المقدم: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للخلق أجمعين نبينا محمدٍ، عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أيها الإخوة والأخوات مُستمعي ومُستمعات إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية، أسعد الله مساءكم وجميع أوقاتكم، وعمَّر أيامكم بطاعته، وأعاننا وإياكم على ذكره وشُكره وحُسن عبادته.
كما نسأله تعالى جلَّ في عليائه أن يتقبل منا الصيام والقيام والصالح من الأعمال والأقوال.
أهلًا بكم أيها الإخوة والأخوات في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم اليومي الرمضاني المباشر “فتاوى رمضان”.
باسمكم جميعًا مُستمعينا الأعزاء نُرحب بضيف هذه الحلقة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
حيَّاكم الله فضيلة الشيخ.
الشيخ: أهلًا، حيَّاكم الله، وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.
المقدم: حيَّاكم الله يا شيخ سعد، ونستأذنكم أن نبدأ بأسئلة المستمعين والمستمعات، وقد بعثوا جملةً من الأسئلة.
نبدأ من (تويتر): هذه إحدى الأخوات تقول: أولادي كبارٌ، عمرهم: ستة عشر، وتسعة عشر، وعشرين، ولكن يُتعبوني في الصلاة، فينامون ويجمعون فرضين وثلاثةً عندما يستيقظون، ولا يذهبون إلى المسجد إلا نادرًا، فهل عليَّ إثمٌ؛ لأني تعبتُ معهم جدًّا؟
وترجو من فضيلتكم الدعاء لأبنائها.
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه، ومَن اهتدى بهديه، واتَّبع سُنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يهدي أبناء الأخت السائلة ويهدي أبناء المسلمين للاستقامة على طاعته جلَّ وعلا.
هذه المشكلة التي تذكرها الأخت السائلة تشتكي منها كثيرٌ من الأُسَر، يشتكون من أن عندهم أبناء وبنات كبار، وأنهم يتساهلون في الصلاة، الرجال يتساهلون في صلاتهم مع الجماعة في المسجد، وربما -كما ذكرت الأخت السائلة- يتساهلون حتى في أدائها في وقتها.
وهكذا النساء يتساهلن في أداء الصلاة في وقتها، وهذا كله بسبب قِلة الاهتمام بهذه العبادة، وإلا فإن مَن اهتمَّ بشيءٍ فإنه يفعل من الأسباب ما يُعينه على تحقيق هذا الشيء؛ ولهذا تجد أن الأمور الدنيوية التي يهتم بها الإنسان لا يغيب عنها، ولا يتأخر عنها، ويُؤديها في وقتها، وربما يحتاط أيضًا فيأتي قبل الوقت المُحدد بسبب أن الاهتمام لديه كبيرٌ.
ذاك عندما تكون الصلاة هي آخر اهتمامات الإنسان فإنه سيجد ثِقَلًا وتكاسُلًا وتراخيًا، وتَؤَوُّلًا أيضًا؛ يتأول في جمع الصلاة مع الصلاة الأخرى بدون عذرٍ، وكما قال ربنا سبحانه: وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ [البقرة:45].
ولذلك ينبغي رفع مستوى الاهتمام بهذه العبادة، وأن يُغرس ذلك في نفوس الناشئة -في نفوس الأبناء والبنات- حتى يُعظموا هذه العبادة التي هي عمود دين الإسلام، والتي هي آكد أركانه بعد الشهادتين.
وننصح الأخت الكريمة بأن تصبر، والله تعالى يقول: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا [طه:132]، فقال: وَاصْطَبِرْ فإضافة الطاء للصبر فيه إشارةٌ إلى المبالغة في الصبر، وَاصْطَبِرْ أعظم في الدلالة على الصبر من “واصبر”، وهذا يدل على عظيم الصبر في ذلك؛ عظيم الصبر في إقامتها، وفي أيضًا أمر الأهل بها: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا.
ثم إن أمر الأهل بالصلاة ذكره الله تعالى من مناقب بعض الأنبياء، فذكره الله تعالى عن إسماعيل: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا [مريم:55]، فهو عملٌ صالحٌ ذكره الله تعالى من مناقب بعض الأنبياء والرسل.
ولذلك نقول للأخت الكريمة: اصبري واصطبري، وأبشري بالخير، فإنكِ على خيرٍ، وإذا أمرتِ أبناءك وبناتك بالصلاة برئتْ ذِمَّتك، حتى لو لم يستجيبوا لكِ، فأنت ذِمَّتك بريئةٌ، وبعد أمركِ لهم تقع المسؤولية عليهم، فـإِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ [الشورى:48]، ما دُمْتِ قد أبلغتيهم وأمرتيهم بالصلاة فقد برئت ذِمَّتك.
