المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلاة وسلامًا على النبي الأمين، وآله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بكم أحبتنا الكرام إلى حلقة جديدة من برنامجكم المباشر: (فتاوى رمضان)، ضيف حلقتنا هو فضيلة الشيخ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء.
السلام عليكم شيخ سعد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياكم الله، وحيا الله المستمعين.
المقدم: حياكم الله فضيلة الشيخ والمستمعين الكرام، ومع أولى الأسئلة التي وصلتنا من الإخوة الكرام، هذا أحد الإخوة يسأل وهو إسماعيل من الأحساء يقول: رجل يقوم بجمع التبرعات من الزكوات لجمعية خيرية للفقراء والمساكين؛ هل يجوز تخصيص نسبة يأخذها مقابل أتعابه؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فتخصيص نسبة من الزكاة هذا لا يجوز؛ لأنه إنما يعمل وكيلًا بهذه الجمعية الخيرية، ولا يعتبر من العاملين عليها؛ لأن العاملين عليها لا بد أن تكون لهم ولاية من الإمام، وهم الذين يبعثهم الإمام لجباية الزكوات من أرباب الأموال، للإمام أن يأذن لهم في أن يأخذوا جزءًا من الزكاة باعتبارهم من العاملين عليها، وأما الصورة المذكورة في السؤال فلا ينطبق عليها وصف العاملين عليها، وإنما هذا وكيل عن هذه الجمعية الخيرية في تحصيل الزكوات.
وعلى هذا فلا يجوز أن يشترط نسبة من الزكوات تدفع له نظير تحصيله لهذه الزكوات، ولكن المخرج في هذا هو أن الجمعية الخيرية تعطيه أجرة المثل من غير الزكاة، تعطيه من بند المصاريف الإدارية ونحوها مقابل أتعابه، ولا يجوز أيضًا أن تعطيه أكثر من أتعابه؛ لأن القائمين على الجمعية الخيرية مؤتمنون على أموال المسلمين، فهم كولي اليتيم، والله يقول: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الأنعام:152]، فلا يجوز له إذن أن يأخذ إلا أجرة المثل، ومن غير الزكاة.
وبهذه المناسبة أنصح وأوصي القائمين على المؤسسات الخيرية عمومًا بأن يتقوا الله ، وأن يتفقهوا في مسائل وأحكام هذا الباب، فقد بلغنا أن هناك من يحصل لهذه الجمعيات تبرعات من المحسنين، ويشترط أخذ نسبة كبيرة من هذا المال المتبرع به، فإذا كان المتبرع يعلم بهذه النسبة ورضي فلا بأس إذا كان من غير الزكاة، أما إذا كان لا يعلم بذلك فلا يجوز أن يقتطع نسبه من هذا المبلغ بغير علم المتبرع له.
أرأيت لو أن شخصًا لبس لباس المحتسب الوسيط الناصح، وأتى لهذا المحسن، وطلب منه مليون ريال لجمعية خيرية مثلًا؟ ثم لما أخذ هذا المليون سلم تسعمائة ألف للجمعية الخيرية، وأخذ مائة ألف ريال في جيبه باعتبار أنها مقابل هذه؟ هل يرضى المتبرع بهذا العمل؟ الغالب أنه لا يرضى؛ لأن هذا الوسيط قد لبس لباس المحتسب، ولا يرضى بأن يقتطع هذا المبلغ الكبير، ولكن المخرج هو أن هذا الوسيط يعطى من المصروفات الإدارية لهذه المؤسسة المالية، وأيضًا لا يجوز أن يعطى أكثر من أجرة المثل لا يعطى إلا مقابل أجرة المثل فقط، ولا يزيد على ذلك.
المقدم: نعم، أحسن الله إليكم سواء كان من الموظفين لديهم أو حتى من المتعاونين.
الشيخ: المهم أن القائمين على هذه المؤسسات المالية يتعاملون كتعامل ولي اليتيم: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، والإنسان لا يكون كريمًا من مال غيره، إنما يكون كريمًا من ماله، أما باسم المصلحة يأتي هذا الشخص ويلبس لباس المحتسب الوسيط، ويحث هذا المحسن على التبرع ثم يقتطع جزءًا كبيرًا من هذا المال المتبرع به لنفسه، هذا لا يجوز، ولهذا لو علم بهذا المتبرع لما رضي ولعد هذا نوعًا من الخداع، خداع له، ولهذا نقول: لا يجوز أن يأخذ هذا الوسيط إلا أجرة مثله فقط، ويكون من بند المصروفات الإدارية، ولا يكون أيضًا من الزكاة.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم، نستقبل أولى الاتصالات في هذه الحلقة من الرياض، أم حمدي تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضلي بالسؤال.
