|categories

(10) فتاوى رمضان 1443 هـ

مشاهدة من الموقع

المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمدٍ وآله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسعد الله أوقاتكم بكل خيرٍ، وأهلًا ومرحبًا بكم معنا في حلقةٍ أخرى من برنامجكم اليومي الرمضاني “فتاوى رمضان”، إن شاء الله نعرض ما يسمح به الوقت على ضيفنا في هذه الحلقة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، والأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

حيَّاكم الله فضيلة الشيخ.

الشيخ: أهلًا، حيَّاكم الله، وبارك فيكم، وحيَّا الله الإخوة المُستمعين.

المقدم: حيَّاكم الله يا شيخ سعد، وأهلًا وسهلًا بالمُستمعين والمُستمعات.

نستأذنكم يا شيخ سعد في أن نبدأ بسؤال إيمان الوادعي في (تويتر)، حيث تسأل عن تعريف البدعة وتقول: وضعتُ لي جدولًا في رمضان حتى أُرتب وقتي، مثلًا: قراءة خمسة أجزاء، وصلاة التراويح تكون عشر ركعاتٍ، وهكذا، فهل تخصيص العبادة بعددٍ معينٍ يدخل في البدعة؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه، ومَن اهتدى بهديه، واتَّبع سُنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فالبدعة هي: كل قُربةٍ يتقرب بها الإنسان إلى الله بأمرٍ لم يشرعه الله سبحانه.

هذه هي البدعة: مَن تقرب إلى الله بما يعتقد أنه قُربةٌ بما لم يشرعه الله ، فهذه هي البدعة، وقد قال النبي : كل بدعةٍ ضلالةٌ [1].

والبدعة إنما تكون بدعةً عندما يقصد التَّقرب إلى الله بذلك التعبد وذلك التخصيص، وأما ترتيب الوقت من غير اعتقاد التعبد لله بذلك الترتيب، فإن هذا لا يكون بدعةً.

وعلى هذا فالمثال الذي ذكرته الأخت السائلة من ترتيب ركعاتٍ في الليل تُصليها، هذا ليس بدعةً، وإنما هذا من باب ترتيب الوقت وترتيب العمل، وهذا أمرٌ مطلوبٌ، فهي لا تقصد أنها تتقرب إلى الله بهذا العدد، إنما تقصد أنها تُصلي ركعاتٍ، لكن حتى تضمن أنها صلتْ هذا العدد من الركعات رتَّبتْ هذا الترتيب، فهذا لا بأس به.

ومثل ذلك أيضًا: الأذكار، فمَن خصَّص من وقته كل يومٍ وقتًا للصلاة على النبي ، أو وقتًا للاستغفار، أو وقتًا للتَّسبيح والتَّحميد والتَّهليل والتَّكبير، أو وقتًا للدعاء؛ فهذا كله لا بأس به.

وقد دلَّت السنة على جوازه، كما جاء عند الترمذي بسندٍ صحيحٍ من حديث أُبي بن كعب ، وقد خصَّص أُبيٌّ وقتًا للدعاء، فقال: يا رسول الله، كم أجعل لك من صلاتي؟ يعني: من هذا الوقت المُخصص للدعاء، فقال: ما شئتَ، قال: قلتُ: الربع. ثم بعد ذلك قال: النصف. ثم قال: الثلثين. ثم قال: أجعل لك صلاتي كلها. يعني: أجعل هذا الوقت المُخصص للدعاء وقتًا للصلاة عليك، فقال عليه الصلاة والسلام: إذن تُكْفَى همَّك، ويُغْفَر لك ذنبك [2].

فأقرَّه النبي عليه الصلاة والسلام على هذا الذي يعمله من هذا التَّخصيص؛ لأنه تخصيصٌ ليس من أجل التَّقرب إلى الله تعالى به، وإنما لأجل ترتيب العمل؛ لأن الإنسان المسلم ينبغي ألا يكون فوضويًّا، وألا يجعل العبادة على الهامش، متى ما اتَّسع وقتٌ فعلها، وإلا لم يفعلها! وإنما يُرتب أموره.

وهذا هو المأثور عن السلف الصالح رحمهم الله تعالى: أنهم كانت عندهم مُحاسبةٌ للنفس، وعندهم مُشارطةٌ للنفس؛ المُحاسبة ظاهرةٌ، يُحاسب نفسه عما عمل، لكن المُشارطة تعني بلغة العصر: التَّخطيط للوقت، فيُخطط الإنسان ماذا سيفعل في يومه؟ يقول: أفعل كذا من العبادات على سبيل الترتيب والمُشارطة للنفس، ولا يقصد بهذا التَّخصيص التَّقرب إلى الله .

فهذا الترتيب بهذه الطريقة ليس بدعةً، هذا أمرٌ لا بأس به، إنما البدعة أن يتقرب إلى الله بشيءٍ لم يشرعه الله ؛ كأن يتعبد لله تعالى بصلاةٍ لم يشرعها الله ، مثلًا: يُصلي ويتعبد لله تعالى ويقول: بدل خمس صلواتٍ نجعلها ستَّ صلواتٍ! ويجعل صلاةً سادسةً -مثلًا- في الوقت الذي بين الفجر والظهر، يقول: هذا وقتٌ طويلٌ أُضيف فيه صلاةً سادسةً! نقول: هذه بدعةٌ.

