك فسعيه صحيحٌ، وعمرته صحيحةٌ، وليس عليه شيءٌ، والحمد لله.
الإحرام بالحج يوم عرفة للمتمتع
مقدم البرنامج: سؤاله الثاني عن إحرامه في يوم عرفة، ودخوله في النُّسك، وهو سائق (باص) خدمات.
الشيخ: لا بأس؛ لأنه قد أتى بعمرةٍ، هو قد أحرم من الميقات وأتى بعمرةٍ، وهو الآن في مكة، ويُريد يوم عرفة أن يُحرم بالحج، فلا بأس بذلك، ولا يلزمه الرجوع إلى الميقات؛ لأنه أحرم من الميقات وهو قادمٌ وأتى بالعمرة وتحلل، فإذا كان يوم عرفة يُحْرِم بالحج، ولا شيء عليه.
حكم التوكيل بذبح الأضحية
مقدم البرنامج: معنا موسى من الرياض، تفضل.
المتصل: السلام عليكم.
مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: الله يُعطيكم العافية، عندي سؤالٌ بخصوص الأضحية: إذا كنتُ أنا شخصًا قادرًا ومُتفرغًا، ما عندي مشكلة، لكن رغبتُ أن أُوكل أحدًا يُضحِّي عني في الجمعيات الخيرية وكذا، فهل يجوز، أو عليَّ إثمٌ في هذه النقطة، أو يلزم أن أقوم أنا بالأضحية بنفسي، وأُشرف عليها بشكلٍ مباشرٍ؟
أفيدوني في هذه النقطة، الله يُعافيكم.
مقدم البرنامج: طيب، واضحٌ، شكرًا لك يا موسى.
وربما هذا تساؤلٌ لدى الكثير يا شيخ سعد، فالآن منصة إحسان وغيرها من المواقع، حتى بعض البنوك لديها بعض البرامج التي فيها توكيلٌ بالأضحية.
الشيخ: نعم، هذا لا بأس به، ويحصل به الأجر والثواب إن شاء الله، لكن الأفضل أن المسلم يُباشر ذبح أُضحيته بنفسه، وأن يقتدي بالنبي ، فإنه عليه الصلاة والسلام باشر ذبح أُضحيته بنفسه؛ ولأنه يتحقق من التعظيم ومن مقاصد الأضحية ما لا يتحقق مع التوكيل، فإن الله يقول: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37]، فما يحصل من التعظيم لله عند ذبح الأضحية هذا إنما يظهر لمَن يُباشر الذبح بنفسه، فإن لم يتيسر له مباشرة الذبح، أو أنه لا يُحسن الذبح، فإنه يحضر ذبح الأضحية، فهذا أيضًا أفضل من أن يُوكل ولا يحضر، فإن لم يتيسر هذا ولا ذاك فإنه يُوكل مَن يذبح عنه أُضحيةً من جمعيةٍ أو غيرها.
فالأمر في هذا واسعٌ، إذا وكَّل يحصل له الأجر والثواب، لكن الأكمل والأفضل أن يُباشر الذبح بنفسه، فإن لم يتيسر فيحضر الذبح، وإن لم يتيسر هذا ولا ذاك فلا بأس أن يُوكل مَن يذبح عنه من جمعيةٍ أو غيرها.
حكم الأضحية خارج بلد المضحي
مقدم البرنامج: في حالة التوكيل بالمرحلة الثالثة -توكيل الجمعية- الأفضل توكيل الجمعية -مثلًا- تذبح الأضاحي داخل نفس البلد الذي هو فيه، أو مفتوحٌ الموضوع؟
الشيخ: الأمر في هذا واسعٌ، لكن إذا لم يكن للإنسان إلا أضحيةٌ واحدةٌ فينبغي أن تكون في البلد؛ لإظهار هذه الشعيرة، أما إذا كان عنده عددٌ كثيرٌ من الأضاحي، وذبح جزءًا منها داخل البلد، وأراد أن تكون بقية الأضاحي في بلدٍ آخر يكون فيه فقراء فلا بأس بذلك، لكن المهم هو أن تظهر الشعيرة في البلد، بل الأفضل أن تظهر حتى في البيت، وأن يأكل منها، وأن يتصدق، وتبرز هذه الشعيرة في البيت، هذا هو الأكمل والأفضل.
