عناصر المادة
- المقدمة
- حكم القرض المعجل من صندوق التنمية العقاري
- حكم طبيب أعطى دواءً لمريض فتُوفي بعد ثلاثة أيام
- حكم من تطبَّب وليس بطبيب
- الشك في رؤية الهلال
- حكم تسمية البنت وَد أو وُد
- هل يأثم الأبوان في اختيار الأسماء المعيبة؟
- حكم البيات في مكان يلي منى من جهة مزدلفة
- هل التيمم يُنقض بخروج وقت الصلاة؟
- هل الأفضل صيام شهر محرم كاملًا أو بعضًا منه؟
- حكم زكاة الأرض التي نوى بيعها ومكثت مدة دون بيع
- هل زيارة الأهل في بلد أخرى يعد سفرًا مبيحًا للقصر؟
- حكم من قال لزوجته: إذا أهلكِ دخلوا البيت، فأنتِ طالق
- حكم ترك المريض الصلاة في المسجد
- الإحرام من الميقات
- هل مجرد لبس الإحرام دخول في النسك؟
- تفسير قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
- هل محبة الكافر للإسلام تشفع له؟
- حكم دفع الأخ زكاة الأرض عن أخته
- ما الحكم لو شك أن المَحافِظ التي في البنوك لا تُخرج عنها الزكاة؟
- هل العذر بالجهل قاعدة شرعية؟
- حكم ترك الاجتهاد في تحديد القبلة
- حكم من أخفت عن زوجها أنها مريضة بالصرع
- حكم إضافة أو متابعة أشخاص على وسائل التواصل لديهم أمور محرمة
- ضابط صناديق الادخار
- ما معنى: ومن يتصبر يصبره الله؟
- هل يجب أن تُعطي المرأة لزوجها من مالها؟
- حكم السفر إلى الأماكن التي يُعصى الله فيها
- ما حدود المشي في الصلاة لسد فرجة؟
- حكم الإجارة المنتهية بالتمليك
- حكم متابعة الإمام في الركعة الزائدة
- خاتمة البرنامج
المقدمة
المقدم: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
طبتم وطابت أوقاتكم بالخير والمسرات، مرحبًا بكم -مشاهدينا الكرام- إلى حلقة مباشرة من برنامجكم المباشر “فتاوى”، والذي يأتيكم عبر قناة السعودية، رحبوا معي في مطلع هذا اللقاء أجمل وأرق وأزكى ترحيب بالضيف الذي يحضر إلينا في هذه الحلقة المباركة لأول مرة في هذا البرنامج معالي شيخنا الشيخ: سعد بن تركي الخثلان عضو هيئة كبار العلماء.
حياكم الله يا شيخنا.
الشيخ: حياكم الله، وبارك فيكم، وحيا الله الإخوة المشاهدين.
المقدم: بارك الله فيك يا شيخنا والحقيقة باسمي وباسم هيئة الإذاعة والتلفزيون وجميع الزملاء، نرحب بك أجمل ترحيب يا شيخنا.
الشيخ: بارك الله فيكم.
المقدم: بارك الله فيكم يا شيخنا، نسعد يا مشاهدينا الكرام باستقبال أسئلتكم واستفتاءاتكم تباعًا على هاتف البرنامج الذي يظهر تباعًا على الشاشة، وأيضًا عبر الميديا الحديثة، فحياكم الله يا شيخنا.
حكم القرض المعجل من صندوق التنمية العقاري
لعلنا نبدأ على بركة الله، هناك الحقيقة أسئلة كثيرة يا شيخ سعد حول القرض المعجل الذي بدأت به صندوق التنمية العقاري، وكثير من الإخوة سأل وراسل يريدون الحقيقة أن يستوضحوا حول هذا القرض، مدى جواز هذا القرض مدى الراحة التي يمكن يجدونها إن شاء الله على الإقبال على هذا القرض بإذن الله؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فقد اطلعت على ما أعلنته وزارة الإسكان بهذا الخصوص، والذي يظهر أنه لا بأس به؛ وذلك لأنه يتم بطريق المرابحة الشرعية بين البنك والمواطن، ويتم أولًا بطريق المرابحة الشرعية على أن يدفع المواطن رأس المال، ويدفع صندوق التنمية الأرباح، ثم بعد ذلك يستردها، أي: أنه يقرض العميل الأرباح، ثم بعد ذلك يستوفي هذا القرض فيما بعد.
وأيضًا يقوم بالرهن لضمان تسديد هذا القرض، وهو بهذه الصيغة جائزة شرعًا، ولا إشكال فيها.
فهي ليست نقد بنقد، وإنما هي تمويل بطريق المرابحة؛ والمرابحة الأصل فيها الجواز، هو تمويل بطريق المرابحة الشرعية؛ ولهذا فلا أرى بأسًا في هذا القرض المعجل من الناحية الشرعية، وهناك من تكلم عنه من نواحٍ أخرى، هذه لا أتطرق لها، لكن الذي يهمنا هنا الجانب الشرعي، هذا القرض بهذه الصورة التي عرضها صندوق التنمية يظهر أنه لا بأس به إن شاء الله تعالى.
المقدم: يعني: تطمئن النفس إليها.
الشيخ: إن شاء الله.
حكم طبيب أعطى دواءً لمريض فتُوفي بعد ثلاثة أيام
المقدم: الله يرفع قدرك، ويحفظك، الآن نبدأ الأسئلة؛ هذا سؤال من ألمانيا، يقول الأخ:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا طبيب أعطيت دواء لمريض بعد ثلاثة أيام تُوفي هذا المريض، هل يلحقني شيء يا شيخ سعد من جراء إعطاء هذا الدواء؟ علمًا أنني أعطيته وفق المعايير الطبية المعروفة.
الشيخ: إذا كان لم يحصل من الطبيب تعدٍ ولا تفريط، وإنما اجتهد في صرف هذا الدواء وفق المعايير الطبية، ولكن توفي هذا المريض، فإن الطبيب ليس عليه شيء؛ وذلك لأن الطبيب يده يد أمانة، فلا يضمن إلا إذا تعدى أو فرط، وهو مجتهد في هذا، وإلا لو قلنا: بأن الطبيب أنه يضمن، وأنه يأثم لتعذر هذا الباب، كل إنسان لن يدخل في هذا المجال خشية المسؤولية أمام الله أولًا، ثم أمام الناس ثانيًا.
لكن نحن نقول: إن الطبيب ينبغي أن يجتهد في معالجة المريض، فإذا اجتهد ولم يحصل منه تعدٍ ولا تفريط فتوفي هذا المريض فلا شيء عليه، فهذا المريض قد استوفى أجله، ثم أيضًا غاية ما يفعله الطبيب إنما هو بذل السبب في العلاج، وأما الشفاء فهو بيد الله ، الشفاء ليس بيد الطبيب، قد يشفي الله تعالى هذا المريض، وقد لا يشفيه، والله تعالى يقول: وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [يونس:107]، والنبي يقول: واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك [1].
فإذا لم يكتب الله تعالى للإنسان الشفاء، ولم يرد الله تعالى الشفاء فمهما بذل الأطباء من العلاج، فلا يمكن أن يشفى وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ [يونس:107]، فهذا الطبيب هو مجتهد في بذل السبب والعلاج والدواء، وقد يشفي الله تعالى هذا المريض، وقد لا يشفيه؛ المهم ألا يقع منه تعدٍ ولا تفريط، إذا لم يقع منه تعدٍ ولا تفريط لم يقع من هذا الطبيب تقصير ولا تجاوز، فإنه ليس عليه شيء.
