الرئيسية/دروس علمية/دروس من الحرم- عمدة الفقه/(10) تتمة باب صلاة الجمعة- من قوله: “ويلبس ثوبين نظيفين..”
|categories

(10) تتمة باب صلاة الجمعة- من قوله: “ويلبس ثوبين نظيفين..”

مشاهدة من الموقع

سُنَّة التزين لصلاة الجمعة

قال:

ويلبس ثوبين نظيفين.

السنة لمن أتى الجمعة، بل لمن أراد أن يصلي عمومًا: أن يأخذ زينته في الصلاة؛ لقول الله : يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]، ما معنى: عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ؟ نعم؟

عند كل صلاةٍ، وليس المقصود: عند كل مسجدٍ، المسجد معناه الاصطلاحي المعروف: الذي يقام فيه الصلوات الخمس، وليس هذا هو المقصود؛ وإنما كما قال المفسرون: عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ يعني: عند كل سجودٍ، والمراد: عند كل صلاةٍ، فأَخْذُ الزينة في الصلاة، هل هو لأجل نظر الناس، أم لحق الله ؟ لحق الله ​​​​​​​؛ ولذلك لو صلى الإنسان في بيته في غرفةٍ مظلمةٍ لا يراه أحدٌ من الناس، هل يجوز له أن يصلي عريانًا؟ لا؛ لأن ستر العورة وأخذ الزينة لله وليس لأجل نظر الناس، وهكذا لو صلت المرأة في البيت، هل يجوز أن تصلي حاسرةً عن شعرها؟ ليس لها ذلك؛ فإذنْ أخْذُ الزينة في الصلاة لحق الله ، وهذا المعنى يغفل عنه بعض الناس، فتجد أنه عندما يصلي في بيته يصلي بملابس النوم، أو بثيابٍ رثَّةٍ، ونحو ذلك؛ اعتقادًا منه أن أخذ الزينة؛ لأجل نظر الناس، وهذا الفهم غير صحيحٍ، إذا أردت أن تصلي في البيت، ولو كانت صلاة ضحًى، أو صلاة الليل، أو سنةً راتبةً، أو أي صلاةٍ؛ ينبغي أن تأخذ زينتك، البس أحسن ملابسك، وهكذا أيضًا إذا أتيت للمسجد؛ البس أحسن ملابسك.

ويتأكد أخذ الزينة في الجمعة، وفي العيدين؛ وذلك لأن هذا هو هدي النبي ، وأخذ الزينة يختلف باختلاف الأعراف واختلاف البيئات واختلاف الأزمنة؛ فمثلًا: عندنا هنا في المملكة، من الزينة لبس (المشلح) [1]؛ ولذلك يلبسونه في الأفراح وفي الأعراس، إذنْ هذا ينبغي أخذه لمن كان مثلًا هنا في المملكة؛ لأن هذا في العرف عند الناس أنه من أخذ الزينة، أيضًا في بلدانٍ أخرى عندهم أنواعٌ من الألبسة يلبسونها في المناسبات العامة، يلبسونها في الأعراس ونحوها، هذه ينبغي أن يلبسها المسلم إذا ذهب يوم الجمعة.

فإذنْ ينبغي للمسلم أن يأخذ زينته، يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ [الأعراف:31]، ولاحِظ أن بعض الناس عندما يأتي للمسجد؛ يأتي بملابس النوم، وسبحان الله! كأن الصلاة هي آخر اهتماماته، يأتي بملابس النوم، وأحيانًا يكون فيه روائح، ولا يهتم بشأن الصلاة، نقول: ينبغي للمسلم أن يهتم بشأن الصلاة، وأن يأخذ زينته؛ فإن أخذ الزينة إنما هو لحق الله ، وليس لأجل نظر الناس.

التطيب ليوم الجمعة

قال:

ويتطيب.

يستحب التطيب ليوم الجمعة؛ لحديث سلمان  أن النبي قال: لا يغتسل رجلٌ يوم الجمعة، ويتطهر ما استطاع من طهرٍ، ويدَّهن من دهنه، أو يمس من طيب بيته، ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين، ثم يصلي ما كُتب له، ثم ينصت إذا تكلم الإمام؛ إلا غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى [2]، جاء في رواية مسلمٍ: ولو من طيب المرأة [3]، يعني: هذا دليلٌ على تأكد التطيب عند الذهاب للجمعة، حتى لو لم تجد طيبًا خاصًّا بك، لا بأس أن تتطيب بطيب زوجتك، لا بأس، هذا يدل على تأكد التطيب عند الذهاب للجمعة.

سنة التبكير لصلاة الجمعة

قال:

ويُبَكِّر إليها.

