|categories

(3) فتاوى رمضان 1443هـ

مشاهدة من الموقع

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسعد الله جميع أوقاتكم بكل خيرٍ، وأهلًا وسهلًا بكم معنا في حلقةٍ جديدةٍ من برنامجكم اليومي الرمضاني المباشر “فتاوى رمضان”.

حياكم الله في مُستهل هذه الحلقة.

نُرحب بضيف هذه الحلقة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

حياكم الله شيخ سعد.

الشيخ: أهلًا، حيَّاكم الله، وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المُستمعين.

المقدم: لعلنا نبدأ بهذا السؤال من أحد الإخوة يسأل عن كون آيات الصيام تخللتها هذه الآية: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ [البقرة:186]، وعن علاقة الصيام بالدعاء.

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه، ومَن اهتدى بهديه، واتَّبع سُنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فآية الدعاء هي قول الله : وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:186]، وقد وقعتْ هذه الآية في وسط آيات الصيام، فالآية التي قبلها: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185]، والآية التي بعدها: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ [البقرة:187].

والحكمة من ذلك -والله أعلم- أن في هذا إشارةً إلى أنه ينبغي للصائم أن يُكثر من الدعاء، وأن الدعاء في شهر رمضان حريٌّ بالإجابة، وحريٌّ بالقبول؛ ولذلك ينبغي أن يُكثر المسلم من الدعاء في هذا الموسم العظيم، وهذا الشهر المبارك، وبخاصةٍ عند الإفطار، فقد صحَّ عن النبي أنه قال: إنَّ للصائم عند فطره لدعوةً ما تُردُّ [1].

ودعاء الصائم عند فطره من مواطن الإجابة، وقول: عند العندية تقتضي القُرب من الإفطار، أي: اللحظات التي تسبق الإفطار، الدقائق التي تسبق الإفطار، فينبغي أن يغتنمها المسلم في الدعاء، والأفضل أن يتأدب بآداب الدعاء؛ وذلك بأن يستقبل القبلة، وأن يرفع يديه ويدعو الله بما يحضره من خيري الدنيا والآخرة، ويُلِحُّ على الله في الدعاء، ويختار جوامع الدعاء والمأثور من الدعاء، ويدعو الله تعالى بما يريد، وبما يحضره، وبما يُعجبه من خيري الدنيا والآخرة، فهذا من مواطن إجابة الدعاء في رمضان.

كذلك أيضًا آخر ساعةٍ من العصر يوم الجمعة قبل غروب الشمس، فإنها أرجى الأوقات مُوافقةً لساعة الإجابة يوم الجمعة، فإذا وافق ذلك رمضان كان ذلك أحرى لقبول وإجابة الدعاء.

كذلك أيضًا في الثلث الأخير من الليل، فإن الثلث الأخير من الليل -كما أخبر النبي – ينزل فيه ربنا إلى السماء الدنيا ويقول: مَن يدعوني فأستجيب له؟ ومَن يسألني فأُعطيه؟ ومَن يستغفرني فأغفر له، وذلك كل ليلةٍ [2]، وإذا وافق ذلك شهر رمضان كان أحرى بالإجابة.

وهكذا أيضًا في السجود، فالنبي يقول: أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجدٌ [3].

وعلى كلٍّ فالمطلوب من المسلم أن يُكثر من الدعاء في كل وقتٍ، لكنه يتأكد في هذا الشهر المبارك، ولعل هذه هي الحكمة من وقوع آية الدعاء بين آيات الصيام.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

كان معنا أحد المستمعين في حلقةٍ سابقةٍ، وربما لم نتمكن من الإجابة عن سؤاله، وقد سأل عن: أن النبي أوصانا بأن نجعل الدعاء في أكثره -يعني- في الصلاة على النبي ، فكيف يجمع الإنسان بين ذلك وبين دعاء الله بما يحتاجه هو؟

الشيخ: نعم، هذا جاء في حديث أُبي بن كعب : أنه قال للنبي : قلتُ: يا رسول الله، إني أُكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟

وقوله: “كم أجعل لك من صلاتي؟” يدل على أنه كان لأُبي بن كعب وقتٌ قد خصَّصه لدعاء الله ، فأراد أن يأخذ جزءًا من هذا الوقت للصلاة على النبي ، فقال: كم أجعل لك من صلاتي؟ يعني: كم آخذ من هذا الوقت الذي قد خصَّصته للدعاء لأستبدله بالصلاة على النبي ؟

فقال له النبي : ما شئتَ، قال: قلتُ: الربع؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك، قلتُ: النصف؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك، قلتُ: فالثلثين؟ قال: ما شئتَ، فإن زدتَ فهو خيرٌ لك، قلتُ: أجعل لك صلاتي كلها. قال: إذن تُكْفَى همَّك، ويُغفر لك ذنبك [4].