السائلة: أنا عندي سؤالان.
المقدم: تفضلي.
السائلة: السؤال الأول: هل يجوز أخذ حبوب منع الحمل لكي تمنع الدورة التي تنزل في شهر رمضان وأصومه شهرًا كاملًا أم لا؟
المقدم: واضح؟ السؤال ثاني.
السائلة: سؤالي الثاني: وأنا أقرأ القرآن من الجوال هل يصح أنه يدخل في ختمتي برمضان ولا ما يكون ضمن الختمة؛ لأني أنا حائض؟
المقدم: هل يجوز أنك تقرأين أم لا؟
السائلة: يعني أدخله في الختمة عادي وأنا ما أمسك المصحف.
المقدم: طيب تسمعين الإجابة إن شاء الله، شكرًا للأخت أم حمدي، الأخت بشاير تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضلي بسؤالك.
السائلة: يا شيخ إبرة الحمى المالطية.
المقدم: كيف؟
السائلة: إبرة الحمى المالطية.
المقدم: طيب إبرة الحمى المالطية.
السائلة: نعم.
المقدم: طيب سؤال آخر؟
السائلة: نعم، الرعاف يفطر أم لا؟
المقدم: طيب عندك راديو تسمعين الإجابة وتسمعين الآن إجابة الشيخ؟
السائلة: لا، أبغي أسمع الجواب، ما عندي راديو.
المقدم: طيب خليك معي على الخط، طيب شيخنا سؤالان تسأل عن إبرة لا تفطر؟
الشيخ: إبرة الحمى المالطية لا تفطر الصائم، والصوم صحيح، والحمد لله.
المقدم: الحمد لله.
الشيخ: وأيضًا خروج الرعاف، خروج دم الرعاف أيضًا لا يفطر الصائم ما دام أن الدم ليس كثيرًا، وإنما مجرد قطرات فلا تؤثر على الصيام، وصومك صحيح، والحمد لله.
المقدم: الحمد لله، شكرًا جزيلًا الأخت أم حمدي، وكذلك الأخت بشاير شيخنا قبل أن نأخذ أسئلة الأخت أم حمدي. هنا أحد الإخوة يقول: إذا دخلت مع الإمام وهو في الركعة الثانية من صلاة العشاء هل أقرأ معه التشهد الأول والأخير وأقوم لأكمل ما بقي وأسلم بتشهد ثالث أم ماذا أفعل؟
الشيخ: إذا دخلت مع الإمام وقد فاتتك ركعة فإنك تفعل كما يفعل الإمام تمامًا كأنه لم يفتك شيئًا؛ فإذا جلس الإمام للتشهد الأول بعد الركعة الثانية وهي بالنسبة لك الركعة الأولى فإنك تجلس معه للتشهد، وتأتي بالتشهد الأول، وهكذا أيضًا إذا جلس الإمامُ للتشهد الأخير في الركعة الرابعة بالنسبة له، وهي بالنسبة لك تعتبر الركعة الثالثة فإنكَ تجلس معه، وتأتي بالتشهد الأخير كاملًا، ثم إذا سلم الإمام تقوم وتقضي ما فاتك.
فأنت مطلوب منك متابعة الإمام. تتابع الإمام حتى لو جلست في غير موضع الجلوس، ولو قمت في غير موضع القيام، كل هذا لأجل تحقيق المتابعة للإمام.
المقدم: أحسن الله إليكم، أم أحمد من أبها، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضلي بالسؤال.
السائلة: كل عام وأنتم طيبون.
المقدم: وأنت بخير، الله يحفظك.
السائلة: لو سمحت أبغى أكلم الشيخ.
المقدم: يسمعك.
الشيخ: نعم.
السائلة: يا شيخ أنا عندي نزيف، كم قد له والله لي سنة، وفي رمضان ما أدري يا شيخ هي دورة، هي نزيف، ما أدري والله.
الشيخ: طيب الدورة كانت تأتيك أم منقطعة؟
السائلة: لا، تأتيني يا شيخ لكن إني ما أفرق بينها وبين النزيف.
الشيخ: الدم مستمر معك؟
السائلة: مستمر معي قد له الحين من ستة وعشرين ثمانية.