ولكن أيضًا ينبغي أن يتبع ذلك إذا لم يُؤدوا الصلاة في وقتها أن يتبع ذلك عتبٌ منكِ عليهم فيما بعد، وعدم رضًا، وأن تُبيني لهم أنكِ غير راضيةٍ عن فعلهم، وإذا اتَّقيتِ الله تعالى ما استطعتِ فذمتكِ بريئةٌ، لكن المهم ألا تتركي هذا الأمر؛ وهو تنبيههم وأمرهم بالصلاة، ومُناصحتهم، لا تتركي هذا الأمر، بل تأمرينهم في كل وقتٍ، فإن استجابوا فهذا هو المطلوب، وإن لم يستجيبوا تكوني قد أبرأتِ ذمَّتكِ أمام الله ، مع الدعاء لهم بالهداية، ادعي لهم بالهداية، فإن الدعاء للأولاد بالهداية أمرٌ عظيمٌ.
والهداية تنقسم إلى:
- هداية الدلالة والإرشاد، وهذه يملكها الآباء والأمهات مع أولادهم، ويملكها الأنبياء والمصلحون، وهي مذكورةٌ في قول الله تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52].
- القسم الثاني: هداية الإلهام والتوفيق، وهذه لا يملكها إلا الله تعالى وحده، وهي التي ذكرها في قوله: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ [القصص:56]، وهذه مطلوبٌ من الآباء والأمهات أن يسألوا الله تعالى لأولادهم هذا النوع من الهداية: هداية الإلهام والتوفيق.
المقدم: أحسن الله إليكم، وجزاكم خيرًا.
معنا أيضًا أول المتصلين في هذه الحلقة: أبو محمد من الرياض.
تفضل يا أبا محمد.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يا شيخ.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل.
السائل: في سؤالين يا شيخ:
السؤال الأول: إذا كان الإنسان أو الموظف يروح مهمةً لجدة، ولا يدري عن آلية العمل، وحصلت له فرصةٌ أن يروح ويأخذ له عمرةً، فهل ينزل إلى الطائف ليُحرم، أو من جدة يُحرم؟
الشيخ: لكن ما جزم بنية العمرة من الرياض.
السائل: لا، ما جزمتُ بنية العمرة.
الشيخ: نعم، واضحٌ، يعني تقول: على حسب الظروف، إن تيسرت الأمور اعتمرتُ.
السائل: صحيحٌ يا شيخ.
السؤال الثاني -الله يُعافيك- بخصوص الأسهم إذا كان فيها الربح، وإذا كانت فيها الخسارة، هل فيها مشكلةٌ؟ وهل فيها زكاةٌ؟
الشيخ: لكن هل أنت مُضاربٌ أو مُستثمرٌ؟ تبيع وتشتري فيها أو تركتها؟
السائل: لا، فقط أخذتُ مبلغًا ووضعتُه في سهمٍ معينٍ وتركتُه.
الشيخ: كم مضى عليه؟
السائل: تقريبًا سيُكمل السنة …
المقدم: حيَّاك الله، تسمع الإجابة يا أبا محمد.
السؤال الأول: لم يُحرم من بيته للعمرة، وهو من الرياض، ولم يجزم أيضًا بنية العمرة، فماذا يفعل؟ وهو الآن في جدة وينوي العمرة.
الشيخ: نعم، ما دام أنه لم يجزم بنية العمرة من بلده، وأتى إلى جدة لعملٍ، ثم جزم بنية العمرة من جدة، فإنه يُحرم من جدة، ولا يلزمه الذهاب للميقات؛ لأنه لما مرَّ بالميقات لم يكن جازمًا بنية العمرة، وعلى هذا فيُحرم من سكنه في جدة، والحمد لله.
المقدم: أحسن الله إليكم.
السؤال الثاني عن الأسهم التي فيها الربح والخسارة، يقول: هل فيها زكاة؟ المُضاربة …
الشيخ: هذه الأسهم التي ذكرها الأخ السائل لا زكاة فيها باعتبار أن الشركات تُزكيها، والشركات المساهمة عندنا في المملكة العربية السعودية تدفع الزكاة لمصلحة الزكاة والدخل، وعلى ذلك: مَن كان مُستثمرًا تكفي زكاة هذه الشركات عنه، والمال لا يُزكَّى مرتين، فمَن كان مُستثمرًا تكفي زكاة الشركات.
أما مَن كان مُضاربًا -يبيع ويشتري في الأسهم- فهذا يلزمه أن يُزكي، بغَضِّ النظر عن زكاة الشركة.
والفرق بين المُستثمر والمُضارب: أن المُستثمر هو الذي تملَّك أسهمًا: إما اشتراها وتركها، أو اكتَتَبَ فيها وتركها، أو وُهبتْ له -مثلًا- وتركها، ونحو ذلك.