التبكير لجميع الصلوات مستحبٌّ، لكن يتأكد ذلك بالنسبة للجمعة، فإنه قد ورد في التبكير أجرٌ خاصٌّ، وهو ما جاء في حديث أبي هريرة  أن النبي قال: من جاء الجمعة في الساعة الأولى فكأنما قرَّب بَدَنَةً، ومن جاءها في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرةً، ومن أتى الجمعة في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشًا أقرن، ومن أتى الجمعة في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجةً، ومن أتى الجمعة في الساعة الخامسة؛ فكأنما قرب بيضةً، فإذا دخل الإمام طُوِيَت الصحف، وأقبلت الملائكة تستمع الذكر [4]، رواه البخاري ومسلمٌ.

فهذا يدل على فضل التبكير في الجمعة، وأن من أتى مبكرًا في الساعة الأولى؛ كأنما تقرَّب إلى الله بذبح بدنةٍ، فإن تأخر إلى الثانية، كأنما تقرب بذبح بقرة، فإن تأخر للساعة الثالثة، كأنما تقرب إلى الله بذبح كبشٍ أقرن، فإن أتى في الرابعة كأنما تقرب إلى الله بدجاجةٍ، فإن أتى في الخامسة كأنما تقرب إلى الله ببيضةٍ، فإن أتى بعد دخول الخطيب، هل يكتب له من أجر التبكير شيء؟ لا يكتب له شيءٌ.

وإنه لمن الحرمان العظيم أن بعض الناس قد اعتادوا ألا يأتوا الجمعة إلا بعد دخول الخطيب؛ فيحرمون أنفسهم هذا الأجر وهذا الفضل، وربما يكون من أبرز الأسباب الداعية لهذا: أن بعض الناس يسهر ليلة الجمعة ثم ينام، ويستمر في نومه إلى أن يتأخر عن صلاة الجمعة.

أقول: ينبغي الاهتمام بصلاة الجمعة، يستعد لها المسلم، ينام مبكرًا، ثم يقوم ويذهب للمسجد الجامع مبكرًا، يغتسل ويتطيب ويذهب مبكرًا بها، يجعل هذه الصلاة أكبر اهتماماته وأول اهتماماته.

طيب، نريد أن نعرف هذه الساعات المذكورة في هذا الحديث، هنا ذكر كم ساعةً؟ خمس ساعاتٍ، وقلنا: إن هدي النبي أنه كان يدخل بعد الزوال، والزوال يكون بعد الساعة ماذا؟ السادسة؛ لأن النهار تقسمه العرب إلى اثني عشر قسمًا، كل قسمٍ يسمونه الساعة، منتصف النهار -الذي هو وقت الزوال- عند الساعة السادسة، فمعنى ذلك: أنه ذكر في هذا الحديث خمس ساعاتٍ، وتكون بناءً على هذا الساعةُ الأولى بعد طلوع الشمس بساعةٍ، ولكن ليس المقصود بالساعة: الساعة التي هي ستون دقيقةً، ولكن المقصود بالساعة: ما بين طلوع الشمس إلى غروبها اقسمه على اثني عشر، ونريد من أحد الإخوة الحاضرين الآن أن يحسب لنا مقدار الساعة؟ تطلع الشمس هنا في مكة الساعة السابعة، وتغرب قرابة السادسة، فكم أصبح النهار؟ نعم؟

عندنا: الثامنة، والتاسعة، والعاشرة، والحادية عشرة، والثانية عشرة، والواحدة، والثانية، والثالثة، والرابعة، والخامسة، والسادسة، أصبح النهار كم؟ إحدى عشرة ساعةً، طيب إحدى عشرة ساعةً كم يصبح؟ نضرب 11×12، بحيث نعرف، كم يصبح مقدار النهار؟ 11×60 دقيقةً، واقسمه على 12، نعم؟ 52 دقيقةً، حسبها أخونا الأخ الكريم بـ..، نعم؟ 55.

يعني: اجمع دقائق هذا النهار، دقائق النهار 11 ساعةً، اضربها في 60، ثم اقسمها على 12، اضرب 11×60، كم؟ طيب، ثم اقسمها على 12، كم خرجت معك؟ 55 دقيقةً.

