|categories

(15) فتاوى رمضان 1437هـ

مشاهدة من الموقع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مرحبًا بكم -أحبتنا الكرام- إلى حلقةٍ جديدةٍ من برنامج الفتاوى المباشر (فتاوى رمضان).

ضيف حلقتنا هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء.

السلام عليكم شيخ سعد.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

المقدم: حياكم الله وبارك فيكم وفي علمكم.

شيخ سعد، في مثل هذا الشهر الكريم، وفي مواسم الطاعات عمومًا، تكثر رسائل الأدعية، وكذلك رسائل الأحاديث، التي تحتوي بعض الأدعية، ويسألون الناس عن صحتها وهذا الانتشار السريع لها؛ أحد الإخوة أرسل بهذا الدعاء يقول: دعاء إذا قلته تشتاق لك الجنة كما تشتاق لها أنت، قال جبريل : يا محمد، والذي بعثك بالحق لا يدعو أحدٌ بهذا الدعاء إلا غفرت له ذنوبه، واشتاقت إليه الجنة، واستغَفَر له المكان، وفُتحت له أبواب الجنة فنادته الملائكة: يا ولي الله، ادخل أي بابٍ شئت، والدعاء هو: “اللهم إني أسألك إيمانًا دائمًا، وأسألك قلبًا خاشعًا، وأسألك إيمانًا صادقًا، وأسألك دينًا قيمًا، وأسألك العافية من كل بليةٍ، يا فارج الهم، ويا كاشف الغم، فرِّج همي، ويسر أمري، وارحم ضعفي وقلة حيلتي، وارزقني من حيث لا أحتسب، يا رب العالمين”.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلي آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع إلى يوم الدين.

أما بعد:

فينبغي للمسلم إذا وصلت إليه مثل هذه الرسائل، ولا يعلم صحتها، أن يسأل أهل العلم عن صحتها، وألا يعمل بكل ما جاءه من رسائل من أناسٍ مجهولين غير معروفين؛ فإنه -مع انتشار وسائل التواصل السريع- أصبحت تنتشر أحاديث موضوعةٌ، وليس لها أصلٌ، ومنها هذا الحديث، هذا حديثٌ ليس له أصلٌ، ولذلك هذا الحديث غير معروفٍ عند أهل العلم، ولا يُعلم له أصلٌ؛ فلا يعمل به.

وهكذا أيضًا الأحاديث التي ليس لها أصلٌ، أو أن لها أصلًا لكنه ضعيفٌ، فإنه أيضًا لا يُعمل بها، وما صح من الأدعية فيه غُنْيةٌ عما لم يصح، على أن الدعاء لا يشترط فيه أيضًا التقيد بالمأثور؛ فقد يدعو الإنسان بحاجاته، وبكلام من عنده ولو لم يكن مأثورًا، المهم ألا يعتدي في الدعاء، ألا يكون عنده اعتداءٌ في الدعاء.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

شيخ سعد، بعض هذه الأحاديث الموضوعة التي تنتشر يكون فيها دس السم في العسل؛ يضعون بعض العبارات والأدعية المأثورة التي هي من الكتاب والسنة، فتنطلي على كثيرٍ من الناس، ويقول: هذا الدعاء طيبٌ؟

الشيخ: إي نعم، صحيحٌ، وربما بعض الناس يستخدمها لنشر بعض العقائد المنحرفة ونحو هذا، وبعضها أيضًا تشتمل على نكارةٍ في نفسها؛ ولهذا فمن المهم أن المسلم يسأل أهل العلم، وإذا لم تأت هذه الرسالة من مصدرٍ موثوقٍ، ومن عالِمٍ معروفٍ، فإنه لا يعمل بها حتى يسأل عنها.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

نستقبل أول اتصالات الحلقة من الرياض، أم أحمد، تفضلي.

السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضلي بسؤالك.

