عناصر المادة
- مناسبة عيدي الفطر والأضحى
- حكم التجمُّل والتزيُّن في العيدين
- حكم الاغتسال لصلاة العيد
- مشروعية الفرح والسرور يوم العيد
- حكم صوم يوم العيد
- وقت صلاة العيد
- حكم صلاة العيد
- حكم مخالفة الطريق يوم العيد
- أين تؤدى صلاة العيد؟
- حكم تقديم صلاة العيد على الخطبة
- صفة صلاة العيد
- صفة خطبة العيدين
- حكم الجلوس لسماع الخطبة
- التكبير في ليلتي العيدين
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
حياكم الله تعالى في هذه الحلقة والتي أتحدث فيها معكم عن أحكام صلاة العيدين.
و “العيدان”: تثنية “عيد”، والمراد بهما: عيد الفطر وعيد الأضحى، وكلاهما يقع في مناسبة شرعية.
مناسبة عيدي الفطر والأضحى
أما مناسبة عيد الفطر فهي انقضاء شهر رمضان بعد تعبُّد المسلمين فيه لله تعالى بالصيام والقيام، وما تيسر من صالح الأعمال.
وأما مناسبة عيد الأضحى فهي اختتام عشر ذي الحجة التي قال عنها النبي : ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء [1].
ومن هنا فالمناسبة لهذين العيدين مناسبة شرعية.
وهناك عيد ثالث وهو: يوم الجمعة يتكرر في كل أسبوع مرة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وقد سمَّى النبي الجمعة عيدًا في غير موضع، ونهى عن إفراده بالصوم، لِمَا فيه من معنى العيد”.
وليس في الإسلام عيد سوى هذه الأعياد الثلاثة: عيد الفطر وعيد الأضحى، ويوم الجمعة.
واتخاذ عيد غير هذه الأعياد الثلاثة بدعة محدثة.
وقد أخرج النسائي بسند صحيح عن أنس قال: “قدم النبي المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: قد أبدلكم الله بها خيرًا منهما: يوم الفطر والأضحى [2].
حكم التجمُّل والتزيُّن في العيدين
ولا بأس بالتجمُّل في العيدين، بل إن ذلك مستحب استحبابًا مؤكدًا في صلاة العيدين؛ لدخوله في عموم قول الله تعالى: يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31] أي: عند كل صلاة.
ويتأكد أخذ الزينة في صلاتي الجمعة والعيدين.
قال البخاري في صحيحه: “باب في العيدين والتجمل فيه”.
ثم ساق بسنده عن عبدالله بن عمر رضي الله عنها قال: أخذ عمر جبة من استبرق تباع في السوق، فأخذها فأتى رسول الله ، فقال: يا رسول الله ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود، فقال رسول الله : إنما هذه لباس من لا خلاق له [3].
ووجه الدلالة أن النبي أقر عمر على أصل التجمل للعيد، وإنما زجره عن هذه الجبة لكونها كانت من حرير.
قال ابن القيم رحمه الله: “وكان يلبس للخروج إلى العيدين أجمل ثيابه فكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة”.
واستثنى بعض الفقهاء من ذلك المعتكف، فقالوا: ينبغي أن يخرج في ثياب اعتكافه ولو كانت غير نظيفة، قالوا: لأن هذه الثياب أثر عبادة فينبغي أن يبقى أثر العبادة عليه، كما يشرع في دم الشهيد أن يبقى عليه.
ولكن هذا القول محل نظر، إذ لا دليل عليه، بل الدليل على خلافه، فإن النبي كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان، ويخرج لصلاة العيد في أحسن ثيابه ولا هدي أكمل من هدي النبي .
ثم لا نسلم بأن توسخ ثياب المعتكف من أثر العبادة، ولكنه من طول بقائها عليه، ولهذا لو لبس ثوبًا نظيفًا في آخر يوم من رمضان أو في ليلة العيد لما كان له أثر غالبًا، ولا يصح قياسه على دم الشهيد؛ لأن الشهيد يأتي يوم القيامة وجرحه يثعب دمًا؛ اللون لون الدم والريح ريح المسك.
