|categories

(7) فتاوى رمضان 1443 هـ

مشاهدة من الموقع

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أسعد الله أوقاتكم، وعمّر أيامكم بطاعته، أهلًا وسهلًا بكم معنا في حلقة أخرى من برنامجكم اليومي الرمضاني المباشر: (فتاوى رمضان)، وباسمكم جميعًا نرحب بضيف حلقتنا فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، والأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، فضيلة الشيخ أهلًا بكم.

الشيخ: أهلًا، حياكم الله وبارك فيكم، وحيا الله الإخوة المستمعين.

المقدم: حياكم الله يا شيخ سعد، ونبدأ بهذا السؤال من عبدالرحمن من أسئلة الحلقة الماضية يقول: يوجد الآن تطبيقات يعرف بها الشخص وقت الأذان، فإذا دخل الوقت حسب التطبيق وتأخر المؤذن بضع دقائق، فماذا يلزم من أراد الصوم؟ هل يمسك بسماع المؤذن، أم يعتمد على التطبيق، وإذا أذن المؤذن قبل الوقت، هل يمسك الشخص، أم يأكل ويشرب حتى يأتي وقت الأذان حسب توقيت التطبيق؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن العبرة بالوقت، وليست العبرة بالأذان، وإنما المؤذن مخبر عن دخول الوقت، ولهذا فإن الله يقول: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187]، فأناط ربنا الحكم بالوقت، فالإمساك يكون بتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، والفِطر يكون بالليل: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187]، والليل يبدأ بغروب الشمس.

وعلى هذا فإذا تحقق المسلم من طلوع الفجر بأية وسيلة لزمه الإمساك، وإذا تحقق من غروب الشمس بأية وسيلة حل له الفطر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم [1].

وعلى هذا نقول: إذا كان هذا التطبيق الذي يحدد الوقت دقيقًا، ومبرمجًا على الوقت نفسه على المكان نفسه؛ لأن التطبيقات تختلف لا بد من برمجتها على المكان نفسه، وجرب هذا التطبيق بأنه صحيح بالنسبة للأوقات الأخرى، فيعتمد عليه في الإمساك، ويعتمد عليه كذلك في الفطر.

وبالنسبة للفطر يكون بغروب الشمس، والتقاويم بالنسبة لغروب الشمس دقيقة، لكن في الأماكن المنبسطة، أما الأماكن المرتفعة فلا بد من أن يحسب أثر الارتفاع؛ لأنه كلما ارتفع الإنسان كلما تأخر وقت غروب الشمس.

ولهذا لو كنت في المطار وغربت الشمس، ثم أقلعت الطائرة، فربما تجد أن الشمس وأنت في الطائرة تجد أنها لم تغرب بعد؛ لأن الارتفاع له أثر في تأخر الغروب، لكن في الأماكن المنبسطة الواسعة يعتمد على هذه التطبيقات، وعلى التقاويم في غروب الشمس.

المقدم: أحسن الله إليكم، أيضًا من أسئلة المستمعين هذه الأخت تسأل عن زوجها تقول: هل يجوز له أن يصلي صلاة العشاء في رمضان قبل أن يدخل الأذان أو قبل أن يؤذن، يقول: يصلي على الوقت العادي بسبب ظروف عمله، وإذا حصل له ظرف طارئ، فهل يجوز أن أصلي قبل أن يؤذن للصلاة بدقائق بسيطة؟

الشيخ: نعم، لا بأس بذلك؛ لأن تأخير الأذان في رمضان عندنا في المملكة العربية السعودية لأجل التوسعة، وليس لأن الوقت تأخر، وإلا يعني وقت العشاء هو وقت العشاء قبل رمضان، لكن أُخر نصف ساعة من باب التوسعة على الناس بعد الإفطار، حتى لا يستعجل على الناس بالأذان، ثم بعد ذلك صلاة العشاء والتراويح، فلأجل التوسعة عليهم أخر الأذان نصف ساعة، فتأخير الأذان من باب التوسعة، وليس لأن الوقت يتأخر حقيقة إلى هذا الوقت.

وعلى ذلك ما دام أن زوج الأخت الكريمة عنده ظروف عمله تقتضي أن يصلي قبل ذلك فلا بأس إذا أراد أن يصلي بعد ساعة ونصف، كما كان عليه التقويم قبل رمضان لأجل ظروف عمله فلا بأس، ويكون قد صلى العشاء في وقتها، وهكذا بالنسبة لها هي لو أرادت أن تصلي بعد ساعة ونصف لا بأس بذلك، باعتبار أن الوقت قد دخل، وإنما زيادة النصف ساعة من باب التوسعة على الناس.

المقدم: أحسن الله إليكم، معنا أول المتصلين في هذه الحلقة أبو عبدالله من الطائف، تفضل يا أبا عبدالله.

السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل.

السائل: سؤالي -طال عمرك- هل تجوز الزكاة في أخواتي وفي خالاتي؛ لأن أخواتي عندهن عيال قاصرون، وهل تجوز الزكاة فيهم طال عمرك؟

الشيخ: الأب موجود، والدك موجود.

