جدول المحتويات
الشيخ: يقول النبي : مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل اللهُ له به طريقًا إلى الجنة [1].
الحمد لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه ومَن اهتدى بهديه واتَّبع سُنَّته إلى يوم الدين.
اللهم لا علم لنا إلَّا ما علَّمتنا، إنَّك أنت العليم الحكيم.
اللهم علِّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علَّمتنا، ونسألك اللهم علمًا نافعًا ينفعنا.
ربنا آتنا من لدنك رحمةً، وهيِّئ لنا من أمرنا رشدًا.
أيها الإخوة، هذا هو الدرس الأخير في هذه الدورة العلمية المُتخصصة في علم الفرائض، وبقي معنا ثلاثة أبوابٍ: باب ميراث المفقود، وباب الردّ، وباب ميراث ذوي الأرحام.
باب ميراث المفقود
نبتدئ -أولًا- بباب ميراث المفقود.
تعريف المفقود لغةً واصطلاحًا
المفقود في اللغة من الفَقْد، وهو ما يختفي بعد أن كان موجودًا.
واصطلاحًا: الآدمي الذي غاب وانقطع خبره، فلم يُعْلَم له حياةٌ ولا موتٌ.
وأصبح المفقود في وقتنا الحاضر أكثر شيوعًا من الأزمنة السابقة، يعني: في الأزمنة السابقة يوجد مفقودون، لكن في وقتنا الحاضر كثر المفقودون، فكثيرًا ما نسمع أنَّ فلانًا فُقِدَ، وأنَّ أهله لا يدرون عنه؛ ولذلك من المهمِّ ضبط مسائل هذا الباب، ومعرفة الأحكام المُتعلقة بميراثه.
المفقود بين حالتي السلامة والهلاك
الفقهاء يقولون: إنَّ للمفقود من حيث غلبة السلامة أو الهلاك حالتين:
- الحالة الأولى: أن يغلب على حاله السلامة.
- الحالة الثانية: أن يغلب على حاله الهلاك.
أن يغلب على حاله السلامة: كمَن خرج لتجارةٍ، أو لطلب علمٍ، أو للعلاج، أو لسياحةٍ، هذا الغالب على حاله السلامة.
أمَّا الغالب على حاله الهلاك: كمَن فُقِدَ في معركةٍ، أو كان في طائرةٍ تحطَّمتْ، أو في سفينةٍ غرقتْ، أو في منطقة صراعاتٍ ذهب إليها، ثم بعد ذلك فُقِدَ، ونحو ذلك.
المدة التي يُنْتَظر فيها المفقود
اتَّفق الفقهاء على ضرب مدةٍ معلومةٍ يُنْتَظر فيها المفقود.
يعني: لا بدَّ من حلِّ مشكلته، والحلُّ: أن تُضْرَب مدةٌ يُنْتَظر فيها هذا المفقود، فإن عُلِمَ خبره وإلَّا حكم القاضي بموته.
وساعة النُّطق بموته نعتبرها ساعة الوفاة، نعتبره ميتًا حُكْمًا.
لكن هذه المدة التي يُنْتَظر فيها المفقود اختلف فيها الفقهاء على مذهبين:
- المذهب الأول: تحديد المدة.
- المذهب الثاني: عدم التَّحديد.
أمَّا أصحاب المذهب الأول -القائلون بتحديد المدة- فهم المذاهب الأربعة، قالوا بتحديد المدة، لكنَّهم اختلفوا في هذه المدة.
المذاهب الأربعة: بعض المذاهب على المشهور، وبعضها على روايةٍ؛ ولذلك هو الصحيح من مذهب المالكية، والصحيح من مذهب الحنابلة، وروايةٌ عند الحنفية، وروايةٌ عند الشافعية.
ثم اختلف أصحاب هذا المذهب في تحديد هذه المدة:
- فقيل: يُنْتَظر ستين سنةً منذ وُلِدَ.
- وقيل: يُنْتَظر سبعين سنةً منذ وُلِدَ.
- وقيل: ثمانين.
- والحنابلة قالوا: يُنْتَظر أربع سنين منذ فُقِدَ إن كان الغالب عليه الهلاك، ويُنْتَظر تسعين سنةً منذ وُلِدَ إن كان الغالب عليه السلامة.
والتحديد بستين وسبعين قالوا: لأنَّ هذا هو متوسط عُمر هذه الأمة؛ لقول النبي : أعمار أُمَّتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلُّهم مَن يجوز ذلك [2] أخرجه الترمذي وابن ماجه، والحديث سنده جيدٌ.
فمتوسط أعمار هذه الأُمة ما بين الستين إلى السبعين، لكن هذا الحديث ليس نَصًّا في أنَّ الأعمار لا تتجاوز السبعين، وقد عاش كثيرٌ من الأُمة أكثر من سبعين، فيحتمل أن يكون المفقود ممن يعيش أكثر من سبعين.
وأمَّا القول بأنها خمسةٌ وسبعون أو ثمانون فليس عليه دليلٌ.
والقائلون بأنه يُنْتَظر أربع سنواتٍ منذ فُقِدَ إن كان الغالب عليه الهلاك -قول الحنابلة- استدلُّوا بأنَّ هذا هو قضاء عمر ، وذلك في قصة الرجل الذي خرج لصلاة العشاء، ثم فقده أهله، وذهبتْ زوجته إلى عمر ، فأمرها أن تتربَّص أربع سنين ثم تأتي، فَتَرَبَّصتْ أربع سنين، ثم أَتَتْ إلى عمر ، فحكم عمر بوفاته، وأمرها أن تَعْتَدَّ عدَّة الوفاة: أربعة أشهرٍ وعشرًا، وبعد العدَّة أذن لها عمر أن تتزوج.
فلما تزوَّجتْ أتى ذلك الرجل، وجعل يلومها: كيف تتزوجين؟! قالت: أمير المؤمنين هو الذي أمرني بذلك.
فذهب إلى عمر ، فجعل عمر يلومه: ينقطع أحدكم المدة الطويلة لا يُخبر أهله! قال: مهلًا يا أمير المؤمنين، فإنَّ لي شأنًا؛ أنا ذهبتُ أُصلي العشاء فاختطفتني الجنُّ، وبقيتْ عندهم حتى حاربهم جنٌّ مسلمون، فَأَسَرُوني، فَخَيَّروني بين البقاء عندهم مُعَزَّزًا مُكَرَّمًا، أو أن أذهب إلى أهلي.
ما ظنُّكم؟ ماذا سيختار؟
طبعًا اختار أن يرجع إلى أهله، فخيَّره عمر قال: إن شئتَ ترجع لك زوجتك بعدما تعتدُّ، وإن شئتَ تبقى زوجتك مع زوجها الثاني، وندفع لك المهر من بيت المال.
فماذا تظنُّون؟ ماذا سيختار؟ الأول أو الثاني؟
الثاني، طابَتْ نفسه، رأى أنَّ زوجته تزوجتْ، وطابتْ نفسه منها؛ فاختار الثاني، فدفع له عمر المهر من بيت المال؛ لأنَّ المرأة أيضًا لا ذنب لها حتى تُلْزَم بدفع المهر، فعمر هو الذي أمرها بذلك، وأذن لها في الزواج، فدفع عنها عمرُ المهرَ له من بيت المال [3].
لكنَّ الاستدلال بهذه القصة محلُّ نظرٍ؛ لأنَّ هذا الرجل لمَّا خرج لصلاة العشاء هل الغالب عليه الهلاك أو السلامة؟
السلامة، وهم يستدلُّون الآن به على أنَّه يُنْتَظر أربع سنين منذ فُقِدَ إن كان الغالب عليه الهلاك، فهذا محلُّ نظرٍ، فلا يصحُّ هذا الاستدلال.
وأيضًا هذه واقعة عينٍ، ووقائع الأعيان لا يُستدلُّ بها على العموم.
ولذلك لو أنَّ هناك مفقودًا آخر في زمن عمر يُحتمل أنَّ عمر يضرب له خمس سنين أو ثلاث سنين أو أكثر أو أقلّ.
وأمَّا قولهم: يُنْتَظر تسعين سنةً منذ وُلِدَ إن كان الغالب عليه السلامة، فهذا القول ضعيفٌ؛ لأنَّهم قالوا: إنَّ تسعين سنةً الغالب أنَّه لا يعيش أكثر من ذلك.
هذا محلُّ نظرٍ، فقد يعيش أكثر من ذلك، والتَّحديد بابه التَّوقيف، فلماذا حُدِّدَتْ بتسعين؟
ثم أيضًا هذا القول يَرِد عليه أنَّ مَن فُقِدَ وعمره تسعةٌ وثمانون وأحد عشر شهرًا: أنَّه لا يُنْتَظر إلَّا شهرًا واحدًا.
هذا غير كافٍ للبحث عنه والتَّحرِّي لخبره، بل لو فُقِدَ وعمره تسعون فمعنى ذلك: أنَّه لا يُنْتَظر، أو واحدٌ وتسعون لا يُنْتَظر.
فهذه الأقوال كلها أقوالٌ مرجوحةٌ؛ ولذلك فالقول الراجح هو القول الثاني، وهو: أنَّه يُرجع في تحديد المدة إلى اجتهاد القاضي، وليست هناك مدةٌ معينةٌ، إنَّما يُرجع إلى اجتهاد القاضي.
وهذا هو ظاهر مذهب الحنفية، والصحيح من مذهب الشافعية، وروايةٌ عند الحنابلة، قالوا: لأنَّه لم يَرِد الشرع بتحديد مدة انتظار المفقود، والتَّحديد بابه التَّوقيف، وإذا لم يَرِد الشرع بتحديد مدةٍ فالأصل عدم التَّحديد.
وأيضًا تمسَّكوا بما ذكرنا في محاضرة المغرب، قالوا: نريد الأصل في حياة المفقود، هل الأصل في المفقود الحياة أو الموت؟
الحياة، قالوا: الأصل هو حياة المفقود، فلا يُحْكَم بوفاته بمجرد المدة من غير تَحَرٍّ ولا اجتهادٍ.