السائل: بالله يا شيخ، والله أنا زوجي من ثالث يوم في رمضان قبل المغرب بساعةٍ، غضب مني وضربني، وهو أصلًا مسحورٌ، أنا وهو معمولٌ لنا سحر تفريقٍ، وحالته النفسية والعصبية دائمًا متقلبةٌ في المزاج جدًّا، يعني: أحيانًا يكون بخيرٍ، وفجأةً ينقلب ويتحول، ورمى عليَّ يمين الطلاق، وأنا كنت حائضًا، فأنا الآن لا أدري هل هذه اليمين وقعت، مع إنه كثير الطلاق، يعني هو أصلًا كثير الطلاق، وطبعًا يكون في حالة جنونٍ؟

المقدم: طيب، أم أحمد السؤال الآخر غير الطلاق؟

السائل: لا والله، كل الموضوع الذي أريد أن أعرفه: هل طلاق الحائض، وأيضًا هناك سحر تفريقٍ للزوج والزوجة، وهو رمى أيمان طلاقٍ، ربما هذه اليمين الثالثة أو الرابعة، طيب، هل هذه اليمين تقع أو لا تقع؟

الشيخ: أنتم مقيمون هنا في المملكة؟

السائل: نحن مقيمون هنا في المملكة، لكن هو حالته النفسية التي..، هو لا يذهب ليسأل، ولا يحاول أن يتجاوب أصلًا، في حالة صمتٍ رهيبٍ؟

المقدم: طيب، تسمعين توجيه الشيخ إن شاء الله، شكرًا جزيلًا للأخت أم أحمد.

من الرياض أبو يوسف، تفضل أبا يوسف.

السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل بسؤالك.

السائل: السؤال الأول: أسأل عن وجوب زكاة الذهب الملبوس من عدمها، وهنا أريد أن يعلق الشيخ على حديث السوارين؟

السؤال الثاني: متى يجوز تقديم زكاة الفطر؟

المقدم: طيب.

السائل: شكرًا لك.

المقدم: شكرًا جزيلًا للأخ أبي يوسف.

ماذا توجه للأخت أم أحمد، وقد ذكرَتْ حال زوجها، ووقوع الطلاق من عدمه؟

الشيخ: بالنسبة لحالة زوجها: تحتاج إلى دراسةٍ، ليس من السهل أننا -عبر سؤالٍ من الأخت الكريمة- نفتيها بفتوى يترتب عليها مصير أسرةٍ، ويترتب عليها استحلال فروجٍ، لا بد من صاحب الشأن، لا بد ممن صدر منه الطلاق أن يُسأل عدة أسئلةٍ؛ حتى يُعرف:

  • أولًا: اللفظ الذي تلفظ به.
  • ثانيًا: القصد، قصده.
  • ثالثًا: يُتثبت مما ذكرته الأخت السائلة من قضية السحر.
  • ورابعًا: أيضًا يتأكد من حالته النفسية، ومن درجة الغضب، إذا كان غضبان.

وهي أيضًا: مسألة الطهر، أنها غير طاهرٍ، يعني أنها حائضٌ، فهذه أمورٌ كلها تحتاج إلى دراسةٍ، تحتاج إلى تثبتٍ، حتى يفتى بالطلاق؛ لأن الفتيا بالطلاق من الأمور العظيمة، ويترتب عليها أمورٌ كبيرةٌ.

وما دام أن الأخت الكريمة وزوجها يسكنان في المملكة فالأمر ميسورٌ، فبالإمكان الذهاب إلى دار الإفتاء إن كان يتيسر هذا، أو الذهاب مثلًا لأحد فروع الإفتاء في المناطق التي فيها فروعٌ، أو المحكمة الشرعية، أو مكتب الدعوة، ومكتب الدعوة يضبط القضية؛ يحضر الزوج مع زوجته، ويضبط أقوالهما، وترسل لسماحة المفتي العام.

المقدم: نعم، أحسن إليكم وبارك في علمكم.

نستقبل اتصالًا من المدينة النبوية، الأخ بسام، تفضل.

السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل بسؤالك.

السائل: السؤال: إذا كانت المرأة الآن هي في وضع حملٍ، ومر عليها السنة الجارية رمضان وما قضت، وهي ترضع، فما الحكم في هذا؟ تفطِّر صائمًا، أم تقضي؟

المقدم: طيب، سؤالٌ آخر؟

السائل: شكرًا لك.

