logo

(10) فتاوى رمضان 1439

مشاهدة من الموقع

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للخلق أجمعين، نبينا محمدٍ عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

أيها الإخوة والأخوات، مستمعي ومستمعات أثير إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية أينما كنتم:

أهلًا ومرحبًا بكم، وحياكم الله في عاشر حلقات هذا البرنامج (فتاوى رمضان)، وعاشر أيام شهر رمضان المبارك لهذا العام، 1439 لهجرة المصطفى .

نستقبل أسئلتكم واستفساراتكم على هاتف البرنامج، أو عبر حساب الإذاعة في (تويتر)، ليجيب عليها -بمشيئة الله تعالى- فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية.

باسمكم جميعًا نرحب بفضيلته: حياكم الله يا شيخ سعد.

الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

حكم إعطاء الزكاة للوالدين أو للأبناء

المقدم: حياكم الله يا شيخ سعد، وأسئلة المستمعين الكرام في (تويتر) كثير منها يدور حول موضوع الزكاة، وكثير منها أيضًا، يسأل عن إعطاء الزكاة للوالدين أو للأبناء، لو نتحدث بإجمال حول هذا الموضوع؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فالزكاة لا تدفع لعمودَيِ النسب؛ لا للوالدين وإن عَلَوَا، ولا للأولاد وإن نزلوا، وذلك؛ لأن هؤلاء إذا احتاجوا فيجب سد حاجتهم من حُرِّ مال الإنسان وليس من الزكاة؛ لأن الزكاة أوساخ المال، وإذا احتاج الوالدان فيعطيهم الإنسان من حُرِّ ماله، وهكذا، لو احتاج الأولاد يعطيهم الإنسان من حُرِّ ماله وليس من الزكاة، إلا في حالة واحدة، وهي في حال سداد الدين الحالِّ الذي عجز الإنسان عن سداده، فيجوز للوالد أن يسدد الدين عن ولده إذا كان الدين حالًّا، وهذا الولد عاجز عن سداد هذا الدين، وهكذا أيضًا، يجوز للولد أن يسدد الدين عن والده إذا كان الدين حالًّا، وعجز الوالد عن سداد هذا الدين، وذلك؛ لأن الوالد ليس ملزمًا بسداد الديون عن أولاده، وهكذا الولد ليس ملزمًا بسداد الديون عن والديه، وعلى ذلك؛ فيجوز أن تسدد هذه الديون من أموال الزكوات، أما ما عدا الديون فلا تدفع الزكاة لأجل ذلك؛ وإنما عند الحاجة يعطيهم الإنسان من حر المال وليس من الزكاة.

المقدم: أحسن الله إليكم.

حكم الزكاة في المال الذي رُصد لشراء أرض

أيضًا حول موضوع الزكاة، أحدهم يسأل يقول: عندي مبلغ من المال قرضٌ لشراء أرضٍ من أربع سنواتٍ للسكن وليست للاستثمار، فهل يجب في هذا المبلغ الزكاة؟

الشيخ: ما دام هذا المبلغ مُرْصَدًا عندك، وقد بلغ نصابًا، ففيه الزكاة كلما حال عليه الحول، ولو كان بغرض شراء مسكنٍ، فكونه لشراء سكنٍ، أو للنفقة، أو للادخار، أو للزواج، أو لأي غرض من الأغراض، فهذه الأغراض كلها غير مؤثرةٍ، ما دام قد بلغ نصابًا وحال عليه الحول ففيه الزكاة.

وبناء على ذلك؛ نقول للسائل الكريم: عليك أن تزكي عن السنوات الأربع الماضية كلها، تزكي هذا المال، والمال إذا زكي فليس بكنز، أما إذا لم يُزَكَّ فهو كنز يعذب به صاحبه يوم القيامة؛ كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ۝يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ [التوبة:34-35].