الشيخ: طيب الأطباء ما رأي الأطباء ماذا يقولون؟
السائلة: أنا عندي ورم حميد.
الشيخ: نعم.
السائلة: وهذا السبب، وهذا سببه النزيف؟
الشيخ: طيب. نعم قبل الموعد هذا يعني شهر مثلًا رجب كانت تأتيك الدورة منتظمة؟
السائلة: لا، لا، يا شيخ، لا هي على طول نزيف ما في لا دورة ولا شيء ما أدري.
الشيخ: متى النزيف معك؟ متى تمل الآن؟
السائلة: يعني أتت ستة وعشرين ثمانية.
الشيخ: طيب وقبل ستة وعشرين.
السائلة: لا، لا، توقف، إيه، لا، توقف يا شيخ النزيف. ورجع عليّ.
الشيخ: لكن مثلًا قبل ستة شهور كانت تأتيك الدورة الشهرية؟
السائلة: لا، لا، يا شيخ، لا، لا، ما تجيني، نزيف على طول.
الشيخ: نزيف على طول استمر معك؟
السائلة: نعم، ما ينسم يعطونني علاجات يعطونني إبر، بس ما نفعني شيء.
الشيخ: أي نعم، لكن في سن تأتيك الدورة الشهرية فيه؟
السائلة: نعم، يا شيخ.
الشيخ: طيب.
السائلة: لكن ما أفرق أنا أقوم للصيام والصلاة، ما فرقت.
الشيخ: ما تستطيعين تفرقين دم الحيض.
السائلة: لأنها تأتي مرة خفيفة، مرة ما أدري، ومرة ينقطع، ما في دم ولا شيء.
المقدم: طيب تسمعين الإجابة إن شاء الله أم أحمد، شكرًا جزيلًا أم أحمد، أم عبدالملك من الرياض، تفضلي معنا أم عبدالملك، طيب ذهبت أم عبدالملك، عودة لسؤال أم أحمد عن هذا النزيف هل يعتبر حيضًا أم لا؟
الشيخ: هي تعتبر مستحاضة بهذه الصورة، وجزء منه يعتبر دم حيض، المرأة المستحاضة إذا استطاعت أن تميز دم الحيض من دم الاستحاضة فإنها تعمل بالتمييز، لكن الأخت الكريمة تقول أنها لا تستطيع، فحينئذ يعني أنا سألت ورددت عليها السؤال مرارًا لكن لم أستطع أن أحصل على إجابة هل لها عادة منتظمة، فلو كان لها عادة منتظمة تعمل بعادتها، يعني مثلًا من أول الشهر قبل أن يأتيها هذا الورم، أول الشهر مثلًا كان تأتيها العادة سبعة أيام تعمل بعادتها، إذا لم يكن لها عادة ولا تمييز فإنها تنتظر ستة أيام أو سبعة تعتبرها حيضًا، وما عدا ذلك يعتبر استحاضة تصلي معه وتصوم.
فنقول للأخت الكريمة: اعتبري مثلًا أول ستة أيام من الشهر اعتبريها دم حيض، وما عدا ذلك فهو دم استحاضة تصلين معه وتصومين، وإنما فقط الحيض تعتبرين غالب عادة النساء ستة أيام، فما عداه يعتبر دم استحاضة.
المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم، عادت إلينا أم عبدالملك من الرياض، تفضلي بالسؤال.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائلة: أنا عندي زكاة فلوس ما أدري هل يجوز أن أحطها في كفالة يتيم بميزان؟
الشيخ: طيب هل أنت متأكدة أنها لن تدفع إلا للفقراء والمساكين؟
السائلة: دولة ميزان يعني معروفة أنها دولة فقيرة.
الشيخ: لا، هو ليس بالضرورة أن اليتيم يكون فقيرًا أو مسكينًا قد يكون اليتيم ما وجد أحدًا يعني يحضنه. ولكن له ثروة من والده، له ثروة من والده المتوفى، فليس كل يتيم فقيرًا أو مسكينًا، وإنما قد يكون اليتيم غنيًّا، لكن طيب.
السائلة: إذا أثبت أنه مثلًا فقير مثلًا هذا اليتيم فقير؟
الشيخ: إذا ثبت أن هؤلاء الأيتام فقراء أو مساكين فلا بأس أن تدفعي لهم من الزكاة.
السائلة: طيب يعطيك العافية ما قصرت.
المقدم: حياكم الله، من تبوك الأخ أبو عبدالملك، تفضل.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل.
السائل: أحسن الله إليكم.
