|categories

(6) مسائل في الحج

مشاهدة من الموقع

المقدم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أهلًا وسهلًا بكم مشاهدينا الكرام، مشاهدي شبكة قنوات المجد الفضائية في حلقة جديدة من برنامجكم “مسائل في الحج”، والذي نسعد فيه باستضافة صاحب الفضيلة شيخي الأستاذ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية.

صاحب الفضيلة أهلًا وسهلًا بك.

الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم، وحيا الله الإخوة المشاهدين.

المقدم: الله يبارك فيك، شيخنا في رحلة الحج هذه رحلة العمر، الرحلة العظيمة وصلنا فيها إلى يوم التروية، فما يوم التروية؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

يوم التروية: هو اليوم الثامن من شهر ذي الحجة، وسمي بيوم التروية؛ لأن الناس قديمًا كانوا يتروون فيه بالماء، استعدادًا للحج؛ لأن المشاعر لم يكن فيها ماء، فهم مقبلون على أيام الحج: أولًا عرفة، ثم بعد عرفة مزدلفة، ثم بعدها سيعودون إلى منى في أيام التشريق، فكانوا يتروون بالماء في هذا اليوم، ويستعدون للحج.

وقد كان هناك جهود من بعض المسلمين في إيصال الماء إلى مكة، فزبيدة لها العين المشهورة، وكذلك عين بنت الزعفران أيضًا، وفي الوقت الحاضر ولله الحمد تيسرت المياه في المشاعر، تيسرًا لم يحصل في أي زمن مضى، فهذا من نعمة الله تعالى علينا جميعًا، ومن نعمة الله تعالى على الحجيج أن تيسرت لهم السبل، وتيسرت لهم أيضًا المياه، وتيسرت لهم أمور كثيرة، لم تكن متيسرة للناس من قبلهم، فهذا هو يوم التروية، وهذه هي سبب تسميته.

المقدم: نعم، ما الأعمال التي تكون في هذا اليوم؟

الشيخ: في ضحى يوم التروية قبل الظهر يشرع للحاج أن يحرم بالحج، وهذا إنما يكون للمتمتع؛ لأن المتمتع هو الذي أتى بالعمرة، وتحلل منها، ولبس ثيابه، ثم إذا كان يوم التروية في الضحى، ضحى يوم التروية فالسنة له أن يغتسل، ثم بعد ذلك يأتي بصلاة مشروعة كركعتي الضحى، وركعتي الوضوء، ثم يُهل بالحج، هذا إذا كان متمتعًا.

وأما المفرد والقارن فإنهما مستمران على إحرامهما، فإذا كان مفردًا أو قارنًا يستحب له أن يطوف طواف القدوم، وإن قدم السعي فلا بأس؛ لأن النبي  كان قارنًا، وقدم سعي الحج، فللقارن والمفرد أن يقدما السعي، ولهما أن يؤخراه إلى ما بعد طواف الإفاضة.

ثم بعد ذلك يبقى الحاج بإحرامه في منى يوم التروية، ويصلي يوم التروية، يصلي بمنى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والمغرب ثلاث ركعات، والعشاء ركعتين، وفجر يوم عرفة طبعًا ركعتين.

المقدم: وهذا كذلك لأهل مكة؟

الشيخ: نعم، أولًا: الصلاة هنا تكون قصرًا للرباعية من غير جمع، ويكثر من التلبية، والسنة الإكثار منها، وهي شعار الحاج، قال النبي : أفضل الحج العج والثج [1]؛ والعج: هو رفع الصوت بالتلبية، والثج: هو إسالة الدماء بالنحر، بنحر الهدايا.

وقد جاء عند الترمذي وغيره: أنَّ النبي قال: ما من مسلم يلبي إلا لبى من على يمنيه وشماله من شجر وحجر ومدر، حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا [2]؛ فينبغي أن ينشغل الحاج بالإكثار من التلبية، ومن الذكر، ويشغل وقته بالمفيد، يحمل مثلًا كتيبات نافعة، ويكون معه رفقة طيبة يتحدث معهم فيما ينفعه من أمور دينه ودنياه، لكن يبتعد عن الكلام المحرم، وعن المعاصي جميعها، حتى يكون حجه مبرورًا.