لكن إذا كان لا يقصد التَّقرب إلى الله بهذا التَّخصيص، وإنما يندرج ذلك تحت أصلٍ مشروعٍ مثل: صلاة الليل مَثْنَى مَثْنَى، ويريد أن يُصلي من الليل، ويُرتب ركعاتٍ معينةً يُصليها، فهذا لا بأس به، وليس هذا من البدع، نعم.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

أيضًا معنا أول المُتصلين في هذه الحلقة: صالح من رفحاء.

تفضل يا صالح.

السائل: زاد فضلك.

السلام عليكم، ويُعطيكم العافية، والله يجزيكم الخير على البرنامج.

أنا عندي ثلاثة أسئلةٍ:

الأول: بالنسبة للوالدة: كانت قبل ثلاثين سنةً معها أخي الصغير، وعمره تقريبًا سنة ونصف أو سنتان … في النار وتُوفي رحمه الله، فهل عليها شيءٌ أو لا؟

الشيخ: هل كان منها تفريطٌ أو ..؟

السائل: كانت تنشغل بحاجةٍ ثانيةٍ، يعني مثلًا: في البيت، داخل البيت، في غرفةٍ ثانيةٍ، أو كانت ساهيةً عنه.

الشيخ: نعم.

السائل: السؤال الثاني: إذا أتيتُ للصلاة، فأنا تعودتُ على أن أُصلي صلاة السُّنة الراتبة في المسجد، وفي بعض المرات أحضر قبل الصلاة بدقيقةٍ أو دقيقتين، فهل أبدأ بتحية المسجد أو السنة الراتبة؟

الشيخ: يعني: بعد الأذان أو قبل الأذان؟

السائل: لا، في بعض المرات والله بعد الأذان.

الشيخ: تجيء بعد الأذان، وتسأل: هل تُقدم السنة الراتبة أو تحية المسجد؟

السائل: نعم، قبل الإقامة.

الشيخ: نعم.

السائل: السؤال الثالث يا شيخ في المعيون: هل يُحاسَب على تصرفاته -إذا كان معيونًا- على الوالد أو الوالدة أو الأهل؟

الشيخ: المعيون أو العائن؟

السائل: لا، المعيون.

الشيخ: يعني: الذي أُصيب بالعين.

السائل: نعم، الذي أُصيب بالعين، الذي فيه عينٌ، الذي فيه -مثلًا- على والده أو والدته أو أخيه، يعني: تظهر منه تصرفاتٌ ما هي بطيبةٍ، وخارجةٌ عن طاقته.

الشيخ: بسبب العين؟

السائل: نعم، بسبب العين، هل يُحاسَب عليها؟

ودعواتك لأي شخصٍ مُصابٍ بالعين أن الله يشفيه.

الشيخ: نسأل الله تعالى لهم الشفاء.

السائل: الله يجزيكم خيرًا.

المقدم: حيَّاك الله يا صالح، وتسمع الإجابة إن شاء الله.

سؤاله الأول يقول: الوالدة قبل ثلاثين عامًا تُوفي ولدها بسبب غفلتها ربما ببعض أعمال البيت، ونحو ذلك.

الشيخ: نعم، الأصل هو براءة الذمة، وهذه الأم كانت تعمل في أعمال المنزل، وذهب طفلها بغفلةٍ منها ووقع في هذه النار وتُوفي، فهي لم يقع منها تفريطٌ ظاهرٌ أو مُباشرٌ لوفاة هذا الطفل، فهي حريصةٌ عليه، لكنها تعمل بأعمال المنزل، ومُنشغلةٌ بأعمال المنزل، وخرج منها هذا الطفل ووقع في هذه النار، فعلى ذلك ليس عليها شيءٌ؛ لأن الأصل براءة ذمة المُكلف، ولا نخرج عن هذا الأصل إلا بأمرٍ واضحٍ، فلا نُوجب عليها الكفارة إلا بأمرٍ واضحٍ، ولم يتَّضح وجوب الكفارة عليها، فتبقى على الأصل وهو براءة ذمَّتها، نعم.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

سؤاله الثاني يقول: السنن الرواتب، يقول: أحيانًا يأتي قبل الإقامة بدقائق بسيطةٍ، فهل يُقدم تحية المسجد أم يُدرك الراتبة؟

الشيخ: يأتي بالسنة الراتبة، والسنة الراتبة تُغني عن تحية المسجد، فتحية المسجد تدخل في السنة الراتبة؛ لأن تحية المسجد ليست مقصودةً لذاتها، وإنما المقصود ألا يجلس في المسجد حتى يأتي بصلاةٍ، فإذا أتى وهو لم يُصلِّ السنة الراتبة، فيُصلي السنة الراتبة وتُغنيه وتكفيه عن تحية المسجد.

المقدم: سؤاله الثالث عن تصرفات الشخص المُصاب بالعين.