ثم أيضًا المدة التي يُنْتَظر فيها المفقود تختلف باختلاف الأشخاص، وباختلاف الأحوال، وباختلاف الأزمنة، وباختلاف الأمكنة، فلا نستطيع أن نضرب مدةً للجميع.
تختلف باختلاف الأشخاص؛ فَفَقْدُ إنسانٍ معروفٍ بالعقل والحكمة ليس مثل فَقْد إنسانٍ سفيهٍ أو أحمق.
كذلك باختلاف الأزمنة؛ فَفَقْد إنسانٍ في الوقت الحاضر ليس مثل فَقْد إنسانٍ في زمنٍ سابقٍ؛ لأنَّه في الوقت الحاضر مع وجود وسائل المُواصلات والاتصالات يُفترض تقصير المدة التي يُنْتَظر فيها المفقود أو تطويلها؟ تقصيرها.
ويختلف باختلاف الأماكن؛ إذا كان الأمن مُستقرًّا في بلدٍ، فَفَقْدُ إنسانٍ فيه ليس كَفَقْدِ إنسانٍ في بلدٍ الأمن فيه مُضطربٌ.
إذن هذا هو القول الراجح: أنَّه يُرجع في تحديد المدة إلى اجتهاد الحاكم، وهذا هو الذي أقرَّه مجمع الفقه الإسلامي برابطة العالم الإسلامي.
وعلى ذلك فالقاضي يدرس حالة هذا المفقود من جميع النَّواحي: من الناحية العقلية والنفسية، ومن حيث الزمان والمكان ومُلابسات الفَقْد، ويجتهد في تقدير مدةٍ يُنْتَظر فيها هذا المفقود، فإن حضر فيها هذا المفقود وإلَّا حكم القاضي بوفاته.
وساعة الحكم بوفاته نعتبرها وقت وفاته، يعني: ساعة النُّطق بوفاته هي وقت وفاته حُكْمًا.
توزيع تركة المفقود عند الحكم بوفاته
مال المفقود في مدة الانتظار يبقى موقوفًا إلى أن تُعْلَم حياته أو موته، أو يُحْكَم بموته.
أمَّا إذا مضتْ مدة الانتظار، ولم يُعْرَف خبر المفقود، فإنَّ القاضي يحكم بموته، ويقسم ماله على ورثته الأحياء ساعة النُّطق بوفاته، دون مَن مات منهم قبل ذلك، ودون مَن وُلِدَ منهم بعد ذلك، يعني: نعتبر ساعة النُّطق بالوفاة هي وقت وفاته حُكْمًا.
وتُوزّع التركة على الورثة الموجودين ساعة النُّطق بوفاته.
كيفية تقسيم التركة بين الورثة عند وجود مفقودٍ
أمَّا كيفية توريث المفقود ومَن معه إذا مات في مدة الانتظار فله حالتان:
- الحالة الأولى: ألَّا يكون له وارثٌ غير المفقود.
وفي هذه الحالة يُوقَف له جميع المال حتى يتبين أمره؛ لأنَّه ليس هناك أحدٌ يتضرر بِوَقْف هذا المال. - الحالة الثانية: أن يكون له ورثةٌ غير المفقود، فيُعامل بقية الورثة باليقين، ويُوقَف الباقي أو المشكوك فيه حتى يتبين أمر المفقود، أو يُحْكَم بوفاته.
مدة الانتظار قد تطول، فقد يحكم القاضي بأنَّه يُنْتَظر ثلاث سنين أو أربع سنين أو خمس سنين.
طيب، ما تُعطَّل أمواله، وإنَّما تُقْسَم التركة، ويُحتاط لنصيب هذا المفقود، يُوقَف له.
كيف يُحتاط؟
هذه هي طريقة العمل، كيف نَحتاط لنصيب المفقود؟
تُجعل مسألتان:
- مسألةٌ يُقدَّر فيها المفقود حيًّا.
- ومسألةٌ يُقدَّر فيها المفقود ميتًا.
وتُقسم كل مسألةٍ وتُأَصَّل، وتُصحح إن احتاجتْ إلى تصحيحٍ، ثُم يُنْظَر بين أصلي المسألتين بالنسب الأربع، وحاصل النظر هو الجامعة، وتُقسم الجامعة على أصل كل مسألةٍ من أجل استخراج جزء سهمها، كما فعلنا في الحمل.
تذكرون في درس الأمس لمَّا قلنا: تُجعل ذَكَرَين وأُنْثَيين، وتُقسم كل مسألةٍ، وتُأَصَّل، وتُعال إن كانت عائلةً، ثُم يُنْظَر بين أصلي المسألتين بالنسب الأربع، وحاصل النظر هو الجامعة.
هكذا أيضًا نعمل هنا تمامًا، لكن بدل "ذَكَرَين وأُنْثَيين" نجعل مسألة الحياة يُقدَّر فيها المفقود حيًّا، ومسألة الوفاة يُقدَّر فيها المفقود ميتًا، ثُم تُقسم الجامعة على أصل كل مسألةٍ من أجل استخراج جزء سهمها، فمَن ورث في المسألتين -يعني: مسألة الحياة والوفاة- مُتساويًا أخذ نصيبه كاملًا، ومَن ورث مُتفاضلًا أُعْطِي الأقل، ومَن ورث في حالٍ دون حالٍ لم يُعْطَ شيئًا، ويُوقَف الباقي إلى أن يتبين أمر المفقود، أو يُحْكَم بوفاته.
نفس القاعدة التي ذكرناها في درس الأمس.
أمثلةٌ تطبيقيةٌ على تقسيم التركة في حال وجود مفقودٍ
طيب، هذا الكلام النَّظري نريد أن نُوضِّحه بتطبيقاتٍ.
طيب، التَّطبيق موجودٌ أمامكم على الشاشة، وأيضًا مَن معه جوالٌ موجودٌ في البَثِّ المباشر.
- هالكٌ عن: ثلاثة أبناء أحدهم مفقودٌ، والتركة 9000 ريالٍ.
طيب، القاعدة تقول، أو خطوات العمل: تُجْعَل مسألتان: مسألة الحياة، ومسألة الوفاة.
نجعل العمود الأول مسألة الحياة، والعمود الثاني مسألة الوفاة.
طيب، الحياة يعني: نُقدِّر أنَّ هذا المفقود حيٌّ.
طيب، كيف تكون المسألة؟
ثلاثة أبناء؛ لأنَّ عندنا الآن ثلاثة أبناء أحدهم مفقودٌ، فإذا قدَّرنا أنَّ هذا المفقود حيٌّ تكون المسألة: ثلاثة أبناء.
ابنٌ، وابنٌ -هؤلاء أحياء- والمفقود نفترض أنَّه حيٌّ.
فتكون مسألة الحياة مُكونةً من: ثلاثة أبناء.
كم أصل المسألة؟
ثلاثةٌ.
انتهينا من مسألة الحياة.
ننتقل إلى مسألة الوفاة، نُقدِّر المفقود ميتًا.
طيب، عندنا ثلاثة أبناء أحدهم ميتٌ، ما الذي يتبقى؟
ابنان، يتبقى ابنان.
فمسألة الوفاة: ابنٌ، وابنٌ، وعند المفقود نضع شرطةً أو (x).
من كم يكون أصلها؟
ابنٌ، وابنٌ، اثنان.
أصل المسألة الأولى: 3، وأصل المسألة الثانية: 2.
ننظر بين المسألتين بالنسب الأربع: 3 و2 مُباينةٌ، نضرب 3 × 2 = 6، إذن الجامعة 6.
طيب، تُقسم الجامعة على أصل كلِّ مسألةٍ من أجل استخراج جزء سهمها.
نقسم 6 ÷ أصل المسألة الأولى الذي هو كم؟ 3، 6 ÷ 3 = 2.
ونقسم أيضًا الجامعة على أصل المسألة الثانية الذي هو 2، 6 ÷ 2 = 3.
فأصبح جزء السهم في المسألة الأولى 2، وجزء السهم في المسألة الثانية 3.
طيب، القاعدة تقول: مَن ورث مُتساويًا أخذ نصيبه كاملًا، ومَن ورث مُتفاضلًا أُعْطِي الأقل، ومَن ورث في حالٍ دون حالٍ لم يُعْطَ شيئًا.
ننظر للابن الأول: الابن الأول في مسألة الحياة نضرب سهامه 1 × جزء السهم 2: 2 × 1 = 2.
ومسألة الوفاة: 3 × 1 = 3.
إذن ورث مُتفاضلًا؛ فنُعطيه الأقل وهو 2.
الابن الثاني أيضًا مثله؛ نضرب جزء السهم 2 × 1 = 2، 3 × 1 = 3.
إذن ورث مُتفاضلًا؛ فنُعطيه الأقل 2.
الموقوف: أخذنا للابن الأول 2، وللابن الثاني 2، هذه 4، نطرحها من 6، كم يتبقى؟
يتبقى 2، إذن الموقوف 2.
ثم نُطبِّق طريق النسبة على المسألة: السهام ÷ الجامعة × التركة.
فالابن الأول: السهام 2 ÷ الجامعة 6 × التركة 9000، 2 ÷ 6 × 9000.
يمكن اختصارها، أو يمكن أن تستخدم الآلة الحاسبة؛ بأن تضرب 2 × 9000، والناتج تقسمه على 6، كم النتيجة؟ 3000.
والابن الثاني مثله تمامًا: 2 ÷ 6 × 9000 = 3000.
الموقوف أيضًا: 2 ÷ 6 × 9000 = 3000 ريالٍ.
هذا الموقوف نُوقفه إلى أن يتبين أمر المفقود، أو يُحْكَم بوفاته، فإن تبين أنَّه حيٌّ أخذه كاملًا، وإن تبين أنَّه ميتٌ نُرجع الـ 3000، ونقسمها على أَخَوَيْه، لكلِّ واحدٍ 1500، وإن لم يتبين أمره ننتظر إلى ساعة النُّطق بوفاته، وساعة النُّطق بوفاته هي ساعة الوفاة، نعتبرها ساعة الوفاة، ونقسم هذا الموقوف على ورثته، وهم في هذا المثال: ابنان.
