المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أسعد الله مساءكم وجميع أوقاتكم مستمعينا الكرام بكل خير، وحياكم الله في لقاء جديد، وحلقة جديدة من حلقات برنامجكم اليومي: (فتاوى رمضان)، في مطلع هذه الحلقة حلقة يوم الأربعاء السادس والعشرين من شهر رمضان من عام ألف وأربعمائة وثلاثة وأربعين من الهجرة، نسعد باستضافة فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
شيخ سعد السلام عليكم، وأسعد الله مساءك.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله، وحيا الله الإخوة المستمعين.
المقدم: أهلًا وسهلًا ومرحبًا بكم، لا يخفاكم شيخ سعد والإخوة المستمعين الكرام أننا في يوم الأربعاء، ما هي إلا سويعات يسيرة، وتطل علينا ليلة فاضلة، وهي ليلة الخميس السابع والعشرين من شهر رمضان من عام ألف وأربعمائة وثلاثة وأربعين من الهجرة، وللعلماء أقوال كثيرة، ومتعددة، وأيضًا حديث طويل عن هذه الليلة الفاضلة، لعلكم تتحدثون شيخ سعد بداية عن هذه الليلة الفاضلة التي نستقبلها بعد سويعات.
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه، واتبع سنته إلى يوم الدين.
أما بعد:
فبغروب شمس هذا اليوم تحل ليلة سبع وعشرين، وليلة سبع وعشرين هي أرجى ليالي العشر موافقة لليلة القدر، والنبي فعل فيها فعلًا لم يفعله في بقية الليالي، فإنه كما جاء عند أحمد وأصحاب السنن: قام بأصحابه ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل، ثم لم يقم بهم ليلة أربع وعشرين، ثم قام بهم ليلة خمس وعشرين إلى منتصف الليل، وقالوا: «يا رسول الله لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟ قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة [1]، ثم قام بهم ليلة ثم سبع وعشرين معظم الليل، يقول الصحابة رضي الله عنهم: “حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح”، والمقصود بالفلاح يعني: السحور، وجمع أصحابه وأهله ونساءه في تلك الليلة، وفعل فيها يعني فعلًا لم يفعله في بقية الليالي، أنه عليه الصلاة والسلام جمع أصحابه، وجمع نساءه، وجمع أهله، وقام بهم معظم الليل حتى كما يقول أبو ذر : “خشينا أن يفوتنا السحور”، وهذا يدل على تأكد هذه الليلة.
ولهذا كان أُبي بن كعب يحلف ولا يستثني بأن ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين، فيقول: “والله إني لأعلم أي ليلة هي ليلة القدر، هي الليلة التي أمرنا رسول الله بقيامها هي ليلة سبع وعشرين”.
وكان أُبي بن كعب يستدل لذلك بالعلامة التي ذكرها النبي ، وهي أن صبيحتها تطلع الشمس لا شعاع لها، وراقبها أبي بن كعب مراقبة الخبير، ووجد أن الشمس تطلع صبيحة سبع وعشرين لا شعاع لها.
وأيضًا هذا هو المأثور عن عمر بن الخطاب، وعن ابن عباس، وعن جمهور الصحابة ، وهو قول جماهير العلماء على خلاف بينهم، هو قول جمهور العلماء في ثبوتها على خلاف بينهم في أي الليالي أرجى، والمشهور عند الإمام أحمد، وطائفة من أهل الحديث: أن أرجى الليالي هي ليلة سبع وعشرين.
وعلى هذا فينبغي أن نجتهد، وأن نحرص هذه الليلة غاية ما يمكن على اغتنامها، فإنها أرجى ما تكون موافقة لليلة القدر، وليلة القدر عظم الله تعالى شأنها، فقال سبحانه: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ أي: أنزلنا القرآن فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر:1]، والمراد بذلك ابتداء نزوله.
ثم قال سبحانه مفخمًا ومعظمًا لشأن هذه الليلة: وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ [القدر:2]، وهذا الاستفهام للتفخيم والتعظيم، وهذا لا يؤتى به إلا للأمور العظيمة، ذكر في القرآن في ذكر الساعة، وأمور الساعة؛ كما قال سبحانه: الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ [القارعة:1-3]، وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ [الانفطار:17].
