logo

(9) فتاوى رمضان 1439

مشاهدة من الموقع

الحمد لله وكفى، وصلاةً وسلامًا على النبي المصطفى، وآله وصحبه ومن سار على نهجهم واتبع أثرهم واقتفى.

أهلًا ومرحبًا بكم -مستمعينا ومستمعاتنا- في تاسع أيام هذا الشهر المبارك، شهر رمضان الكريم، لعام 1439 للهجرة.

وحلقة جديدة من برنامجكم (فتاوى رمضان)، حيث نستقبل أسئلتكم واستفساراتكم على هاتف البرنامج، أو عبر حساب الإذاعة في (تويتر) ليجيب عليها -بمشيئة الله تعالى- فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية.

باسمكم جميعًا نرحب بفضيلته: حياكم الله يا شيخ سعد.

الشيخ: أهلًا، حياكم الله وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

وقت ساعة الإجابة يوم الجمعة

المقدم: حياكم الله يا شيخ سعد، نحن في هذا اليوم الفضيل من أيام رمضان، وأيضًا هو يوم الجمعة المبارك.

أصح الأقوال في وقت ساعة الإجابة يوم الجمعة، لعلنا نبدأ بهذا السؤال؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد جاء في “الصحيحين” عن أبي هريرة : أن النبي قال: إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه، وأشار بيده يقللها [1].

ومعنى: “وأشار بيده يقللها”، أي: أنها لحظات يكون الدعاء فيها مستجابًا، فالمقصود بالساعة ليست هي الساعة التي هي 60 دقيقة، وإنما المقصود بها في الحديث: لحظات يكون الدعاء فيها مستجابًا.

وقد اختلف العلماء في هذه الساعة، وذكر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في تحديدها أكثر من أربعين قولًا، وأصح وأرجح الأقوال، كما قال ابن القيم وجماعة من المحققين من أهل العلم: أرجحها قولان:

  • القول الأول: أنه من حين دخول الخطيب إلى أن تُقضَى الصلاة، ويدل لذلك: حديث أبي موسى في “صحيح مسلم” [2].
  • والقول الثاني: أنها آخر النهار، آخر وقت من النهار، يعني قبيل غروب الشمس، اللحظات التي تسبق غروب شمس يوم الجمعة.

وهذه وردت فيها عدة آثار عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم، وذكر ابن القيم -رحمه الله- في “الهدي”: أن هذه الساعة مُعَظَّمة عند أهل الكتاب، وأنها مما لم يدخله التحريف عندهم؛ إذ إنهم لا مصلحة لهم في تحريفها، فهي معظمة عند جميع الملل، وهي أرجى ما تكون من ساعات الإجابة.

فإذَنْ، يكون أرجح الأوقات موافقة لساعة الإجابة يوم الجمعة، آخر ساعة بعد العصر، ومن حين دخول الخطيب إلى أن تُقضَى الصلاة.

المقدم: أحسن الله إليكم.

حكم العمل بالأحاديث الضعيفة

شيخ سعد، الأحاديث؛ الضعيف منها والصحيح والحسن، من حيث الصحة والبطلان: ما الفرق بينها، ومتى يعمل بالحديث الضعيف؟ هذا السؤال من جواهر.

الشيخ: ما صحَّ من أحاديث النبي فيه غُنْيَةٌ عما لم يصحَّ، وقد قيض الله تعالى لهذه الأحاديث أئمةً وعلماء، دققوا في أسانيدها، وبينوا الصحيح من الضعيف، وخدموا السنة خدمة عظيمة، حتى إنهم لا يقبلون الحديث إلا بعد معرفة سنده إلى النبي ، ويعرفون حالة كل راوٍ، حتى إن الراويَ إذا كان مجهولًا لم يقبل حديثه، فقيض الله تعالى أئمةً وجهابذةً علماء خدموا السُّنة خدمةً عظيمةً، فما صحَّ فيه غُنية عما لم يصح، ولكن جمهور العلماء رأوا أنه يمكن أن يؤخذ بالحديث الضعيف بشروط عندهم؛ منها: ألا يكون الضعف شديدًا.

ومنها: أن يكون في فضائل الأعمال، فلا يكون في الأحكام.

ومنها: أن يكون له أصل في الشريعة.

ومنها : ألا يعتقد أن النبي قد قاله، ويأتي به بصيغة الرواية يقول: رُوي عن النبي ، ولا يجزم بنسبته للنبي .