المهم أنه تملَّك أسهمًا وتركها، لا يبيع ولا يشتري فيها، فهذه تكفي زكاة الشركة عنه، ولا يلزمه أن يُزكي.
أما المُضارب -أي: المُتاجر الذي يبيع ويشتري في الأسهم- فهذه الأسهم قد أصبحتْ في حقِّه عروض تجارةٍ، وعلى هذا فينظر للقيمة السوقية للمحفظة عند تمام الحول الهجري القمري، يعني مثلًا: لو دخل في المُتاجرة بالأسهم في واحد رجب، فإذا مرَّت على ذلك سنةٌ، وأتى واحد رجب من العام الذي بعده، ينظر للقيمة السوقية للمحفظة، ويُخرج ربع العُشْر: 2.5%.
فعلى هذا نقول: المُستثمر لا زكاة عليه باعتبار أن الشركة تُزكي، والمُضارب -المُتاجر- عليه أن يُزكي.
والأخ السائل من واقع سؤاله ذكر أنه مُستثمرٌ، وليس مُضاربًا، وعلى ذلك نقول للأخ السائل الكريم: لا زكاة عليك.
المقدم: أحسن الله إليكم.
هذه إحدى الأخوات تقول: أنا حاملٌ لي شهران وأسبوع، وقدر الله أن الحمل لا يتم، وذهبتُ للمستشفى، وعُملتْ لي عملية تنظيفٍ بعد الإجهاض.
فتسأل عن الصلاة والصيام: هل تصوم وتُصلي؟ وماذا تفعل؟
الشيخ: ما دام أن مدة الحمل شهران وأسبوع -يعني: ما يُقارب سبعةً وستين يومًا- فمعنى ذلك: أن هذا الحمل لم يتخلَّق -لم يظهر فيه خلق إنسانٍ- وعلى هذا يكون الدم الخارج هو دم فسادٍ، وليس بدم نفاسٍ؛ فتصوم معه وتُصلي.
المقدم: أحسن الله إليكم.
سؤالها الثاني عن سحب الدم في نهار رمضان: هل يُفطِّر؟
الشيخ: سحب الدم إذا كان يسيرًا -مثل: الدم الذي يُسحب لأجل تحليل السكر- فهذا لا يُؤثر على الصيام، فالصيام معه صحيحٌ.
أما إذا كان الدم الذي يُسحب كثيرًا عُرْفًا -في معنى دم الحجامة- فإنه يُفسد الصوم قياسًا على الحجامة، فإن الحجامة تُفسد الصوم.
والنبي لما مرَّ بحاجمٍ يحجم آخر قال: أفطر الحاجم والمحجوم [1]، وهذا الحديث حديثٌ صحيحٌ، رُوي عن عددٍ من الصحابة، قيل: إنه رُوي عن ثمانيةٍ وعشرين من الصحابة، وصححه بعض الأئمة: كالإمام أحمد، وابن المديني، وغيرهما، وهو حديثٌ صحيحٌ.
ولذلك فالحجامة تُفطِّر الصائم على القول الراجح، وهو المذهب عند الحنابلة، واختيار جمعٍ من المُحققين من أهل العلم.
وفي معنى دم الحجامة: الدم المسحوب إذا كان كثيرًا، كأن يكون -مثلًا- أربعة براويز -يعني- أو خمسة براويز، يعني: أربعة أنابيب، أو خمسة أنابيب، فهذا في معنى دم الحجامة.
لكن لو كان الدم يسيرًا، مثل: دمٍ يُستخرج لأجل تحليل السكر، ونحو ذلك، أو يكون في حدود -مثلًا- نصف أنبوبٍ، أو نحو ذلك، فهذا لا يُفسد الصوم.
فإذا كان الدم المسحوب كثيرًا عُرْفًا فإنه يُفسد الصوم، وإذا كان يسيرًا فإنه لا يُفسد الصوم.
لكن إذا احتاج الإنسان لسحب الدم الكثير بسبب حالته الصحية، ولكون المستشفيات لا تُحلل ولا تسحب الدم إلا في النهار، فيجوز له أن يفعل ذلك، ويقضي هذا اليوم بعد رمضان.
المقدم: أحسن الله إليكم، وجزاكم خيرًا.
معنا عبر الهاتف من الأحساء أبو عبدالرحمن.
تفضل يا أبا عبدالرحمن.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.
السائل: عندي ثلاثة أسئلةٍ فضيلة الشيخ:
السؤال الأول: أنا والدي مُتوفًّى، ولي أخٌ يدرس في الجامعة، وأنا مُتكفلٌ بمصاريفه الدراسية تمامًا، أما بالنسبة لمصاريفه الشخصية فهو -يعني- يحصل عليها من بعض العمل الذي يشتغله، أو بعض إيجار الشقق التي عندنا.
