|categories

(7) فتاوى رمضان 1438هـ

مشاهدة من الموقع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

أهلًا وسهلًا بكم -أحبتنا الكرام- إلى حلقة جديدة من برنامج (فتاوى رمضان).

وضيف حلقتنا هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية.

في مطلع حلقتنا باسمكم وباسم فريق العمل نرحب بفضيلته: السلام عليكم يا شيخ سعد.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

وحياكم الله وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

المقدم: حياكم الله يا شيخنا الفاضل، ومع أولى الرسائل التي وصلتنا من الأخت التي رمزت لاسمها بـ(بنت الوطن)، تقول: نحن نقضي غالب وقتنا في المطبخ، سؤالي: ما هو أفضل ذكر تنصحنا به، وما هي أفضل الأعمال التي يقوم بها الصائم عند سحوره، وأيضًا في الإفطار؟ وكأنها تقصد الأدعية أو الأذكار.

ولديها سؤال آخر: ما هي أوقات إجابة الدعاء في رمضان وفي غير رمضان؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فننصح الأخوات الكريمات اللاتي يعملن في المطبخ وفي البيت، أن يغتنمن الوقت، فإنه يتهيأ لهن وقت كبير، ومن أفضل ما يغتنم به الوقت ذكر الله ، ومن ذلك: التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، تقول: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وتكررها؛ فقد جاء في “صحيح مسلم” من حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي  قال: أيَعجِز أحدُكم أن يكسب في اليوم ألف حسنةٍ؟، قالوا: كيف يكسب ألف حسنة يا رسول الله؟ قال: يسبح مائة تسبيحةٍ، فيكتب له بها ألف حسنةٍ، أو يحط عنه بها ألف سيئةٍ [1].

مائة تسبيحة كم تأخذ من وقت الإنسان عندما يقول: سبحان الله، أو يقول: سبحان الله وبحمده، يكررها مائة مرة، ومع ذلك يحصل على ألف حسنة، وأيضًا يقول عليه الصلاة والسلام: أحب الكلمات إلى الله أربع، لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر [2]، ولما عرج بنبينا محمد ولقي إبراهيم الخليل ، قال إبراهيم لمحمد عليهما الصلاة والسلام: أَقرِئ أمتك مني السلام، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قِيعَانٌ، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر [3]

فيمكن أن تشغل المرأة وقتها، وهي تقوم بأعمال المطبخ، بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، وكذلك أيضًا، إن كانت تحفظ شيئًا من القرآن، يمكن أن تقرأ، ولو من قصار السور، مثلًا: سورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد [الإخلاص: 1]، تعدل ثلث القرآن، المهم أنها ينبغي أن تشغل وقتها بالذكر؛ فإنها تكسب بهذا أجرًا عظيمًا، وثوابًا كبيرًا.

ثم إن الذكر -بالإضافة للأجر والثواب المرتب عليه أيضًا- يزيد مستوى الإيمان، وأيضًا يرقق القلب، ولهذا؛ جاء رجل إلى الحسن البصري فقال: يا أبا سعيد، أجد قسوة في قلبي، أرى الناس يبكون وأنا لا أبكي، أرى الناس يخشعون وأنا لا أخشع، فما الحل؟ فأرشده الحسن البصري رحمه الله إلى عمل عظيم تحصل به رقة القلوب والخشوع، قال: «أَلِنْ قسوةَ قلبِك بكثرة ذكر الله ». وذلك؛ لأن الإنسان إذا أكثر من ذكر الله رق قلبه، وخشع، وزاد إيمانه، بخلاف ما إذا غلب عليه اللهو والغفلة والكلام في أمور الدنيا، فإنه يقسو قلبه، ويكون بعيدًا عن الخشوع.