الشيخ: طالما كانت تصرفاتٍ خارجةً عن الإرادة بغير اختياره فهذه لا يُؤاخذ بها، أما ما كان باختياره وإرادته فإنه مُؤاخذٌ به، ولكن أيضًا أُنبه هنا إلى أن بعض الناس يُبالغ في الوصف بالعين، يعني: قول الأخ الكريم: إن قريبه مُصابٌ بالعين، يعني: ما الذي يُدريه أنه مُصابٌ بالعين؟!

وإذا كان يعلم أنه مُصابٌ بالعين، فلماذا لا يُؤخذ من العائن مُباشرةً؟ لأنه إذا أُخِذَ من العائن ووُضِعَ على مَن أُصيب بالعين يبرأ بإذن الله ، وقد ورد هذا في السنة، لكن هذه ربما تكون ظنونًا وتوقعاتٍ، وقد لا يكون الأمر كذلك، فربما تكون لديه أعراضٌ نفسيةٌ؛ لأن الأعراض النفسية تشتبه بالعين، وتشتبه بالمَسِّ.

ولذلك إذا لاحظ من قريبه هذه التصرفات فإنه يبذل له النصيحة بأن يذهب للطبيب النفسي المُختص، فربما يكون هناك علاجٌ، لكن بكل حالٍ من حيث الحكم الشرعي فإن التَّصرفات التي تكون باختيار الإنسان هي التي يُؤاخذ بها، أما التي ليست باختياره فلا يُؤاخذ بها: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

هذا السائل محمد عبدالله: شخصٌ أعطاني عربونًا في تأجير شقةٍ، ثم غيَّر رأيه بحجة أن النافذة ليس فيها شبكٌ، وقلتُ له: سأصنع لك شبكًا، إلا أنه أصرَّ على طلب العربون، فلما أعدتُ له العربون ذهب ولم يرجع لي، وأنا لا أعرفه، وسألتُ عنه شخصًا فقال: ما أعرفه، أو نسيتُ عنه.

السؤال يقول: ما حكم أخذي للعربون؟ وكيف أُوصله في حالة عدم استحقاقي له؟

الشيخ: عقد الإجارة هو نوعٌ من البيع، فالإجارة بيع منافع، والبيع يلزم بمجرد التَّفرق من مكان التَّبايع بالأبدان، وهكذا أيضًا الإجارة، فإذا كان قد أتى بالعربون، وتفرقتُما من مكان التأجير بالأبدان؛ فقد لزم عقد الإجارة، ويذهب عليه العربون، ويكون للمالك؛ لمالك العقار.

أما إذا كان قد طلب إرجاع العربون في مكان التأجير، ولم تُرجع له العربون، وانسحب لكنك لم تُرجع له العربون؛ فإنك تبحث عنه حتى تُعيد له هذا العربون، فإذا لم تهتدِ إليه فعليك أن تتصدق بهذا المبلغ -بهذا العربون- عنه، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

معنا من وادي الدواسر فيحان.

تفضل يا فيحان.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.

السائل: مساء الخير يا شيخ.

الشيخ: حيَّاكم الله.

السائل: يا شيخ، أريدك أن تُفتيني في مسألةٍ: أنا حلفتُ بالله في موضوعين: أني ما أفعل كذا، ولا تروحون كذا. وتأخرتُ فما كفَّرتُ كفارة يمينٍ، فهل عليَّ شيءٌ؟ وما الكفَّارة التي عليَّ؟

وحلفتُ مرةً ثانيةً بالطلاق أنهم لا يروحون في هذا الموضوع، يعني: مرتين، وراحوا، وفي نفس المكان استغفرتُ، فما الذي يلزمني من كفارةٍ؟ وهل عليَّ ذنبٌ لو تأخرتُ فيها لفترةٍ؟

المقدم: طيب، عندك سؤالٌ ثانٍ يا فيحان؟

السائل: لا، والله.

المقدم: طيب، تسمع الإجابة.

تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: أولًا: ننصحك بألا تُكثر من الأيمان، فإن الله يقول: وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ [المائدة:89]، فعلى المسلم أن يحفظ يمينه، وألا يحلف إلا عند الحاجة، بل إن الله ذكر أن كثرة الأيمان من صفات المنافقين: اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [المنافقون:2]، وَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ [التوبة:56]، يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ [التوبة:96]، فكثرة الأيمان من صفات المنافقين.

فعلى المسلم أن يبتعد عن التَّشبه بالمنافقين.

وأما بالنسبة لما وقع منك: فأما ما كان حَلِفًا بالطلاق فلا بد أن ترجع لدار الإفتاء؛ حتى تستفتي عن حالة الطلاق؛ لأن حالة الطلاق تحتاج إلى دراسةٍ؛ تحتاج إلى تثبتٍ من اللفظ والقصد والنية، والحالة النفسية، ودرجة الغضب، وحالة المرأة من جهة الطُّهْر وعدمه، والقرائن، والسياق، وربما أيضًا يحتاج إلى أن يستمع من المرأة إذا كانت حاضرةً للموقف، أو مَن كان حاضرًا للموقف، فهي تحتاج إلى دراسةٍ؛ لأنه يترتب عليها مصير أسرةٍ، ويترتب عليها استحلال فروجٍ، وتترتب عليها أمورٌ عظيمةٌ، فهي تحتاج إلى دراسةٍ.