أما إذا كان من أهل مكة، فأهل مكة قد اتصلت الآن مكة بمنى، ولم يعد هناك الآن فاصل بين مكة ومنى، فحي العزيزية الآن ملاصق تمامًا لمنى، فما هو سبب القصر في منى في المشاعر؟ هل السبب السفر، أم النسك؟ هل يقصر لأجل النسك، أو يقصر لأجل السفر؟

إن قلنا: يقصر لأجل النسك فيقصر الجميع، أهل مكة وغيرهم، وإن قلنا: يقصر لأجل السفر، فالقصر يكون لغير أهل مكة؛ لأن ما بين مكة ومنى ليست مسافة سفر.

والقول بأن القصر لأجل النسك قول ضعيف، بدليل أن أهل مكة إذا أحرموا وذهب أحد منهم إلى مكة يريد أن يصلي، فليس له أن يقصر بالإجماع، يعني لو أن مكيًّا لبس لباس الإحرام في يوم التروية، ثم مثلًا ذهب العصر أو المغرب إلى بيته في مكة، وأراد أن يصلي، فليس له أن يقصر بالإجماع، ولو كان القصر لأجل النسك لقصر في بيته، وهذا يدل على أن القصر لأجل السفر، وليس لأجل النسك.

المقدم: نعم، هذا في اليوم الثامن، أو لكل الأيام؟

الشيخ: في كل الأيام، فإذن عند جمهور الفقهاء أن أهل مكة ليس لهم القصر وإنما يتموه؛ لأن القصر لأجل السفر، والمسافة ما بين مكة والمشاعر عند الجمهور أنها أقل من مسافة السفر، وأما في الوقت الحاضر فقد اتصلت مكة بالمشاعر، وحينئذٍ فأهل مكة يتمون ولا يقصرون في أرجح أقوال أهل العلم.

المقدم: لكن حتى قبل يعني المسافة بين منى ومكة ليست كبيرة.

الشيخ: قبل كان هناك يعني فضاء، كان هناك صحراء، يعني كان هناك مسافة بين مكة وبين المشاعر، فمثلًا العزيزية لم تكن موجودة كلها، كانت المنطقة منطقة يعني…

المقدم: لكن ليست مسافة كبيرة.

الشيخ: هي ليست مسافة كبيرة، أقل مسافة يقصر فيها المسافر محل خلاف بين الفقهاء، فجمهور الفقهاء حدودها بثمانين كيلو مترًا، أربعة برد، التي تعادل ثمانين كيلو متر، وهناك رأي لابن تيمية أن المرجع فيها للعرف، وحمل الزاد والمزاد، ونحو ذلك؛ ولذلك ابن تيمية رحمه الله عنده أنهم يقصرون؛ لأجل أنها مسافة سفر، لكن الآن حتى على رأي ابن تيمية لا يقصرون؛ لماذا؟ لأنها الآن مكة اتصلت بمنى.

المقدم: لكن لو جئنا إلى مسألة العرف شيخنا في أنه من حمل الزاد والمزاد، الآن مع السيارات، ووجود ما شاء الله الخيرات في كل مكان، الإنسان يقول: قد أتزود، فما الضابط الآن في السفر؟

الشيخ: الضابط في السفر الحقيقة أن إرجاعه للعرف لا ينضبط، العرف الآن مضطرب، العرف في السفر مضطرب.

المقدم: في…. مائة كيلو لا يحمل شيئًا، ويوقف في محطة بعد مائة كيلو.

الشيخ: ولذلك لو سافر مجموعة من طلبة العلم لاختلفوا في العرف، وفي العرف غير منضبط، القول الراجح في أقل مسافة للسفر أنها ما وردت في حديث في قول النبي : لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة، إلا ومعها ذو محرم [3] وهذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم، مسيرة يوم وليلة، يعني كأنه عليه الصلاة والسلام قال: لا يحل لامرأة أن تسافر أدنى مسافة سفر، لكنه عبَّر عن ذلك باليوم والليلة.