هذه طريقة قسمة المفقود.
نأخذ مثالًا آخر:
- هالكةٌ عن: زوجٍ، وأختٍ شقيقةٍ، وأختٍ لأبٍ مفقودةٍ.
علمًا بأنَّ التركة 7000 ريالٍ.
طيب، هذه ليست موجودةً في الشرائح: زوجٌ، وأختٌ شقيقةٌ، وأختٌ لأبٍ مفقودةٌ.
نجعل مسألتين: مسألة حياةٍ، ومسألة وفاةٍ.
مسألة الحياة: نفترض أنَّ الأخت لأبٍ حيةٌ، فتكون المسألة مُكونةً من: زوجٍ، وأختٍ شقيقةٍ، وأختٍ لأبٍ.
نقسمها قسمةً عاديةً.
الزوج كم يأخذ؟
النصف؛ لعدم الفرع الوارث.
وللأخت الشقيقة النصف أيضًا؛ لتحقق الشروط.
والأخت لأبٍ مع الأخت الشقيقة كم تأخذ؟
السدس.
إذن نصفٌ، ونصفٌ، وسدسٌ.
طيب، نريد تأصيل المسألة:
عندنا: 2، و2، و6، كم يكون أصلها؟
6، 2 و2 مُماثلةٌ، و2 و6 مُداخلةٌ؛ إذن أصل المسألة من 6، لكن هل المسألة تعول أو لا تعول؟
أحد الطلاب: .......
الشيخ: تعول إلى 7، أحسنت؛ لأنَّ نصفًا 3، ونصفًا 3، وسدسًا 1، فتعول إلى 7.
إذن احفظوها: أنَّ أصل المسألة الأولى 7.
مسألة الموت: نفترض أنَّ الأخت لأبٍ ميتةٌ، نضع (x)، تكون المسألة مُكونةً من: زوجٍ، وأختٍ شقيقةٍ.
فالزوج كم يأخذ؟
النصف.
وللأخت الشقيقة النصف.
فيكون أصلها 2، النصف 1، والنصف 1.
ثم ننظر بين أصلي المسألتين بالنسب الأربع.
أصل المسألة الأولى قلنا كم؟
7، وأصل المسألة الثانية 2؛ إذن مُباينةٌ، 7 × 2 = 14، نقسم 14 ÷ 7 = 2، هذا جزء السهم، ونقسم 14 ÷ 2 = 7.
طيب، نُطبِّق القاعدة على الزوج: مَن ورث مُتساويًا أخذ نصيبه كاملًا، ومَن ورث مُتفاضلًا أُعْطِيَ الأقل، ومَن ورث في حالٍ دون حالٍ لم يُعْطَ شيئًا.
الزوج: جزء السهم 2 وسهامه 3، يعني: 2 × 3 = 6.
وفي مسألة الوفاة: جزء السهم 7، والسهام 1، 7 × 1 = 7.
إذن عندنا 6 و7، يعني: ورث مُتفاضلًا؛ فنُعطيه الأقلَّ وهو 6.
إذن نصيب الزوج 6.
نصيب الأخت الشقيقة أيضًا نفس الشيء؛ لأنَّها مُساويةٌ للزوج هنا، 2 × 3 = 6، و7 × 1 = 7، نُعطيها الأقلَّ وهو 6.
6 + 6 = 12، نطرحها من 14 يبقى 2 موقوفة.
نُطبِّق على هذه طريق النسبة:
الزوج: 6 ÷ 14 × التركة 7000.
يعني: بالآلة الحاسبة تضرب 6 × 7000 ÷ 14 يخرج لك 3000.
والأخت الشقيقة مثله تمامًا: 6 ÷ 14 × 7000 = 3000.
الموقوف يكون 2 ÷ 14 × 7000.
في بعض النُّسخ مكتوبٌ 6.
2 ÷ 14 × 7000، فيكون 1000.
الذي معه النسخة المكتوب فيها 6 يُصححها.
2 ÷ 14 × 7000 = 1000، وهذه تُوقف إلى أن يتبين أمر هذه الأخت المفقودة، أو يُحْكَم بوفاتها.
إن تبين أنَّها حيةٌ أخذت الألف، وإن تبين أنَّها ميتةٌ فهذه الألف تُقسم بين الزوج والأخت الشقيقة؛ للزوج 500، وللأخت الشقيقة 500.
إذن المهم أن تفهم القاعدة، والقاعدة في المفقود: أننا نجعل مسألتين: مسألةً نفترض فيها أن المفقود حيٌّ، ومسألةً نفترض فيها أن المفقود ميتٌ.
وننظر بين أصلي المسألتين بالنسب الأربع، ومَن ورث في المسألتين مُتساويًا أخذ نصيبه كاملًا، ومُتفاضلًا أُعطي الأقلَّ، وفي حالٍ دون حالٍ لم يأخذ شيئًا، والباقي يُوقَف إلى أن يتبين أمر المفقود أو يُحْكَم بوفاته.
هناك أمثلةٌ أخرى في الكتاب، فمَن أراد مزيدًا من التوسع فهي موجودةٌ في الكتاب.
الردّ في الميراث
ننتقل بعد ذلك إلى الردِّ، والردُّ لم يقل به المالكية ولا الشافعية؛ ولذلك لا تجدونه في منظومات الشافعية والمالكية.
يعني: المنظومة الرَّحبيَّة ما تجد فيها باب الردِّ، ولا باب ميراث ذوي الأرحام، لماذا؟
لأنَّهم لا يقولون بالردِّ، ولا بميراث ذوي الأرحام.
لكن حاول بعض العلماء المعاصرين أن يُحاكي الرَّحبيَّة، وأضاف أبياتًا في الردِّ وفي ذوي الأرحام.
تعريف الردِّ لغةً واصطلاحًا
الردُّ تعريفه في اللغة: يُطلق على معانٍ، منها: الإرجاع، والمنع، والصرف.
تقول: رَدَدْتُ العدوان، إذا مَنَعْتَه، رَدَدْتُ المَبِيع، إذا أَرْجَعْتَه.
ويُقال في الدعاء: اللهم رُدَّ كيدهم عنِّي، يعني: اصْرِفْهُ.
ومعنى الردِّ اصطلاحًا: الزيادة في الأنصبة، والنَّقص في السِّهام.
عكس العول تمامًا.
أو إرجاع ما يبقى في المسألة بعد أصحاب الفروض على مَن يستحقُّه منهم بنسبة فروضهم عند عدم العَصَبَة.
أُوَضِّحُ فكرة الردِّ: شخصٌ مات عن بنتٍ.
طيب، البنت أخذت النصف، فأين يذهب الباقي؟
وليس لها عاصبٌ، ما عنده إلا هذه البنت.
فعلى القول بالردِّ: يُرَدُّ على البنت، تأخذ التركة كاملةً.
وعلى القول بعدم الردِّ: النصف المُتبقي يذهب لبيت المال.
العلاقة بين الردِّ والعَوْل
العلاقة بين الردِّ والعول علاقةٌ عكسيةٌ؛ فإنَّ الردَّ هو: الزيادة في الأنصبة، والنَّقص في السِّهام.
بينما العول: النَّقص في الأنصبة، والزيادة في السِّهام.
يعني: في العَوْل نُدْخِل النَّقص على الجميع، وفي الردِّ لا، نزيد في سهام الجميع.
إذن الردُّ عكس العول تمامًا.
حكم الردِّ
اختلف العلماء في حكم الردِّ على قولين:
- القول الأول: القول بالردِّ، وقد رُوِيَ عن عمر وعليٍّ وابن مسعودٍ وابن عباسٍ ، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، وقولٌ عند الشافعية.
- القول الثاني: القول بعدم الردِّ، وإنما يُصْرَف الباقي لبيت المال، وقد رُوِيَ عن زيد بن ثابتٍ ، وهو مذهب المالكية، وأيضًا قولٌ عند الشافعية.
القائلون بالردِّ استدلُّوا بعموم قول الله تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [الأنفال:75].
ما معنى: أُولُو الْأَرْحَامِ؟
يعني: الأقارب، وأصحاب الفروض أخصُّ ذوي الأرحام؛ فيكونون أولى بالباقي.
يعني: هذا رجلٌ مات ليس له في الدنيا إلا بنتٌ، أو ليس له في الدنيا إلا أمٌّ، أخذت فرضها.
طيب، أيّهما أولى: أن يذهب الباقي لبيت المال، أو يعود إليها؟
أصحاب هذا القول يقولون: يعود إليها.
هذا معنى الردِّ.
والدليل الثاني: عموم قول النبي : مَن ترك مالًا فهو لورثته [4]، والحديث في الصحيحين.
وهذا عامٌّ في جميع المال، فيشمل كذلك المُتبقِّي بعد الفروض، فيكون للورثة دون بيت المال.
وأيضًا استدلُّوا بقصة سعد بن أبي وقَّاصٍ لمَّا مرض، فخشي أن يموت وهو في مكة، فقال: يا رسول الله، إنَّه لا يرثني إلَّا ابنةٌ لي، أَفَأَتَصَدَّق بثلثي مالي؟ قال: لا، قال: فالشطر؟ قال: لا، قال: فالثلث؟ قال: الثلث، والثلث كثيرٌ؛ إنَّك أن تَذَرَ ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تَذَرَهم عالةً يتكفَّفون الناس، ثم قال : ولعلك أن تُخَلَّف حتى يَنْتَفع بك أقوامٌ، ويُضَرَّ بك آخرون [5].
وبالفعل خُلِّفَ -سبحان الله!- شفاه الله، مع أنَّه قد ظنَّ أنَّه سيموت في ذلك المرض، لكن شفاه الله ورزقه أولادًا كثيرين، وانتفع به المسلمون، متى؟
في معركة القادسية، كان قائد المسلمين، وضُرَّ به آخرون -وهم الفرس- أيضًا في معركة القادسية.