إذنْ معنى ذلك: أن الساعة هذه الأيام 55 دقيقةً، تكون الساعة الأولى بعد طلوع الشمس بـ55 دقيقةً، ثم تحسب كل ساعةٍ 55 دقيقةً، هذا أرجح الأقوال في معنى الساعة يوم الجمعة، وهذا ما رجحه الحافظ ابن حجرٍ رحمه الله، وترجيحه بيِّنٌ كما ترون؛ فإنه ذكر في هذا الحديث خمس ساعاتٍ فقط، والنبي كان يدخل الساعة السادسة، لكن إذا أردت أن تعرف مقدار الساعة على مدار العام؛ فخذ هذه المعادلة التي ذكرتُ: احسب كم النهار من ساعةٍ، واضربه في 60، واقسم الناتج على 12؛ يخرج لك مقدار الساعة، فتكون بداية الساعة بعد طلوع الشمس بساعةٍ، لكن الساعة على الطريقة التي ذكرنا، وليس المقصود بها الساعة التي هي 60 دقيقةً، ومن خلال التجربة هي تتراوح ما بين 52 دقيقةً إلى 55 دقيقةً، يعني: في هذا المحيط، يعني: قريبة من 60 دقيقةً.

تحية المسجد أثناء الخطبة

قال:

فإذا جاء والإمام يخطب؛ لم يجلس حتى يصلي ركعتين يوجز فيهما.

وذلك لما جاء في “الصحيحين” عن جابرٍ  أن رجلًا دخل يوم الجمعة والنبي يخطب، فقال: يا فلان، أصليت ركعتين؟ قال: لا، قال: قم فصل ركعتين وتَجَوَّزْ فيهما [5]، يعني: خَفِّفهما.

فمن أتى والخطيب يخطب؛ فإنه يأتي بتحية المسجد مع تخفيفها.

حكم الكلام أثناء خطبة الجمعة

ولا يجوز الكلام والإمام يخطب؛ لقول النبي إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت، والإمام يخطب، فقد لغوت [6]، متفقٌ عليه، يعني: حتى في باب إنكار المنكر، لو رأيت شخصًا يتحدث وتكلمت، قلت: أنصت، هو قد لغا، وأنت أيضًا قد لغوت، طيب حتى في إنكار المنكر؟! نعم، إذنْ ماذا تفعل معه؟ إنسانٌ يتحدث والخطيب يخطب، نعم، ماذا تفعل؟

إي نعم، تشير له إشارةً، بالإشارة من غير كلامٍ؛ وهذا يدل على أنه لا يجوز للمستمع في الخطبة أن يتكلم بأي كلامٍ، حتى ولو كان أمرًا بمعروفٍ أو نهيًا عن منكرٍ، المطلوب هو الإنصات للخطيب.

كلام الخطيب مع المصلين

قال:

إلا الإمام.

الإمام يجوز له أن يتكلم، يكلم المأمومين، والنبي كان يتكلم، لمَّا قال لهذا الرجل: أصليت ركعتين؟ [7]، فالإمام لا بأس أن يتكلم، لو كان مثلًا هناك عطلٌ في مكبر الصوت، لا بأس أن يتكلم، يطلب من المؤذن أو أحد الناس شيئًا، فالإمام إذنْ لا بأس أن يتكلم.

أو من كلمه الإمام.

لأن النبي لما قال للرجل: أصليت ركعتين؟ ماذا قال له؟ قال: لا، تكلم معه.

كلام المأمومين مع الإمام للحاجة

وكذلك أيضًا لو أراد أحد المأمومين أن يكلم الإمام في أمرٍ فيه مصلحةٌ، فلا بأس؛ كأن يُذكِّره بأمرٍ نسيه، والدليل لهذا: ما جاء في “الصحيحين” أن النبي كان يخطب الجمعة، فجاء رجلٌ فقال: يا رسول الله -قاطع النبي في الخطبة- قال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل؛ فادع الله أن يغيثنا، فرفع النبي يديه وقال: اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، فما نزل عن المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته، وبقي المطر أسبوعًا كاملًا إلى الجمعة الأخرى، فدخل هذا الرجل أو غيره وقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله أن يمسكها عنا.

سبحان الله! ما أضعف البشر! الجمعة الماضية يقولون: ادع الله أن يغيثنا، والجمعة التي بعدها يقولون: ادع الله أن يمسكها عنا!

فمن حكمة النبي أنه ما دعا الله أن يمسك الغيث؛ لأن الغيث رحمةٌ؛ وإنما قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظِّراب [8]، وبطون الأودية ومنابت الشجر [9].

يقول الراوي: فو الله ما قال بيده هكذا إلا وتقطع السحاب! سبحان الله! آية من آيات الله !

الشاهد من هذه القصة: أن النبي كلَّمه هذا الرجل في الجمعة الأولى وفي الجمعة الثانية؛ ولم ينكر عليه .