المقدم: ولك.

أم عبدالرحمن من الرياض تفضلي، تفضلي يا أم عبدالرحمن.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: عليكم السلام، تفضلي بسؤالك.

السائلة: لو سمحت أنا عندي سؤالان: الأول: زوجي بخيلٌ بعض الشيء، وآخذ من حافزه، عنده حافزٌ، دخلت وأخذت منه دون علمه، هل هذا يجوز أم لا؟

الشيخ: لكن تنطبق عليكِ الشروط؟

السائلة: نعم تنطبق عليَّ، الخاصة بالحافز يعني؟

الشيخ: نعم.

السائلة: ما عندي دخلٌ، ما عندي شيءٌ أبدًا، أنا ربة بيتٍ.

المهم السؤال الثاني: عندي أمي -يجعلها في الجنة- توفيت، (مضيعة) بعض الشيء، ويأتيني من الناس صدقةٌ لها، وأضعها عندي، أضعها لها في أشياء؛ في طعام الإخوان، عندي أخٌ، في ملابس، في كل شيءٍ؛ لأنني إذا عطيتها إياه تضيعه، وأحيانًا تمكث عندي سنةً ما أنفقها كلها، وكذلك أخواي الاثنان، عندي أحدهما فيه مرض…، والآخر (ما بالحيل)، ونفس الشيء؛ يأتيني لهما أموالٌ، أوزعها وأعطيهم شيئًا فشيئًا.

المقدم: طيب.

السائلة: هل هذه عليها زكاةٌ أم لا؟ فقط.

المقدم: طيب.

السائلة: وأمي -يجعلها في الجنة- توفيت وعندي أموال، يعني أعطيها إياه، وأشتري لها وأعمل لها كل شيءٍ، وأعالجها وكل شيءٍ به، ما آخذ منها شيئًا، وإذا صار عندي أحيانًا آخذ منها، أتسلف وأرجعها بعد ذلك.

المقدم: طيب.

السائلة: عرفت السؤال؟

المقدم: نعم.

الشيخ: لكن الآن.. والدتك الآن توفيت؟

السائلة: نعم توفيت من أربع سنين، يجعلها في الجنة.

الشيخ: طيب، والدتك وصَّت فيها بشيءٍ، أو دون وصيةٍ؟

السائلة: ما تدري، ما تدري، لا، لا، ماتت وأموالها نفدت، ما عاد عندي شيءٌ لها، ما لها شيءٌ.

الشيخ: ما عاد عندك شيءٌ؟

السائلة: لا، انتهت، لا، لا، لكن لا تعلم عني أن عندي شيئًا، وإخوتي نفس الشيء، ما يعلمون أن عندي شيئًا؟

الشيخ: عندك لوالدتك شيءٌ؟

السائلة: لا، لا، ما عندي لها شيءٌ الآن، لكن إخوتي الآن أحياءٌ، اثنان، طيب، وأنا أعطيهم الأموال شيئًا فشيئًا؛ حتى لا يضيعوها في أشياء غير طيبةٍ؟

المقدم: واضحٌ يا أم عبدالرحمن، تسمعين، عندك (راديو) تسمعينه؟

السائلة: نعم عندي.

المقدم: طيب، تسمعين إجابة الشيخ؟

السائلة: شكرًا، الله يجزيك الخير.

المقدم: شكرًا جزيلًا للأخت أم عبدالرحمن.

نعود لأسئلة أبي يوسف، يقول: وجوب زكاة الذهب الملبوس، ويقول: بماذا نرد على حديث السوارين؟

الشيخ: بالنسبة للذهب الملبوس والحلي المعد للاستعمال: اختلف العلماء في حكم وجوب زكاته؛ فمنهم من ذهب إلى وجوب الزكاة فيه، وهذا هو المعروف في مذهب الحنفية.

وأكثر أهل العلم على أنه لا تجب الزكاة فيه، وهذا قد رُوي عن عددٍ من الصحابة؛ رُوي عن جابر بن عبدالله وابن عمر وعائشة وأنسٍ : أنه ليس في الحلي زكاةٌ، وهو أيضًا مذهب المالكية والشافعية والحنابلة، وهو القول الراجح في المسألة، أنه ليس في الحلي زكاةٌ.

