يقول: أفتيتَ بجواز الاشتراك في صكوك “صح”، مع أنها تُعطي أرباحًا ثابتةً، ومع أن رأس مالها مضمونٌ، وأرباحها مضمونةٌ، وهذا يُفْضِي للربا.
مشاهدة من الموقع
السؤال
يقول: أفتيتَ بجواز الاشتراك في صكوك “صح”، مع أنها تُعطي أرباحًا ثابتةً، ومع أن رأس مالها مضمونٌ، وأرباحها مضمونةٌ، وهذا يُفْضِي للربا.
الجواب
نقول للأخ السائل الكريم: هل أنت -أولًا- تصورتَ هذه الصكوك؟ وهل اطَّلعتَ على وثائقها؟
فإن الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره.
ثم هل يُعقل أني أُفتي بجواز الاشتراك في صكوكٍ ورأس مالها مضمونٌ، وتُعطي أرباحًا مضمونةً؟!
ينبغي لمَن سأل أن يتَّقي الله في سؤاله، كما أن المُفتي مطلوبٌ منه أن يتَّقي الله تعالى في فتواه كذلك السائل، وإلقاء هذه الأمور بهذه الطريقة هذا أمرٌ غير مقبولٍ، وربما هذا يدخل في القول على الله بغير علمٍ، فالذي يأتي ويُلقي التُّهم جُزَافًا، ويقول: إن هذا الشيء حرامٌ. وهو لم يتصوره، هذا يدخل في القول على الله بغير علمٍ: وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ [النحل:116].
أنا أحترم مَن يُخالفني في الرأي، لكنه يكون مُتصورًا وفاهمًا للموضوع، أما مَن يأتي وهو غير مُتصورٍ، ولم يطلع على الوثائق، ولا يعرف شيئًا عن هذه الصكوك، ثم يقول: إنها حرامٌ، وإنها ربا. وهو لا يدري عنها أصلًا، فهذا قد يدخل في القول على الله بغير علمٍ.
هذه الصكوك مبنيةٌ على هيكلة المُضاربة والمُرابحة، وهي في الأصل على المُضاربة، لكن ربما تنقص الأرباح، فَجُعِلَت المُرابحة لتُغطي ما قد يكون من النَّقص في أرباح المُضاربة، والرقم المُعلن ليس هو رقم الأرباح، وإنما هو رقم التَّوزيع؛ وذلك أن الأرباح مُتذبذبةٌ، وهذه الأرباح كلها تُجعل في حسابٍ احتياطيٍّ، ويُؤخذ منها هذا الرقم المُعلن الذي يُوزع سنويًّا على المُشتركين في الصكوك، ثم عند إطفاء الصكوك إن بقي شيءٌ من الأرباح لم يُوزع على المُشتركين فهو يكون لمُصْدِر الصكوك كحافزٍ تشجيعيٍّ، وهذا قد شُرِطَ على حَمَلَة الصكوك ابتداءً في نشرة الاشتراك.
ولو كان الأمر بالعكس بأن نقصت الأرباح عن الرقم المُعلن، فليس في الوثائق ما يُلزم مُصْدِرَ الصكوك بتغطية النقص، ولكن -في الغالب- مُصْدِر الصكوك يتبرع بتغطية النَّقص حفاظًا على سُمعته في السوق؛ لأنه لو لم يفعل ذلك ربما لو أصدر صكوكًا في المستقبل لم يجد إقبالًا عليها، ففي الغالب أنه يتبرع تبرعًا من عنده بتغطية النقص.
هذه هي فكرة الصكوك، وليس فيها أي إشكالٍ شرعيٍّ.
أين الضمان المذكور؟
ليس فيها ضمانٌ، لكنها استثمارات قليلة المخاطر، والاستثمارات إما أن تكون عالية المخاطر، أو تكون قليلة المخاطر.
ثم أيضًا أصول المُضاربة غير مضمونةٍ، يعني: لو تلفتْ لكان هذا على حساب حَمَلَة الصكوك.
إذن هذه الصكوك لا تخلو من قدرٍ من المُخاطرة، لكن مُصْدِر الصكوك يحاول تفتيت هذه المخاطر ما أمكن لأجل تسويقها، ولأجل تحسين مركزه في السوق.
وعلى ذلك فهذه الصكوك ليس فيها إشكالٌ من الناحية الشرعية، وقد أجازتها جميع الهيئات الشرعية للمؤسسات المالية في المملكة.