السائل: الأب عليه رحمة الله، تُوفي.

الشيخ: طيب أخواتك لهن أبناء.

السائل: أبناء قاصرون.

الشيخ: أي نعم، طيب وبالنسبة لخالاتك..

السائل: أبوهن توفى رحمة الله عليه،… متزوجات بعضهن.

الشيخ: من أقرب من لهن خالاتك؟

السائل: نعم.

الشيخ: أقرب من لهن؟ يعني العاصب، أو يعني هل لهن أبناء خالاتك متزوجات؟

السائل: لا، لا، ما لهن أبناء، وليس متزوجات.

الشيخ: طيب في أنت أقرب الناس لهن، أو فيمن هو أقرب منك؟

السائل: إخوانهن أقرب مني، إخوان خالاتي.

الشيخ: طيب.

المقدم: تسمع الإجابة يا أبا عبدالله، عندك سؤال ثاني.

السائل: لا، لا، شكرًا.

المقدم: طيب تسمع الإجابة، تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: أما بالنسبة لأخواتك فلا بأس أن تعطيهن من الزكاة إذا كن محتاجات؛ وذلك لأنك غير وارث لهن، باعتبار أن لهن أبناء، والقاعدة في دفع الزكاة للقريب: أن الإنسان إذا كان لا يرثه لو مات، جاز له أن يعطيه من زكاة ماله، إذا كان مستحقًا للزكاة.

أما إذا كان لو مات ورثه، فليس له أن يعطيه من الزكاة، وإنما يلزمه أن يعطيه من حُر ماله؛ لقول الله : وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ [البقرة:233]، والأخ الكريم ذكر بأن أخواته لهن أبناء، وعلى ذلك فهو غير وارث لهن، فلا بأس أن يعطيهن من زكاة ماله، إذا كن محتاجات، بل إن هذا هو الأفضل، لكون هذا يجمع بين الزكاة وصلة الرحم.

وأما بالنسبة لخالاته فلا بأس كذلك أن يعطيهن من زكاة ماله؛ لأنه غير وارث لهن، وأيضًا نقول: إن هذا هو الأفضل، لكونه يجمع بين الزكاة وصلة الرحم، ولهذا ينبغي للمسلم إذا أراد أن يدفع الزكاة أن يتفقد أولًا أقاربه المحتاجين، ويبدأ بهم، ويعطيهم من زكاة ماله؛ لأنه إذا فعل ذلك جمع بين عملين صالحين، بين الزكاة وصلة الرحم، بخلاف ما إذا دفع الزكاة للأباعد، فإنه يقتصر فقط على الزكاة، لكن إذا دفعها على الأقارب المستحقين جمع بين الزكاة وصلة الرحم.

المقدم: جزاكم الله خيرًا، أم زياد تسأل عن دعاء القنوت، وفي الثناء على الله ، هل يقول المصلي: سبحانك، أم يقول: آمين؟

الشيخ: إذا دعا الإمام في دعاء القنوت ما كان دعاء فالمأموم يؤمن على دعائه، وما كان ثناء على الله فالمأموم يثني على الله سبحانه، كأن يقول: سبحانك، والتسبيح يكون للتنزيه وللتعظيم، وأما قول من قال: إن التسبيح لا يكون إلا للتنزيه، فهذا قول غير صحيح؛ لأن التسبيح دلت الأدلة على أن التسبيح كما يكون للتنزيه، فهو يكون أيضًا للتعظيم.

فمثلًا عندما يدعو الإمام ويقول: إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديتك، فالمأموم يشرع له أن يقول: سبحانك، وهكذا لو قال: تباركت ربنا وتعاليت، يقول المأموم: سبحانك، وكلما ورد ثناء على الله وتعظيم له، المأموم يسبح الله تعظيمًا له.

المقدم: أحسن الله إليكم، معنا أيضًا عبر الهاتف أم سعد من الرياض.

السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضلي.

السائلة: لو سمحت أحب أسأل الشيخ أختي محتاجة ليست محتاجة يعني على قد حالها وكذا وبناتها، فالناس يعطون أمي فلوسًا لها، فأمي تعرف إنها يعني تصرفها في شيء ما تستفيد منها ومثل ذلك، أمي أكثر منها احتياجًا لها، هل تأخذها أمي، أو تعطيها أختي؟ هذا السؤال الأول.

المقدم: طيب، السؤال الثاني.

السائلة: السؤال الثاني ما حكم “التاتو” ويبقى ستة أشهر، فما أدري هل يجوز لي؟ وهل يدخل في حكم الوشم أم لا؟

المقدم: التاتو؟

السائلة: نعم، التاتو.

