بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
مستمعينا الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسعد الله مساءكم بكل خيرٍ، أهلًا ومرحبًا بكم في حلقةٍ جديدةٍ من البرنامج اليومي الإفتائي (فتاوى الحج).
أهلًا ومرحبًا بكم أيها الإخوة المستمعون الكرام.
كما يسرنا أيضًا أن نرحب في بداية هذه الحلقة بفضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء.
دكتور سعد، السلام عليكم ورحمة الله.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المقدم: حياكم الله يا شيخ.
الشيخ: أهلًا، حياكم الله وحيَّا الله الإخوة المستمعين.
أيضًا نرحب بكم مستمعينا الكرام، أهلًا ومرحبًا بكم.
المقدم: شيخ سعد، حفظكم الله، بمغيب شمس هذا اليوم يدخل هذا الموسم العظيم، وهو عشر ذي الحجة، هذه العشر التي ورد في الأحاديث والنصوص النبوية ما يدل على فضلها وفضل العمل فيها، لو ذكرتنا -شيخ سعد حفظكم الله- بشيءٍ من هذا.
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فبغروب شمس هذا اليوم يحل ضيفٌ كريمٌ، وموسمٌ من مواسم التجارة مع الله بالأعمال الصالحة، وهو عشر ذي الحجة التي أقسم الله تعالى بها فقال: وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ [الفجر:1-2].
والمراد بالليالي العشر، في قول جماهير المفسرين: عشر ذي الحجة، واللهُ العظيمُ لا يقسم إلا بما كان عظيمًا من مخلوقاته؛ ولهذا فهذه العشر المباركة العمل الصالح فيها لا يعدله شيءٌ، كما قال النبي : ما من أيامٍ العمل فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر، فسئل: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيءٍ [1]، أخرجه البخاري في “صحيحه”.
أي: أن العمل الصالح في هذه العشر لا يعدله شيءٌ إلا في حالةٍ واحدةٍ، وهي: من أخذ أمواله وأنفقها في سبيل الله، وقُتل في سبيل الله، فهذا هو الذي يكون أفضل من العمل الصالح في هذه العشر، وهذا يدل على أن الأجور في هذه العشر المباركة مضاعفةٌ، وأن الجزاء على العمل الصالح كبيرٌ، وأن هذه الأيام موسمٌ من مواسم الطاعة، وإذا كان أرباب التجارة في الدنيا لهم مواسم يزيدون فيها من جهودهم رجاء مزيدٍ من الأرباح، كذلك أيضًا هي التجارة مع الله بالأعمال الصالحة لها مواسم تُضاعف فيها الحسنات، وتُرفع فيها الدرجات، وتُكفر فيها الخطايا والسيئات، ومن هذه المواسم هذا الموسم الذي على الأبواب، والذي لا يفصلنا عنه سوى ساعةٍ تقريبًا.
فعلينا أن نجتهد في أيام وليالي هذا الموسم؛ فإنها سرعان ما تنقضي، وقد ذكر أهل العلم أن نهار عشر ذي الحجة أفضل أيام السنة على الإطلاق، وأما ليلها فهي أيضًا فاضلةٌ إلا أن الليالي العشر الأواخر من رمضان تفضل عليها باعتبار أن فيها ليلة القدر.
وهنا النبي أطلق، قال: ما من أيامٍ العمل فيهن أحب إلى الله، ولم يخص ذلك بشيءٍ معينٍ، وهذا يشمل كل عملٍ صالحٍ؛ من الصلاة والصيام، فيستحب صيام الأيام التسعة الأولى منها، أو ما تيسر، ومن الصدقة، ومن الذكر، ويتأكد منه التكبير.
ويبدأ التكبير المطلق ببداية عشر ذي الحجة، أي: من غروب شمس هذا اليوم، ومعنى كونه مطلقًا، أي: لا يتقيد بأدبار الصلوات، بل في جميع الوقت، والمقيد يبدأ بالنسبة لغير الحاج من بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وبالنسبة للحاج من ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق.