ولذلك بالنسبة لما وقع منك من الطلاق: تتوقف الآن عن مُعاشرة زوجتك حتى تستفتي من سماحة المفتي، ومن دار الإفتاء، أو من فروع الإفتاء في المملكة، وحتى يُفتوك بالنسبة للطلاق.

وأما بالنسبة للحلف بغير الطلاق: فعليك أن تتحرى عدد الأيمان التي حلفتَها، وتُكفر كفارة يمينٍ عن كل مرةٍ حلفتَ فيها ووقع الحِنْث، يعني: لم يتحقق ما حلفتَ عليه، وإذا أشكل عليك الأمر فإنك تتحرى وتحتاط، يعني: إذا شككتَ -مثلًا- هل هي ثلاثةٌ أو أربعةٌ؟ تجعلها أربع كفاراتٍ، وتُكفر عن كل يمينٍ كفارةً، والكفارة هي التي ذكرها الله تعالى في قوله: فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المائدة:89]، ولا توجد رقابٌ الآن، فالآن الرِّقُّ انقرض، فتكون إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89].

فتُطعم عشرة مساكين عن كل كفارة يمينٍ، وإذا كنت -يعني- لا يتيسر لك أن تهتدي للمساكين فيمكن أن تُسلم مبلغ الكفارة إلى جمعيةٍ خيريةٍ، وهم يشترون بالمبلغ طعامًا ويُوزعونه على عشرة مساكين.

وعن كل يمينٍ حنثتَ فيها كفارةٌ، فإذا كانت -مثلًا- عليك أربع كفاراتٍ تُعطيهم قيمة أربع كفاراتٍ، وهم يشترون بها طعامًا ويُوزعون كل كفارةٍ على عشرة مساكين، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

معنا مها من الرياض.

السائلة: السلام عليكم، عندي سؤالٌ عن الدورة الشهرية: أنا طهرتُ قبل الفجر، يعني: آخر الليل، لكن من “بُكرة” الظهر نزلت إفرازاتٌ -يعني- مُختلطة قليلة جدًّا، يعني: ما أدري هل أُعيد الصيام في اليوم الذي بعد الطُّهر أو لا؟

الشيخ: لكن كيف عرفتِ أنكِ طهرتِ؟ تخرج منك قَصَّةٌ بيضاء؟

السائلة: نعم، يعني: الشَّفافة التي دائمًا أطهر أنا عليها.

الشيخ: نعم، ثم  ظهرتْ إفرازاتٌ.

السائلة: بعدها في اليوم التالي الظهر، إفرازاتٌ مختلطةٌ قليلةٌ جدًّا.

الشيخ: ثم توقف؟

السائلة: نعم، يعني: على طولٍ.

المقدم: نعم، عندكِ سؤالٌ ثانٍ يا مها؟

السائلة: لا، شكرًا.

المقدم: طيب، تسمعين الإجابة.

تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: صومكِ لهذا اليوم صحيحٌ، وهذه الإفرازات لا أثرَ لها؛ لأنها إنما كانت بعد الطُّهر، كما قالت أم عطية رضي الله عنها: “كنا لا نَعُدُّ الكُدْرَة والصُّفْرة بعد الطُّهر شيئًا” [3]، وهذه الإفرازات هي الصُّفْرة والكُدْرة، فهي لا تُعدُّ بعد الطُّهر شيئًا، ما دام أنها إنما أتت بعدما رأيتِ الطُّهر المعتاد بالنسبة لكِ فهذه الإفرازات لا أثرَ لها، وصومكِ لهذا اليوم صحيحٌ، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

أم أحمد في (تويتر) تقول: أختي كانت حاملًا في شهرها التاسع، وكانت لديها آلامٌ في أسفل ظهرها، فقام جدي بتدليكها بشدةٍ في موضع الألم، وبعد ولادتها اكتشفوا أن الجنين قد تُوفي، وتظهر عليه كدماتٌ، حتى إن رأسه قد تضرر.

تسأل تقول: ماذا عليها؟ وماذا على جدِّها؟

علمًا بأنه تُوفي رحمه الله.

الشيخ: أرجو ألا يكون عليهم شيءٌ؛ وذلك لأن هذا ليس سببًا مُباشرًا لوفاة هذا الطفل، والأصل هو براءة ذمة المُكلف، ولم يتَّضح بشكلٍ قاطعٍ أن جدَّها تسبب في ذلك، أو أنها هي التي تسببت في وفاة هذا الطفل، فنبقى على الأصل وهو براءة الذمة، فليس عليهم شيءٌ، والحمد لله.

المقدم: الحمد لله، جزاكم الله خيرًا.

معنا عبدالله من شرورة.

السائل: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.

السائل: مسَّاكم الله بالخير جميعًا.

المقدم: حيَّاك الله، تفضل.

السائل: عندي سؤالان:

السؤال الأول: التجارة في محفظة الذهب التي هي نفس محفظة الأسهم، ولكن -يعني- محفظة الذهب هي بيعٌ وشراء، فهل هي جائزةٌ أو لا؟

الشيخ: عن طريق أي بنكٍ؟

السائل: عن طريق بنك الراجحي.

