عناصر المادة
المقدم: حياكم الله مستمعينا الكرام إلى هذه الفقرة “زدني علمًا”، مع معالي الشيخ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء، حياكم الله يا شيخ سعد، وصبّحك الله بالخير.
الشيخ: حياكم الله، وصبّحكم الله بالخير والمسرات، ونُصبِّح على الإخوة المستمعين.
المقدم: ما زلنا في هذه الفقرة وهذا الحوار يا شيخ سعد نتحدث فيما بين مسألة وأخرى، اليوم نريد أن نثير المسألة، وهي الحقيقة من حقها أن نأخذ فيها أكثر من حلقة، وقد نرى في وسائل التواصل الاجتماعي بشكل خاص انتشارها، مسألة الشبهات التي تثار، وهي من أشد ما يمكن التأثير به على الشباب والشابات خاصة.
ويتم استخدامهم ضد الوطن، مثل ما نرى أحيانًا في بعض الجماعات الإرهابية المتطرفة، أو حتى بما يتعلق ببعض الملحدين، يثيرون كثيرًا من الشبه، ويستهدفون بها الشباب والشابات يعني ضعيفي الخلفية العلمية الشرعية، ربما…، لديهم ثقافة عامة، فكيف تواجه هذه الشبهات؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
تاريخ إثارة الشبهات
فإن إثارة الشبهات من قديم الزمان، وأعداء الإسلام يثيرون الشبهات على المسلمين، ويريدون أن يفتنوهم في دينهم، وقد أخبرنا الله تعالى بأن القرآن الكريم منه المحكم، ومنه المتشابه، وأن من في قلبه مرض يتّبع المتشابه لأجل الفتنة، فقال: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7].
فالقرآن الكريم فيه المحكم، وفيه المتشابه، والله تعالى قادر على أن يجعل القرآن كله محكمًا، لكنه جعل ذلك لأجل الاختبار والامتحان؛ لأن الناس في مقام اختبار وامتحان.
كذلك أيضًا: أحاديث النبي فيها المحكم وفيها المتشابه، فطريقة أهل الزيغ اتباع المتشابه لأجل إضلال الناس، ولأجل إثارة الفتنة، وطريقة الراسخين من أهل العلم رد المتشابه إلى المحكم.
وإذا كان إثارة الشبهات فيه خطورة، وحذّر منها أهل العلم من قديم الزمان، فإن الخطورة أكثر ما تكون في وقتنا الحاضر؛ لأن العالم كما يقال: أصبح كالقرية الصغيرة، انفتح العالم الآن بعضه على بعض، وأصبحت الشبهات تأتي للناس في بيوتهم، تغزوهم في عقر دارهم؛ ولذلك لا بد من تحصين المجتمع من هذه الشبهات.
وشبهات كثيرة، شبهات تأتي في أمور الدين، وشبهات تريد زعزعة الأمن، وتريد زعزعة الاستقرار، وزعزعة الوحدة، وشبهات يثيرها أعداء الإسلام، وربما يزخرفونها بالطيب من القول، ويزينونها بزخارف القول؛ ولذلك لا بد من أن نسعى لتحصين المجتمع من هذه الشبهات.
أبرز الطرق لعلاج الشبهات
لا بد من أن نرفع مستوى الثقافة الشرعية، ومستوى العلم الشرعي، فخير ما تواجه به هذه الشبهات العلم الشرعي؛ لأن هذه الشبهات إنما تؤثر على الإنسان إذا كان قليل البضاعة في العلم، وأما الإنسان الذي عنده علم يستطيع مواجهة هذه الشبهات، لكن إذا كانت الثقافة الشرعية لدى الإنسان ضعيفة، فأدنى شبهة تؤثر عليه.
ثم أيضًا: ينبغي أن نوصي المجتمع بالبعد عن هذه الشبهات؛ لأن بعض الناس يأتي للمواقع التي فيها إثارة للشبهات ويدخلها بحجة أنه يريد أن ينظر ما عندهم، وبحجة الفضول، فيريد أن يرى ما عندهم، ثم تقع الشبهة في قلبه، فلا يستطيع الخلاص منها.
ولهذا قال النبي : إذا سمعتم بالدجال أو قال: من سمع بالدجال فلينأ عنه [1]؛ فلينأ عنه يعني: يبتعد عنه؛ لأن فتنته عظيمة، ولا يقول: عندي من العلم، وعندي من الإيمان، وعندي من التقوى ما يجعلني لا أقع في فتنة المسيح الدجال؛ لأن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة.
ولهذا أوصي بالابتعاد عن هذه الشبه، وأماكن إثارتها، ومن يثيرونها قدر الإمكان، لا يدخل الإنسان مواقع فيها شبه، لا يقرأ كتبًا فيها شبه، لا يجالس أناسًا يثيرون الشبه، هذا هو الأسلم لدينه.
أما إذا لم يفعل ذلك، فإنه يضعف شيئًا فشيئًا، أولًا يدخل إلى هذه الأماكن، ويجالس هؤلاء الأشخاص بحجة الفضول، ومعرفة ما عندهم، ثم تتمكن هذه الشبه منه شيئًا فشيئًا إلى أن تتسبب في إضلاله وفي انحرافه.
المقدم: أحيانًا يتعرض الوالد أو الوالدة لأسئلة من الأبناء والبنات مما تلقوه من هذه الشبهات، وأحيانًا…، لا يتعرض لها، أو لا يصل إليها، أصبحت هي تصل إليه، خاصة يعني بالجوالات وبكل وسيلة.
الشيخ: صحيح، وإذا لم يعرف مثلًا الأب أو الأم الإجابة عن هذه الشبهات، فيحيله إلى بعض أهل العلم المتمكنين، ويقول له: أنا أحيلك إلى عالم شرعي يجيبك عن هذه الشبه، ويفند هذه الشبه، ويبين لك الوجه الشرعي فيها.
المقدم: نختم هذه الفقرة، انتهى وقتها، لكن لعلنا نواصل الحديث في هذا المحور للحلقة القادمة يا شيخ سعد، شكرًا لك، وعودة إليكم مستمعينا الكرام لاستكمال بقية فقرات هذا البرنامج فإلى الاستديو.
الحاشية السفلية
^1 | رواه أبو داود: 4319، وأحمد: 19875. |
---|