لكن إذا لم تُكمل الفلوس معه يحتاج إلى فلوسٍ ثانيةٍ، ويُكلمني وأنا أُرسل له، فهل أُعطيه من زكاة المال، أو ما ينفع أن أُعطيه من زكاة المال؟
السؤال الثاني: إن شاء الله أنا نويتُ أن أُسافر، وسيكون في نهار رمضان على الطائرة، لكن السفر طويلٌ، وفي هذا اليوم سأُفطر، فهل آكل وأشرب في أي وقتٍ -يعني- أو لا بد أن آكل وأشرب عند الحاجة فقط؟
الشيخ: لكن مسافة السفر كم؟
السائل: لا، أنا سأُسافر بالطائرة، يعني: (ترنزيت) في دولةٍ، وبعد ذلك سأُسافر إلى دولةٍ ثانيةٍ، يعني: بالطائرة حوالي ثمانِ ساعات، وبعد ذلك سأنزل في دولةٍ ثانيةٍ، وآخذ طائرةً ثالثةً بعدها.
الشيخ: واضحٌ، نعم.
المقدم: السؤال الثالث.
السائل: البلد التي سأُسافر إليها تتبع مذهب الإمام أبي حنيفة، فهم في الصلاة يتساوون مع الإمام في تكبيرة الإحرام، والسجود، والركوع، فهم يُساووه بالضبط، يعني: لا يتأخرون عن الإمام في التكبيرات والتسليم والسجود والركوع، فهل أعمل مثلهم في الصلاة، أو أتأخر عن الإمام؟
وجزاكم الله خيرًا.
المقدم: اللهم آمين وإياك.
شكرًا لك يا أبا عبدالرحمن من الأحساء.
كان سؤاله الأول يا شيخ سعد يقول: والدي مُتوفًّى، وتكفلتُ ببعض مصاريف أخي، خاصةً المصاريف الدراسية. فيسأل إن كان بإمكانه أن يُعطي أخاه من الزكاة.
الشيخ: هذا الأخ أنت ترثه لو مات، لو قدر وفاته، والله تعالى يقول: وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة:233]، وعلى ذلك فأنت مُلزمٌ بنفقته؛ لكونك وارثًا له، فالوالد مُتوفًّى، وليس له أولادٌ، فأنت الوارث له، فأنت مُلزمٌ بنفقته؛ بجميع مصاريفه الشخصية، وما يحتاج إليه تُنفق عليه من حُرِّ مالك، وليس من الزكاة، إلا في حالةٍ واحدةٍ، وهي: في تسديد الديون التي عليه.
إذا كانت عليه ديونٌ وعجز عن سدادها، فيجوز لك أن تُسدد عنه هذه الديون من الزكاة، أما غير الديون فيلزمك أن تُنفق عليه من حُرِّ مالك، وليس من الزكاة.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.
السؤال الثاني: عمَّن أفطر في السفر، هل له أن يأكل كيفما يشاء، أم فقط عند الحاجة؟
الشيخ: مَن أفطر في السفر يأكل كيفما يشاء، ويشرب كيفما يشاء، ولا يتقيد ذلك بالحاجة، فما دام أنه قد أفطر ونقض الصوم بالفطر، فإنه يأكل ما يريد، ويشرب ما يريد، فهو مُفطرٌ الآن، ولا يُعتبر صائمًا، حكمه حكم المُفطرين.
المقدم: أحسن الله إليكم.
سؤاله الثالث يقول: سيذهب إلى بلدٍ أهله على مذهب أبي حنيفة في مُتابعة الإمام أثناء الصلاة، فماذا يفعل؟
الشيخ: يحرص على تطبيق السنة، ولا يتقيد بمذهبٍ معينٍ، فإن الله يقول: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [القصص:65]، ولا يسأله: ماذا أجبتَ أبا حنيفة، أو مالكًا، أو الشافعي، أو أحمد؟
لكن ينطلق من آراء العلماء، إذا لم يكن طالب علمٍ ينطلق من آراء العلماء في ذلك، والسنة قد دلَّت على وجوب مُتابعة المأموم للإمام، فالنبي يقول: إنما جُعل الإمام ليُؤتمَّ به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبَّر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع، وإذا رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا [2].
فأمر النبي بمُتابعة الإمام، فلا تجوز مُسابقته، ولا التَّأخر عنه أيضًا تأخرًا بحيث يكون مُتخلفًا عنه، ولا أيضًا مُوافقته، وإنما المطلوب هو المُتابعة: إذا كبَّر يُكبر المأموم بعده، وإذا ركع يركع بعده، وإذا سجد يسجد بعده، هذه هي السُّنة.
والأخ السائل الكريم عليه أن يحرص على تطبيق السنة، فإذا كان أهل البلد عندهم مُخالفاتٌ في هذا فلا يتبع أهل البلد، وإنما يفعل ما يعتقده ويدين الله به، وأن هذا هو شرع الله، وأن هذه هي سُنة رسول الله ، بغَضِّ النظر عما يفعله الناس في البلد الذي سيُسافر إليه.