فإذنْ كون الخطيب يكلم الناس، لا بأس، كونه يكلم أحدًا ويرد عليه، لا بأس، كون أحد الحاضرين يكلم الخطيب فيما فيه مصلحةٌ، لا بأس؛ مثلًا: لو كانت الخطبة قريبةً من يوم عاشوراء، ونسي الخطيب أن يذكر الناس؛ فقام أحد الناس وكلمه، أو كتب له ورقة: لو ذكرت الناس بفضل عاشوراء، مثلًا، لا بأس بهذا، إذنْ ما هو الممنوع؟ الممنوع أن يتكلم مستمع الخطبة مع أحد الحاضرين، هذا هو الممنوع، ومن فعل ذلك فقد لغا، ما المقصود باللغو؟ إذا قلت لصاحبك والإمام يخطب: أنصت، فقد لغوت، ومن مس الحصى؛ فقد لغا، ما معنى لغا؟ أن يَبطُل أجر الجمعة في حقه، لكن تقع هذه الصلاة مبرئةً للذمة، لا يطالب بإعادتها ظهرًا، لكنه يفوته أجر وثواب الجمعة؛ لكونه لم يتأدب بهذا الأدب الشرعي، وهو الإنصات للخطيب.

خطبة الجمعة من محاسن الشريعة

ومشروعية خطبة الجمعة من محاسن هذه الشريعة، هذا المنبر الأسبوعي، الذي ليس له نظيرٌ في الدنيا، أعطوني منبرًا من المنابر يَستمع له جميع طبقات وشرائح المجتمع؛ الأغنياء والفقراء والأمراء، والعامي والفلاح، وجميع طبقات المجتمع تستمع لهذا المنبر، ثم تستمع استماعًا فيه الإنصات التام، ليس فيه اعتراضٌ، وليس فيه مناقشةٌ للخطيب، وليس فيه كلامٌ، وليس فيه انشغالٌ، إنصاتٌ تامٌّ، هذا المنبر العظيم لا نظير له في الدنيا.

هذا المنبر لو قلنا: عدد المسلمين الآن يزيد على مليارٍ ونصفٍ، لو طرحنا نصف هذا العدد، وقلنا: نساءٌ، لا تجب عليهن الجمعة، فكم أصبح العدد من مليارٍ ونصفٍ؟ سبعمئةٍ وخمسين مليونًا، اطرح أيضًا: ثلاثمئةٍ وخمسين مليونًا مثلًا من المرضى ومن الصبيان ومن المسلمين المقصرين الذين لا يحضرون الجمعة، كم بقي؟ أربعمئة مليونٍ، يعني: لا يقل عن أربعمئة مليونٍ يحضرون هذا المنبر كل أسبوعٍ، فما ظنك لو أن الخطباء قاموا بمسؤوليتهم، وأدوا هذه الخطبة كما ينبغي، كيف سيكون أثرها على المسلمين؟! منبرٌ يحضره ما لا يقل عن أربعمئة مليونٍ، حضورٌ من نوعٍ خاصٍّ متميزٍ ليس له نظيرٌ، إنصاتٌ تامٌّ دون اعتراضٍ ودون انشغالٍ، هذا المنبر ليس له نظيرٌ، سبحان الله!

وهذا من محاسن هذه الشريعة العظيمة، فعلى الخطباء أن يُقدِّروا هذا المنبر حق قدره، وأن يهتموا به، وأن يُعنَوا بإعداد الخطب النافعة التي تفيد المسلمين وتبصرهم في أمور دينهم، وتغرس محبة الله ومحبة رسوله في النفوس، وتعظيم الله وتعظيم رسوله في النفوس.

بهذا نكون قد انتهينا من الكلام عن أحكام صلاة الجمعة.

ننتقل لباب صلاة العيدين:

باب صلاة العيدين

باب صلاة العيدين

وهي فرضٌ على الكفاية، إذا قام بها أربعون من أهل المصر؛ سقطت عن سائرهم.

ووقتها: من ارتفاع الشمس قِيدَ رُمحٍ إلى الزوال.

والسنة فعلها في الصحراء.

وتعجيل الأضحى، وتأخير الفطر، والفطر في الفطر خاصةً قبل الصلاة.

ويسن أن يغتسل ويتنظف ويتطيب، فإذا حلَّت الصلاة؛ تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين بلا أذانٍ ولا إقامةٍ؛ يكبر في الأولى سبعًا بتكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمسًا سوى تكبيرة القيام، ويرفع يديه مع كل تكبيرةٍ، ويحمد الله ويصلي على النبي بين كل تكبيرتين، ثم يقرأ الفاتحة وسورةً يجهر فيهما بالقراءة، فإذا سلَّم خطب فيهم خطبتين؛ فإن كان فطرًا؛ حثهم على الصدقة وبين لهم حُكمها، وإن كان أضحًى؛ بين لهم حُكم الأضحية.