فأتي بهذا الاستفهام أيضًا بالنسبة لليلة القدر، وذلك تنبيهًا لعظيم شأنها، وتفخيمًا لها، ثم قال : لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ [القدر:3]، أي: أن العمل الصالح في هذه الليلة خير من العمل في ألف شهر، وألف شهر تعادل ثلاثًا وثمانين سنة وأربعة أشهر، ومع ذلك العمل في هذه السويعات ليس مساويًا، بل خير من العمل في ألف شهر، وهذه غنيمة عظيمة لمن وفقه الله .
ولذلك الذي يوفق لليلة القدر كأنما كتب له عمر مديد، وكأنما كتب له عمر جديد، ومن بركة هذه الليلة: أن الملائكة تنزل إلى الأرض، تنزل الملائكة بما فيهم أعظم الملائكة الروح جبريل عليه السلام: تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:4-5].
تنزل الملائكة إلى الأرض كي ترى عبادة المؤمنين، وتستمر هذه الليلة إلى طلوع الفجر: حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:5]، هذا هو نهاية هذه الليلة، أي: أن وقتها يبتدئ بغروب الشمس، وينتهي بطلوع الفجر.
ولذلك فإني أحث نفسي، وإخواني المستمعين على اغتنام هذه الليلة، فإنها أرجى الليالي موافقة لليلة القدر، والعبادة فيها أجورها مضاعفة جدًّا، وليلة القدر أجور العبادة فيها مضاعفة جدًّا، والدعاء فيها حري بالإجابة.
المقدم: أفضل الأعمال يا شيخ سعد.
الشيخ: أفضل الأعمال هو ما كان النبي يشتغل به في هذه الليالي الفاضلة، وكان عليه الصلاة والسلام معظم ما يشتغل به الصلاة، حتى إنه قام ليلة سبع وعشرين معظم الليل، حتى خشي الصحابة أن يفوتهم السحور.
ولذلك أفضل عمل يعمل في هذه الليالي الفاضلة الصلاة، أن تصلي مثنى مثنى، ركعتين ركعتين، وذلك بعدما تصلي مع الإمام حتى ينصرف؛ لأنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له أجر قيام ليلة، فينبغي: أولًا: أن تصلى صلاة التراويح مع الإمام كاملة، وكذلك صلاة التهجد مع الإمام كاملة، وكذلك بقية الوقت يصلي المسلم ما تيسر مثنى مثنى، ركعتين ركعتين.
المقدم: جزاكم الله خيرًا يا شيخ سعد، إلى أول المتصلات معنا في هذه الحلقة، الأخت أم العنود تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام.
السائلة: عندي والدي كثير الأذى، بذيء اللسان لنا ولأبنائنا، هل من العقوق الرد عليه، أو نؤجر على صبري على أذاه، مع العلم أنه يعلم ذلك، متعب جدًّا لنا بصراحة.
المقدم: طيب تستمعين لتوجيه الشيخ، تسأل يا شيخ أن والدها كما وصفت أنه كثير الأذى، وبذيء اللسان، تقول: ماذا نعمل تجاهه، هل يعني نعقه، أم نهجره، أم نصبر عليه؟
الشيخ: الواجب أن تبروا به، حتى وإن كان بذيء اللسان، اصبروا عليه، وبروا به، والعاقبة ستكون حميدة بإذن الله ، والنبي أتاه رجل فقال: “يا رسول الله إن قرابتي يسيئون إليَّ، وأُحسن إليهم، ويجهلون عليَّ، وأحلم عليهم؟، فقال عليه الصلاة والسلام: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم الملُّ، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك [2]، ويقول عليه الصلاة والسلام: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها [3]، وبر الوالدين هو أعظم ما يكون من صلة الرحم.
فنقول للأخت الكريمة: عليكم الصبر، والتحمل، وأن تقوموا بالواجب عليكم، الواجب عليكم أن تبروا به، وكونه قد يخطئ، وقد يسيء، هذا ليس مبررًا لترك البر به، فعليكم الصبر والاحتساب، وأن تقوموا بالبر به ما أمكن.
المقدم: إلى المتصلة أم عبدالرحمن، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله يا شيخنا.
المقدم: وعليكم السلام.
السائلة: مساكم الله بالخير، عندي سؤال: ما حكم الاعتكاف في الغرف المطلة على الحرم، بحيث إنكم ذكرتم بجواز الصلاة مع الإمام؟
المقدم: تقصدين في مكة.
السائلة: نعم.
المقدم: طيب شكرًا لك يا أم عبدالرحمن.
السائلة: عندي سؤال ثاني.
المقدم: تفضلي سؤالك الثاني.