المقدم: أحسن الله إليكم.
معنا أيضًا عبر الهاتف أم أحمد من جدة.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي.
السائلة: الله يُسعدك يا شيخ، أنا نويتُ وطالعةٌ الآن القطار ذاهبةٌ للعمرة، فأنا عيوني تعبانة، فما أقدر أن أرمي الطرحة على وجهي، فلبستُ نقابًا، فما كفارة النقاب أو الكمامة؟
الشيخ: يعني: لبستِ النقاب للحاجة؟
السائلة: نعم للحاجة، يعني: أنا عندي مرضٌ في عيوني؛ فصعب أني أرمي الطرحة، فما أرى.
المقدم: نعم، السؤال الثاني.
السائلة: السؤال الثاني: نويتُ العمرة لي ولأبي، فكيف آخذ العمرة لأبي؟ بعدما أخلص أنا، أو كيف الطريقة؟
المقدم: طيب، تسمعين الإجابة يا أم أحمد، شكرًا لكِ.
سؤالها الأول يا شيخ سعد عمَّن اضطرت للنقاب للحاجة في العمرة.
الشيخ: لا بأس أن تلبسي النقاب ما دُمْتِ مُحتاجةً لذلك بسبب الظرف الصحي الذي ذكرتِ، وحاجتكِ للبس النقاب، ولكن عليكِ أن تدفعي فديةً، والنبي لما احتاج كعبُ بن عُجرة إلى حلق شعر رأسه وهو مُحرمٌ رخَّص له، وأمره بدفع الفدية [3]، فلم يُعفِه من الفدية، وأنزل الله في ذلك قوله: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [البقرة:196].
وعلى هذا: مَن احتاج لفعل محظورٍ من محظورات الإحرام فإنه يفعله ويدفع الفدية.
والفدية على التَّخيير: إما ذبح شاةٍ في الحرم، وتُوزع على فقراء الحرم، أو صيام ثلاثة أيامٍ في أي مكانٍ، أو إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم.
وأيسرها في وقتنا الحاضر هو: إطعام ستة مساكين، فيُمكن للأخت الكريمة إذا وصلتْ إلى مكة أن تطلب ستَّ وجبات أرزٍ مع لحمٍ -مثلًا- وتُوزعها على ستةٍ من المساكين في الحرم، وتبرأ بذلك ذِمَّتها إن شاء الله.
المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.
أيضًا تقول: نويتُ العمرة لي، وأيضًا تنوي أن تقوم بعمرةٍ لأبيها، فكيف تفعل؟ هل بإمكانها أن تجمع بين النيتين في عمرةٍ واحدةٍ، أم ماذا تفعل؟
الشيخ: لا يصح الجمع بين النيتين في عمرةٍ واحدةٍ، وإنما تعتمر عن نفسها أولًا، ثم إذا أرادتْ أن تعتمر عن أبيها ترجع للحِلِّ -يعني: خارج حدود الحرم- وأقربه التَّنعيم عند مسجد عائشة، تذهب إلى هناك عند مسجد عائشة، وتُحرم عن أبيها بعمرةٍ أخرى.
المقدم: أحسن الله إليكم.
أيضًا من أسئلة المُستمعين في (تويتر).
وأنتم أيها الإخوة والأخوات تستمعون إلى برنامج “فتاوى رمضان” عبر أثير إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية.
هذه إحدى الأخوات تقول: إن ابنتها أثناء الصلاة تقوم بالصعود على ظهرها ونحو ذلك، واللعب بجوار والدتها.
تقول: هذا أحيانًا يشغلني في أثناء الصلاة، فهل عليَّ شيءٌ؟
الشيخ: ليس عليها شيءٌ، وهذا قد فعله -يعني- بعض الصبيان مع النبي وهو يُصلي بالناس صلاة الفريضة، وفعله الحسن والحسين، وقال عليه الصلاة والسلام: إن ابني ارتحلني [4]، بل أطال عليه الصلاة والسلام السجود لأجل هذا الطفل، وهذا يدل على أن الأمر فيه سعةٌ، وينبغي عدم التَّحسس من ذلك، وهؤلاء أطفال ينبغي التَّرفق بهم.
ونقول للأخت الكريمة: صلاتكِ صحيحةٌ، وهذه الأمور التي تحصل من الأطفال أمورٌ معتادةٌ، بل حصلت للنبي .
المقدم: أحسن الله إليكم.
أيضًا هذا أحد الإخوة في “تويتر” يقول: إن أحد الأطفال كان يلعب في المسجد، فأوشك أن يُسقط بعض المصاحف.