فأرشده النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يجعل هذا الوقت بدلًا من كونه مُخصصًا للدعاء، أن يجعله للصلاة على النبي .

وهذا الحديث أخرجه الترمذي، وقال: “حديثٌ حسنٌ صحيحٌ”، وهو من الأحاديث الصحيحة التي تدل على فضل الصلاة على النبي ، ولكن ليس معنى ذلك أن المسلم يدع الدعاء، ويقتصر على الصلاة على النبي ، فإن النصوص يُجمع بعضها مع بعضٍ، ويُفسِّر بعضها بعضًا، وهذه وردتْ في حالةٍ خاصةٍ، في قضيةٍ خاصةٍ؛ في قضية أُبيٍّ ، والنبي أرشده إلى أن يجعل الوقت كله خاصًّا بالصلاة على النبي .

وليس معنى ذلك أن الإنسان لا يدعو الله ، ويكتفي ويقتصر على الصلاة على النبي ، ولكن المقصود أنه ينبغي أن يُكثر من الصلاة على النبي ؛ ولهذا فهذا الحديث لا يُنافي أن يدعو المسلم ربَّه، وأن يسأله، وأن يضرع إليه.

والأفضل أن يجمع بين الأمرين: يُكثر من الصلاة على النبي ، فيفتتح الدعاء عندما يدعو الله سبحانه بالصلاة على النبي ؛ ولهذا لما رأى النبي رجلًا يدعو، ولم يحمد الله، ولم يُصلِّ على رسوله  قال: عَجِلَ هذا [5].

فالمقصود: أنه ينبغي الجمع بين الصلاة على النبي والدعاء، فلا يقتصر على الصلاة على النبي  ويدع الدعاء؛ لأن هذا مُخالفٌ لهدي النبي ، ولكن المقصود أنه يجمع بين الأمرين، فيُكثر من الصلاة على النبي ، ويدعو الله بما يحضره من خيري الدنيا والآخرة.

المقدم: أحسن الله إليكم.

معنا عبر الهاتف من القصيم أبو فيصل.

تفضل يا أبا فيصل.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.

السائل: عندي سؤالٌ -الله يُعافيك- عندي مبلغٌ من الزكاة، وعندي أخي مُقبلٌ على الزواج، وهو موظفٌ في قطاعٍ خاصٍّ، وراتبه أربعة آلاف ريال، لكن لا يكفيه، هل يجوز أن أُعطيه كامل الزكاة التي لدي يا شيخ؟

الشيخ: الأب موجودٌ؟

السائل: نعم.

الشيخ: ما دام أن الأب موجودٌ فمعنى ذلك أنه ليس بينك وبينه توارثٌ؛ فيجوز أن تُعطيه من الزكاة، ما دام أن راتبه لا يكفيه إلى آخر الشهر؛ فيجوز أن تُعطيه من الزكاة، بل إعطاؤه من الزكاة أفضل من أن تُعطي الزكاة غيره؛ لأنك بذلك تجمع بين الزكاة وصِلة الرحم.

السائل: أنا سأُخبِّئها عندي إلى أن يقترب زواجه، ثم أُعطيه إياها قبل الزواج؛ لأني أخاف أن أُعطيه إياها الآن فيصرفها.

الشيخ: لكن لا بد أن يعلم أنها زكاةٌ، فلا تُعْطِه إياها على أنها إعانة زواجٍ، وإنما زكاةٌ.

السائل: يعني: أُخبره من الآن أن عندي زكاةً له، لكن ما أُسلمه إياها الآن؟

الشيخ: نعم، فإذا قَبِلَ ووافق على ذلك فلا بأس، يعني: بعض الناس ما يقبل إذا علم أنها زكاةٌ، فلا بد من الإعلام بذلك.

السائل: أُعلمه أن الزكاة مني أنا؟

الشيخ: ما يلزم أن تكون منك، قُلْ: عندي زكاةٌ من فاعل خيرٍ، وأنا سأجعلها عندي، وسأُسلمها لك -إن شاء الله- قُبيل الزواج.

المقدم: معنا أيضًا عبر الهاتف أم خالد من الرياض.

تفضلي يا أم خالد.

السائلة: لو سمحتَ، بالنسبة للزكاة: إذا كانت عندي زكاة مالٍ أو ذهبٍ، وكنتُ أُوزعها: آخذ -مثلًا- أجزاء منها في ظروفٍ، وأُعطيها لحراس الأمن الموجودين في (المولات) -حراسة الأمن عمومًا- هؤلاء الذين يكونون موجودين، وغالبهم كبار سِنٍّ أو صغارٌ، وتكون وظائفهم بسيطةً، فهل هذا يجوز أو ما يجوز؟ الله يُعطيك العافية.