المقدم: حياك الله.
السائل: السؤال الأول يا شيخ تكرار العمرة في رمضان؛ البعض يريد أن يكرر العمرة لأن فضل العمرة في هذا الشهر يريد أن يأخذ عن نفسه وعن والده ووالدته، لكن يشق عليه الرجوع، لا يستطيع الرجوع سواء بسبب عمل أو غير ذلك.
المقدم: طيب.
السائل: هل له أن يحرم من التنعيم؟
المقدم: طيب.
السائل: السؤال الثاني من أراد العمرة يعني يريد أن يحرم من بيته وإذا جاء بمحاذاة الميقات يلبي، هل هناك أفضلية يعني للذهاب للميقات هنا، البعض يحرم في بيته ويريد أن يستمر في طريقه.
المقدم: يلبس قصدك، لبس الإحرام؛ لكن يبدأ النية من أين؟
السائل: ينوي دخول النسك إذا جاء بمحاذاة الميقات.
المقدم: وهو على سيارته في طريقه؟
السائل: نعم، أحد يريد أن يحرم من ينبع أو من أملج أو الوجه وبحضرة الميقات يلبي.
المقدم: طيب، تسمع إجابة الشيخ، شكرا جزيلاً للأخ أبي عبدالملك، نعود لأسئلة الأخت أم حمدي من الرياض شيخنا سألت عن استعمال حبوب منع الحمل لكي تكمل صيام رمضان؟
الشيخ: لا بأس باستعمال هذه الحبوب لأجل صيام رمضان بشرط ألا يضرها، فإذا عرفت من نفسها أو عن طريق طبيبها بأن استعمال مثل هذه الحبوب في شهر رمضان أنه لن يضر بصحتها فلا بأس بأن تستخدمها.
المقدم: تسأل عن قراءة القرآن الكريم وهي عليها الدورة، تقول إذا قرأت من الجوال. هي كأن عندها إشكال تقول إن ختم القرآن يكون من المصحف نفسه لكن من الجوال إن جاز لي أن أقرأ وأنا حائض هل أجعله في ختمة لوحده؟ أو أكمل ختمتي؟
الشيخ: لا بأس بأن تقرأ الحائض القرآن الكريم، ومن منع من ذلك من أهل العلم إنما اعتمد على حديث ضعيف لا يصح عن النبي من جهة الصناعة الحديثية، وعلى هذا فالقول الراجح: أن الحائض يجوز لها أن تقرأ القرآن الكريم، لكن من غير أن تمس المصحف، وبالنسبة لما ذكرت من الختمة الأمر فيها واسع سواء قرأت من المصحف أو قرأت من الجوال، أو قرأت عن ظهر قلب، ولها أن تكمل الختمة، وهنا الأمر في هذا واسع، والحمد لله، المهم أنها تقرأ القرآن سواء من كتاب الله أو الجوال، فكل حرف لها حسنة، والحسنة بعشر أمثالها.
المقدم: يا شيخنا شاشة المصحف تعتبر مثل ورقة المصحف لا يجوز لمسها باليد إذا كانت حائضًا أم يجوز؟
الشيخ: لا، بالنسبة لشاشة الهاتف الجوال لا تأخذ حكم المصحف الورقي، فيجوز لمسها على غير طهارة، وذلك لأنها مجرد ذبذبات كهربائية. ذبذبات، ولذلك إذا أطفئ الجوال انطفأت، هي مجرد ذبذبات تخرج على شكل صورة، على صورة المصحف، ثم لو افترضنا أنها تأخذ شكل المصحف فهي في الحقيقة جميع الجوالات فيها شاشتان: شاشة داخلية، وشاشة خارجية، فمن مس الشاشة الخارجية كأنما مس المصحف من وراء حائل.
على هذا لا حرج إطلاقًا في مس المصحف عن طريق الهاتف الجوال، ولا يأخذ حكم المصحف الورقي في هذا، ولكن من جهة الأجر يعني بعض العامة يعتقد أن القراءة في المصحف الورقي أفضل من القراءة في المصحف عن طريق الجوال، وهذا غير صحيح، المهم هو القراءة أنك تقرأ سواء قرأت عن طريق المصحف الورقي، أو عن طريق الهاتف الجوال، أو قرأت عن ظهر قلب، المهم أنك تقرأ، ولا فضل لهذا على هذا.