وأما بالنسبة لما ذكرت من الدعاء، فالدعاء أيضًا له مزيد خصوصية وفضل في رمضان؛ ولهذا ذكر الله تعالى آية الدعاء بين آيات الصيام، وهي قوله: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186]، لو نظرنا إلى ترتيب هذه الآية في المصحف، نجد أن الآية التي قبلها: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة:185]، ونجد أن الآية التي بعدها: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187]، هذه الآية، آية الدعاء، وقعت بين آيات الصيام، وفي هذا إشارة إلى أنه ينبغي للصائم أن يكثر من الدعاء، وأن الدعاء من الصائم حري بالإجابة، ويتأكد ذلك عند الإفطار، فقد صح عن النبي أنه قال: إنَّ للصائم عند فطره دعوةً لا تُرَدُّ [4]، ويكون ذلك في اللحظات التي تسبق الإفطار، وكذلك أيضًا في السجود، فأقرب ما يكون العبدُ من ربه وهو ساجد، وفي الثلث الأخير من الليل، هذه كلها أوقات لإجابة الدعاء.

وأيضًا، ونحن في هذا اليوم يوم الجمعة، آخر ساعة بعد العصر -ربما نحن الآن في هذه الساعة- هي أرجى ما يكون لإجابة الدعاء، أرجى ما يكون موافقة لساعة الجمعة التي لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

أحد الأشخاص يسأل عن يوم الجمعة، بما أنكم ذكرتكم ذلك يقول: هل لأن اليوم يبدأ بالليلة يكون غسل الجمعة، وقراءة سورة الكهف في الليلة التي قبل الجمعة؟ أو أنه مختص باليوم فقط؟

الشيخ: إذا قيل: (اليوم). فالمقصود به: (النهار)، كما قال الله تعالى: سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا [الحاقة:7]، (اليوم) المقصود به: (النهار)، يعني سخرها عليهم سبع ليالٍ، وثمانية أيامٍ، المقصود بالأيام هنا: النهار، فإذا أُطلِق (اليوم) فيُقصَد به (النهار).

واليوم: يبدأ بطلوع الفجر، وعلى ذلك؛ فما ذكرتم من سنن الجمعة تبدأ بطلوع الفجر، فلو أنه اغتسل مثلًا، بعد طلوع الفجر، يكون هذا غسل جمعة، وإن كان الأفضل أن يكون الاغتسال قبيل ذهابه للمسجد الجامع، وهكذا أيضًا: قراءة سورة الكهف، عند من يصحح الحديث، يكون بعد طلوع الفجر.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من (تبوك) الأخ أبو عبدالملك: هذا شخص خرج من تبوك يريد العمرة تجاوز (الجُحْفَة)، ثم لما وصل مكة وجهَّز أمور سكنه، أراد أن يعود حتى يحرم من أقرب ميقات، من (السيل)، هل يجوز له ذلك، أو يلزمه أن يعود إلى الجحفة؟

الشيخ: هذه المسألة محل خلاف بين الفقهاء؛ فمنهم من ذهب إلى أنه لا بد أن يرجع للميقات الذي مر به، وهو في هذا السؤال (الجُحْفَة)، فيُحرِمَ منه، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء.

والقول الثاني في المسألة: أن له أن يحرم من أي ميقات، فلو أحرم -بناءً على هذا- من ميقات (السيل) جاز له ذلك، وهذا هو مذهب الحنفية، وهذا القول الأخير هو الأقرب، والله أعلم، وذلك؛ لعموم قول النبي : هُنَّ لهنَّ، ولمن أتى عليهنَّ من غير أهلهنَّ ممن أراد الحج والعمرة [5]، وإنما أراد النبي بذلك التيسير والرخصة على الناس، وأن الإنسان لا يُحرِم إلا من أحد هذه المواقيت، ولهذا؛ قال: ولمن أتى عليهن من غير أهلهن، فهي لا تختص بأهلهن فقط.

وإذا ذهب الأخ الكريم مثلًا، إلى ميقات السيل يصدق عليه عموم الحديث، أنه أحرم من ميقات، وإن كان من غير أهله، وليس هناك دليل ظاهر على أنه لا بد أن يرجع إلى الميقات الذي مرَّ به، وعلى هذا؛ فالقول الأقرب، والله أعلم: أن له أن يحرم من أي ميقات.