واليوم والليلة يعبر عنها بعض الفقهاء بمسيرة يومين قاصدين، وهي تعادل أربعة برد، والبريد أربعة فراسخ، فتعادل ستة عشر فرسخًا، والفرسخ ثلاثة أميال، فتعادل ثمانية وأربعين ميلًا، وبالتقديرات المعاصرة ثمانين كيلو مترًا.

ومما يدل لهذا، أن هذا هو المأثور عن الصحابة.

المقدم: يعني حتى لو لم يتزود يعني ما أخذوه بالسفر، في مناطق تروح لها خصوصًا الرياض، وما جاورها ثمانين ومائة كيلو، وتحس أنك ما سافرت، للقرب، وكذا وجود الأمن والأمان، لكن يعتبر شرعًا سفرًا؟

الشيخ: ورد عن ابن عمر، وابن عباس أنهما كانا يقولان: يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد، فالقول الراجح أن أقل مسافة للسفر أنها ثمانين كيلو مترًا، لكن كيف يحسبها؟ يحسبها بمفارقة العمران، آخر العمران.

المقدم: وليس من بيته.

الشيخ: وليس من بيته، وهذه المسألة يخطئ فيها بعض الناس، فهي من آخر العمران، يبدأ يحسب ثمانين كيلو مترًا، والأحسن إذا كان بالسيارة يضع عداد السيارة على صفر، ويحسب ثمانين كيلو متر، إذا بلغت ثمانين كيلو مترًا فأكثر، فهي مسافة سفر.

المقدم: والآن مع اتصال البنيان، ما الذي يحدد نهاية يعني مفارقة عامر، مثل الآن مثلًا الرياض لنأخذها مثال المطار يعتبر الآن فارق…

الشيخ: العرف يحدد، يعني آخر حي من أحياء هذه المدينة يبدأ حساب المسافة، فمثلًا آخر حي من أحياء مثلًا مدينة الرياض من جهة الغرب، من جهة الشرق، من جهة.. هذه معروفة، فمن آخر أحياء البلد يبدأ يحسب المسافة.

المقدم: يعني على طريق القصيم بداية الاستراحات؟

الشيخ: نعم.

المقدم: أنتم ذكرتم شيخنا أنه يحرم ضحى يوم التروية، هل يعني يسن أن يكون في منى، أو في أي مكان يحرم منه؟

الشيخ: يحرم في أي مكان؛ لأن الذي ورد عن بعض الصحابة أنهم أحرموا في مكة، ثم بعد ذلك ذهبوا إلى منى، والسنة أن يغتسل قبل ذلك، وأن يتنظف.

المقدم: لكن لا يشترط المكان؟

الشيخ: لا يشترط المكان، وأن يكون إحرامه عقب صلاة مشروعة، وهنا ذِكْر يعني جاء في حديث أنس ، أن النبي كان إذا أراد أن يحرم، قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر [4]، ثم أحرم، وهذا جاء في صحيح البخاري، وهذه السنة قل من ينتبه لها.

المقدم: تعيدها يا شيخ.

الشيخ: كما أشار إلى هذا الحافظ ابن حجر، قال: قلَّ من ذكرها من الفقهاء، وهو أنه قبل أن يُحرم بعدما يغتسل وقبل أن يهل بالنسك يقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ثم بعد ذلك يقول: اللهم لبيك حجًا مثلًا، إذا كان في اليوم الثامن من التروية، إذا كان مثلًا يريد العمرة، يقول: لبيك عمرة، إذا كان متمتعًا أيضًا في البداية يقول: لبيك عمرة، إذا كان مفردًا يقول: لبيك حجًا، إذا كان قارنًا يقول: لبيك عمرة وحجًا، لكن قبل ذلك يأتي بالذكر، التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير.

المقدم: كذلك شيخنا من أجّل إحرامه إلى يوم عرفة، رغم أنه موجود في منى، لكن يقول: أنا إلى الغد وأحرم.

