بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ومرحبًا بكم -أحبتنا الكرام- إلى حلقةٍ جديدةٍ من برنامج الفتاوى المباشر (فتاوى رمضان).
ضيف حلقتنا هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية بالرياض.
في بدء حلقتنا نرحب بضيفنا باسمكم وباسم فريق العمل: السلام عليكم يا شيخ سعد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.
المقدم: حياكم الله يا فضيلة الشيخ.
ومع أول الاتصالات في هذه الحلقة من مكة المكرمة، الأخت أم رُبَى، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم ورحمة الله.
فضيلة الشيخ، هل يلزم لسجود التلاوة وضوءٌ، أو استقبال قبلةٍ، أو تغطية شعر الرأس، أو على أي حالٍ كنتُ يمكن أن أسجد سجود التلاوة؟ هذا السؤال الأول.
السؤال الثاني: أمي لديها مبلغ تجب فيه الزكاة، إحدى أخواتي ليست فقيرة، لكن عليها دَينٌ، والدَّين مقسَّطٌ يلزمهاه دفعه سنويًّا، هل يمكن أمي أن تعطيها من الزكاة أم لا؟
المقدم: يعني هي عاجزة عن سداد الدين؟
السائلة: لا، ليست عاجزة، ولكن يمر عليها أيام تكون مضغوطة إلى حدٍّ ما، لكن ليس فقيرة ولا مسكينة.
المقدم: طيب، تسمعين إن شاء الله الجواب، شكرًا جزيلًا للأخت أم رُبَى.
سؤال دائمًا يتكرر يا شيخنا وخصوصًا في شهر رمضان المبارك، ومع إقبال الناس جميعًا على قراءة القرآن الكريم، يمر عليهم سجدة التلاوة، فهل يلزم في ذلك للنساء مثلًا، أن تغطي الرأس، وتلبس لبس الصلاة، وكذلك استقبال القبلة، والوضوء وغير ذلك؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فسجود التلاوة اختلف العلماء: هل هو صلاة أو ليس بصلاة؛ فمنهم من قال: إنه صلاة، ورتَّب على هذا أنه يشترط له ما يشترط للصلاة من شروط في الجملة، ومن ذلك: الطهارة، واستقبال القبلة، ومنهم من قال: إن سجود التلاوة ليس بصلاة، وعلى هذا لم يشترط هذه الشروط، وأجاز سجود التلاوة على غير طهارة، وإلى غير القبلة.
والقول الراجح في هذه المسألة -والله أعلم- هو القول الثاني: وهو أن سجود التلاوة ليس بصلاة، وقد اختار هذا القول جمع من المحققين من أهل العلم، كأبي العباس ابن تيمية وغيره رحمهم الله تعالى، وذلك؛ لأنه ليس هناك دليل ظاهر يدل على أن سجود التلاوة صلاة.
وعلى هذا؛ فلا تشترط الطهارة لسجود التلاوة، فلو كان الإنسان يقرأ عن ظهر قلب، مثلًا يقرأ من حفظه، ومر بآية سجدة فإنه يسجد ولو لم يكن على طهارة، وهكذا أيضًا له أن يسجد إلى غير القبلة، وكذلك أيضًا المرأة، لا يلزمها أن تغطي شعر رأسها، ولا أن تكون مستقبلة للقبلة، فلا يشترط لسجود التلاوة ما يشترط للصلاة، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
سؤالها الثاني عن مبلغ فيه زكاة لوالدتها، وإحدى أخواتها عليها دَينٌ، وهي غير محتاجةٍ، ولكن عليها دَينٌ مقَسَّطٌ، فهل تعطي الوالدة هذه البنت من زكاتها؟
الشيخ: ليس لها أن تعطي ابنتها من زكاتها، وذلك؛ لأن الزكاة لا تدفع لعموديِّ النسب، ولا من تلزمه نفقته، وعلى هذا؛ فليس لهذه المرأة أن تدفع الزكاة لابنتها، لكن لو كانت مدينةً وهي عاجزة عن سداد الدين، فيجوز لأمها أن تسدد الدين عن ابنتها من الزكاة، ولكن على عَرْضِ الأخت السائلة في السؤال، تقول: إن أختها ليست عاجز عن سداد الدين، وما دام أنها ليست عاجزة عن سداد الدين فلا تُعطى من الزكاة.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من الرياض الأخت أم عبدالرحمن، شيخنا سؤالها الأول: عن الكريمات والعطور التي تحوي نسبة من الكحول؟
الشيخ: يعني بالنسبة للطهارة؟
المقدم: عن جواز استخدامها.