وهذه السنة قد غفل عنها كثيرٌ من الناس، رحم الله من شجع الناس وسعى في إحياء هذه السنة بقوله وفعله، ومن ذلك أن يأتي للمسجد مبكرًا، وبعد أداء السنة الراتبة أو تحية المسجد، يكبر ويرفع صوته؛ حتى يسمعه الناس ويقتدوا به.
المقدم: أحسن الله إليكم شيخ سعد.
أيضًا فيما يتعلق بمن أراد الأضحية، الإمساك عن الشعر يبدأ من هذا المساء شيخ سعد؟
الشيخ: نعم، كذلك أيضًا من أراد أن يضحي فلا يجوز له بغروب شمس هذا اليوم أن يأخذ من شعره، ولا من أظفاره شيئًا؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها، أن النبي قال: إذا دخلت هذه العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا [2]، أخرجه مسلمٌ في “صحيحه”.
فمن أراد أن يضحي عليه الآن أن يبادر بأخذ ما يحتاج إلى أخذه مما يباح أخذه من الشعر والأظافر؛ لأنه بغروب شمس هذا اليوم ليس له أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى تُذبح أضحيته.
المقدم: في هذه الأيام -شيخ سعد- يتناقش الكثير حول هذا النهي، هل هو للكراهة أو للتحريم، الذي جاء في الحديث الذي ذكرته حفظك الله؟
الشيخ: محل خلافٍ بين الفقهاء؛ فمنهم من قال: إن النهي للكراهة، وهذا هو مذهب الحنابلة.
والقول الثاني، وهو رواية عن الإمام أحمد: أن النهي للتحريم.
والأصل في النهي: أنه يقتضي التحريم إلا إذا وُجد صارفٌ يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة، وهنا ليس هناك صارفٌ يصرف النهي في هذا الحديث، فالأقرب -والله أعلم- أن النهي للتحريم.
وأما ما يذكره بعضهم من أن الأضحية مستحبةٌ، فكيف يكون الأخذ من الشعر والأظفار محرمًا؟! فإن هذا غير واردٍ؛ لأن الشيء في أصله قد يكون مستحبًّا ونافلةً، ولكن بعض الأحكام المتعلقة به تكون مبنيةً على التحريم؛ فعلى سبيل المثال: من دخل في العمرة مثلًا نافلةً، من أتى بعمرةٍ نافلةٍ فإنه يجب عليه أن يشرع فيها، ولا يجوز له أن يرتكب محظورًا من محظورات الإحرام فيها، فلا يقول: إنها نافلةٌ وسوف أغطي رأسي، أو نافلةٌ وسأتطيب، فإن فعل ذلك فإنه يأثم وعليه الفدية.
كذلك أيضًا من تصدق بصدقة تطوعٍ لا يجوز له أن يمن بها، وهي وإن كانت في أصلها تطوعًا، لكن المنة بالصدقة محرمةٌ، فعلى هذا قد تكون أجزاء العمل الذي في أصله نافلةٌ تكون بعض أجزائه تقتضي التحريم، ولا مانع من هذا.
وعلى هذا: فليس هناك صارف يصرف النهي في هذا الحديث من التحريم إلى الكراهة، فالقول الراجح: أن النهي يقتضي التحريم.
المقدم: أحسن الله إليكم دكتور سعد.
نأخذ الاتصال الأول من أخينا… من المدينة.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: كيف حالك يا شيخ سعد؟
الشيخ: بخيرٍ ونعمةٍ، نحمد الله ونشكره.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلةٍ يا شيخ.
المقدم: أعطني الأول.
المتصل: الله يكرمك،… سلس بولٍ متقطع، وأنا إن شاء الله أريد الحج هذه السنة، ما أستطيع أن أضع قماشًا، ما أستطيع أن أضع …، كيف أفعل يعني؟
المقدم: طيب، السؤال الثاني.
