أمرٌ عظيمٌ بدأ الله تعالى فيه بنفسه، وثنى فيه بملائكته المسبِّحة بقدسه، وأمر به المؤمنين فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]؛ وهذا يدل على أن الصلاة على النبي عملٌ صالحٌ عظيمٌ، كيف وقد أخبر الله تعالى بأنه يصلي على نبيه، وأخبر عن ملائكته أنهم يصلون على النبي، وأمر بذلك المؤمنين: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]؟!
وجاء في "صحيح مسلمٍ" أن النبي قال: من صلى عليَّ صلاةً واحدةً؛ صلى الله عليه بها عشرًا [1]، أي أنك إذا صليت على النبي مرةً واحدةً؛ صلى الله عليك عشر مراتٍ، أي: أثنى الله عليك في الملأ الأعلى عشر مراتٍ، فأي شرفٍ أعظم من هذا؟!
فينبغي لك -أخي المسلم- أن تُكثر من الصلاة والسلام على النبي ، خاصةً يوم الجمعة، فتتأكد الصلاة والسلام على النبي فيه، جاء عند الترمذي عن أُبيِّ بن كعبٍ أنه قال: قلت: يا رسول الله، كم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت قلت: أجعل لك الربع؟ قال: ما شئت، وإن زدت؛ فهو خيرٌ لك قلت: أجعل لك النصف؟ قال: ما شئت، وإن زدت؛ فهو خيرٌ لك قلت: أجعل لك الثلثين؟ قال: ما شئت، وإن زدت؛ فهو خيرٌ لك قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال: إذنْ يغفر ذنبك، وتُكفَى همَّك [2]، وهذا الحديث أخرجه الترمذي وقال: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".
ومعنى هذا الحديث كما قال ابن تيمية وبعض أهل العلم المحققين [3]: أن أبي بن كعبٍ خصَّص وقتًا للدعاء، ثم أراد أن يستبدل هذا الوقت المخصص للدعاء بالصلاة على النبي ،.. واستشار في ذلك النبي ، في أن يجعل هذا الوقت كله مخصصًا للصلاة والسلام عليه، فقال عليه الصلاة والسلام: إذنْ يغفر ذنبك وتكفى همك؛ فدل هذا على أن الصلاة على النبي من أسباب مغفرة الذنوب، ومن أسباب زوال الهموم والغموم.
وأفضل صيغ الصلاة والسلام على النبي عليه الصلاة والسلام: أن تجمع بين الصلاة والسلام؛ كما جاء في الآية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فتقول: اللهم صل وسلم على رسولك محمدٍ.