الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على النبي الأمين وآله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بكم -أحبتنا الكرام- إلى حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم برنامج الإفتاء المباشر (فتاوى رمضان)، عبر أثير إذاعة القرآن الكريم من المملكة العربية السعودية.
أسعد بكم، وأسعد بضيف البرنامج، فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية.
باسمكم وباسم فريق العمل نرحب بضيفنا: السلام عليكم، وأهلًا بكم شيخ سعد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.
المقدم: مرحبًا بكم، ونرحب بالإخوة والأخوات.
من أسئلة (تويتر) -فضيلة الشيخ- هذه الأخت أم فهد، تقول: أنا طهرت ليلة أول رمضان، ورأيت الطهر، وباشرت، وأخذت حبوبًا لرفع الدورة؛ لأني أعاني من اضطرابٍ في الهرمونات، الآن لي خمسة أيامٍ أرى دمًا ليس مسترسلًا، وليس في لون دم الدورة، بالرغم من أني مستمرةٌ في أخذ الحبوب، ما حكم صلاتي وصيامي؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
ما دام أن ما ترينه في وقت الدورة، فهذا يأخذ حكم الحيض؛ لأن هذه الحبوب لم تَقْوَ على رفع الدورة؛ ولذلك نزلت معك، لكن بصورةٍ أخف، وعلى هذا: فإنها تأخذ حكم الدورة الشهرية، فلا تصومي معها ولا تصلي، ما دام هذا الدم معك، وإن كان دمًا خفيفًا، لكنه في وقت الدورة الشهرية.
المقدم: سؤالها الثاني: الأخت أم فهدٍ أيضًا تقول: لديَّ مرضٌ نفسيٌّ، نوعٌ من التوتر والاكتئاب المزمن، وشديدة العصبية بشيءٍ خارجَ إرادتي، وهي حالةٌ مزمنةٌ معي، يُفلِت لساني مني، بالرغم من محاولتي الشديدة السيطرة عليه، إلا أني أتكلم بما أهرف ولا أعرف إذا غضبت، وبخاصةٍ على زوجي، هل أنا آثمةٌ، بالرغم من شعوري بالندم على فعل هذا؟
الشيخ: جاء رجلٌ إلى النبي -ويظهر أنه كان شديد الغضب- فقال: يا رسول الله أوصني، قال: لا تغضب، قال: أوصني، قال: لا تغضب، فرددها مرارًا، قال: لا تغضب [1].
فدل هذا على أن ترك الغضب مستطاعٌ، وإلا لو كان غير مستطاعٍ لما أمر النبي هذا الرجل بترك الغضب، لكنه إنما يحتاج إلى تمرينٍ للنفس وتدرجٍ، وإنما العلم بالتعلم، وإنما الحِلم بالتحلُّم.
فننصح الأخت الكريمة بأن تسعى لمعالجة هذه المشكلة لها بالتدرج؛ وذلك بأن تفترض مثلًا تقول: هذا اليوم لن أغضب فيه -مهما كان السبب- مدة ساعةٍ واحدةٍ، من ساعة مثلًا كذا إلى ساعة كذا، ثم في اليوم الثاني تجعلها ساعتين، ثم في اليوم الثالث تجعلها أربع ساعاتٍ، ثم في اليوم الرابع ست ساعاتٍ، وهكذا، ستجد نفسها مع مرور الوقت قد أصبحت حليمةً، وذهبت عنها هذه العصبية، أما الاستسلام والقول بأنني عصبيٌّ، وأن هذا أمرٌ خارجٌ عن إرادتي؛ هذا غير صحيحٍ، والإنسان بإمكانه أن يترك الغضب، أو على الأقل يخفف منه إذا تعاطى الحلم، وإذا استطاع أن يسيطر على ردة فعله.
فننصح الأخت الكريمة بأن تفعل ذلك، وأن تعالج لديها هذه العصبية بالتدريج، ومع التدريج، ومع قوة الإرادة في معالجة هذه المشكلة، ستجد -بإذن الله- أن هذه المشكلة قد زالت، أو قد خفت عندها كثيرًا.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
نستقبل اتصالات الإخوة والأخوات، من المدينة الأخ عبدالعزيز، تفضل.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل بسؤالك.
المتصل: كل عامٍ وأنت بخيرٍ يا شيخ.
الشيخ: حياك الله وبارك الله فيك.