قال أهل العلم: الكنز الذي يعذَّب عليه صاحبه يوم القيامة: هو المال الذي لم يُزَكَّ، أما إذا زُكِّيَ فلا يعتبر كنزًا؛ وإنما هو مال حلال ومباح للإنسان، لكن إذا لم يُزكَّ فإنه يكون كنزًا يعذب به صاحبه يوم القيامة.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

حكم الزكاة في الأرض التي لم تُعد للبيع

أيضًا من الأسئلة عن الزكاة، سؤال من فهد، يقول: عندي أرض، هل عليها زكاة؟ علمًا أن لها أكثر من خمس سنوات، وليس لدي رغبة في بيعها؟

الشيخ: ما دمت لا تنوي بيعها فليس فيها زكاة، والأرض التي يملكها الإنسان تتأثر بنية المالك؛ فإن كان المالك لا ينوي بيعها، كحال الأخ السائل؛ وإنما يريد أن يبني عليها بيتًا أو استراحةً، أو يريد أن يبني عليها عقارًا لتأجيره ونحو ذلك، فهذه الأرض لا زكاة فيها، وهكذا أيضًا، لو كانت نيته مترددةً؛ تارةً يقول: أريد أن أبيع. وتارةً يقول: أريد أن أبني. ولم تَـتَمَحَّضْ في البيع، فهذه أيضًا لا زكاة فيها، أما إذا نوى بهذه الأرض البيع في الحال أو في المستقبل، فهذه فيها الزكاة، يُقَيِّمُها عند تمام الحول ويخرج ربع عشر قيمتها.

المقدم: أحسن الله إليكم.

نبدأ بأول المتصلين معنا: أم سَجَى.

السائلة: لدي أربعة أسئلة:

أول سؤال: اعتمرت أنا وبناتي، وبعدما انتهينا، طبعًا أنا كنت متأكدة أني في الشوط السابع في السعي، يعني متيقنة، بعدما انتهينا بنتي تقول لي: لا يا أمي، هذا ما هو الشوط السابع، باقي لنا شوط ونكمل. طبعًا أنا على علم بأننا نبدأ بالصفا وننتهي بالمروة، المهم وصلت البيت، وبدأ الشك يراودني فما أدري، ماذا أفعل؟ هذا السؤال الأول.

السؤال الثاني: لما وصلنا، أنا أحلَلْت لبناتي وبناتي أحَلُّوا لي، قصروا لي شعري، فما أدري، البعض يقول -على أساس أني أنا لم أَحْلِل من العمرة- كيف أُحَلِّل لهم وأنا ما زلت معتمرة، فكيف أُحَلِّل لشخص؟ إن شاء الله وصل القصد من السؤال؟

الشيخ: إي نعم، واضح، واضح.

السائلة: طيب، عبارة: كل الشكر لفلان، أنا معلمة، وإحدى طالباتي قالت لي: لا يجوز تقولي: كل الشكر؛ لأن كل الشكر لله وليس لشخص من البشر، يعني أنا مثلًا أقول: أشكركِ، جزاكِ الله خيرًا، لكن لا أقول: كل الشكر لكِ.

آخر سؤال: مادة (البروتين) حاليًّا موجودة عند مشاغل النساء، تفرد الشعر، هل فضيلة الشيخ لديه علم إن كانت هذه المادة تعمل طبقة عازلة على الشعر تمنع وصول الماء أم لا؟ الله يجزيك خيرًا، والأسئلة كلها -إن شاء الله- تجاوب عليها، الله يجزيك الجنة.

المقدم: تسمعين الجواب -إن شاء الله- أم سجى.

حكم الشك في عدد الأشواط بعد الفراغ من السعي

شيخ سعد، تسأل: السؤال الأول: الشوط السابع في السعي، شكَّت أو شكَّ فيه بناتها؟

الشيخ: عمرتها صحيحة هي وبناتها، وهذا الشك لا يلتفت إليه؛ لأن هذا الشك إنما طرأ بعد الفراغ من السعي، وعند أهل العلم قاعدة، وهي: أن الشك الطارئ على العبادة بعد الفراغ منها لا يلتفت إليه. والأخت الكريمة تقول: إنها كانت متيقنة أنها سعت سبعة أشواط، لكن بعدما فرغوا من السعي بدأ الشك، وأثارت إحدى بناتها التشكيك بعدد الأشواط، فهذه الشكوك لا يلتفت لها؛ لأنها إنما طرأت بعد الانتهاء وبعد الفراغ من السعي، وعلى هذا؛ نقول للأخت الكريمة : سعيك صحيح، وعمرتك صحيحة، والحمد لله، ولا تلتفتي لهذه الشكوك.