المتصل: السؤال الثاني: أنا في قريةٍ بين مكة والمدينة، أبعد عن المدينة (70 كيلو)، يكون إحرامي من البيت، أو أذهب إلى ذي الحُليفة في المدينة؟
المقدم: تبعد عن مكة (70 كيلو)؟
المتصل: لا، أبعد عن المدينة (70 كيلو)، أنا بين مكة والمدينة.
الشيخ: يعني بعد المواقيت، بعد ذي الحليفة؟
المتصل: نعم، بعد ذي الحليفة (70 كيلو).
الشيخ: نعم، طيب.
المقدم: طيب، السؤال الثالث.
المتصل: السؤال الثالث: أنا ذهبت في حملةٍ، والحملة هذه يقولون: المخيم… في مزدلفة، وأيام التشريق تكون في منًى، وهم في مزدلفة.
المقدم: طيب، تسمع الجواب إن شاء الله.
المتصل: جزاكم الله خيرًا، يعطيكم العافية.
المقدم: حياك الله.
السؤال الأول: يعاني -عافاه الله- من سلس بولٍ متقطع، ويريد الحج، يقول: أخشى إن وضعت مثلًا ما أتحفظ به يكون مَخيطًا؟
الشيخ: وضع ما يُتحفظ به إن لم يكن على هيئة السروال، فليس بمخيطٍ، بل حتى لو احتاج إلى أن يلبس السروال فلا حرج عليه، ويدفع فديةً، يطعم ستة مساكين، وليس عليه شيءٌ، إذا أراد أن يستخدم مثلًا سروال، وأما إذا أراد أن يضع مثلًا مناديل ونحوها، فهذا ليس بمخيطٍ أصلًا.
ولا يمنعه السلس من الحج، ولا يمنعه من الصلاة، ولا يمنعه من الاستكثار من النوافل؛ لأن بعض من يُبتلى بالسلس ينكف وينقبض عن كثيرٍ من النوافل، هذا غير صحيحٍ، بل إن صاحب السلس لا بأس أن يكون إمامًا على القول الراجح، وأما قول من قال من الفقهاء: إنه لا يؤم الناس فقول ضعيفٌ، ربما يكون صاحب السلس هو أعلمهم وأقرأهم لكتاب الله .
فنقول للأخ الكريم: اتق الله تعالى ما استطعت، إذا وضعت على ما يخرج من البول قطعة قماشٍ، أو وضعت مناديل أو نحوها، فإن هذا ليس بمخيطٍ، وإن احتجت لأنْ تلبس سروال فالبسه، وتدفع فديةً وليس عليك شيءٌ.
المقدم: الحمد لله، جزاكم الله خيرًا.
شيخ سعد، ما يحتاج مثلًا أن يلبس -كما ذكرتم- سروالًا، هو بهذا قد ارتكب محظورًا من محظورات الإحرام، هل يجوز أن يلبس ثوبًا مثلًا أو فانيلا وكذا، أو يقتصر على السروال فقط؟
الشيخ: يقتصر على قدر الحاجة، والحاجة هنا تحصل بلبس السروال فقط.
المقدم: أحسن الله إليكم، السؤال الثاني يقول: إنه في قريةٍ بين مكة والمدينة يبعد عن ذي الحليفة (70 كيلو)، من أين يُحرم؟
الشيخ: يحرم من بيته؛ لقول النبي لما ذَكر المواقيت: هن لهن، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة، ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ [3]، أي: من كان دون المواقيت فمن حيث أنشأ نيته، والأخ الكريم هو دون المواقيت، هو دون ذي الحليفة؛ فيحرم من بيته والحمد لله.
المقدم: أحسن الله إليكم، لكن هل يجوز له أن يتجاوز إلى أن يصل مثلًا إلى مكة، لكن قبل منطقة الحرم يحرم، أو يحرم من مكان سكنه؟
الشيخ: هو ميقاته يعتبر بيته، ميقاته يعتبر محل بيته، ومن الفقهاء من يجيز له أن يسير ويحرم بعد ذلك من أي ميقاتٍ، هذا هو المذهب عند الحنفية، ولكن الذي أنصح به الأخ الكريم: ألا يفعل ذلك؛ خروجًا من الخلاف؛ لأن جمهور الفقهاء يمنعون من هذا، فالأحوط له أن يحرم من بيته.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، نأخذ اتصالًا، تفضل.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: ثلاثة أسئلةٍ أخي فيصل، الله يسعدك.
