الرئيسية/برامج تلفزيونية/عقود المعاوضات المالية- جامعة الإمام/(6) عقود المعاوضات المالية- الشروط في البيع
|categories

(6) عقود المعاوضات المالية- الشروط في البيع

مشاهدة من الموقع

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أيها الأخوة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هذه هي المحاضرة السادسة، في هذه المادة، مادة عقود المعاوضات المالية، وكنا قد وصلنا إلى باب الشروط في البيع، وقد تكلمنا فيما سبق عن شروط البيع.

ذكرنا سبعة شروط: التراضي بين المتعاقدين، وأن يكون المبيع مملوكًا للبائع، وانتفاء الجهالة والغرر، وأن يكون المبيع مقدورًا على تسليمه، إلى غير ذلك من الشروط السبعة، التي تكلمنا عنها فيما سبق، وتلك هي شروط البيع.

الشروط في البيع

وأما ما سنتحدث عنه في هذه المحاضرة الشروط في البيع، فما الفرق بين الشروط في البيع وشروط البيع؟

  • شروط البيع: هي ما يشترط لصحة البيع، ولو فقد واحد منها لما صح البيع.
  • وأما الشروط في البيع، فهي إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد، ما له فيه منفعة.

هذا هو تعريفها: إلزام أحد المتعاقدين الآخر بسبب العقد ما له فيه منفعة، كأن يبيع رجل بيتًا، ويشترط البائع على المشتري سُكنى هذا البيت لمدة سنة، هذا يعتبر من الشروط في البيع، أو يبيعه سلعة، ويشترط المشتري على البائع توصيل هذه السلعة إلى منزله مثلًا، هذا من الشروط في البيع.

الفرق بين شروط البيع والشروط في البيع

وإذا أردنا يعني أن نُبيّن أوجه الفرق بين شروط البيع والشروط في البيع فنلخصها فيما يأتي:

  • الفرق الأول: شروط البيع من وضع الشارع، بينما الشروط في البيع من وضع المتعاقدين، هذا هو الفرق الأول، شروط البيع من وضع الشارع، مثل التراضي بين المتعاقدين من أين أتى هذا الشرط؟ أتى من قول الله تعالى: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، وقول: النبي عليه الصلاة والسلام: إنما البيع عن تراض [1].
    فهو من وضع الشارع، بينما الشروط في البيع من وضع المتعاقدين، أو أحدهما، فمثلًا: عندما يشترط البائع على المشتري سُكنى البيت لمدة سنة، هذا الشرط وضعه البائع، ولم يضعه الشارع، فإذًا هذا هو الفرق الأول.
  • الفرق الثاني: أن شروط البيع كلها صحيحة معتبرة، ويتوقف عليها صحة البيع بحيث، لو فقد شرط منها لم يصح البيع، بينما الشروط في البيع، منها ما هو صحيح معتبر، ومنها ما ليس بصحيح، ولا معتبر، ولهذا سنأتي بعد قليل لتقسيم الشروط في البيع إلى قسمين: شروط صحيحة وشروط فاسدة، وسنذكر أمثلة للصحيح، وأمثلة للفاسد.
    إذًا هذا هو الفرق الثاني من شروط البيع، كلها صحيحة معتبرة، حيث لو فقد واحد منها لم يصح البيع، بينما الشروط في البيع، فمنها ما هو صحيح معتبر، ومنها ما ليس كذلك.
  • الفرق الثالث: أن شروط البيع لا يمكن إسقاطها بأي حال من الأحوال، لو اتفق البائع والمشتري على إسقاط مثلًا شرط أن يكون المبيع مملوكًا للبائع، هذا لا يصح، حتى لو حصل التراضي، بينما الشروط في البيع فيمكن إسقاطها ممن له الشرط، فيمكن مثلًا في مثالنا السابق هذا البائع الذي اشترط سُكنى البيت لمدة سنة، يمكن أن يتنازل عن هذا الشرط، فإذًا شروط البيع لا يمكن إسقاطها، بينما الشروط في البيع يمكن إسقاطها ممن له هذا الشرط.
  • الفرق الرابع: أيضًا الفرق الرابع والأخير، أن شروط البيع يتوقف صحة البيع عليها، بينما الشروط في البيع لا تتوقف عليه صحة البيع، فالبيع صحيح بدونها، لكنها إذا وجدت توقف عليها لزوم البيع، يعني أن البيع يكون صحيحًا، لكنه ليس بلازم في حق من شرطها إذا لم يوف له بها، فمثلا لو أن المشتري اشترط على البائع توصيل البضاعة إلى بيته، ثم إن البائع رفض هذا، لم يوصل البضاعة إلى البيت، فهذا المشتري هو بالخيار، إن شاء أمضى ذلك البيع، وإن شاء فسخه؛ لأنه لم يوف له بهذا الشرط، لكن لا نقول: إن البيع غير صحيح، البيع صحيح، لكنه غير لازم في حق من له الشرط.
    إذًا الفرق الرابع والأخير أن شروط البيع يتوقف عليها صحة البيع، بحيث لو فقد واحد منها لفسد البيع، بينما الشروط في البيع لا يتوقف عليها صحة البيع، لكن يتوقف عليها لزوم البيع في حق من شرط ذلك الشرط، هذه أبرز الفروق بين شروط البيع، والشروط في البيع.