ولهذا كان المصحف في عهد النبي عليه الصلاة والسلام يكتب على الرقاع، وعلى أوارق النخل والألواح، ثم بعد ذلك تطور الأمر في عهد عثمان ، فكُتب على ورق أفضل، ثم بعد ذلك ما زال مع التطور الذي حصل للبشر إلى أن أصبح يكتب على الأوراق الفاخرة، ثم بعد ذلك في وقتنا الحاضر أصبح على شاشات الهاتف المنقول، فهذا كله باب تطور الصنعة، لكن يبقى المصحف هو المصحف سواء كان مكتوبًا على ألواح، أو مكتوبًا على أوراق النخل، أو مكتوبًا على أوراق، أو مكتوبًا على شاشة الهاتف المنقول، المصحف هو المصحف، لا بأس أن تقرأ في الجوال، أو تقرأ في المصحف الورقي، لا فرق في الفضل بين هذا وهذا.
هذا فقط أحببت أن أذكره؛ لأن بعض الناس يعتقد أنك إذا قرأت من المصحف الورقي فإنها أفضل من القراءة في شاشة الهاتف الجوال، هذا غير صحيح.
المقدم: شيخنا البعض كذلك يرى أن النظر إلى المصحف مع القراءة يعتبر له أجر زائد عن القراءة نفسها مجرد النظر في المصحف أو الجوال في صفحات المصحف الإلكتروني.
الشيخ: مجرد النظر ليس عبادة، إنما النظر المصحوب بالتأمل والتدبر هذا هو الذي قد يثاب عليه الإنسان، فإذا كان مثلًا إذا قرأ عن طريق المصحف سواء كان المصحف الورقي، أو مصحفًا على شاشة الهاتف المنقول؛ كان هذا أقرب للتدبر، فيكون أفضل باعتباره فيه معنى زائد وهو التدبر والتأمل لكتاب الله ، وهذا المعنى مأثور عن بعض السلف، كان بعض السلف يحفظ كتاب الله ، ومع ذلك يقرأ في المصحف؛ لأن قراءته في المصحف أكثر عونًا له على التأمل والتدبر.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم، من الرياض أم عبدالعزيز، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضلي.
السائلة: يا شيخ، الله يجزيك خيرًا، عندي سؤالان، الله يعافيك.
المقدم: تفضلي.
السائلة: السؤال الأول: أنا صار لي في الصدر ربو، وصرف لي المستشفى “بخاخ” الذي كذا صار لونه أحمر، يعني من يوم أشفطه أحس مثل البودرة فيه، هل هذا يفطر أم لا؟
الشيخ: بودرة تشفطينه عن طريق الفم؟
السائلة: نعم، عن طريق الفم، وأحس بطعم البودرة، يعني أحس بطعم المرارة.
الشيخ: نعم يعني بودرة تختلط بالريق وتبتلعينها.
السائلة: نعم، الله يعافيك، السؤال الثاني: واحدة من قريباتي ما شاء الله صحتها زينة سمينة وتروح تأخذ لها عمرة، تقول: هل يجوز لي أني ألبس شيئًا واسعًا؛ بنطالًا واسعًا، بلوزة واسعة من أجل الحر، وعباية واسعة، كتفها واسع، مع العمرة أم لا يجوز؟
المقدم: طيب.
الشيخ: ما هو الإشكال؟ عندها إشكال في ماذا؟
السائلة: الإشكال أنها حرمة كبيرة شوي، كبيرة في السن وتتضايق من القمصان، يعني تبغي لها شيئًا واسعًا مريحًا، مثل البنطال واسع، وبلوزة طويلة وسيعة على الأقل تأخذ راحتها شوي في المشي في الجلسة في القومة في القعدة تكون كذا على الكتف واسعة تأخذ راحتها؛ لأنها ما قادرة يعني تمشي.
المقدم: طيب.
الشيخ: نعم.
السائلة: الله يعافيك ويسعدك.
المقدم: تسمعين الإجابة إن شاء الله، معنا الأخت شيماء من جدة، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضلي بسؤالك.
السائلة: لو سمحت حضرتك نحن مقيمون في جدة، فزوجي يحب يذهب كل يوم للحرم لاغتنام الصلاة في الحرم هناك، صلاة التراويح وختمة القرآن هناك؛ ولكن وجد إن هو شبه يوميًّا يضيع منه حوالي ساعتين في الذهاب وساعتين في العودة، فهذا يضيع من وقت تلاوته للقرآن، فيسأل أيهما أفضل إن هو يصلي هنا في جدة مع مسجد شيخ حسن الصوت ويختم أيضًا القرآن ويغتنم الوقت هذا في تلاوة القرآن والتدبر فيه؟ أم الأفضل أن يغتنم فضل ثواب الصلاة في الحرم هناك، وخاصة صلاة التراويح.