المتصل: جزاك الله خيرًا، أنا وكيلٌ عن ورثةٍ، واشتريت أرضًا وأقمت عليها عمارتين، ولكن الآن لدي ثلاث سنواتٍ ما جاء مشترٍ للعمائر، كيف بالنسبة للزكاة؟
المقدم: طيب، تسمع الإجابة إن شاء الله، شكرًا جزيلًا لعبدالعزيز.
معنا أحدٌ من المتصلين؟ عبدالمحسن، تفضل يا عبدالمحسن.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله.
المقدم: وعليكم السلام.
المتصل: الله يجزيك خيرًا، عندي سؤالان الله يحفظك.
المقدم: وإياك، تفضل.
المتصل: بالنسبة لصلاة التراويح، إذا انتهيت مع الإمام، وأردت أن أكمل وتري في الثلث الأخير في الليل، ماذا أفعل، خاصةً إذا أوترت مع الإمام؟
المقدم: طيب.
المتصل: السؤال الثاني الله يحفظك: بالنسبة للفرق بين جماعة المسجد الأصلية، وإذا انتهى الإمام من الصلاة ودخلنا في جماعةٍ أخرى، ما هو الأفضل؟ هل جماعة المسجد الأولى أفضل، أو..، وجزاكم الله خيرًا؟
المقدم: طيب، تسمع الإجابة، وإياك، شكرًا عبدالمحسن.
الأخ عبدالعزيز سأل أنه وكيلٌ عن ورثةٍ، واشترى لهم أرضًا وبنى عليها عمارتين، يقول: الآن من ثلاث سنواتٍ وهي معروضةٌ للبيع، لكن لم تُبَع؟
الشيخ: أو لم تؤجر.
المقدم: نعم، ربما لم تؤجر، يقول: الآن الثلاث السنوات هذه المتعطلة فيها العمارتان، هل عليها زكاةٌ؟
الشيخ: هذه لا زكاة فيها، هو اشترى هذه العقارات لأجل تأجيرها، ولأجل أن يستفيد منها الورثة، لكنها لم تؤجر، فليس فيها زكاةٌ؛ لأن أصل العقار لا زكاة فيه، والأجرة، لم تُحَصَّل الأجرة، فليس عليهم زكاةٌ والحمد لله.
المقدم: الأخ عبدالمحسن -سبق وأجيب عن هذا السؤال أكثر من مرةٍ في هذا البرنامج- سأل عن التراويح، يقول: أنا أصلي التراويح وأصلي الوتر مع الإمام، وأريد أن أكمل في آخر الليل، كيف أفعل؟
الشيخ: تشفع إذا سلم الإمام، تقوم وتشفع بركعةٍ، وتصلي في البيت ما كتب الله لك؛ أن تصلي مثنى مثنى، ثم توتر بواحدةٍ، هذا هو الأفضل، ولك أن تسلم مع الإمام، ثم تصلي في البيت مثنى مثنى من غير وترٍ، فهذا لا بأس به.
وقد جاء في “صحيح مسلمٍ” وغيره، أن النبي كان في آخر حياته يصلي بعد الوتر ركعتين وهو جالسٌ [2]، قال أهل العلم: إنما فعل ذلك؛ لأجل أن يبين جواز الصلاة بعد الوتر، فالصلاة بعد الوتر تجوز، لكن ينبغي أن يكون الغالب من حال الإنسان أن يجعل آخر صلاته بالليل وترًا.
لكن لو أنه أحيانًا صلى مع الإمام وأوتر، ثم وجد سعةً من الوقت ونشاطًا في آخر الليل، وأراد أن يصلي في البيت، لا بأس، لكن لا يوتر مرةً أخرى، وإنما يصلي مثنى مثنى.
فنقول للأخ الكريم: أنت بالخيار؛ إن تيسر أن تشفع مع الإمام؛ إذا أوتر الإمام تقوم وتشفع وتأتي بركعةٍ، ثم تصلي في البيت مثنى مثنى، ثم توتر بواحدةٍ، هذا هو الخيار الأفضل.
بعض الناس ربما يتحرج أن يشفع مع الإمام كل مرةٍ، فنقول: لا بأس أن تسلم مع الإمام إذا صلى صلاة التراويح، وتصلي في البيت ما تيسر، مثنى مثنى، لكن من غير أن توتر مرةً ثانيةً؛ لأنه لا وتران في ليلةٍ [3].