وأما ما استدل به القائلون بوجوب الزكاة، ومنها ما سأل عنه الأخ السائل من حديث السوارين، وهو حديث عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده: أن امرأة أتته وفي يد ابنتها سواران من ذهبٍ، وقال: تؤدين زكاة هذه؟، قالت: لا، قال: أيسرُّك أن يسوِّرك الله بهما سوارين من نارٍ؟ قالت: لا، فألقتهما، قالت: هما لله ورسوله [1]، هذا الحديث أخرجه الترمذي وأبو داود والنسائي، لكنه حديثٌ ضعيفٌ، لا يصح عن النبي ، بل إن الترمذي رحمه الله في “جامعه” قال: “إنه لا يصح في هذا الباب عن النبي شيءٌ”.

وإذا كان لا يصح شيءٌ فقواعد الشريعة تقضي بأن ما كان معدًّا للاستعمال والقُنْية فليس فيه زكاةٌ، ومن ذلك قول النبي : ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقةٌ [2]، متفقٌ عليه، ولذلك فبيت الإنسان لا زكاة فيه، سيارته لا زكاة فيها، أثاث المنزل لا زكاة فيه، كل ما كان معدًّا للاستعمال والقُنْية لا زكاة فيه، وهكذا أيضًا حلي المرأة الذي تستعمله، أو المعد للاستعمال، لا زكاة فيه، هذا هو القول الراجح في المسألة، والله أعلم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

يسأل عن حكم تقديم زكاة الفطر؟

الشيخ: تقديمها إلى ماذا؟

المقدم: كأنه يقصد وقتها.

الشيخ: زكاة الفطر إذا كان مقصود السؤال: تقديمها في أول رمضان، هذا قال به بعض أهل العلم لكنه قولٌ مرجوحٌ، الصواب أنه لا يجوز تقديمها قبل موعدها المحدد شرعًا، وموعدها هو يوم العيد قبل الصلاة، أو قبله بيومٍ أو يومين، وعلى ذلك: فابتداء وقت زكاة الفطر يكون بغروب الشمس من اليوم الثامن والعشرين من شهر رمضان؛ لأن الشهر قد يكمُل، فإذا كَمَل فإن أول وقتٍ يسبق العيد بيومين هو اليوم الثامن والعشرون من شهر رمضان، فهذا يعني من غروب شمس اليوم الثامن والعشرين من شهر رمضان، هذا هو أول وقت إخراج زكاة الفطر.

المقدم: بداية ليلة تسعةٍ وعشرين شيخنا؟

الشيخ: نعم، بداية تسعةٍ وعشرين.

المقدم: أحسن إليكم وبارك في علمكم.

الأخ بسام من المدينة يقول: إذا كانت المرأة حاملًا، وعليها شيءٌ من رمضان السابق ولم تقض؛ لانشغالها بالحمل والرضاعة إلى رمضان هذا، ماذا عليها؟

الشيخ: تقضي بعد رمضان، والله تعالى قال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة: 184]، وهي في حكم المريض؛ لأنها تعاني معاناةً كبيرةً بسبب الحمل؛ كما قال ربنا سبحانه: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا [الأحقاف:15]، فلها أن تفطر.

وبالنسبة للقضاء: ما دام أنه لم يتيسر لها القضاء بعد رمضان من العام الماضي؛ لانشغالها بحملٍ آخر، تؤجل القضاء إلى ما بعد رمضان هذا العام، وتبادر بقضاء ما فاتها من رمضان هذا العام، والعام الذي قبله، ويكفيها القضاء فقط.

المقدم: ليس عليها إطعامٌ أو غيره؟

الشيخ: ليس عليها إطعامٌ.

المقدم: أحسن إليكم وبارك في علمكم.