ومثلها أيضًا شروط النكاح والشروط في النكاح، شروط الوقف والشروط في الوقف، فنجد أن هذا في عدة أبواب، يأتي معنا في عدة أبواب، فهذا هو الفرق بين شروط الشيء، والشروط في الشيء، المعتبر في الشروط في البيع هو ما كان في صلب العقد، ما كان في صلب العقد، وأما ما كان بعد العقد، وبعد انقضاء زمن خيار المجلس، وخيار الشرط، فلا يعتبر مطلقًا، فلو أن أحدًا مثلًا بعدما انتهى زمن خيار المجلس، ولم يكن هناك مثلًا خيار للشرط، قال: أريد أن أشترط شروطًا؟ نقول: فات وقت اشتراط الشروط؛ ليس لك هذا، إذا المعتبر هو ما كان في صلب العقد، هذا هو المعتبر، وأما ما كان بعد العقد، وبعد انقضاء زمن الخيار، فإنه غير معتبر.

ما كان من الشروط قبل العقد أو بعد العقد في زمن الخيارين: خيار المجلس وخيار الشرط، هل يعتبر أو لا يعتبر؟

هذا محل خلاف بين العلماء، والأقرب -والله أعلم- أنها شروط صحيحة معتبرة، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أنها إذا وقعت قبل العقد أو بعد العقد، في زمن خيار المجلس، وخيار الشرط، فإنها شروط صحيحة، معتبرة، ما دامت أنها قد وقعت بتراضي من الطرفين.

أقسام الشروط في البيع

تنقسم الشروط في البيع إلى قسمين:

  1. شروط صحيحة.
  2. شروط فاسدة.

الشروط الصحيحة

هي ما وافق مقتضى العقد، ولم يبطله الشارع، ولم ينه عنه، هذا تعريف الشروط الصحيحة: ما وافق مقتضى العقد، ولم يبطله الشارع، ولم ينه عنه.

فإذا وقعت هذه الشروط على هذا الوجه، كانت لازمة في حق من شرطت عليه، فإذا لم يوف بها كان لمن شرطها الخيار في إمضاء ذلك البيع أو فسخه؛ لقول: النبي : المسلمون على شروطهم [2].

مثالها بالنسبة للبائع يعني، مثال الشروط الصحيحة بالنسبة للبائع: أن يشترط البائع على المشتري التوثيق برهن أو ضامن، وهذا عند البيع بأجل، فيشترط البائع على المشتري أن يأتي له برهن أو بكفيل، يعني ضامن، هذا شرط صحيح لمصلحة البائع، أو يشترط استخدام السيارة المبيعة مدة معينة، يبيعه سيارته ويقول: بشرط أن أستخدمها لمدة أسبوع حتى أشتري لي سيارة جديدة، فأنا أبيعك سيارتي هذه، لكنني أشترط عليك استخدامها لمدة أسبوع مثلًا، فهذا شرط صحيح.

ومثال الشروط الصحيحة بالنسبة للمشتري: أن يشترط المشتري على البائع تأجيل الثمن أو تأجيل بعضه إلى مدة معلومة، فمثلًا باعه بيته بمليون ريال، فيقول: أنا أسدد لك الثمن على سنتين مثلًا، أو أعطيك الآن نصف المبلغ، والنصف المتبقي بعد سنة، هذا شرط صحيح من قبل المشتري، أو يشترط المشتري صفة معينة في المبيع، كأن تكون من صناعة معينة، أو من إنتاج بلد معين مثلًا، أو يشترط أن يقوم البائع بتوصيل البضاعة إلى مكان معين، كما أشرنا لهذا، هذه كلها من الشروط الصحيحة، سواء كانت في حق البائع، أو في حق المشتري، فهذه أمثلة للشروط الصحيحة.