حكم من قصَّرت لبناتها وقصَّرْن لها للتحلل من النسك

المقدم: أيضًا تسأل، تقول: أحلت لبناتها وأحلوا لها، ما حكم ذلك؟

الشيخ: لا بأس بهذا، هي قصت من شعر بناتها، وأيضًا بناتها قصصن من شعرها، والجميع محرمون، لا بأس بهذا؛ لأن هذا إنما هو فعل نسك، هي تفعل نسكًا ولم تَقُصَّ، وهي أيضًا قد فرغت من الطواف ومن السعي؛ فهي تريد أن تتحلل فقصت لبناتها وقصصن لها، هذا كله لا بأس به، وربما أنها سمعت بعض من يمنع هذا، وهذا قول مرجوح، والصواب: أن هذا كله لا بأس به.

حكم قول كل الشكر لفلان

المقدم: أيضًا عبارة: كل الشكر لفلان.

الشيخ: كل الشكر، وخالص الشكر، هذه كرهها كثير من أهل العلم، قالوا: هذه إنما تكون لله عز وجل، فالأولى تركها؛ لأن الألفاظ التي تحتمل معان غير جيدة ينبغي اجتنابها، والله تعالى قد قال في كتابه الكريم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا [البقرة:104]، مع أن رَاعِنَا بمعنى: انْظُرنا، وزنًا ومعنًى، لكن لما كان معنى رَاعِنَا يوهم معنًى يريده اليهود نهى الله تعالى المؤمنين عن استعمال هذا اللفظ، وأمرهم بأن يختاروا لفظًا آخر، وهو: انْظُرْنَا، وإن كانا بمعنًى واحدٍ، هكذا أيضًا نقول: الألفاظ التي قد تحتمل معانيَ غير مناسبةٍ ينبغي للإنسان أن يجتنبها، وأن ينتقي الألفاظ التي لا ترد عليها إشكالاتٌ.

حكم استعمال مادة (البروتين) لفرد الشعر

المقدم: بقي من أسئلة أم سَجَى تقول: مادة (البروتين) لفرد الشعر، هل تمنع وصول الماء؟

الشيخ: هذه المادة إن كان لها طبقة عازلة؛ بحيث لا يصل الماء إلى الشعر، فهذه تجتنب، إلا إذا أمكن أن تستخدمها المرأة فترة مؤقتة إلى حين الغسل ثم تزيل هذه الطبقة، أما إذا كانت هذه المادة لا تُكَوِّن طبقةً تمنع من وصول الماء إلى الشعر؛ وإنما هي كالطبقة اليسيرة، أو التي تشبه الألوان أو نحو ذلك، فهذه لا تضر، والمرجع في معرفة كونها طبقة عازلة للماء أو غير عازلة هو لأهل الصنعة، فيسأل أهل الصنعة ومن يمارس هذا العمل: هل هذه المادة التي توضع على الشعر، هل لها طبقة تمنع وصول الماء إلى الشعر؟ أو أنها ليس لها طبقة تمنع وصول الماء إلى الشعر، أهل الاختصاص وأهل الصنعة هم الذين يفيدوننا في ذلك.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

أبو عبدالعزيز.

السائل: يا شيخ، الله يحفظك، أنا أديت عمرة يوم الخميس الفائت، وصلنا الحرم تقريبًا الفجر، وأخذنا سبعة أشواط على الكعبة، ولكن من الزحام الذي فيها يمكن أنني زدت، الله أعلم ما أدري، ولكن بعدها صلينا ركعتين وسعينا بنفس الطريقة، وبعدها طلعنا من الحرم، وأخذت مقصًّا من المحلات الصغار هذه، وقصقصت إخواني معي بالمَجَّان، ما أدري أيش رأيك؟ هل العمرة تمت؟

الشيخ: والإشكال عندك في ماذا؟

السائل: الإشكال عندي في الطواف، والإشكال في القصقصة هذه.

الشيخ: طيب، الطواف يعني شكيت أنك زدت؟

السائل: ما أدري والله، مع الزحام ضيعت العدد، فما أدري، هل أنا فعلًا أخطأت، ليس هناك نقص ولله الحمد، لكن إن كان هناك زيادة.

الشيخ: نعم، نعم طيب.

السائل: أما السؤال الثاني: عندي المرأة -هدانا الله وإياها وكل مسلم إن شاء الله- يا أخي الصلاة هذه -طال عمرك- ما تصلي في نفس الوقت، لما يؤذن مثلًا ما تصلي، ولكن أقول: يا بنت الحلال ليش ما تصلين الصلاة في وقتها؟ تقول: أنا حرمة في البيت، طيب، لا مشكلة، ولو أنك حرمة كذلك، أول ما يؤذن صلي، وانتهينا. يعني العشاء ما تصليها إلا الساعة: 10.30، والعصر مثلًا ما تصليها إلا الساعة: 5، أو 4.30.