هنا من رسائل الجوال، هذا أحد الإخوة يقول: اعتدت على إخراج الزكاة في يومٍ محددٍ من رمضان في كل عامٍ، هل لو أخرجتُها في نفس الشهر، لكن سبقتُ ذلك بأيامٍ، يجوز، أو لا بد في نفس اليوم؟

الشيخ: لا بأس أن تتقدم على الموعد الذي تخرج فيه الزكاة عادةً، ويكون هذا من تعجيل الزكاة، وتعجيل الزكاة لا بأس به، وقد تعجل النبي زكاة عمه العباس  [3].

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

نستقبل اتصالًا من جازان، الأخ أحمد، تفضل.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل بسؤالك.

السائل: أنا أقرأ مع الإمام في التراويح، أو لا من دون أقرأ؟

المقدم: تتابع معه أو تقرأ، يعني كلما قرأ الفاتحة وانتهى من السورة أنا أقرأ أو لا؟

المقدم: قصدك الفاتحة.

الشيخ: تقرأ الفاتحة أم تقرأ السورة؟

السائل: الفاتحة، وبعد ذلك يقرأ سورةً، أي سورةٍ قصيرةٍ.

الشيخ: يعني إذا قرأ الإمام تقرأ خلفه؟

السائل: أقرأ خلفه يعني، لكن يشوش على بعض الأئمة..؟

الشيخ: لا، أنا أسألك، لست أجيبك، لا، لا، أسأل: تقصد أنك إذنْ تقرأ خلفه؟

السائل: نعم مباشرةً، إذا ما انتهى من الفاتحة، وأريد أن أقرأ السورة.

المقدم: طيب، سؤالٌ آخر يا أحمد؟

السائل: والدتي متى أزكي عنها … من الصوم؟ متى أزكي، أي وقتٍ؟ آخر رمضان أو ..؟

المقدم: قصدك الكفارة؟

السائل: نعم الكفارة، لأنها لا تصوم رمضان كاملًا؛ لأنها مريضةٌ.

المقدم: طيب.

السائل: يعطيك العافية.

المقدم: طيب، السؤال الأول شيخنا: يسأل أحمد عن قراءته خلف الإمام، كيف تكون بالفاتحة؟

الشيخ: أما غير الفاتحة: فلا يقرأ، غير الفاتحة لا يقرأ شيئًا خلف الإمام، الله تعالى قال: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف: 204]، وقد نقل الإمام أحمد رحمه الله الإجماع على أن هذه الآية نزلت في الصلاة، فلا تقرأ ما بعد الفاتحة، لا تقرأ خلف الإمام.

وأما بالنسبة للفاتحة: فمحل خلافٍ بين أهل العلم، والراجح أنه أيضًا لا يجب على المأموم أن يقرأ فيما جهر فيه الإمام؛ كما هو قول جمهور أهل العلم.

فعلى هذا: تنصت فقط، تنصت إذا قرأ الإمام في الصلاة الجهرية، تنصت بالنسبة لغير الفاتحة، لا يجوز لك أن تقرأ، وبالنسبة للفاتحة الأمر واسعٌ؛ لأن المسألة خلافيةٌ، ولو لم تقرأ لم يكن عليك حرجٌ، الحمد لله.

المقدم: السؤال الثاني يقول: إن والدته لا تستطيع الصيام، وعليها كفارةٌ، فهل في آخر رمضان أو في منتصفه؟

الشيخ: هو مخيرٌ بين أمرين:

  • إما أن يُطعم عن كل يومٍ، يعني كلما مضى يومٌ أطعم عن هذا اليوم.
  • والخيار الثاني: أن يؤخر الإطعام إلى آخر رمضان، أو بعد رمضان.

أما أن يعجل الإطعام في أول رمضان، فهذا محل خلافٍ بين أهل العلم:

فمن أهل العلم من أجازه، واعتبروا أن رمضان كاليوم الواحد، مع اتفاقهم على أنه لو أطعم في شعبان لم يجزئ، لكن يقولون: إذا دخل رمضان يعتبرونه كاليوم الواحد.