المقدم: سأل عن الجماعة الأولى، هل تفضل عن الجماعة الثانية، جماعة المسجد؟
الشيخ: نعم، الجماعة الأولى لها مزيد خصوصيةٍ ومزيد فضلٍ، وإدراك الجماعة الأولى أفضل من الجماعة الثانية، أو الجماعات التي تليها.
المقدم: في المساجد -يا شيخنا- التي تكثر فيها الجماعات، بعض مساجد المحطات أو غيرها، يكون بعد الأذان مَن يكون موجودًا يقيم، ويصلون، وتتتابع الجماعات، هل الجماعة الأولى كذلك لها أفضليةٌ عن غيرها؟
الشيخ: أولًا هذه مصلَّياتٌ، ليست مساجد، والمسجد لا بد أن تكون أرضه موقوفةً، أما هذه التي في المحطات فهي مملوكةٌ وليست موقوفةً، إلا إذا أوقفها صاحب المحطة، لكن معظمها تكون مملوكةً تابعةً للمحطة، يعني لو ألغيت المحطة لألغي معها هذا المصلى، فهذه ليست مساجد، هذه مصلياتٌ.
ولذلك فالصلاة في المساجد أفضل من الصلاة في المصليات، لكن لو افترضنا أيضًا وجود مسجدٍ على الطريق، وتصلي فيه عدة جماعاتٍ، فالعبرة بالجماعة الأم، الجماعة التي لها إمامٌ مرتبٌ، ومؤذنٌ، وجماعةٌ، هذه هي التي هي المعول عليها، فإذا لم يوجد؛ بأن كان مسجدًا في الطرقات، ليس له جماعةٌ راتبون، وليس له إمامٌ راتبٌ، فتكون الجماعة الأولى هي يعني الجماعة الأفضل في هذا.
المقدم: هنا من أسئلة (تويتر): يقول: أنا أصلي والمصحف أمامي؛ كي أراجع القرآن كاملًا في الصلوات، يعني هو يقرأ في خارج الصلاة -وأظنها السائلة امرأةً- تقول: أقرأ في خارج الصلاة، ثم إذا أتت الصلاة المكتوبة تفتح المصحف على الموضع الذي وصلت إليه أمامها، ثم تقرأ منه في الركعتين وتكمل بعد الصلاة.
الشيخ: لا بأس بهذا في النافلة، وأما في الفريضة فلا تفعل؛ لأن الفريضة… نعم..
المقدم: حتى لو لم يكن في يديها يا شيخنا، مفتوحٌ أمامها؟
الشيخ: حتى لو كان؛ لأن بعض الفقهاء -ومنهم الإمام أبو حنيفة، وهو منصوصٌ عليه في مذهب الحنفية- يرون أن القراءة من المصحف في الفريضة تبطل الصلاة؛ ويعلِّلون ذلك بالحركة، وأيضًا يعللون ذلك بأنه يتعلم ويتلقن داخل الصلاة، وأن هذا مؤثرٌ، هذا القول وإن كان مناقشًا -والراجح هو قول الجمهور، وهو أن الصلاة من المصحف لا تفسد الصلاة- إلا أنه يبقى خلافًا وقولًا له اعتباره، خاصةً في الفريضة؛ ولذلك ينبغي في الفريضة ألا يقرأ من المصحف؛ وإنما يقرأ الإنسان مما يحفظ.
والأخت الكريمة ما دام أنها بهذا الوصف، فسيكون المحفوظ عندها كثيرًا، فالفريضة تحافظ عليها، لا تقرأ من المصحف؛ وإنما تقرأ مما تحفظه من السور، وأما صلاة النافلة فالأمر فيها واسعٌ، لا بأس أن تقرأ من المصحف، أو أن تفعل الطريقة التي ذكرت؛ بأن تجعل المصحف مفتوحًا أمامها، لا بأس بهذا في صلاة النافلة.
المقدم: نستأذنكم في استقبال بعض الاتصالات، من الرياض الأخت فاطمة، تفضلي.
المتصلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
المتصلة: لو سمحت أنا عندي سؤالان للشيخ.
المقدم: تفضلي.