يقول: فمددتُ يدي لأُمسك المصحف، أو تقدمتُ إليه وأنزلته، فهل هناك إشكاليةٌ في صلاتي، أم أنها صحيحةٌ؟
الشيخ: لا، صلاته صحيحةٌ؛ لأن هذه الحركة حركةٌ لحاجةٍ، والحركة إذا كانت لحاجةٍ لا تُؤثر على صحة الصلاة، والنبي كان في صلاة العصر يحمل حفيدته أمامة بنت أبي العاص، فإذا قام حملها، وإذا سجد وضعها [5]، وكان في صلاة الفريضة.
وأيضًا فتح الباب لعائشة [6]، لكن هذا في صلاة نافلةٍ، وفي صلاة الكسوف تقدم وتقدمت الصفوف، وتأخر وتأخرت الصفوف [7]، إلى غير ذلك مما ورد.
فمثل هذه الحركة التي تكون لحاجةٍ لا بأس بها، والأمر فيها واسعٌ، إنما الحركة الممنوعة هي الحركة الكثيرة المُتوالية لغير حاجةٍ، فهذه هي التي يُمنع منها المُصلي، أما الحركة التي تكون لحاجةٍ فهذه لا بأس بها، فما فعلتَه لا يُؤثر على صحة صلاتك.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.
معنا فهد من الرياض.
تفضل يا فهد.
السائل: السلام عليكم يا شيخ.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: الله يكتب أجركم، وبارك الله فيكم، يا شيخ، لدي سؤالٌ: توجد لدي أرضٌ لحفظ المال، هل عليها زكاةٌ؟
الشيخ: لكن ماذا تريد بحفظ المال؟ هل تريد أنك فيما بعد تبيعها بربحٍ وسعرٍ أعلى؟
السائل: لا، لا، ليس للتجارة، إنما من أجل ألا أصرف هذا المال، شيءٌ -يعني- يحفظ المال فقط، هذا المقصد.
الشيخ: يعني: ليس قصدك التَّربح بهذه الأرض، وإنما قصدك أن المال إذا كان سيولةً يذهب سريعًا، فتريد أن تضعه في أرضٍ؟
السائل: نعم، صحيحٌ.
الشيخ: نعم.
المقدم: السؤال الثاني يا فهد.
السائل: بارك الله فيكم.
المقدم: يُعطيك العافية يا فهد.
تفضل يا شيخ سعد.
الشيخ: هذه الأرض لا زكاةَ فيها باعتبار أن الأخ الكريم لا يريد التَّربح بهذه الأرض، وإنما أراد أن تحفظ ماله باعتبار أن بعض الناس إذا كانت في يده سيولةٌ فإن المال يذهب سريعًا، لكن إذا وضعه في أرضٍ ونحوها يبقى.
أما لو أراد مَن يحفظ ماله بذلك التَّربح وارتفاع أسعار الأراضي، فهذه تُزكَّى، فحكمها حكم عروض التجارة، لكن لو لم يُرد بحفظ ماله التَّربح، وإنما أراد بذلك أن يحفظ المال، ولا يتصرف فيه بسرعةٍ، فهذا لا زكاةَ فيه.
على هذا نقول للأخ الكريم: ما دام أن الواقع كما ذكرتَ من أن نيتك أنك لا تريد التَّربح بهذه الأرض، ولا التَّربص بها بارتفاع أسعارها، وإنما أردتَ بذلك مجرد حفظ المال، حتى لا يذهب المال منك سريعًا، فلا زكاةَ عليك في هذه الأرض.
المقدم: جزاكم الله خيرًا.
معنا أيضًا عبر الهاتف حامد من الرياض.
تفضل يا حامد.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حيَّاك الله يا حامد، تفضل.
السائل: الله يُحييك.
شيخنا، سؤالي: دخلتُ في سهمٍ استثماريٍّ لفترةٍ من السنوات، وكنتُ أُضيف له -خاصةً السنة الأخيرة- بعض المبالغ إلى قبل رمضان تقريبًا، وبعتُ كل الأسهم التي فيه، والزملاء يقولون: إن الزكاة تجب إذا استمرت الفلوس إلى سنةٍ وأكثر، فأريد أن أتأكد من هذا الموضوع.
الشيخ: بقي السهم عندك كم؟
السائل: والله طبعًا بدأتُ مع بداية سهم (أرامكو)، بدأتُ لما كان نزل، وبعد ذلك أضفتُ له مبلغًا إلى قبل رمضان.
الشيخ: يعني: مضى عليه أكثر من سنةٍ؟
السائل: نعم.
المقدم: تسمع الإجابة يا حامد، عندك سؤالٌ ثانٍ؟
السائل: شكرًا.
المقدم: شكرًا لك، طيب، تفضل يا شيخ سعد.