المقدم: تفضل، الأول.
المتصل: السؤال الأول: شيخنا، من تجاوز الميقات بدون لبس الإحرام؛ كمن نام في الطائرة، ولا يستطيع العودة للميقات، هل يلزم أن يلبس الإحرام أولًا، ثم يدفع الفدية؟
الشيخ: نعم، إذا ما استطاع أن.. يعني تجاوز الميقات لكونه نائمًا، فمِن حين أن يستيقظ يلبس الإحرام، وإن دفع الفدية دفع دمًا، الواجب في حقه عند الجمهور دمٌ، فهذا أحوط، وفيه خروج من الخلاف.
المتصل: شيخنا، لا بد أن ينعقد السبب، ويلبس الإحرام حتى يدفع الفدية؟
الشيخ: ليس هناك ارتباطٌ، هنا يعني إذا وصل.. متى ما ذكر، هو الآن قد نام، لكن متى ما تذكر.. استيقظ، مباشرةً يلبس إحرامه، لكن لكونه قد تجاوز الميقات جمهور أهل العلم يرون أن عليه دمًا.
وهناك قولٌ آخر: أنه ما دام معذورًا بالنوم فلا يجب عليه الدم، وهو قولٌ قويٌّ، لكن إن أراد أن يحتاط ويأخذ بقول الجمهور، فيذبح دمًا، لكن بالنسبة للبس الإحرام من حين أن يستيقظ يلبس الإحرام.
المتصل: أحسن الله إليكم.
السؤال الثاني شيخنا: من قدم مكة ليلًا، ثم كان متعبًا ونام بالفندق، واليوم الثاني ذهب للحرم، هل يُشرع طواف القدوم في هذه الحال؟
الشيخ: نعم، يُشرع طواف القدوم؛ لأنه أول ما قدم مكة، وإن كان قد استراح، لكن هذه الاستراحة لا تؤثر على كونه يأتي بطواف القدوم، فإن النبي لما قدم هو وأصحابه، لما أصبح قريبًا من مكة في ذي طُوًى، وقف واستراح واغتسل عليه الصلاة والسلام، ثم بعد ذلك دخل مكة وطاف طواف القدوم، فلو استراح الإنسان حين أن يصل إلى مكة، وهذه الاستراحة لا تمنع من طواف القدوم.
المتصل: أحسن الله إليكم.
سؤالنا الأخير شيخنا: من أدى عمرة ناويًا التمتع، وحل بعد أن طاف وسعى وقصَّر، وحل من إحرامه، ثم نوى تقديم سعي الحج، هل يلزم إعادة لبس الإحرام؟
الشيخ: هو الآن أتى بالعمرة، الآن متمتعٌ، طاف وسعى وقصر، كذا؟
المتصل: نعم، وحل إحرامه، لبس ثيابه، فهو أراد أن يسعى سعي الحج.
الشيخ: نوى تقديم سعي الحج قبل عرفة؟
المتصل: نعم.
الشيخ: هو لو كان مُفرِدًا أو قارنًا، وَرَدَ ما يدل على الجواز؛ لكونه يكون بعد طواف القدوم، لكن هذا الآن متمتعٌ، وقد أتى بطوافٍ، وأتى بسعيٍ وقصَّر، فكونه يُقدِّم السعي محل نظرٍ، ولا شك أن الأحوط ألا يقدم.
وأما من جهة الصحة، هل يصح أو لا يصح؟ هذه تحتاج إلى مزيد تأملٍ.
المتصل: أحسن الله إليكم شيخنا.
المقدم: أحسن الله إليكم شيخ سعد.