الشيخ: إذا كان هؤلاء مُستحقين للزكاة فلا بأس بإعطائهم الزكاة، أما إذا كانوا غير مُستحقين فلا يُعطون من الزكاة، وإنما يُساعدون من غير الزكاة، ولا بد أن تتأكدي من كونهم مُستحقين للزكاة، فليس كل حرَّاس الأمن مُستحقين للزكاة، فبعضهم قد تكون أحواله ميسورةً، وبعضهم قد يكون مُرتبه جيدًا، فهم يتفاوتون، ليسوا على مُرتَّبٍ واحدٍ، وليسوا على حالةٍ واحدةٍ، فلا بد من التأكد من حالهم: إما أن تسألي أحدًا يعرفهم، أو إذا كنتِ أيضًا ظهر لكِ -يعني- من حال أحدهم أنه مُستحقٌّ، وتسألين -مثلًا- عن دخله، وعن مصروفاته.

المقصود أنه لا بد من التَّثبت، فالزكاة ينبغي الاعتناء بها، وأن يتحرى المُزكِّي المُستحقين؛ لأن الزكاة ربما يتجرأ على أخذها مَن ليس مُستحقًّا لها، فلا بد من التَّحقق بما يغلب على الظن، لا يلزم اليقين، وإنما تكفي غلبة الظن بأن هذا الشخص مُستحقٌّ للزكاة.

وأما إعطاء الشخص المجهول بمجرد أنه حارس أمنٍ، أو نحو ذلك، فهذا لا تبرأ به الذمة؛ لأنه ربما لا يكون مُستحقًّا للزكاة، فلا بد من التأكد والتَّثبت والتَّحري.

المقدم: هذه المُستمعة أم سعيد تقول: في أحد أصابع يدي جرحٌ عميقٌ، ويتضرر بمرور الماء عليه، فكيف أتوضأ؟

الشيخ: إذا كان هذا الجرح ليست عليه جبيرةٌ، وليست عليه لصقةٌ، فيُمسح عليه عند الوضوء، ويكفي المسح، وهكذا أيضًا لو كانت عليه جبيرةٌ، أو كانت عليه لصقةٌ -على هذا الجرح- فيأخذ حكم الجبيرة، ويُمسح على القول الراجح، ولا حاجة للتيمم.

لو افترضنا أن هذا الجرح في أحد أصابع اليد، فعند غسل اليد يُمسح على هذا الإصبع، ولكن أُنبه هنا إلى أن المسح على الجبيرة يكون شاملًا لجميع الجبيرة، ليس مثل المسح على الخفين والجوربين -لأعلى الجوربين وأعلى الخفين- وإنما لا بد من المسح من جميع الجهات، فلو كانت اللصقة -مثلًا- على الإصبع فلا بد أن يكون المسح لجميع جهات الإصبع؛ جميع جهات اللصقة التي على الإصبع.

فالمقصود أن المسح يكفي هنا.

فنقول للأخت السائلة: تتوضئين، وإذا وصلتِ إلى مكان الجرح تمسحين عليه، ويكفي ذلك، ولا حاجة للتيمم ما دُمْتِ قد مسحتِ عليه، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

معنا عبر الهاتف أيضًا عبدالله من الرياض.

تفضل يا عبدالله.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.

السائل: أسأل الله أن يتقبل صيامنا وصيامكم يا شيخ.

المقدم: اللهم آمين.

السائل: بخصوص الزكاة -الله يُطول عمرك يا شيخ- إذا كان عندي حساب ادِّخار، وأنا أدَّخر به من المال، لكن آخذ جزءًا منه أحيانًا إذا احتجتُ، فهل الزكاة تكون على المال المُدخر كاملًا، أو إذا خصمتُ منه كذلك، المبلغ الذي استخدمتُ منه؟

الشيخ: لكن تستطيع أن تضبط الذي صرفتَ والذي ادَّخرتَ؟

السائل: لا.

الشيخ: نعم؟

السائل: أقول لك: أنا عندي حساب ادِّخار، وما كنتُ أعلم أنه تجب فيه الزكاة، فهل عليَّ إثمٌ؟

الآن أنا أُزكي من حساب الادخار -إن شاء الله-، والحساب الإجمالي كاملًا الذي عندي بحسابي البنكي …..، فهل أُزكي من حساب الادخار، حتى الذي صرفتُ منه أو المُتبقي عندي في الحساب؟

الشيخ: عندك حسابٌ آخر غير حساب الادخار؟

السائل: هو الحساب الجاري.

الشيخ: يعني: عندك الحساب الجاري تدخر جزءًا منه، وجزءٌ تصرفه.

السائل: نعم، صحيحٌ، فحساب الادخار وضعتُه وإن شاء الله أتزوج منه، وأشتري لي سيارةً، والحساب الجاري وضعتُه مصروفًا يوميًّا، أو حسابًا شهريًّا لي.