المقدم: واضح سؤالك يا أبا عبدالعزيز.

الشيخ: لكنها تصلي قبل خروج الوقت؟

السائل: ما أدري أنا، خروج الوقت هل هو بعد الساعة كذا.

الشيخ: طيب، الآن اتضحت العصر والعشاء، طيب، الفجر تصلي بعد طلوع الشمس؟

السائل: لا، الفجر قبل شروق الشمس.

الشيخ: والمغرب؟

السائل: والمغرب لا، يعني أقول لك ما هي دائمًا، ولكن طبعًا أغلب الأحيان ما تصلي الصلاة في وقتها نهائيًّا.

الشيخ: طيب، واضح.

السائل: السؤال الثالث يا شيخ: هل الصبغة في رمضان تفطر أم لا؟

الشيخ: صبغات الشعر؟

السائل: إي نعم.

المقدم: واضح سؤالك يا أبا عبدالعزيز.

أبو عبدالعزيز يسأل يا شيخ:

حكم عمرة من شك أنه زاد على أشواط الطواف

السؤال الأول: عن عمرة يخشى أنه زاد في عدد الأشواط في الطواف؟

الشيخ: أقول: عمرتك صحيحة، والطواف صحيح، وأنت فعلت بما غلب على ظنك في عدد الأشواط، وأنت أيضًا تقول: إنك متيقن بأنك لم تنقص عن سبعة أشواط، لكنك تخشى من أنك قد زدت على سبعة، لا حرج عليك، المهم أنك ما نقصت عن سبعة أشواط، وإذا حصلت زيادة فهي بطريقة الخطأ ولا تضر، فطوافك صحيح وعمرتك صحيحة، وأما كونك قصصت لمن معك، فهذا لا يضر كما قلنا قبل قليل في السؤال السابق، هذا لا يضر، كونك تقص لمن معك وهو محرم وأنت محرم، وهو يقص لك أيضًا وهو محرم، هذا كله لا بأس به.

يشكو أن زوجته لا تصلي في الوقت

المقدم: أيضًا سؤاله الثاني: تحدَّث عن صلاة النساء في البيوت، على الوقت وما شابه؟

الشيخ: بالنسبة لما ذكره عن زوجته، فالذي يظهر من العرض الذي عرضت: أن زوجتك تصلي في الوقت؛ ولذلك يحتاج أن يُبيِّن متى ينتهي وقت كل صلاة.

بالنسبة للفجر: الفجر ينتهي وقتها بطلوع الشمس، والظهر يمتد وقتها إلى أذان العصر، يعني وقت الظهر واسع وكبير، ولذلك ما ذكرتَ من أنها تصلي الساعة الواحدة، لا حرج، بل حتى لو صلت الساعة الثانية، بل حتى لو صلت الساعة الثالثة لا يضر، ما دامت صلت قبل أذان العصر، وبالنسبة للعصر أيضًا هي صلت في الوقت ما دامت تصلي في حدود الساعة الخامسة أو الخامسة والنصف، والآن ما يؤذن إلا السادسة وخمس وثلاثون دقيقة وأكثر؛ فهي في الحقيقة صلت في الوقت، لكن كونها تصلي في أول الوقت أفضل، لكن لا يستوجب هذا الإنكار عليها، وأيضًا المغرب، هي تصلي في الوقت، والعشاء كذلك، العشاء: الأفضل للمرأة أن تؤخر الصلاة عن أول وقتها، تؤخرها إلى ثلث الليل، لكن لا تؤخرها إلى ما بعد منتصف الليل، فهي ما دامت تصلي في حدود الساعة العاشرة فهي تصلي في الوقت، فما تفعله زوجتك لا شيء عليها فيه، ولا يستوجب هذا الإنكار، إلا أنك فقط أردت أن ترشدها لأن تصلي الصلاة في أول وقتها؛ لكون الصلاة في أول وقتها أفضل، فهذا طيب، لكن لأنها ارتكبت أمرًا محرمًا فهي لم ترتكب أمرًا محرمًا؛ لأنها تصلي جميع الصلوات في أوقاتها.