الشاهد قوله: "لا يرثني إلَّا ابنةٌ لي" فحصر الميراث على ابنته، وهذا لا يكون إلَّا بِرَدِّ المُتبقِّي إليها بعد الفرض.
وأيضًا من جهة النَّظر: أنَّ أصحاب الفروض أحقُّ بما بقي من بيت المال؛ لأنَّ بيت المال يُصْرَف منه لعموم المسلمين، وأصحاب الفروض أولى بمال قريبهم من الأجانب، كما قال الله تعالى: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [الأنفال:75].
أصحاب القول الثاني -القائلون بعدم الردِّ- قالوا: إنَّ الله فرض نصيب كلِّ واحدٍ من الورثة، فلا يُزاد عليه، والقول بالردِّ يستلزم الزيادة على الفروض.
لكن نُوقِش هذا بأنَّ تقدير الشارع للفروض يدلُّ على استحقاق أصحابها لها، لكنَّه لا يمنع من الزيادة عليها إذا وُجِدَ السبب والمُقتضي؛ بدليل أنَّ الأب فرضه السدس: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ [النساء:11]، لكنَّ هذا لا يمنع من أخذه الباقي تعصيبًا.
كذلك الزوج فرضه النصف أو الربع، لكن لا يمنع هذا من أخذه الباقي تعصيبًا إذا كان ابن عمٍّ.
أيضًا قالوا: إنَّ التَّوريث بالردِّ قولٌ بالرأي، والمواريث لا تثبت بالرأي.
ونُوقِشَ ذلك بعدم التَّسليم، بل هو بأدلةٍ ذكرها أصحاب القول الأول.
والقول الراجح هو القول بالردِّ؛ لقوة أدلته، ولضعف أدلة القول الثاني؛ ولهذا فإنَّ المُتأخرين من فقهاء المالكية والشافعية أصبحوا يُفتون بالردِّ، ويقولون بالردِّ؛ نظرًا لضعف القول بعدم الردِّ.
مَن أصحاب الردِّ؟
أصحاب الردِّ هم أصحاب الفروض ما عدا الزوجين.
هؤلاء هم أصحاب الردِّ؛ لأنَّ سبب الردِّ القرابة، فأصحاب الفروض هم أصحاب الردِّ، لكنَّ الزوجين لا يُرَدُّ عليهما؛ لأنَّ سبب التَّوارث بين الزوجين عقد الزوجية، وليس القرابة، وهذا بإجماع العلماء.
قال المُوفَّق ابن قُدامة: لا يُرَدُّ على الزوجين باتِّفاق أهل العلم.
لكن قال بعض العلماء المُعاصرين: إنَّه يُرَدُّ على الزوجين.
وهذا ذكره الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله، واستدلَّ بأنَّ عثمان ردَّ على زوجٍ.
ونُسِبَ هذا القول لابن تيمية، والنسبة لابن تيمية لا تصحُّ، لم يقل ابن تيمية: إنَّه يُرَدُّ على الزوجين، أبدًا، فالنسبة له لا تصحُّ.
وأمَّا أنَّ عثمان ردَّ على زوجٍ؛ فأيضًا لا أصل لهذا الأثر، لم نجد له أصلًا، لا في كتب السنة، ولا في المُصنَّفات، ولا في كتب الآثار، فهذا كلامٌ أطلقه بعضهم، وليس له أصلٌ.
ثم على افتراض صِحَّته فهي واقعة عينٍ، يُحتمل أنَّ عثمان أعطاه لكونه عصبةً، أو لكونه ذا رحمٍ، أو أعطاه من بيت المال، لا على سبيل الردِّ، فهي واقعة عينٍ يتطرق إليها الاحتمال.
وعلى هذا فالصحيح ما عليه عامة أهل العلم قديمًا وحديثًا من أنَّه لا يُرَدُّ على الزوجين، بل القول بالردِّ على الزوجين يُعتبر قولًا شاذًّا مُخالفًا للإجماع.
شروط الردِّ
ننتقل إلى شروط الردِّ.
يُشترط للقول بالردِّ عند القائلين به ثلاثة شروطٍ:
- الشرط الأول: وجود صاحب فرضٍ يُرَدُّ عليه، فلا بدَّ من وجود صاحب فرضٍ.
- الشرط الثاني: ألَّا يوجد في المسألة عاصبٌ؛ لأنَّه إذا وُجِدَ عاصبٌ أخذ الباقي، وحينئذٍ لا يكون في المسألة ردٌّ.
- الشرط الثالث -يعني: يُعتبر تحصيل حاصلٍ-: ألَّا تستغرق الفروض المسألة؛ لأنَّه إذا استغرقت الفروض المسألة لم يَبْقَ باقٍ، فلا يكون فيها ردٌّ.
ومن باب أولى: ألَّا تعول المسألة.
يعني باختصارٍ: أن يبقى في المسألة بَاقٍ.
أصناف أهل الردِّ
كما قلنا: هم أصحاب الفروض ما عدا الزوج والزوجة.
فتكون أصناف أهل الردِّ: البنت -واحدةً فأكثر- وبنت الابن -واحدةً فأكثر- والأمُّ، هل نقول: واحدة فأكثر؟
لا، ليس للإنسان إلَّا أمٌّ واحدةٌ.
الجدَّة -واحدةً فأكثر- والأخت الشقيقة -واحدةً فأكثر- والأخت لأبٍ -واحدةً فأكثر- وَوَلَد الأمِّ -ذكرًا كان أو أنثى- واحدًا فأكثر.
يعني: أصحاب الفروض ما عدا الزوجين.
طيب، ما صفة العمل في مسائل الردِّ؟
ننتقل للجانب التَّطبيقي.
صفة العمل في مسائل الردِّ
تنقسم مسائل الردِّ إلى قسمين:
ألَّا يكون مع أهل الردِّ أحد الزوجين
القسم الأول: ألَّا يكون مع أهل الردِّ أحد الزوجين.
ولا يخلو الأمر حينئذٍ من ثلاث حالاتٍ:
الحالة الأولى: أن يكون مَن يُرَدُّ عليه شخصًا واحدًا، فله جميع المال فرضًا وردًّا.
مثال ذلك:
- هالكٌ عن: بنتٍ، ما له في الدنيا إلَّا بنتٌ.
البنت كم تأخذ فرضًا؟
النصف، والباقي ردًّا، فتأخذ جميع مال أبيها فرضًا ورَدًّا.
- هالكٌ عن: أمٍّ، ليس له في الدنيا إلَّا أمٌّ.
وهذه أكثر ما تَرِد عند مجهولي النَّسب، يكون له مالٌ، وما له أقارب، ما له إلَّا أمٌّ، فيكون المال كله للأمِّ فرضًا وردًّا.
كم الفرض؟
الثلث، والباقي ردٌّ.
الحالة الثانية: أن يكون مَن يُرَدُّ عليه صنفًا واحدًا، يعني: مجموعةً، فأصل المسألة من عدد الرؤوس.
مثال ذلك:
- هالكٌ عن: ثلاث بناتٍ.
المسألة من 3: 1، 1، 1.
- هالكٌ عن: أربع أخواتٍ.
المسألة من 4: 1، 1، 1، 1.
عن ثلاث جداتٍ، المسألة من 3: 1، 1، 1، وهكذا.
الحالة الثالثة: أن يكون مَن يُرَدُّ عليه أكثر من صنفٍ: إمَّا صنفان أو ثلاثةٌ.
ولا يتجاوز مَن يُرَدُّ عليهم ثلاثة أصنافٍ، لماذا؟
لأنَّهم إذا تجاوزوا ثلاثة أصنافٍ فالمسألة تكون إمَّا مُستغرقةً أو عائلةً.
وصفة العمل في هذه الحال: أن يُعطى كلُّ وارثٍ سهمه مُقْتَطَعًا من أصل 6، ويكون مجموع السهام هو أصل مسألة أهل الردِّ.
يُعطى كل واحدٍ نصيبه مُقْتَطَعًا من أصل 6، يعني: دائمًا أصل المسألة 6، يُعطى سهمه من أصل 6، ويكون أصل المسألة هو مجموع السهام.
نُوضِّح هذا بالمثال:
- هالكٌ عن: أخٍ لأمٍّ، وجدةٍ.
طيب، نُعطي الأخ لأمٍّ فرضه.
كم فرض الأخ لأمٍّ؟
السدس، وللجدَّة السدس، والمسألة فيها ردٌّ.
القاعدة تقول: نُعطي كلَّ واحدٍ سهمه مُقْتَطَعًا من أصل 6.
سدس الـ 6 كم؟
1، وسدس الـ 6 = 1.
1 + 1 = 2، إذن نمسح الـ 6، ونضع بدلًا منها 2، وتُرَدُّ المسألة من 6 إلى 2.
أُعيد مرةً أخرى:
أخٌ لأمٍّ، وجدَّةٌ.
للأخ لأمٍّ السدس، وللجدَّة السدس.
القاعدة تقول: نُعطي كلَّ واحدٍ سهمه مُقْتَطَعًا من أصل 6.
نجعل أصل المسألة 6، سدس الـ 6 = 1، وسدس الـ 6 = 1.
نجمع السِّهام: 1 + 1 = 2.
إذن المسألة تُرَدُّ من 6 إلى 2.
مثالٌ آخر:
- هالكٌ عن: أخٍ لأمٍّ، وأمٍّ.
الأخ لأمٍّ كم يأخذ؟
السدس.
وللأمِّ الثلث.
أصل المسألة دائمًا 6، السدس 1، وكم ثلث الـ 6؟
2، نجمع: 1 + 2 = 3.
تُرَدُّ المسألة من 6 إلى 3.
طيب، مثالٌ آخر:
- هالكٌ عن: أختٍ شقيقةٍ، وأختٍ لأمٍّ.
الأخت الشقيقة كم تأخذ؟
النصف.
وللأخت لأمٍّ السدس.
طيب، النصف مُقْتَطَعٌ من أصل 6، كم نصف الـ 6؟
3، وسدس الـ 6 = 1.
إذن تُرَدُّ من 6 إلى 4.