نعود لسؤال الأخ عبدالله، قبل أن نأخذ الأخت مها، يقول: إنه في حملةٍ، والحملة أسكنته في مزدلفة، وأشكل عليه أنه ليالي التشريق لا بد أن يكون في منًى، فما الحكم يا شيخ؟
الشيخ: لا حرج عليهم؛ لأن منًى الآن قد امتلأت وضاقت، ولا تتسع لجميع الحجاج، وعلى هذا: فمن بات في أول مزدلفة ومخيماتها التي هي في أول مزدلفة فلا حرج عليه؛ وذلك لأنه قد اتقى الله ما استطاع، بات في أقرب مكانٍ من منًى، فهو قد اتقى الله تعالى ما استطاع، وليس عليه شيءٌ، ولا يكن في نفسه حرج؛ لأنه قد اتقى الله ما استطاع، وعامة العلماء المعاصرين على هذا؛ لأن منًى لا تتسع للحجيج، وعدد الحجاج الآن كثيرٌ، وفي تزايد؛ ولذلك فالمشروع للحاج إذا لم يجد مكانًا في منًى أن يبيت في أقرب مكانٍ إلى منًى، فإذا بات في أقرب مكان إلى منًى من جهة المزدلفة، فقد أتى بالواجب عليه، ولا شيء عليه في هذا.
المقدم: جزاكم الله خيرًا شيخ سعد، معنا الأخت المتصلة من جازان.
المتصلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصلة: لدي ثلاثة أسئلةٍ، ممكن؟
المقدم: كم؟ ثلاثةٌ؟
المتصلة: نعم.
المقدم: طيب، السؤال الأول.
المتصلة: السؤال الأول: لدي أختٌ منذ أسبوعٍ -يا شيخ- وهي تشعر بحالة خوفٍ وقلقٍ، وتفكيرٍ مستمرٍّ، وشعورٍ…، فما توجيهك الشرعي لها؟
الشيخ: فما إيش؟
المقدم: توجيهك الشرعي لها.
الشيخ: نعم.
المقدم: السؤال الثاني.
المتصل: السؤال الثاني: هل يجوز لي أن أرفع صوتي بالتكبير؛ بحيث يسمعني أخواتي في المنزل أم لا؟
المقدم: طيب، السؤال الثالث.
المتصل: السؤال الثالث: في حج العام الماضي، كنت في ليلة مزدلفة قد صليت صلاة المغرب والعشاء، ولست أدري هل هي إلى القبلة أم لا، فهل أعيدها؟
المقدم: طيب، شكرًا.
شيخ سعد، تقول: إن عندها أختًا أصيبت منذ أسبوعٍ بنوع من الخوف والهلع، والتفكير الكثير، تقول: نصيحتك وتوجيهك الشرعي لها.
الشيخ: نعم، عليها أن تفعل الأسباب، وتلجأ إلى الله بالدعاء، بأن يكشف الله تعالى عنها هذا الضر، الله تعالى يقول: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [الأنعام:17].
وأيضًا تفعل الأسباب؛ لأن فعل الأسباب هو جزءٌ من التوكل على الله تعالى، ومن فعل الأسباب استخدام الرقية الشرعية، ومن فعل الأسباب أيضًا أنها تذهب للطبيب النفسي المختص، ربما تكون هذه حالةً نفسيةً حصلت لها بسببٍ معينٍ، فتفعل هذا، تطلب الرقية الشرعية، وتذهب للطبيب المختص، مع الدعاء.
المقدم: نعم جزاكم الله خيرًا.
السؤال الثاني: تقول: هل يجوز أن ترفع صوتها؛ كونها أنثى، بالتكبير وتُسمع أخواتها؟
الشيخ: إذا كان بقدر ما تُسمع أخواتها فلا بأس، أما رفع الصوت الذي يسمعه الرجال، وربما يحصل به الفتنة فلا ترفعه، لكن ترفع صوتها بقدر ما تُسمع أخواتها ورفيقاتها.
