(11) فتاوى رمضان 1439

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للخلق أجمعين، نبينا محمدٍ عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

أيها الإخوة والأخوات، مستمعي ومستمعات أثير إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية أينما كنتم: أهلًا ومرحبًا بكم، وحياكم الله في حلقةٍ جديدةٍ من هذا البرنامج المبارك (فتاوى رمضان)، في اليوم الحادي عشر من شهر رمضان المبارك، لعام 1439 لهجرة المصطفى .

إذ نستقبل أسئلتكم واستفساراتكم على هاتف البرنامج، أو عبر حساب الإذاعة في (تويتر)، ليجيب عليها -بمشيئة الله تعالى- فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية.

باسمكم جميعًا نرحب بفضيلته: حياكم الله يا شيخ سعد.

الشيخ: أهلًا، حياكم الله وبارك فيكم، وحيَّا الله وبارك الإخوة المستمعين.

المقدم: حياكم الله يا شيخ سعد.

حكم رفع اليدين في القنوت ومسح الوجه

ونبدأ بأسئلة الإخوة المستمعين في (تويتر): هذا سؤال من علي بن محمد، يسأل عن الضابط في رفع اليدين عند دعاء القنوت؟ وهل ترفع اليد عند المناجاة، وما حكم مسح الوجه بعد الدعاء؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فمن آداب الدعاء: رفع اليدين، وهذا هو الأصل، ودعاء القنوت يشرع معه رفع اليدين للإمام، وكذلك أيضًا للمأمومين، ولكن قبل أن يَشْرَع الإمام في الدعاء، إذا كان يأتي بمقدمة لهذا الدعاء من التمجيد والثناء على الله ، فالأمر في هذا واسع؛ إن شاء رفع يديه، ويدخل ذلك تبعًا لرفع يديه في الدعاء، وإن شاء لم يرفع يديه إلا عندما يبدأ الإمام في الدعاء، الأمر في هذا واسع إن شاء الله تعالى.

وأما بالنسبة لمسح الوجه باليدين بعد الدعاء، فالأولى تركه، وذلك؛ لأنه لم يثبت في ذلك شيء عن النبي ، والحديث المروي في ذلك حديث ضعيف، وما دام أنه لم يصح شيء عن النبي  في هذا؛ فإن الأولى ترك ذلك، وحينئذ إذا فرغ الإنسان من الدعاء لا حاجة لأن يمسح وجهه بيديه.

حكم الصيام على من يذهب عقله بسبب الكبر

المقدم: أحسن الله إليكم، من أسئلة المستمعين في (تويتر) أيضًا، هذا السؤال من (اليافعية)، تسأل عن الذي كَبِر في السن وتعدى المائة عام، وعقله يأتي ويذهب: هل عليه شيء من صيام رمضان؟

الشيخ: في هذه الحال لا يجب عليه الصيام، ومرفوع عنه القلم، وهو أشبه بالصبي المميِّز، فإن الصبي المميز مرفوع عنه القلم؛ وذلك لخفة الضبط عنده، وهذا الكبير في السن هو من باب أولى، الضبط عنده أخف من الضبط عند الصبي المميز أو المراهق الذي لم يبلغ؛ لأن هذا المراهق أو الصبي ضبطه موجود ومستمر لكنه خفيف، وأما هذا الكبير في السن فإن ضبطه يأتي ويذهب؛ فهو أشد من الصبي المميز.

وبناء على ذلك؛ إذا صام فهو مأجور على ذلك ويثاب، وإذا لم يصم فليس عليه شيء، وهكذا أيضًا، يقال بالنسبة للصلاة ولسائر الواجبات الشرعية؛ كما أن الصبي المميز إذا أتى للصلاة أُجر وأثيب عليها، وهكذا الصيام، وإذا لم يأت بها فإنه لا إثم عليه؛ باعتبار أن القلم مرفوع عنه، ولكن ما دام أن عقله يأتي أحيانًا فالأحوط أن يُطعَم عنه عن كل يوم مسكينًا؛ لأنه ربما يأتيه الوعي طيلة نهار رمضان، ومع ذلك يشق عليه الصيام، فالأحوط أن يطعم عنه عن كل يوم مسكينًا على سبيل الاحتياط، فإذا كان رمضان ثلاثين يومًا يطعم عنه عن ثلاثين يومًا، وإذا كان تسعة وعشرين فيطعم عنه عن تسعة وعشرين يومًا.