أفضل الأعمال في العشر من ذي الحجة
مقدم البرنامج: أبو عائشة آل حمدان يسأل -يا شيخ سعد- عن الأفضل في هذه العشر: قراءة القرآن أم التكبير؟
الشيخ: النبي يقول: ما من أيامٍ العمل الصالح فيهنَّ أحبُّ إلى الله من هذه الأيام العشر [6]، وقد أطلق عليه الصلاة والسلام، ولم يَخُصَّ ذلك بعملٍ معينٍ، وهذا يشمل جميع الأعمال الصالحة، لكن الأفضل منها ما كان الأصلح لقلبه، فهذا هو القول المُرجح والمختار عند كثيرٍ من المُحققين من أهل العلم: أن الأفضل هو الأصلح لقلبه، فإذا كان الأصلح لقلبه تلاوة القرآن فإنه ينشغل بالتلاوة، وإذا كان الأصلح لقلبه التكبير فإنه يُكبر، وإذا كان الأصلح لقلبه الدعاء فإنه يدعو، وإذا كان الأصلح لقلبه صلاة النافلة فإنه يُصلي مثنى مثنى، فيختار ما هو الأصلح لقلبه، لكن التكبير متأكدٌ باعتبار أن وقته يفوت، وأنه شعيرةٌ، لكن إذا أتى بهذه الشعيرة وكبَّر، فأيّهما أفضل؟ ما الذي يعمله بعد ذلك؟ هل يستمر التكبير أو يختار عملًا آخر؟
نقول: اختر ما هو الأصلح لقلبك.
الأنساك في الحج وأفضلها
مقدم البرنامج: معنا نايف من الأحساء، تفضل.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل بسؤالك.
المتصل: جزاكم الله خيرًا، ونحمد الله أن بلَّغنا هذه المواسم الفضيلة، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الفائزين.
أحسن الله إليك شيخي، أريد أن أتأكد أو أن أسأل عن النُّسك الذي حجه النبي ، هل هو مُتمتعٌ أم قارنٌ؟ ولو فصَّلتَ لي أركان المُفرد أو واجبات المُفرد باختصارٍ، جزاكم الله خيرًا.
مقدم البرنامج: بارك الله فيك، وشكرًا لك يا نايف، وهو ربما سؤالٌ -يا شيخ سعد- ورد أيضًا من بعض المُستمعين في (تويتر) عن الأنساك وأفضلها.
الشيخ: أولًا: النُّسك الذي اختاره النبي هو القِرَان، قال الإمام أحمد: “لا يُشَكُّ أن رسول الله كان قارنًا” [7]، لكنه عليه الصلاة والسلام إنما اختار القِرَان؛ لأنه قد ساق الهدي، ومَن ساق الهدي يتعيَّن في حقِّه القِرَان، وأما مَن لم يَسُقِ الهدي فهو مُخيَّرٌ بين الأنساك الثلاثة: التَّمتع، والإفراد، والقِرَان.
معنى سوق الهدي يعني: يسوق الهدي من الحِلِّ إلى الحرم، كان الناس قديمًا يفعلون ذلك، أما في الوقت الحاضر فقد انقطع ذلك، لم يعد هناك سوقٌ للهدي.
مَن لم يَسُقِ الهدي مُخيَّرٌ بين: التمتع والإفراد والقِرَان، والأفضل هو التمتع، وهو النُّسك الذي قال عنه النبي : لو أني استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ لم أَسُقِ الهَدْي، وجعلتُها عمرةً [8] يعني: لكنتُ مُتمتعًا.