الشيخ: نعم، لا بأس باستخدام هذه الكريمات، وهذه الدهانات، وإن كانت تشتمل على نسبة من الكحول، وذلك؛ لأن الكحول ليست نجسة على القول الراجح، ليس هناك دليل ظاهر يدل على نجاستها، وأما قول الله : إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ [المائدة:90]، فالمقصود بذلك النجاسة المعنوية؛ بدليل أنه قَرَنَها بالميسر والأنصاب والأزلام، ونجاسة هذه الأمور المذكورة نجاسة معنوية بالاتفاق، فكذا أيضًا الخمر.
وعلى هذا؛ فاستخدام هذه الكريمات والدهانات المشتملة على الكحول لا بأس به، وكذلك أيضًا: العطورات المشتملة على الكحول لا بأس باستخدامها؛ لأنها ليست نجسة، وإنما المحظور تعاطيها، المحظور تعاطي ما فيه خمر أو كحول، هذا هو المحظور، أما كونها تدخل في العطور، أو تدخل في الدهانات فلا يضر ذلك إن شاء الله.
المقدم: سؤالها الثاني: تريد توجيه نصيحة لمن لديه وسوسة في الصلاة والطهارة، وغير ذلك.
الشيخ: إذا كانت الوساوس في أول الأمر، فننصحه أن يقوي جانب الإرادة والشجاعة، وأن يحرص على التفقه في الدين، وأن يستحضر أن اليقين لا يزول بالشك، وأنه إذا تطهر فهو على اليقين، قد تيقن الطهارة، فلا يزول هذا اليقين إلا بيقين مثله، ولا يزول بمجرد الشكوك والوسواس، ولهذا؛ قال النبي لما سئل عن الرجل يجد الشيء في الصلاة: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا [1]، أي: لا يقطع صلاته إلا بأمر متيقن من سماع الصوت، أو شم الرائحة، وأما بمجرد شكوك ووساوس، فإنه لا يلتفت لها، ولا ينصرف من صلاته.
وأما إذا استحكم الوسواس بالإنسان وغلب عليه، فإنه في الغالب لا تنفع معه المواعظ ولا النصائح؛ لأنه أصبح مريضًا، فعليه أن يتجه إلى الطبيب المختص، والأطباء لهم طرق في المعالجة، المعالجة العضوية، والمعالجة النفسية لهذا الوسواس.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من الرياض نستقبل اتصالًا آخر: أبو بكر، تفضل.
السائل: يا شيخنا أنا أعمل في محل ذهب -الله يعطيك العافية- وبعض الناس يأتونني لأخرج لهم الزكاة، فيأتون بذهب فيه فصوص، فهل أفصل الفصوص؟ وكم مقدار الزكاة في نصاب الذهب؟
المقدم: طيب، شيخنا لعلك تُجيبه حتى تناقشه في ذلك بحكم أنه مختص.
الشيخ: هم يريدون إخراج زكاة الحلي الذي يأتون به، يريدون أن يحسبوا كم يكون جرامًا؟
السائل: نعم.
الشيخ: أولًا: إذا كان الحلي معدًّا للاستعمال فلا زكاة فيه، لكن إذا لم يكن معدًّا للاستعمال، فنصاب الذهب 85 جرامًا، والمقدار الواجب فيه ربع العشر (2.5%)، لكنك تقدر الفصوص من غير الذهب، وتقدر الذهب الموجود لديك، وتسأل أيضًا أهل الصنعة، أهل الصنعة لهم طريقة في كيفية حساب الزكاة، أهل الصنعة ممن يعملون معك في نفس المجال لهم طريقة في كيفية إخراج الفصوص، وحساب مقدار الذهب فقط.
السائل: يعني ما تُحسب الفصوص يا شيخ؟
الشيخ: ما تُحسب.