أيضًا السؤال الثالث: تقول: إنها حجت ليلة مزدلفة السنة الماضية، وما تدري صلت المغرب والعشاء، لكنها الآن تشك هل هي للقبلة أو لغير القبلة؟
الشيخ: هذا الشك الذي طرأ بعد الحج، هذا شكٌّ لا يُلتفت إليه، والقاعدة المقررة عند أهل العلم: أن الشك الطارئ بعد الفراغ من العبادة لا يُلتفت إليه، فهذه الشكوك لا يُلتفت إليها، ونحن في هذا البرنامج تقريبًا في كل حلقةٍ، أو في كثيرٍ من الحلقات تأتينا أسئلةٌ من هذا النوع، من أناسٍ يتشككون في أمورٍ وقعت في حجهم في سنواتٍ ماضيةٍ، بل إنه في الحلقة القريبة رجلٌ مضى عليه خمسةٌ وعشرون عامًا، وبدأ يشكك: هل فعل كذا؟ هل فعل كذا؟ فالشك الطارئ بعد الفراغ من العبادة لا يُلتفت إليه.
فنقول للأخت الكريمة: دعي عنك الشكوك، والنوافل تُرَقِّع وتُكمِّل الخلل الذي يقع في الفرائض، فاستكثري من النوافل، حافظي على السنن الرواتب، وصلاة الوتر، وصلاة الضحى، وأكثري من النوافل، وما قد يكون من خللٍ في الواجبات وفي الفرائض فإنها تُكمَّل بالنوافل.
المقدم: جزاكم الله خيرًا شيخ سعد، وبارك الله فيكم. معنا الأخت نورا من أبها.
المتصلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
المتصلة: عندي سؤال واحدٌ.
المقدم: تفضلي.
المتصلة: أنا أريد أن أصوم الأيام العشر، لكن عليَّ أيامٌ من رمضان ما صمتها، هل أصوم العشر، أم القضاء أولًا؟
المقدم: طيب، تفضل يا شيخ.
الشيخ: تبادرين بالقضاء؛ لأن الإنسان لا يضمن أن يعيش، لا تدرين متى يبغتك الموت؟ وهذه واجبةٌ، وصيام التسعة الأيام الأولى من العشر مستحبةٌ، والفقه أن الإنسان يقدم الواجب على المستحب، فتبادرين بالقضاء، ولو جعلتِ القضاء في هذه العشر لكان حسنًا، ويُرجى أن تنالي أيضًا فضل صيام هذه التسعة الأيام الأولى من العشر؛ لأن المطلوب هو استيعاب زمن نهارها بالصيام، وهذا يحصل بصيام القضاء، فننصحك بأن تبدئي الآن بصيام القضاء وتبادري إلى صيام القضاء؛ حتى تُبرئي ذمتكِ.
المقدم: نعم جزاكم الله خيرًا يا شيخ، معنا موسى من عفيف.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: كيف حالك يا شيخ سعد؟
الشيخ: بخيرٍ ونعمةٍ، نحمد الله ونشكره.
المتصل: يا شيخ، أنا إذا كنت أصلي صلاة… ويقولون: قال رسول الله ، وأنا كنت أراه، وأقول: عليه الصلاة والسلام، هل يجوز هذا؟
الشيخ: نعم، ما اتضح الصوت.
المقدم: هو يقول: إذا كنت أصلي وعنده مثلًا مذياعٌ أو شيءٌ يشتغل، فذكر الذي في المذياع النبي ، يقول: هل يجوز أن أصلي على رسول الله وأنا في الصلاة؟
الشيخ: لا، إذا كنت في الصلاة وسمعت من يذكر النبي خارج الصلاة، فتنشغل بصلاتك، ولا تصلي على النبي في هذه الحال، إنما تنشغل بصلاتك.