المقدم: طيب تسمعين الإجابة يا أم سعد، سؤالها الأول يا شيخ تقول: أختها محتاجة والناس يعطون أمها أموالًا لهذه الأخت، ولكن لأن الوالدة تعرف أنها ستصرفها ربما في غير ما تحتاج إليه، فتأخذ منها لأنها أحوج منها، فما رأيكم في ذلك؟

الشيخ: ما دام أن هذه الزكاة قد خصص بها أختها، فالواجب أن تعطى أختها هذه الزكاة، وليس للأم أن تأخذها؛ لأنها إنما صرفت لأختها، فلا بد من تسليمها لأختها؛ لأن هذا هو الذي قد قصده المتبرع.

وأما كون والدتها أكثر حاجة، هذا لا يقتضي أن تأخذ ما تُعطى أختها، لكن الأم يجوز لها وهكذا الأب يجوز لهما أن يأخذا من أموال أولادهما ما يحتاجان إليه، بشرط ألا يأخذ ذلك ويعطيه ولدًا آخر، وألا يأخذ ما يضر الولد.

وعلى هذا نقول للأخت الكريمة، نقول: والدتك إذا أتت الزكوات لأختك، تعطي أختك الزكاة، لكن لها أن تأخذ من أموال أختك ما تحتاج إليه، بشرط: ألا يضر ذلك بأختك، وألا تأخذ من أختك وتعطيه إلى أحد أبنائها أو بناتها.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، من أسئلة المستمعين أيضًا في تويتر هذا سائل يسأل عن قطرة الأنف، وأيضًا “لطيفة” تسأل عن مرطب الشفاه إذا كان فيه نكهة.

الشيخ: أما بالنسبة لقطرة الأنف فلا تُفطر الصائم، إلا إذا وصل ماؤها للجوف، إذا وصل ماء القطرة للجوف فإنها تفسد الصوم؛ لقول النبي للقيط بن صبرة : وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا [2]، وعلى ذلك فالأولى تأخير القطرة إلى الليل، لكن لو احتاج الإنسان لاستخدام قطرة الأنف، فإنه يستخدمها في أطراف الأنف.

أما لو كانت سيذهب ماؤها للجوف، وأنه لا بد من الاستخدام العميق لها، فلا يستخدمها إلا للحاجة، فإذا احتاج لذلك استخدمها وقضى يومًا مكان هذا اليوم.

وأما بالنسبة لمرطب الشفاه فهذا لا يفسد الصوم؛ لأنه ليس أكلًا ولا شربًا، وليس بمعنى الأكل والشرب.

المقدم: أحسن الله إليكم، أيضًا أم سعد المتصلة سألت عن “التاتو” الذي يوضع للجلد، ويبقى لمدة ستة أشهر، هل يعتبر وشمًا؟

الشيخ: هذا إذا كان مؤقتًا، ويزال وليس ثابتًا ودائمًا، وليس عليه رسومات لذوات أرواح، فهذا لا يأخذ حكم الوشم، أما لو كان دائمًا، أو عليه رسومات، فإن هذا يأخذ حكم الوشم، إذا كان مثل الحناء ومثل الكحل وبالإمكان إزالته، فإنه لا بأس به.

أما لو كان ثابتًا لا يُزال، ويبقى مدة طويلة، فإن هذا يأخذ حكم الوشم، ولا يجوز، وما دام أنه يبقى مدة ستة أشهر ثابتًا، ولا يمكن إزالته طوال هذه المدة، فالذي ننصح به ألا تستخدمه المرأة المسلمة؛ وذلك لأنه يشبه الوشم.

المقدم: أحسن الله إليكم، معنا عبر الهاتف سعيد من أبها.

السائل: السلام عليكم ورحمة الله.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.

السائل: أسأل الله أن يجزيكم عنا خير الجزاء، وينفع بعلمكم، إنه على كل شيء قدير، السؤال الأول يا فضيلة الشيخ: أنا عندي بيت في جدة، وأنا من سكان أبها، هل يجوز لي أن أُحرم من جدة، مع العلم سكن جدة جدًّا بسيط، فترات جدًّا قليلة، وليست كثيرة، والسكن الدائم في أبها.

الشيخ: عندك بيت ملك في جدة.

السائل: إي نعم طال عمرك، هي عبارة عن شقة ملك، جزاك الله خيرًا.

المقدم: السؤال الثاني يا سعيد.

السائل: السؤال الثاني: لدي أرض من عام سبعة وثلاثين، ولكن نية البيع متردد فيها، أبيع أو أسوي عليها مشروع، أو أحطها عمارة، فكان التردد كثيرًا في الموضوع هذا، مع العلم أن لدي بيت ملك يعني ولله الحمد، فهل عليها زكاة هذه الأرض أم لا؟

المقدم: تسمع الإجابة يا سعيد، شكرًا لك، سؤاله الأول يا شيخ سعد عنده بيت في جدة، وهو من سكان أبها، فمن أين يُحرم؟

الشيخ: هو بالخيار إن شاء أحرم من الميقات، وإن شاء أحرم من بيته في جدة، وما دام أن عنده بيتًا في جدة، فيعتبر صاحب إقامتين إقامة في أبها، وإقامة في جدة، وإن كانت الإقامة متفاوتة، ذكر أن إقامته في أبها أكثر، لكن يبقى له إقامة في جدة، باعتبار أنه يملك بيتًا في جدة، فهو صاحب إقامتين، وما دام صاحب إقامتين، فله أن يحرم من بيته في جدة.