المقدم: هنا رسالة من الأخ أبو هاشم من الرياض يقول: إن لديه بناءً، منزلًا للسكن، ولا يزال يبني هذا السكن، وقال: ما تبقى من المبلغ المخصص للبناء حال عليه الحول فهل عليه زكاة؟
الشيخ: إذا كان المبلغ المتبقي بلغ نصابًا، ويعادل 1245 ريالًا، في هذه الأيام، إذا بلغ النصاب، وحال عليه الحول، فتجب فيه الزكاة ولو كان متبقيًا لإكمال البناء، ما دام أنه قد حال عليه الحول، وهو عنده ولم يتصرف فيه؛ فقد تعلق به حق الفقراء والمساكين، ووجبت فيه الزكاة.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
معنا أبو معاذ، يقول: ما يخرج من السواك من قطع صغيرة، هل تؤثر على الصيام؟
الشيخ: هذه لا تؤثر على الصيام، لكن السواك إذا كان رطبًا حارًّا يلفظ ما يختلط مع الريق؛ لأنه ربما يُؤثر على الصيام، ولذلك؛ ينبغي للصائم أن يجتنب الاستياك بالسواك الحار الرطب؛ لأن له طعمًا، ويختلط بالريق، وربما ابتلعه الصائم، لكن يستاك بالسواك غير الرطب وغير الحار، وأما السواك الذي أشار إليه الأخ السائل، أن بعض الأجزاء تتقطع في الفم، فيلفظها الإنسان ولا تضره.
المقدم: وإن بلعها يا شيخنا بدون أن يقصد؟
الشيخ: إن بلعها من غير قصد فلا شيء عليه.
المقدم: هنا أحد الإخوة يسأل أيضًا، يقول: من وُلد له مولود بعد صلاة العشاء يوم الثلاثاء، متى يذبح عقيقته؟ هل يوم السابع يكون الإثنين القادم أم الثلاثاء؟ ويسأل أيضًا يقول: متى يؤذن في أذن المولود؟ هل عند ولادته أو في يوم سابعه؟
الشيخ: أما بالنسبة للعقيقة، فإنها تكون في اليوم السابع، واليوم السابع هو اليوم الذي يسبق اليوم الذي ولد فيه من الأسبوع المقبل، وعلى هذا ففي المثال الذي طرحه السائل الكريم أن المولود ولد يوم الثلاثاء مساء، فتكون العقيقة يوم الإثنين؛ لأنه هو اليوم السابع.
وأما بالنسبة للتأذين في أذن المولود؛ روي في ذلك حديث عن النبي [2]، وإن كان مختلفًا في ثبوته، والترمذي قال: حديث حسن صحيح، ومن أهل العلم من ضعفه، ولكن لعله حسن بمحموع الطرق، فيؤذن في أُذُن المولود، وليس هناك وقت محدد لهذا التأذين، إن أذَّن مثلًا في اليوم الأول، أو اليوم الثاني، أو في أي يوم.
المقدم: هل يشرع استعمال فرشاة الأسنان عند الوضوء بدلًا عن السواك؟
الشيخ: فرشاة الأسنان هي جزء من السواك؛ لأن السواك هو اسم لما يستاك به، ما ينظف ويدلك به الفم، وله أنواع أفضلها: عود الأراك الذي يستخدمه الناس، ويسمونه السواك، لكن السواك لا ينحصر في عود الأراك، بل يشمل كل ما يحصل به التنظيف للأسنان والفم.
وعلى هذا؛ فمن أنواع السواك: فرشاة الأسنان، بل إن استخدام فرشاة الأسنان مع المعجون ربما تفوق في تنظيف الأسنان والفم عود الأراك، كما هو ظاهر؛ فإن استخدام الفرشاة مع المعجون لا يستغرق إلا وقتًا يسيرًا، ربما يكفي مدة طويلة عن ساعات طويلة، بخلاف عود الأراك؛ فإنه أقل تنظيفًا من فرشاة الأسنان، أقول هذا؛ لأن بعض الناس لا يعرف من السواك إلا عود الأراك، والصواب: أن السواك اسم لكل ما يستاك به وينظف به الفم، وأنه يشمل عود الأراك، ويشمل كذلك فرشاة الأسنان.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من الرياض الأخ محمود، الدعاء والدعوة التي جاءت في الحديث أنها مستجابة للصائم عند فطره، هل هو الوقت أو هي دعوة واحدة؟ هل هي قبل الإفطار، أثناء الإفطار، بعد الإفطار؟
الشيخ: نعم، ورد في الحديث الصحيح عن النبي : إنَّ للصائم عند فطره دعوةً لا ترد [3]، وهذا الحديث له طرقٌ وشواهدُ متعددةٌ، والمقصود من عند فطره: العندية تقتضي القرب، وهو أن يكون قريبًا من وقت الإفطار، ومعنى ذلك: أنها اللحظات التي تسبق الإفطار، فقبيل الإفطار بدقائق هذا الوقت حري بالإجابة، عندما يريد الإفطار، قبيل أن يفطر بدقائق، يبدأ بالدعاء إلى أن يفطر، فهذا الوقت حري بإجابة الدعاء.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من جدة الأخ محمود: نحن مجموعة إخوة مشتركون في أضحية كبيرة، والأضحية قسمناها على ثلاثة أرباع، بحيث يكون كل شخص له نصيبه، ونريد أن نخرج من الربع الباقي عقيقة، والأضحية كبيرة.