المتصلة: سؤالي الأول يا شيخ: النبي يقول في الحديث: من قام مع الإمام فكأنما…، يعني في معنى الحديث: أنه كأنه قام ليلةً، طيب كيف وصلاة التراويح ما فرضت إلا بعد الخلفاء الراشدين؟
وسؤالي الثاني يا شيخ: الوالد -حفظه الله- يمنعنا من بعض الأشياء المباحة، يعني مثلًا المكياج على سبيل المثال، يقول: أنا ما أرضى عنكم إذا وضعتموه، عندي أختان تضعانه دون علم الوالد، هل في هذا حرجٌ يا شيخ؛ لأنها أشياء مباحةٌ، ليست حرامًا؟
الشيخ: يعني وَضْعُها أمام النساء؟
المتصلة: نعم، أمام النساء، وأشياء يعني، هذا مثال يعني.
المقدم: طيب، واضح.
المتصلة: جزاكم الله خيرًا.
المقدم: تسمعين الإجابة إن شاء الله، شكرًا.
الأخ حاتم من الرياض، تفضل يا حاتم، معنا حاتم؟
المتصل: يا هلا.
المقدم: تفضل بسؤالك، أنت على الهواء.
المتصل: كيف حالك يا شيخ؟
المقدم: حياك الله، مرحبًا بك.
المتصل: كل عام ٍوأنتم بخيرٍ وصحةٍ وسلامةٍ.
المقدم: وأنت بخيرٍ، الله يسعدك، تفضل بسؤالك.
المتصل: شيخنا، أنا أسأل عن التعامل بالشهادات البنكية والودائع مع البنوك، هل هي حلالٌ أو..؟
المقدم: أي بنوكٍ؟
المتصل: البنوك، سواءٌ البنك الأهلي، أو الـ..، وهل عليها زكاةٌ أو لا؟
المقدم: طيب، التعاملات هذه كيف طريقتها؟
المتصل: يعني نظام الشهادات هذه محددةٌ بثلاث سنواتٍ بربحٍ ثابتٍ.
المقدم: طيب، تسمع الإجابة إن شاء الله.
المتصل: وهل عليها زكاةٌ أو لا؟
المقدم: طيب، شكرًا، شكرًا للإخوة والأخوات.
الأخت فاطمة سألت: من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلةٍ؛ كما في الحديث، تقول: كيف يُجمَع بينه وبين أن النبي في زمانه لم يكن المسلمون يصلون التراويح، إلا فيما ورد عنه في بداية رمضان؟
الشيخ: أولًا: نصحح عبارة الأخت؛ هي قالت: فرضت التراويح، التراويح لم تفرض، التراويح مستحبةٌ وليست واجبةً، وليست فريضةً.
ثانيًا: أول من سن صلاة التراويح: هو رسول الله ، ثم تركها؛ خشية أن تفرض على أمته، فأحياها عمر ، وبقي عمل المسلمين من عهد عمر إلى الآن على ذلك.
فأول من صلى التراويح، وأول من سنها هو رسول الله ، وكان عليه الصلاة والسلام قد صلى بالناس ثلاث ليالٍ، صلى بهم ليلة ثلاثٍ وعشرين إلى ثلث الليل، ثم صلى بهم ليلة خمسٍ وعشرين إلى منتصف الليل، فقالوا: يا رسول الله، لو نَفَّلتنا بقية ليلتنا هذه، فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلةٍ، ثم صلى بهم ليلة سبعٍ وعشرين حتى خَشِي الصحابة أن يفوتهم السحور [4]، وهذا يدل على تأكُّد تلك الليلة.
الشاهد من هذا: أنه لما صلى بهم ليلة خمسٍ وعشرين إلى منتصف الليل، طلبوا منه أن يكمل بهم بقية الليل، فقال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف، كتب له قيام ليلةٍ، فبذلك يزول الإشكال الذي طرحته الأخت السائلة.
فنقول: إن أول من شرع أو سن صلاة التراويح وصلاها في المسجد بالناس: هو رسول الله ، لكنه من رحمته بأمته خشي أن تفرض عليهم؛ فتركها لأجل ذلك.
فلما كان في عهد الخلفاء الراشدين، في عهد عمر ، وبوفاة النبي عليه الصلاة والسلام انقطع الوحي، رأوا أن يُحْيُوا هذه السنة في المساجد، فأصبح الناس يصلونها في المساجد منذ ذلك الحين إلى وقتنا الحاضر.