الشيخ: لا زكاةَ عليك في أسهم هذه الشركة باعتبار أنك مُستثمرٌ، ولستَ مُضاربًا؛ ولذلك بقي هذا السهم عندك مدةً طويلةً تزيد على سنةٍ، والشركات عندنا في المملكة تدفع الزكاة لمصلحة الزكاة والدخل، فعلى هذا تكون الشركة قد زَكَّتْ عنك، وليس عليك زكاةٌ.
المقدم: أحسن الله إليكم.
أحد الإخوة في (تويتر) يقول: بحثتُ عن حكم الذهب الأبيض وزكاته فلم أجد إجابةً، فيا ليت تُفتونا عن زكاة الذهب الأبيض، هل تُقاس بالذهب المعروف، أم ليس عليه زكاةٌ؟
الشيخ: نعم، الذهب الأبيض على قسمين:
- القسم الأول: أن يُراد به البلاتين، ولا يُراد به الذهب نفسه المعروف، فهذا لا زكاةَ فيه إلا إذا أعدَّه للتجارة يُزكَّى زكاة عروض التجارة.
- القسم الثاني: أن يُراد به الذهب الأصفر المعروف، لكنه يُطلى بطلاءٍ أبيض، فهذا حكمه حكم زكاة الذهب، وزكاة الذهب إذا كان مُعدًّا للتجارة ففيه الزكاة، أما ما كان مُعدًّا للاستعمال واللبس والزينة، فهذا محل خلافٍ بين الفقهاء، والقول الراجح أنه لا زكاةَ فيه، كما هو قول جماهير أهل العلم.
المقدم: أحسن الله إليكم.
معنا محمد من الرياض.
تفضل يا محمد.
السائل: السلام عليكم يا شيخ.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل.
السائل: الله يُعافيك، أنا مرةً كنتُ في سفرٍ، وكانت هناك جماعةٌ أقامت صلاة العصر، فدخلتُ معهم صلاة العصر، فكان هناك واحدٌ إلى جانبي يبدو لي أنه كان مُتقدمًا، فكمَّل الصلاة؛ الإمام كمَّل الرابعة وسلَّم، وهو قام مباشرةً، يعني: ما جلس للتشهد مع الجمهور، قام هو وكمَّل الصلاة الباقية له، أو الركعة التي نقصتْ له، فهل صلاته صحيحةٌ؟
الشيخ: يعني: هو دخل مع الإمام؟
السائل: هو المفروض أنه يُصلي -يعني- ثلاث ركعاتٍ، فهو قام مباشرةً، يعني: الإمام جلس للتَّشهد، وأنا على حسب علمي -يعني- أن هذا التَّصرف كان خطأً، فيُفترض أنه كان ينتظر مع التَّشهد، وبعدما يُسلم الإمام يقوم هو ويُكمل، لكنه قام مباشرةً لما وصل إلى الرابعة وكمَّل.
الشيخ: والفائت تركه؟
السائل: الفائت تركه.
الشيخ: نعم، لما جلس الإمام للتشهد قام وأتى بركعةٍ.
السائل: بالضبط، الإمام جلس للتشهد، وهو قام مُباشرةً وكمَّل الرابعة.
الشيخ: نعم، واضحٌ.
المقدم: السؤال الثاني يا محمد.
السائل: السؤال الثاني يا شيخ: بالنسبة للصيام، أحيانًا -يعني- تصير مُداعبةٌ مع الزوجة … إلى آخره، ولكن في بعض الأحيان يكون هناك مَذْيٌ، يعني: أنت تشعر أن هناك مَذْيًا، لكن ما وصلتَ إلى مرحلة الإنزال -يعني-، فهل هذا يُعتبر -مثلًا- إفطارًا؟ وهذا يصير في صيام النافلة أيضًا.
المقدم: واضحٌ السؤال يا محمد.
السائل: الله يجزيكم الخير.
المقدم: الله يُعطيك العافية، وشكرًا لك يا محمد.
سؤاله الأول: يسأل عمَّن لم يُكمل مع الإمام التشهد، وإنما قام ليُكمل الصلاة مُنفردًا عن الإمام.
الشيخ: هذا التصرف خطأٌ من هذا الذي حصل منه، والواجب عليه المتابعة، فالنبي يقول: إنما جُعل الإمام ليُؤْتَمَّ به، فلا تختلفوا عليه [8]، فكان الواجب عليه أن يُتابع الإمام حتى يُسلم الإمام، فإذا سلَّم قام وقضى ما فاته، أما أنه مباشرةً يقوم ويقضي ما فاته، والإمام لا يزال في التشهد، فهذا التصرف يُعتبر خطأً منه.
المقدم: أحسن الله إليكم.
سؤاله الثاني عن خروج المذي أثناء الصيام.
الشيخ: خروج المذي من الصائم هل يُفسد الصوم؟
هذا محل خلافٍ بين الفقهاء؛ فمنهم مَن ذهب إلى أنه يُفسد الصوم، وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة.