المقدم: أحسن الله إليكم.

حكم صبغة الشعر للصائم

سؤاله الأخير كان عن صبغة الشعر تفطر أو لا؟

الشيخ: لا تفطر، ليس هناك علاقة بين صبغة الشعر وبين مفطرات الصائم، فالصوم صحيح والحمد لله.

المقدم: نعم، عبدالعزيز.

السائل: عندي ثلاثة أسئلة – إن شاء الله- على عجالة:

السؤال الأول: من عليه كفارة يمين، هل يجزئه إخراجها في إفطار صائم؟

السؤال الثاني: حكم استخدام المستحضرات والعطورات التي تحتوي على كحول، سواء على الملابس أو على الجلد وما شابه؟

السؤال الأخير: هل الأخذ بقولٍ أو أقوالٍ في مسألةٍ دون أخرى يعد مِن تَـتَبُّع الرخص؟ وجزاكم الله خيرًا.

هل كفارة اليمين يجوز أن يُفَطَّر بها الصائمون؟

المقدم: سمعت أسئلة عبدالعزيز يا شيخ سعد، كان سؤاله الأول عن كفارة اليمين هل يجزئ فيها تفطير الصائم؟

الشيخ: كفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين، ولو أراد أن يجعلها في تفطير الصائمين فيجوز بشرط أن يتأكد من أن جميع هؤلاء الصائمين من الفقراء أو المساكين، أما إذا كان لا يعلم، وإنما يريد أن يدفعها لموائد تفطير الصائمين العامة التي تكون عند المساجد ونحوها، فهذا لا يجزئ؛ لأن هذه الموائد قد يحضرها أناس من غير الفقراء والمساكين ويفطرون معهم، بل قد يأتي معهم من غير المسلمين، وهذا كثير؛ يحضر موائد الصائمين بعض العمالة من غير المسلمين، وهؤلاء لا يجزئ أن يكون الإطعام في الكفارة لهم، فإذا كنت لا تعرف أحوال هؤلاء الذي يُفطَّرون فلا تعطهم هذا الإطعام الذي هو للكفارة، وإنما تدفعها للفقراء أو المساكين من المسلمين.

أما لو قُدِّر أنك عرفت أحوال هؤلاء وأنهم عشرة أو أكثر، وكلهم مسلمون، وكلهم من الفقراء والمساكين، فيجزئ ذلك.

حكم استعمال العطور الكحولية

المقدم: سؤاله الثاني كان عن وجود الكحول في العطور، سواء على الجلد أو الثياب؟

الشيخ: هذه المسألة ترجع لمسألة أخرى، وهي: هل هذه الكحول طاهرة أم نجسة؟ والقول الراجح عند كثير من المحققين من أهل العلم: أنها طاهرة وليست نجسة، وليس هناك دليل ظاهر يدل على نجاستها، ومما يدل لذلك: أنه لما نزل تحريم الخمر أراقها كثير من الصحابة أراقوا الخمر في سكك المدينة، ولو كانت نجسة لما فعلوا ذلك؛ لأن إراقتها في سكك المدينة يقتضي تنجيس هذه السكك وهذه الطرقات، وكان كثير من الناس في ذلك الزمن فقراء، وكثير منهم ليس لهم نعال، فتعلق النجاسة بأقدامهم فلو كانت نجسة لما فعلوا ذلك، ثم إنه ليس هناك دليل ظاهر يدل على النجاسة، وأما قول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90]، فالمقصود بذلك النجاسة المعنوية؛ بدليل أن الله تعالى قرنها بالميسر والأنصاب والأزلام، والميسر الأنصاب والأزلام نجاستها معنوية باتفاق العلماء، وكذلك أيضًا بالنسبة للخمر، والتي أصل مادتها هو الكحول.

وعلى ذلك؛ فتعتبر هذه المستحضرات وهذه المطهرات ونحوها، مما يشتمل على كحول، طاهرةً وليست نجسةً -على القول الراجح- فلو وضعت على الملابس أو على البدن ونحو هذا، فلا حرج في هذا، وهي طاهرة وليست نجسة في أرجح أقوال أهل العلم.