ويترتب على ذلك أيضًا من الأحكام أنه إذا كان في جدة لا يترخص برخص السفر، لأننا اعتبرناه مقيمًا في جدة وصاحب إقامة، فلا يترخص برخص السفر، وله أن يحرم من جدة.

المقدم: أحسن الله إليكم، سؤاله الثاني يقول: عنده أرض متردد في الغرض منها، فيسأل هل عليها زكاة؟

الشيخ: هذه الأرض لا زكاة فيها؛ لأنه يشترط لوجوب الزكاة في الأرض: أن يجزم بنية البيع في الحال، أو في المستقبل بقصد التربُّح، أما إذا لم يجزم بنية البيع، وإنما كان مترددًا، كما هو حال الأخ السائل الكريم فلا زكاة في هذه الأرض، وهكذا لو جزم بنية السكنى، أو جزم بنية أن يبني عليها استراحة، أو جزم بنية أن يبني عليها عقارًا لتأجيره؛ فهذه لا زكاة فيها كذلك.

وهكذا أيضًا لو جزم بنية البيع، لكن بغير قصد التربح، وإنما بقصد أن يبيعها ويستفيد من السيولة مثلًا، أو بقصد لكونه محتاجًا لذلك، أو بقصد أن ينتقل من حي إلى حي آخر، لم يكن بقصد التربح والتكسب، فلا زكاة فيها.

وعلى ذلك فالأرض إنما تجب فيها الزكاة إذا جزم بنية بيعها في الحال أو في المستقبل بقصد التربح، لأنها حينئذ تكون من عروض التجارة.

المقدم: أحسن الله إليكم، هنا أيضًا من المستمعين رنا تسأل عن مرور المرأة أمام المرأة في صلاتها، هل يقطع الصلاة؟

الشيخ: مرور المرأة أمام المصلي عمومًا اختلف العلماء في كونه يقطع الصلاة، أو لا يقطعها، على خلاف بين الفقهاء في ذلك، والقول الراجح: أن مرور المرأة يقطع الصلاة؛ وذلك لثبوت الحكم في السُّنة الدالة على أن مرور المرأة يقطع الصلاة.

ومن ذلك ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي ذر  أن النبي  قال: يقطع الصلاة: المرأة، والحمار، والكلب الأسود [3]، وهذا الحديث في صحيح مسلم، وهو يدل على أن مرور المرأة أنه يقطع الصلاة.

أما قول عائشة رضي الله عنها لما ذكر هذا الحديث عندها، قالت: “«بئس ما شبهتمونا بالحمير والكلاب، لقد رأيتني بين يدي رسول الله معترضة وهو يصلي”، فهذا اجتهاد منها رضي الله عنها، اجتهاد منها لأن المعترض ليس كالمار، إنما الذي يقطع الصلاة هو المرور، وأما المعترض لا يعتبر مارًّا، والمعترض لا يقطع الصلاة.

وهذا الحديث حديث صريح وصحيح، وهو في صحيح مسلم، وصريح في قطع الصلاة، وما ذكرته أم المؤمنين عائشة اجتهاد منها رضي الله عنها، لم يوافقها عليه بقية الصحابة، وقول الصحابي لا يكون حجة إذا خالفه صحابة آخرون.

ثم إن القول بأن مرور المرأة يقطع الصلاة ليس فيه انتقاصًا للمرأة، فالمرأة هي الأم الواجب برها أكثر من الأب، وهي الأخت الواجب صلتها، وهي الزوجة الواجب معاشرتها، وهي ذات الرحم الواجب صلتها.

فالمرأة أكرمها الإسلام، وعظّم شأنها، وترتيب هذه الأحكام الشرعية ليس فيه غض من المرأة، لكن مرور المرأة يقطع الصلاة هذه لحكمة الله تعالى أعلم بها، كما أيضًا أن مرور الرجل ينقص من أجر المصلي، ينقص من أجر المصلي، حتى مرور الرجل، وإن كان لا يقطع الصلاة، وذلك لحكمة الله تعالى أعلم بها.

والمسلم يجب عليه أن يستسلم وينقاد لأحكام الله ورسوله؛ لأن هذا هو مقتضى العبودية لله سبحانه، والله تعالى يقول: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36]، فمقتضى العبودية أن يستسلم المسلم لحكم الله ورسوله، سواء عرف الحكمة، أو لم يعرفها؛ لأنه على يقين بأن الله تعالى حكيم عليم، وهو أحكم الحاكمين، لا يشرع شيئًا إلا لحكمة، ولا يأمر بشيء إلا لحكمة، ولا ينهى عن شيء إلا لحكمة.