الشروط الفاسدة

أما القسم الثاني: وهو الشروط الفاسدة فهي ما ينافي مقتضى العقد، أو أبطله الشارع، أو نهى عنه، إذًا تعريف الشروط الفاسدة ما ينافي مقتضى العقد، أو أبطله الشارع، أو نهى عنه، وهذه الشروط الفاسدة منها ما يبطل العقد، ومنها ما يَفْسد في نفسه، ولا يبطل معه البيع.

فأما ما يبطل العقد من أصله فمثاله: كأن يجمع بين البيع والقرض، يجمع بين البيع والسلف، الذي هو القرض، فيقول: لا أبيعك إلا بشرط أن تقرضني خمسة آلاف ريال مثلًا، أو يقول: لا أقرضك إلا بشرط أن تبيعني هذه السلعة، أو يجمع بين الإجارة والقرض، لا أؤجرك بيتي إلا بشرط أن تقرضني مبلغًا من المال، أو لا أقرضك إلا بشرط أن تؤجرني بيتك، أو نحو ذلك، هذه شروط فاسدة، ويبطل معها العقد من أصله، والدليل لهذا هو قول: النبي لا يحل سلف وبيع [3]، وهذا الحديث أخرجه أصحاب السنن، وهو حديث حسن وصحيح، والسلف هو البيع، المقصود بالسلف هنا القرض، فلا يجوز الجمع بين القرض وبين البيع؛ لماذا؟ لأن الجمع بين القرض والبيع يكون ذريعة إلى الزيادة في القرض، فيؤول ذلك إلى أن يكون من قبيل القرض الذي جر نفعًا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “جماع معنى هذا الحديث ألا يجمع بين معاوضة وتبرع”؛ لأن ذلك التبرع إنما كان لأجل معاوضة، لا تبرعًا محضًا، فإن من أقرض رجلًا ألف درهم وباعه سلعة تساوي خمسمائة بألف، لم يرض بالإقراض إلا بالثمن الزائد للسلعة والمشتري لم يرض ببذل ذلك الثمن الزائد إلا لأجل الألف التي اقترضها، فلا هذا باع بيعًا بألف، ولا هذا أقرض قرضًا محضًا، إذًا من أمثلة الشروط الفاسدة التي يفسد معها العقد الجمع بين القرض والبيع، أو بين القرض والسلف.

وأما الشروط الفاسدة التي يفسد معها الشرط فقط ولا يبطل معها العقد: فمثالها: أن يشترط المشتري على البائع أنه متى راجت السلعة، وإلا ردها على البائع.

متى يعني نفقت السلعة، أو راجت السلعة، وإلا ردها على البائع، هذا شرط باطل، شرط غير صحيح، ولكن البيع صحيح، كونه غير صحيح؛ لأنه ينافي مقتضى عقد البيع، وقد قال: النبي من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط [4].

حكم البيع على التصريف

البيع على التصريف هل يدخل في هذا؟ فبعض المحلات وبعض الدكاكين والبقالات مثلًا يأتي مندوب الشركة، ويضع عندهم بضاعة، ويشترط صاحب المحل يقول: إن راجت السلعة وإلا أردها عليك.