هل الأخذ بقول بعض العلماء من تتبع الرخص؟

المقدم: سؤال عبدالعزيز الأخير كان عن الأخذ بقول بعض العلماء في بعض المسائل، وقول آخرين في مسألة أخرى: هل هذا يعتبر من تتبع الرخص؟

الشيخ: إذا كان هذا على سبيل التشهي؛ فهذا يعتبر من تتبع الرخص، وعند العلماء قاعدة: أن من تتبع الرخص فقد تزندق، فليس للإنسان أن يتتبع الرخص؛ وإنما إذا اختلف العلماء فيجب على المقلد وعلى المستفتي وعلى السائل أن يتَّبع من يرى أنه أوثق العلماء بعلمه ودينه وأمانته، يلزمه ذلك، وليس له أن يأخذ بالأيسر، ولا يأخذ بالتشهي وما تهوى نفسه؛ وإنما بمن يرى أنه أوثق هؤلاء العلماء في علمه ودينه وأمانته؛ كما لو اختلف طبيبان أو أكثر في وصفة طبية أو نحو ذلك، تجد أن الإنسان فيما يتعلق بصحته يأخذ بمن يرى أنه أحذق الأطباء وأعلمهم، وأكثرهم خبرة ودراية؛ هكذا أيضًا فيما يتعلق بالمسائل الشرعية عند اختلاف العلماء: يلزم السائل والمستفتي أن يأخذ برأي من يرى أنه أوثقهم وأعلمهم وأكثرهم ديانة وأمانة.

ما ينزل بعد سن الخمسين هل  يعد حيضًا؟

المقدم: أحسن الله إليكم.

نتوقف عن أسئلة المتصلين، ونعود إلى أسئلة الإخوة في (تويتر)، أم أحمد تقول: تبلغ من العمر خمسةً وخمسين عامًا، ينزل منها دم أحمر شفاف كل شهر، خمسةً إلى أربعة أيامٍ: هل هذا يمنعها من الصلاة والصيام أم لا؟

الشيخ: نعم، هذا الدم الذي يخرج منها هو دم حيض، والله تعالى يقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222]، فإذا رأت المرأة هذا الأذى فإنه يأخذ أحكام الحيض، خاصةً أنه يأتي بهذا القدر أربعةً أو خمسة أيام، يعني أنه قريب من المعتاد مما يأتي النساء، وهو دم؛ فالأصل فيه أنه دم حيض، وعلى هذا؛ إذا خرج منها هذا الدم لا تصلي ولا تصوم ويكون حكمها حكم المرأة الحائض تمامًا؛ فيعتبر هذا الدم دم حيض.

هل الاستماع للقرآن يعد مثل قراءته

المقدم: أيضًا من أسئلة المستمعين: هل الاستماع للقرآن يُعدُّ مثل قراءته، بمعنى: لو سمعت جزءًا كاملًا كأنني ختمته؟

الشيخ: الاستماع للقرآن عمل صالح، والنبي كان يحب أحيانًا أن يستمع للقرآن، وقال لابن مسعودٍ : اقرأ علَيَّ. فقلت: يا رسول الله، أقرأ عليك وعليك أنزل؟! قال: إني أحب أن أسمعه من غيري [1]

وأيضًا: هو من أسباب زيادة الإيمان؛ كما قال الله تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال:2]، فبيَّن الله ​​​​​​​: أن الاستماع للقرآن مما يزيد الإيمان، فإذا تليت الآيات على الإنسان، وهو مستمع لا مجرد سامع؛ وإنما مستمع ومتدبر لهذه الآيات؛ فهذا من أسباب زيادة الإيمان، فهو عمل صالح، ويؤجر الإنسان ويثاب عليه، لكن الذي يظهر: أن ثواب التلاوة أعظم أجرًا؛ لأن التلاوة ورد فيها من الفضل ما لم يرد في الاستماع، والله تعالى أثنى على الذين يتلون القرآن فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ۝لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ [فاطر:29-30]، وقال: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [يونس:61]، فقال: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ [يونس:61]، معنى ذلك: أن تلاوة القرآن داخلة في الشأن، لكن الله تعالى خصها لشرفها وفضلها، فورد في فضل تلاوة القرآن ما لم يرد في الاستماع، فالتلاوة أعظم أجرًا وثوابًا من الاستماع، لكن الاستماع أيضًا يؤجر عليه الإنسان ويثاب، وهو من أسباب زيادة الإيمان.

المقدم: أحسن الله إليكم، وشكر الله لكم شيخ سعد.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 4583، ومسلم: 800.
zh