المقدم: شخص لا يستطيع أن يقف طويلًا، فيقول: هل الأفضل أن يذهب إلى مسجد يصلي إمامه صلاة متوسطة، أو ربما خفيفة، حتى يدرك الصلاة كاملة، وهو واقف في التراويح؟ أو أنه يصلي عند أي إمام حتى ولو أطال وهو جالس؟

الشيخ: الأفضل أن يصلي مع الإمام الذي يطيل، ولو صلى جالسًا؛ لأنه بصلاته جالسًا هو معذور ومأجور، وينال أجرًا أكثر مما لو صلى مع إمام صلاته خفيفة، فما دام أنه يبحث عن الأفضل والأكمل، فالأفضل أن يصلي مع إمام يطيل حتى ولو صلى جالسًا.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من مكة الأخ نعيم يسأل عن المضمضة ودخول شيء يسير، ويقول: قد يكون هذا من الوسوسة، لكن يسأل عن ذلك هل يفسد الصيام أو لا؟

الشيخ: لا يفسد الصيام، ما قد ينفذ من المضمضة، أو حتى من الاستنشاق، ما قد ينفذ من ذلك إلى الجوف بغير اختيار الإنسان لا يفسد الصيام، والصيام معه صحيح؛ لأنه قد دخل بطريق الخطأ، ومن غير قصد، والله تعالى يقول: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، ويقول النبي : عُفي لأمتي عن الخطإ والنسيان، وما استكرهوا عليه [6].

فما قد ينفذ أثناء المضمضة أو الاستنشاق من الماء إلى الجوف من غير قصد، لا يؤثر على صحة الصيام، والصيام معه صحيح، والحمد لله، لكن ينبغي عند المضمضة والاستنشاق، بالنسبة للصائم، عدم المبالغة؛ لقول النبي : وبالِغْ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا [7]، المبالغة في المضمضة والاستنشاق هي من سنن الوضوء، إلا أنه يستثنى من ذلك حالة الصيام، فإذا كان الإنسان صائمًا فيترك المبالغة في المضمضة والاستنشاق؛ خشية أن ينفذ شيء من الماء إلى الجوف.

المقدم: يسأل عن الصور في الصحف، هل هي مما نُهي عنه من دخول الصور إلى البيت؟

الشيخ: أولًا: ثبت عن النبي أن البيت الذي تكون فيه صورةٌ أو كلبٌ لا تدخله الملائكة [8]، ولكن ما المراد بهذه الصورة؟

المراد بالصورة: التي تتحقق فيها علة النهي عن التصوير، وعلة النهي عن التصوير المنصوص عليها: هي المضاهاة لخلق الله ​​​​​​​، وهذا يصدق على جميع أنواع التماثيل والمجسمات لذوات الأرواح، هذه من الصور التي تمنع دخول الملائكة للبيت، وكذلك أيضًا: الرسومات لذوات الأرواح تنطبق عليها علة النهي عن التصوير؛ فإن فيها محاكاة ومضاهاة لخلق الله .

وأما الصور الفوتوغرافية التي تُوجد في الصحف أو في غيرها، فهذه الأظهر: أنها لا تنطبق عليها علة النهي عن التصوير؛ لأن علة النهي عن التصوير هي المحاكاة والمضاهاة لخلق الله، وهذه ليس فيها مضاهاة أو محاكاة لخلق الله، وإنما هي الصورة الحقيقية كما خلقه الله هي كصورة الإنسان في المرآة، إلا أنها بحكم تقدم التقنية ثُبِّتَت بالنسبة للصور الفوتوغرافية، وسُرِّعت بالنسبة للصور التلفزيونية، وقد كانت عندنا في المملكة العربية السعودية قديمًا ما كانت تسمى صورة، كانت تسمى (عكسًا وعكوسًا)، وهذا هو الوصف الدقيق لها أنها عكس، وليست صورة في الحقيقة، فهذه الأظهر: أنها لا تمنع دخول الملائكة.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من الدمام الأخ عبدالعزيز.

السائل: السلام عليكم، عندي سؤال بخصوص أختي: أمس تُوفيت، وعندي لها مبلغ مالي ما يقدر بسبعة آلاف، هل المبلغ هذا -وهي عندها بنتان- أعطيه زوجها يعطيه البنتين؟

المقدم: يعتبر دَينًا أو أمانة؟

السائل: دين.

الشيخ: وَرَثَتُها الآن زوجُها وبنتاها، ومن أقرب وارث لها؟ يعني هل لها أب، الوالد موجود؟

السائل: إي الوالد والوالدة موجودان.