الشيخ: لكن الأضحية من غنم أو من إبل؟
السائل: لا، هي جاموسة كبيرة، فالثلاثة أرباع سيخرج منهم الأضحية، ويوزع على أربعة أشخاص، والربع الباقي نخرج منه عقيقة لشخصين، هل يجوز أو لازم ذبح خاص للعقيقة؟
المقدم: أظن السؤال واضح لكم يا شيخ سعد، الجزء الذي هو الربع يريدون أن يجعلوه عقيقتين؟
الشيخ: العقيقة لا بد أن تكون من الغنم، على القول الراجح، ولا تكون من الإبل ولا من البقر، وعلى ذلك فلا يجعلوا المتبقي عقيقة، إنما العقيقة يجعلونها من الغنم.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من الرياض أيضًا أبو عائشة: الضابط في صلاة التراويح في عدد الركعات؟
الشيخ: الضابط قول النبي : صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح؛ فليوتر بواحدة [4]، متفقٌ عليه.
وهذا يدل: على أن صلاة الليل، ومنها صلاة التراويح، ليس لها حد محدود، فللإنسان أن يصلي ما شاء، مثنى مثنى، ثم يوتر بواحدة، لكن المهم أن يحصل إحياء قدر من الليل، ويتأكد ذلك في العشر الأواخر من رمضان، وتفاوت الناس لا يضر؛ لأن بعض الناس ربما يراعي أحوال جماعة مسجده، وبعضهم ربما ينشطون فيصلون ثلاثًا وعشرين، وبعضهم ربما يضعفون فيصلون ثلاث عشرة، وربما بعضهم أقل من ذلك، فيكتفون بإحدى عشرة، لكن المهم: أن تحصل الطمأنينة في هذه الصلاة؛ لأن بعض أئمة المساجد يخفف تخفيفًا ربما أخل بالطمأنينة، والطمأنينة ركن من أركان الصلاة، والنبي رَدَّد المسيء صلاته، الذي لم يطمئن فيها، ثلاث مرات، وفي كل مرة يقول: ارجع فصلِّ؛ فإنك لم تصلِّ [5]، ومن صلى صلاة لم يطمئن فيها، فليس له من صلاته سوى التعب، لا تصح ولا تقبل منه ولا يثاب عليها؛ فلا بد من تحقيق ركن الطمأنينة.
وأما بالنسبة للعدد: فليس للتراويح عدد محدد، ولهذا؛ كان للسلف الصالح طرائق مختلفة في صلاة التراويح؛ فكان بعضهم يصليها ثلاثًا وعشرين ركعة، وكان هذا هو المستقر عند أهل مكة، من صدر الإسلام إلى وقتنا هذا، وبعضهم يصليها ستًا وثلاثين ركعة، وهذا كان عند أهل المدينة في عصور خلت، وبعضهم يصليها إحدى عشرة ركعة، وعندنا هنا في المملكة العربية السعودية كان الناس قبل أكثر من أربعين عامًا يصلونها ثلاثًا وعشرين ركعة، ثم بعد ذلك اعتمدوا على فتاوى بعض أهل العلم في صلاة إحدى عشرة ركعة، لكنهم طبقوا السُّنة في العدد، وكان ينبغي أن يتبع ذلك تطبيق للسُّنة أيضًا في الكيفية، بأن يكون هناك إطالة، ولو نسبية يعني في صلاة التراويح، لكن بعض الناس خفف التراويح في العدد وفي الكيفية، والمقصود أنه ينبغي أن يحصل إحياء قدر من الليل، وأن يكون هذا القدر كبيرًا في العشر الأواخر من رمضان.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من الطائف أبو رهف، الإسعاف بالدم هل له علاقة بتفطير الصائم؟
الشيخ: نعم الإسعاف بالدم يفطر الصائم؛ لأن الدم هو غاية الغذاء، فمن حقن دمًا فسد صومه، ويقضيه بعد رمضان إن شاء الله.