المقدم: أحسن الله إليكم.

متى يبدأ وقت صلاة العشاء؟

في حلقةٍ سابقةٍ سأل أحد المستمعين عن صلاة زوجته بعد الوقت بفترة، وتحدثتم عن أوقات الصلوات، هذا سؤال من حصة، تقول: متى يبدأ وقت صلاة العشاء، أرجو التنبيه على هذا؛ لأن بعض النساء تؤخر صلاة المغرب باعتبار أن بين المغرب والعشاء ساعتين؟

الشيخ: هذا سؤال مهم، وقت صلاة العشاء يبتدئ بغروب الشفق الأحمر، بغيبوبة الشفق الأحمر، فإنه بعد غروب الشمس يصحبها شفق أحمر، وما دام هذا الشفق مستمرًّا فوقت المغرب باقٍ، فإذا غاب هذا الشفق خرج وقت صلاة المغرب ودخل وقت صلاة العشاء، وهو في فترة الصيف يطول أطول فترات السَّنة، وهذه الأيام -عندنا في المملكة- فترة الشفق تصل إلى ساعة وعشر دقائق، لكنها لا تزيد على ذلك، حسَبَ التتبع والسَّبْر والمراقبة، يبقى هذه المدة: ساعة وعشر دقائق تقريبًا، وعلى ذلك؛ فعلى المرأة المسلمة أن تبادر بأداء صلاة المغرب في هذا الوقت، وأن لا تؤخرها بعد هذا؛ لأنها إذا أخرتها بعد ذلك فربما تكون قد صلت الصلاة بعد خروج وقتها.

وأما ما وضع في تقويم أم القرى مِن جعْلِ أذان العشاء بعد ساعتين من غروب الشمس طيلة أيام شهر رمضان المبارك، فهذا ليس معناه: أن وقت العشاء يتأخر، أو أن وقت المغرب يمتد؛ وإنما هذا من باب التوسعة فقط، من باب التوسعة على الناس؛ لكي يكون عندهم وقت متَّسِع للإفطار والعشاء ونحو ذلك، ويُقبِلوا على الصلاة وقد تهيئوا؛ لأن الفترة: ساعة ونصف، ربما لا تتسع لكثير من الناس ويلحق الناس معها الحرج، ولذلك؛ رُوعِيَ هذا وجعل أذان العشاء بعد ساعتين من غروب الشمس، خاصة أن صلاة العشاء الأفضل تأخيرها إلى ثلث الليل، فروعي ذلك، لكن هذا سبَّب لبسًا لدى بعض الناس وبخاصة النساء، ظنن أن وقت المغرب يمتد إلى ساعتين، وأن وقت العشاء لا يدخل إلا بعد ساعتين، وهذا الفهم غير صحيح، وقت المغرب ينتهي قبل ذلك بكثير، وإذا انتهى وقت المغرب دخل وقت العشاء، ولذلك كان يحسن أن يُبيَّن نهاية المغرب، يعني مع تمديد الفترة إلى ساعتين، كان ينبغي التنبيه على نهاية المغرب حتى لا يلتبس ذلك على بعض العامة.

المقدم: أحسن الله إليكم.

حكم التبرع بالصفائح الدموية للصائم

أيضًا هذا سؤال من أحد المستمعين، عن التبرع بالصفائح الدموية، وفيها يُخرَج الدم ويعاد مرة أخرى، ويستخرج منه الصفائح الدموية؟

الشيخ: هذا التبرع، إذا كان الدم الذي يؤخذ كثيرًا: فإنه يكون في معنى دم الحجامة، والحجامة تُفَطِّر الصائم؛ لقول النبي : أفطر الحاجم والمحجوم ^[1].

أما إذا كان الدم يسيرًا: فإنه لا يفطر الصائم، إذا كان أقل من الدم الذي يستخرج في الحجامة عادة، فإنه لا يفطر الصائم، والتبرع بالدم في العادة يكون كثيرًا، ولكن الأخ السائل في هذا السؤال ذكر لنا مسألة أخرى، وهي الصفائح، واستخراج الصفائح ثم إعادة الدم مرة أخرى، فلست أدري هل الدم الذي يصحب هذه العملية كثير أم قليل؟ فإن كان كثيرًا عرفًا فإنه مفسد للصيام، وإن كان يسيرًا فلا يفسد الصيام.