المقدم: طيب، تسمع الإجابة إن شاء الله، شكرًا جزيلًا للأخ عبدالعزيز.

كما ذكر لكم أن لديه سبعة آلاف دينًا لأخته المتوفاة، والآن يقول: هل أعطيها زوجها أو الأب أو الأم؟

الشيخ: نعم، هذا المبلغ هو ميراث، فيعطَى للورثة، والزوج له في هذه الحال الربع، فيعطَى ربع هذا المبلغ، وربع السبعة آلاف: 1750 ريالًا، والمبلغ المتبقي؛ البنتان تأخذان الثلثين، والأم والأب السدس [9]، فهذا المبلغ يقسم بهذه الطريقة: يعطى الزوج ربع المبلغ، ويعطى البنتان ثلثا المبلغ، والأم والأب كل منهما له سدس هذا المبلغ، فيقسم قسمة الميراث.

أما كونه يعطيه الزوج إذا كان يثق بهذا الزوج، بأنه سيوزع هذا المبلغ ويقسمه قسمة الميراث فيعطيه، أما إذا كان لا يثق فيه، وربما أن هذا الزوج يأخذ هذا المبلغ، فيتولى الأخ الكريم -ما دام أنه هو أخوها- قسمة هذا المبلغ بين الورثة، فيعطي الزوج ربع هذا المبلغ، ويعطي البنتين ثلثي هذا المبلغ، ويعطي الأم السدس، والأب السدس، لكن ربما هذه المسألة ستعول؛ لأنها إذا أخذت البنتان الثلثين، والأب والأم لكل واحد منهما السدس، استغرقت التركة؛ فسيدخلها العول، ومعنى ذلك: أنه سيكون نقص على الجميع.

فالمقصود: أنه لا بد أن يقسم هذا المبلغ قسمة التركة، ثم بعد ذلك بعد أن تعول المسألة، يعطي كل واحد ما يستحقه من هذا المبلغ، وإذا استطاع الأخ الكريم أن يعرف القسمة، وإلا يتصل بي بعد البرنامج، وأنا أعطيه ما يستحقه كل وارث بشكل دقيق، لكن ربما الآن في البرنامج لا يتسع الوقت لقسمتها بشكل دقيق.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من الرياض الأخ محمد.

السائل: سؤالي: أنا -بارك الله فيك- عندي جفاف في العين، وأٍستخدم قطرة للعين مرطب، هل استخدامها في نهار رمضان يفطر أو ما يفطر، بارك الله فيك؟

الشيخ: ما يمكن تؤجلها إلى الليل؟

السائل: والله أنا لا بد أن أستخدمها في النهار؛ لأن عندي جفاف شديد؛ لأني أستخدم الحاسب الآلي في العمل، فيتطلب مني استخدامها في النهار؛ لاستخدام الحاسب الآلي؟

المقدم: شيخنا تؤثر على الصيام هذه القطرة؟

الشيخ: قطرة العين لا تؤثر على الصيام، على القول الراجح؛ لأن العين ليست بمنفذ معتاد للطعام ولا للشراب، حتى لو وجد طعمها في حلقة، فإنها لا تؤثر على الصيام، والحمد لله، فنقول للأخ الكريم: لا حرج عليك ما دمت تعاني من جفاف في العين، لا حرج عليك في أن تستخدم قطرة العين، وإنما سألته سؤالًا قلت له: هل يمكن أن تؤجل ذلك إلى الليل؟ خروجًا من الخلاف؛ لأن المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، ولكن القول الراجح: أن قطرة العين لا تؤثر على الصيام، والحمد لله.

المقدم: من (أَبْهَا) أبو عبدالله، تفضل.

السائل: يا شيخ، اشتريت أرضًا قبل ثمان سنوات، ومُنِعْت من البناء عليها لغرض المصلحة العامة، وجاءني تعويض، وأسأل الآن الزكاة في قيمة التعويض، هل فيه زكاة؟ علمًا أن قيمة التعويض هذا سأستخدمه في بناء المنزل؟

الشيخ: لكن هل التعويض لما استلمته مضى عليه سنة كاملة؟

السائل: لا لم يمض عليه.