حكم من تطبَّب وليس بطبيب
المقدم: أحسن الله إليك، شيخ سعد الآن بعض محلات العطارة والتي يصرفون الأدوية الشعبية يعني ما عنده تخصص، ربما أنه يُعطي مريضًا ويتأثر هذا المريض قد يصاب بوباء، قد تتفاقم الحالة عنده، هل يأثم بهذه الطريقة؟
الشيخ: نعم، عند الفقهاء أن من تطبَّب وليس بطبيب فهو ضامن، فهذا الذي يصرف دواء وهو ليس بطبيب، وليس بمتخصص، فإنه يضمن ما يترتب على ذلك، ويحاسب على هذا أيضًا، فليس للإنسان أن يصرف للإنسان أدوية أو عقاقير، أو أي شيء إلا بعدما يتأكد من نفعه، أو أنه يكون متخصصًا في هذا المجال، وأما أنه يتطبب في الناس، ويلحق الضرر بهم، وهو ليس بمتخصص، فإن هذا لا يجوز.
الشك في رؤية الهلال
المقدم: أحسن الله إليك، أسئلة كثيرة وردت حول يوم عاشوراء يا شيخ سعد، وثبوت دخول الهلال، هناك من شكك في ثبوت دخول الهلال، الناس خاصة هنا سؤال من أبي غيداء يقول: إذا أنا أردت أن أفرد يوم عاشوراء لوحده فأي يوم أصوم؟
الشيخ: يوم عاشوراء هو يوم السبت القادم؛ وذلك لأن شهر ذي الحجة لم ير هلاله ليلة الأربعاء، وعلى ذلك فيكون بداية شهر ذي الحجة يوم الخميس، كما أعلنت المحكمة العليا، صدر منها قرار وإعلان بهذا الخصوص، وعلى ذلك فإذا كانت بداية محرم يوم الخميس، فيكون يوم عاشوراء هو يوم السبت، وقد يقول قائل: إن القرائن تدل على دخول شهر محرم يوم الأربعاء؛ لكونه رؤيا الهلال ليلة الخميس يعني بطريقة لم يعتدها الناس في رؤية الليلة الأولى من الشهر، فرؤيا رفيعًا، فهذا غير مؤثر من الناحية الشرعية؛ لأن النبي يقول: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم يعني: مع كونه موجودًا، لكنه غم فأكملوا العدة ثلاثين [2].
فهذا هو الحكم الشرعي أنه إذا حصل غيم، ولم يتمكن الناس من رؤية الهلال، فالواجب عليهم إكمال عدة الشهر ثلاثين يومًا، ولا يلتفت لمسألة كبر حجم الهلال، هذه غير مؤثرة من الناحية الشرعية؛ ولهذا فإن يوم عاشوراء هو يوم السبت، وبكل حال من صام الجمعة والسبت، فإنه سيدرك عاشوراء قطعًا؛ لأنه حتى لو افترضنا أن شهر محرم دخل يوم الأربعاء، فيكون عاشوراء جمعة، وإذا دخل بيوم الخميس، فيكون عاشوراء السبت، فإذا صام الجمعة والسبت، فإنه يكون قد أدرك عاشوراء لا محالة، لكن إذا قال: أنا سأقتصر على صيام عاشوراء فقط، فنقول: صم يوم السبت؛ لأن يوم السبت هو يوم عاشوراء.
حكم تسمية البنت وَد أو وُد
المقدم: أحسن الله إليك، باسم من الكويت يسأل شيخنا عن حكم تسمية البنت وَد أو وُد بضم الواو؟
الشيخ: هذا من أسماء الأصنام وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا [نوح:23]، فودٌّ هو اسم صنم فيكره التسمية بهذا الاسم، وإن كان المسمى قد لا يريد هذا المعنى لا يريد معنى الصنم، وإنما ربما أنه يريد الود من الوداد والمحبة، لكن ما دام أنه يحتمل هذا المعنى، وهو اسم صنم ومذكور في القرآن الكريم، فالذي أنصح به ألا يسمي ابنته بهذا الاسم، وإذا كان يعني ولا بد دائرًا في فلك هذه الكلمة، فليجعله وداد بدل ود، يجعله وداد، وبذلك يتحقق له غرضه، لكن إذا سماه ود فيعني يتفق هذا مع اسم الصنم.
ثم أيضًا هو ربما يكون الآن يعني مقتنعًا به، لكن في المستقبل فإن بعض الأسامي يسمي الأبوان اسم الابن أو الابنة باسم معين، وربما هما مقتنعان به، لكن هذا الابن أو هذه البنت يتعقدان منه في المستقبل ويتمنيان أن لو لم يسميهما والداهما بهذا الاسم؛ ولذلك ينبغي للوالدين الإحسان للأولاد، أن يحسنوا اختيار الأسماء، وألا يكون الاسم اسمًا مستغربًا، أو اسمًا مستنكرًا، أو اسمًا معناه غير واضح، أو اسمًا يحتمل معنىً سيئًا، ينبغي أن يختار الأسماء الحسنة التي لا إشكال فيها، فالذي أنصح به إن كان ولا بد فيه يعني يريد هذا الاسم فليجعله وداد، لكن يبتعد عن التسمية باسم الصنم.
هل يأثم الأبوان في اختيار الأسماء المعيبة؟
المقدم: أحسن الله إليك، إن شاء الله أبو وداد بإذن الله ، يأثم الأبوان يا شيخنا في اختيار بعض الأسماء التي قد تكون معيبة؟
الشيخ: هذا بحسب الاسم، إذا كان الاسم محرمًا فيأثمان، إذا كان مكروهًا فلا، لا تصل إلى درجة الإثم.
حكم البيات في مكان يلي منى من جهة مزدلفة
المقدم: أحسن الله إليك، استأذنكم شيخنا استقبال بعض الاتصالات، أم عبدالله: السلام عليكم.
السائلة: عليكم السلام ورحمة الله.
المقدم: حياك الله أم عبدالله تفضلي.
السائلة: هلا والله، حياك الله. ممكن أكلم الشيخ؟
المقدم: يسمعك الشيخ تفضلي.
السائلة: يا شيخ بالنسبة لصيام شهر محرم، هل الأفضل صيامه كاملًا أو بعضًا منه؟ ما هو الأفضل يعني؟
السؤال الثاني: بالنسبة للتيمم هل هو يبطل بخروج وقت الصلاة أم أصلي به إذا كنت على طهارة، ما انتقض وضوئي؟
السؤال الثالث: حججت هذه السنة، لكن سكنا بين منى وبين مزدلفة، ثم لما انصرفنا من عرفات، ذهبنا إلى نفس السكن الذي كنا فيه، ما ذهبنا إلى مزدلفة، قالوا: هذه هي مزدلفة، حتى أنهم كانوا أحضروا لنا الجمرات في نفس المبنى الذي كنا فيه في نفس السكن، فما أدري بالنسبة لصيامنا نحن مع حملة يعني.
الشيخ: أنتم في مخيم في مزدلفة؟
السائلة: يقولون: بين منى ومزدلفة، يقولون: بسبب الضيق، ما حصلنا هذا، طيب فما أدري هل هذا مع الحملة هل هو صحيح أم لا؟
المقدم: لعلنا نبدأ بسؤالها الأخير يا شيخنا.
الشيخ: نعم، لا حرج عليهم في البيتوتة في هذا المكان؛ لأن منى أصبحت الآن لا تتسع جميع الحجاج، فعدد كبير من الحجاج لا يتمكنون من المبيت بمنى؛ ولذلك يقال لهم: إنهم يبيتون في أقرب مكان يلي منى من جهة مزدلفة، أو من أي جهة من الجهات الأخرى، والأخت السائلة ذكرت أنهم باتوا في أقرب مكان، فلا حرج عليهم، وحتى ما ذكرت أيضًا من أنهم لما كانوا ليلة مزدلفة أتوا وباتوا في هذا المكان أيضًا هذا يعني يأخذ حكم المبيت بمزدلفة، فهو يأخذ حكم المبيت مزدلفة أصلًا، وحكم المبيت بمنى حكمًا، فيعني في هذا المكان الذي هو يسمونه (مخيمات هـ) هذه نقول: لا حرج عليهم في البيتوتة فيها، والأخت الكريمة نقول: لا يكون في نفسك قلق أو حرج، بيتوتتك في هذا المكان مجزئة ولا شيء عليك.