فالجمهور رأوا: أن الحديث ضعيف يمكن أن يستدل به بهذه الشروط:

  • ألا يعتقد أن النبي قاله.
  • وألا يكون ضعفه شديدًا.
  • وأن يكون له أصل في الشريعة يندرج تحته.
  • وألا يكون في الأحكام؛ وإنما يكون في فضائل الأعمال.

فبهذه الشروط يكون الحديث الضعيف عند جمهور أهل العلم مقبولًا، إذا تحققت هذه الشروط.

حكم من منعها الأطباء من الصيام مدى الحياة

المقدم: جزاكم الله خيرًا، من أسئلة المستمعين في (تويتر) هذا سؤال من (الفِيفِي)، تقول: صديقتي بأمريكا أصابها مرض السكري، فوضعوا لها مضخة (الإنسولين)، وهي: مضخة صغيرة تثبَّت بحزام على البطن، يوجد بها أنبوب وإبرة تكون في داخل البطن لضخ الإنسولين، ويوضع الدواء فيها صباحًا ومساءً، تعمل 24 ساعة، منعها الأطباء من الصيام مدى الحياة، تقول: كيف تقضي، خاصة وهي تحاول صيام الأيام القصيرة؟

الشيخ: ما دام أن الأطباء منعوها من الصيام؛ فإنها تمتثل نصيحة الأطباء ولا تصوم، والله ​​​​​​​ لما فرض الصيام، قال: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَر يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ [البقرة:185]، فهي معذورة بذلك، فالذي فرض الصيام هو الذي أباح للمريض الفطر، فعليها أن تستجيب لنصيحة الأطباء، وتفطر ولا تصوم وليس عليها حرج، وتطعم عن كل يوم مسكينًا.

حكم منع الوالدين زواج بناتهم

المقدم: أيضًا من أسئلة المستمعين في (تويتر) هذا سؤال من إحدى الأخوات تسأل عن الأم التي ترفض زواج بناتها مع تقدم العمر بهن، وغير ذلك أيضًا، ما يحدث من بعض الآباء من منع الفتيات من الزواج؟

الشيخ: منع الفتاة من الزواج بمَرْضِيِّ الدِّين والخُلق يسميه الفقهاء: عَضْلًا، وهذا العضل محرم، وعند أهل العلم أنه إذا تكرر فإن العاضل يكون فاسقًا، وفيه ظلم كبير وتعد على المرأة بأمر مهم بالنسبة لها، وهو زواجها.

وبعض الوالدين من الآباء أو الأمهات، قد لا يكون سويًّا من الناحية النفسية، فقد يكون لديه مشاكل، قد يكون لديه خوف من اتخاذ القرار، قد تكون نظرته للزواج وللأمور غير سوية، قد يكون عنده سوء ظن مبالغ فيه في الآخرين، فلا تكون هذه الفتاة ضحيةً لأبيها أو ضحيةً لأمها؛ وإنما تقبل بهذا الزوج أو الخاطب الذي تقدم لخطبتها، ما دام مرضي الدين والخلق، ما دام قد تقدم لخطبتها وهو مرضي الدين والخلق، فإنها تقبل به، فإذا كان العاضل هو والدها تسقط ولايته وتنتقل لمن بعده من الأولياء، لكن يكون ذلك عن طريق المحكمة الشرعية.

وكذلك أيضًا: لو كان الذي يرفض هي والدتها، فلا تجب طاعتها في ذلك؛ لأن طاعة الوالدين إنما تجب في المعروف، وليس من المعروف أن هذه الأم تمنع ابنتها من الزواج.

فعلاقة الوالدين بأولادهما ليست علاقة تسلطية يظلمان فيها الأولاد، وإنما هي علاقة رعاية ومصلحة وحنان وتربية، فإذا خرجت عن هذا الغرض وهذا المقصود، وأصبح فيها نوع من التسلط والظلم، لم تجب طاعة الوالدين في ذلك.

وعلى الوالدين أن يتقيا الله ​​​​​​​ في أولادهما، وأن يسعيا في تزويجهما من البنين ومن البنات، لكن إذا كان أحد الوالدين عنده عقبات أو حواجز نفسية، أو أمور من هذا القبيل، فلا تترك الفتيات ضحية لآبائهم أو أمهاتهم.

حكم المرور بين يدي المصلي في المسجد النبوي

المقدم: أحسن الله إليكم.

نبدأ بأول المتصلين، معنا: أبو عبدالملك.