المقدم: أحسن الله إليك شيخنا، هل التعويض هذا الذي لم يحل عليه الحول عليه زكاة؟

الشيخ: هذا التعويض لا زكاة فيه؛ لكونه لم يحل عليه الحول، فما دام أنه لم يمض عليه سنة كاملة؛ فلا زكاة فيه، والحمد لله.

المقدم: وكذلك الأرض التي تأخرت ثمان سنوات لم يستطع البناء عليها ليس عليها شيء؟

الشيخ: أيضًا هذه الأرض ليس فيها زكاة؛ لكونه أصلًا أعدها للبناء، فليس فيها زكاة.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من (جدة) الأخ محمد.

السائل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: الغاز (الريح) إذا طلعت أروح أتوضأ، لو أنا رايح للمسجد أرجع أتوضأ، أو أروح أصلي عادي؟

الشيخ: لكن متأكد أو مجرد شك؟

السائل: لا، لا، طلعت ريحة مني.

الشيخ: شممت الرائحة؟ متأكد؟

السائل: نعم أنا حسيت بها.

السؤال الثاني: لو جئت والإمام في الركوع، وكبرت التكبيرة، لكن لا أستطيع أن أقرأ الفاتحة، هل أركع على طول أو أقرأ الفاتحة لازم؟

المقدم: طيب، تسمع الإجابة، شكرًا جزيلًا للأخ محمد.

يقول: إنه انتقض وضوؤه في طريقه إلى المسجد ماذا عليه؟

الشيخ: نعم، خروج الريح ينقض الوضوء، فما دام أنه متأكد، وقد شم رائحة خروج شيء منه، وهو في طريقة إلى المسجد، فيجب عليه أن يعيد الوضوء، ولا تصح صلاته إلا بذلك.

المقدم: يقول: لو أتى والإمام راكع فهل يكبر للركوع أو يكبر ويقرأ الفاتحة ثم يركع؟

الشيخ: يكبر للركوع، وأما الفاتحة فإنها تسقط عن المسبوق، ولكن أنبه هنا إلى أن من أتى والإمام في الركوع، فالأفضل: أن يكبر تكبيرتين؛ التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام وهو قائم، ثم التكبيرة الثانية تكبيرة الركوع في أثناء هُوِيِّه من القيام إلى الركوع، فيكبر تكبيرتين، هذا هو الأفضل والأكمل، ولو أنه كبر تكبيرة واحدة قصد بها الإحرام والركوع أجزأ ذلك، لكن الأفضل والأكمل لمن أتى مسبوقًا والإمام في الركوع أن يكبر تكبيرتين؛ التكبيرة الأولى تكبيرة الإحرام وهو قائم، ثم التكبيرة الثانية تكبيرة الركوع في أثناء هُوِيِّه من القيام إلى الركوع.

السؤال: من رسائل الجوال يا شيخنا، هذه الأخت تقول: أنا فتاة ينتابني خوف شديد إذا أقيمت الصلاة، وخاصة وقت الدعاء، ولا أدري ماذا أفعل؟ أفتوني مأجورين.

الشيخ: يعني لا أدري ما سبب هذا الخوف الذي يأتيها، وربما تكون عندها مشاكل نفسية، ومثل هذا يرجع فيه للطبيب المختص، وليس للفتوى تعلق بهذا السؤال، هذا يُرجع فيه للطبيب المختص.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

هذا الأخ حَمَد يقول: أعطيتُ البنك فلوسًا، ثم أعطاني أرباحًا على هذه الأموال، فهل يجوز أن يأخذها أو لا؟

الشيخ: هذا فيه تفصيل، إن كان قد وضع هذا المال على أنه وديعة، يعني وضعه في الحساب على أنه وديعة، ويسميه الناس وديعة، لكنه في التكييف الفقهي هو قرض، لكن وضعه بهذا الاعتبار، فليس له أن يأخذ فوائد على هذا المبلغ، وهذه الفوائد تعتبر فوائد ربوية.