هل التيمم يُنقض بخروج وقت الصلاة؟
المقدم: الحمد لله سؤالها الثاني شيخنا هل التيمم ينقض بخروج وقت الصلاة؟
الشيخ: هذه المسألة ترجع إلى مسألة اختلف فيها الفقهاء، وهي هل التيمم مبيح أم رافع؟ نعم، فمن العلماء من قال: إن التيمم مبيح للصلاة، وليس رافعًا للحدث، ورتّبوا على ذلك أنه من تيمم لوقت صلاة، فيلزمه أن يتيمم لوقت الصلاة الأخرى، ومن تيمم لصلاة لا يتيمم لصلاة أعلى منها، فمن تيمم لنافلة لا يصلي به فريضة.
والمسألة أن التيمم رافع للحدث كالماء، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، وهو القول الراجح في المسألة، وهو اختيار جمع من المحققين من أهل العلم أن التيمم رافع للحدث كالماء، ويدل لهذا القول قول الله تعالى: فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43] فجعل الله تعالى التيمم بدلًا عن الماء، ويقوم مقام الماء، ويأخذ أحكام الماء في كل شيء، فإذن هو رافع للحدث، يأخذ جميع أحكام الماء إلا إذا وجد الماء، فقد بطل التيمم، أما إذا تيمم الإنسان والماء ليس موجودًا، فحكمه حكم المتوضئ تمامًا، وعلى ذلك فمن تيمم لوقت صلاة يجوز له أن يصلي بهذا التيمم، ما شاء من الصلوات مثلًا تيمم للظهر له أن يصلي به العصر المغرب العشاء.
كذلك أيضًا لو تيمم لنافلة يجوز أن يصلي به فريضة، فحكمه حكم الوضوء بالماء تمامًا، إلا إذا وجد الماء فيبطل التيمم فقط، ما عدا ذلك، فجميع أحكام الوضوء تنطبق على التيمم.
المقدم: أحسن الله إليك، أبو وليد من الطائف: السلام عليكم.
السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المقدم: حياك الله يا أبا وليد تفضل.
انقطع عنا وليد.
هل الأفضل صيام شهر محرم كاملًا أو بعضًا منه؟
طيب سؤالها الأول يا شيخنا عن صيام مُحرم كاملًا؟
الشيخ: أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة أن النبي قال: أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم [3]، وهذا يدل على استحباب الإكثار من صيام النافلة في هذا الشهر، وهو أحد الأشهر الحرم، الإكثار من صيام النافلة أمر مستحب، لكن استكمال صيام الشهر، تقول عائشة رضي الله عنها: “ما رأيت النبي صام شهرًا كاملًا قط” [4] يعني: غير رمضان.
وعلى ذلك: فالأولى عدم استكمال الشهر كاملًا في الصيام، لكن يُصام كثير منه، يصام كثير من أيام هذا الشهر، لكن لا يستكمل صيام الشهر كاملًا.
المقدم: أحسن الله إليك، فيه أحد الإخوان سأل: عنده الوالدة اعتادت أن تصوم هذا الشهر كاملًا، يقول: هل أنبهها أم أتركها؟
الشيخ: نعم، ينبهها الأولى عدم استكماله، تجعل له فرقًا يوم يومين، بحيث ما تستكمل صيام الشهر كله؛ لأن أكمل الهدي هدي النبي ، والنبي عليه الصلاة والسلام لم يستكمل صيام شهر كامل غير رمضان.
حكم زكاة الأرض التي نوى بيعها ومكثت مدة دون بيع
المقدم: نعود إلى وليد من الطائف: السلام عليكم.
السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أنا عندي سؤالان:
السؤال الأول: قبل فترة من زمان اشتريت أرضين بسعر رخيص، بحجة أنه بعد فترة تغلي الأراضي، وأبيع واحدة، وأبني بها الثانية، وبالفعل بعد فترة من الزمان غليت الأراضي، وبعت واحدة، وبنيت بها الأرض الثانية، فسألت في حينها أحد المشايخ عن الزكاة، فقال لي: عليك زكاة واحدة السنة الأخيرة التي بعت فيها، وبعض المشايخ قالوا لي: لا عن كل سنة، الأرض كانت في ملكك عليها زكاة، فأيهما أصح؟، جزاك الله خيرًا هذا واحد.
الشيخ: لكن يا أخ وليد يعني: الحكم متعلق بنيتك أنت؛ لما اشتريت هاتين الأرضين ماذا كانت نيتك؟
السائل: نيتي كانت إذا تغلي الأراضي وأبيع واحدة، ثم أثناء الفترة هذه تغيرت النية، أنه أبيع واحدة، وأتاجر بها، ثم رجعت النية مرة أخرى أني أبيعها وأعمر بها، وبالفعل بعتها، وعمرت بها.
الشيخ: لحظة أنت الآن كانت نيتك أن تبيع واحدة والثانية ما تبيعها؟
السائل: نعم، الثانية أبنيها.
الشيخ: تبنيها طيب.
السائل: وهذا الذي حصل بعت واحدة، وبنيت الثانية بفضل الله.
الشيخ: لحظة كم مضى على نية البيع هذه؟
السائل: ما فهمت السؤال هذا يا شيخ؟
الشيخ: أقول: أنت الآن عندك أرضان: أرض واحدة نويت أن تبيعها، والثانية تبنيها كذا؟
السائل: نعم.
الشيخ: طيب الأرض الأولى نويت بيعها كم مضى على نية البيع كم سنة؟
السائل: تقريبًا سبع سنوات، جلست معي، ثم بعتها، وبنيت بها الثانية.
الشيخ: طيب، السؤال واضح.
السائل: السؤال الثاني: أنا قلت لزوجتي: لو أهلك دخلوا البيت، فأنتِ طالق، ورجعت في يميني هذا، فما كفارته؟
المقدم: دخلوا البيت ولا ما دخلوا؟
السائل: دخلوا البيت نعم؛ لأنهم أهلها، يعني ساعة غضب أنا قلت لها هذه اليمين، ثم تراجعت عنه؛ لأني لا أقدر استغنى عنها.
المقدم: طيب يا وليد أبشر، سؤاله الأول يا شيخ حفظك الله.
الشيخ: نعم، الأرض الأولى هو نوى بيعها، وما دام أنه قد نوى بيعها، فهذه تجب فيها الزكاة، جميع هذه السنوات؛ لأنها أرض معدة للبيع، فتشملها عموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة في عروض التجارة، حتى لو قال: إنه يريد أن يبيعها ويبني بها أرضًا هذا غير مؤثر، فالأرض الأولى ما دام أنه قد نوى بيعها، ومضى على هذه النية يعني أكثر من سنة، فعليه أن يزكيها عن جميع هذه السنوات السبع، أما الأرض الثانية فلا زكاة فيها؛ لأنه لم ينو بيعها، وإنما نوى أن يبني عليها، فعلى هذا نقول: عليك أن تزكي الأرض الأولى عن سبع سنوات، والأرض الثانية لا زكاة عليك.
المقدم: مسألة التردد في النية يا شيخ سعد في مثل هذه القضية: نوى يبيع، ثم نوى يشتري، يعني صار عنده تردد في مسألة النية؟
الشيخ: هو الذي فهمنا أنه كان جازمًا بنية البيع، إذا كان جازمًا بنية البيع، هذا هو الذي عليه الزكاة، أما لو كان مترددًا في النية، لا يدري هل يبيع؟ هل يبني؟ هنا لا زكاة عليه، لكن الذي فهمنا من سؤاله أنه كان جازمًا بنية بيع إحدى الأرضين، الأرض الأخرى كان جازمًا بنية بنائها، فإذا كان جازمًا بنية البيع، فعليه أن يزكيها عن جميع السنوات، وأما لو كان مترددًا لم يجزم بنية البيع تارة يقول: سوف أبيع، وتارة يقول: سوف أبنيها، فما عنده نية واضحة للبيع، ما عنده نية جازمة للبيع، فهذا لا زكاة عليه، لا بد لوجوب الزكاة من النية الجازمة بالبيع.