السائل: السؤال الأول: بالنسبة للمرور بين يدي المصلي، موسم رمضان يختلف عن بقية المواسم بالنسبة للزحام في المسجد النبوي، وهناك أوقات -يا شيخنا- فيها مشقة كبيرة، خاصة بعد المغرب، هل يجوز في هذه الحال المرور بين يدي المصلي؛ للمشقة الظاهرة؟

الشيخ: لا يجوز المرور بين يدي المصلي، إلا في المسجد الحرام خاصةً، نظرًا للمشقة الكبيرة التي تلحق الناس والحرج العظيم، ولذلك؛ كثير من أهل العلم استثنوا المسجد الحرام من هذا.

وأما المسجد النبوي: فليس هناك مشقة كبيرة، الصفوف منتظمة؛ لأن المسجد الحرام فيه الكعبة وهناك الطائفون، وهناك المعتمرون، وأيضًا -في وقت الحج- الحجاج، فالوافدون كُثُرٌ؛ هؤلاء يفدون، وهؤلاء يصلون، فيختلط الناس؛ فتكون المشقة كبيرة، أما المسجد النبوي: فالناس منتظمون خلف إمام واحد، ويمكن -إذا أراد الإنسان أن يمر- أن يطلب من الشخص الذي يتنفل أن يتقدم وأن يمر خلفه، هذا أمر يغفل عنه كثير من الناس، تجد أنه يأتي ويريد المرور بين يدي الصف، وربما هذا يصلي ويبقى محرجًا ماذا يفعل؟ فنقول: يمكن أن يطلب من المصلي أن يتقدم ويمر من ورائه، وبذلك يتحقق غرضه ولا يحصل قطع الصلاة.

السائل: أحسن الله إليكم.

حكم من استعملت العلاج وقت أذان الفجر

شيخنا السؤال الثاني: امرأةٌ تقول: نسِيَت أن تأخذ علاج الضغط، وبعد أن سمعت الأذان تذكرت، فأخذت العلاج والمؤذن يؤذن، تقريبًا كان في الحيعلة، تقول: ماذا عليها الآن؟

الشيخ: صومها صحيح ولا شيء عليها؛ قد جاء في حديث أبي هريرة  أن النبي قال: إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه [3]، أخرجه أبو داود، وله شواهد وطرق متعددة، يثبت بمجموعها؛ ولأن الله تعالى إنما أناط الإمساك بقوله: حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ [البقرة:187].

والآثار عن الصحابة والتابعين في هذا تدل على تسامحهم في هذه القضية، وعدم تشديدهم فيها، كان ابن عباس رضي الله عنهما يبعث غلامين يَرْقُبَان له الفجر، فإذا قال أحدهما: طلع. وقال الآخر: لم يطلع. جعل يأكل حتى يتفقان على أنه طلع، فالأمر في هذا فيه سعة، والحمد لله، وصومها صحيح.

حكم أداء الصائم للعمرة مع المشقة

السائل: آخر سؤال يا شيخنا -غفر الله لك ولوالديك- شيخنا، بالنسبة للبعض الآن يأخذ العمرة ويوصل مكة في النهار وهو صائم، ويأخذ العمرة وهو صائم، يقول: ربما هذا أعظم أجرًا وهو يجد مشقة، ولو أفطر ربما لتفرغ للعبادة وأداها بشكل أفضل، توجيهكم شيخنا حول هذه المسألة؟

الشيخ: الأمر في هذا واسع، حمزة بن عمرو الأسلمي سأل النبي مثل هذا السؤال، فقال: يا رسول الله، إني أجد بي قوة في السفر، فهل علَيَّ جناح في أن أصوم؟ فقال له النبي : هي رخصة من الله، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه [4]، وهذا يدل على أن الأمر فيه سعة، لكن إذا كان الصوم يشق على الإنسان، فالأفضل في حقه الفطر، أما إذا كان الصوم لا يشق عليه، ويستوي عنده الصوم والفطر، فالصوم في حقه أفضل؛ لأنه أسرع في إبراء الذمة، ولأنه قد ورد أن النبي كان في إحدى أسفاره، وكان مع الصحابة، وكانوا في يوم شديد الحر، وكلهم أفطروا إلا رسول الله  وعبدالله بن رواحة، كانا صائمين [5]، ولعل الحكمة في هذا -والله أعلم- أنه عليه الصلاة والسلام كان الصحابة يخدمونه، فلم يجد مشقة بالصيام؛ لأنه كان الصحابة يتسابقون على خدمته، وعلى التظليل عليه من حر الشمس ونحو ذلك؛ فلم يجد المشقة في الصيام؛ فلذلك صام، بينما بقية الصحابة كانوا مفطرين، وهذا يدل على أن المسافر إذا لم يجد المشقة في الصيام أثناء السفر فالأفضل في حقه الصيام.