مثالٌ آخر:
- هالكٌ عن: جدَّةٍ، وثلاث أخوات شقيقات.
الجدَّة كم تأخذ؟
السدس، وللأخوات الثلثان.
طيب، سدس الـ 6 = 1، والثلثان 4، 1 + 4 = 5، تُرَدُّ من 6 إلى 5.
هذه أمثلةٌ لهذه الحالة.
نأخذ مثالًا على ثلاثة أصنافٍ:
- هالكٌ عن: أختٍ شقيقةٍ، وأمٍّ، وأخٍ لأمٍّ.
الأخت الشقيقة كم تأخذ؟
النصف.
وللأمِّ السدس؛ لوجود الجمع من الإخوة.
وللأخ لأمٍّ السدس.
كم نصف الـ 6؟
3، وسدس الـ 6 = 1، وسدسٌ 1.
3 + 1 = 4 + 1 = 5؛ إذن تُرَدُّ من 6 إلى 5.
والمُتمرس تخرج معه النتيجة تلقائيًّا، يعني: هذا تتعلمه في البداية، ثم مباشرةً تخرج معك تلقائيًّا، مباشرةً تعرف أنَّ هؤلاء أصحاب رَدٍّ، لا يوجد عاصبٌ؛ إذن تُعطي كلَّ واحدٍ فرضه، ثم تجمع السهام، ومجموع السهام هو الذي تُرَدُّ إليه المسألة، مثل: العول، فالعول يخرج معك تلقائيًّا، أيضًا الردُّ يخرج معك تلقائيًّا، لكن المهم أن تتنبَّه إلى أنَّ المسألة فيها عولٌ أو فيها رَدٌّ، هذا المهم.
إذن هذا هو القسم الأول.
أن يكون مع أهل الردِّ أحد الزوجين
القسم الثاني: أن يكون مع أهل الردِّ أحد الزوجين، ولا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن يكون الموجود مع أحد الزوجين شخصًا أو صنفًا.
وصفة العمل: أن يُعطى أحد الزوجين فرضه من مخرجه، والباقي لأهل الردِّ.
مثال ذلك:
- زوجةٌ، وبنتٌ.
الزوجة هنا كم تأخذ؟ ثُمنًا أو ربعًا؟
الثمن، وللبنت الباقي.
طبعًا لها النصف، لكن مع الردِّ يكون الباقي.
فيكون أصل المسألة من كم؟
من 8، ثُمن الـ 8 = 1، والباقي 7 للبنت فرضًا ورَدًّا، لكن اختصرها؛ بدل أن نقول: النصف والباقي، نختصرها ونقول: الباقي مباشرةً.
طيب..
- هالكٌ عن: زوجةٍ، وأمٍّ.
الزوجة كم تأخذ؟
الربع، وللأمِّ الباقي.
مع ذلك أصل المسألة من 4، دائمًا مقام الزوج أو الزوجة هو أصل المسألة.
فربع الـ 4 = 1، والباقي 3.
إذن إذا كان معهم أحد الزوجين فأصل المسألة من مقام فرض الزوج أو الزوجة، والباقي لهذا الذي يكون من أهل الردِّ.
الحالة الثانية: أن يكون مَن يُرَدُّ عليه مع الزوجين أكثر من صنفٍ، يعني: صنفين أو ثلاثةً.
فيُعطى الزوج أو الزوجة نصيبه كاملًا، وبقية التركة تُقسم على أهل الردِّ.
وصفة العمل فيها كصفة العمل في القسم الأول تمامًا.
طيب، هذه على الطريقة المُبَسَّطة.
أمَّا على الطريقة المُطوَّلة الموجودة في عامة كتب الفرائض فهي كطريقة المُناسخات بالطريقة المُطوَّلة؛ تُجعل مسألتان، وتُقسم المسألتان، وتُأَصَّل كل مسألةٍ، ثم يُنظر لأصل كل مسألةٍ بالنسب الأربع، ثم تخرج الجامعة، يعني: الطريقة المُطوَّلة الشِّباك أو الجدول.
لكن ما الغرض من هذا الجدول؟
الغرض أننا نُعطي الزوج أو الزوجة حقَّه كاملًا، والباقي لأهل الردِّ.
إذن نُخرج الزوج أو الزوجة مباشرةً، ولا نحتاج لهذا الجدول الطويل، فهذه طريقةٌ جديدةٌ ومُبتكرةٌ.
يعني: ذكرتُ لكم في الكتاب أنَّ هناك طرقًا مُبتكرةً مُبَسَّطةً، وهذه من الطُّرق المُبتكرة.
إذا ذهبتَ لعامة كتب الفرائض تجد أنَّه إذا كان مع أهل الردِّ أحد الزوجين -كان هناك أكثر من صنفٍ- يذكرون طريقة المُناسخات المُطوَّلة، والواقع أننا لا نحتاج إليها.
ولذلك في الكتاب تجدون مسائل محلولةً بالطريقة المُطوَّلة، وبالطريقة المُبَسَّطة، وتجدون تطابق النتائج 100%.
ما غرض الفَرَضِيِّين من ذكر هذا الجدول أو الشِّباك؟
الغرض هو أننا نحتاط، يعني: نُعطي الزوجة أو الزوج نصيبه كاملًا، والباقي لأهل الردِّ.
طيب، إذن نخرج الزوج أو الزوجة مباشرةً، وتعود القسمة للقسم الأول المُبَسَّط الذي ذكرناه.
طيب، نُوضِّح هذا بالمثال الثاني:
- هالكٌ عن: زوجةٍ، وأختٍ شقيقةٍ، وأخٍ لأمٍّ.
طيب، ما دام عندنا الآن زوجةٌ -عندنا أحد الزوجين- وعندنا أكثر من صنفٍ من أهل الردِّ؛ نُخرج الزوج أو الزوجة حتى لا يتسبب لنا في إشكالاتٍ ونجعل له جدولًا وشِبَاكًا وطريقةً مُطوَّلةً، نُخرجه ونُعطيه حقَّه كاملًا.
عندنا:
- زوجةٌ، وأختٌ شقيقةٌ، وأختٌ لأبٍ.
كم نصيب الزوجة؟ الربع أو الثمن؟
الربع، إذن نُعطيها ربع التركة.
نقول للزوجة: نُعطيكِ ربع التركة.
كم التركة؟
40000، فنُعطيها ربع الـ 40000، كم؟
10000، انتهينا من الزوجة وأعطيناها 10000.
كم التركة المُتبقية؟
30000، نقسمها على أهل الردِّ بطريقتنا المُبَسَّطة السابقة، واضحٌ؟
إذن نعطي الزوج أو الزوجة فرضهما ونُخرجهما، والباقي نقسمه على أهل الردِّ بالطرق المُبَسَّطة التي ذكرناها قبل قليلٍ، فالمُتبقي 30000، نقسمها على الأخت الشقيقة والأخ لأمٍّ.
طيب، الأخت الشقيقة كم تأخذ؟
النصف، وللأخ لأمٍّ السدس.
أصل المسألة دائمًا 6، كم نصف الـ 6؟
3، وسدس الـ 6 = 1.
3 + 1 = 4، تُرَدُّ من 6 إلى 4.
ثم نُطبِّق عليها طريق النسبة: 3 ÷ 4 × 40000 أو 30000؟
30000 التركة المُتبقية، 3 ÷ 4 × 30000، يخرج 22500.
1 ÷ 4 × 30000 يخرج 7500.
هذه -يا إخوان- طريقةٌ مُبَسَّطةٌ لا توجد في كتب الفرائض، فهذه من الجديد في هذا الكتاب، وبذلك لا تحتاج إلى الطريقة المُطوَّلة في القسمة هنا.
إذن تُعطي الزوج أو الزوجة حقَّهما، قد يكون حقُّ الزوجة الثُّمن، وقد يكون الربع، وقد يكون حقُّ الزوج النصف، وقد يكون الربع، فتُعطيه حقَّه من التركة وتُخرجه، ثم بعد ذلك تقسم المسألة بين أهل الردِّ، لكن بالتركة المُتبقية.
وبذلك لا نحتاج للجدول ولا للشِّباك ولا للطريقة المُطوَّلة.
أحد الطلاب: .......
الشيخ: لا، 5 غير داخلةٍ، هي 6، إذا كان أكثر من صنفٍ 6، أمَّا إذا لم يكن أكثر من شخصٍ فقد يكون أيّ رقمٍ: 3، 4، 5 أو أكثر، افترض مثلًا: 10 أبناء.
طيب، بهذا نكون قد انتهينا من مسائل الردِّ.
أرجو منكم -أيها الإخوة- أن تأخذوا هذه المسائل، وأيضًا المسائل الأخرى المذكورة في الكتاب، وأن تحلُّوها مرةً ومرتين وثلاثًا وأربعًا حتى تُتْقِنوها.
ميراث ذوي الأرحام
ننتقل بعد ذلك للباب الأخير معنا في هذه الدورة وهو: ميراث ذوي الأرحام.
تعريف الأرحام لغةً وشرعًا
الأرحام في اللغة: جمع رَحِمٍ، وهو في الأصل موضع تكوين الجنين، ثم أصبح يُطلق على القرابة مطلقًا.
وفي الشرع معنى الأرحام يختلف عن معنى الأرحام عند الفَرَضِيِّين؛ في الشرع الأرحام هم: القرابة مطلقًا، وارثون أو غير وارثين.
مَن هم ذوو الأرحام عند الفرضيين؟
أمَّا عند الفَرَضِيِّين فهم: كل قريبٍ لا يرث بفرضٍ ولا تعصيبٍ: كالخال، والخالة، والعمَّة، وأبي الأمِّ، وابن البنت، ونحو ذلك، هؤلاء كلهم يُسمَّون: ذوي أرحامٍ.
طيب، أنا أسألكم الآن أختبر فَهْمَكم:
ابن الأخ الشقيق، وبنت الأخ الشقيق، هل هما من ذوي الأرحام؟
مَن يُجِيب؟
أحد الطلاب: .......