المقدم: والدته لديها اعتقاد: أن النقاب محظور على المعتمرة عند الحرم؛ فدائمًا تلبس من بعد أن تنوي إلى قبيل دخول الحرم، وهو ينبهها، ومع ذلك مع التنبيه تلبس الغطاء العادي؟
الشيخ: النقاب تُمنع منه المرأة المحرمة من حين الإهلال بالنسك من الحج والعمرة، وفهم الأخت الكريمة فهم خاطئ، وفي المرة الأولى هي معذورة بالجهل، وليس عليها شيء، لكن في المرات التي بعد ذلك ليست معذورة؛ لأنها أُخبرت وعُلِّمت، ومع ذلك أصرت على فعلها، فليست معذورة بالجهل، ففي المرة الأولى ليس عليها شيء، وأما في المرات التي بعدها التي لبست فيها النقاب، مع علمها بأنه من محذورات الإحرام يكون عليها في كل مرة فدية من إطعام أو صدقة أو نسك؛ إما إطعام ستة مساكين من مساكين الحرم، توزع على فقراء الحرم، أو صيام ثلاثة أيام في أي مكان، أو ذبح شاة في الحرم، وتوزيعها على فقراء الحرم.
المقدم: يقول: في الصلاة المفروضة في السجود تعودت أن أخص في السجود بعض الأدعية، وأكررها دائمًا، فهل تخصيص أذكار أو أدعية في السجود جائز؟
الشيخ: المشروع في السجود أن يقول: سبحان ربي الأعلى ويكررها، والأفضل أن يكررها عشر مرات، ثم يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، ثم بعد ذلك إن اتسع الوقت له أن يدعو بما شاء، لكن إذا كان ملازمًا لدعوة معينة، فلا يعتقد أنها سُنة، وإنما فقط يريد الإلحاح على الله بهذا الدعاء، لكن هذا بالنسبة لصلاة الفريضة، لا يكون إلا بعدما يستوفي التسبيح، يسبح عشر مرات، ثم يقول: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، ثم بعد ذلك يدعو بما شاء، هذا إذا كان مأمومًا، أما إذا كان إمامًا، فإنه لا يفعل ذلك حتى لا يطيل على من خلفه؛ لأنه لو سبَّح عشر مرات، ثم قال: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، ثم دعا بعد ذلك، فإنه سيطيل على المأمومين خلفه، وهذه الإطالة ربما تشق عليهم، والنبي يقول: أيكم أمَّ الناس فليخفف؛ فإن من ورائه الكبير والضعيف وذا الحاجة [6]، فإذا كان إمامًا فلا يفعل ذلك.
أما إذا كان مأمومًا واستوفى التسبيح، ثم قال: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، ثم اتسع الوقت، فلا بأس أن يدعو بما شاء بعد ذلك، ولو كان في صلاة الفريضة.
المقدم: شيخنا، هل الأفضل أن يأتي ولو بأقل الواجب، ثم بعد ذلك يدع بقية السجود للدعاء؟ أو الأفضل أن يهتم بالذكر الوارد وعدده سواء ثلاث مرات أو عشر مرات؟
الشيخ: الأفضل أن يأتي بالذكر الوارد، موضع السجود في الأصل، أنه يأتي فيه بالتسبيح، والتسبيح في السجود من واجبات الصلاة، فإذا استوفى التسبيح بعد ذلك، له أن يدعو، أمَّا أن يقصر في التسبيح لكي يدعو فهذا خلاف المشروع.
المقدم: يقول: جده مصاب بزهايمر منذ سنوات، يقول: هل نطعم الآن، أو في آخر رمضان؟ وكيف الإطعام ووقته؟
الشيخ: أولًا: إذا كان فاقدًا للعقل بالكلية، بحيث لا يدري عن شيءٍ البَتَّةَ؛ فهذا مرفوع عنه القلم، هذا ليس عليه صيام ولا إطعام ولا صلاة.