أما إذا وجد المشقة فالأفضل في حقه الفطر؛ لأنها أخذ برخصة الله ​​​​​​​.

المقدم: أحسن الله إليكم.

المتصل الثالث، أو الثاني: أم حسام.

السائلة: يا شيخ عندي سؤالان:

حكم إخراج الزكاة لمن يملك نصابًا ولم يحل عليه الحول

السؤال الأول: أنا مطلقة، والفلوس التي عندي في البنك خاصة بالضمان، هل أخرج عليها زكاة؟

الشيخ: التي في البنك تبلغ النصاب، يعني أكثر من (1200) ريال؟

السائلة: إي أكثر من (1200).

الشيخ: ومضى عليها سنة كاملة؟

السائلة: لا، ما مضى عليها سنة.

الشيخ: إذَنْ لا تجب عليها الزكاة حتى يمضي عليها سنةٌ كاملةٌ.

حكم قراءة الحائض للقرآن من المختصر في تفسير القرآن

السائلة: الله يجزيك خيرًا، في سؤالي الثاني: إذا كان عندي العذر الشرعي هل يجوز قراءة القرآن من المختصر في تفسير القرآن؟

الشيخ: نعم، لا بأس، لا بأس بأن تقرأ المرأة الحائض القرآن، لكن من غير أن تمس المصحف، فيمكن أن تلبسي قفازين وتقرئين القرآن، وكذلك أيضًا: لا بأس أن تقرئي من كتب التفسير، وهنا ننظر: إذا كان القرآن هو الغالب؛ فهنا لا تمسيه إلا من وراء حائل، أما إذا كان التفسير هو الغالب، فلا بأس أن تمسيه مباشرة، والمختصر في التفسير، الذي يظهر: أن القرآن هو الغالب؛ فحكمه حكم المصحف، فتلبسين قفازين مثلًا، أو تمسينه -إذا أردت مس المصحف- من وراء حائل، كأن تضعي مثلًا عباءتك أو نحو ذلك، المهم لا تمسي المصحف إلا من وراء حائل، وإلا؛ فالمرأة الحائض كغيرها، تقرأ القرآن ولا حرج عليها، ولم يثبت عن النبي نهي للمرأة الحائض عن قراءة القرآن، والحديث المروي في ذلك حديث ضعيف [6]، ولو كانت المرأة الحائض ممنوعةً من قراءة القرآن لبيَّن ذلك النبي ، ولاشتهر هذا كما اشتهر نهيه عن صيام المرأة وهي حائض، وعن صلاتها وهي حائض، وعن طوافها وهي حائض، كل هذه أمور اشتهرت واستقرت عند الأُمَّة، أما قراءة القرآن فلم يشتهر هذا، ولو كانت الحائض ممنوعة منه لاشتهر ونقل نقلًا مشهورًا أو متواترًا، كما نقل منع الحائض من الصلاة والصيام والطواف.

وعلى ذلك؛ فنقول: المرأة الحائض كغيرها، تقرأ القرآن لكنها لا تمس المصحف؛ وإنما تقرأه إما عن ظهر قلب، أو تقرأه من وراء حائل.

المقدم: شكر الله لكم يا شيخ سعد.

حكم من مات وعليه قضاء سبعة أيام

من أم حسام إلى أم مهند: تفضلي يا أم مهند.

السائلة: لو سمحت يا شيخ، عندنا رجل متوفًّى، كان مريضًا بالسرطان، وأتوقع أنه أفطر سبعة أيام ما قضاها، فكيف تلزمنا الكفارة عليه؟

الشيخ: يطعم عن كل يوم مسكينًا، أي أنه يُطعَم عنه عن سبعة أيام، ولا بد من الإطعام عنه، وتخرج من تركته.

السائلة: عشرة مساكين يُطعم عنه؟

الشيخ: يطعم عن كل يوم مسكينًا، ما دام سبعة أيام يعني سبعة.

السائلة: كل يوم مسكين.