فالأكمل والأحسن هو التمتع، هو أفضل الأنساك، يليه في الأفضلية القِرَان، ويليه الإفراد.
معنى التمتع: أن يُحْرِم بالعمرة في أشهر الحج، ثم يُحْرِم بالحج من عامه، يعني: في ذلك العام.
ومعنى القِرَان: أن يُحْرِم بالعمرة والحج جميعًا.
ومعنى الإفراد: أن يُحْرِم بالحج فقط.
وأعمال المُفرد هي نفسها أعمال القارن، إلا أن القارن عليه هديٌ، والمُفرد ليس عليه هديٌ؛ ولذلك مَن يأتي لمكة في وقتٍ مبكرٍ نقول: الأفضل أن تختار نُسُك التمتع، وأن تأتي بعمرةٍ وتتحلل منها، ثم إذا أتى اليوم الثامن تُحْرِم بالحج، لكن مَن لم يأتِ إلا مُتأخرًا فإنه يكون إما قارِنًا، أو مُفردًا، والقِرَان أفضل.
مقدم البرنامج: جزاك الله خيرًا يا شيخ سعد.
حكم تأخير الحج لمن لديها أطفال صغار
هذا سؤالٌ من المُستمعة تقول: هل يجوز لها أن ترفض الحج رغم تيسره لها بسبب صِغَر أطفالها وعدم وجود مَن ينتبه إليهم في غيابها؟
الشيخ: ننصحها أن تُبادر إلى الحج، إذا كانت تقصد حجَّ الفريضة فننصحها أن تُبادر؛ لأن حجَّ الفريضة ركنٌ من أركان الإسلام، وفريضةٌ من فرائض الدين، والله تعالى يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران:97].
بالنسبة لأطفالها: بالإمكان أن تجعل أطفالها عند بعض أقاربها، عند والدتها، أو عند أخواتها، أو نحو ذلك، لكن لو لم يتيسر ذلك، وكان يلحقها الضرر لو حجَّتْ يعتبر هذا عُذرًا لها، لكن ينبغي أن تحرص غاية ما يمكن على أن تحج؛ لأن هذا العذر ربما يستمر أيضًا في السنوات المقبلة القريبة، فإذا كان لا يلحقها الضرر، ويمكن أن تُرتب أمورها بالنسبة لأطفالها، فينبغي لها المُبادرة، أما إذا كان يلحقها الضرر فيعتبر هذا عُذرًا لها.
حكم جمع نية صيام القضاء مع صيام التطوع
مقدم البرنامج: أم رنيم تسأل -يا شيخ سعد- عن جمع نية صيام القضاء مع نية صيام التطوع في عشر ذي الحجة.
الشيخ: لا بأس بذلك، لكن تكون النية للقضاء؛ ولذلك ننصح مَن كان عليه أيام قضاء من رمضان ولم يصمها أن يجعل صيامها في هذه الأيام العشر -في التسعة الأيام الأولى- وذلك لأنه أولًا: يُؤدي هذا الواجب عليه -وهو القضاء- وينال أيضًا فضل الصيام في هذه العشر المباركة؛ لأن المقصود هو أن يُشغل وقت نهار هذه الأيام العشر بعبادة الصوم، وهذا مُتحققٌ ولو كان ذلك قضاءً؛ ولذلك لا بأس بالجمع بين نية القضاء والتطوع، لكن تكون النية للقضاء، ويُؤجر على ذلك أجر التطوع أيضًا.
فلذلك ننصح الإخوة المستمعين، وبخاصةٍ الأخوات من النساء اللاتي عليهن أيامٌ من رمضان بأن يجعلن أيام القضاء هذه الأيام؛ حتى يجمعن بين الفضلين، وتُؤدي أولًا ما عليها من قضاءٍ.
ثانيًا: تنال بذلك فضل الصيام في هذه العشر المباركة.