ولهذا؛ فالصواب: أن المعتكف كغيره يخرج إلى صلاة العيد متجملًا لابسًا أحسن ثيابه.
حكم الاغتسال لصلاة العيد
واستحب بعض العلماء: الاغتسال لصلاة العيد، وقد روي في هذا حديثان عن النبي ، لكنهما ضعيفان لا يصحان، والقول بالاستحباب حكم شرعي يحتاج إلى دليل ثابت، ولم يثبت في هذا الباب شيء، ولهذا فالأقرب أن يقال: الاغتسال لصلاة العيد مباح، ولا يقال إنه سُنة لعدم ثبوت ما يدل على سنيته. والله تعالى أعلم.
مشروعية الفرح والسرور يوم العيد
ولا بأس بإظهار الفرح والسرور يوم العيد، ويدل لذلك ما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنهما قالت: “دخل علي رسول الله وعندي جاريتان تغنيان وتضربان بالدف، فاضطجع رسول الله وحول وجهه، ودخل أبو بكر فانتهرني وقال: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله ؟! فقال رسول الله : دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد، وإن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا قالت عائشة: فلما غفل غمزتهما فخرجتا” [4].
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يوم عيد يلعب فيه السودان بالدرق والحِراب، فقال رسول الله : تشتهين تنظرين؟ قلتُ: نعم، فأقامني وراءه خدي على خده وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة، حتى إذا مللت قال: حسبك؟! قلتُ: نعم، قال: فاذهبي [5]، وفي رواية عند النسائي: “فجعل يقول: أما شبعتِ فجعلت أقول: لا، أنظر منزلتي عنده” [6].
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله معلقًا على الحديث الأول: “وفيه أن إظهار السرور في الأعياد من شعار الدين، وأما ما يذكر عن بعض العُبَّاد أنه مرَّ بقوم يفرحون في أيام العيد، فقال: إن هؤلاء قد أخطأوا فإن كان لم يتقبل منهم فليس هذا فعل الخائفين، وإن كان قد تُقبِّل منهم فليس هذا بفعل الشاكرين، فهذا اجتهاد منه، وهو خلاف هدي النبي ؛ فإنه عليه الصلاة والسلام قد أباح لأمته في أيام العيد من الفرح والانطلاق والانشراح الذي لا يخل بالدين، كما أنه أباح عند الحزن الإحداد بترك الزينة والطيب ونحوه لثلاثة أيام، كما قال عليه الصلاة والسلام: لا يحل لامرأة أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا [7].
وأذن في الهجر للمسلم ثلاثة أيام، وحرَّم ما زاد على ذلك، كما قال عليه الصلاة والسلام: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث [8].
وهذا أيها الإخوة من عظمة هذه الشريعة التي راعت أحوال النفوس بما تقتضيه الأحوال.
ولكن ننبه هنا إلى أن الفرح والسرور بيوم العيد لا بد أن يكون منضبطًا بالضوابط الشرعية.
أما إذا أفضى هذا الفرح إلى أمر محرم فيكون فرحًا مذمومًا.
حكم صوم يوم العيد
يجب أن يكون المسلم يوم العيد مفطرًا، فيحرم صوم يوم العيد، بل السنة أن يسعى لتحقيق الفطر يوم عيد الفطر بأكل تمرات قبل ذهابه للصلاة، ففي صحيح البخاري عن أنس قال: “كان رسول الله لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات يأكلهن وترًا” [9].
وعلى هذا فالسُّنة للمسلم أن يأكل تمرات قبل ذهابه لصلاة العيد ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك، ويقطعها على وتر، وأقلها ثلاث، لقوله: تمرات، وأقل الجمع: ثلاثة، وهذا في عيد الفطر خاصة.