الشيخ: الذهاب لمنى، والمكث بها يوم التروية هذا مستحب، وليس واجبًا، وأكثر أهل العلم، وحكي إجماعًا على أنه مستحب، ومما يدل على استحبابه: أن النبي في حجة الوداع لقيه أناس في عرفة، ولم يُوجب عليهم دمًا، أو فدية، بل لم يعاتبهم، فهذا يدل على أن الذهاب لمنى في اليوم الثامن أنه مستحب وليس واجبًا، لكن مع ذلك من أراد أن يكون حجه مبرورًا، فليحرص على السنة، يعني تجد بعض الناس في منى، لكن يُؤخر الإحرام بدون سبب، يا فلان لماذا لم تحرم؟ يقول: فيما بعد، يعني مثلًا: ما أحرم الضحى وهو السُّنة، طيب أتى الظهر ما أحرم، أتى العصر ما أحرم، طيب هل أنت مشتغل بعمل؟ ربما تكون معذورًا، لكن بعض الناس ما عندهم سبب، ما عندهم سبب لتأخير الإحرام.

المقدم: إلا فقط أنه ما يريد أنه بعدين يصير ما يغطي ما يتعطر، ترفه يعني.

الشيخ: نعم، هذا ينقص من أجره، وربما يؤثر أيضًا على الحج المبرور، فعلى المسلم إذا أراد أن يكون حجه مبرورًا أن يبادر بالإحرام من ضحى اليوم الثامن.

المقدم: من لا يملك خيمة في منى، اليوم الثامن أين يكون؟

الشيخ: اتقوا الله ما استطعتم، والمكث بمنى في اليوم الثامن كما ذكرت هو ليس واجبًا، لو أنه ذهب إلى عرفات مباشرة، فلا حرج عليه، بعض الناس قد لا يتيسر له أن يبقى بمنى في اليوم الثامن، فيذهب لعرفات، وبعض حملات الحج أيضًا تخشى من الزحام، وتذهب لعرفات من الليل، لا حرج في هذا.

وقد ذكر بعض المؤرخين أنه في أزمنة سبقت كان الأمن مضطربًا، وكان قطاع الطريق، كان هناك قطاع للطريق، فكان الناس يذهبون لعرفات مباشرة، ذكر هذا ابن جبير في رحلته المشهورة، ذكر أن الحجاج في السنة التي ذهب فيها هو إلى مكة، أظنه سنة خمسمائة وتسعة وسبعين للهجرة، يقول: كان الحجاج يذهبون إلى عرفات مباشرة، ولم يكونوا يوم الثامن يقفون ويبقون في منى خشية أن يأتيهم قطاع الطريق ما بين منى وعرفات.

كان هناك قطاع طريق، فيُغِيرون على الحجيج، ويسلبون ما معهم، فكان بعض الحجيج يذهب إلى عرفات مباشرة، الحمد لله الآن الأمن موجود، والطرق آمنة، ولله تعالى الحمد والمنة.

فالسنة إذن أن الحاج يذهب لمنى في اليوم الثامن، ويحرم من اليوم الثامن، لكن لو لم يفعل هذا، لا شيء عليه؛ لأن المكث في منى في اليوم الثامن، والإحرام من ضحى اليوم الثامن هو مستحب وليس واجبًا.

المقدم: وهناك شيخنا بعض المخيمات، أو بعض الحملات تقول: أن خيامها يعني من جهة في منى، ومن جهة في عرفة، فهل يعني الخيام الملاصقة، هل يمكن أن تكون كذلك يعني من لم يستطع المبيت في منى، لكن سكنه قريب، يكون هذا.

الشيخ: منى في الوقت الحاضر أصبحت لا تتسع لجميع الحجاج، ومساحتها ليست كبيرة مقارنة ببقية المشاعر، فهي مساحتها سبعة آلاف كيلو متر مربع، هي أقل من عرفات، عرفات اثنا عشر ألف، ومزدلفة تسعة آلاف، ومنى سبعة آلاف، فهي مساحتها ليست كبيرة. وأصبحت في الوقت الحاضر لا تتسع لجميع الحجاج؛ ولهذا هي سبعة آلاف متر مربع، هي الآن أصبح الحجاج يبيتون في أول مزدلفة، وأول مزدلفة هنا يأخذ حكم منى، فمن بات في أول مزدلفة في مخيماتها هو في الحقيقة كأنه بات في منى.

المقدم: نعم، هي بعض المخيمات لها خيام داخل منى، وخيام داخل مزدلفة.

الشيخ: نعم، هنا لا حرج على الحاج.