الشيخ: ويجوز أن تجمعوا الإطعام لمسكين واحد، يعني عند الإطعام -بالنسبة للإطعام في هذه المسألة- لا يشترط العدد، لكن يشترط أن يُطعَم عن كل يوم مسكين، فيمكن أن تعطوا إطعام سبعة مساكين لمسكين واحد، هذا لا حرج فيه.

السائلة: طيب يجوز أن أعطيها ليتيم عندنا هنا في الحارة؟

الشيخ: يجوز..

السائلة: كرتون ماء يعني.

الشيخ: لا، لا بد أن يكون طعامًا، الماء لا، لا بد أن يكون طعامًا؛ أرزًا مع لحمٍ، أو أرزًا مع دجاجٍ.

السائلة: تعطيه هؤلاء الأيتام، يعني يجزئ؟

الشيخ: إي سبع وجبات، أرزٍ مع لحمٍ، أو أرزٍ مع دجاجٍ، ويكفي هذا.

المقدم: نفع الله بعلمكم يا شيخ سعد.

متصل آخر معنا: محمد، تفضل يا محمد

السائل: عندي سؤالان:

إغلاق المسجد بعد الصلاة وفضيلة الانتظار إلى الشروق

السؤال الأول: أنت أجبت عنه كثيرًا، ولكن هناك فقرة أريد توضيحًا لها -حفظك الله- بالنسبة للجلوس بعد صلاة الفجر في المسجد حتى شروق الشمس، الآن -يا شيخنا- أكثر المساجد تُقفَل، نصلي الفجر وبعد عشر دقائق أو ربع ساعة تقفل، إيش الحكم فيها، هل إذا رجعت إلى البيت، وجلست أقرأ القرآن حتى الشروق، ينطبق حكم الجلوس في المصلى؟

الشيخ: أنت تتكلم من أي مدينة؟

السائل: من الرياض، الله يحفظك.

الشيخ: نعم، مساجد الرياض معظمها مفتوحة، الذي أعرفه أن مساجد الرياض لا تُقفَل إلا بعد طلوع الشمس، ويمكن أن تـتفاهم مع إمام المسجد وتطلب منه أن يجعل المسجد مفتوحًا لمن أراد أن يُطبِّق هذه السُّنة؛ لأنها سنة مؤكدة، كان النبي إذا صلى الفجر بقي في مصلاه حتى تطلع الشمس [7]، وأيضًا يتحقق فيه ما أمر الله تعالى به من قوله: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ [ق:39]، وأيضًا قوله: وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الأحزاب:42]، والبكرة: هي أول النهار قبل طلوع الشمس، فحتى يحقق الناس هذه السنة، لعلك تنسق وترتب مع الإمام والمؤذن في بقاء المسجد مفتوحًا إلى حين شروق الشمس، فهذه تحتاج منك إلى الترتيب والتفاهم مع إمام المسجد.

حكم الأكل والشرب أثناء الأذان

السائل: الله يحفظك يا شيخ بالنسبة لإمساك السحور، إذا أذَّن نمسك مباشرة، أو في نهاية الأذان؟

الشيخ: نعم، لك إلى نهاية الأذان، للحديث السابق الذي ذكرته قبل قليل: إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه [8]، ولأن الله تعالى إنما أمر بالإمساك عند التبين، قال: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ [البقرة:187]، ولأن الفجر يتبين ضوؤه شيئًا فشيئًا، يعني ليس كبقية الأوقات، مثلًا الزوال، بالنسبة للظهر حين يصبح ظل كل شيء مثله، وبالنسبة بعد ظل الزوال، بالنسبة للعصر، وغروب الشمس وهذه تأتي في وقت واحد، لكن بالنسبة للفجر يتبين ضوء الفجر شيئًا فشيئًا، ولذلك؛ لو راقبه اثنان ربما اختلفا؛ فلذلك الأمر فيه واسع، ولهذا؛ نجد أن الله ​​​​​​​ أناط الحكم بالتبَيُّن، وأيضًا قال: حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ [البقرة:187].

المقدم: أحسن الله إليكم.

معنا: أم محمد.

السائلة: أول شيء عندي: طلبٌ في آخر ساعة من نهار الجمعة، تدعون لي بالذرية الصالحة المصلحة.

الشيخ: أسأل الله تعالى أن يحقق لكِ ما طلبتِ، وأن يرزقك الذرية الصالحة التي تَقَرُّ عينُك بها.