وأما في عيد الأضحى فلا يأكل شيئًا حتى يضحي فيأكل من أضحيته، وقد جاء في حديث بريدة قال: “كان النبي لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر، ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي” [10]، رواه أحمد بسند حسن.
وقت صلاة العيد
ويستحب تقديم صلاة عيد الأضحى، وتأخير صلاة عيد الفطر.
قال الموفق ابن قدامة رحمه الله: “يستحب تقديم الأضحى ليتسع وقت التضحية؛ لأنها لا تجوز إلا بعد الصلاة، وتأخير الفطر ليتسع وقت إخراج صدقة الفطر؛ لأن السُّنة إخراجها يوم العيد قبل الصلاة، وهذا مذهب الشافعي، ولا أعلم فيه خلافًا”.
وقد روي أن النبي كتب إلى عمرو بن حزم: “أنَّ أخِّر صلاة الفطر وعجِّل الأضحى وذكِّر الناس”، والحديث مرسل رواه الشافعي.
حكم صلاة العيد
وينبغي أن يخرج جميع الناس لصلاة العيد الرجال والنساء والصبيان؛ لأن صلاة العيد من أعظم شعائر الإسلام التي ينبغي أن تظهر، وأن تبرز، حتى إن النبي قد أمر بإخراج الحيض والعواتق وذوات الخدور؛ كما جاء في الصحيحين عن أم عطية رضي الله عنها قالت: “أمرنا رسول الله أن نُخرِج في الأضحى والفطر العواتق والحيّض وذوات الخدور، فأما الحيّض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين”.
و “العواتق” جمع عاتق، وهي الجارية البالغة أو التي قد قاربت البلوغ.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “والقصد من ذلك إظهار شعار الإٍسلام بالمبالغة في الاجتماع”.
وقد اختلف فيها العلماء:
- فذهب بعضهم إلى أنها سُنة، وهذا هو مذهب المالكية والشافعية.
- وذهب آخرون إلى أنها فرض كفاية، وهذا هو المذهب عند الحنابلة.
- وذهب آخرون إلى أنها فرض عين، وهذا هو مذهب الحنفية.
والأقرب والله تعالى أعلم أنها فرض كفاية؛ وذلك لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، ولهذا أمر النبي بإخراج العواتق والحيِّض، وذوات الخدور مع أن الحيِّض لا يصلين، وإنما يعتزلن المصلى، ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين، وكل ذلك مبالغة في إظهار شعار الإسلام في هذا اليوم، وهذا من شأن فروض الكفايات لا فروض الأعيان.
وأما ما استدل به القائلون بالوجوب من حديث أم عطية رضي الله عنها: أمرنا رسول الله أن نخرج العواتق والحُيِّض وذوات الخدور، فليس هذا الحديث بظاهر الدلالة على الوجوب؛ لأن من جملة من تناولهن الأمر: الحُيِّض، وهنا لا تجب عليهن الصلاة، بل ولا يجوز لهن أن يصلين.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “استدل بهذا الحديث على وجوب صلاة العيد، وفيه نظر؛ لأن من جملة من أُمر بذلك من ليس بمكلف، فظهر أن القصد منه إظهار شعار الإسلام بالمبالغة في الاجتماع”.
حكم مخالفة الطريق يوم العيد
والسُّنة لمن ذهب لصلاة العيد: أن يخالف الطريق، فيذهب في طريق ويرجع في طريق آخر، ففي صحيح البخاري عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: “كان النبي إذا كان يوم العيد خالف الطريق” [11].
قال ابن القيم رحمه الله: “وكان يخالف الطريق يوم العيد؛ فيذهب في طريق، ويرجع في آخر، فقيل: ليُسلِّم على أهل الطريقين، وقيل: لينال بركته الفريقان، وقيل: ليقضي حاجة من له حاجة منهما، وقيل: ليظهر شعائر الإسلام في سائر الفجاج والطرق، وقيل: ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الإسلام وأهله وقيام شعائره، وقيل: لتكثر شهادة البقاع، فإن الذاهب إلى المسجد والمصلى إحدى خطوتيه يرفع له بها درجة والأخرى يحط عنه بها خطيئة، وقيل -وهو الأصح-: إنه لذلك كله ولغيره من الحِكَم”.