الشرح:

باب صلاة العيدين

“العيدان”: تثنية “عيدٍ”، والعيد: اسمٌ لما يتكرر ويعود كل عامٍ في وقتٍ معينٍ من السنة، هذا هو العيد، ويلاحَظ أنه في هذا العيد تعظيم الزمن؛ ولذلك فهو يومٌ محددٌ في السنة يتكرر، وقد كان للناس أعيادٌ فأبطلها النبي ، ولمَّا قدم المدينة؛ وجد لأهلها يومين يلعبون فيهما، قال: إن الله قد أبدلكم يومين خيرًا منهما: عيد الفطر، وعيد الأضحى [10]، مع أنهما يومان للهو واللعب، وليس لممارسة شعائر دينيةٍ، لكن لمَّا كان ذلك الزمن معظمًا؛ اعتبره النبي عيدًا؛ ولهذا لا يجوز تخصيص يومٍ من السنة يتكرر كل عامٍ، حتى ولو كان الناس يَلهُون فيه ويلعبون.

فإذنْ ليس للمسلمين من أعيادٍ سوى عيد الفطر وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع الذي هو يوم الجمعة، فمن اتخذ عيدًا غير هذه الأعياد؛ فإنه قد ابتدع في الدين.

حكم صلاة العيد

قال: “وهي” -يعني صلاة العيد- “فرضٌ على الكفاية”: هي من فروض الكفاية، أو من شعائر الإسلام الظاهرة، فإذا قام بها من يكفي؛ سقط الإثم عن الباقين، ومن أهل العلم من قال: إنها سنةٌ، ومنهم من قال: إنها واجبةٌ.

والأظهر -كما قال المؤلف- أنها من فروض الكفاية؛ ومما يدل لذلك: أنه إذا وافق العيدُ الجمعةَ؛ كان له ألا يصلي العيد، ويصلي الجمعة، فإن صلى العيد؛ لم يجب عليه أن يصلي الجمعة؛ وهذا يدل على أنها من فروض الكفاية.

قال: “إذا قام بها أربعون من أهل المصر؛ سقطت عن سائرهم”، ونحن قد رجحنا في العدد المشترط للجمعة كم؟ ثلاثة، كذلك أيضًا العدد المشترط في العيد: ثلاثة، هذه المسألة فرعٌ عن المسألة السابقة، والخلاف فيها هو الخلاف؛ فيكون القول الراجح في العدد المشترط في صلاة العيد: ثلاثة؛ واحدٌ يخطب، واثنان يستمعان.

وقت صلاة العيدين

قال: “ووقتها: من ارتفاع الشمس قِيدَ رُمحٍ إلى الزوال”، وسبق أن عَرَفنا المقصود بارتفاع الشمس قيد رمحٍ، يعني: قدر رمحٍ، وقلنا: إن مقدار ارتفاع الشمس قدر رمحٍ في عين الناظر كم دقيقةً؟ حدود 10 دقائق.

فوقت العيد إذنْ يبتدئ من بعد طلوع الشمس بنحو 10 دقائق، وذكرنا بالأمس: إذا أردت أن تعرف ذلك -والناس الآن داخل الأبنية لا يتمكن كثيرٌ منهم من مراقبة الشمس ومعرفة متى ترتفع قيد رمحٍ- أقول: إذا أردت أن تعرف ذلك؛ خذ التقويم، وانظر إلى وقت الشروق، وأضف له 10 دقائق، وقت الشروق في البلد الذي أنت مقيمٌ فيه؛ مثلًا: هنا في مكة وقت الشروق الساعة السابعة والـ 10 دقائق، تكون قد ارتفعت الشمس قيد رمحٍ، فهذا هو ابتداء وقت صلاة العيد.

سنن صلاة العيدين

“والسنة فعلها في الصحراء”، قريبًا من البنيان؛ لأن هذا هو هدي النبي [11]، لكن إن لم يتيسر ذلك؛ فلا بأس بفعلها في المساجد؛ فهي تصح في المساجد وفي البنيان وفي الصحراء، ولكن فعلها في الصحراء هو الأفضل.

قال: “وتعجيل الأضحى، وتأخير الفطر”، وهذا بالنسبة للخطيب السنة أن يعجل الأضحى؛ وذلك حتى يبادر الناس لذبح ضحاياهم، وأن يؤخر صلاة عيد الفطر قليلًا؛ حتى يتسع الوقت لتوزيع زكاة الفطر.

قال: “والفطر في الفطر خاصةً قبل الزوال”، أي: يسن أن يفطر في عيد الفطر قبل أن يذهب لصلاة العيد؛ لما جاء في “صحيح البخاري” عن أنسٍ قال: “كان النبي لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمراتٍ” [12]، رواه البخاري.