المقدم: أحيانًا بعضهم يضعها في مكتب العقار، ويقول: أنا ما جزمت بالنية؛ لكني وضعتها في مكتب العقار، متى ما ارتفع السعر أبيعها، هل يحسب للفترة كاملة، أما إذا ارتفع السعر بدأت النية؟
الشيخ: إن كان مجرد أنه يقول: إن أتت بسعر بعتها، وإلا لن أبيعها، هذا لا تجب الزكاة في هذه الأرض؛ لأن أي شيء للإنسان إذا أعطي فيه مكسبًا كبيرًا الغالب أنه يبيعه حتى سيارته، لو أتى إنسان وأعطاه مكسبًا فيها، يبيعها، فهذا ما يؤثر، الذي يؤثر أن يعرضها للبيع يبحث عن زبائن لها، تكون النية جازمة، وهذا المكتب يبحث لها عن زبائن، ويعرضها بطريقته الخاصة، وإذا أتى أحد يُسوِّقها، فهذه الأرض التي تجب فيها الزكاة، أما الأرض التي ما جزم فيها بنية البيع، نية البيع ليست كاملة، وإنما يقول: إن أتت بمبلغ طيب، أو المبلغ الذي أريد بعتها، وإلا الأصل أنني لن أبيعها، هذه لا زكاة فيها.
هل زيارة الأهل في بلد أخرى يعد سفرًا مبيحًا للقصر؟
المقدم: عبدالعزيز من الرياض: السلام عليكم.
السائل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المقدم: حياك الله، تفضل.
السائل: فضيلة الشيخ عندي سؤال أنا أعمل خارج الرياض في جازان، وكل شهر أزور أهلي في الرياض لمدة خمسة أيام من السبعة أيام، هل أجمع وأقصر الأسبوع كاملًا، أو الخمسة الأيام هذه، أو أجمع ثلاثة أيام، وجزاكم الله خيرًا.
المقدم: وإياك شكرًا لك، تفضل يا شيخنا.
الشيخ: أنت عندما تأتي إلى أهلك خمسة أيام، أو سبعة أيام، هل أنت مسافر أو مقيم؟ هذه المسألة ليس فيها نص شرعي، حتى نستطيع من خلالها أن نعرف أنك مسافر أو مقيم؛ إذ المرجع فيها إلى العُرف، فهل العُرف يعتبر مثل هذا الرجل يعتبره مسافرًا، أو غير مسافر؟
إذا أردنا أن نعرف العُرف، ويتضح لنا العُرف في مثل هذه المسائل، فلا نأخذ مسألة القصر والجمع، القصر والجمع هذه تختلف فيها النظرة بعض الناس يعتبره مسافرًا، وبعض الناس لا يعتبره مسافرًا، أنا عندي مسألة أوضح من هذه، وهي مسألة الفطر في نهار رمضان، وبابهما واحد، باب القصر والفطر واحد، الفطر في نهار رمضان نقول: لو أنك أفطرت في نهار رمضان في بيت أهلك، هل سينكر عليك الناس أم لا؟
الأخ السائل يقول: إنه يأتي أهله في الرياض، لو أنه لما أتى إلى أهله في الرياض أتى بعد صلاة الظهر أمام الناس وتغدى، وقال: يا جماعة أنا مسافر، هل الناس سيقرونه على هذا الفعل، أو سينكرون عليه، ويقولون: كيف تكون مسافرًا وأنت في بيت أهلك؟
الواقع أن الناس ينكرون عليه، ولا يعتبرونه مسافرًا، يقولون: كيف أنت تكون مسافرًا وأنت في بيت أهلك؟ وعلى هذا فالأقرب في هذا أنه ليس مسافرًا، ما دمت تأتي بيت أهلك، فلست بمسافر، بل أنت كمن له زوجتان، ويقول: إن له بيتًا في جيزان، وبيت أهله في الرياض، نقول: أنت كرجل له زوجتان، زوجة في جيزان، وزوجة في الرياض، فهو هناك ليس مسافرًا، وهو هنا ليس بمسافر، وعلى ذلك نقول: ليس لك أن تترخص برخص السفر إلا في الطريق فقط، وأما في بلدك الذي أنت مقيم فيه هناك في جيزان لست مسافرًا، وإذا أتيت إلى أهلك كذلك لست مسافرًا.
حكم من قال لزوجته: إذا أهلكِ دخلوا البيت، فأنتِ طالق
المقدم: السؤال الأخير لأخينا وليد من الطائف الذي قال لأهله: إذا أهلكِ دخلوا البيت، فأنتِ طالق، ثم قال: أنا تراجعت عن هذه اليمين، ويبدو كفّر، ثم دخلوا البيت؟
الشيخ: هذه الألفاظ في الحقيقة أنها تكثر على أسئلة بعض الناس، ويحلفون بالطلاق عند أتفه الأشياء، وبعضهم يحلف بالطلاق عند تأكيد خبر، وبعضهم يحلف بالطلاق عند دعوة شخص إلى وليمة، وتجد أن بعضهم يعتبر هذا رجولة، ويعتبره شجاعة، وبعضهم يعتبر أنها نخوة، وهذا في الحقيقة من الجهل، ومن التعدي لحدود الله ، كيف يجعل الإنسان مصير أسرته بسبب موقف تافه؟ وكيف يجعل مصير أسرته وقد تطلق امرأته ويتشتت أطفاله بسبب هذا الموقف؟
وجماهير أهل العلم الذي عليه المذاهب الأربعة الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على أنها تطلق، لكن هناك قول آخر في المسألة أخذ به بعض العلماء في العالم الإسلامي كله، وهو رأي الإمام ابن تيمية رحمه الله، لكن الأخ الكريم السائل نحن لا نفتيه في هذا البرنامج، ونقول: إن مسائل الطلاق تحتاج إلى مزيد دراسة من جميع النواحي من جهة لفظ المطلق، وقصده، ونيته، وحالته النفسية، ودرجة الغضب، وكذلك أيضًا حالة المرأة من جهة الطهر وعدمه، كل هذه تحتاج إلى دراسة، وأيضًا تحتاج إلى موعظة لهذا الشخص الذي تسرع في إطلاق هذا الكلام، وإلى نصيحة له؛ ولذلك فننصح الأخ الكريم بأن يذهب إلى دار الإفتاء لمكتب سماحة المفتي حتى يفتيه، وكما ذكرتُ يعني المسألة خلافية بين أهل العلم، ولا يُفتى، الذي أرى أنه لا يفتى في مسائل الطلاق عبر وسائل الإعلام، ولا عبر الهاتف، ولا بواسطة، وإنما تحتاج إلى دراسة متأنية، وتحتاج أيضًا إلى نصيحة لذلك الشخص المُطلِّق حتى لا يعود لمثل هذه الألفاظ، نعم قد يتعب في البحث عن فتوى، لكن هذا سيكون درسًا تربويًّا له في المستقبل، حتى لا يقدم مستقبلًا على هذه الألفاظ، فالأخ السائل ما دام أنه داخل المملكة، فيذهب إلى دار الإفتاء في الرياض، أو أنه يذهب إلى مكتب الدعوة، أو المحكمة الشرعية، أو مكتب الدعوة يضبطون الواقعة، أو يرفعونها إلى سماحة المفتي.
حكم ترك المريض الصلاة في المسجد
المقدم: أحسن الله إليكم شيخنا، أخونا عبدالله من الرياض: السلام عليكم.