وأما إذا وضعه في البنك بقصد الاستثمار، كأن يكون مضاربة مثلًا، فإن البنوك عندها صناديق للمضاربة في البضائع، وفي الأسهم، وفي غيرها، عندها أنواع للصناديق الاستثمارية، فإذا وضعها في صندوق استثماري، ثم البنك أعطاه أرباحًا إن ربحت هذه الصناديق فهذا لا بأس به؛ لأن هذا يأخذ أرباحًا على بيعٍ وشراءٍ وعلى استثمارٍ، فهو بحسب طبيعة تعاقده مع البنك: هل وضع هذا المبلغ على أنه حساب جاري، أو وضعه على أنه حساب استثماري، فإذا كان حسابًا جاريًا، فليس له أن يأخذ فوائد، وهذه الفوائد هي فوائد ربوية، أما إذا كان حسابًا استثماريًّا، وأعطي أرباحًا، فلا بأس بذلك.

المقدم: أحسن الله إليكم.

من مكة أم عبدالله، تفضلي.

السائلة:  يا شيخ، أنا عندي سؤال: وهو أن معنا رجلًا من قرابتنا توفي، وهذا الرجل عليه دَين، ولكن بعدما مات ما كتب هذا الدين، وما أحد يعرف هذا الدَّين لمن، ورآه أحد أولاده في المنام أنه يقول لابنه: هل سددت دَيني؟ فالولد سأل أبوه كم هذا الدَّين؟ فقال: من أربعة وأربعين ألف إلى مائة وخمسين ألف، ومرتين أو ثلاثًا والولد يرى أباه يتعذب بسبب هذا الدَّين، الآن الولد يريد أن يسدد الدَّين، لكن ما يعرف من هو الدائن؟

المقدم: طيب كيف عرفتم قبل هذه الرؤيا أن عليه دَين أصلًا؟

السائلة: ما كنا نعرف أن عليه دَينًا، ولكن من هذه الرؤيا، رآها اثنان من أبنائه مرتين، فلما فسروا الرؤيا هذه، قالوا: إن هذا الرجل عليه دَين سددوا عنه، ولكنهم ما يعرفون هذا الدين، لكن أبناءه يعرفون أن أباهم كان عنده مال زكاة من أهل القرية، وظنوا أنه قد يكون أخذ منها شيئًا، وتوفي وهو لم يسدد هذا المال.

الشيخ: في الرؤيا لم يسم الدائن؟

السائلة: لا، لم يسم الدائن، وما يعرفون أحدًا كان يسأله الدَّين، ولكن المال الوحيد الذي كان يصله هو مال زكاة؟

المقدم: كان هو يساعد في توزيعها.

السائلة: يعني يستأمنه أهل القرية، ويعطوه هذا المال، وقالوا: ما في غير هذا المال قد يكون أخذ منه.

والسؤال أيضًا يا شيخ: عندي مال زكاة، وأولاده فقراء معدمون؛ هل أستطيع أن أسدد هذا الدين عنه من مال زكاتي؟

الشيخ: لكن تسددين لمن؟ بارك الله فيكِ، إذا كان الدائن الآن غير معروف، تسددين الدَّين لمن؟

السائلة: مثلًا نتصدق به؛ لأن المال الذي عنده -أصلًا- زكاة يعطيه الفقراء والمساكين، هل يجوز أن نأخذ هذا المبلغ الذي ذكره في الرؤيا؟

الشيخ: طيب، نتكلم عن هذا إن شاء الله.

المقدم: شكرًا أم عبدالله، طبعًا توفي الرجل وكان من عادته أن يجمع لديه مال الزكاة من القرية وهو يوزعها بطريقته، أبناؤه رأوا بعض الرؤى، وفسرت لهم أن عليه دينًا، لا بد أن يسدَّد، الآن لا يعرفون المدين، لكن أغلب ظنهم أنه من هذه الأموال التي تجمع في بيته من الزكاة؟

الشيخ: أولًا: الرؤى إنما تكون للبشارة والنذارة، ولا يترتب عليها أحكام شرعية، ثم أيضًا: إذا رأى الإنسان في منامه ما يحزنه فهذه من الشيطان، هذه في الحقيقة ليست رؤيا، وإنما من الشيطان، والنبي يقول: الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم شيئًا يكرهه، فلينفث حين يستيقظ ثلاث مرات، ويتعوذ من شرها، فإنها لا تضره [10]، قال أبو سلمة الراوي لهذا الحديث عن أبي قتادة : إن كنت لَأَرَى الرؤيا أثقل علي من الجبل، فما هو إلا أن سمعتُ هذا الحديث فما أباليها.