الشيخ: يعني: عندك حسابان؟

السائل: نعم، حسابان.

الشيخ: طيب، الحساب الجاري ما فيه شيءٌ يبقى وتمضي عليه سنةٌ؟

السائل: لا، ما يبقى منه إلى سنةٍ.

الشيخ: طيب، وحساب الادخار فيه مبلغٌ؟

السائل: نعم، حساب الادخار هو الذي مضت عليه سنةٌ أو أكثر.

الشيخ: طيب.

السائل: والسؤال الثاني يتعلق بالزكاة أيضًا: كانت هناك امرأةٌ مُحتاجةٌ جدًّا، فأخرجتُ منها وقلتُ: صدقة لله ….. إيجار يُغطي إجمالي الزكاة التي كنتُ أنويها زكاةً، فهل هذه تُعتبر صدقةً أو تُعتبر أني أقول: أنويها زكاةً؟

الشيخ: أنت نويتها وقت الإخراج صدقةً، ولم تنوها زكاةً؟

السائل: نعم، نويتُها صدقةً.

فالآن مبلغ الادخار الذي عندي في حسابي كله الذي أملكه مرَّ عليه حولٌ، ولم أكن أُزكي عنه، والآن تنبهتُ وقلتُ: لا بد أن أُخرج الزكاة ….. حساب الادخار، وأحيانًا أستخدم المبلغ الموجود في حساب الادخار فآخذ منه جزءًا أُحوله للحساب الجاري؛ ليكون مصروفًا شهريًّا لي.

المقدم: واضحٌ السؤال -إن شاء الله-، وتسمع الإجابة.

الشيخ: واضحٌ، نعم.

المقدم: السؤال الأول يا شيخ سعد كان عن أن عنده حسابين: حسابًا جاريًا، وحساب ادِّخارٍ؟

الشيخ: نعم، أما الحساب الجاري فلا زكاة عليك فيه باعتبار أنك تصرف ما في هذا الحساب، ولا تدخر فيه شيئًا، فهذا واضحٌ أنه لا زكاة عليك فيه.

وأما الحساب الثاني الذي جعلتَه حسابًا للادخار، فهذا فيه الزكاة ما دام أن الذي فيه قد بلغ نِصابًا، وحال عليه الحول، ففيه الزكاة، ولو كنتَ قد ادَّخرتَ هذا المبلغ للزواج، فإن هذا لا يُسقط الزكاة؛ ولذلك فعليك أخي الكريم أن تُزكي ما في هذا الحساب، وأما ما صرفتَه منه وما حوَّلتَه فهذا لا زكاة فيه، لكن تُزكي الرصيد الموجود الآن في حساب الادخار، فما دام أنه مضت عليه سنةٌ يجب عليك أن تُزكيه.

المقدم: السؤال الثاني يقول: تصدق على امرأةٍ مُحتاجةٍ، والآن يسأل: هل بإمكانه أن يحتسب تلك الصدقة من الزكاة؟

الشيخ: ليس لك أن تحتسب هذا المبلغ من الزكاة؛ لأنك قد نويتَه صدقة تطوعٍ، وليس لك بعدما قبضت المرأةُ هذه الصدقة أن تقلب النية إلى زكاةٍ؛ لأنه يُشترط لصحة الزكاة أن تكون نية الزكاة مُقارنةً للزكاة، مُقارنةً لإعطاء الفقير، أو إعطاء المُستحق، فأنت تصدقتَ بصدقة تطوعٍ، ومضت على ذلك مدةٌ، فليس لك الآن أن تقلب النية لتُصبح نية زكاةٍ، وإنما تكون على نيتك؛ أنها نية صدقةٍ، وأنت مأجورٌ على ذلك، وتُخرج الزكاة من غيرها، نعم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا.

معنا لبنى من جدة، تفضلي.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي يا لبنى، الشيخ يسمعكِ.

السائلة: أحببتُ أن أستفسر: ما حكم صيام الحائض؟ لأنني الآن ما أتعب، وبعد بحثٍ في الأحاديث واطلاعٍ وجدتُ أن الصيام لا تتوجب له الطهارة، فهل هذا صحيحٌ أم أني مُخطئةٌ؟

الشيخ: تقصدين بصيام الحائض أنك تتعبدين لله بالصيام، أو مجرد أنكِ ما تأكلي ولا تشربي؟

السائلة: أصوم؛ ما آكل ولا أشرب، وأتعبد لله، أُكمل صيامي؛ لأن الصيام لا تتوجب له الطهارة، فهل هذا صحيحٌ أم خطأٌ؟

المقدم: تسمعين الإجابة يا لبنى.

تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: صيام الحائض لا يجوز، فلا يجوز للحائض أن تصوم، ولا يصح ذلك منها، وكونها تتعبد لله تعالى بالصيام وهي حائض هذا من البدع، وهذا بالإجماع، وشرع الله مبنيٌّ على الدليل من الكتاب والسنة، وليس مبنيًّا على الاستحسان العقلي، فالاستحسان العقلي هو أصل جميع البدع.

وقول الأخت الكريمة: إن الصيام لا يحتاج إلى طهارةٍ، ليس هذا هو السبب؛ لأن السبب الذي لأجله مُنِعَت الحائض من الصيام هو ورود النص؛ فالنبي  قال: أليس إذا حاضتْ لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ؟ [6]، وأجمع العلماء على ذلك.

وتقول عائشة رضي الله عنها: “كان يُصيبنا ذلك فنُؤمر بقضاء الصوم، ولا نُؤمر بقضاء الصلاة” [7]، وهذا محل إجماعٍ، وليس فيه خلافٌ بين أهل العلم.

وأما الحكمة من ذلك: فهناك من العلماء مَن تلمس الحكمة، وهي: أن هذا من باب الرفق بالمرأة الحائض بسبب خروج الدم وما يعتريها أثناء فترة الحيض، فالأرفق بها أن تكون مُفطرةً، ولا تكون صائمةً؛ ولذلك خروج دم الحجامة يُفطر الصائم؛ لأنه يحصل به الضعف للإنسان.

هذه من الحِكَم التي التمسها بعض العلماء، وربما تكون هناك حِكَمٌ أخرى لا نعلمها، يكفي أن نعرف أن هذا هو شرع الله، وشرع الله هو حكمة الحِكَم، وهو غاية الحِكَم، فإن الله تعالى لا يأمر بشيءٍ إلا لحكمةٍ، ولا ينهى عن شيءٍ إلا لحكمةٍ، ولا يشرع شيئًا إلا لحكمةٍ، وهو أحكم الحاكمين، وهذا هو مُقتضى العبودية لله سبحانه، والامتثال لأوامر الله ورسوله ، سواءٌ عرفنا الحكمة أو لم نعرفها؛ لأننا على يقينٍ بأن الله تعالى حكيمٌ عليمٌ.

وأما إذا كان الإنسان لا يقبل من الأوامر الشرعية إلا ما وافق هواه، فهذا ليس عبدًا لله، وإنما هو عبدٌ لهواه: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الفرقان:43]، فمُقتضى العبودية أن المسلم يستسلم لحكم الله ورسوله ، ويتقبل حكم الله ورسوله ، سواءٌ عرف الحكمة أو لم يعرفها.

وهذه المسألة التي ذكرتها الأخت السائلة هي محل إجماعٍ بين العلماء، وليس فيها خلافٌ؛ ولذلك نقول: إن كون الصائمة تتعبد لله بالصيام وهي حائضٌ هذا من البدع، ولا يصح منها هذا الصوم، ولا يجوز، بل إنها تأثم بذلك، فالواجب على المرأة المسلمة أن تمتثل شرع الله ، فإذا كانت حائضًا لا يجوز لها أن تصوم، وتقضي هذه الأيام التي أفطرتها بسبب الحيض بعد رمضان، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

معنا أيضًا عبر الهاتف حماد من الرياض.

تفضل يا حماد.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.

السائل: السلام عليكم يا شيخ.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

السائل: أنا -طال عمرك يا شيخ- كل سنة في شهر رمضان أرى الموجود في حسابي، وأقوم بالزكاة، وأنا أُزكيه، واحدةٌ من أخواتي مطلقة، وفي حاجةٍ، والأخرى أرملةٌ -امرأةٌ كبيرةٌ أرملةٌ- فأنا أُعطيهما الزكاة، فهل في هذا شيءٌ؟ يجوز أو لا يجوز؟ ما أدري.

الشيخ: الأب موجودٌ؟

السائل: لا، الأب مُتوفًّى.

الشيخ: طيب، لها أبناء؟

السائل: لها أبناء.

الشيخ: لها أبناء ذكور؟

السائل: نعم.

الشيخ: الأخت الأولى، والأخت الثانية؟

السائل: الأخت الأولى عندها أولاد ذكور -هذه الأرملة-، والمطلقة عندها ولدٌ واحدٌ مُوظفٌ فقط.

الشيخ: يكفي ولدٌ واحدٌ.