السائلة: السؤال الثاني: ما حكم الصلاة منفردة في الغرف المطلة على الحرم، إن لم يكن معي من يصلي معي؟
المقدم: طيب طيب، في سؤال آخر يا أم عبدالرحمن.
السائلة: لا.
المقدم: طيب طيب تستمعين للإجابة، شيخ سعد لديها سؤالان يتعلقان بالغرف المطلة على الحرم، سؤالها الأول: الاعتكاف في الغرف المطلة على الحرم.
الشيخ: لا يصح الاعتكاف في الغرف المطلة على الحرم؛ لأنها ليست مسجدًا، ولا تأخذ حكم المسجد، ومن شروط صحة الاعتكاف: أن يكون داخل المسجد، والله تعالى يقول: وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ [البقرة:187].
وعامة الفقهاء على أن من شروط الاعتكاف: أن يكون داخل المسجد، وقول الأخت الكريمة يعني أنها يقاس على صلاة المأمومين مع الإمام في هذه الغرف، هذا القياس قياس لا يستقيم؛ لأن الاعتكاف من شروطه: وجود المعتكف في المسجد، بينما المأموم لا يشترط أن يكون في المسجد، فيمكن أن يقتدي بالإمام وهو خارج المسجد، فهذا القياس لا يستقيم.
وعلى ذلك نقول: من تيسر له أن يعتكف داخل المسجد، وإلا لم يصح الاعتكاف، فالاعتكاف يشترط لصحته أن يكون داخل المسجد، فمن كان يتيسر له أن يعتكف داخل المسجد الحرام، أو داخل أحد مساجد مكة، فهذا هو الأفضل، إن لم يتيسر لا يصح أن يعتكف خارج المسجد.
المقدم: نعم، وماذا عن حكم الصلاة منفردًا في هذه الغرف؟
الشيخ: الغرف المطلة على الحرم، وكذلك أيضًا المصليات المطلة على الحرم تصح الصلاة فيها؛ وذلك لأن المأمومين يرون بعض المأمومين في الساحات الخارجية، والفقهاء يقولون: إذا رأى الإنسان الإمام، أو بعض المأمومين صح الاقتداء، بل حتى لو أمكن سماع صوت الإمام، أو المبلغ عنه من المسجد؛ صح الاقتداء، وعلى ذلك فلا بأس بالصلاة في مصليات الفنادق المطلة على الحرم، وكذلك الغرف المطلة على الحرم.
وبالنسبة للمرأة يصح أن تصلي في الغرفة المطلة على الحرم منفردة؛ لأن المرأة لها أن تصلي منفردة خلف صفوف الرجال، كما حصل هذا من أم سليم لما صلت خلف النبي ، وخلف أنس واليتيم، فالمرأة يصح أن تصلي في هذه الغرف منفردة.
وأما الرجل فلا بد أن يكون معه شخص آخر إذا أراد أن يصلي في هذه الغرف المطلة؛ لأنه لا صلاة لمنفرد خلف الصف، ولما رأى النبي رجلًا يصلي خلف الصف وحده أمره أن يعيد الصلاة، فهذه الغرف المطلة على الحرم إن كان المصلي امرأة صح أن تصلي منفردة، أما إذا كان المصلي رجلًا فلا يصح أن يصلي منفردًا، بل لا بد أن يكون معه غيره.
المقدم: بعض يا شيخ الغرف المطلة على الحرم، لكن بالجدار كامل يعني مغطي الغرفة بالكامل، فلا ترى المصلين؟
الشيخ: لا بد من إمكانية الرؤية، لا بد من أن يكون مثلًا هناك زجاج، ونحوه، فيمكن رؤية بعض المأمومين في الساحات الخارجية.
المقدم: لكن إن كانت الغرفة مغلقة تمامًا؟
الشيخ: إن كانت الغرفة مغلقة تمامًا، ننظر إذا أمكن سماع صوت الإمام أو المبلغ من داخل المسجد الحرام، وليس عن طريق اللاسلكي، فيمكن أيضًا الاقتداء بإمام الحرم، وإلا فلا.
المقدم: بارك الله فيكم، إلى أبها ومعنا الأخ عمار، تفضل يا عمار.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائل: الله يمسيك بالخير يا شيخ.
الشيخ: مساك الله بالخير والعافية.
السائل: عندي سؤالان إذا سمحت لي.
المقدم: تفضل الأول.