أين تؤدى صلاة العيد؟
والسُّنة أن تؤدى صلاة العيد في الصحراء قريبًا من البنيان هذا هو هدي النبي ، وهدي خلفائه الراشدين من بعده.
قال ابن القيم رحمه الله: “وكان يصلي العيدين في المصلى، ولم يصل العيد بمسجده إلا مرة واحدة أصابهم مطر فصلى بهم العيد في المسجد إن ثبت الحديث”.
وهذا الحديث الذي أشار إليه ابن القيم رحمه الله لم يثبت، فقد أخرجه أبو داود، وابن ماجه، وفي سنده رجلان مجهولان.
حكم تقديم صلاة العيد على الخطبة
والسُّنة تقديم صلاة العيد على الخطبة، وقد رأى بعض خلفاء بني أُمية تقديم الخطبة على الصلاة؛ لأجل أن يستمع الناس لخطبتهم، لأن من الناس من كان ينصرف ولا يستمع للخطبة، وقد أنكر على هؤلاء الولاة من أنكر من الصحابة.
جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: “كان رسول الله يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم، قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجتُ مع مروان وهو أمير المدينة في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي، فجبذتُ بثوبه فجبذني فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيرتم والله، فقال: يا أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت: ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال مروان: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة” [12].
صفة صلاة العيد
والسُّنة أن يكبر في الركعة الأولى ست تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام والاستفتاح.
قال الموفق ابن قدامة رحمه الله: “السُّنة أن يستفتح بعد تكبيرة الإحرام ثم يكبر تكبيرات العيد، ثم يتعوذ ثم يقرأ هذا هو المشهور في المذهب، أي عند الحنابلة، ومذهب الشافعي.
وعن الإمام أحمد أن الاستفتاح بعد التكبيرات اختارها الخلال وهو قول الأوزاعي..
ثم قال الموفق: وأيما فعل -أي من الأمرين- كان جائزًا، أي أن له أن يكبر ثم يستفتح ثم يأتي بالتكبيرات الزوائد، أو أنه يُكبِّر ثم يأتي بالتكبيرات الزوائد ثم يستفتح، والأمر في ذلك واسع إن شاء الله.
ويُكبِّر في الركعة الثانية خمس تكبيرات سوى تكبيرة القيام، لحديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي كبَّر ثنتي عشرة تكبيرة سبعًا في الأولى وخمسًا في الثانية [13]، رواه أحمد، ويرفع يديه مع كل تكبيرة”.
وروي عن ابن مسعود أنه كان يقول بين كل تكبيرتين: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرة وأصيلًا، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليمًا.
وهذا الذكر لم يرد عن النبي ، وإنما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه.
قال ابن القيم رحم الله: “ولم يحفظ عن النبي ذكر معين بين التكبيرات، على أن في ثبوت ذلك عن ابن مسعود مقالًا، والأولى ألا يقال شيء بين التكبيرات إذ لو كان مشروعًا لفعله النبي ولنقل، والله تعالى أعلم”.
والسُّنة أن يقرأ في صلاة العيد بعد الفاتحة بسورة ق في الركعة الأولى، وسورة اقْتَرَبَتِ في الركعة الثانية.
وهناك سُنة أخرى قد وردت بها السُّنة في القراءة في صلاة العيد بعد الفاتحة، وهي: قراءة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى في الركعة الأولى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ في الركعة الثانية.
ثم بعد الصلاة يخطب الإمام بالناس.
صفة خطبة العيدين
واستحب بعض الفقهاء أن يستفتح الخطبة الأولى بتسع تكبيرات، ويستفتح الخطبة الثانية بسبع تكبيرات.
وذهب بعض العلماء إلى أن السُّنة أن يفتتح خطبة العيد بـ: الحمد لله، وهذا هو الأقرب في هذه المسألة، والله أعلم.