فالشيطان يحب أن يحزن الإنسان بمثل هذه المنامات، فهذا الذي ذكرته الأخت الكريمة من الشيطان، وليس رؤيا؛ بدليل أنه لم يسم الدائن، لو كانت رؤيا لقال: فلان ابن فلان. على أن هذا أيضًا، كثير من أهل العلم لا يعول عليه، لكن قد تكون قرينة لو أنه قال: أعطوا فلان ابن فلان. أما مجرد أن يقول: سددت الدين، سددت الدين، ولا يعرف من هو الدائن، ولا يعرف أن في ذمة أبيهم دينًا، فهذه من الشيطان، ولا يلتفت لها، ولا يتحدثون بها، وإنما يعرضون عنها.

والأخت الكريمة ما دام أنها تريد أن تساعد، فلتساعد أولاد هذا الميت، وهي تذكر أنهم فقراء معدمون فتساعدهم، ولا تبني على هذه المنامات أي شيء، هذه المنامات من الشيطان، وهذه نصيحة أقولها للإخوة المستمعين: أي إنسان يرى في منامه ما يحزنه، هذا من الشيطان لا يعوِّلْ عليه، ولا يلقِ له بالًا، وإنما ينفث عن يساره ثلاثًا، ويتعوذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ومن شرِّ ما رأى.

فأقول للأخت الكريمة: لعلكِ تطمئنين ورثة هذا الرجل الميت، بأن هذه ليس لها أي اعتبار، وأنها من الشيطان الرجيم، ولا يلزمهم أن يفعلوا أي شيء عن والدهم.

المقدم: والأصل براءة ذمة المسلم أو لا يا شيخنا؟

الشيخ: نعم، الأصل براءة ذمته، والأخت الكريمة لمَّا قالت: أريد أن أدفع الدَّين عنه سألتها سؤالًا وتدفعينه لمن؟ فلم تجب بجواب، الدائن غير معروف، هذا يدل على أنه حُلْمٌ، منامٌ من الشيطان، وليست رؤيا صحيحةً.

المقدم: هي تقصد للفقراء بحكم الزكاة التي كانت تجمع لديه، قد يكون أخذ منها جزءًا.

الشيخ: هذا احتمال، لكن ليس هناك دليل يدل على صحة هذا الاحتمال، يعني هذا مجرد شيء مفترض، لكن ليس عندنا دليل يدل على صحته؛ والمنامات هذه لا يعول عليها ما لم تكن رؤيا واضحة، ولو سمى الدائن ربما تكون قرينةً كما ورد عن بعض الصحابة، لكن ما ذكرته الأخت بهذا الإطلاق، وعدم الوضوح، هذا الأظهر أنه من الشيطان، فلا يعول عليه، ولا يلتفت إليه.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

آخر متصل معنا من (أَبْهَا) الأخ عبدالرحمن، تفضل.

المتصل: السلام عليكم، مساكم الله بالخير، بنيت بيتًا، وسكنت فيه قبل أقل من سنة، وظهر لي فيه تصدعات وعيوب إنشائية، وجئت بمهندس -طبعًا ما من خوف على البيت أنه يسقط، لكن فيه إصلاحات بسيطة لا بد  أن نصلحها- وجاءني زبون، امرأة من أقاربي معها مال، نصفه لها، ونصفه لابنها، يتيم توفي أبوه في حادث، والمبلغ هذا من الدية، ومن رواتب له كانت تجمع، فألحوا عليَّ بالبيع، يريدون البيت، المبلغ أن يكون في البيت هذا، طبعًا أنا خصمت لهم من رأس مالي خسارتي أكثر من مائة ألف تقريبًا في البيت هذا، تَحَرُّجًا وإصلاحًا للبيت، ومساعدة لليتيم هذا.