أنا غرضي من هذا السؤال أن أعرف هل هناك توارثٌ بينكما؟ لأنك لو كنتَ ترث هذه الأخت فيجب عليك أن تُنفق عليها من حُرِّ مالك، ولا تُعطيها من الزكاة، لكن ما دام أن لكلٍّ من الأختين أبناء ذكور فمعنى ذلك: أنك محجوبٌ عن الميراث؛ فلا بأس أن تُعطي أختك من زكاة مالك، بل إن هذا هو الأفضل، فإذا كانت أختك الأولى أو الثانية مُستحقةً وبحاجةٍ، فالأفضل أن تُعطيها زكاة مالك؛ لأن هذا يكون زكاةً وصِلة رحمٍ، نعم.

السائل: طيب، يا شيخ -الله يجزيك خيرًا- يعني: أي أحد من أقاربي أرى أنه محتاجٌ أُعطيه من زكاتي؟

الشيخ: بالضابط الذي ذكرتُ، وهو: أنه لو مات لم ترثه، وأما إذا كان لو مات ورثته فهنا يجب عليك أن تُنفق عليه؛ ولذلك سألتُك: هل الأب موجودٌ؟ هل لها أبناء؟ حتى أتحقق من هذا الضابط، فالضابط في إعطاء الزكاة للقريب هو: أنه لا توارث بينكما، بحيث لو مات لم ترثه، فإذا كان لو مات لم ترثه، وكان بحاجةٍ، ومُستحقًّا للزكاة؛ فيجوز لك أن تُعطيه من الزكاة، بل هو الأفضل؛ لأنك تجمع بين الزكاة وصِلة الرحم، أما لو كان هذا القريب لو مات ورثته؛ فيجب عليك أن تُنفق عليه من حُرِّ مالك إذا احتاج، ولا تُعطه من الزكاة إلا لسداد الديون الحالَّة عليه، فلا بأس أن تُسدد عنه من الزكاة مطلقًا.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

أيضًا من أسئلة المستمعين: هذه مجد أمة تقول: أمي رحمها الله تُوفيت قبل أقل من شهرين، وأحيانًا يغلبني البكاء عليها في الصلاة، فهل يُبطل ذلك صلاتي؟

الشيخ: أولًا: ننصحكِ بالصبر والرضا بقضاء الله تعالى وقدره، وهذا الذي قد صار لأمكِ سيكون لكِ في يومٍ من الأيام، فـكُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، وهذا هو أجلها الذي كتب الله تعالى لها قبل أن تُخلق، فلا يمكن أن تتأخر عن هذا الأجل دقيقةً واحدةً؛ ولذلك ننصحكِ بالصبر والرضا.

وأيضًا بأن تستحضري قول النبي : إن الميت ليُعذب ببكاء أهله عليه [8]، هذا الحديث رواه البخاري ومسلمٌ، وهذا يدل على أن الميت يتعذب ببكاء الحي عليه، وإذا أراد الحي أن يُحْسِن للميت فعليه أن يفعل الأشياء التي تنفعه بعد مماته، وأهمها الدعاء، يدعو له، فالدعاء يصل ثوابه للميت، ويفرح به الميت، ويُسَرُّ به ويَغْتَبط، والنبي يقول: إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثةٍ وذكر منها: أو ولدٍ صالحٍ يدعو له [9].

وكذلك أيضًا الصدقة يصل ثوابها للميت، ويفرح الميت بها، والأفضل أن تكون صدقةً جاريةً، يعني: وقفًا، حتى لو كان بشيءٍ ليس كبيرًا، كأن تُوقف -مثلًا- مصحفًا، أو كتابًا من الكتب الشرعية، أو نحو ذلك، فهذا ينتفع به الميت، ويُسَرُّ به، ومن ذلك مثلًا: الإطعام عن الميت، وتفطير الصائمين عن الميت، فهذا يدخل في جنس الصدقة عن الميت، ويصل ثوابه إلى الميت.

كذلك أيضًا العمرة عن الميت، والحج عن الميت يصل ثوابه إلى الميت.

فهذه هي التي يفرح بها الميت، ويُسَرُّ بها، وهي التي فيها الإحسان العظيم لهذا الميت، أما مجرد البكاء والنَّدب على الميت فهذا لا يُفيده، بل إن الميت يتعذب بذلك.

فنقول: أختي الكريمة، إذا أردتِ أن تُحْسِني لوالدتكِ فعليكِ بالدعاء والصدقة ما أمكن، وكذلك إن تيسر أن تعتمري عنها وتحجي عنها، فهذا من الإحسان العظيم إليها، وننصحكِ بترك البكاء، والصبر، والرضا بقضاء الله تعالى وقدره.

وأما بالنسبة لتأثير هذا البكاء على صلاتك: فإذا كان هذا البكاء يغلبكِ رغمًا عنكِ، فصلاتك صحيحةٌ، ولا شيء عليكِ، نعم.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

معنا هذا المتصل: بسام من المدينة.

تفضل يا بسام.

السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل.