أما من كان لا يتقبل من الأحكام الشرعية إلا ما وافق عقله وهواه، فهذا عبد لهواه، وليس عبدًا لله ، والله تعالى يقول: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ [الفرقان:43]، فبعض الناس يكون عبدًا لهواه، وعبدًا لعقله، وليس عبدًا لربه ، ومقتضى العبودية للرب سبحانه الاستسلام لشرع الله ، ولحكم الله سبحانه.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، ونفع بعلمكم، معنا بدر من الأحساء.

السائل: السلام عليكم يا شيخ.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل يا بدر.

السائل: الله يزيد فضلك، كتب الله أجرك يا شيخ، أنا عندي -طال عمرك- الوالدة أصيبت بمرض السرطان من الدرجة الرابعة في الرأس، وكان هذا قبل رمضان، طبعًا الآن بدأت تفقد حاسة الإدراك، ومن بداية الشهر لحد الآن طبعًا ما صامت، هي تعرفنا وتعرف عيالها وإخوانها وأخواتها، لكن نوعًا ما الذي هو في تفويت، يعني ما تدرك ما الذي يحصل حولها، ولا تعرف أن الوقت لا نهار ولا ليل، هل يتوجب عليها يعني أن نخرج عنها الذي هو إطعام المسكين، الذي كل يوم ما صامت فيه.

المقدم: تسمع الإجابة، عندك سؤال ثاني يا بدر.

السائل: الله يعطيكم العافية، وكتب الله أجركم.

المقدم: اللهم آمين، وإياك، تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: فما دام أنها وصلت إلى هذه المرحلة، فلا يجب عليكم أن تخرجوا عنها شيئًا، ولكن باعتبار أنها أحيانًا تعرفكم، ويعود إليها الوعي، فالأحوط أن تخرجوا عنها تُطعم عن كل يوم مسكينًا، من باب الاحتياط.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، وأيضًا من أسئلة المستمعين هذه روان تقول: أنا عندي هبوط في الضغط قبل رمضان سألت الدكتورة، وقالت: أول ما تشعرين بألم الضغط أفطري، وأنا صمت فقط ثلاثة أيام، وأحيانًا أصوم وأفطر في العصر بسبب التعب، هل عليَّ قضاء، أم إطعام؟

الشيخ: إذا كانت هذه المرأة يُرجى أنها تستطيع أن تصوم بعد رمضان، فإنها لا تُطعم، وإنما تنتظر حتى يتيسر لها الصيام، وتقضي هذه الأيام التي أفطرتها، أما إذا كانت لا ترجو ذلك، لكون مرضها مزمنًا، فإنها تُطعم عن كل يوم مسكينًا، والذي يحدد هل يرجى أنها تستطيع الصيام، أو لا تستطيع هو الطبيب المختص، فترجع للطبيب المختص، وتسأله هذا السؤال، تقول: هل مستقبلًا يمكن أستطيع أن أصوم وأقضي هذه الأيام التي أفطرتها؟ إن قال: نعم، فلا تُطعم، وإنما تنتظر حتى تستطيع أن تقضي هذه الأيام، وخاصة في أيام الشتاء التي يكون الجو فيها باردًا، ويقصر فيها النهار.

أما إذا قال الطبيب: إن هذا الذي معك مزمن، وأنك لا تستطيعين الصيام في المستقبل، فإنها تُطعم عن كل يوم مسكينًا.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، أيضًا من أسئلة المستمعين في تويتر “همس” تسأل عن اللقاحات ونحوها، أحيانًا تتسبب في نزول الدورة الشهرية في غير وقتها، وتقول: هل من نزلت عليها الدورة في غير وقتها تصوم وتصلي، أم لا؟

الشيخ: من نزلت عليها الدورة الشهرية فإنها لا تصوم ولا تصلي، ولا تطوف، وتمتنع من المعاشرة الزوجية، فحكمها حكم الحائض، بل هي حائض، والحيض أحيانًا قد يتقدم وقد يتأخر، وقد يتقطع، فليس بالضرورة أن يكون الحيض منتظمًا، والعبرة بوجود هذا الأذى، والله تعالى يقول: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222].

فمتى رأت المرأة هذا الأذى، ترتب على ذلك الأحكام الشرعية، فأحيانًا الدورة الشهرية تتقدم عند المرأة، فإذا تقدمت عند المرأة فإنها تكون حائضًا، وربما تتأخر كذلك، وربما أيضًا تتقطع، العبرة بوجود الدم، متى ما رأت المرأة هذا الدم وهذا الأذى، فإنها لا تصوم ولا تصلي.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، معنا عبر الهاتف من مكة “ابتسام”.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي.