السائل: السؤال الأول: أنا أعمل في مستودع، المستودع هذا فيه أغذية، يعني في ماء، سكر، الحليب، مثل الأشياء هذه، طبعًا الأغراض هذه مخصصة لزملائي في العمل، هل يجوز أن أعطي منها العمال الذين يساعدونني في المستودع، أو يعني لو آخذ شيئًا قليلًا في بيتي، هل يجوز لي الشيء هذا، أو ما يجوز؟
المقدم: طيب طيب، سؤالك الثاني.
السائل: السؤال الثاني: بالنسبة للدعاء للميت، يعني وقت الدعاء للميت، هل يجب ذكر اسمه في الدعاء، أو النية تكفي، إن الدعوة هذه لفلان؟
المقدم: طيب طيب، تستمع إلى الإجابة، شكرًا يا عمار، يسأل يا شيخ سؤاله الأول أنه يعمل في مستودع للأغذية، وفيه سكر وأرز وشيء من هذا القبيل، وهي مخصصة لزملائه في العمل، فيسأل هل يجوز أن يأخذ شيئًا يسيرًا منها، ويوزعه على العمال، أو يأخذ منه شيئًا لبيته؟
الشيخ: لا يجوز ذلك، هو مؤتمن على هذه المواد الغذائية، والسلع الموجودة في هذا المستودع، فلا يجوز له أن يتصرف فيها بغير ما وكلت إليه، هو فقط طلب منه أن يكون مشرفًا على هذا المستودع لأجل حفظ هذه للإنفاق على زملائه ومن في العمل؛ فليس له أن يأخذ منها شيئًا للبيت، وليس له أيضًا أن يأخذ منها شيئًا يوزعه على الآخرين؛ لأنه لا يملك الصلاحية في هذا، وأخذه من هذه المواد الغذائية يعتبر فيه إخلال بالأمانة، إذا فعل ذلك فإنه يكون قد أخل بالأمانة وقصر، فهو مؤتمن عليها لا يأخذ منها شيئًا مطلقًا، وإنما يحفظها ويقوم بالمهمة كما أوكلت إليه.
المقدم: من الأسئلة أيضًا يا شيخ سعد، هذا السائل يقول: هل إطالة الركوع والسجود في صلاة القيام تشمل أيضًا ركعتي الشفع والوتر، فيطيل فيهما مثل ما يطيل في صلاة القيام؟
الشيخ: الأمر في هذا واسع، لو أطال فيهما فلا بأس، ولكن العادة أن يعني صلاة أو ركعة الوتر تكون خفيفة، وهكذا ركعتي الشفع؛ لأن غالب هدي النبي أنه يجعل الركوع والسجود قريبًا من القراءة، وقد دلت السنة على مشروعية قراءة سورة سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى، وسورة: قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ، وسورة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ في هذه الركعات الثلاث، وهذه السور سور قصيرة ليست طويلة، وعلى ذلك فيشرع أيضًا تخفيف الركوع والسجود فيها، فتكون خفيفة تبعًا لتخفيف القراءة فيها، وإنما يكون التطويل في الركعات الأخرى التي يطول فيها بالقراءة.
المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا، الأخت أم إبراهيم، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائلة: لو سمحت أنا أسأل عن الزكاة، أنا عندي ذهب… هل علي أن أطلع فيه زكاة؟ وبالنسبة للأسهم والأموال العادية، أنا أسهم عندي مبلغ، بس أنا أشتغل عليها.
المقدم: تضاربين.
السائلة: يعني أنا ما تركتها كذا، يعني أنا أشتغل أبيع وأشتري، أبيع وأشتري.
المقدم: أي نعم، مضاربة.
السائلة: نعم، لكن أن عندي كذا سهم أنا ما بعتها من زمان يعني تقريبًا من ثلاث أو أربع سنوات أنتظر أنها ترتفع، هل يصح فيها الزكاة أم لا؟ الله يجزيك خيرًا.
المقدم: حياك الله، أم إبراهيم تسأل يا شيخ سعد عن الذهب المعد للزينة، ذهب خاص معد للزينة.
الشيخ: الذهب المعد للزينة لا زكاة فيه لقول أكثر أهل العلم، ومن أوجب الزكاة فيه اعتمد على أحاديث لا تثبت من جهة الصناعة الحديثية، كما قال الإمام الترمذي: “لا يثبت في هذا الباب شيء”.
والأصل أن ما كان معدًّا للاستعمال واللبس أنه لا زكاة فيه؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: ليس على المسلم في عبده، ولا فرسه صدقة [4]، ولذلك بيت الإنسان لا زكاة فيه، سيارته لا زكاة فيها، أثاث البيت لا زكاة فيه، ملابس الإنسان لا زكاة فيها، هكذا أيضًا الحلي الذي يلبس لأجل الزينة لا زكاة فيه، وهذا هو الذي عليه أكثر الصحابة، وهو الذي عليه أكثر الفقهاء، وهو المذهب عند المالكية والشافعية والحنابلة.
