كيف تحسب ساعات التبكير يوم الجمعة التي وردت في حديث: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرّب بَدَنةً، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرةً… [1] إلى آخر الحديث؟
الحاشية السفلية
^1 | رواه البخاري: 881، ومسلم: 850. |
---|
مشاهدة من الموقع
السؤال
الجواب
نعم، هذا الحديث -أولًا- هو حديث صحيح؛ رواه البخاري ومسلم، وذكر فيه النبي خمس ساعات، قال: من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرّب بدنة.. يعني: ناقة، ومن راح إلى الجمعة في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة، ومن راح إلى الجمعة في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشًا أقرن، ومن راح إلى الجمعة في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة، ومن راح إلى الجمعة في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة، فإذا دخل الإمام طويت الصحف، وأقبلت الملائكة تستمع الذكر [1] أي: الخطبة.
فهنا النبي عليه الصلاة والسلام ذكر خمس ساعات، وكان من هديه عليه الصلاة والسلام وهدي الصحابة أنهم يأتون لصلاة الجمعة بعد الزوال، والزوال يكون بعد منتصف النهار، يعني: بعد الساعة السادسة.
وعلى ذلك تكون الساعة الأولى بعد طلوع الشمس بساعة، هذا هو أرجح الأقوال في المسألة، وهو الذي رجحه الحافظ ابن حجر وجماعة من أهل العلم: بعد طلوع الشمس بساعة، لكن ليس المقصود بالساعة الساعة التي هي ستون دقيقة، وإنما المقصود بها المدة الزمنية ما بين طلوع الشمس إلى غروبها، فإذا قُسمت على اثني عشر، فننظر مثلًا متى تطلع الشمس؟ ومتى تغرب؟ ونقسمها على اثني عشر، يعني: هي قريبة من ستين دقيقة، وفي أيام الشتاء تكون أقل من ستين، فتصل لخمسةٍ وخمسين دقيقة، أو ستة وخمسين، ونحوها، وفي أيام الصيف التي يطول فيها النهار ربما تصل إلى ساعة، وتزيد على الساعة قليلًا، يعني: هي بين خمسة وخمسين إلى خمسة وستين دقيقة.
فعلى هذا تكون الساعة الأولى بعد طلوع الشمس بساعة، قال الحافظ ابن حجر: “الساعة الأولى التي بعد طلوع الشمس ليست معدودة من الساعات، حتى يشتغل فيها الذهاب للجمعة بالاغتسال والتنظف والتطيب ونحو ذلك” [2].
فجُعلت له هذه الساعة لأجل أن يشتغل فيها باغتساله ونحوه، فعلى هذا تكون الساعة الأولى تبدأ بعد طلوع الشمس بساعة، فمن ذهب إلى المسجد الجامع بعد طلوع الشمس بساعة، فكأنما قرّب بدنة، وإذا كان بساعتين كأنما قرّب بقرة، وإذا كان بثلاث ساعات كأنما قرّب كبشًا أقرن، وإذا كان بأربع ساعات، كأنما قرّب دجاجة، وإذا كان بخمس ساعات كأنما قرّب بيضة، وإذا دخل بعد دخول الخطيب يكون قد فاته أجر التبكير، فلا يكتب له من أجر التبكير شيئًا، وهذا -والله- حرمان، يعني: هذا يكون أحيانًا بصفة عارضة بسبب ظروف ونحوها، لكن أن يكون هذا بصفة دائمة: أنك تُحرم من أجر التبكير، لا تأتي إلا بعد دخول الخطيب، والله هذا من الحرمان.
ولذلك ينبغي للمسلم أن يهتم بصلاة الجمعة، وأن يستعد لها، وبعض الناس يُؤتى من جهة السهر، يسهرون ليلة الجمعة، ثم لا ينامون إلا بعد صلاة الفجر، ولا يستيقظون إلا قبيل دخول الخطيب، فتفوتهم السنن، يفوتهم أجر التبكير، وكتابة الملائكة لهم الأول فالأول، ويفوتهم أيضًا حتى تطبيق سنة الاغتسال والطيب، ونحو ذلك، فتفوتهم هذه الأجور العظيمة بسبب الإهمال وقلة الاهتمام بصلاة الجمعة.
فينبغي لنا جميعًا أيها الإخوة أن نهتم بهذه الشعيرة وهذه العبادة، وأن يحرص المسلم على الاستعداد لها من ليلة الجمعة: بأن ينام -يعني: ليلة الجمعة- ويستيقظ مبكرًا يوم الجمعة، ويذهب إلى الجامع في وقت مبكر؛ حتى ينال هذه الأجور العظيمة المرتبة على التبكير.