المقدم: أحسن الله إليكم.

حكم الاعتكاف في غرفة داخل سور المسجد

نبدأ بأول المتصلين معنا: يوسف.

السائل: معالي الشيخ سعد، عندي سؤالان بارك الله فيك.

السؤال الأول: بالنسبة للغرفة المجاورة للمسجد: هل تصلح للاعتكاف يعني بينها وبين داخل المسجد تقريبًا 50 مترًا، وهي داخل سور المسجد؟

الشيخ: بابها مفتوح على المسجد؟

السائل: لا ليس مفتوحًا على المسجد.

الشيخ: مفتوح على الخارج؟

السائل: داخل المبنى، للمسجد بابان: باب خارجي، وباب داخلي، فباب الغرفة الداخلي مفتوح في المسجد نفسه…

الشيخ: الصوت يقطع، الآن الغرفة هل هي تفتح على المسجد من الداخل؟ وهل محاطة بسور المسجد؟

السائل: إي نعم بالضبط.

الشيخ: وتفتح على المسجد من الداخل؟

المقدم: تفتح على المسجد أم على الشارع يا يوسف؟

السائل: تفتح داخل.. هي عبارة قصر، فالغرفة لها باب، والباب مفتوح من داخل مبنى.. وليس مفتوحًا للشارع.

الشيخ: الصوت يقطع عندي ما اتضح السؤال.

المقدم: طيب لو نذكر في الحالين في حال كون الباب يفتح على حوش المسجد، أو كان يفتح على الشارع.

الشيخ: طيب، وسؤالك الثاني؟

المقدم: وسؤالك الثاني يا يوسف؟.. طيب يبدو أنه انقطع الخط.

الشيخ: هذه الغرفة إذا كانت محاطة بسور المسجد، ويفتح بابها على المسجد من الداخل، فهذه تأخذ حكم المسجد، ويصح الاعتكاف فيها؛ لأنها تعتبر من المسجد، وفي عرف الناس أنها من المسجد، ومن مباني المسجد، وربما أيضًا، عندما يضيق المسجد يصلَّى فيها، أما إذا كانت تفتح على الشارع من الخارج ولا تفتح على المسجد من الداخل، فهذه ليست من المسجد، هذه أشبه بغرفة الحارس مثلًا، أو مثلا ببعض المحلات التجارية التي تكون متصلة ببناء المسجد وتفتح على الشارع أو تكون أوقافًا للمسجد وتفتح على الشارع من الخارج، هذه كلها ليست من المساجد، هذه في العرف أنها ليست من المساجد.

أما لو كانت محاطة بسور المسجد، وتفتح أبوابها على المسجد، فهذه من المسجد، إذا قلنا: من المسجد. معنى ذلك: أنه يصح الاعتكاف فيها، وإذا قلنا: ليست من المسجد. فلا يصح الاعتكاف فيها.

المقدم: أحسن الله إليكم.

حكم ارتفاع صوت الولد على الوالدة لإقناعها

المتصل الثاني: جمال.

السائل: يا شيخنا، عندي سؤالان:

سؤالي الأول: عندي الوالدة -الله يعطيها العافية ويطول في عمرها- كبيرة في العمر، وعندها مرض السكر، والدكاترة منعوها من أن تصوم، لكنها تصوم، في بعض المرات حينما أكلمها أتحدث إليها على أساس أنني أنصحها لا تصوم، فأقول لها: يا أمي الصيام يتعبك، يا أمي الصيام يتعب جسدك، تقول: خلِّه يتعبني. فنبرتي بالصوت ترتفع لكني ما قصدت أن نبرة صوتي ترتفع عليها، لكن أثناء الحديث والنصيحة لها نبرة صوتي ترتفع؟

الشيخ: لكن السكر الآن من الدرجة الأولى عندها؟

السائل: السكر عندها مرتفع، يصل: 450-500  

الشيخ: وتعطَى العلاج عَبْرَ..

السائل: تعطى علاج حقن (الإنسولين).

الشيخ: نعم.

السائل: فأثناء الحديث معها نبرة الصوت ترتفع خوفًا عليها.

الشيخ: طيب، إذا صامت الآن فيما مضى من رمضان يلحقها ضرر؟

السائل: والله بعض المرات تتعب، وبعض المرات ما عليها ضرر.

الشيخ: وإذا تعبت أفطرت؟

السائل: لا تفطر، تعاند وتكمل يومها.