أما إذا كان يفقد الذاكرة أحيانًا، وتعود إليه أحيانًا، فهذا يطعم عنه عن كل يوم مسكينًا، وبالنسبة لرمضان، الواجب: أن يطعم عنه عن كل يوم من أيام رمضان مسكينًا، فإذا أطعم بعد غروب شمس كل يوم مسكينًا أجزأ، وكذلك أيضًا، إذا جعل الإطعام في آخر رمضان، أو بعد رمضان، أجزأ عند عامة أهل العلم، ولكن إذا قدَّم الإطعام عن رمضان في أول رمضان، أو في وسطه، كما ذكر الأخ السائل، فهل هذا مجزئ أم لا؟
هذا محل خلاف بين الفقهاء؛ فمنهم من ذهب إلى أنه مجزئ، وهذا هو مشهور مذهب الحنفية والحنابلة، ومنهم من ذهب إلى أنه غير مجزئ، وهذا هو المذهب عند الشافعية، وهو القول الراجح، أنه غير مجزئ، وذلك؛ لأن عند العلماء قاعدةً ذكرها ابن رجبٍ وغيره: أن تقديم العبادة على سبب وجوبها لا يصح، وتقديمها بعد سبب الوجوب وقبل شرط الوجوب صحيح، وهنا إذا قدَّم الإطعام في أول رمضان، أو في وسطه، يكون قد قدَّمه قبل سبب وجوبه، وهو الإفطار، أرأيت لو قدَّم الإطعام وجعله في شعبان آخر يوم من شعبان مثلًا، هل يجزئ؟ لا يجزئ؛ كذلك أيضًا إذا قدَّمه في أول رمضان، والقول بأن رمضان تكفيه نية واحدة، هذا غير ظاهر، بل فيه تقديم للإطعام قبل سبب وجوبه، وحينئذٍ فالذي ننصح به أن يؤخر الإطعام إلى آخر رمضان، أو ما بعد رمضان، أو أن يطعم عن كل يوم بيومه.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
المتصل الأخير معنا في هذه الحلقة من (جدة) الأخ مختار، تفضل.
السائل: السلام عليكم، يعطيك العافية يا شيخ، أريد أسألك يا شيخ عن طلاق حصل مني بثلاث مرات متفرقة.
المقدم: طيب يا أخ مختار نعتذر منك، وكذلك يعتذر منك الشيخ، أمور الطلاق ما تجاب في برامج الهواء، لا بد أن تذهب إلى مكتب الدعوة لديكم، ثم ترتب معهم، وتعرض على سماحة المفتي.
الشيخ: تذهب إلى مكتب الدعوة أو المحكمة الشرعية؛ لأن مسائل الطلاق تحتاج دراسة.
السائل: رحت المكتبة الشرعية، قالوا: لا بد من حضور الزوجة.
المقدم: طيب، أنت رتب معهم سواء حضور الزوجة، حضور الولي، وإن شاء الله ييسر الله أمرك، شكرًا جزيلًا للأخ مختار.
بقي أيضًا متصل، الأخ علِيٌّ، ونختم به الحلقة إن شاء الله، تفضل يا علي.
السائل: السلام عليكم، أسكن مع كافر وأجلس معه وأفطر معه؟
المقدم: طيب تسمع إجابة الشيخ إن شاء الله.
السائل يقول: إني أسكن مع عامل آخر، والعامل هذا كافر، على ديانة أخرى، فيجوز لي أن أجلس معه، وآكل معه؟
الشيخ: لا حرج عليك إن شاء الله، لكن ينبغي أن تبذل الدعوة إلى الله ، عليك أن تحرص على دعوته للإسلام؛ فإنه لو أسلم بسببك كتب لك أجر عظيم، النبي يقول: لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حُمْرِ النَّعَم [7].
وإذا قدر أنه أسلم بسببك يكون لك مثل أجر عمله وعباداته، يكون لك مثل أجر صلاته وصيامه وزكواته وحجه، فاحرص -بارك الله فيك- على أنك كل يوم تبذل له دعوة إلى الإسلام، وترغبه وتأتيه بالأسلوب المناسب، وبالأسلوب الحسن، وتبين له محاسن الإسلام، لعل الله تعالى أن يهديه وأن يسلم على يدك.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
نشكركم يا شيخ سعد في ختام هذه الحلقة.
الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: شكرًا لكم أنتم أحبتنا الكرام، وهذه تحية من الزملاء من منفذ الفترة الزميل: وليد النعمان، ومن مذيعها الزميل: عبدالله بن زيد المشاري، وهذه تحية من التنسيق من الزملاء: جمعان الجمعان وعبدالرحمن الحوطي، ومن الإعلام الجديد: فرحان السبيعي ونبيل الخليف، وهذه تحية أيضًا من منفذ البرنامج: فارس بن سعود المضيان، ومن الإعداد والتقديم لدى محدثكم: فيصل بن جديان العتيبي، ومن الإخراج من الزميل: عزام بن حسن الحميضي.
أستودعكم الله، على أمل اللقاء بكم غدًا في تمام الساعة السادسة، دمتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.