الشيخ: ابن الأخ الشقيق مُعَصِّبٌ، من العصبة، وبنت الأخ الشقيق من ذوي الأرحام.
إذن ابن الأخ الشقيق عاصبٌ، وبنت الأخ الشقيق من ذوي الأرحام.
انتبه.
لكن في الشرع إذا قيل: صلة الرحم، يعني: القرابة، لكن قد تكون واجبةً، وقد تكون مُستحبَّةً، فهي مُستحبةٌ للأقارب مطلقًا، وأمَّا صلة الرحم الواجبة فهي إنَّما تكون للمحارم.
وضابط ذلك: أنَّك لو افترضتَ أنَّ أحدهما ذكرٌ والآخر أُنثى لم يحلَّ له أن يتزوجها.
فمثلًا: العمُّ رحمٌ، تجب صلته، لكن لو افترضتَ أنَّها أنثى تكون عمَّةً، مَحْرَمًا، ما يجوز أن يتزوجها، لكن ابن العمِّ تجب صلته أو لا تجب؟
لا تجب، تُستحبُّ؛ لماذا؟
لو افترضتها بنت عمٍّ يجوز أن تتزوجها.
الخال تجب صلته، لكن لو افترضتها أنثى تكون خالةً، تكون من محارمك، ما يجوز أن تتزوجها، لكن ابن الخال تُستحبُّ صلته، ولا تجب.
لكن لو افترضتَها أنثى: بنت الخال يجوز أن تتزوجها.
هذا أرجح الأقوال في ضابط مَن تجب صلته.
ليس معنى ذلك أن بقية الأقارب لا يُوصَلُون، لا، يُوصَلُون، لكن تُستحبُّ، لكن الأقارب الذين تجب صلتهم بحيث لو لم تَصِلْهُم تَأْثَم، تكون قاطعًا لرحمك، يشملك الوعيد؛ هم هؤلاء: الأب والأم وإن عَلَوَا -يعني: الجدّ والجدّة والأجداد- والابن والبنت وإن نزلوا -الأحفاد- والعمُّ والعمَّة، والخال والخالة.
هؤلاء تجب صلتهم، تجب وجوبًا، ومَن عداهم من الأقارب تُستحبُّ صِلَتُهم، ولا تجب.
أمَّا الرضاعة فلا تدخل في صلة الرحم، لكن المروءة تقتضي أنَّك تُحسن إلى قريبك من الرضاعة، لكن ليس له علاقةٌ بصلة الرحم.
إذن الذي يهمُّنا هنا: ذوو الأرحام عند الفرضيين، وهم كل قريبٍ لا يرث بفرضٍ ولا تعصيبٍ.
حكم توريث ذوي الأرحام
للفقهاء قولان مثل القولين في الردِّ تمامًا؛ القائلون بالردِّ قالوا بتوريث ذوي الأرحام، والقائلون بعدم الردِّ قالوا بعدم توريث ذوي الأرحام.
فالقول الأول: أنَّهم يرثون، رُوِيَ عن عمر وعليٍّ رضي الله عنهما، وهو مذهب الحنفية والحنابلة، وقولٌ عند الشافعية.
القول الثاني: أنَّ ذوي الأرحام لا يرثون، ويكون المُتبقِّي لبيت المال، وهو مذهب المالكية، وقولٌ عند الشافعية.
القائلون بأنَّ ذوي الأرحام يرثون استدلُّوا بعموم الآية: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ [الأنفال:75].
قالوا: هذه الآية تشمل جميع الأقارب، فيدخل فيها ذوو الأرحام بالمعنى الاصطلاحي.
وأيضًا استدلُّوا بحديثٍ هو كالنصِّ في المسألة، وهو حديث عمر : أنَّ النبي قال: الخال وارثُ مَن لا وارثَ له [6]، وهذا الحديث أخرجه الترمذي، وابن ماجه، وأحمد، وهو حديثٌ صحيحٌ؛ ولهذا قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ.
ودلالته ظاهرةٌ؛ لأنَّ الخال من ذوي الأرحام، فجعله النبي وارثًا، ويُقاس عليه بقية ذوي الأرحام.
الواقع أنَّ هذا الدليل هو أقوى أدلة القائلين بتوريث ذوي الأرحام.
وأيضًا استدلُّوا بقول النبي عليه الصلاة والسلام: ابن أخت القوم منهم [7]، وهذا الحديث في الصحيحين.
لمَّا أعطى النبي عليه الصلاة والسلام مَن أعطى من الغنائم للمُؤلَّفة قلوبهم، كانوا كلهم من المُهاجرين، أمَّا الأنصار فما أعطى أحدًا منهم شيئًا، والنفوس مجبولةٌ على حبِّ المال؛ فقالوا: هؤلاء سيوفنا تقطر من دمائهم، ويُعطيهم هذه الأموال، ونحن ما يُعطينا شيئًا!
وبلغ النبيَّ ذلك، فدعا الأنصار وحدهم، فلمَّا اجتمعوا كلهم أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يتأكد فقال: هل فيكم أحدٌ من غيركم؟ قالوا: لا، إلَّا ابن أُختٍ لنا. فقال عليه الصلاة والسلام: ابن أخت القوم منهم [8]، ثم تكلم معهم بكلامٍ عظيمٍ حتى بكوا.
قال: أترضون أن يذهب الناس بالشَّاة والبعير، وتذهبون برسول الله إلى رحالكم؟ [9]، أوجدتُم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لُعَاعَةٍ من الدنيا تَأَلَّفْتُ بها قومًا لِيُسْلِمُوا؟ وتكلم معهم كلامًا؛ فبكوا كلهم، وقالوا: رضينا برسول الله [10]. وزال جميع ما في نفوسهم.
هذا يدل على أنَّك إذا شعرتَ أنَّ أخاك وجد عليك في نفسه ينبغي أن تذهب وتُكلِّمه وتُصارحه حتى يزول ما في نفسه، ولا تسكت.
هذا هو منهج النبي عليه الصلاة والسلام؛ أتى وجمع الأنصار وتكلم معهم حتى زال ما في نفوسهم.
الشاهد قوله: ابن أخت القوم منهم.
قالوا: وابن الأخت من ذوي الأرحام، وإذا كان منهم فهو أولى بالمال من بيت المال.
ثم من جهة النظر: أنَّ ذوي الأرحام أقارب، فهم أولى بالمال من أن يذهب لبيت المال الذي يكون لعموم المسلمين.
أصحاب القول الثاني -وهم القائلون بعدم توريث ذوي الأرحام وأنَّ المال يذهب لبيت المال- استدلُّوا بقول النبي : إنَّ الله قد أعطى كل ذي حقٍّ حقَّه، فلا وصية لوارثٍ [11].
قالوا: إنَّ ذوي الأرحام لو كان لهم حقٌّ لكان لهم فرضٌ في الكتاب أو السنة، فلمَّا لم يُفْرَض لهم لم يكونوا وارثين.
لكن أُجيب بعدم التَّسليم، وأنَّه قد فُرِضَ لهم في السنة، كما في قول النبي عليه الصلاة والسلام: الخال وارثُ مَن لا وارثَ له.
وأيضًا استدلُّوا بما رُوِيَ: أنَّ النبي ركب إلى قُباء يَسْتَخِير في ميراث العَمَّة والخالة، فَأُنْزِلَ عليه: لا ميراثَ لهما [12].
وهذا الحديث لو صحَّ لكان صريحًا في عدم توريثهم، لكنَّه حديثٌ ضعيفٌ، أخرجه الدارقطني وأبو داود في "المراسيل"، وهو حديثٌ ضعيفٌ.
هذا يُبين أهمية عناية طالب العلم بالحديث.
لاحظ أنَّك عندما تُناقش تُناقش عن علمٍ، تقول: هذا الحديث لا يُحتجُّ به؛ لكونه ضعيفًا، ولا يَثْبُت من جهة الصناعة الحديثية.
والقول الراجح -والله أعلم- هو القول بتوريث ذوي الأرحام؛ لقوة أدلته، خاصةً حديث: الخالُ وارثُ مَن لا وارثَ له، فإنَّه كالنصِّ في المسألة.
شروط توريث ذوي الأرحام
يُشترط لتوريث ذوي الأرحام شرطان:
- الشرط الأول: ألَّا يوجد صاحب فرضٍ يُرَدُّ عليه؛ لماذا؟
لأنَّه لو وُجِدَ صاحب فرضٍ لَرُدَّ عليه، ولم يرث ذوو الأرحام شيئًا. - الشرط الثاني: ألَّا يوجد عاصبٌ.
يعني: لا يكون في المسألة عاصبٌ، ولا صاحب فرضٍ؛ لأنَّه إذا وُجِدَ عاصبٌ سيكون له المال، وإذا وُجِدَ صاحب فرضٍ سيأخذ فرضه، والباقي يُرَدُّ عليه، طبعًا ما عدا الزوجين.
إذن لا بدَّ من تحقق هذين الشرطين:
- عدم وجود صاحب فرضٍ.
- وعدم وجود عاصبٍ.
أصناف ذوي الأرحام
هم الأقارب -كما ذكرنا- من غير العصبة وأصحاب الفروض، وقلنا: هم:
- الخال والخالة.
- أولاد البنات عمومًا.
- أولاد بنات الابن.
- أولاد الأخوات، سواء كنَّ شقيقاتٍ أو لأبٍ أو لأمٍّ.
- بنات الإخوة الذكور لغير أمٍّ، وبنات بَنِيهم.
- أولاد الإخوة لأمٍّ.
- الأعمام لأمٍّ، فالعمُّ لأمٍّ من ذوي الأرحام مطلقًا، سواء كانوا أعمام الميت، أو أعمام أبيه، أو أعمام جدِّه.
- العمَّات مطلقًا، حتى العمَّات لأبٍ.
العمَّة الشقيقة هل هي من ذوي الأرحام؟
نعم، العمَّة سواء كانت شقيقةً أو لأبٍ أو لأُمٍّ من ذوي الأرحام. - بنات الأعمام، وبنات بَنِيهم من ذوي الأرحام.