السائلة: يا شيخ الدورة انقطعت عني مدة سنة، فيوم خمسة رمضان نزلت بشكل خفيف يعني ليس مثل الأول، لمدة ستة أيام، بعدها انقطع الدم لمدة خمسة أيام بعدها نزل، من أمس بدأ ينزل بشكل خفيف، فما حكم صلاتي وصيامي في هذه الأيام؟

الشيخ: يعني نزل أول رمضان ستة أيام ثم انقطع؟

السائلة: نزل ستة أيام، ثم انقطع لمدة خمسة أيام، بعدها نزل مرة أخرى من أمس، لكن بشكل خفيف، ليس مثل الأول.

الشيخ: نعم، طيب وسألت الطبيب عن طبيعة هذا الدم؟

السائلة: هي كانت الدورة من قبل ما تنقطع سنة كانت متلخبطة تأتيني مثلًا ثلاثة شهور، تنقطع كذا شهر.

الشيخ: نعم، يعني أنت كم عمرك حتى نعرف يعني؟

السائلة: اثنين وأربعين تقريبًا.

الشيخ: نعم.

السائلة: اثنين وأربعين.

الشيخ: اي نعم، طيب.

المقدم: عندك سؤال ثاني يا ابتسام.

السائلة: ايه عندي سؤال آخر.

المقدم: تفضلي.

السائلة: حكم إخراج زكاة الذهب لو تصدق فيه خارج المملكة، مثل فقراء خارج المملكة.

المقدم: طيب زكاة الذهب تخرجينها مالًا.

السائلة: نعم، خارج المملكة أرسله لفقراء يكونون خارج المملكة، وإلا لازم هنا داخل المملكة يكون؟

المقدم: طيب تسمعين الإجابة يا ابتسام، تفضل يا شيخ سعد، سؤالها الأول عن الدورة انقطعت لسنة، ثم عادت ستة أيام في بداية الشهر، ثم الآن عادت بعد انقطاعها خمسة أيام.

الشيخ: نعم، يعني هذه المرأة أيضًا في العمر الذي ذكرت عندها اضطراب في الدورة الشهرية، وعليها أن ترجع إلى الطبيبة المختصة، وتسألها عن طبيعة هذا الدم الذي عاودها، ثم انقطع ثم عاودها، وليس دمًا أيضًا صريحًا، وإنما هو دم خفيف، وتعمل بقول الأطباء المختصين، لأن الطبيب المختص يعرف هل هي دورة، أو أنها ليست بدورة.

لكن لو لم يتبين لها الأمر من كلام الطبيب، فالأصل أنها دورة، الأصل أن ما يخرج من المرأة من الدم أنه دورة، فتعتبر هذا حيضًا، وتقضي هذه الأيام، لكن عليها قبل هذا أن تتأكد من الأطباء المختصين.

المقدم: أحسن الله إليكم، سؤالها الثاني عن حكم إخراج الزكاة لمن هم في بلد آخر مثلًا: من كان لديه قريب خارج المملكة، هل يجب أن يزكي الإنسان أمواله في نفس المكان الذي هو فيه؟

الشيخ: لا بأس بنقل الزكاة إلى بلد آخر، ولا يلزم أن تدفع الزكاة لفقراء البلد على القول الراجح، فإذا وجد فقير أشد حاجة في بلد آخر، فلا بأس بأن يُعطى من الزكاة، لكن بالنسبة لدفع الزكوات والصدقات خارج المملكة لا بد من مراعاة الأنظمة التي وضعتها الدولة، وأن يكون ذلك عبر، أو عن طريق القنوات الرسمية.

المقدم: أحسن الله إليكم، معنا أيضًا عبر الهاتف “أميرة” من الرياض.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي.

السائلة: يا شيخ أنا ورثت عن أبوي قبل سنتين مائتي ألف ريال، فهذه السنتين أنا تزوجت رجل لكنه على قد حاله، يعني ما يصفى في آخر الشهر من راتبه شيء، وصرت أنا التي أصرف من يوم ما تزوجت لحين اليوم، أنا التي أصرف من هذا المال.

الحين الذي باقي لي من عقب السنتين هذه في حسابي سبعين ألف ريال فقط، لكن ما أدري هل عليَّ زكاة أم لا؟ أنا لا أدخره، أنا أصرف منه لأنني لست موظفة، وهو على قد حاله.

المقدم: طيب عندك سؤال ثاني يا أميرة.

السائلة: لا، هذا سؤالي.

المقدم: شكرًا يا أميرة، تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: نعم، هذا المبلغ فيه زكاة ما دام أنه قد بلغ النصاب، وحال عليه الحول، ففيه الزكاة، حتى ولو كنتِ تصرفين منه، وهذه هي الحكمة من إيجاب الزكاة؛ تحريك المال واستثماره، وحتى لا يكون دُولة بين الأغنياء منكم.

فهذه المرأة ما دام أن هذا المبلغ بقي عندها سنة، أو أكثر، وقد بلغ النصاب؛ فقد تعلق به حق أصحاب الزكاة، فنقول للأخت الكريمة: تزكين هذا المبلغ، مثلًا السبعون ألفًا زكاتها ألف وسبعمائة وخمسون ريالًا.