السائل: يا شيخ عندي سؤال، الله يجعل والديك في الجنة، أنا عندي مسوي عملية تكميم للمعدة، وللتو جئت من الأردن من حوالي أربعة أيام، وشلت من المعدة حوالي 75%، وعندي الآن تعب كثير، لا أستطيع الصلاة في المسجد، وأريد آخذ رأي الشيخ، الله يحفظه.
الشيخ: ما دام أنه مريض، فلا حرج عليه أن يصلي في البيت، فالمرض عذر في ترك الصلاة مع الجماعة، فما دام أنه يشق عليه أن يصلي مع الجماعة في المسجد فلا حرج عليه، يعتبر هذا عذرًا له أن يصلي في البيت وحده، ونسأل الله تعالى أن يشفيه.
المقدم: يسأل يقول: أنا مصاب بالقولون، وتخرج مني غازات كثيرة، فهل هذا من موانع الصلاة في المسجد؟
الشيخ: هذه ليس من موانع الصلاة، وإنما عليك أن تتوضأ، وبعد ذلك لا يضرك ما خرج، حكمك حكم صاحب السلس، صاحب سلس البول العلماء يقولون: إنه يتوضأ ولا يضره بعد ذلك ما خرج منه، ويستحب له أن يتوضأ بعد دخول وقت الصلاة الأخرى على سبيل الاستحباب في أرجح قولي العلماء، وليس على سبيل الوجوب، فلا يعتبر هذا عذرًا له، يعني ينبغي أن يمارس حياته الطبيعية حتى وإن كان عنده خروج الريح بغير اختياره، أو خروج البول بغير اختياره، ينبغي أن يمارس حياته الطبيعية، وأن يخالط الناس، ويصلي مع الناس في المسجد، حتى لا مانع من أن يكون إمامًا، لا مانع إذا كان أقرؤهم لكتاب الله يكون إمامًا، أما أنه ينعزل في بيته، ولا يصلي مع الناس بحجة أن عنده هذه المشكلة الصحية، فهذا ليس عذرًا له، بل هذا مما يُعقّد المسألة، ويزيدها سوءًا؛ ولذلك نقول للأخ الكريم: إذا توضأت فلا يضرك ما خرج بعد ذلك، أنت حكمك حكم صاحب الحدث الدائم، حتى لو دخل وقت الصلاة التي تليها يستحب لك ولا تجب أن تتوضأ لوقت كل صلاة.
وأما رواية: ثم توضئي لكل صلاة [5]، التي وردت في حديث عائشة رضي الله عنها فهي مدرجة من قول عروة بن الزبير، وليست مرفوعة إلى النبي ، كما حقّق ذلك الحافظ ابن رجب وغيره، وعلى ذلك فتوضأ، ثم بعد ذلك لا يضرك ما خرج من هذه الريح، إنما ينتقض الوضوء بنواقض الوضوء الأخرى، أما بالنسبة لهذا الحدث إذا توضأت لا يضرك خروج الريح بعد هذا، حكمك حكم صاحب السلس، وحكمك أيضًا حكم صاحب الحدث الدائم عمومًا، ولكن ليس هذا عذرًا لك في ترك الصلاة مع الجماعة.
الإحرام من الميقات
المقدم: أخونا عيسى من المدينة: السلام عليكم.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: أنا من سكان المدينة المنورة، وأنا في جدة، وناوي أطلع عمرة إن شاء الله، هل أحرم من الفندق أو كيف الإحرام؟
الشيخ: ما دمت من المدينة، وأنت ناوي تذهب إلى جدة، فلا بد أن تحرم من الميقات، وأنت إذا كنت من المدينة ستمر بميقات ذي الحليفة أبيار علي، فلا بد من الإحرام من الميقات، لكن سؤاله عن كونه هل له أن يحرم من الفندق أو يذهب للميقات؟
لو أنه لبس لباس الإحرام في الفندق، أو حتى في بيته، ثم نوى وأهل عند الميقات لا بأس، لكن ليس له أن يحرم من جدة ما دام أنه مقيم في المدينة، لا بد من أن يحرم من الميقات، وليس له الإحرام من جدة.
هل مجرد لبس الإحرام دخول في النسك؟
المقدم: يشكل على بعض الناس مسألة لبس الإحرام ومسألة الدخول في النسك، فهل مجرد لبس اللبس دخل في النسك؟
الشيخ: الإحرام هو نية الدخول في النسك، الإحرام هو النية، وأما مجرد اللبس فهذا ليس إحرامًا، فقد يلبس لباس الإحرام لكنه لم ينو، فلا يعتبر محرمًا؛ ولذلك لا بأس أن يلبس ملابس الإحرام، وهو في بيته، يعني يتنظف في بيته، ويلبس ملابس الإحرام في بيته، لكن لا ينوي إلا إذا وصل إلى الميقات، فيحرم من الميقات.
تفسير قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ
المقدم: فجر من الجزائر، تسأل عن تفسير قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ [المدثر:38]؟
الشيخ: أي: كل نفس محبوسة بما عملت، رهينة من الرهن؛ والرهن معناه في الأصل: الحبس، فهي محبوسة ومحاسبة ومجزية على ما عملت؛ ولهذا فالإنسان يجازى عن كل ما عمله في هذه الحياة الدنيا فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:7-8].
هل محبة الكافر للإسلام تشفع له؟
المقدم: أخونا إحسان من ألمانيا يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لي صديق في العمل يحترم الإسلام، ويحب الإسلام، ويحب النبي ، ثم مات، هل مجرد هذه المحبة تشفع له بأن يكون دخل في الإسلام؟
الشيخ: لا تشفع له، إلا إذا كان قد اعتنق الإسلام، وأعلن دخوله في الإسلام، وشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وكفر بالطاغوت، وآمن بالله تعالى، لا بد من الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله.
وأما مجرد المحبة والميل للإسلام هذه لا تكفي، كان أبو طالب يميل للإسلام، بل يقول في قصيدته:
ولقد علمتُ بأن دين محمد | من خير أديان البرية دينا |
لولا الملامة أو حذار مسبة | لوجدتني سمحًا بذاك مبينا |
كان يعرف أنه هو الدين الحق، وكان يحب الإسلام، بل يدافع عن الإسلام، ويدافع عن رسول الله ، لكن كل هذه ذهبت؛ لأنه لم يعلن إسلامه، وفي آخر لحظة من حياته قال له النبي : يا عم، قل كلمة أحاج لك بها عند الله، يا عم قل: لا إله إلا الله [6]؛ لكن الله تعالى لم يرد هدايته، فمات على الكفر، فمجرد المحبة والميل للإسلام لا تعتبر دخولًا في الإسلام؛ ولذلك نحن نقول: إن هذا إذا لم يعلن إسلامه، لا يعتبر مسلمًا، ولكن مع هذا نحن لا نشهد لمعين بجنة ولا نار، إلا من شهد له الكتاب والسنة، من شهد له الله في كتابه، أو شهد له رسوله .
وأما ما عدا ذلك، فنحن لا نشهد لمعين لا بجنة ولا نار؛ لأنه يحتمل أنه كان مسلمًا يخفي إسلامه مثلًا، ويحتمل غير ذلك من الاحتمالات، فالله تعالى أعلم، فهذا قد أفضى إلى ما قدم، لكن نحن نقول: من جهة حكمه في الدنيا أنه إذا لم يكن أعلن إسلامه، وشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، فإنه لا يكون مسلمًا بمجرد محبته وميله للإسلام.
حكم دفع الأخ زكاة الأرض عن أخته
المقدم: أم بندر من الرياض: السلام عليكم.
السائلة: وعليكم السلام، لو سمحت عندي سؤالان:
الأول: عندي أرض أنا وأخي، وأخي يخرج زكاة الأرض كاملة، هل أنا أطلع الزكاة أو تكفي زكاة أخي، مع أنه يزكي عن الأرض كاملة؟
الشيخ: اشتريتما أرضًا واحدة أنتِ وأخوك؟
السائلة: نعم، أرض واحدة.