السنة أن يأكل تمراتٍ؛ وذلك ليكون أبلغ في تحقيق الفطر؛ لأن يوم العيد يحرم صومه، وهو يوم فرحٍ وسرورٍ، فالسنة إذنْ أن يفطر قبل أن يذهب لصلاة العيد، وأن يكون ذلك على تمراتٍ.

وبعض الفقهاء يقول: ينبغي أن يقطع على وترٍ، جاء ذلك في بعض الروايات [13]، لكن في سندها ضعفٌ، ورواية البخاري: “كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمراتٍ”، من غير زيادةٍ: “وترًا”.

قال: “ويسن أن يغتسل ويتنظف ويتطيب”، يعني: لصلاة العيد، رُوي في ذلك أحاديث عن النبي [14]، لكن جميع ما رُوي في ذلك ضعيفٌ، لا يثبت من جهة الصناعة الحديثية، وإذا كان لا يثبت، فالقول بالاستحباب حكمٌ شرعيٌّ يحتاج إلى دليلٍ، ولا دليل يدل لذلك؛ وعلى هذا: فالقول الراجح أنه لا يستحب الاغتسال لصلاة العيد، وإنما هو مباحٌ، من أراد أن يغتسل فالأمر يرجع له، وأما القول بالاستحباب فيحتاج إلى دليلٍ، وليس هناك دليلٌ ظاهرٌ، الأحاديث المروية في ذلك ضعيفةٌ.

صفة صلاة العيدين

قال: “فإذا حلت الصلاة تقدم الإمام فصلى بهم ركعتين بلا أذانٍ ولا إقامةٍ”، نعم صلاة العيد ليس لها أذانٌ ولا إقامةٌ، وإنما إذا أتى الخطيب يسلم على المأمومين، ويسوي الصفوف.

“ثم يكبِّر فيصلي ركعتين، يكبر في الأولى سبعًا بتكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمسًا سوى تكبيرة القيام”، يعني: يكبر سبع تكبيراتٍ في الأولى، وست تكبيراتٍ في الثانية، إذا حسبنا تكبيرة الانتقال، وإذا لم نحسب تكبيرة الانتقال؛ تكون خمس تكبيراتٍ.

“ويرفع يديه مع كل تكبيرةٍ، قائلًا: الله أكبر”، هكذا يرفع يديه، إما إلى منكبيه، أو إلى فرع أذنيه.

“ويحمد الله، ويصلى على النبي بين كل تكبيرتين”، يعني: إذا قال: الله أكبر، قال: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، هذا روي عن ابن مسعودٍ  لكن لم يثبت ذلك عن النبي ، ولم يرد ذلك عن الخلفاء الراشدين، فالقول باستحبابه يحتاج إلى دليلٍ، والقول الراجح في هذه المسألة: أن ذلك لا يستحب أنه غير مشروعٍ، وأكمل الهدي هدي النبي .

وأما ما فعله ابن مسعودٍ هو اجتهاد منه ؛ ولذلك لم يرد عن الخلفاء الراشدين؛ أبي بكرٍ وعمر وعثمان وعليٍّ، كانوا يصلون بالناس صلاتي العيدين، لم يثبت ذلك عن النبي ، ولا عن الخلفاء الراشدين، ولا شك أن هديهم أكمل، وأن ما اتفق عليه الخلفاء الراشدون أولى مما اجتهد فيه ابن مسعودٍ ؛ وعلى ذلك: فالراجح أنه يسكت بين التكبيرات الزوائد، ولا يقول شيئًا؛ لعدم ثبوت ذلك عن النبي  وعدم ثبوته عن الخلفاء الراشدين.

قال: “ثم يقرأ الفاتحة وسورةً يجهر فيهما بالقراءة”، والسنة أن يقرأ بعد الفاتحة بـسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى [الأعلى:1]، في الأولى، وهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1]، في الثانية، أو بـق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيد [ق:1]، في الأولى، واقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَر [القمر:1]، في الثانية، فكل هذا ثابتٌ عن النبي .