المقدم: حتى لو بقي في جهة فقط مزدلفة؟

الشيخ: حتى لو بقي؛ لأن المكان قد ضاق، والله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] أشبه ما لو امتلأ المسجد الجامع يوم الجمعة، وصلى خارج المسجد، والصفوف متصلة، صلاته صحيحة، هنا منى امتلأت، ماذا يفعل؟ الله تعالى يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] فهنا يبيت في أقرب مكان يلي منى، ولا حرج عليه.

المقدم: البعض ربما لا يأتي مع حملة، وهذا يُسبب له حرج له لأسرته لأبنائه، فيقول يعني: بدل ما آتي للمبيت في منى، وقد أضيق على الطريق، أو قد يتسبب في ضرر لنفسه يبقى في شقق مثلًا في العزيزية، يجزئه ذلك؟

الشيخ: بالنسبة ليوم التروية، حتى لو لم يأتِ، لا شيء عليه.

المقدم: وأيام التشريق؟

الشيخ: بالنسبة ليوم التروية أصلًا يوم التروية مستحب وليس واجبًا، وأما أيام التشريق فالمبيت بمنى واجب من واجبات الحج، فلو ذهب في شقة مثلًا في العزيزية أو في غيرها، لا بد أن يأتي في الليل، ويمكث في منى أكثر من نصف الليل.

المقدم: بهذا تكون انتهت أيام التروية، دعنا نشير قليلًا إلى يوم عرفة، فضل هذا اليوم.

الشيخ: أولًا: ليلة عرفة أيضًا هي تابعة ليوم التروية، يستحب للحاج أن يبقى فيها في منى، فإذا طلع فجر يوم عرفة، فإنه يصلي صلاة الفجر بمنى، ثم إذا طلعت الشمس يسير الحاج إلى عرفات، والسنة أن يكون ملبيًا، وإن كبر فلا بأس؛ لأن الصحابة لما ساروا من منى إلى عرفات منهم الملبي، ومنهم المكبر، والنبي أقرَّهم جميعًا.

النبي لما سار من منى كانت قريش تعتقد أنه سيقف بمزدلفة، ولا يقف بعرفات؛ لأن قريشًا كانت تقف بمزدلفة، ويقولون: نحن أهل البيت، فلا نخرج منه؛ لأن مزدلفة من الحرم، وعرفات ليست من الحرم من الحل، فكان الناس يقفون في عرفات، وقريش تقف بمزدلفة، فأنزل الله تعالى قوله: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ [البقرة:199] وليس من حيث أفاضت قريش مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ [البقرة:199] يعني: من عرفات.

فسار عليه الصلاة والسلام، ولم تشك قريش في أنه سيقف بمزدلفة، ولم يقف بمزدلفة، حتى ذهب إلى نمرة، ونمرة قرية صغيرة قبيل عرفات، فإن تيسر للحاج أن ينزل بنمرة قبل الزوال ليوم عرفة هذا هو الأفضل، وفيه اقتداء بالنبي ، وإن لم يتيسر وهو الغالب على حال الحجيج، وذهب إلى عرفات مباشرة فلا بأس، وهنا وقت الوقوف بعرفة يبدأ من بعد الزوال في قول أكثر أهل العلم، ومن أهل العلم من قال: إنَّه يبدأ من طلوع الفجر، ولكنه قول مرجوح، فمعنى ذلك: أنه من بعد الزوال، يعني من بعد أذان الظهر هنا يبدأ وقت الوقوف.

المقدم: نعم، وهناك تفصيلات أخرى في يوم عرفة سنأتي عليها في حلقة قادمة بإذن الله، أشكرك صاحب الفضيلة في ختام هذا اللقاء، الله يسعدك.

الشيخ: شكرًا لكم وللإخوة المشاهدين.

المقدم: الشكر كذلك موصول لكم أنتم مشاهدينا الكرام، كان معنا صاحب الفضيلة شيخي الأستاذ الدكتور سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية، أطيب المُنى.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه الترمذي: 827، وابن ماجه: 2896.
^2 رواه الترمذي: 828، وابن ماجه: 2921.
^3 رواه البخاري: 1995 عن أبي سعيد، ومسلم: 1338 عن ابن عمر.
^4 رواه البخاري: 1551.