والقول الثاني: إنه لا يجزئ الإطعام في أول رمضان لمن يجب عليه الإطعام؛ وذلك لأنه لم ينعقد سببه، وهذا هو القول الراجح، وقد ذكر ابن رجبٍ رحمه الله في “القواعد” أنه لا يجوز تقديم الشيء على سبب وجوبه، ويجوز تقديمه على شرط وجوبه، فتقديم الشيء على سبب الوجوب لا يصح، وسبب وجوب الإطعام هو الفطر، وعلى هذا: لا يصح تعجيل الإطعام في أول رمضان، بناءً على القول الراجح، لا يصح تعجيل الإطعام في أول رمضان، فأنت بين أمرين: إما أن تطعم عن كل يومٍ بيومه، أو أن تؤخر الإطعام إلى آخر رمضان.

المقدم: أحسن الله إليك وبارك في علمك.

شيخنا، أم عبدالرحمن سألت عن أن زوجها بخيلٌ ولا يعطيها، وهي مسجَّلةٌ في حافزٍ، وتأتيها هذه الإعانة بدون علم زوجها، هل يجوز لها ذلك؟

الشيخ: نعم، لا بأس، ما دام أن الشروط منطبقةٌ عليها فلا بأس، ولو لم يعلم زوجها، بل يجوز لها أن تأخذ من مال زوجها بغير علمه، وقد جاءت امرأة أبي سفيان رضي الله عنهما للنبي ، قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجلٌ شحيحٌ، لا يعطيني ما يكفيني وولدي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف [4]، متفقٌ عليه؛ ولهذا قال أهل العلم: إن المرأة إذا كان زوجها يبخل بنفقتها الواجبة، فيجوز لها أن تأخذ منه بغير علمه، لكن بالمعروف، يعني بقدر حاجتها فقط.

المقدم: كذلك سألت عن والدتها قبل وفاتها رحمها الله، وعن حالها بعدم الإدراك، فتقول: إني كنت آخذ ما يأتي لها من صدقاتٍ وإعاناتٍ وغير ذلك، وأنفقها بطريقةٍ جيدةٍ لها، وفي شيءٍ ينفعها، كذلك لديها أخَوَان، وكلاهما لا يدركان إدراكًا كاملًا، فتعمل معهم بنفس الطريقة، هي تقول: هل يجوز لي ذلك؟ هذا أمرٌ.

الأمر الآخر: تقول: إن المال يجتمع لديَّ، هل عليه زكاةٌ؟ وبعض المرات آخذ من هذا المال وأعيد، أتسلف منه وأسدد، فهل يجوز لي ذلك؟

الشيخ: نعم هي بهذه التصرفات التي أشارت إليها في معظمها محسنةٌ، وما تفعله مع والدتها من أنها تأخذ الصدقات هذه وتنفقها على مصلحة والدتها، هذا من الأمور الطيبة، وهي مأجورةٌ على ذلك، وهذا من البر بوالدتها، وهي قد ذكرت أن والدتها لما ماتت لم تترك شيئًا، وإلا لو تركت شيئًا لكان تركةً، ويجب تقسيمه على قسمة الميراث، لكنها لم تترك شيئًا.

وأما بالنسبة لإنفاقها على أخويها، وأنها تضع هذا وترتب هذا بطريقةٍ معينةٍ؛ بحيث كل شهرٍ تعطيهم جزءًا من المال، فهذا أيضًا من الأمور الحسنة، هذا أمرٌ طيبٌ.

لكن يبقى النظر فيما ذكرت من أنها حينما تحتاج تستلف من مال أخويها، وهذا لا يجوز، ما دام أنه ليس من عندها، وإنما من الآخرين، ووضع عندها أمانةً، فهي كولي اليتيم؛ ليس لها أن تقترض من هذا المال، واقتراضها من هذا المال نوعٌ من التعدي، وإنما الواجب أن تحفظ هذا المال لهما، وتنفق عليهما بما ترى أنه الأصلح، لكن ليس لها أن تقترض من هذا المال، ولو زعمت أنها تعيده.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

نستقبل اتصالًا من أبها، الأخ أبو محمدٍ، تفضل أبا محمدٍ، معنا أبو محمدٍ؟

طيب، من أسئلة الجوال شيخنا: الأخ عبدالرحمن من جدة يقول: ما حكم حلق اللحية؟ وهل إعفاؤها سنةٌ أم واجبٌ؟