المتصل: السؤال الثاني: هل يجوز أن أصلي وأنا جالسٌ، أبدأ وأنا جالسٌ، أم أقوم لتكبيرة الإحرام؟
الشيخ: ما السبب؟ يعني: هل أنت عاجزٌ؟
المتصل: هي سنن…
المقدم: هو كونها سنةً يعني تساهل، يصلي جالسًا، يقول: هل يجوز أن أبدأها وأنا جالسٌ، أو لا بد وأنا واقفٌ ثم أجلس؟
الشيخ: نعم، السنة يجوز؛ لأن القيام في صلاة النافلة ليس واجبًا، وإنما هو مستحبٌّ، لكن ينقص الأجر، إذا كان الإنسان قادرًا على القيام وصلى جالسًا، أو صلى أول الصلاة جالسًا ينقص أجره، لا يكون أجره مثل أجر من ابتدأها قائمًا، فإذا كنت صحيحًا معافًى فالأفضل أن تبدأ الصلاة قائمًا، هذا بالنسبة للنافلة، أما الفريضة فمعلوم أن القيام مع القدرة من أركان الصلاة.
المتصل: لا، أنا أقول لك يعني: يجوز أن أصلي جالسًا، لكن هل أبدأ بتكبيرة الإحرام ثم أجلس، يعني أستمر؟
المقدم: هل يبدؤها واقفًا، أو يبدؤها وهو جالسٌ؟
الشيخ: صلاة النافلة الأمر فيها واسعٌ، لكن كلما حرصت على أن تبدأها قائمًا، وتستمر قائمًا أثناء القراءة، فهذا أفضل وأكمل، وإن جلست فلا حرج عليك؛ لأن القيام في صلاة النافلة ليس واجبًا.
المتصل: أنا قصدي يعني أبدأ تكبيرة الإحرام ثم أجلس، يعني أستمر أكمل؟
الشيخ: لا بأس.
المقدم: الشيخ يقول لك: لا إشكال أن تبدأها وأنت جالسٌ، لكن الأفضل أن تصليها وأنت واقفٌ.
المتصل: يعني تكبيرة الإحرام.
المقدم: نعم.
المتصل: يعني: أبدأ تكبيرة الإحرام، ثم أجلس يعني أستمر أكمل، أم أبدأ وأنا جالسٌ؟
الشيخ: الأمر واسعٌ، سواءٌ فعلت هذا أو هذا، لكنه ينقص أجرك، إذا كنت قادرًا ينقص أجرك.
المقدم: شكرًا لك حياك الله.
شيخ سعد، هذه سائلة أيضًا عبر (تويتر)، تقول: هل يجوز للحاجَّة أن تتزين في عشر ذي الحجة، أو لمن أرادت الحج يعني؟
الشيخ: نعم، إذا لم تكن بحضرة رجالٍ أجانب فلا حرج عليها، إذا اجتنبت محظورات الإحرام أثناء الإحرام، أما إذا تحللت من الإحرام وكانت بحضرة نساءٍ، ولم تكن بحضرة رجالٍ أجانب، فلا حرج عليها في هذا، المهم ألا تتزين أمام الرجال الأجانب؛ لأن تزينها أما الرجال الأجانب هو من التبرج، وهو محرمٌ عليها، سواءٌ أكانت حاجةٌ أم غير حاجةٍ، لكن إذا كان ذلك أمام نساءٍ فلا حرج عليها.
المقدم: أحسن الله إليكم، تقول: هل يجوز للمرأة المحدة أن تلبس النقاب وأن تلف شعر رأسها؟
الشيخ: نعم، المرأة المحدة كغيرها في لبس النقاب، لا بأس أن تلبس النقاب، ولا بأس أن تلف شعر رأسها، إنما هي ممنوعةٌ فقط من أمور خمسةٍ: ممنوعةٌ من الزينة في البدن؛ كأن تضع المكياج مثلًا، أو الأصباغ، أو الكحل، ونحو ذلك، وأيضًا ممنوعةٌ من الزينة في اللباس، فلا تلبس ملابس فيها زينةٌ، ممنوعةٌ كذلك من الحلي، فلا تلبس الحلي، وأيضًا الخروج من البيت إلا لحاجةٍ، وإذا أرادت أن تخرج من البيت لحاجةٍ فإنها تخرج بالنهار؛ لأن بقاءها في البيت في الليل آكد؛ لأنه هو المقصود من البقاء وهو المبيت، فإذا أرادت أن تخرج، تخرج لحاجةٍ فقط، نعم.