السائلة: الشيء الثاني: بما أننا مقبِلون على الإجازة الصيفية؛ هناك بعض الناس ابتلوا بالسفر إلى بلاد الكفار واليهود والنصارى وهؤلاء، وهو أصلًا لم يؤدِّ فرض الحج عليه، فإذا جاء الحج أجَّله، بينما إذا جاءت الإجازة كان حريصا على أن يسافر إلى بلاد الكفار، نسأل الله السلامة، هذا سؤال.

السؤال الثاني: عندي واحد من إخواني -هداه الله- طبعًا أطلب منكم أن تدعوا له بالهداية ولذريته.

الشيخ: نسأل الله أن يهدهم جميعًا.

السائلة: عنده بنات؛ واحدة عمرها 12، وواحدة عمرها 10، وواحدة عمرها 8 سنوات تقريبًا، تأخذهن والدتهن -الله يهديها- للمسارح، يشاركون في الفرق هذه، وفيها رقص وفيها أمور أخرى، ولا يلتزمون أيضًا –حتى في حياتهم العادية- بالحجاب، مع أنها 12 سنة، يفترض أنها تكون عودتهم، ويخالطون الفرق هذه.

المقدم: نعم، واضح سؤالك يا أم محمد، شكرًا لأم محمد.

سألت سؤالين لضيق الوقت:

حكم السفر للسياحة وتأخير فريضة الحج

السؤال الأول: في الإجازة الصيفية، بعضهم يسافر إلى الخارج للسياحة وكذا، وربما لم يسافر للحج؟

الشيخ: نعم، هذا من الخلل في الأولويات، ينبغي أن يقدم السفر للحج وأداء فريضة الحج على التّنَزُّهِ وعلى التَّفَسُّحِ؛ فإن الحج ركن من أركان الإسلام، وفريضة من فرائض الدين؛ فيجب عليه أن يبادر بأداء هذه الفريضة وهذا الركن، وكونه يتكاسل عن أداء الحج وهو لم يأت بالفريضة، لكنه عندما تأتي الإجازة يذهب للفسحة وللسفر وللنزهة، هذا يدل على ضعف التدين لديه، وضعف مراقبة الله ​​​​​​​، فعليه أن يتقيَ الله ​​​​​​​، وأن يبادر بأداء هذا الركن وهذه الفريضة.

تعويد البنات على الحجاب

المقدم: سؤالها الثاني: كان حول نصيحة لتعويد البنات على الحجاب الشرعي؟

الشيخ: نعم، هذا مطلوب من الجميع، مطلوب من الجميع: أن يُعوِّدوا بناتهم على أن يلبسوا اللباس الساتر المحتشم الفضفاض الواسع؛ فإن هذا هو جمال المرأة، جمال المرأة إنما هو في حشمتها، وفي سترها وفي عفافها، والله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الأحزاب:59]، وهي تَذكُر بعض سلوكياتٍ عن حال أسرة أخيها، نقول: عليكِ بالمناصحة بالأسلوب الحسن، وبالرفق وباللين، وكما قال عليه الصلاة والسلام: الدين النصيحة [9].

المقدم: سؤال أم محمد هو السؤال الأخير في هذه الحلقة، لو نختم يا شيخ سعد ببعض الدعاء في هذه الأوقات المباركة.

الشيخ: نعم، أسأل الله تعالى العظيم، رب العرش العظيم، أسأله بأنه الله الأحد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد: أن يبارك لنا في شهر رمضان، وأن يعيننا على إتمام صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى من الأقوال والأعمال، وأن يستعملنا جميعًا في طاعته، وأن يهدي قلوبنا، وأن يثبت قلوبنا على دينه، ويُصَرِّف قلوبنا على طاعته، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وأن يغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، وألا يجعل في قلوبنا غِلًّا للذين آمنوا، وأن يؤتيَنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، وأن يقيَنا عذاب النار.

المقدم: شكر الله لكم يا شيخ.

الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الفقه بكلية الشريعة في جامعة الإمام، ورئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، كنت معنا في هذه الحلقة، شكر الله لكم.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين. 

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 935، ومسلم: 852.
^2 رواه مسلم: 853.
^3 أبو داود:2350.
^4 رواه مسلم: 1121.
^5 رواه البخاري: 1945، ومسلم: 1122/ 108.
^6 رواه الترمذي: 131.
^7 رواه مسلم: 670.
^8 رواه أبو داود: 2350، وأحمد: 10629.
^9 رواه البخاري: 57، ومسلم: 56.
zh