الشيخ: حلق اللحية محرمٌ، وقد نُقل الإجماع على ذلك، وإعفاؤها واجبٌ، وليس مجرد مستحبٍّ؛ وإنما هو واجبٌ؛ لأن النبي قال: أعفوا اللحى [5]، أرخوا اللحى، خالفوا المشركين [6]، خالفوا المجوس [7]، هذا أمرٌ من النبي ، وهو أمرٌ مقرونٌ بمخالفة المشركين؛ فيكون مقتضيًا للوجوب، وعلى هذا: نَقَل غير واحدٍ من أهل العلم الإجماع على تحريم حلق اللحية، وقد كانت العرب في الجاهلية تعظم من شأن اللحية، وتعدها من الرجولة، ولم يكونوا يحلقون لحاهم، ولكن كان المشركون.. كان المجوس هم الذين يحلقون لحاهم في ذلك الوقت، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: أعفوا اللحى أرخوا اللحى ، خالفوا المجوس.

بل إنه إذا اعتُدي على إنسانٍ وأتلفت لحيته، يعني أتلف إنسانٌ لحية آخر، وأصبحت لا تنبت، فإن ديتها دية نفسٍ كاملةٍ، يعني ديتها مئةٌ من الإبل، يعني تعادل عندنا في المملكة تقريبًا -إذا كانت مغلظةً- أربعمئة ألف ريالٍ، هذا إذا اعتَدى إنسانٌ على لحية آخر فأتلفها فلم تعد تنبت، فالعجب ممن يذهب للحلاق ويطلب منه إتلاف لحيته، ويعطيه أجرةً على ذلك!

ثم أقول لمن يحلق لحيته: إن هذه المعصية معصيةٌ تتكرر، يعني كمْ مرةٍ تحلق لحيتك في الأسبوع؟ في الأسبوع لو قلنا: مرةً واحدةً، كمْ مرةٍ تحلق لحيتك في السنة؟ لا يقل عن خمسين مرةً، فأنت تكون بهذا قد عصيت الله تعالى أكثر من خمسين مرةً في العام الواحد، قَدِّر أنه ربما أتاك الموت وأنت حالقٌ للحيتك، كيف ستقابل ربك سبحانه وأنت متلبسٌ بهذه المعصية؟! على من وقع فيها أن يتقي الله ​​​​​​​، وأن يمتثل أمر النبي بإعفاء اللحى.

المقدم: أحسن إليكم وبارك في علمكم.

نستقبل اتصالًا أخيرًا في هذه الحلقة من الرياض، أم ناصرٍ تفضلي.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.

السائل: أحسن الله إليكم يا شيخ: شخصٌ فقيرٌ طلب سلفةً لشخصٍ آخر، هل يجوز إعطاء هذا الشخص مبلغًا من المال بنية الزكاة، وبنية عدم مطالبته بهذا المال فيما بعد، دون أن يخبره، أم أن هذا يعتبر تحايلًا؟

المقدم: طيب، سؤالٌ آخر؟

السائل: لا، لا، شكرًا.

المقدم: طيب معنا أم ناصرٍ تسمع الجواب، شيخنا الفعل هذا صحيحٌ؟

الشيخ: هذا الفعل غير صحيحٍ، لا بد من إخباره بأنها زكاةٌ، أما أن يعطيه على أنها سلفةٌ؛ لأن بعض الناس يأنف من قبول الزكاة، ولا يريدها زكاةً، فلا بد أن يخبر بأنها زكاةٌ، ويكون الأمر على وضوحٍ.