“فإذا سلم خطب بهم خطبتين”، والسنة أن يفتتح الخطبتين بالحمد لله، وأما قول بعض الفقهاء: إنه يفتتح خطبتي العيدين بالتكبير، فهذا لا دليلٌ عليه، بل كما قال ابن القيم وغيره: “لم يرد عن النبي أنه افتتح خطبةً من خطبه إلا بالحمد”، جميع خطب النبي يبدأها بالحمد، بل حتى جميع أحاديثه ؛ ولذلك افتتاح الدروس والمحاضرات والكلمات، هل الأفضل أن تبدأ بالبسملة: “بسم الله الرحمن الرحيم”، أو تبدأ بـ “الحمد لله رب العالمين”؟

الأمر في هذا واسعٌ، سواءٌ بدأ بهذا أو بهذا، لكن نريد الأقرب للسنة، الأقرب: أن تبدأ بـ “الحمد لله رب العالمين”؛ لأن أكمل الهدي هدي النبي ، أما الكتب والخطابات وما يكتب، فيبدأ بالبسملة؛ لذلك كان النبي يبدأ كتبه إلى ملوك العالم ورؤساء العالم بـ”بسم الله الرحمن الرحيم”، كتاب سليمان: إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [النمل:30].

فإذنْ ما يكتب يبدأ بالبسملة، وأما الخطب التي تلقى، والأحاديث والدروس فتبدأ بـ”الحمد لله رب العالمين”.

فخذ هذه الفائدة، وهي من لطائف الفوائد التي وردت معنا هنا: جميع الخطب، سواءٌ كانت خطبة الجمعة، أو خطبة العيدين، أو غيرها، وجميع الأحاديث والدروس والمحاضرات، الأفضل أنها تبدأ بـ”الحمد لله رب العالمين”.

قال: “فإن كان فطرًا؛ حثهم -يعني في الخطبة- على الصدقة -يعني زكاة الفطر- وبيَّن لهم حكمها”.

يخطب بما يناسب الحال، لكن يشير لزكاة الفطر؛ ولبعض أحكام صلاة العيد، وأحكام يوم العيد، وإن كان أضحًى؛ بين لهم حكم الأضحية، وما الذي يجزئ فيها، وما يحتاج الناس إلى بيانه.

قال:

والتكبيرات الزوائد والخطبتان سنةٌ.

أما التكبيرات الزوائد فبالإجماع، فلو أن الخطيب لم يكبر إلا تكبيرة الإحرام في الأولى، وتكبيرة الانتقال في الثانية؛ أجزأ.

وأما خطبتا العيد: فالمؤلف يرى أنهما سنةٌ؛ وذلك لحديث عبدالله بن السائب  قال: شهدت العيد مع النبي ، فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب [15]، وهذا صريحٌ في أن الاستماع للخطبة سنةٌ، هذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجه، لكن هذا الحديث في سنده مقالٌ، والأقرب عدم ثبوته؛ ولذلك ذهب بعض أهل العلم إلى أن الاستماع لخطبتي العيدين فرض كفايةٍ، وهذا هو القول الراجح؛ إذ إنه يترتب على القول بأن الاستماع إلى خطبة العيدين سنةٌ: أنه لو انصرف الناس كلهم؛ لا يكون عليهم إثمٌ، كون الناس يصلون بدون خطبةٍ، هذا مخالفٌ للأدلة والأصول والقواعد الشرعية.

فالقول الراجح إذنْ: أن الاستماع لخطبتي العيدين فرض كفايةٍ.

حكم التنفل قبل صلاة العيد وبعدها

قال:

ولا يتنفل قبل صلاة العيد ولا بعدها في موضعها.

لأن ذلك لم يُنقل عن النبي ، وقوله: “في موضعها”، احترازٌ مما لو أراد أن يتنفل في البيت، قد ورد أن النبي كان إذا رجع من صلاة العيد صلى ركعتين في بيته [16].

المسبوق في صلاة العيد

ومن أدرك الإمام قبل سلامه؛ أتمها على صفتها.

يعني: المسبوق في صلاة العيد، إذا أدرك الإمام قبل أن يسلم؛ يقوم ويقضيها على صفتها؛ سبع تكبيراتٍ في الأولى، وست تكبيراتٍ في الثانية، ومن فاتته فلا قضاء عليه؛ لأنها من فروض الكفاية؛ فلا يجب عليه أن يقضيها، فإن أحب؛ صلاها تطوعًا؛ إن شاء ركعتين، وإن شاء أربعًا، وإن شاء صلاها على صفتها، الأمر في هذا واسعٌ، إن أحب صلاها تطوعًا ركعتين أو أربعًا؛ كما رُوي ذلك عن ابن مسعودٍ ، أو صلاها على صفتها، كل هذا لا بأس به.

طيب ننتقل بعد ذلك للتكبير:

التكبير في العيدين

ويستحب التكبير في ليلتي العيدين، ويكبر في الأضحى عقب الفرائض في الجماعة من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق.

وصفة التكبير شفعًا: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر.

الشيخ:

ما عندك: “إلا المُحرِم فإنه يكبر من صلاة الظهر”؟ في بعض النسخ، طيب، نعم.