والسؤال الثاني: أنا دائمًا عندي نوع من العصبية -الله يعطيك العافية يا شيخ- فدائمًا أقول: علَيَّ الطلاق، علَيَّ الطلاق لا أفعل كذا. ثم أفعله، علي الطلاق لا أذهب إلى فلان. ثم أذهب إليه، فما حكم ذلك يا طويل العمر؟

الشيخ: بالنسبة لسؤالك الأول: ما دام أن الأطباء نصحوا والدتك بأن لا تصوم، فينبغي أن تمتثل نصيحة الأطباء، وتطعم عن كل يوم مسكينًا، لكن مع ذلك إذا أصرت هي على الصيام فلا حرج أن تصوم، وإذا احتاجت إلى الفطر أفطرت، إذا احتاجت إلى الفطر فإنها تفطر، لكن من الممكن أن تقنعها، أو تطلب من الطبيب أن يقنعها بأن تفطر، وأن الله ​​​​​​​ الذي فرض الصيام هو الذي أباح الفطر للمريض، قال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، فتُبَيِّن لها الحكم الشرعي، لكن إذا أصرت فاتركها، خاصة أنها الآن فيما مضى من رمضان كانت تصوم ولم يلحقها ضرر أو بأس. لكن إذا رأيتم أنها تعبت فيمكن أن تفطر.

المقدم: يسأل عن رفع الصوت عليها؟

الشيخ: لا ترفع الصوت عليها، أنت أقنعها بالتي هي أحسن باللطف وبالرفق وباللين، إن قبلت فالحمد لله، وإن لم تقبل فاتركها، خاصة هي الآن ترى نفسها أنها صامت ولم يلحقها بأس، يعني هي تحتج بالواقع، والأطباء يذكرون هذا من باب الاحتراز، ومن باب الحذر، وأنه قد يخشى أن يسبب لها ضررًا أو بأسًا أو نحو ذلك، فيُبَيَّن لها الحكم الشرعي بالرفق واللين، فإن أصرت على الصيام فاتركها، ولا ترفع صوتك عليها.

حكم من يكرر لفظ الطلاق بسبب العصبية

المقدم: سؤاله الثاني يقول: عنده عصبية ويكرر لفظة الطلاق؟

الشيخ: تكرار لفظ الطلاق، هذا من التلاعب بحدود الله، ويظهر من أسئلتك يا أخي الكريم، أنك عندك حرص على الخير، وهذا العمل الذي تقوم به هذا لا يجوز، وعليك أن تستفتي عن جميع الحالات التي تلفظت فيها بالطلاق: هل يقع الطلاق أم لا؟ لأنك الآن تكلمت بكلمة الطلاق، ولا بد من أن تُفتَى: هل وقع طلاق زوجتك أو لم يقع، أما كونك تطلق ولا تستفتي ويتكرر هذا منك عدة مرات، فهذا من التلاعب بحدود الله ، هذا العمل لا يجوز، عليك الآن أن تحصي عدد المرات التي حلفت فيها بالطلاق، وأن تستفتي أحد أهل العلم: هل وقع طلاق امرأتك أم لا؟ وعليك أن تتوب إلى الله  من هذا العمل، وألا تحلف بالطلاق، لا تجعل الطلاق على لسانك، جعْل الطلاق على لسان الإنسان هذا دليل على الجهل، وعلى قلة الوعي، وعلى رقة الديانة، وعلى التلاعب بحدود الله ، كيف يجعل الإنسان مصير أسرته لأجل موقف تافه؟! بعض الناس إذا أراد أن يكرم ضيفًا حلف بالطلاق، وبعضهم إذا أراد أن يؤكد خبرًا حلف بالطلاق، هذا عملٌ منكرٌ، وأكثر أهل العلم يرون وقوع طلاقه، بل إن المذاهب الأربعة؛ مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، هذه المذاهب الفقهية الأربعة المتبوعة في العالم الإسلامي يرون أن طلاقه وقع، فعلينا جميعًا أن نتواصى على الإنكار على هؤلاء الذين يتلاعبون بحدود الله ، وأن يقال لمن حصل منه هذا: اذهب لأحد أهل العلم لكي يدرس الواقعة التي حصل فيها الطلاق، ويدرس جميع ملابساتها، ويدرس درجة الغضب، ويدرس موضوع النية ويتأكد، وربما يطلب الزوجة أو يتأكد منها ماذا قال الزوج؟ إذن هي مسألة كبيرة، ليست مسألة هينة، يترتب عليها مصير أسرة، ويترتب عليها استحلال فروج، يترتب عليها أننا إذا قلنا: هي زوجتك، فمعنى ذلك: تبقى في عصمتك، وإذا قلنا: ليست بزوجتك. فتحرم عليك وتباح لزوج آخر، فالمسألة ليست مسألة هينة.