الشيخ: نعم.

السائل: السؤال الثاني: أنا كان معي رأس مالٍ، وكنتُ أُزكيه باستمرارٍ، وشغَّلتُه هنا في تجارة الذهب، وبعتُ وطلعتُ منه، فهل أُزكي يوم كنتُ -يعني- أشتغل به في نفس المحفظة؟ يعني: ما كنتُ أُزكيه يوم أشتغل، فهل عليه زكاةٌ؟

الشيخ: كنتَ تُضارب بهذا المال؟

السائل: نعم.

الشيخ: كنتَ تُضارب به في الأسهم؟

السائل: نعم، في المحفظة الخاصة بالذهب.

الشيخ: طيب، وكنتَ تُزكي ذلك الوقت أو كنتَ ما تُزكي؟

السائل: قبل أن أُضارب كنتُ أُزكيه باستمرارٍ، لكن يوم ضاربتُ فيه قلتُ: إنه ما حال عليه الحول، وأنا أبيع وأشتري، فما كنتُ أُزكيه، فهل عليه زكاةٌ الآن؟

الشيخ: طيب، لما ضاربتَ فيه ما كمَّل سنةً؟

السائل: لا، ما كمَّل سنةً.

الشيخ: نعم، يعني: ضاربتَ أشهرًا ثم توقفتَ؟

السائل: نعم، ضاربتُ أشهرًا، يمكن تسعة أشهرٍ، وبعد ذلك بعتُ وطلعتُ منها.

الشيخ: نعم.

المقدم: تسمع الإجابة يا عبدالله.

سؤاله الأول كان عن التجارة في محفظة الذهب.

الشيخ: نعم، لا بأس بها؛ لأنها عند مصرف الراجحي مُنضبطة بالضوابط الشرعية، وتُشرف عليها هيئةٌ شرعيةٌ، ورقابةٌ شرعيةٌ على مستوى عالٍ؛ ولذلك لا بأس بمحفظة الذهب لدى هذا المصرف، والتعامل بالذهب عن طريق هذا المصرف، نعم.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

وسؤاله الثاني يقول: كانت عنده سيولةٌ، وكان يُزكيها، ولكن عندما شغَّلها في المُضاربة عدة أشهرٍ لم يكن يُزكيها في أثناء هذه الفترة.

الشيخ: الواجب على المُساهم إذا كان مُضاربًا أن يُزكي الأسهم التي يُضارب فيها، بغض النظر عن زكاة الشركة؛ لأن المُساهم لا يخلو: إما أن يكون مُستثمرًا، أو مُضاربًا، فإن كان مُضاربًا يبيع ويشتري في الأسهم فيجب عليه أن يُزكيها؛ وذلك بأن ينظر إلى القيمة السوقية للمحفظة عند تمام الحول، ويُخرج ربع العُشْر: اثنين ونصف في المئة.

أما إذا كان مُستثمرًا بأن اشترى هذه الأسهم وتركها، أو اكتتب فيها وتركها، أو مُنِحَتْ له وتركها، فتكفي زكاة الشركة عنه؛ لأن الشركات المُساهمة عندنا في المملكة العربية السعودية تدفع زكواتها إلى هيئة الزكاة والدخل، فمَن كان مُستثمرًا تكفي عنه زكاة الشركة.

الأخ الكريم يقول: إنه كان مُضاربًا لتسعة أشهرٍ، ثم بعد ذلك ترك المُضاربة، وأصبح مُستثمرًا، فما دام أنه لم تَمْضِ على هذه المُضاربة وهذه المُتاجرة سنةٌ كاملةٌ فلا زكاةَ عليه؛ لأنه تحول إلى مُستثمرٍ بعدما كان مُضاربًا، نعم.

المقدم: أحسن الله إليكم.

معنا أبو جنى من جدة.

السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل.

السائل: شيخنا، مَن دخل المسجد وما وجد عنده إلا خيارين: أن يُصلي في صَفٍّ أماميٍّ، ولكن بين أعمدة المسجد، أو في صَفٍّ خلفيٍّ، ولكنه مُكتملٌ، أيُّهما أكثر أجرًا؟

الشيخ: يعني: الصفّ الأمامي هو الصفُّ الأول؟

السائل: لا، ليس الصفَّ الأول، الصفّ الثالث -مثلًا- والصفّ الخامس.

الشيخ: نعم.

السائل: السؤال الثاني: لو كانت هناك شعرةٌ بيضاء بين الحواجب، ما حكم قصِّها أو نَتْفها؟

والسؤال الثالث: ما يقول الشيخ فيمَن يُرجح أن تكون ليلة القدر ثابتةً في ليلة الثلاثاء، في كل ليلة ثلاثاء في العشر الأواخر، مهما اختلف تاريخها من تسعةٍ وعشرين، أو سبعةٍ وعشرين، أو واحدٍ وعشرين، ولكنها ليلة الثلاثاء؟

المقدم: طيب، تسمع الإجابة يا أبا جنى.