المقدم: سؤالها الثاني تقول: عندها سؤالٌ عامٌّ: إذا كان الأب أو الأم يمنعون الأبناء أو البنات من أمورٍ مباحةٍ، ويَقرنون ذلك بالغضب عليهم إذا فعلوا؟
الشيخ: لا تجب طاعتهم في ذلك، والمثال الذي ذكَرَته الأخت، وهو منعها من المكياج أمام النساء، لا تجب طاعة الأب في هذا؛ لأن طاعة الوالدين إنما هي في المعروف، فالطاعة في المعروف ليست طاعةً مطلقةً، لا تجب الطاعة المطلقة لأحدٍ من البشر، إلا رسول الله ، وأما من عداه من البشر، فهي مقيَّدةٌ بأن تكون في المعروف.
وضابط طاعة الوالدين الواجبة: هي أن يأمرا أولادهما بما لهما فيه منفعةٌ ولا مضرة فيه على الولد -من ابنٍ أو بنتٍ- هذا هو الضابط، فلا بد عند أمر الوالد لولده -من ابنٍ أو بنتٍ- أن يكون له فيه مصلحةٌ، له منفعةٌ، وأيضًا ألا يتضرر هذا الابن أو البنت.
أما مجرد تعنتٍ، وأنه يأمره بأمورٍ، بأشياء ليس فيها فائدةٌ، وإنما بسبب تعنتٍ، أو بسبب عنادٍ، أو بسبب اضطراباتٍ نفسيةٍ، أو نحو ذلك؛ هنا لا تلزم طاعته.
فنقول للأخت الكريمة: منع والدهم لهم من أشياء مباحةٍ، لا يلزمهم أن يطيعوا والدهم في هذا، لكن مع ذلك الله تعالى لمَّا ذكر الوالدين اللذين يأمران ولدهما بأعظم الذنوب، وهو الشرك، قال: فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15]، يعني: لا تطعهما فيما أمراك به من الشرك، لكن مع ذلك أحسن صحبتهما، وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا.
فيمكن لهؤلاء البنات أن يتلطفن مع والدهن، وأن يقمن بتبيين الحكم له برفقٍ ولينٍ، لكن لا يلزمهن طاعته فيما يأمر به من المنع من أشياء مباحةٍ.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم، لا زلنا وإياكم -أحبتنا الكرام- في برنامج (فتاوى رمضان)، عبر أثير إذاعة القرآن الكريم.
معنا من الطائف الأخ أحمد، تفضل.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: حياك الله يا شيخنا.
المقدم: مرحبًا بك، تفضل بسؤالك.
المتصل: عندي سؤالٌ لشيخنا بخصوص التراويح: إمامٌ صلى بنا ثلاث ركعاتٍ متتالياتٍ، يعني مع بعضها.
الشيخ: الثلاث الركعات الأخيرة، أو غيرها؟
المتصل: لا، في وسطها، يعني تقريبًا بعد التسليمة الثانية.
الشيخ: نعم.
المتصل: صلاها ثلاث ركعاتٍ مع بعضها، وما انتبه لها إلا بعدما سلَّم؟
الشيخ: يعني ساهيًا؟
المتصل: ساهيًا نعم.
المقدم: لا انتبه لا هو ولا أنتم؟
المتصل: إي نعم.
المقدم: ما شاء الله، طيب.
المتصل: حتى ما انتبه إلا بعدما نبهه المصلون بعد السلام.
المقدم: طيب، ماذا فعلوا؟
الشيخ: سجدتم للسهو بعد السلام؟
المقدم: يعني أكمل ركعتين وما أوتر، ما صلى الوتر؟
الشيخ: نعم، طيب.
المقدم: طيب، تسمع الإجابة.
المتصل: بحكم أنه لا وتران في ليلةٍ واحدةٍ.
المقدم: طيب.
المتصل: والسؤال الثاني: التلحين في دعاء القنوت؟
المقدم: طيب.
المتصل: ما حكمه، وشكر الله لكم؟
المقدم: تسمع الإجابة، الله يبارك فيك.
الأخت أم ريان من جدة تفضلي، تفضلي يا أم ريان، معنا؟ تفضلي بسؤالك أنتِ على الهواء، طيب، ذهبت أم ريان.