الشيخ: هل أطلعتهم بالعيوب؟

المتصل: نعم، هم على اطلاع كامل بالعيوب، ووكيلها الآن عمها؛ لأنها تزوجت المرأة، تزوجت رجلًا، وجاء وحضر الرجل هذا ورأى كل شيء، وحضر المهندس، لكن أنا متحرج من المال هذا أنه مال يتيم، فما أدري ما الحكم؟ أنا طبعًا بيّنت كل شيء، والمبلغ أنا أبقيت لهم أكثر من ضعفين في هذه الإصلاحات، ما سيكلفهم ولا ربع المبلغ الذي أبقيته لهم.

الشيخ: لكن هل فيه خطورة لو سكنه أحد، هل هناك خطورة عليه؟

المتصل: لا، المهندس يقول: لا، من ناحية الخطورة ليس هناك أي خطورة، اللهم إلا هذه التصدعات في البيت، لكني ضقت من البيت فجاءتني رغبة للبيع، ما أعلنتها صراحة، لكن المرأة قريبة لي فعرفت وألحت علينا في البيع.

المقدم: طيب، واضح، توجيهكم يا شيخنا للأخ عبدالرحمن؟

الشيخ: إذا كان هذا فيه مصلحة لليتيم، وهو ما يسميه الفقهاء الغِبْطَة لليتيم في شراء هذا العقار، فلا بأس به، لكن ما دمت متحرجًا، وما دام هذا مال يتيم، والله تعالى يقول: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [الأنعام:152].

فالذي أنصح به أن تأخذ رأي الخبراء من أهل العقار، هل هذا مناسب؟ وهل هذا في مصلحة هذا اليتيم أم لا؟ والمحاكم الشرعية عندما تأتيها مثل هذه القضايا يخرجون لجنة للنظر في كون هذا الشراء فيه غبطة لليتيم، ما دام الأخ الكريم يريد أن يبرئ ذمته، فالذي أنصح به أن يستعين ببعض خبراء العقار، ويأتي بهم ويطلعهم على الواقع، ويبين لهم أن هذا اليتيم يريد أن يشتري هذا البيت بهذا المبلغ، فهل هو مناسب؟ وهل لليتيم غِبْطَة في شرائه بهذا المبلغ؟ فإن قرروا أن شراء هذا العقار في مصلحة اليتيم، فإنه يبيعه عليه، ولا يكتفي بقول المرأة، ربما أن المرأة -خاصة أنها تزوجت- لا يكون عندها النظر الكافي، ولا حتى زوج المرأة، وإنما يأتي بأهل الخبرة من أهل العقار، يأتي باثنين أو ثلاثة، ويسألهم ويخبرهم بالواقع، ويطلعهم على التفاصيل، فإذا قالوا: إن شراء اليتيم لهذا العقار في مصلحته، وأن فيه الغبطة بالنسبة لهذا اليتيم، فيبيع عليه هذا العقار، هذا -في نظري- هو الذي تحصل به براءة الذمة للأخ السائل الكريم.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

نشكركم يا شيخ سعد في ختام هذه الحلقة، أن كنتم معنا وأجبتم على أسئلة الإخوة والأخوات.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.

المقدم: شكرًا لكم أنتم أحبتنا الكرام، وهذه تحية من منفذ الفترة الزميل: خالد بن سعيدان، ومن مذيعها الزميل: محمد التركي، ومن التنسيق من الزملاء: جمعان الجمعان وعبدالرحمن الحوطي، ومن الإعلام الجديد: فرحان السبيعي ونبيل الخليف، وهذه تحية من منفذ البرنامج: فارس بن سعود المضيان، ومن الإعداد والتقديم لدى محدثكم: فيصل بن جديان العتيبي، ومن المخرج الزميل: عزام بن حسن الحميضي.

حتى الملتقى بكم في حلقة قادمة، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 مسلم: 2698.
^2 رواه مسلم: 2137.
^3 رواه الترمذي: 3462، وقال: هذا حديث حسن غريب.
^4 رواه ابن ماجه: 1753.
^5 رواه البخاري: 1524، ومسلم: 1181.
^6 رواه ابن ماجه: 2045.
^7 رواه أبو داود: 2366، والترمذي: 788، والنسائي: 87، وابن ماجه: 407، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
^8 رواه البخاري: 3225، ومسلم:2106/ 83.
^9 أي: لكل واحد منهما.
^10 رواه البخاري: 5747، ومسلم: 2261.