المقدم: طيب.
السائلة: جزاكم الله خيرًا.
المقدم: سؤال آخر؟
السائلة: لا، شكرًا.
المقدم: شكرًا الأخت شيماء، لو تجيبون شيخنا على الأخت شيماء تقول مع المسافة والازدحام قد يذهب في العودة ساعات كثيرة؟
الشيخ: نعم هي ما دام أنها تسأل على الأفضل، لا شك أن الصلاة في الحرم هو الأفضل؛ لأن الصلاة في الحرم أجرها مضاعف، ليست كالصلاة في غيره، وأيضًا الصلاة في الحرم مع جمع كبير، والصلاة مع الجمع الكبير أعظم أجرًا، وأيضًا الصلاة في الحرم يكون غالبًا في معظم الأوقات إن لم يكن في جميع الأوقات صلاة على الجنائز، ومن صلى على جنازة كان له قيراط، والقيراط مثل الجبل حسنات، يعني أمور كثيرة من الخير.
وأما ما يجده من الزحام ومن التعب فهو مأجور على هذا، قال عليه الصلاة والسلام لعائشة رضي الله عنها: أجرك على قدر نصبك [1]، مع أن هذا ليس واجبًا عليه، لو أراد أن يصلي في جدة، فالأمر واسع، ولكن ما دام أنها تسأل عن الأفضل؛ فالأفضل لا شك أنه الصلاة في الحرم.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم، بقي أسئلة للأخ أبي عبدالملك، يقول: تكرار العمرة في رمضان؟ لمن خشي أنه إذا ذهب أنه لا يعود مرة أخرى؟
الشيخ: الأصل في تكرار العمرة أنه لا بأس به، وأنه عمل صالح، ولكن في الوقت الحاضر بالنظر إلى كثرة الناس، وكثرة مرتادي المسجد الحرام، وكثرة المعتمرين والزحام الشديد الذي نراه في السنوات الأخيرة؛ فالذي أرى أن الإنسان لا يكرر العمرة، ينبغي ألا يكرر، وأن يتيح المجال لإخوانه المسلمين؛ لأنه لو كل واحد أتى وأخذ عمرة، وكرر العمرة؛ لازدحم الناس، ولضاق المطاف.
فينبغي أن يراعي المسلم أحوال إخوانه المسلمين، وألا ينظر لمصلحة نفسه خاصة، هو الحمد لله أتى بعمرة يكفي، يكفي عمرة واحدة، تكرار العمرة إذا كان في الأوقات التي تخف فيها الزحام بعد رمضان، يعني في الأوقات التي تكون مثلًا بعد الحج، ونحو هذا، أما في أوقات الحج وأوقات رمضان فالذي أرى أنه ينبغي عدم تكرار العمرة، وأن ينوي ويحتسب المسلم الأجر عند الله ، وأنه يريد بذلك التوسعة لإخواننا المسلمين، ما دام أنه قد أتى بعمرة واحدة يكتفي بها.
وهكذا أيضًا بالنسبة لطواف التطوع، يلاحظ الآن أن كثيرًا ممن يطوف على الكعبة ليسوا محرمين، وإنما من المتطوعين؛ فأقول لو أن هؤلاء المتطوعون انصرفوا لأعمال أخرى من الخير، وتركوا المطاف للمحرمين للمعتمرين، فكان هذا ربما يكون أعظم أجرًا؛ لأنهم يتيحون الفرصة لإخوانهم المحرمين والمعتمرين، ولأن فرص الخير كثيرة، يعني الصلاة في المسجد الحرام أجرها أكثر من ألف صلاة مما سواه من المساجد، بإمكانه أن يصلي ما شاء مثنى مثنى، في غير أوقات النهي، بإمكانه أن يقرأ القرآن، يعني مجالات الخير كثيرة لا تنحصر على الطواف.
المقدم: صحيح.
الشيخ: ينبغي للمسلم أن يراعي أحوال إخوانه المسلمين، ولا ينظر فقط لمصلحة نفسه.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم، نستقبل اتصالاً من الأخ أبي سعود من الرياض، تفضل.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، حياك الله.
السائل: يا شيخ سعد أحبك في الله.
الشيخ: أحبك الله، وأكرمك، ورفع قدرك.
السائل: الله يجزيكم الجنة إن شاء الله.