- كما قلنا: الأخوال، أيضًا الخالات مطلقًا، سواء كنَّ خالاتٍ شقيقاتٍ أو لأبٍ أو لأمٍّ.
- الأجداد الذين لا يُدْلُون بوارثٍ.
ويُعبِّر عنهم بعضهم بـ"السَّاقط" أو "الفاسد"، لكن لا نُحبِّذ هذه المُصطلحات، وإنَّما الأحسن أن نقول: الذين لا يُدْلُون بوارثٍ، مثل: أبو الأمِّ، أو أبو أمِّ الأب. - الجدَّات اللاتي لا يُدْلِين بوارثٍ، مثل: أمِّ أبي أمِّ الأب، وأمِّ أبي الأمِّ.
- كل مَن أدلى بصنفٍ من هذه الأصناف: كابن الخال، وعمَّة العمَّة، وخالة الخالة، ونحو ذلك.
يعني: يضبط هذه الأصناف: أنَّها كل قريبٍ ليس بصاحب فرضٍ ولا تعصيبٍ.
يكفيك هذا، والذي ذكرناه مجرد أمثلةٍ وتوضيحاتٍ.
كيفية توريث ذوي الأرحام
أمَّا كيفية توريث ذوي الأرحام فقد اختلف الفقهاء فيه على أقوالٍ، أشهرها طريقتان:
- طريقة القرابة، وهو مذهب الحنفية.
- وطريقة التنزيل، وهو مذهب الحنابلة.
طريقة القرابة يقولون: يُقدَّم الأقرب فالأقرب، كالعصبات، فلا يرث أحدٌ من جهة الأُبوة مع وجود أحدٍ من جهة البُنوة، مثلًا.
وطريقة التنزيل: يُنزَّل كل واحدٍ من ذوي الأرحام منزلة مَن أدلى به حتى يصل إلى الوارث.
وهذه الطريقة -طريقة التنزيل- هي الأقرب -والله أعلم- لأنَّها أقرب لقواعد الميراث من طريقة القرابة، وهي التي عليها الفتوى والعمل في كثيرٍ من بلدان العالم الإسلامي: طريقة التنزيل.
يعني مثلًا: ابن البنت يُنَزَّل منزلة البنت، والخال يُنَزَّل منزلة الأمِّ، والخالة تُنَزَّل منزلة الأمِّ، والعمَّة تُنَزَّل منزلة الأب، وأبو الأمِّ يُنَزَّل منزلة الأمِّ، وهكذا.
طيب، يذكرون صفة التنزيل، ونذكرها بسرعةٍ:
- أولاد البنات بمنزلة البنات.
- أولاد الأخوات بمنزلة الأخوات.
- أولاد بنات الابن بمنزلة بنات الابن.
- بنات الإخوة بمنزلة الإخوة.
- بنات الأعمام بمنزلة الأعمام.
- العمَّات وهكذا العمُّ لأمٍّ بمنزلة الأب.
- الأخوال والخالات بمنزلة الأمِّ.
- أبو الأمِّ بمنزلة الأمِّ.
وهكذا.
قواعد مُتعلقة بتوريث ذوي الأرحام على طريقة التنزيل
يعني: هناك بعض القواعد التي ذكروها:
القاعدة الأولى: عدم التَّفضيل بين الذكر والأنثى إذا استَوَتْ منزلتهما من المُدْلَى به.
يعني: يرثون بالسَّوية؛ لأنَّ توريثهم بالرحم المُجرد، فاستوى ذَكَرُهم وأُنْثَاهم، مثل: الإخوة لأمٍّ تمامًا.
يعني: لو قلنا: خالٌ وخالةٌ، يشتركان، ولا يكون الخال ضعف الخالة، لا، يتساويان في الميراث، فهما مثل الإخوة لأمٍّ.
أيضًا من القواعد: أنَّ القريب يَحْجُب البعيد مع اتِّحاد الجهة، ولا يحجبه مع اختلاف الجهة، وإنَّما يُنَزَّل منزلة مَن أدلى به، كما سيأتي في الأمثلة والتَّطبيقات.
الأمثلة التطبيقية في ميراث ذوي الأرحام
ننتقل للجانب التَّطبيقي في ميراث ذوي الأرحام فنقول: تنقسم مسائل توريث ذوي الأرحام إلى قسمين:
القسم الأول: ألَّا يكون معهم أحد الزوجين
فلا يخلو الأمر من ثلاث حالاتٍ:
الحالة الأولى: أن يكون الموجود من ذوي الأرحام شخصًا واحدًا، مثل: الخال.
إنسانٌ مات وليس له في الدنيا قريبٌ إلَّا خاله؛ فيكون له جميع المال.
طيب، إنسانٌ مات وليس له في الدنيا إلَّا عَمَّةٌ؛ لها جميع المال، وهكذا.
الحالة الثانية: أن يكون الموجود من ذوي الأرحام جماعةً مُدْلِين بشخصٍ.
وهذه لها صورتان:
الصورة الأولى: أن تكون منزلتهم من المُدْلَى به واحدةً؛ فالمال بينهم من عدد الرؤوس.
مثال ذلك:
- هالكٌ عن: ثلاثة أخوالٍ أشقاء.
الأخوال يُدْلُون بمَن؟
بالأمِّ، ومنزلتهم من الأمِّ واحدةٌ، كلهم أشقاء.
إذن المسألة من 3: 1، 1، 1.
- هالكٌ -مثلًا- عن: ثلاث بنات عمٍّ شقيقٍ.
المسألة من 3: 1، 1، 1.
الصورة الثانية: أن تختلف منزلتهم من المُدْلَى به.
وفي هذه الحال يُجْعَل المُدْلَى به كأنَّه مات عنهم، وتُقسم مسألته.
نُوضِّح هذا الكلام بالمثال:
- هالكٌ عن: عَمَّةٍ شقيقةٍ، وعمَّةٍ لأبٍ، وعمَّةٍ لأمٍّ.
هنا اختلفتْ منزلتهم من المُدْلَى به.
مَن المُدْلَى به هنا؟
الأب.
طيب، العمَّة الشقيقة، إذا افترضنا أنَّ الأب مات عنها، فماذا تكون هي بالنسبة له؟
نفترض أنَّ المُدْلَى به مات عنهم، فالعمَّة الشقيقة ما علاقتها بالأب؟
أختٌ شقيقةٌ.
إذن نضع عمودًا ثانيًا ونكتب بدل "العمَّة الشقيقة": أختًا شقيقةً.
لاحظ: هنا في هذا المثال الثاني المُدْلَى به الأب، بدل "العمَّة الشقيقة": أختٌ شقيقةٌ.
طيب، العمَّة لأبٍ ما علاقتها بالأب؟
أختٌ لأبٍ، فنكتب في العمود الثاني: أختًا لأبٍ.
العمَّة لأمٍّ ما علاقتها بالأب؟
أختٌ لأمٍّ.
إذن أنشأنا مسألةً جديدةً: بدل: عمَّة شقيقة، وعمَّة لأبٍ، وعمَّة لأمٍّ، أصبحت: أختًا شقيقةً، وأختًا لأبٍ، وأختًا لأمٍّ.
نقسمها قسمةً عاديةً.
المهم أنَّك تتصور كيف تتحول هذه المسألة إلى مسألةٍ جديدةٍ: تعتبر المُدْلَى به -الذي هو الأب- كأنَّه مات عنهم، فالعمَّة الشقيقة هي أخته الشقيقة في الحقيقة، والعمَّة لأبٍ هي أخته لأبٍ، والعمَّة لأمٍّ: أخته لأمٍّ.
بعدما استطعنا أن نُنْشِئ مسألةً جديدةً نقسمها قسمةً عاديةً.
طيب، الأخت الشقيقة كم تأخذ؟
النصف.
وللأخت لأبٍ السدس تكملة الثلثين.
وللأخت لأمٍّ السدس أيضًا.
أصل المسألة من كم؟
من 6.
طيب، هل فيها رَدٌّ؟ هل فيها عَوْلٌ؟
ننظر، فيها رَدٌّ؛ لأنَّها 3 و2 و1، كم المجموع؟
5، 3 + 1 = 4 + 1 = 5؛ إذن تُرَدُّ من 6 إلى 5.
نُطبِّق عليها طريق النسبة، وكلُّ وارثٍ يأخذ نصيبه.
طيب، مثالٌ آخر:
- هالكٌ عن: ثلاث خالاتٍ مُتفرقاتٍ.
يعني: خالةً شقيقةً، وخالةً لأبٍ، وخالةً لأمٍّ.
طيب، الخالات يُدْلِين بمَن؟
بالأمِّ، فنعتبر أنَّ الأمَّ ماتت عنهم، ونريد أن نُنشئ مسألةً جديدةً.
الخالة الشقيقة تكون أيش؟
أختًا شقيقةً.
والخالة لأبٍ: أختًا لأبٍ.
والخالة لأمٍّ: أختًا لأمٍّ.
مثل المسألة السابقة: الأخت الشقيقة تأخذ النصف، والأخت لأبٍ تأخذ السدس، والأخت لأمٍّ تأخذ السدس، وتُرَدُّ إلى 5.
طيب..
- هالكٌ عن: ثلاثة أخوالٍ مُتفرقين.
يعني: خالًا شقيقًا، وخالًا لأبٍ، وخالًا لأمٍّ.
الأخوال يُدْلُون بِمَن؟
بالأمِّ، فنعتبر أنَّ الأمَّ ماتت عنهم؛ فالخال الشقيق يكون في المسألة الجديدة أخًا شقيقًا، والخال لأبٍ: أخًا لأبٍ، والخال لأمٍّ: أخًا لأمٍّ، فتُصبح عندنا مسألةٌ جديدةٌ: أخٌ شقيقٌ، وأخٌ لأبٍ، وأخٌ لأمٍّ.
مَن يقسمها لنا بناءً على القواعد السابقة؟
تفضل.
أحد الطلاب: .......
الشيخ: عندنا أخٌ لأمٍّ يأخذ السدس.