سؤاله الأول عمَّن دخل المسجد ووجد صفَّين: الصفَّ الذي في المقدمة -مثلًا- يكون بين السَّواري -بين الأعمدة-، والذي في الخلف -مثلًا الثالث والخامس الذي في الخلف- ليس فيه أعمدةٌ، أيُّهما أفضل؟

الشيخ: الأفضل أن يُصلي في الصفِّ الذي لا تقطعه الأعمدة أو السَّواري؛ لأن الصلاة في الصفوف التي تقطعها الأعمدة والسَّواري مكروهةٌ إلا عند الحاجة، وقد كان السلف يتَّقون الصلاة بين السَّواري، لكن إذا وُجدتْ حاجةٌ -كالزحام مثلًا- فتزول الكراهة، أما عند عدم الحاجة فيُكره ذلك.

وعلى ذلك ما دام الأخ عنده خياران: خيارٌ أن يُصلي في الصفِّ الذي تقطعه هذه الأعمدة، وصفٌّ لا تقطعه الأعمدة، فالأفضل أن يُصلي في الصفِّ الذي لا تقطعه الأعمدة، ولو كان المُتأخر، نعم.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

سؤاله الثاني عن إزالة الشعر الأبيض، تكون في الحاجب شعرةٌ واحدةٌ مثلًا.

الشيخ: الأصل أن شعر الحاجب لا تجوز إزالته؛ لأن هذا يدخل في النَّمْص المُحرم إلا إذا كان مُشوهًا، فإذا كان يُسبب تشويهًا ومُثْلَةً بأن تكون هذه الشعرة خارجةً عن بقية الشعر، وتُسبب تشويهًا للإنسان؛ فلا بأس بإزالة القدر المُشوه.

وأما إذا لم يكن فيه تشويهٌ فالأصل أنه لا تجوز إزالة شعر الحاجب.

المقدم: يسأل أيضًا عمَّن يقول: إن ليلة القدر ثابتةٌ في كل ثلاثاء من العشر الأواخر مهما تغير التاريخ.

الشيخ: هذا قولٌ غير صحيحٍ؛ لأن التَّحديد إنما يكون بالتاريخ، وليس بأيام الأسبوع، بدليل نظائره من الأمور الأخرى.

فعلى سبيل المثال: عاشوراء، النبي كان يُعظمه، وكان يصومه، وأمر بصيامه، وكان صيامه واجبًا قبل فرض صيام شهر رمضان، ثم نُسخ الوجوب، وبقي الأمر على الاستحباب.

وكان عاشوراء هو العاشر من شهر محرم، فكان تعظيم الزمن بهذا التاريخ: بالعاشر من شهر محرم؛ لأنه اليوم الذي نجَّى الله فيه موسى وقومه، فكان التعظيم لهذا التاريخ، ولم يكن التعظيم ليومٍ من أيام الأسبوع.

وهكذا أيضًا بالنسبة لليلة القدر اكتسبتْ شرفها بنزول القرآن فيها: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر:1]، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ [الدخان:3]، وهذا إنما يكون بالتاريخ، يعني: بأن تكون يومًا من أيام العشر الأواخر من رمضان، بأن تكون في إحدى ليالي العشر الأواخر من رمضان، ويكون -يعني- التحديد بالتاريخ، وليس باليوم.

هذا اليوم الذي ذكره بعضهم لا دليلَ عليه: أنها تكون ليلة الثلاثاء، وبعضهم يقول: ليلة الجمعة. وكل هذه أقوالٌ مُرسلةٌ لا دليلَ عليها.

والظاهر أن ليلة القدر إنما تُوافق من حيث تعظيم الزمان الذي نزلتْ فيه ما كان بالتاريخ، كأن تكون -مثلًا- ليلة سبعٍ وعشرين، أو ليلة خمسٍ وعشرين، ونحو ذلك بأن يكون القرآن نزل في تلك الليلة، فأصبح هذا الزمن مُعظمًا لأجل نزول القرآن فيه: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، فظاهر الأدلة، وظاهر النصوص، وكذلك أيضًا الآثار المروية عن الصحابة: أن التحديد إنما يكون بالتاريخ، وليس بيوم الأسبوع.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

أيضًا معنا مجموعةٌ من الأسئلة في (تويتر):

هذه تقول: أمي وأختي اعتمرتا قبل مدةٍ، واستخدمتا الكمامة كحجابٍ عند الطواف والسعي، فهل عمرتهما صحيحةٌ؟

الشيخ: الكمامة بالنسبة للمُحرمة إذا كانت تُغطي الفم والأنف فلا بأس بها؛ لأنها بعيدةٌ، لا تُشبه النِّقاب، لكن إذا وضعتها المُحرمة على هيئة نقابٍ -تُشبه النقاب- بحيث تستغني بهذه الكمامة عن النقاب، فتُغطي جميع وجهها ما عدا عينيها، فهذا لا يجوز بالنسبة للمرأة المُحرمة؛ لأن المرأة ممنوعةٌ من لبس النقاب، وهي قد حولت هذه الكمامة على هيئة نقابٍ، وهذا لا يجوز، لكن إذا كان هذا قد حصل عن جهلٍ، أو عن خطأ، فليس عليها شيءٌ، نعم.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم.