حكم حج المتطوع في خدمة الحجيج
مقدم البرنامج: معنا المستمع نايف من جدة، تفضل بسؤالك بشكلٍ سريعٍ.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مقدم البرنامج: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: يا شيخ -الله يُعافيك- كان عندي استفسارٌ بخصوص المُتطوعين في حملات الحج؛ لأنهم تقريبًا يُؤدون مناسك الحج بأكمل وجهٍ بالتطوع فقط، فهل هذه تُحسب لهم -يا شيخ- حجةً أم لا؟
الشيخ: ما هو الإشكال عندك؟
المتصل: أنا أسأل الآن كمُتطوعٍ -يا شيخ- في حملة حجٍّ، وبتطوعي هذا سوف أُؤدي تقريبًا كامل مناسك الحج مع الحملة، فهل هذه تُحسب لي حجةً أم فقط كتطوعٍ؟
الشيخ: ماذا تقصد بتطوعك في الحملة؟ يعني: تُؤدي أعمالًا في الحملة؟
المتصل: نعم، أُؤدي أعمالًا في الحملة، وأُساعد الحجاج وأذهب معهم؛ لأن هذه السنة سوف يكون فيها حجاجٌ من ذوي الاحتياجات الخاصة، فتقريبًا نروح -يا شيخ- عندهم بالعربيات وكذا معهم، فهل تُحتسب لي كحجةٍ أم لا؟
مقدم البرنامج: يعني: ستقوم بكل أعمال الحج وأنت مع هذا الحاج؟
المتصل: نعم، نعم، ولكن بدون إحرامٍ يا شيخ، بالثوب، فهل تكون عليَّ كفارةٌ كما سمعتُ يا شيخ، بارك الله فيك؟
مقدم البرنامج: طيب، واضحٌ.
شكرًا لك يا نايف.
تفضل يا شيخ سعد.
الشيخ: نعم، نعم، تكون لك حجةً، بل إن هذا هو الذي ينبغي أن تفعله، كيف تأتي لهذه الأماكن المباركة وهذه المشاعر ولا تحج؟!
فأنت إذا حججتَ يُكتب لك أجر حجٍّ، خاصةً مَن لم يحج حجَّ فريضةٍ، فإن هذا مُتأكدٌ عليه.
وبالنسبة للبس الثوب: أولًا: إن كان يُمكنك أن تلبس ملابس الإحرام فهذا هو المطلوب، لكن إن لم يتيسر لك لبس ملابس الإحرام فتكون عليك فديةٌ، إذا لبستَ ثوبًا عليك فديةٌ، وإذا غطيتَ رأسك تكون عليك فديتان.
والفدية هي صيام ثلاثة أيامٍ، أو ذبح شاةٍ في الحرم، أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم.
مقدم البرنامج: لكن -يا شيخ سعد- هذا مُرتبطٌ أحيانًا بالعقد الذي بينه وبين الحملة، أحيانًا يمنعون عليه أن يكون حاجًّا.
الشيخ: إذا كانوا يمنعونه من ذلك، وبينهما عقدٌ، فهنا يلتزم بما طلبتْ منه الحملة، ويلتزم بمُوجب هذا العقد إلا إذا أذنوا له، أما إذا لم يأذنوا له فليس له ذلك.
خاتمة البرنامج
شكر الله لكم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، والأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الإمام، كنتَ معنا في هذه الحلقة مُستمعًا، مُجِيبًا، مُوجِّهًا للمستمعين والمستمعات، شكرًا لكم شيخ سعد.
الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.
مقدم البرنامج: لكم منا -أيها الكرام- أطيب التَّحايا مني ومن زملائي فريق العمل في هذا البرنامج:
من التنفيذ على الهواء: عيسى بن محمد الراقي.
ومن الإعلام الرقمي: بيحان بن محمد السبيعي.
ومن الإخراج: محمد بن سعيد الشمري.
وكنتُ معكم من التقديم: عبدالرحمن بن محمد الشايع.
نلقاكم في حلقة الغد، نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.