فننصحك أولًا: أن تتوب إلى الله  من هذا العمل، وإذا احتجت للحلف فاحلف بالله، قل: والله. ثم إذا تحقق ما حلفت عليه، وإلا كفِّر كفارة يمين، لكن لا تتلفظ بالطلاق، أما ما مضى فلا بد أن تحصي جميع ما مضى، وتستفي من أهل العلم عن وقوع طلاق امرأتك من عدمه، وهل هي باقية في عصمتك أم لا.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

ما الأولى تقديم تحية المسجد أم السلام على الجماعة؟

ثالث المتصلين: بُرَيْك.

السائل: يا شيخ، إذا دخلت المسجد وفيه جماعة: هل الأولى أن أصلي تحية المسجد، أو أسلم على الجماعة، أو الأمر في هذا واسع؟

الشيخ: طيب، أنت قريب منهم أو بعيد؟

السائل: قريب منهم.

الشيخ: إذا كنت قريبًا منهم فسلم عليهم، ثم ائت بتحية المسجد، أما إذا كنت بعيدًا فتأتي بتحية المسجد ثم تسلم.

المقدم: شكر الله لكم يا شيخ سعد.

حكم جمع التقديم لمن عنده غسيل للكلى

أيضًا: من أسئلة المستمعين، هذا في (تويتر): طلال الشريفي، يسأل يقول: مريض فشل كلوي عنده غسيل الساعة: 8 مساء حتى منتصف الليل أو بعدها بقليل: هل يجمع العشاء مع المغرب، مع العلم أنه يخرج متعَبًا جدًّا، وأيضًا يخشى خروج الوقت؟

الشيخ: يجوز له الجمع في هذه الحال باعتباره مريضًا، فله أن يجمع العشاء مع المغرب جمع تقديم، ولا حرج عليه في ذلك، وهناك خيار آخر وهو: أن يصلي صلاة العشاء بعدما ينتهي من الغسيل، ووقت العشاء الاختياري ينتهي بمنتصف الليل، وأما وقت العشاء الضروري فيمتد إلى طلوع الفجر، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وعليه المذاهب الأربعة أيضًا؛ مذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة: أن وقت العشاء الضروري يمتد إلى طلوع الفجر، فإن أمكنه أن يصلي صلاة العشاء في وقتها، ولو قبل طلوع الفجر ولو مع السحور، مثلًا: قبل أن يتسحر يقوم ويصلي العشاء، هذا هو الأولى، وإن كان هذا يسبب له حرجًا ومشقة فيجوز له أن يجمع العشاء مع المغرب.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

ما الصحيح من أذكار الصباح والمساء؟

فيصل.

السائل: فقط أريد أن أسأل الشيخ عن أذكار الصباح والمساء، الصحيح والضعيف منها؛ لأن بعض الإخوة يقول: اللهم بك أصبحنا.. ضعيف، وأعوذ بكلمات الله التامات من شر الله ما خلق ورضيت بالله ربا..، فنريد أن نعرف الصحيح من الضعيف؟

الشيخ: أذكار الصباح والمساء؛ منها ما هو صحيح، ومنها ما هو ضعيف، وقد بين أهل العلم الصحيح من الضعيف.

فمن الصحيح أولًا: قراء آية الكرسي ^[2]، وسورة الإخلاص والمعوذتين؛ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1]، وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1]، مع تكرارها ثلاث مرات ^[3]، وأيضًا: اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا وبك نموت، وإليك النشور ^[4]، وأيضًا: سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ^[5]، وأيضًا: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه… إلخ ^[6].

وهناك أيضًا أذكار أخرى؛ ومنها ما أشرت إليه: أعوذ بكلمات الله التامَّات من شر ما خلق ^[7]، فهذا أيضًا من أذكار الصباح وأذكار المساء، وبسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ^[8].