فنقول: لا يخلو أن يكون صاحب هذا المحل وكيلًا أو مشتريًا، أما إن كان وكيلًا، فالأمر واسع، لا إشكال في هذا؛ لأنه يعتبر وكيلًا عن صاحب السلعة، فإن بيعت هذه السلعة وإلا سيردها على الموكل على صاحب السلعة، أما إذا كان مشتريًا، فيرد علينا هذا الإشكال، وهو أن هذا الشرط شرط غير صحيح، شرط باطل، وإذا أردت أن تعرف هل هو وكيل أو مشترٍ؟ فقدّر أن هذه السلعة تلفت في المحل، فمن يضمنها؟ إذا قلنا: إن صاحب المحل وكيل فلا يضمنها، إلا إذا تعدى أو فرَّط، وإذا قلنا: إنه مشترٍ فإنه يضمنها، والواقع أنه يضمنها؛ ولهذا فالأقرب أنه مشترٍ، فيكون هذا الشرط غير صحيح، لكن البيع صحيح، لكن هل معنى هذا أنه لا يجوز مثل هذا؟ لا، لا نقول: إنه لا يجوز، لكن نقول: الشرط هذا وجوده كعدمه، فلو أنه حصلت بينهما مشاحة، حصلت بين صاحب السلعة وبين صاحب المحل مشاحة، فنقول لصاحب المحل: إن شرطك هذا شرط غير صحيح، وأنت ملزم بهذه السلعة؛ لأنك اشترطت شرطًا ينافي مقتضى العقد، اشترطت أنه متى راجت السلعة، وإلا فترجع على البائع، هذا شرط غير صحيح، وشرط ينافي مقتضى العقد، لكنه لا يفسد العقد، بل العقد معه صحيح، والغالب أنه يكون هناك يعني شيء من التسامح بين الشركة، وبين صاحب المحل، بحيث إنه إذا راجت السلعة وإلا فإن يعني الشركة تقبل برد البضاعة عليها.

الغالب أن يكون هناك تسامح، لكن متى يعني تظهر أو يظهر أثر هذا الكلام؟ عند المشاحة، عند حصول منازعة أو خصومة، أو نحو ذلك، فإنا نقول: إن هذا الشرط غير صحيح، شرط باطل، وحينئذٍ لا يملك المشتري إلزام الشركة بإعادة هذه البضاعة إليها؛ لكونه قد اشترط على الشركة شرطًا غير صحيح، هذا ما يتعلق بمسألة البيع على التصريف.

عبارة: “البضاعة المباعة لا تُردّ ولا تُستبدل”

وأيضًا هناك بعض المحلات التجارية تكتب عبارة البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل، هذه عبارة نجدها في بعض المحلات التجارية، تكتب البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل، هذا يعتبر شرط من البائع، هل هذا الشرط صحيح ونحن الآن ندرس الشروط في البيع؟ هل هذا مثل هذا صحيح؟

نقول: أولًا يعني هذه العبارة لا معنى لها في الحقيقة، ولا أثر لها؛ لماذا؟ لإن السلعة لا يخلو إما أن تكون معيبة أو ليست معيبة، إن كانت السلعة سليمة، فاشتراط هذا الشرط لا معنى له؛ لأن البيع من العقود اللازمة، ويلزم بمجرد التفرق من مكان التبايع بالأبدان، فهي أصلًا البضاعة السليمة، لا ترد ولا تستبدل بمقتضى عقد البيع، من غير حاجة لاشتراط هذا الشرط، أما إذا كانت البضاعة معيبة، فإن هذا الشرط لا يبرئ البائع من العيوب، حتى وإن كتب هذه العبارة؛ لأن المشتري إنما اشترى هذه السلعة على أنها سليمة، ودفع مقابل الثمن لأجل ذلك، فإذا تبيّن له بعد شرائها أنها معيبة، فيكون هذا البائع قد غره، حتى وإن كتب هذه العبارة.

وحينئذٍ فإن هذه العبارة: “البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل” لا فائدة منها، اللهم إلا التذكير فقط، التذكير بأن البيع أنه عقد لازم، إذا كان المقصود بها التذكير لا بأس بهذا، لكن من حيث الأثر ليس لها أثر؛ لأنها إذا كانت سليمة فإن البضاعة المباعة السليمة لا ترد ولا تستبدل بمقتضى عقد البيع، وإذا كانت معيبة فإن كتابة هذه العبارة لا يبرئ البائع من المسؤولية عن العيب، فللمشتري أن يرد البضاعة المعيبة بمقتضى العيب، ولو كتبت هذه العبارة موجودة.

وسيأتينا إن شاء الله تعالى أن من ضمن أقسام الخيار: خيار العيب. وإن من اشترى شيئًا معيبًا فله أن يرد السلعة المعيبة بمقتضى هذا الخيار، فإذًا هذه العبارة لا نقول: إنها لا تجوز، فرق يا إخوان، يعني أنتم تدرسون مادة الفقه، فرق بين عبارة: هذا لا يجوز، أو أن هذا محرم، وبين أن نقول: إن هذه العبارة لا أثر لها، فكتابتها لا بأس بها، لا نقول: إنها محرمة، لا بأس بها، لكن نقول: ليس لها كبير فائدة، اللهم إلا التذكير فقط، إذا أراد البائع أن يُذكّر المشتري بمقتضى عقد البيع، وأن البيع من العقود اللازمة.