والقول الثاني: أنه لا يُفسد الصوم، وهذا هو القول الراجح، واختاره جمعٌ من المحققين من أهل العلم: كابن تيمية، وابن القيم، ومن مشايخنا: شيخنا عبدالعزيز بن باز، وشيخنا محمد بن عثيمين، رحمة الله تعالى على الجميع.
فالقول الراجح أن المذي لا يُفسد الصوم؛ وذلك لأن الأصل صحة الصوم، وليس هناك دليلٌ ظاهرٌ يدل على أن المذي يُفسد الصوم، ولا يصح قياسه على المني، ولا يُعتبر شهوةً تُوضع؛ ولذلك يخرج من الإنسان بغير اختياره، وبغير شعوره أيضًا أحيانًا، وإنما يكون هو أثرًا للشهوة.
وعلى ذلك نقول: إن خروج المذي -بالذال- لا يُفسد الصيام على القول الراجح، لكن مع ذلك ينبغي للصائم أثناء صيامه أن يبتعد عن المُداعبة ونحوها؛ لأنه ربما لا يملك إِرْبَه، فيقع في المحظور الشرعي.
والنبي كان أحيانًا تحصل منه القُبْلة ونحوها، لكن كان كما تقول عائشة رضي الله عنها: كان أَمْلَكَكم لإِرْبِه [9].
المقدم: أحسن الله إليكم.
المتصل الأخير معنا في هذه الحلقة سارة من الرياض.
تفضلي يا سارة.
سارة معنا؟
تفضلي يا سارة.
طيب، يبدو أننا فقدنا الاتصال بسارة، فنتَّجه إلى أسئلة المستمعين في (تويتر).
هذه إحدى الأخوات تقول: عندي العادة سبعة أيامٍ منتظمة، وبعد إزالة (اللولب) تأخرت الدورة عن موعدها أسبوعًا، ثم نزلتْ، واعتبرتُها دورةً، واغتسلتُ بعد سبعة أيامٍ، وصليتُ مع وجود دمٍ، فاعتبرتُها استحاضةً، وأقبل رمضان مع وجود الدم، علمًا بأنني صمتُ وصليتُ، فما حكم صلاتي وصيامي؟
الشيخ: الأخت الكريمة اضطربتْ عندها الدورة الشهرية بسبب تركيب (اللولب)، وأصبح الدم يأتيها تارةً، وينقطع تارةً، والدورة أحيانًا تتأخر، وأحيانًا تتقدم؛ ولذلك ننصحها بأن تذهب للطبيبة المُختصة، فإن الأطباء المُختصين يُميزون بين دم الحيض وغيره مع هذا الاضطراب.
والأصل أن ما تراه المرأة من الدم إذا كان على صفة دم الحيض أنه دم حيضٍ، والله تعالى يقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222]، فالأصل أن المرأة إذا رأت هذا الأذى أنه يأخذ أحكام الحيض، هذا هو الأصل، لكن إذا استمرَّ هذا الدم، فأكثر مدة الحيض عند جماهير الفقهاء خمسة عشر يومًا، وبعد خمسة عشر يومًا لا يُعتبر حيضًا، وإنما يُعتبر دم فسادٍ.
لكن هذه التفاصيل التي ذكرتْها الأخت السائلة ننصحها بأن تذهب للطبيبة المُختصة؛ حتى تُبين لها دم الحيض من غيره، فما كان دم حيضٍ تعتبره حيضًا، وما لم يكن دم حيضٍ، وإنما لأسبابٍ أخرى، ولا يأخذ صفات دم الحيض، فإنه لا يُعتبر حيضًا.
المقدم: شكر الله لكم، وأحسن إليكم صاحب الفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجزاكم الله خيرًا.
الشيخ: آمين وإياكم، وشكر الله لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: حيَّاكم الله، في أمان الله أيها الإخوة والأخوات نحن وإياكم في ختام هذه الحلقة المباركة من برنامجكم اليومي المباشر الرمضاني “فتاوى رمضان”، نودعكم على أمل اللقاء بكم في حلقةٍ قادمةٍ بإذن الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحاشية السفلية
^1 | رواه أحمد: 22382، وأبو داود: 2367. |
---|---|
^2 | رواه البخاري: 722، 733، ومسلم: 411 دون قوله: ولا تركعوا حتى يركع، وقد روى هذه الزيادة أبو داود: 603. |
^3 | رواه البخاري: 1814، ومسلم: 1201. |
^4 | رواه النسائي: 1141، والبيهقي في “السنن الكبرى”: 3423. |
^5 | رواه البخاري: 516، ومسلم: 543. |
^6 | رواه أبو داود: 922، والترمذي: 601. |
^7 | رواه مسلم: 904. |
^8 | سبق تخريجه. |
^9 | رواه البخاري: 1927، ومسلم: 1106. |