الشيخ: اللهم آمين.
السائل: عندي سؤالان يا شيخ.
الشيخ: نعم.
السائل: إذا أحدث الإنسان من القبل والدبر ثم توضأ ثم أحدث من القبل فهل يكفي طهارته أم لازم الدبر؟ فهو لم يخرج منه غوائط، هذا السؤال الأول.
المقدم: قصدك الاستنجاء؟
السائل: نعم، قصدي نتوضأ الاستنجاء والدبر، ثم توضأ، ثم لم يحدث لم يخرج غائط، فهل يكتفي بالقبل؟
المقدم: طيب.
السائل: السؤال الثاني.
الشيخ: نعم.
المقدم: تفضل.
السائل: أم حصل بينها مع زوجة ولدها، وبعدها كل لزم بيته، مع أنه لو تقابلن في مناسبات أو شيء بعضهم يسلم على بعض، فهل ينطبق عليهما الحديث الذي لا يرفع أعمالهم.
المقدم: طيب تسمع الإجابة؟ شكرًا جزيلًا للأخ أبي سعود، لو تجيب يا شيخنا على سؤاليه يا شيخنا، هو يقول: البعض من العامة يتوقع أنه لا بد أن يستنجي استنجاء كاملًا، حتى ولو لم يخرج منه الغائط؟
الشيخ: ليس بلازم أن يستنجي من لم يخرج منه بول ولا غائط، فلو خرجت منه ريح مثلًا، أو أنه نام فلا داعي للاستنجاء، وإنما يتوضأ يبدأ يغسل كفيه ثم يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه ويكمل وضوءه.
وما يعتقده بعض العامة من أنه لا بد أن يستنجي عند كل وضوء هذا فهم غير صحيح، وهكذا أيضًا ما أشار إليه الأخ السائل، يقول: لو خرج منه بول هل يجب أن يغسل مخرج الغائط؟ لا، إنما فقط يكتفي بغسل مخرج البول فقط، ولا يلزمه أن يغسل مخرج الغائط، إنما يغسل مخرج الغائط لو خرج منه غائط، وإنما إذا لم يخرج منه غائط وإنما خرج منه بول فقط، فيغسل مخرج البول فقط.
المقدم: يسأل عن أمٍّ حصل بينها وبين زوجة ولدها إشكال ثم كل لزم بيته. يقول إذا التقوا يسلمون على بعض وليس بينهما شيء، لكن هل تعتبر هذه من القطيعة؟
الشيخ: ما دام أنه يحصل السلام فلا يعتبر قطيعة؛ لأن القطيعة تزول بالسلام، ولهذا لما ذكر النبي المتهاجرين قالوا: خيرهما الذي يبدأ بالسلام [2]، فهذا يدل على أن الهجر والقطيعة تزول بالسلام، ولكن مع ذلك ننصح بأن تحرص كل منهما على إزالة الشحناء والدفع بالتي هي أحسن، والله تعالى يقول: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ [الإسراء:53]، فينبغي أن تحرص كل منهما على سلامة الصدر، وعلى الدفع بالتي هي أحسن، وعلى التحلي بالأخلاق الكريمة، فهذا أفضل لهما عند ربهما ، وأفضل لهما أيضًا عند الناس.
المقدم: بقي معنا المتصل الأخير الأخ حمود تفضل، تفضل حمود اسمعنا من الهاتف.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: ودي أكلم شيخنا.
المقدم: يسمعك، تفضل.
الشيخ: نعم.
المقدم: يا شيخ سلام عليكم.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائل: أنا ذهبت لمكة لقصد عمرة قبل خمسة أيام، وعندما وصلت مكة اتجهت إلى الدورة أكرمكم الله، ودخلت دورة المياه، وفسخت الإحرام.
الشيخ: نعم.
المقدم: طيب، طيب اسمعنا من الهاتف يا حمود، حمود اسمعنا من الهاتف.
السائل: فسخت الإحرام تمامًا ثم بعد ذلك لبست الإحرام، طيب دخلني شك أنا في الطواف والسعي أني نقصت أو زودت؟
المقدم: تسأل عن أمرين يعني الشك، وكذلك خلع الإحرام، تفضل خلاص تسمع الإجابة يا حمود، شكرًا جزيلا للأخ حمود، شيخنا يسأل عن أمرين نزع الإحرام هل يؤثر؟
الشيخ نزع الإحرام لا يؤثر، لا حرج عليه في الإحرام أثناء قضاء الحاجة، بل حتى الاستحمام لا بأس أن يستحم، وأن يغتسل، كل هذا لا يؤثر على الإحرام.