الشيخ: ونيتكما ماذا؟
السائلة: إذا ارتفعت بعناها.
الشيخ: يعني: نية البيع.
السائلة: نعم.
الشيخ: طيب أخوكِ أخرج زكاة الأرض؟
السائلة: أخرج زكاة الأرض كاملة.
الشيخ: والسؤال عن ماذا؟
السائلة: أنا أطلع زكاة الأرض حقي أو تكفي زكاة أخي؟
الشيخ: أخوكِ أخرج الزكاة عنك وعنه كذا؟
السائلة: نعم، هو هذا.
السؤال الثاني: أخي عنده عقار وعروض عقارية، ويطلع زكاة العروض العقارية كاملة لي ولغيري، أنا أطلع الزكاة حقي أو لا؟
الشيخ: أخرج الزكاة ويكفي هذا، وفي السؤال الأول هذه الأرض لها ولأخيها وأخوها قد أخرج الزكاة عنهما جميعًا، فهذا يكفي، ولا يحتاج أن تزكي مرة أخرى؛ لأن المال الواحد لا يزكى مرتين، فأخوها أخرج الزكاة عنه وعن أخته، فهذا كافٍ، وهكذا أيضًا بالنسبة للعروض العقارية ما دام أن أخاها وهو القائم على هذه العروض قام بإخراج الزكاة فهذا أيضًا كافٍ، ولا يلزم ملاك هذه العروض العقارية أن يزكوها ما دام أنهم قد وكلوا القائم عليها بإخراج الزكاة.
ما الحكم لو شك أن المَحافِظ التي في البنوك لا تُخرج عنها الزكاة؟
المقدم: المَحافِظ الموجودة في البنوك، وأيضًا الأسهم بعض الأشخاص يقول: أنا ما أدري هل يخرجون الزكاة عنها أم لا؟ في حالة الشك هذه، هل الأحوط أن يخرجها؟
الشيخ: لا بد أن يتأكد من الشركة عندنا الشركات المساهمة في المملكة العربية السعودية تخرج الزكوات إلى مصلحة الزكاة والدخل، فإذا كان المساهم مستثمرًا بمعنى: أنه لا يبيع ويشتري فيها، وإنما اشترى هذه الأسهم، أو اكتتب فيها وتركها، فهذه تكفي زكاة الشركة، ولا تزكى هذه الأسهم مرتين، أما إذا كان المساهم مضاربًا يبيع ويشتري فيها، فهذه لا بد من أن يزكيها هذا المضارب بغض النظر عن زكاة الشركة؛ لأنه حينئذٍ تزكى زكاة عروض التجارة، وأما الصناديق الاستثمارية التي في البنوك، فهذه لا تزكيها البنوك، وإنما مسؤولية الزكاة على أصحاب هذه المحافظ عليهم أن يزكوها، وهذه قضية ينبغي أن ينبه لها، ينبغي لمن يملك شيئًا في هذه المحافظ والصناديق الاستثمارية أن يبادر بإخراج زكاتها، ولا يعتمد على إخراج البنك للزكاة؛ لأن البنك لا يخرج إنما الذي يزكى هو الشركات المساهمة، الشركات المساهمة هي التي تدفع الزكوات إلى مصلحة الزكاة والدخل، وأما الصناديق الاستثمارية فإن مسؤولية إخراج زكاتها على الداخلين فيها من المستثمرين فهم الذين يخرجون زكاتها.
هل العذر بالجهل قاعدة شرعية؟
المقدم: أبو أيمن يسأل عن العذر بالجهل، هل هو قاعدة شرعية؟ وما المقصود به؟
الشيخ: العذر بالجهل نعم قد يعذر بعض الناس بالجهل إذا كان مثله يعذر، وأما إذا كان مثله لا يعذر فإنه لا يعذر بالجهل، إذا كان مثلًا حديث عهد بالدخول في الإسلام، وجهل مسألة فإنه قد يعذر بالجهل في هذه الحال، وأما إذا كان إنسان قد نشأ في بلاد المسلمين وبين العلماء وأهل العلم، ثم بعد ذلك يدعي الجهل، فهنا قد لا نعذره بجهله في هذه الحال، فهي ليست قاعدة مطردة على كل أحد، وإنما تختلف باختلاف الأشخاص، واختلاف البيئات، واختلاف الأحوال، واختلاف الأزمان.
حكم ترك الاجتهاد في تحديد القبلة
المقدم: أم فهد تقول: هل يدخل في هذا البر أو في مكان لا يكون فيه مساجد، يعني يعذرون بالجهل مثلًا في تحديد القبلة؟
الشيخ: هذه مسألة أخرى مسألة الاجتهاد في تحديد القبلة، هذا إذا كان في السفر إذا كان الإنسان في السفر، فأولًا: يلزمه أن يجتهد في تحديد القبلة، إما مثلًا بالنظر للشمس أو القمر أو النجوم أو حتى الوسائل الحديثة البرامج في الجوال، أو في الساعة أو غير ذلك، أو أجهزة إحداثيات، فعليه أن يجتهد أولًا، فإذا اجتهد وأخطأ فصلاته صحيحة، ولا يلزمه إعادتها، هذا إذا كان في السفر، وأما إذا كان في الحضر، فالحضر ليس بمحل اجتهاد؛ لأن بإمكانه أن يرى المساجد، ويرى محاريب المساجد أن يسأل، فالحضر ليس بمحل اجتهاد فلو أخطأ يلزمه أن يعيد الصلاة.
أما إذا كان في السفر فننظر إن كان قد اجتهد فأخطأ فصلاته صحيحة، وأما إذا كان لم يجتهد، فمعنى ذلك أنه مفرط، فإذا أخطأ فإن صلاته لا تصح، لا بد أن يعيدها مرة أخرى.
المقدم: أم فهد من الطائف: السلام عليكم.
السائلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نحن قدمنا على بنك التسليف حق البيوت، وما جاءنا ولا شيء إلى الآن، وأنا قدمت على أراضي وطلع لي…، ثم قالوا: حولوها على الإسكان…، لا لبنتي، ولا لي أنا، أنا مطلقة وبنتي مطلقة…
المقدم: ما هو سؤالك يا أم فهد؟
السائلة: أسأل عن متى يطلع نحن مقدمين لنا كم سنة؟
المقدم: طيب يا أم فهد، والله يا أم فهد نحن في برنامج فتاوى، وما عندنا أي معلومة عن هذا، لكن لو راجعتِ الجهات المختصة، وأسأل الله أن يسهل لك، وأن يبارك فيكِ يا رب العالمين.
شكرًا لكِ يا أم فهد شكرًا.
حكم من أخفت عن زوجها أنها مريضة بالصرع
المقدم: أريج من مصر، تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقدم إلي شاب ذو خلق ودين فقبلته، وتم عقد القران غير أني أعاني من مرض الصرع، وهو لا يعلم، فهل أخبره بهذا أم لا؟ أنا في حرج كبير.
الشيخ: إذا كان هذا الصرع ظاهرًا ومؤثرًا على الحياة الزوجية، فلا بد من إخباره؛ لأن هذا يعتبر عيبًا من عيوب النكاح، لا بد من إخباره بذلك، أما إذا لم يكن ظاهرًا، وكان بالإمكان التغلب عليه عن طريق العلاجات والأدوية ونحو ذلك، ولا يؤثر على الحياة الزوجية، فلا حرج عليكِ خاصة أنه قد تم العقد، لكن إذا كانت نوبات الصرع ظاهرة، ولا يمكن التغلب عليها بالأدوية، وتؤثر على الحياة الزوجية، فلا بد من الوضوح، كما أنكِ لا ترضين أن يكون الزوج فيه صرع، ولم يخبركِ بذلك، يعني لو أن المسألة بالعكس لو أن الزوج مصاب بالصرع، وأتى وعقد عليك، ثم اكتشفتِ بعد ذلك أنه مصاب بالصرع، فإنك تعتبرينه قد غشكِ هكذا أيضًا بالنسبة لك أيضًا.