وقد رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى.
قال ابن القيم رحمه الله: “كان النبي يفتتح خطبه كلها بـ: الحمد لله، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتي العيدين بـالتكبير”.
حكم الجلوس لسماع الخطبة
وهل يجب على المأموم الجلوس لاستماع خطبة العيد؟!
اختلف العلماء في ذلك، فمنهم من أجاز له ذلك، وهذا هو المذهب عند الحنابلة؛ لما روى عبدالله بن السائب قال: “شهدتُ العيد مع النبي فلما قضى الصلاة، قال: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب” [14].
وذهب بعض العلماء أن حضور خطبتي العيد واستماعهما فرض كفاية لمداومة النبي على ذلك، ولئلا تنصرف جموع المسلمين بلا موعظة ولا تذكير، وهذا هو القول الأقرب في هذه المسألة، والله أعلم.
وأما حديث عبدالله بن السائب السابق ذكره، فقد أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن خزيمة، وذكر جمع من الحفاظ أن الصواب أنه مرسل، وممن ذكر ذلك الإمام أحمد، وابن معين، وأبو داود، والنسائي، وأبو زرعة، وابن خزيمة، والبيهقي؛ وعليه فيكون هذا الحديث ضعيفًا.
التكبير في ليلتي العيدين
ويسن التكبير المطلق في ليلتي العيدين؛ لقول الله تعالى: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُم [البقرة:185].
وإكمال العدة يكون بغروب شمس آخر يوم من رمضان.
قال بعض أهل العلم في معنى الآية: لتكملوا عدة رمضان ولتكبروا لله عند إكماله على ما هداكم، والتكبير ليلة عيد الفطر آكد منه في ليلة عيد الأضحى.
قال عبدالله ابن الإمام أحمد رحمه الله: “قرأتُ على أبي: إذا خرج الناس يوم الفطر ويوم الأضحى يكبرون؟! قال الإمام أحمد: يوم الفطر أشد؛ لقول الله تعالى: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ [البقرة:185]”.
ويستحب رفع الصوت بالتكبير بالنسبة للرجال إظهارًا للشعيرة، وهذا هو المأثور عن عدد من الصحابة ، وأما النساء فكالرجال في ذلك إلا إذا كان حولهن رجال أجانب فيكبرن سرًا.
ويكون التكبير المطلق كذلك في عشر ذي الحجة، ويكون كذلك في أيام التشريق.
فالحاصل: أن التكبير المطلق يكون في ليلتي العيدين ومن دخول عشر ذي الحجة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق.
وأما التكبير المقيد فهو الذي يكون عقب كل صلاة فريضة في جماعة فيبتدئ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق لغير الحاج.
وأما بالنسبة للحاج فمن ظهر يوم النحر إلى عصر آخر أيام التشريق.
وصفته أن يقول:
الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أسألُ الله تعالى أن يرزقنا السداد في القول والعمل، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى من الأقوال والأعمال.
وإلى الملتقى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحاشية السفلية
^1 | رواه الترمذي: 757، وأحمد: 6505، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح غريب. |
---|---|
^2 | رواه أبو داود: 1134، والنسائي: 1556. |
^3 | رواه البخاري: 948، ومسلم: 2068 |
^4 | رواه البخاري: 949، ومسلم: 892. |
^5 | رواه البخاري: 950، ومسلم: 892. |
^6 | رواه الترمذي: 3691، النسائي في السنن الكبرى: 8908، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب. |
^7 | رواه البخاري: 1280، ومسلم: 1491. |
^8 | رواه البخاري: 6076، ومسلم: 2558. |
^9 | رواه البخاري: 953. |
^10 | رواه أحمد: 22983. |
^11 | رواه البخاري: 986. |
^12 | رواه البخاري: 956. |
^13 | رواه أحمد: 6688. |
^14 | رواه أبو داود: 1155، وابن ماجه: 1290. |