طيب، الأخ أحمد سأل عن المسألة هذه، يقول: بعد التسليمة الثانية، أو التسليمة الثانية، أكمل الإمام ثلاث ركعاتٍ وسلم، فنبهوه بعد السلام، فاعتبرها هو -كما أفهم- أنها وترٌ، وصلى تسليمتين تسليمتين، حتى انقضت صلاة التراويح؟
الشيخ: نعم، هذا اجتهادٌ في غير محله، كان ينبغي أن يسجد للسهو بعدما صلى ثلاث ركعاتٍ، وكما قال الإمام أحمد رحمه الله: “الركعة الثالثة في صلاة التراويح، كالركعة الثالثة في صلاة الفجر”، وعلى ذلك: هي زائدةٌ، يجب عليه أن يرجع إذا تذكر، أما إذا لم يتذكر إلا بعدما انتهى -كما في صورة السؤال- فهنا يسجد الإمام والمأمومون، يسجدون للسهو، وهذه الركعة الزائدة لا تعتبر شيئًا، يعني: هي زائدةٌ ولاغيةٌ.
وعلى ذلك: يوتر في آخر الصلاة، وكونه لم يوتر في آخر صلاته معتبرًا أن هذه الركعة الزائدة وترٌ، هذا غير صحيحٍ، لكن باعتبار أن صلاة التراويح كلها نافلةٌ ومستحبةٌ فلا شيء عليهم، لكن مستقبلًا يتنبهون لهذا، إذا حصل مثل هذا السهو، يسجدون للسهو، يسجد للسهو، ثم يوتر في آخر صلاته ولا يضر.
المقدم: من الأسئلة التي وصلت للبرنامج: الأخ عبدالرحمن يقول: أهلي أفطروا قبل الأذان بخمس دقائق؛ لأنهم سمعوا الأذان من المسجد، واتضح أن المؤذن أخطأ في الوقت، فماذا عليهم؟
الشيخ: ليس عليهم شيءٌ، وصيامهم صحيحٌ على القول الراجح؛ لأنهم إنما فعلوا ذلك بطريق الخطأ، وقد جاء في “صحيح البخاري” وغيره عن أسماء رضي الله عنها قالت: “أفطرنا على عهد رسول الله في يوم غيمٍ، ثم طلعت الشمس” [5]، ولم يُنقل أن النبي أمرهم بالقضاء، ولأن المخطئ كالناسي، وقد قال عليه الصلاة والسلام: من أكل أو شرب ناسيًا فليتم صومه [6].
وعلى هذا: فصومه صحيحٌ، لكن ننصح الأخ المؤذن والمؤذنين عمومًا بأن يراعوا الدقة، وأن ينتبه المؤذن، وألا يستعجل في الأذان إلا بعد التحقق من دخول الوقت، فإنه يترتب على أذانه أن الناس تفطر بمجرد الأذان، كثيرٌ من الناس لا يدقق، بمجرد أن يسمع صوت المؤذن يفطر؛ ولذلك فالمسؤولية تقع على المؤذن، عليه أن يكون دقيقًا، وأن يتحرى الدقة في ذلك، وأن يتأكد من غروب الشمس.
المقدم: الأخ ياسر يسأل عن قول النبي : داوُوا مرضاكم بالصدقة [7]، هل هذا الحديث صحيحٌ؟ وما المفهوم من هذا الحديث؟
الشيخ: الحديث له طرقٌ وشواهد، حسَّنه بعض أهل العلم، والمراد: أنه إذا أحسن إلى الفقراء والمساكين بهذه الصدقة، فيرجى أن الله يُحسن إلى هؤلاء المرضى بالشفاء؛ فإن الجزاء من جنس العمل، هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [الرحمن:60].
وهناك قصصٌ كثيرةٌ في هذا؛ أناسٌ كان عندهم أمراضٌ، وتصدقوا فشفاهم الله ، لكنها تبقى سببًا من الأسباب، هي سببٌ من الأسباب، والله تعالى يقول: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [الأنعام:17].
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من الرياض الأخ حمد، تفضل.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضل بسؤالك يا حمد.
السائل: أمسي عليكم بالخير.
المقدم: مساك الله بالنور.
السائل: يا شيخ، الآن الأموال التي تذهب في الحصَّالات، هذه تدخل فيها الزكاة أم لا؟
الشيخ: كم الأموال، كم هي؟
السائل: والله حوالي الخمسة، الستة، أو أكثر.