لا بد من الوضوح، لا بد أن يكون هناك وضوح بين الزوجة وأهلها، وبين هذا الزوج يبينون له الواقع.
المقدم: هل في حد لبيان الإِشكاليات؟ تكون الإشكالية بسيطة أم لا بد أن يبينوا كل شيء بالتفصيل؟
الشيخ: الضابط أن يكون مؤثرًا على الحياة الزوجية، فإن كان مؤثرًا على الحياة الزوجية، وعلى استقرار هذه المرأة، واستمتاع الزوج بها، وقيامها بشؤون المنزل، ورعاية الأطفال، فهذا يعتبر عيبًا، لا بد من أن يبين ذلك للزوج.
أما إذا كان شيئًا يسيرًا غير مؤثر، ويمكن التغلب عليه بالأدوية، ونحو ذلك، فهذا لا يضر.
المقدم: حتى لو حصل بعد عقد القران؟
الشيخ: يفترض أن هذا كله قبل عقد القران، لكن على الأقل الآن يتلافون قبل الدخول، فيوضحون للزوج يوضحون له حقيقة الأمر.
حكم إضافة أو متابعة أشخاص على وسائل التواصل لديهم أمور محرمة
المقدم: المضافون عندي في توتير أو فيس بوك أو في الاستجرام أو سناب شات كل هؤلاء أنا مسؤول عنهم أمام الله في نصيحتهم سيما أن بعضهم لديه حسابات فيها أمور محرمة؟
الشيخ: يعني يقصد أنه أضافهم يعني تابعهم؟
المقدم: نعم.
الشيخ: إذا كان تابعهم فليس مسؤولًا عنهم، وإنما إذا وجد منهم منكرًا يبذل لهم النصيحة بحسب استطاعته، فإن لم يستجيبوا له فلا يتابعهم؛ لأن متابعته لهم وهم يكتبون أمورًا مخالفة للشرع، كأنه نوع إقرار لهم على هذا المنكر.
المقدم: أحيانًا في الجروبات فيما يسمى بالواتساب يكون الشخص مسؤولًا عن مجموعة كاملة، وقد يحصل بعض المخالفات الشرعية، فهل يأثم، يلحقه إثم؟
الشيخ: الشخص الذي ينشئ مجموعة هو مسؤول عما يكتب في هذه المجموعة؛ لأن هو الذي أنشأها هو الذي تسبب في ذلك، وحينئذٍ إذا وقعت منكرات فعليه أن ينصح من يكتب هذا الأمر، كأن تقع غيبة أو سخرية، أو نحو ذلك، فإذا لم يستجب للنصيحة، فيستبعده وإلا فتبقى مسؤوليته عن هذه المجموعات.
ضابط صناديق الادخار
المفدم: أبو أيمن يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيما يخص بعض شركات الادخار عندهم بعض صناديق الادخار، هل هناك ضابط لهذه الصناديق؟ وهل كل الشركات الموجودة في المملكة جائز الادخار في هذه الصناديق؟
الشيخ: لا نستطيع أن نعطي حكمًا عامًا لهذه الشركات هي تختلف باختلاف طبيعة عقدها وطبيعة الادخار الموجود فيها، فبعضها قد تكون جائزة، وبعضها قد تكون محرمة، وعلى ذلك فلا يمكن أن نجيب عن هذا إجابة عامة، وإنما يمكن الإجابة عن نوع معين من هذه العقود، يمكن الإجابة عنه إذا اطلعنا على هذا العقد، وتأملنا فيه، وفي بنوده، فيمكن بعد ذلك الإجابة عن مدى موافقته للضوابط الشرعية.
ما معنى: ومن يتصبر يصبره الله؟
المقدم: مها تسأل عن معنى: ومن يتصبر يصبره الله؟
الشيخ: هذا ورد في حديث أبي سعيد أن النبي أتاه أناس فسألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم سألوه فأعطاهم، ثم قال: ما يكون من عندي فلن أدخره عنكم، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يتصبر يصبره الله، وما أعطي أحد عطاء خيرًا ولا أوسع من الصبر [7] فقوله: ومن يتصبر يصبره الله يعني: من يتكلف خلق الصبر، فإنه لا يلبث حتى يكون هذا الخلق سجية له، فالإنسان أحيانًا قد لا يكون صبورًا بطبعه، قد يكون قليل الصبر، لكن يبدأ يتكلف الصبر شيئًا فشيئًا إلى أن يصبح مع مرور الوقت خُلقًا له، وسجية له، وهكذا بالنسبة لسائر الأخلاق الحِلم مثلًا قد يكون بعض الناس سريع الغضب يغضب لأتفه الأشياء، لكن إذا تكلف الحلم وحاول كل مرة أن يمسك نفسه، ولا يكون سريع الغضب، فإنه مع مرور الوقت يصبح حليمًا.
يعني مثلًا يقول أرباب الأخلاق والسلوك: عليه يقول مثلًا: هذا اليوم من الساعة الرابعة إلى الساعة الخامسة لن أغضب مهما كان السبب، وفي اليوم الثاني يجعلها ساعتين، وفي اليوم الثالث يجعلها أربع ساعات، وفي اليوم الرابع…، وهكذا، فمع مرور الوقت يصبح هذا خلقًا له، فيصبح حليمًا، وهكذا بالنسبة للصبر يتكلف الصبر في البداية، فمع مرور الوقت يصبح صبورًا،
ثم تأمل قوله عليه الصلاة والسلام في آخر الحديث: وما أعطي أحد عطاء خيرًا ولا أوسع من الصبر الصبر من أعظم العطاء الذي يعطاه المسلم؛ لأن الإنسان إذا رزق الصبر، فقد رزق الخير الكثير، سيكون صبورًا على طاعة الله ، صبورًا عن معاصي الله تعالى، صبورًا على ما يقدره الله تعالى عليه في هذه الحياة التي قد أخبر الله تعالى عنها بقوله: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد:4] ولذلك تجد أن الإنسان الصبور يكون بعيدًا عن الهموم، وبعيدًا عن الغموم، وبعيدًا عن القلق، وبعيدًا عن الكدر؛ لأنه صابر، يعني: صابر على ما يقدره الله تعالى عليه، تعود خلق الصبر، فالصبر هو من أعظم الأخلاق؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث: وما أعطي أحد عطاء خيرًا، ولا أوسع من الصبر.
ولهذا أخبر الله تعالى بأنه يحب الصابرين، فقال: وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ [آل عمران:146]، فمن أصبح صبورًا وأصبح من الصابرين فإن الله تعالى يحبه، لكن هذا الصبر لا يأتي للإنسان إلا بعدما يتكلف هذا، يتصبر يصبر نفسه شيئًا فشيئًا إلى أن يصبح صبورًا.
هل يجب أن تُعطي المرأة لزوجها من مالها؟
المقدم: أم مشعل من حائل…
تقول: إنها مصابة بفشل كلوي، وعندها صرافة الضمان، وزوجها يأخذ هذه الصرافة، ويأخذ كل شيء، ولا يعطيها، فهي تسأل: أعطيه الصرافة إذا طلبها أو لا؟
الشيخ: الأمر يرجع لها، ما نستطيع نقول: أعطيه أو لا تعطيه، نقول: الأمر يرجع لها؛ لأن هذا هو حق لها.
المقدم: تخشى أن تكون معصية للزوج؟
الشيخ: هذا الذي يصرف لك من الضمان حق لك، فإن أردتِ أن تأخذي هذا الحق ولا تعطيه شيئًا فالأمر لكِ، أردت أن تعطي زوجك فالأمر راجع لكِ، أنتِ صاحبة القرار في هذا، من ناحية الحكم الشرعي كِلا الأمرين جائز سواء رفضتِ وأخذت هذا المال لك، أو أنك أعطيتِ زوجك الأمر في هذا كله جائز.