المقدم: أحسن الله إليكم، أيضًا من المستمعين هذا علي العابسي في تويتر يقول: عندي وايت ماء [4]، ويأتي منه دخل كل شهر، وأصرف به مع راتبي على بيتي وأهل بيتي، ولا يبقى منه شيء على نهاية الشهر، هل يُعد من عروض التجارة أم لا؟

الشيخ: لا يُعد هذا من عروض التجارة، لأنك إنما تستفيد من ريعه، ولست تبيع وتشتري فيه، إنما تستفيد مما يأتيك من ريعه.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، أيضًا هذا عبدالله، يقول: اشتغلت في شركة لمدة، وعند خروجي منها، أهدوني سبيكة ذهب، ووزنها لا يتجاوز مائة وخمسين جرامًا تقريبًا، كنت أفكر في بيعها، ولكن قررت أن أحتفظ بها للذكرى، فهل عليها زكاة؟ علمًا أنني استلمتها قبل سنتين، ولم أخرج زكاتها؟

الشيخ: هذه السبيكة مائة وخمسون جرامًا ما دمتَ قد أردت الاحتفاظ بها لأجل الذكرى، ولا تقصد بذلك التربص والتربح بها، وانتظار غلاء السعر، وإنما اعتبرتها ذكرى كسائر الذكريات والأشياء التي عندك، فلا زكاة فيها.

لكن لو احتطت وأخرجت الزكاة فهذا أولى، لو احتطت وأخرجت الزكاة؛ لأنه ربما أيضًا أنك تبيعها بربح فتنتقل للتربح، فلو احتطت وأخرجت زكاتها، خاصة أن زكاتها ليست كبيرة، لو احتطت وزكيتها فهو أولى.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، معنا حسن من جيزان.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.

السائل: الله يحفظك، يا شيخ أنا عندي مبلغ مالي له الآن تقريبًا أقل من سنة، يعني شهر عشرة إن شاء الله يُكمل السنة، وشريت أرضًا الشهر الماضي شهر ثمانية، شريت أرضًا وبقي معي مبلغ من نفس المبلغ الأساسي، والأرض والباقي ثلاثون ألفًا وسبعمائة أو ستمائة، هل عليَّ زكاة فيها يا شيخ؟

الشيخ: الأرض تنوي بها ماذا؟

السائل: والله أبغى أبيعها بعد فترة، يعني ليس الآن.

الشيخ: يعني تريد تتربح فيها.

السائل: أي نعم.

الشيخ: نعم، طيب.

المقدم: عندك سؤال ثاني يا حسن.

السائل: بقي من المبلغ الأساسي يا شيخ بقي مبلغ لا زال عندي حوالي أربعون ألفًا أو أقل موجودة، وهذه الشهر القادم بعد العيد إن شاء الله شهر عشرة يكملها سنة، هل أزكيها الأيام هذه، أو أنتظر لشهر عشرة؟

المقدم: طيب، تسمع الإجابة يا حسن، تفضل يا شيخ سعد.

السائل: بارك الله فيك.

الشيخ: نعم، نقول للأخ الكريم: يجب عليك أن تزكي قيمة هذه الأرض، وهذا المبلغ، ما دمت ذكرت أن الحول يحل عليك في شهر عشرة، ففي هذا الوقت تقيّم الأرض كم قيمتها لو أردت أن تبيعها، وتخرج اثنين ونصف بالمائة، رُبع العشر، والمبلغ النقدي الذي عندك أيضًا تزكيه في هذا الوقت، ولا بأس أن تعجل الزكاة في رمضان، وتزكيها الآن من باب تعجيل الزكاة.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، أيضًا من أسئلة المستمعين في تويتر هذا السائلة “مزاج” تقول: قدمت من السفر مفطرة، ووصلت بيتي في الرياض قبل الأذان بنصف ساعة، ما أمسكت أفطرت، فهل عليَّ شيء؟

وهذا هو فحوى سؤال فهد يسأل عمن وصل إلى مكان ما، هل يواصل الفطر، أم يمسك حتى المغرب؟

الشيخ: نعم، المسافر إذا قدم مفطرًا، هل يلزمه الإمساك، أو لا يلزمه؟ هذا محل خلاف بين الفقهاء، والقول الراجح أنه يلزمه الإمساك، لأنه قد زال عذره، ولا يقال: إنه لا يستفيد من الإمساك شيئًا، بل إنه يؤجر على ذلك، ولكن باعتبار أن المسألة خلافية، فلا حرج عليهم فيما فعلوا، فيما يعني أكلوا بعد وصولهم، وهم قد أفطروا في السفر، باعتبار الخلاف الواقع في المسألة لا حرج عليهم في ذلك إن شاء الله.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، هذا السائل أحمر الورد يقول: هل يصح أن يدفع الزكاة لجمعية، أو لجمعيات القرآن الكريم؟

الشيخ: دفع الزكاة له مصارف ثمانية، حددها ربنا في قوله: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة:60].