وأُحيلك على مرجعٍ مفيدٍ في هذا، وهو كتاب “تحفة الأخيار” لسماحة شيخنا عبدالعزيز بن باز رحمه الله، وقد شرط على نفسه في مقدمة الكتاب ألا يذكر إلا ذكرًا ثبت به حديث صحيح أو حسن، فلو تأخذ هذا الكتيب، وتقتصر على الأذكار الواردة فيه بالنسبة لأذكار الصباح والمساء، فهذا حسن.

المقدم: أحسن الله إليكم.

حكم الصدقة عن قاطع الصلاة وتارك الصوم

من أسئلة المستمعين أيضًا: هذه تسأل تقول: والدها متوفًّى، وكان لا يصلي ولا يصوم، هل يجوز أن تتصدق عنه؟

الشيخ: إذا كان لا يصلي بالكلية لا يركع لله ركعة؛ لا جمعة ولا جماعة، لا يعرف الله طرفة عين، فهذا ليس بمسلم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر ^[9]، وقال: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ^[10]، والله ​​​​​​​ يقول: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا۝إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ [مريم:59-60]، ففي الآية إشارة إلى أن من أضاع الصلاة ليس بمؤمن.

وبناء على ذلك؛ فليس لها أن تتصدق عنه، لكن إذا كان يصلي أحيانًا ويترك الصلاة أحيانًا، فهذا لا زال مسلمًا، ولم يخرج عن دائرة الإسلام، لكنه من الساهين الذين ذكرهم الله تعالى في قوله: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ۝الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، جاء في تفسيرها: أنهم يؤخرونها عن وقتها، وأنهم أيضًا يصلونها أحيانًا ويتركونها أحيانًا، ومع ذلك توعدهم الله تعالى بالويل.

وبما يدل على أن من كان يصلي أحيانًا أنه لا يكفر الكفر الأكبر المخرج عن الملة: حديث عبادة بن الصامت  أن النبي  قال: خمس صلوات كتبهن الله على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافًا بحقهن، كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد؛ إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة ^[11]، أخرجه أبو داود ومالكٌ، وله شواهد وطرقٌ متعددةٌ، وهو حديث صحيح، وهو محمول على من كان يصلي أحيانًا ويترك الصلاة أحيانًا؛ بدليل أنه  قال في أول الحديث: من حافظ عليهن، فالشق الثاني أي: ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله عهد، لكن قال: إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة، وفي رواية أخرى: إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له؛ ولو كان كافرًا لم يكن له سبيل إلى المغفرة أو إلى الجنة.

وهذا هو حال معظم المقصرين في الصلاة، أنهم يصلون أحيانًا، ولو أن يصلوا الجمعة، وأنهم لا يتركون الصلاة بالكلية، ولا يعرفون الله طرفة عين، ولكنهم يصلون أحيانًا الجمعة، ويصلون أحيانًا رمضان، فهؤلاء لا زالوا مسلمين، ولا زالوا في دائرة الإسلام، فيجوز أن يتصدق عنهم وأن يُدعى لهم بالمغفرة والرحمة.

المقدم: أحسن الله إليكم.

حكم تفتيش جوال الولد

نختم بهذا السؤال من إحدى المستمعات، تقول: عندها ولد عمره ستة عشر عامًا، هل يحق لها تفتيش جواله إذا لاحظت عليه بعض الملاحظات أو ما شابه؟

الشيخ: إذا اقتضت المصلحة ذلك فلا بأس، الأصل أنها لا تفتش جواله، ولا تتجسس عليه، ولا تَتَبَّع أموره الخاصة، إلا إذا اقتضت المصلحة ذلك، بأن خشيت عليه وتريد مصلحته؛ كأن تخشى عليه مثلًا أن يقع في المخدرات، أو أن يقع مع أصحاب السوء أو نحو ذلك، ومن باب المصلحة له تريد أن تتأكد من هذا الأمر، وفتشت جواله، أو بعض أموره الخاصة؛ للتأكد من وضع هذا الابن، فهذا لا بأس به؛ لأن مصلحة هذا الابن تقتضي ذلك، أما لو كان الابن أموره مستقيمة، ولكن هذه الأم عندها شيء من الوسوسة فليس لها أن تفتش جواله أو أموره الخاصة، فهذا إذَنْ يختلف باختلاف الحال.

المقدم: أحسن الله إليكم وشكر لكم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، كنت معنا في هذه الحلقة.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.