السائل: لي مبلغٌ كبيرٌ تحول إليَّ من مصدرٍ مجهولٍ قبل ثلاثة أشهرٍ، ومررتُ على البنك أكثر من مرةٍ، فقال البنك: عندنا السياسة أننا ما نقدر أن نُرجع المبلغ، ولا نُعطيك رقم الرجل. فما الحل في هذا المبلغ؟

المقدم: نعم، تسمع الإجابة يا بسام، شكرًا لك.

تفضل يا شيخ سعد، يسأل عن مبلغٍ كبيرٍ من مصدرٍ مجهولٍ وصله في حسابه.

الشيخ: أولًا: عليك أن تنتظر وتُبقي هذا المبلغ لديك وتحتفظ به؛ لأنه ربما يتواصل معك صاحب المبلغ ويطلب استرجاعه؛ ولذلك فعليك ألا تستعجل في التصرف فيه، وإنما تُبقيه حتى يغلب على ظنك أن صاحب هذا المبلغ لن يطلبه، ولن يأتي إليك، كأن تمضي على ذلك -مثلًا- سنةٌ ونحو ذلك، أو أكثر، وبعد ذلك إذا غلب على ظنك أن صاحب هذا المبلغ لن يُطالب به، فتتصدق به عنه؛ لأن هذا هو الحكم في الأموال المجهولة التي لا يُهتدى لأصحابها، فيُتصدق بهذه الأموال عنهم.

ولذلك نقول للأخ الكريم: الواجب عليك أن تتصدق بهذا المبلغ عن صاحبه، لكن بعدما تحتفظ به مدةً يغلب على الظن أنه لن يُطالبك به، نعم.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

نلتفت إلى أسئلة الإخوة في (تويتر): هذه فاطمة تقول: مَن كان مسافرًا وجمع صلاة العشاء مع المغرب جمع تقديمٍ، هل يجوز له أن يُصلي صلاة الوتر ركعةً واحدةً في ذلك الوقت، أم يلزمه أن ينتظر إلى دخول وقت صلاة العشاء؟

الشيخ: نعم، يجوز له أن يُصلي صلاة الوتر إذا كان قد جمع العشاء مع المغرب جمع تقديمٍ، فقد دخل في حقِّه وقت صلاة العشاء، ودخل في حقِّه وقت صلاة الوتر، وعلى هذا فلا بأس أن يُوتر بعد صلاة العشاء، نعم.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

أيضًا هذا سائلٌ يسأل عن تكرر الجماع في نهار رمضان، يقول: قبل خمس سنواتٍ عندي سبع كفَّارات جماع في نهار رمضان، وكنتُ لا أعلم حكم الكفارة، والآن هي سبع كفاراتٍ، ولا أستطيع صيام شهرين متتاليين، ولا أستطيع عتق رقبةٍ، فكيف أُطعم ستين مسكينًا عن سبع كفاراتٍ؟ هل أجمعها؟ أم ماذا؟ جزاكم الله خيرًا.

الشيخ: أولًا: عليك أن تتواصل مع أحد المشايخ المُفتين؛ لكي يتأكد من وجوب هذه الكفارات السبع عليك؛ لأنه يُشترط أن تكون عالمًا بالحكم، مُختارًا، فلا بد من تحقق شروطٍ معينةٍ للفتوى بإيجاب الكفارة عليك، لكن على تقدير أنك كنت عالمًا بالحكم ومُتعمدًا ومُختارًا؛ فتجب عليك كفارةٌ عن كل يومٍ حصل منك فيه الجماع في نهار رمضان، وهذه الكفارة هي عتق رقبةٍ، ولا توجد رقابٌ الآن، فعليك أن تصوم شهرين متتابعين، ويلزمك أن تصوم شهرين متتابعين عن كل كفارةٍ، ما دام أن عليك سبع كفاراتٍ، فمعنى ذلك: أن عليك أن تصوم أربعة عشر شهرًا، ولا تبرأ ذِمتك إلا بذلك، لكن لا يلزم أن تكون في سنةٍ واحدةٍ، إنما يمكن أن تُفرقها، خاصةً في أيام الشتاء التي يقصر فيها النهار، ويكون الجو باردًا، وعليك مع ذلك التوبة إلى الله ​​​​​​​.

وقد يقول الأخ الكريم: كيف أصوم أربعة عشر شهرًا؟

نقول: لأن الذنب الذي وقعتَ فيه عظيمٌ جدًّا، وجرمٌ كبيرٌ، فكيف تتجرأ على حُرمات الله سبحانه، ويتكرر منك هذا الأمر سبع مراتٍ، وأنت عالمٌ، مُتعمدٌ، تعرف الحكم؟!