هذه الأمور التي تُمنع منها المرأة المحدة وما عداها فهي كغيرها.
وعلى ذلك: لا بأس أن تلبس النقاب، ولا بأس أن تصف شعر رأسها، ليست ممنوعةً من هذا.
المقدم: جزاكم الله خيرًا، آخر متصلٍ معنا الأخ ماجد.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: مساك الله بالخير يا شيخ سعد.
الشيخ: مساك الله بالخير والعافية.
المتصل: الله يسعدكم جميعًا، ويوفقنا وإياكم.
الشيخ: آمين.
المتصل: يا شيخ الله يسعدك، الاشتراك في الأضحية -يا شيخ- لها حكمٌ يا شيخ؟
الشيخ: نعم، الاشتراك في الأضحية على قسمين:
القسم الأول: الاشتراك في المِلك، وهذا لا يكون في الغنم، وإنما يكون في الإبل والبقر إلى سبعةٍ، وعلى هذا: لو أراد شخصان أن يشتركا في واحدةٍ من الغنم، نقول: إن هذا لا يجوز، ولا يُشرع، أو أراد زوجٌ وزوجته الاشتراك في واحدةٍ من الغنم، فإن هذا لا يجوز، أو أراد أخوان أن يشتركا في واحدةٍ من الغنم، فإن هذا لا يجوز؛ وذلك لأن الأصل في العبادات التوقيف، ولم يرد عن النبي الاشتراك في واحدةٍ من الغنم، قد كان كثيرٌ من الصحابة فقراء، ولم يرد عنهم هذا.
وأما الإبل والبقر فقد دلت السنة على أنه يجوز الاشتراك فيها إلى سبعة أشخاصٍ، هذا هو الاشتراك بالملك.
والقسم الثاني: الاشتراك في الثواب؛ وذلك بأن يملك الأضحية ويشرك معه من شاء في ثوابها من الأحياء والأموات، هذا لا بأس به، ولا حد لهذا الإشراك؛ فلو أنه اشترى مثلًا واحدةً من الغنم، وأشرك معه والديه وأولاده وزوجته ومن أحب من الأحياء والأموات، فلا بأس بذلك، فالاشتراك في الثواب لا حد له، وأما الاشتراك في الملك فهو إنما يكون في الإبل والبقر إلى سبعةٍ، ولا يكون في الغنم.
المتصل: بارك الله فيك، شكرًا يا شيخ، السلام عليكم.
المقدم: شكرًا لك، يعطيك العافية.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.
المقدم: أحسن الله إليكم -شيخ سعد- وبارك الله فيكم وفي علمكم، جزاكم الله خيرًا فضيلة الشيخ الدكتور سعد.
الشيخ: حياكم الله، وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: إذنْ كان معنا -أيها الإخوة المستمعون الكرام- مجيبًا على أسئلتكم واستفساراتكم فضيلة الشيخ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء، نشكره وجزاه الله خيرًا، كما نشكركم على حسن متابعتكم، نسأل الله أن يفقهنا وإياكم في دينه، وأن يعلمنا وإياكم ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، ويزيدنا وإياكم هدًى وتوفيقًا وسدادًا وعلمًا نافعًا وعملًا صالحًا، وأن يوفقنا وإياكم في استقبال هذه العشر المباركة، وأن يوفقنا فيها للعمل الصالح الذي يرضيه عنا، وأن يحفظ حجاج بيته الكريم بحفظه، ويكلؤهم برعايته، ويعينهم على أداء نسكهم على أكمل وجهٍ وأيسره.
وأسأل الله أن يغفر لنا ولكم الذنوب جميعها، دقيقها وجليلها، إنه على كل شيءٍ قديرٌ.
شكرًا لكم مستمعينا الكرام، نلتقي غدًا -إن شاء الله- في حلقةٍ جديدةٍ، نستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.