من أمثلة الشروط الفاسدة أن يشتري المشتري السلعة ويشترط المشتري على البائع ألا خسارة عليه، أو يقول البائع: اشتر هذه البضاعة مني وإذا خسرت فأنا أدفع لك مقابل هذه الخسارة، هذا الشرط شرط باطل، لكن البيع صحيح؛ لأن هذا الشرط ينافي مقتضى العقد، ومقتضى العقد أن المشتري يتحمل الخسارة، وأن البائع لا يضمن عدم وقوع المشتري في الخسارة، ويدل لبطلان هذا الشرط قول النبي : من شرط شرطًا ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط [5].

ولإن مقتضى عقد البيع انتقال المبيع للمشتري بعد دفع الثمن والتصرف المطلق فيه، وأن له ربحه، وعليه خسارته وحده، فيكون إذًا هذا الشرط شرطًا منافيًا لمقتضى العقد، لكن لو وقع مثل هذا الشرط، فالبيع صحيح، ولا نقول: أيضًا أنه محرم، البيع صحيح، لكن هذا الشرط لا أثر له.

بيع العربون

أيضًا مما يذكره الفقهاء في باب الشروط في البيع، بيع العربون، بيع العربون، ومعناه: دفع جزء من الثمن إلى البائع على أنه إن تم البيع فهو من الثمن، وإلا فهو للبائع، مثال ذلك: رجل أتى وأبدى رغبته في شراء سيارة بثلاثين ألف ريال، فقال صاحب السيارة لهذا الذي قد سام السيارة: ادفع عربونًا، فقام ودفع له خمسمائة ريال، هذا يسمى عربونًا، إن أمضى هذا الذي قد أبدى رغبته في هذه السيارة البيع اعتبرت هذه الخمسمائة ريال جزءًا من الثمن، وإن لم يمض البيع وبدا له ألا يشتري هذه السيارة، فإن هذه الخمسمائة ريال تكون من نصيب البائع، وهذه مسألة معروفة ومشهورة عند الناس، وهو ما يسمى ببيع العربون.

حكم بيع العربون

ما حكم بيع العربون؟

اختلف العلماء في حكمه، والقول الصحيح أنه جائز، ولا بأس به، وهو مروي عن عمر بن الخطاب ، قال البخاري في صحيحه: اشترى نافع بن عبد الحارث دارًا للسجن بمكة من صفوان بن أمية، على إن رضي عمر فالبيع بيعه، وإن لم يرض فلصفوان أربعمائة دينار [6].

وقد سُئل الإمام أحمد عن بيع العربون، فقال: أي شيء أقول؟ هذا عمر يعني فعله، فإذًا هذا مأثور عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ، وهو أحد الخلفاء الراشدين؛ ولهذا نقول: إن بيع العربون لا بأس به، وكما يكون بيع العربون في البيع، فإنه يكون كذلك في الإجارة، كأن يدفع المستأجر مبلغًا من المال على أنه لو تم عقد الإيجار فهو من الأجرة وإلا فهو للمالك، فهذا لا بأس به، وهو في الحقيقة إنما يأخذ البائع هذا العربون؛ لأن المشتري قد حجز هذه السلعة هذه المدة، وهو لم يتم البيع، وقد رضي المشتري بذلك في ابتداء الأمر، والمسلمون على شروطهم؛ ولهذا فنقول: إن العربون لا بأس به، وحينئذٍ إذا لم يمض المشتري هذا العقد، فإن هذا العربون ينتقل إلى البائع، ويكون من نصيب البائع.

هذه أبرز المسائل المتعلقة بالشروط في البيع، هناك ثمة مسائل يسيرة بقيت في هذا الباب سوف نستكملها إن شاء الله في المحاضرة القادمة.

ثم بعد ذلك ننتقل إلى باب الخيار في البيع.

نلتقي بكم على خير في المحاضرة القادمة إن شاء الله تعالى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه ابن ماجه: 2185.
^2 رواه الترمذي: 1352، وقال: هذا حديث حسن صحيح.
^3 رواه أبو داود: 3504.
^4 رواه البخاري: 2168، ومسلم: 1504.
^5 سبق تخريجه.
^6 صحيح البخاري: 3/ 123.
مواد ذات صلة