معنا سارة من الرياض عبر الهاتف.

تفضلي يا سارة.

السائلة: السلام عليكم.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.

السائلة: لو سمحتَ يا شيخ، الآن لو -مثلًا- أنا -يعني- اهتديتُ وتُبْتُ إلى الله توبةً نصوحًا، كيف أعرف أني تبتُ -يعني- توبةً نصوحًا، وأن هذه التوبة قُبلتْ؟ وهل -يعني- إذا تبتُ هذه التوبة تُغفر كل الذنوب وكل شيءٍ مهما كان؟ يعني: غير طبعًا …

المقدم: طيب، تسمعين الإجابة يا سارة.

هل هناك سؤالٌ ثانٍ؟

السائلة: لا.

المقدم: طيب، تسمعين الإجابة.

تفضل يا شيخ سعد.

الشيخ: يحرص التائب على أن يُحقق شروط التوبة، وشروط التوبة هي:

  • الشرط الأول: الإقلاع عن الذنب، فإن كان مُستمرًّا على الذنب لا تصح توبته، فلا بد أن يُقلع عن الذنب الذي تاب منه.
  • والشرط الثاني: العزم على ألا يعود إليه مرةً أخرى، أما إذا تاب وفي قرارة نفسه أنه سيعود للمعصية وللذنب مرةً أخرى فلا تصح توبته.
  • والشرط الثالث: النَّدم على ما حصل منه من هذا الذنب، وهذه المعصية؛ لأن هذا يدل على الصدق في التوبة.

وقد ورد في الحديث: النَّدم توبةٌ [4].

فإذا تحققتْ هذه الشروط الثلاثة: الإقلاع عن الذنب، والعزم على ألا يعود إليه، والندم؛ صحَّت التوبة، لكن إذا كان الذنب مُتعلقًا بحق آدميٍّ فلا بد من التَّحلل من هذا الآدمي.

فإذا تحققتْ شروط التوبة صحَّت التوبة، وأمر قبولها إلى الله ​​​​​​​، والتائب يضرع إلى الله سبحانه، فهو يُحقق هذه الشروط ويرجو أن الله تعالى يقبل توبته، ويخاف ألا تُقبل منه.

وهذا هو حال عباد الله المتقين، فإن عباد الله الصالحين يعملون الأعمال العظيمة، ويخشون ألا تُتقبل منهم، ويتوبون إلى الله تعالى، ويخشون ألا تُتقبل منهم، حتى يكون الإنسان بعيدًا عن العُجْب، ويكون مُقبلًا على ربه سبحانه؛ ولهذا يقول ربنا : وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون:60]، وجاء في تفسيرها: أنهم الذين يُصلون، ويصومون، ويُزكون، ويتصدقون، ويخافون ألا يُتقبل منهم.

فالمؤمن مهما عمل من الأعمال يخشى ألا تُقبل منه هذه الأعمال، وإذا تاب يخشى ألا تُقبل منه هذه التوبة، فيكون خائفًا، وَجِلًا، مُشْفِقًا، ويكون بين الرجاء والخوف، ويكون مُتضرعًا إلى ربه سبحانه في أن يعفو عنه، وأن يقبل منه.

ولكن الله وعد مَن تاب وصدق في توبته أنه يتوب عليه، والله يقول: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].

والشيطان أحيانًا قد يدخل على بعض مَن اقترف المعاصي من جهة اليأس، وأن الله لن يقبل توبتك!

هذا كله من الشيطان، وإلا فالله تعالى إذا صدق العبدُ في توبته يقبل توبة التائبين، بل إنه سبحانه يُحب التَّوابين، فقد أخبر في كتابه الكريم أنه يُحب التَّوابين: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]، ويُحب من عبدِه أنه إذا وقع في ذنبٍ أنه يتوب إلى الله .

وصحَّ عن النبي  أنه قال: ما من عبدٍ يُذنب ذنبًا، فيُحْسِن الطهور، ثم يقوم فيُصلي ركعتين، ثم يستغفر الله؛ إلا غفر الله له [5].

فنقول للأخت الكريمة: لا يدخل عليكِ الشيطان من جهة التَّيئيس، فالله تعالى يغفر الذنوب جميعًا، والله يتوب على مَن تاب، لكن مَن تاب يُحقق شروط التوبة، ويرجو من الله أن يقبل منه توبته.

المقدم: نعم، وجزاكم الله خيرًا.

معنا من الجوف زينة.

السائلة: السلام عليكم ورحمة الله.

المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي.

السائلة: الله يُبارك فيكم، عندي سؤالان:

السؤال الأول عن العمرة: أهلي اعتمروا -يا شيخ- وذهبوا إلى جدة لبعض حاجتهم، وبعدها جزموا بعمرةٍ أخرى، في جدة جزموا، فمن أين يُحرمون؟

الشيخ: يعني: اعتمروا بعمرةٍ، ثم أرادوا أن يعتمروا عمرةً أخرى، وهم الآن في جدة؟

السائلة: نعم، ذهبوا لجدة لبعض الحاجة، وبعدها جزموا بالعمرة وهم هناك في جدة.