المقدم: يقول شككت في الطواف والسعي في العدد؟
الشيخ: أولًا إذا كان كثير الشكوك لا يلتفت لهذه الشكوك، أما إذا لم يكن كثير الشكوك فننظر إذا كان هذا الشك طرأ بعد الفراغ من الطواف أو بعد الفراغ من السعي، فلا يلتفت أيضًا لهذا الشك؛ لأن الطارئ على العبادة بعد الفراغ منها لا يلتفت إليه.
أما إذا كان الشك في أثناء الطواف أو أثناء السعي فإن كان عنده غلبة الظن عمل بما غلب على ظنه، وإن لم يكن عنده غلبة ظن بنى على اليقين وهو الأقل، وإذا شك هل طاف ستة أشواط أو سبعة يجعلها ستة أشواط.
المقدم: شيخنا بقي من أسئلة الإخوة سؤال الأخ أبي عبدالملك سأل عمن أراد العمرة فخرج وقد لبس الإحرام من بيته الملابس الإحرام فإذا حاذى أو مر بالميقات نوى؟
الشيخ: لا بأس بهذا، لا بأس بأن يتنظف الإنسان إما في بيته، أو في فندق، أو في شقة، ويذهب للميقات، ثم ينوي، ويعقد النية من عند الميقات، هذا لا بأس به، وأما سؤاله هل هناك أفضلية؟ ليس هناك أفضلية بين أن يغتسل في دورات مياه الميقات أو يغتسل في مثلًا الفندق أو الشقة؟ ليس هناك أفضلية، وإنما المطلوب هو أن يعقد النية من عند الميقات.
المقدم: أم عبدالعزيز من الرياض لديها سؤالان؛ سألت السؤال الأول عن بخاخ الربو الذي فيه بودرة.
الشيخ: نعم، هذا يفسد الصيام؛ لأن فيه بودرة لها جرم، وتدخل عن طريق الفم، وتصل للمعدة، فهذا يفسد الصيام، وإنما بخاخ الربو الذي يُفتي أكثر العلماء المعاصرين بأنه لا يفسد الصيام الذي يكون مجرد بخاخ هواء يستنشق، هذا هو الذي لا يفسد الصيام، أو حتى يكون عن طريق الفم، لكنه مجرد بخاخ مجرد بخاخ يذهب للقصبات الهوائية، ولا يذهب منه شيء للمعدة، إلا جزء يسير جدًّا، بخاخ الربو معفو عنه، أما البودرة التي تختلط بالريق فهذه تفسد الصيام.
فإذن ليس كل علاج للربو لا يفسد الصيام، وإنما فيه تفصيل، فإن كان على شكل بخاخ هذا لا يفسد الصيام، وإن كان على شكل بودرة مثل ما سألت الأخت السائلة فهذا يفسد الصيام.
وعلى هذا نقول للأخت السائلة: ينبغي أن تسأل الطبيب إذا كان هناك بديل لهذه البودرة من بخاخ مثلًا ونحوه، وتستخدم البديل، أما إذا لم يكن له بديل ونصحها الطبيب قال: لا بد من أن تستخدمي هذه البودرة للعلاج فتستخدمها، وتقضي، والله تعالى يقول: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].
المقدم: السؤال الأخير لا أدري ما هو الإشكال تقول امرأة متينة وتريد أن تلبس الإحرام ملابس واسعة فضفاضة؟
الشيخ: هو الإشكال عندها أنها لا تريد أن تلبس قميصًا، وتريد أن تلبس بنطالًا واسعًا، وعليه عباءة؛ فنقول: العبرة بالستر، إذا كان هذا اللباس سوف تستر نفسها بالعباءة عن الرجال الأجانب بحيث لا يبدو شيء من مفاتنها، ولا تكون مثيرة للفتنة، فلا حرج عليها ما دامت قد غطت هذا البنطال غطته بالعباءة الواسعة الفضاضة خاصة أنها ذكرت حاجة هذه المرأة لهذا النوع من اللباس بسبب وضعها وظرفها، فنقول: العبرة بالستر، فإذا كانت هذه العباءة ساترة، ولا يبدو معها شيء من مفاتنها فلا حرج عليها إن شاء الله.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم، نشكركم شيخنا سعد على إجابة أسئلة الإخوة والأخوات.
الشيخ: وشكرًا لكم، وللإخوة المستمعين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.