فلا يجوز أن تصرف الزكاة لغير هذه المصارف الثمانية، ودفع الزكاة في مراكز الدعوة إلى الله ، وكذلك أيضًا في حلقات تحفيظ القرآن الكريم ألحقه بعض أهل العلم بمصرف في سبيل الله، باعتبار أن المقصود بقوله: وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ [التوبة:60]، أي: الجهاد في سبيل الله، وأن ذلك لا يقتصر على جهاد السلاح، بل يشمل جهاد الدعوة؛ لأن جهاد الدعوة هو الأصل في الجهاد.

بل إن جهاد السلاح إنما شرع لأجل نشر الدعوة إلى الله ، والله تعالى يقول: وَجَاهِدْهُمْ بِهِ، أي: بالقرآن جِهَادًا كَبِيرًا [الفرقان:52]، فسماه الله تعالى جهادًا كبيرًا، وهذا هو الذي أقره المجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي.

وعلى ذلك فلا بأس بدفع الزكاة فيما تمحض من أمور الدعوة إلى الله ، وفيما تمحض أيضًا من أمور تحفيظ القرآن الكريم، ولكن هذا عندما يكون في نطاق محدود، وذلك فيما تمحض، فيكون مثلًا في رواتب الدعاة، أو رواتب المعلمين، ونحو ذلك، ولا يتوسع في هذا، فلا يجعل مثلًا في الإعلانات، أو الرحلات، أو الجوائز، أو نحو ذلك، إنما يكون فيما تمحض منها.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، حمدي الحسني يقول: أنا مصري مقيم في السعودية، وسبق لي أن أديت العمرة والحج والحمد لله، يسأل يقول: أم زوجتي مريضة مرضًا نفسيًّا، وتأخذ علاجًا قويًّا يمنعها عن الحركة أحيانًا، ولا تخرج من البيت مهما كان السبب، فهل يجوز لي أن أؤدي العمرة عنها؟

الشيخ: إذا أذنت لك بذلك، وكانت لا تستطيع أن تعتمر بنفسها لما ذكرت من المرض، وأذنت لك بذلك؛ فلا بأس، فيجوز أن تُؤدى العمرة عن الميت، وعن المعضوب، الذي يسميه الفقهاء المعضوب، والمعضوب هو العاجز، فالعاجز يجوز أن يُحج عنه، وأن يعتمر عنه، سواء كان عجزه لكِبَر، أو كان لمرض، فهذه المرأة إذا أذنت لك في أن تعتمر عنها فلا بأس.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، معنا من الرياض “جنى”، تفضلي يا جنى.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

السائلة: يا شيخ الوالدة عندها ضمور شديد في المخ، وما هي مستوعبة أنها في شهر رمضان، يعني هي تعرفنا، لكن غير مستوعبة رمضان تقول يعني: لا، ليس رمضان هذا، أحيانًا نقول لها: تصومين، تقول: أبغي أصوم معكم، لكنها آخر الوقت تفطر، ما أدري هل الواجب أنها تصوم، أو واجب عليها الصيام أو لا، أو نفطر عنها، أو كيف؟

المقدم: نعم، عندك سؤال ثاني يا جنى.

السائلة: لا، لا، شكرًا.

المقدم: طيب، تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: لا يجب عليها الصيام، ولا الإطعام ما دامت وصلت إلى هذه المرحلة، لكن باعتبار أنها تفيق أحيانًا وتعرفكم أحيانًا، فلو أنكم أطعمتم عنها عن كل يوم مسكينًا، فهذا أحوط.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، نختم بهذا السؤال من إحدى الأخوات: ورثت عن والدها، وتريد أن تشتري بيت من الورث، وتضع عليه مبلغ من راتبها، وتدفع منه الإيجار، فهل تدفع الزكاة عن المبلغ الذي لديها؟

الشيخ: إذا كان هذا المبلغ قد بلغ نصابًا، وحال عليه الحول، ففيه الزكاة، أي مبلغ نقدي يحول عليه الحول، وقد بلغ النصاب، ففيه الزكاة، وعلى هذا نقول للأخت الكريمة: هذه المبالغ المتجمعة عندها ما دامت قد بلغت النصاب، وحال عليها الحول، فيجب عليها أن تزكيها، بغض النظر عن الغرض الذي تريد أن تفعله بهذه الأموال، بغض النظر عن مقصودها في صرف هذه الأموال، ما دام أنه قد حال عليه الحول، وبلغ النصاب، ففيه الزكاة.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، ونفع بما قلتم، فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، والأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وضيف هذه الحلقة من فتاوى رمضان، شكر الله لكم.

الشيخ: وشكرًا لكم، وللإخوة المستمعين.

المقدم: في أمان الله، شكرًا للشيخ سعد، وشكرًا لكم أنتم أيها الإخوة والأخوات لحسن استماعكم ومتابعتكم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 1954، ومسلم: 1100.
^2 رواه أبو داود: 2366، وابن ماجه: 407.
^3 رواه مسلم: 511.
^4 وايت ماء أي: صهريج ماء.