أما كونك هل الأولى أنك ترفضين وتستأثري بهذا المال، أو أنك تعطي زوجك؟ هذا القرار إليك، أنت تقررين في هذا.
المقدم: كون الزوج يأخذ أحيانًا بالقوة من هذا المال؟ بعض الزوجات تخاف من الزوج يغضب بسرعة، فهي تعطيه، لكن ما هو عن طيب نفس؟
الشيخ: ليس للزوج أن يأخذ مال زوجته بغير رضاها، النبي يقول: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه [8].
فلا يجوز للزوج أن يأخذ مال الزوجة وهي لم ترض بذلك، فما دام أن هذا المبلغ المستحق الذي تأخذه هذه المرأة من الدولة، وهو مستحق لها، فالأصل أنه لها، وليس للزوج أن يأخذه إلا إذا طابت نفسها به، وأعطته هذا المال بطيبة نفس، أما إذا لم تطب نفسها به فهذا المال لها.
حكم السفر إلى الأماكن التي يُعصى الله فيها
المقدم: أم محمد تسأل: السفر إلى بعض الأماكن التي يعصى الله فيها، هل يجوز لنا بالعموم السفر، وإذا عصيت زوجي عندما يطلب منا السفر، وقلت له: لن أذهب معكم، وذهب هو والأبناء وهو غاضب علي، فهل هذا الغضب يلحقني منه شيء؟
الشيخ: هذا سؤال مجمل، يعني: إذا كانت هذه البلدان التي فيها معاصٍ تُؤثر على الأسرة، فإنه لا يجوز السفر لهذه البلدان، ما دام أن هذه المعاصي تُؤثر على من يسافر إلى هناك، وتؤثر على الأسرة، ولو لم يكن من هذا إلا الاستهانة برؤية هذه المنكرات، وحينئذٍ إذا امتنعت هذه المرأة من السفر مع زوجها إلى تلك البلدان لا تعتبر عاصية لزوجها، بل مطيعة لله ، والنبي يقول: إنما الطاعة في المعروف [9]؛ فالزوج لا يطاع طاعة مطلقة، وإنما يطاع بالمعروف، هذا إذا كانت الأسرة تتأثر بهذا السفر.
أما إذا كان السفر نزهة، وليس فيه منكرات ظاهرة، ولا تؤثر هذه، أو أن في منكرات الأسرة بعيدة عنها، لا تُؤثر على الأسرة، فالأمر في هذا واسع.
ما حدود المشي في الصلاة لسد فرجة؟
المقدم: أبو مرام يسأل: حدود المشي في الصلاة لسد فرجة وغيرها، حتى نشوف بعض المصلين أحيانًا يمشي ما يزيد على ثلاثة أمتار.
الشيخ: إذا كان المشي لأجل سد فرجة في الصفوف التي أمامه فلا بأس بذلك حتى لو بلغت هذه المسافة التي ذكرها السائل؛ لأنه مشي لمصلحة شرعية لسد هذه الفرجة، فالحركة في الصلاة قد تكون مستحبة، وقد تكون محرمة، وقد تكون واجبة، وقد تكون مكروهة، فهو بحسب طبيعة هذه الحركة.
فالحركة لأجل سد فرجة في الصف الذي أمام المصلي هذه حركة مستحبة، ولا حرج فيها، إن شاء الله.
حكم الإجارة المنتهية بالتمليك
المقدم: سعد من مكة…، يسأل عن صورة من صور الإجارة المنتهية بالتمليك، إذا كان البيت ملكك، واحتجت إلى سيولة في الصورة لدى البنوك السعودية، معمول بها البنك يشتري العقار الذي تملكه أنت بمبلغ مالي وتنتقل ملكية العقار للبنك، ومن ثم يقوم البنك بتأجير نفس العقار على صاحب البيت لمدة معينة حتى تكتمل الأقساط، ثم يعاد نقل الملكية لصاحب العقار، هل هذه الصورة جائزة؟
الشيخ: يعني صاحب البيت الآن يبيع البيت على البنك، ثم يرجع ويستأجر البيت من البنك.
المقدم: نعم، بعقد إيجار منتهي بالتمليك.
الشيخ: هذا يختلف بحسب طبيعة العقد، هو الآن لما باع البيت باعه بطريقة صحيحة، لكن لما رجع الآن واستأجر هذا البيت إجارة منتهية بالتمليك، فإذا كان العقدان منفصلان، ولم يكن في هذا حيلة على الربا، فالأصل في هذا الجواز؛ لأن البيع جائز، والإجارة منتهية بالتمليك أيضًا جائزة، لكن بشرط أن يكون العقدان منفصلان، يعني لا يربط هذا بهذا، إنما يبيعه هذا البيت، ثم يرجع ويستأجر منه هذا البيت تأجيرًا مع الوعد بالتمليك.
المقدم: كثير من المسائل في البنوك أحيانًا العميل ما يعرف تفاصيلها، فهل مجرد أن يوجد هيئة شرعية توقع على هذه المعاملة تبرأ ذمته بهذا؟
الشيخ: إذا كان أعضاء الهيئة الشرعية من الثقات من المفتين الذين تبرأ الذمة بهم، فلا حرج في هذه الحال.
المسألة السابقة تسمى إجارة العين لمن باعها، إجارة منتهية بالتمليك، وهي محل خلاف بين العلماء المعاصرين، ولكن مثلما ذكرت الأقرب في مثل هذه الصورة هو الجواز إذا كان العقدان منفصلين.
حكم متابعة الإمام في الركعة الزائدة
المقدم: أبو راجح يقول: لدينا إمام مسجد صلى خمس ركعات العصر، أنا متأكد أن الركعة الخامسة زائدة؛ لأني تحرجت من قول: سبحان الله! فما حكم صلاتي؟
الشيخ: لا يجوز متابعة الإمام في الركعة الزائدة من تابعه عالمًا متعمدًا بطلت صلاته، لكن الأخ السائل لم يكن عالمًا، وإنما كان إما جاهلًا أو متأولًا، فلا شيء عليه في هذه الحال، باعتبار الجهل أو التأول ويسجد للسهو مع الإمام، لكن مستقبلًا ينتبه إذا قام الإمام لركعة خامسة لا يتابعه، ولا يقول: إنه استحى؛ لأن هذه الأمور ليس فيها حياء، وهذا لا يعتبر في الحقيقة حياء؛ لأن الحياء لا يأتي إلا بخير، هذا يعتبر خجلًا، وهذا الخجل مذموم، وإنما الحياء هو الحياء الذي لا يأتي إلا بخير، الحياء من الأمور المعيبة، هذا هو الحياء، أما مثل هذا الذي ذكره الأخ السائل هذا لا يعتبر حياء، وإنما يعتبر خجلًا.
وبكل حال مستقبلًا لا يتابع الإمام في الركعة الزائدة.
خاتمة البرنامج
المقدم: أحسن الله إليك، وسعداء يا شيخ سعد بوجودك، معنا في هذه الحلقة المباركة، انتهى موعد هذه الحلقة، فشكر الله لك، وبارك فيك.
الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المشاهدين.
الحاشية السفلية
^1 | رواه الترمذي: 2516، وقال: هذا حديث حسن صحيح. |
---|---|
^2 | بنحوه رواه البخاري: 1907، ومسلم: 1080. |
^3 | رواه مسلم: 1163. |
^4 | رواه مسلم: 1156. |
^5 | رواه البخاري: 228، ومسلم 333. |
^6 | رواه البخاري: 3884. |
^7 | رواه البخاري: 1469، ومسلم: 1053. |
^8 | رواه أبو يعلى في مسنده: 1570. |
^9 | رواه البخاري: 7257، ومسلم: 1840. |