الشيخ: ستة آلاف تقريبًا؟
المقدم: ستمئة، أو ستة آلافٍ، أم كم؟
السائل: لا، ستة آلافٍ.
المقدم: طيب، تسمع الإجابة، شكرا للأخ أحمد، توجيهكم للأخ حمد.
الشيخ: نعم، إذا بلغت هذا الرقم فقد بلغت النصاب، ففيها الزكاة إذا حال عليها الحول، كبقية الأموال.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم.
المتصل الأخير معنا في الحلقة: أبو عبدالملك، تفضل.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضل بسؤالك.
السائل: مساكم الله بالخير.
المقدم: الله يبارك فيك.
السائل: سؤالي طال عمرك: أنا عندي سائقٌ ويعول أسرةً كبيرةً ووالدين، هل يجوز أن أدفع له زكاةً؟
المقدم: تعلم من حاله أنه محتاجٌ، ولا يكفيه الراتب؟
السائل: نعم، عنده حوالي أربعة عشر نفسًا.
المقدم: طيب، تسمع توجيه الشيخ، تفضل فضيلة الشيخ.
الشيخ: نعم، لا بأس أن يعطيه من الزكاة، بشرط ألا يربط بين الزكاة وبين العمل؛ فلا تكون عوضًا عن الراتب، ولا أيضًا يعطيه من الزكاة رجاء أن يحسِّن عمله، وإنما يعطيه كما يعطي غيره، فلا بأس بذلك، وأيضًا مع ملاحظة ألا يمتن عليه بذلك؛ لأن المنة تبطل أجر الصدقة وأجر الزكاة، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى [البقرة:264].
فإذا تحقق هذا، وكان هذا السائق مستحقًّا -وهو قد ذكر أنه كذلك- ولم يربط بين الزكاة وبين العمل، ولن تكون منه منةٌ بهذه الزكاة؛ فلا بأس بإعطائه من الزكاة، بل إن إعطاءه من الزكاة أولى من إعطاء البعيدِين، بعض الناس يعطي الزكاة للبعيدين، وعنده سائقٌ، وعنده خادمةٌ، وهم محتاجون؛ فهم أولى بالزكاة من الأباعد الذين يعطيهم الزكاة.
المقدم: بقي بعض الأسئلة في (تويتر)، على شكلٍ سريعٍ، هذا أحد الإخوة يقول: أبي لديه زكاة مالٍ، ويريد أن يدفع سداد دين ابنه المتزوج الذي لا ينفق عليه، فهل يجوز ذلك أو لا؟
الشيخ: إذا كان لسداد الدين فقط، وكان هذا الدين حالًّا، وكان الابن عاجزًا عن سداده فلا بأس؛ لأن الأب أصلًا ليس مطالَبًا بسداد الدين عن ابنه؛ ولذلك لا بأس أن يسدد عنه دينه الحال من الزكاة.
المقدم: نختم بهذا السؤال: الأخ أمير يقول: هل تسقط سنن النوافل والرواتب في حال السفر؟
الشيخ: نعم، تسقط السنن الرواتب ما عدا سنة الفجر؛ لأن سنة الفجر كان النبي يحافظ عليها [8]، ويصليها في السفر وفي الحضر.
وأيضًا السنن غير الرواتب، فهذه لا تسقط في السفر؛ كركعتي الضحى مثلًا، وأيضًا صلاة الوتر، فهذه تصلى في السفر، إنما الذي يسقط في السفر هي السنن الرواتب ما عدا سنة الفجر.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم، شكر الله لكم يا شيخ سعد.
الشيخ: وشكرًا لكم، وللإخوة المستمعين.
المقدم: وشكرًا لكم أنتم أحبتنا الكرام، حتى الملتقى بكم في حلقة الغد، تذكَّروا أن للصائم دعوةً لا تُرد.
في أمان الله.
الحاشية السفلية
^1 | رواه البخاري: 6116. |
---|---|
^2 | رواه مسلم: 738. |
^3 | رواه أبو داود: 1439، والترمذي: 470، والنسائي: 1678. |
^4 | رواه أبو داود: 1375، والترمذي: 806، والنسائي: 1604، وابن ماجه: 1327، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. |
^5 | رواه البخاري: 1959. |
^6 | رواه الترمذي: 721. |
^7 | رواه الطبراني: 10196. |
^8 | رواه البخاري: 1159. |