وهذا كله على تقدير ذلك، وإلا كما ذكرتُ في بداية السؤال: أنه لا بد من التأكد من هذا من أحد العلماء، لكن على تقدير ذلك أقول: عليك أن تصوم هذه الأربعة عشر شهرًا، كل شهرين متتابعين؛ لأن الذنب عظيمٌ؛ ولأن الجُرم كبيرٌ، فإن فيه انتهاكًا لحُرمة الشهر، وهذا من أعظم ما يكون من الذنوب؛ ولذلك كانت الكفارة مُغلظةً.

وأيضًا زوجتك إذا كانت مُطاوعةً لك يجب عليها مثلما يجب عليك، فإذا كانت تُطاوعك في هذه المرات السبع، أو في هذه الأيام السبعة؛ فعليها أيضًا صيام أربعة عشر شهرًا، كما هو الواجب عليك.

الواجب على الزوجة إذا طلبها زوجها للجماع في نهار رمضان أن تمتنع، وأن تُغادر المكان الذي فيه الزوج، وأن ترفض ذلك، وأما أنها تُطاوعه فإنه عليها من الذنب، وعليها أيضًا من الكفارة مثلما على الرجل، ولو أن الزوجة امتنعتْ منه، وذهبتْ وغادرت المكان الذي هو فيه؛ لم يتمكن من أن يُواقعها سبع مراتٍ، لكن هذا كله يدل على رِقَّة الديانة، وقِلة الخوف من الله ، وإلا فكيف يتجرأ الإنسان على أن يفعل هذا في سبعة أيامٍ من شهر رمضان؟!

فعليك التوبة إلى الله ، وكذلك زوجتك إذا كانت مُطاوعةً لك، ولا تبرأ ذمتك إلا بأن تُؤدي هذه الكفارة.

وهذا كله -كما ذكرتُ- مشروطٌ بأن تتأكد من أحد العلماء من أنه تجب عليك الكفارة بأن تكون عامدًا مُتعمدًا، عالمًا بالحكم، نعم.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

أيضًا هذا سائلٌ يقول: يشتري من بعض المتاجر الإلكترونية، وهناك موقعٌ وسيطٌ يُجزئ المبلغ إلى ثلاثة أجزاءٍ أو أربعة، فيدفع كل شهرٍ جزءًا، يسأل عن حكم ذلك.

الشيخ: هذا لا بأس به بشرط ألا يوجد شرط غرامة تأخيرٍ؛ لأن هذه الطريقة مُنتشرةٌ، ويدخل هذا الوسيط ويُقسط المبلغ على هذا الزبون الذي يريد الشراء، لكن الإشكال لدى كثيرٍ من الشركات التي تتولى الوساطة أنهم يضعون شرط غرامة تأخيرٍ، فيقولون: إذا لم تُسدد تُحسب عليك غرامة تأخيرٍ، ويذكرون أنهم يصرفون هذه الغرامة في وجوه البرِّ.

وفرض غرامة تأخيرٍ على المدين عند حلول الدين هذا هو نظير ربا الجاهلية، فإنهم كانوا في الجاهلية إذا حلَّ الدَّين على المدين قال الدائن للمدين: إما أن تقضي، وإما أن تُربي. يعني: إما أن تُسدد الدَّين، وإما أن أُنظرك وأُأَخِّرك وتزيد في مقدار الدَّين.

فهذا الشرط -شرط غرامة التأخير- لا يجوز، لكن لو قُدر أن هذه الشركة الوسيطة لا تشترط هذا الشرط -شرط غرامة التأخير- فلا بأس بذلك.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

نختم بهذا السؤال، يقول: في حديث: يا ملائكتي، اقضوا حاجة عبدي الليلة، فقد غلب يقينُه قدري، يقول: ما صحة هذا الحديث؟

الشيخ: لا أعلم أصلًا لهذا الحديث، وليس بمشهورٍ عند أهل العلم، نعم.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، ونفع بما قلتم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وضيف هذه الحلقة من “فتاوى رمضان”، شكر الله لكم.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.

المقدم: في أمان الله.

أيها الإخوة والأخوات، نلقاكم -بمشيئة الله تعالى- في حلقةٍ أخرى من هذا البرنامج المبارك.

نسأل الله تعالى بمَنِّه وكرمه أن ينفعنا وإياكم بما سمعنا، وأن يُعلمنا ما ينفعنا، وأن يزيدنا في هذا الشهر الكريم توفيقًا وسدادًا؛ لنعمر أوقاته بصنوف العبادات، اللهم آمين.

نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه ابن ماجه: 1753.
^2 رواه البخاري: 1145، ومسلم: 758.
^3 رواه مسلم: 482.
^4 رواه الترمذي: 2457.
^5 رواه أبو داود: 1481، والترمذي: 3477.
^6 رواه البخاري: 304.
^7 رواه مسلم: 335.
^8 رواه البخاري: 1287، ومسلم: 927.
^9 رواه مسلم: 1631.