المقدم: لكن إذا عُرف من حاله -يا شيخنا- أنه من أهل الزكاة، وأراد أن يفعل بهذه الطريقة، ثم لا يطالبه بهذا السلف أو هذا المال؟

الشيخ: إذا عرف أنه من أهل الزكاة لا يقل إنها سلفةٌ، يعطيه ويسكت، يعطيه، لكن إذا فهم الفقير أنها سلفةٌ فلا، لا بد أن يوضح؛ لأنها كونها سلفةً، معنى ذلك أنها تبقى في ذمته، وستترتب في ذمته، ويسعى هو لسداد الدين المترتب في ذمته، فلا بد من الوضوح في مثل هذه المسائل، يبين له، يقول: هذه زكاةٌ عندي، إذا كان ممن يقبل الزكاة، ولا يأنف من قبولها فسوف يأخذها، وإذا كان لا يريدها زكاةً، وإنما يريدها سلفةً فله الحق في هذا؛ لأن السلفة لا يلحقها كبير مِنَّةٍ، بخلاف التبرع من الزكوات والصدقات، فربما تكون المِنَّة فيها أكبر، فبعض الناس يكون عنده عزة نفسٍ، وإذا احتاج يريد قرضًا وسلفةً، ولا يريد زكاةً، فمن حقه هذا، فلا بد من توضيح الأمر، يقول له قائلٌ: أنا عندي زكاةٌ، فيعطيها زكاةً، إلا إذا طلب مساعدةً، لم يطلب قرضًا، طلب مساعدةً، وكان هذا الذي يطلب مساعدةً ممن لا يأنف من قبول الزكاة، وقد اعتاد أخذ الزكوات من الناس، فهنا يعطيه هذه المساعدة على أنها زكاةٌ، ولا يلزم أن يخبره بأنها زكاةٌ، لكن إذا كان ممن لا يقبل الزكاة، أو ربما يخشى أنه لا يقبل الزكاة، أو يأنف من قبول الزكاة، فلا بد من مصارحته وبيان واقع الحال، وأنها زكاةٌ، فإن شاء قبلها، وإن شاء لم يقبلها.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

نختم بسؤالٍ أخيرٍ عبر جوال البرنامج من الأخت (محبة القرآن)، تقول: هل صلاة الحاجة والدعاء الذي فيها ورد عن النبي ؟ وتقول: إذا كانت واردةً عن النبي فهل يجوز أن أداوم عليها؟ علمًا أنني أدعو بعدها لصديقتي؛ لأنها محتاجةٌ للدعاء؛ فهي مريضةٌ، وأتصدق بعد ما أدعو، فهل هذا جائزٌ؟

الشيخ: لا أعلم أن هناك صلاةً اسمها: (صلاة الحاجة)، ولكن المعروف من هدي النبي أنه كان إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة، إذا كان للإنسان حاجةٌ وقام وتوضأ وصلى ما تيسر، ما كتب الله له؛ ركعتين أو أربعًا، أو أكثر، وسأل الله تعالى حاجته، هذا يرجى أن تستجاب دعوته، لكن ليس هناك سنةٌ مستقلةٌ وصلاةٌ اسمها (صلاة الحاجة)، ليس هناك سنةٌ مستقلةٌ، وصلاةٌ اسمها: (صلاة الحاجة)، ليس هناك صلاةٌ اسمها: (صلاة الحاجة)، لكن الفزع للصلاة عندما يعرض للإنسان عارضٌ هذا لا بأس به، هذا هو هدي النبي عليه الصلاة والسلام من غير تحديدٍ ذلك بصلاةٍ معينةٍ، أو بركعاتٍ معينةٍ، وإنما يقال للإنسان: كلما حَزَبَك أمرٌ فافزع للصلاة اقتداءً بالنبي ، من غير تحديد صلاةٍ معينةٍ.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

نشكركم شيخنا: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء، أن كنتم معنا في هذه الحلقة وفي الحلقات الماضية، وأجبتم على أسئلة الإخوة والأخوات، شكرًا جزيلًا لكم.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.

المقدم: شكرًا لكم أنتم أحبتنا الكرام، حتى ألتقيكم في برامج قادمةٍ أستودعكم الله، على أمل اللقاء بكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه أبو داود: 1563، والترمذي: 637، والنسائي: 2478.
^2 رواه البخاري: 1463، ومسلم: 982.
^3 رواه أبو داود: 1624، والترمذي: 679، وابن ماجه: 1795.
^4 رواه البخاري: 5364.
^5 رواه البخاري: 5893، ومسلم: 259.
^6 رواه البخاري: 5892، ومسلم: 259.
^7 رواه مسلم: 260.