القارئ:

وصفة التكبير شفعًا: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الشرح:
قال: “ويستحب التكبير في ليلتي العيدين”؛ لقول الله : وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [البقرة:185]، وهذه قد جاءت في آيات الصيام: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن [البقرة:185]، في آخر الآية: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ؛ ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن التكبير ليلة عيد الفطر آكد من التكبير ليلة عيد الأضحى.

أقسام التكبير

والتكبير ينقسم إلى قسمين: تكبيرٌ مطلقٌ، وتكبيرٌ مقيدٌ.

  • التكبير المطلق: يبتدئ من غروب الشمس ليلة عيد الفطر إلى صلاة العيد، وبالنسبة لعيد الأضحى، ظاهر كلام المؤلف: أنه ليلة عيد الأضحى، ولكن القول الراجح: أن التكبير المطلق يبتدئ من دخول عشر ذي الحجة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق؛ وذلك لآثارٍ رويت عن الصحابة في هذا، هذا هو التكبير المطلق.
  • وأما التكبير المقيد: فقد بينه المؤلف بقوله: “ويكبر في الأضحى”، التكبير المقيد، يكون في الأضحى، ولا يكون في عيد الفطر، “يكبر في الأضحى عقب الفرائض في الجماعة من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق”.

وقوله: “في الجماعة”، يُفهم منه أن من صلى وحده لا يكبر، والقول الثاني في المسألة: أن هذا التكبير يشرع للمنفرد كذلك، ويشرع للرجل وللمرأة جميعًا، وهذا هو القول الراجح، أن التكبير المقيد لا يتقيد بالجماعة، وإنما يكون عقب كل صلاةٍ مفروضةٍ.

“من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق”، وفي بعض نسخ “العمدة في الفقه”، ربما ليست موجودةً في النسخ التي بين يدي الإخوة، لكن في بعض النسخ: “إلا المُحرِم فإنه يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق”، فالمحرم يبدأ التكبير المقيد في حقه من ظهر يوم العيد إلى عصر آخر أيام التشريق، أما غير الحاج فمِن بعد صلاة الفجر من يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق.

صفة التكبير

“وصفة التكبير شفعًا: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد”.

وورد أيضًا وترًا: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، يعني: ثلاث مراتٍ، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

ولو زاد وقال: الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا؛ فلا بأس بهذا.

وهذه المسألة الأصل فيها الآثار المروية عن الصحابة ، لم يرد فيها إلا قول الله : وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [البقرة:185]، ولم يثبت فيها شيءٌ من السنة فيما أعلم، وإنما عمدة الكلام فيها على الآثار المروية عن الصحابة .

والسنة للرجال: أن يرفعوا أصواتهم بالتكبير، والنساء كذلك يشرع لهن التكبير، لكن من غير رفع الصوت، وقد كان عمر يصلي بالناس في منًى، فإذا صلى الصلاة المكتوبة كبَّر وكبَّر الناس بتكبيره؛ فترتج منًى تكبيرًا، فينبغي الحرص على هذه السنة التي تساهل فيها كثيرٌ من الناس في الوقت الحاضر، والسنة إذا حصل التساهل فيها؛ تأكد إحياؤها، ينبغي إحياؤها بالقول وبالفعل.

وبهذا ننتهي من أحكام صلاة العيدين، ويبقى معنا كتاب الجنائز، وسوف نشرحه -إن شاء الله- بعد صلاة الفجر.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 المشلح: عباءة تسدل على كتفي الرجل، لها فتحتان من الجانبين بدلا من الكمين، مفتوحة من الأمام، يرتديها الرجل العربي فوق زيه كرداء تكميلي للزي التقليدي.
^2 رواه البخاري: 883، ومسلم: 857.
^3 رواه مسلم: 846.
^4 رواه البخاري: 881، ومسلم: 850.
^5 رواه مسلم: 875، بنحوه.
^6 رواه البخاري: 934، ومسلم: 851.
^7 سبق تخريجه.
^8 الآكام: التلال، واحدها أَكَمَة، والظراب: الروابي الصغيرة، واحدها ظَرِب. ينظر المصباح المنير للفيومي: (أ ك م)، (ظ ر ب).
^9 رواه البخاري: 1014، ومسلم: 897.
^10 رواه أبو داود: 1134، والنسائي: 1556، وأحمد: 12006، بنحوه.
^11 رواه البخاري: 956، ومسلم: 889.
^12 رواه البخاري: 953.
^13 رواه أحمد: 12268، وذكره البخاري تعليقا عقب حديث: 953.
^14 رواه ابن ماجه: 1315.
^15 رواه أبو داود: 1155، وابن ماجه: 1290.
^16 رواه أحمد: 11226، وابن ماجه: 1293.