والأخ الشقيق، والأخ لأبٍ؟
الطالب: .......
الشيخ: الأخ لأبٍ يسقط.
الطالب: .......
الشيخ: وللأخ الشقيق الباقي.
أحسنتَ.
فتكون المسألة من كم؟
من 6، السدس 1، والباقي 5 للأخ الشَّقيق.
طيب، ننتقل بعد ذلك للحالة الثالثة: أن يكون الموجود من ذوي الأرحام جماعةً مُدْلِين بجماعةٍ، فيُقسم المال بين المُدْلَى بهم كأنَّهم أحياء، فما صار لهم فهو لمَن أدلوا به من ذوي الأرحام.
نُوضِّح هذا بالأمثلة:
- هالكٌ عن: ثلاث بنات إخوةٍ مُتفرقين.
يعني: بنت أخٍ شقيقٍ، وبنت أخٍ لأبٍ، وبنت أخٍ لأمٍّ.
طيب، القاعدة تقول: نجعل كلَّ واحدٍ بمنزلة مَن أَدْلَى به.
أيش معنى: مَن أَدْلَى به؟
يعني: الواسطة بينه وبين الميت.
بنت الأخ الشقيق أَدْلَتْ بِمَن؟
بالأخ الشقيق.
وبنت الأخ لأبٍ أَدْلَتْ بِمَن؟
بالأخ لأبٍ.
وبنت الأخ لأمٍّ أَدْلَتْ بِمَن؟
بالأخ لأمٍّ.
إذن تكوَّنتْ عندنا مسألةٌ جديدةٌ هي: أخٌ شقيقٌ، وأخٌ لأبٍ، وأخٌ لأمٍّ.
نقسمها قسمةً عاديةٌ، كيف؟
مَن يقسمها لنا: أخٌ شقيقٌ، وأخٌ لأبٍ، وأخٌ لأمٍّ.
تفضَّل.
أحد الطلاب: .......
الشيخ: نعم، أحسنتَ.
الأخ لأمٍّ له السدس، والباقي للأخ الشقيق، والأخ لأبٍ ليس له شيءٌ، فتكون المسألة من 6.
سدس 6 = 1، والباقي 5، تُقسم هكذا.
طيب، لو أخذنا مثالًا آخر:
- هالكٌ عن: عمَّةٍ، وخالةٍ، وبنت بنتٍ.
نُنَزِّل كلَّ واحدٍ بمنزلة مَن أَدْلَى به.
العمَّة أَدْلَتْ بِمَن؟
بالأب، والخالة بالأمِّ، وبنت البنت بالبنت.
إذن أصبحت عندنا مسألةٌ جديدةٌ مُكوَّنةٌ من: أبٍ، وأمٍّ، وبنتٍ.
كيف نقسمها؟
للبنت النصف، وللأمِّ السدس، وللأب السدس والباقي إن وُجِدَ.
طيب، وهنا يوجد باقٍ.
طيب، كم نصف الـ 6؟
3، وسدس 6 = 1، هذه 4، كم يتبقى؟
2 للأب، ونُطبِّق عليها طريق النسبة.
طيب، هذا القسم الأول كما ترون مسائله واضحة: يُنَزَّل كلُّ واحدٍ منزلة مَن أدلى به.
القسم الثاني: أن يكون مع ذوي الأرحام أحد الزوجين
عندما تقرأ هذه المسألة في عامَّة كتب الفرائض تجدهم يقسمونها بطريقةٍ مُطوَّلةٍ، فيها شِبَاكٌ وجدولٌ، وتُقسم على طريقة القسمة المُطوَّلة في المُناسخات؛ لماذا يفعلون ذلك؟
كلُّ ذلك من أجل أن يتحاشوا إنقاص نصيب الزوج أو الزوجة.
ما دام أنَّ هذا هو الغرض، فلماذا لا نُخرج الزوج والزوجة مباشرةً كما فعلنا في الردِّ، ثم نقسم المسألة كما قسمناها في القسم الأول؟
هذه طريقةٌ جديدةٌ ومُبتكرةٌ، لم أَرَ أحدًا سبقني إليها، فهذه من الطرق الجديدة في هذا الكتاب؛ ولذلك في الكتاب تجد القسمة بالطريقة المُطوَّلة وبالطريقة المُبَسَّطة، وتجد التَّطابق في النتيجة 100%.
طيب، إذن تكون صفة العمل بناءً على هذا: أن يُعطى الزوج أو الزوجة نصيبهما كاملًا -انتبه لهذا- غير محجوبٍ، ولا مُعَالٍ، ضع تحتها خَطَّين.
معنى ذلك: أنَّ الزوج دائمًا في باب ذوي الأرحام نصيبه ماذا؟
النصف، ولا يمكن أن يأخذ الربع.
والزوجة نصيبها دائمًا في باب ذوي الأرحام الربع، ولا يمكن أن تأخذ الثُّمن.
لماذا؟
لأنَّ الزوج أو الزوجة يقولان لذوي الأرحام: نحن فَرْضُنا بالقرآن، وأنتم يا ذوي الأرحام احْمَدُوا ربَّكم أنَّكم ورثتم، فما تُزاحموننا أصلًا، نأخذ حقَّنا كاملًا.
فدائمًا للزوج النصف مع ذوي الأرحام، ودائمًا للزوجة الربع، بخلاف الردِّ، ففي الردِّ أصحاب الفرض ميراثهم أقوى؛ ولذلك الزوج يأخذ النصف أو الربع، والزوجة تأخذ الربع أو الثمن، لكن هنا لا، ذوو الأرحام ميراثهم أضعف؛ فلذلك الزوج يأخذ نصيبه كاملًا: النصف، والزوجة تأخذ نصيبها كاملًا: الربع.
فالطريقة المُبَسَّطة: أننا نُعطي الزوج أو الزوجة نصيبهما كاملًا، والتركة المُتبقية نقسمها على ذوي الأرحام بطريقتنا السابقة، هذه هي الفكرة.
هل الفكرة واضحةٌ يا إخوان؟
طيب، نُوضِّح هذا بالأمثلة:
- هالكٌ عن: زوجةٍ، وابن بنتٍ.
علمًا بأنَّ التركة 40000 ريالٍ.
أولًا: نُخرج نصيب الزوجة، فالزوجة نُعطيها دائمًا الربع؛ ربع الـ 40000 = 10000، نعطيها 10000.
والباقي 30000 لابن البنت.
فلا تَقُلْ: نصيب الزوجة الثمن؛ لوجود فرعٍ وارثٍ.
لا، الفرع الوارث هنا من ذوي الأرحام؛ فما يُؤثر على الزوجة، كما قلتُ لكم.
يعني: الزوج والزوجة يقولان: نحن فَرْضُنا بالقرآن، وأنتم -ذوي الأرحام- ميراثكم ضعيفٌ، فلا تُؤثِّرون علينا، احْمَدُوا ربَّكم أننا سَمَحْنَا لكم بأن ترثوا معنا، نحن فَرْضُنا من أقوى الفروض: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ [النساء:12]، آيةٌ في القرآن؛ فلذلك الزوج والزوجة يأخذان فرضهما كاملًا.
لاحظ هنا في هذا المثال: الزوجة أخذتْ ربع التركة، والباقي لابن البنت.
مثالٌ آخر:
- هالكةٌ عن: زوجٍ، وثلاث بنات أخٍ لأمٍّ.
التركة -مثلًا- 8000.
كم نُعطي الزوج مباشرةً؟
النصف: 4000، والباقي لبنات الأخ لأمٍّ، والذي هو 4000 أيضًا.
طيب: زوجةٌ، وخالةٌ، وعَمَّةٌ.
للزوجة دائمًا الربع.
التركة المُفترضة هي 10000، ربع الـ 10000 = 2500.
نُعطي الزوجة 2500، والباقي -وهو 7500- لذوي الأرحام، وهم: خالةٌ، وعَمَّةٌ.
طيب، كيف نقسم: خالةً وعَمَّةً؟
الخالة تُدْلِي بِمَن؟
بالأمِّ، والعَمَّة بالأب.
معنى ذلك: أن المسألة الجديدة عندنا: أمٌّ، وأبٌ.
الأم كم تأخذ؟
الثلث، وللأب الباقي.
مسألةٌ من 3، فتأخذ الأمُّ ثلث الـ 7500، يعني: 2500، وللأب الباقي وهو 5000 ريالٍ.
فالتَّبسيط في هذا: أننا نُخرج نصيب الزوج أو الزوجة، ونُعطيهما حقَّهما كاملًا، ثم نقسم المسألة على ذوي الأرحام بطريقتنا السابقة المُبَسَّطة.
وبذلك لا نحتاج للطرق المُطوَّلة، ولا نحتاج للشِّباك، ولا نحتاج لطرق المُناسخات.
ولذلك إذا أردتَ أن تتأكد اقْسِمْهَا بالطريقة المُطوَّلة وبالطريقة المُبَسَّطة تجد أنَّ النتيجة مُتطابقةٌ.
بهذا نكون قد انتهينا من الكلام عن ميراث ذوي الأرحام، وانتهينا أيضًا من هذه الدورة العلمية المُباركة -إن شاء الله- والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
| ^1 | رواه مسلم: 2699. |
|---|---|
| ^2 | رواه الترمذي: 3550 وقال: حسنٌ، وابن ماجه: 4236. |
| ^3 | رواه البيهقي في "السنن الكبرى": 15662. |
| ^4 | رواه البخاري: 2398، ومسلم: 1619. |
| ^5 | رواه البخاري: 4409، ومسلم: 1628. |
| ^6 | رواه الترمذي: 2103، وابن ماجه: 2737، وأحمد: 189. |
| ^7, ^8 | رواه البخاري: 3528، ومسلم: 1059. |
| ^9 | رواه البخاري: 4330، ومسلم: 1061. |
| ^10 | رواه أحمد: 11730. |
| ^11 | رواه أبو داود: 2870، والترمذي: 2120 وقال: حسنٌ. |
| ^12 | رواه أبو داود في "المراسيل": 361، والدارقطني في "سننه": 4156. |