الشيخ: أنتم من أي بلدٍ؟

السائلة: من الجوف.

الشيخ: أهلك أتوا من الجوف إلى جدة واعتمروا أو لم يعتمروا الآن؟

السائلة: في البداية ذهبوا واعتمروا عمرةً أولى.

الشيخ: اعتمروا عمرةً أولى، طيب، وهم أحرموا من الميقات؟

السائلة: نعم، في العمرة الأولى أحرموا من الميقات.

الشيخ: ثم أرادوا عمرةً ثانيةً، وهم الآن في جدة؟

السائلة: نعم، جزموا بالعمرة في جدة؛ العمرة الأخرى.

الشيخ: وتسألين: من أين يُحرمون؟

السائلة: نعم.

المقدم: السؤال الثاني يا زينة.

السائلة: السؤال الثاني: ما رأيكم يا شيخ في بنك الرياض؟ يعني: هل تجوز المُضاربة فيه والاستثمار؟

المقدم: نعم، طيب، تسمعين الإجابة يا زينة، شكرًا لكِ.

السائلة: يُعطيكم العافية.

المقدم: تفضل يا شيخ سعد.

سؤالها الأول عن العمرة، ونية العمرة الثانية وهم في جدة.

الشيخ: إذا أرادوا العمرة الثانية وهم في جدة فإنهم يُحرمون من جدة، من مقر إقامتهم في جدة، ولا حاجة إلى أن يرجعوا للميقات، ولكن ننصح في هذه الأيام مع الزحام، ومع كثرة المُعتمرين، ننصح بعدم تكرار العمرة؛ حتى تُتاح الفرصة لغيرهم ممن لم يأتِ بعمرةٍ، فهم قد أتوا بعمرةٍ في رمضان -والحمد لله-، فلا داعي لتكرار العمرة، خاصةً أنهم الآن أتوا بعمرةٍ في رمضان، ورجعوا إلى جدة، فلا داعي لتكرار العمرة، يُتيحون المجال لغيرهم، والله تعالى يأجرهم على نيَّتهم، لكن مع ذلك لو أرادوا أن يأتوا بعمرةٍ فإنهم يُحرمون من مقر إقامتهم في جدة.

المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا.

سؤالها الثاني عن المُضاربة في بعض البنوك، وذكرتْ أظن بنك الرياض أو …

الشيخ: نعم، لا نُحب تسمية مُنشأةٍ معينةٍ، أو بنكٍ معينٍ، نعم، وإنما نقول: مَن أراد أن يُضارب أو يستثمر في معاملةٍ معينةٍ فيسأل المشايخ عن هذه المعاملة بعينها، يسأل عن هذه المعاملة بعينها؛ لأن البنوك التقليدية لديها معاملاتٌ مشروعةٌ، بل إن -يعني- عندنا بالمملكة أكثر البنوك الآن تعاملاتها شرعية على مستوى الأفراد، معظم البنوك تعاملاتها شرعية تصل إلى 90%، كما صرَّح بذلك بعض المسؤولين: أن التعاملات الشرعية على مستوى الأفراد تصل إلى 90% أو أكثر.

لكن مَن أراد -يعني- السؤال عن معاملةٍ معينةٍ فليسأل عن هذه المعاملة، ولا يسأل عن جميع تعاملات تلك المنشأة أو ذلك البنك، نعم.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، ونفع بما قلتم.

وقد وصلنا إلى ختام هذه الحلقة، ونختم بسؤالٍ من إحدى الأخوات في (تويتر) تقول: هل يجوز لي أن أُصلي في المسجد بالنقاب؛ وذلك لتوقي أسباب (كورونا) بإذن الله؟ وما حكم صلاتي التي صليتُها مُنتقبةً لهذا السبب؟

الشيخ: صلاة المرأة مُنتقبةً أو مُتلثمةً وهي في وسط النساء، وليس عندها رجالٌ أجانب مكروهةٌ؛ لأن هذا النقاب يمنع من مُباشرة جبهتها وأنفها للأرض، لكن الصلاة صحيحةٌ؛ لأنها صلاةٌ مُكتملة الأركان والشروط والواجبات.

وما مضى منها صلاتها صحيحةٌ، لكن مُستقبلًا نقول للأخت الكريمة: إذا كنتِ تُصلين في مُصلى النساء وأمام النساء فينبغي أن ترفعي النقاب؛ حتى تُباشري الأرض بجبهتك وأنفك، نعم.

المقدم: نعم، أحسن الله إليكم، ونفع بما قلتم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، والأستاذ في كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، شكر الله لكم.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.

المقدم: شكرًا لكم يا شيخ سعد، وشكرًا للإخوة المستمعين والمستمعات لحُسن الاستماع والمتابعة، ونلقاكم بمشيئة الله تعالى أيها الإخوة والأخوات غدًا في حلقةٍ جديدةٍ من “فتاوى رمضان”.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه مسلم: 867.
^2 رواه الترمذي: 2457.
^3 رواه أبو داود: 307.
^4 رواه أحمد: 3568، وابن ماجه: 4252.
^5 رواه أحمد: 56، وأبو داود: 1521.