التطير: هو التشاؤم إما بزمانٍ أو بمكانٍ أو بأصواتٍ أو بأشخاصٍ أو بغير ذلك، وقد ذكره الله عن الأمم الكافرة التي كذَّبت الأنبياء والرسل، فذكره الله سبحانه عن قوم صالحٍ [1]، وذكره عن آل فرعون [2]، وذكره عن أصحاب القرية، كما في سورة يس [3].
فالأمم الكافرة المكذبة للأنبياء كانوا يتشاءمون بالأنبياء والرسل، وقد أبطل الإسلام هذا المعنى، أبطل معنى التشاؤم والتطير، فقال عليه الصلاة والسلام: لا عدوى ولا طِيَرة ولا هامَة ولا صَفَر [4].
فقوله : ولا طيرة يعني: لا تشاؤم، لا يجوز التشاؤم بأي شيءٍ.
لكن التشاؤم الذي يؤاخذ به الإنسان: هو الذي يكون له أثرٌ على تصرفاته؛ فيمنعه من مزاولة أعمالٍ كان يقوم بها، ويصده عن أمورٍ كان يريد القيام بها، هذا هو التشاؤم الممنوع.
أما الشيء الذي ينقدح في النفس، ولا يكون له أثرٌ على التصرفات؛ فهذا لا يضر.
ولهذا جاء في "صحيح مسلمٍ" من حديث معاوية بن الحكم قال: قلت: يا رسول الله، ومنا أناسٌ يتطيرون، قال عليه الصلاة والسلام: ذاك شيءٌ يجدونه في صدورهم، فلا يصدنهم [5].
فقوله : ذاك شيءٌ يجدونه في صدورهم يعني: الشيء الذي ينقدح في صدر الإنسان رغمًا عنه لا يؤاخذ به، لكن المهم ألا يكون لذلك الشيء أثرٌ في تصرفاته، لا يمنعه من مزاولة أعمالٍ يريد القيام بها، لا يصده عن أمورٍ اعتاد القيام بها.
فلا يكون لهذا التشاؤم أثرٌ على تصرفاته: ذاك شيءٌ يجدونه في صدورهم يعني: لا يؤاخذون به، فلا يصدنهم، فالمؤاخذة إنما تكون فيما إذا صَدَّ هذا التشاؤمُ الإنسانَ عن عملٍ، فهذا هو الذي يؤاخذ به.