وعلى ذلك نقول للأخت الكريمة: ما دام أن الغرض من هذا الحلي أن تلبسيه للزينة فلا زكاة فيه.
المقدم: سواء قل أو كثر؟
الشيخ: سواء قل أو كثر، نعم.
المقدم: سؤالها الثاني الأسهم تقول: أن لديها مجموعة من الأسهم تضارب بها، ومجموعة أخرى اشترتها من ثلاث سنوات، وتنتظر أن يرتفع السهم فتبيعه، تسأل عن الزكاة.
الشيخ: أما الأسهم التي تضارب فيها تبيع وتشتري فيها، فيجب عليها أن تزكيها، وذلك بأن تنظر إلى القيمة السوقية للمحفظة عند تمام الحول، وتخرج ربع العشر اثنين ونصف بالمائة، وأما الأسهم التي تركتها ولها عندها سنوات، فهذه تكون هي مستثمرة، وليست مضاربة، حتى وإن كانت تتربص بها ارتفاع سعر السهم، وعلى هذا نقول: إنه لا زكاة عليها فيها باعتبار أن هذه الشركات تزكي، فجميع الشركات المساهمة عندنا في المملكة العربية السعودية تدفع زكواتها إلى هيئة الزكاة والدخل، وعلى هذا فتكون الشركة قد زكت عنك هذه الأسهم، ولا زكاة عليك فيها؛ لأن المال لا يزكى مرتين، فالأسهم التي يستثمرها الإنسان يمر عليها سنة فأكثر، وهي عنده، هذه قد زكتها الشركة عنه، فلا يلزمه أن يزكيها مرة أخرى، وأما الأسهم التي يضارب يبيع ويشتري فيها هذه هي التي يزكيها.
على هذا نقول للأخت الكريمة: الأسهم التي عندك على قسمين:
- القسم الذي تضاربين فيه تبيعين وتشترين فيه؛ هذه تزكينها.
- القسم الثاني الأسهم التي بقيت عندك سنوات لم تحركيها هذه لا زكاة عليك فيها، باعتبار أن الشركات تزكي عنك.
المقدم: نعم، بارك الله فيكم، إلى بريطانيا، هذا أحد الإخوة المبتعثين، والذين يعيشون هذه الأيام هناك لديه مجموعة من الأسئلة، سؤاله الأول يخص صلاة الجماعة، يقول: تقام هنا جماعتان، ولكل جماعة إمام في مكان واحد، وذلك لضيق المسجد، هل هذا صحيح؟
ونواجه بعض الأحيان دخول وقت صلاة العصر، والإمام لم يقم صلاة الجماعة في الثانية، فماذا نفعل؟
يقول: تحدثنا مع الإمام للتبكير بالجماعة الثانية، ولكنه رفض.
الشيخ: أما إقامة عدة جُمَع في المسجد الواحد بالنسبة لأحوالهم، هذه لا بأس بها للضرورة، وذلك لكثرة المسلمين، وقلة المساجد، فهم مضطرون لذلك، وأجاز أكثر العلماء المعاصرين تعدد الجمع في المسجد الواحد بالنسبة لهم.
لكن المهم ألا تتعدد الجماعة أو الجمعة في المسجد الواحد في زمن واحد؛ لأن هذا ينافي مقصود الشارع من صلاة الجماعة، ومن صلاة الجمعة، لكن إذا لم تكن في زمن واحد، وإنما كانت هذه بعد الأولى، مثلًا الجمعة الأولى امتلأ المسجد وصلى الناس.
ثم أراد من بعدهم أن يقيموا جمعة ثانية، فلا بأس بذلك بالنسبة لأحوالهم للضرورة؛ لأن أعداد المسلمين كبيرة، والمساجد قليلة، وهم بين خيارين إما أن يفعلوا هذه الطريقة، وإما ألا يقيم عدد كبير من المسلمين صلاة الجمعة، ولذلك أكثر العلماء المعاصرين أجازوا لهم تعدد الجمع في المسجد الواحد، لكن تكون الجمع متوالية، ولا تكون في الوقت نفسه.
لكن ينبغي أن تنتهي صلاة الجمعة قبل دخول وقت صلاة العصر؛ لأن وقت الجمعة ينتهي بدخول وقت صلاة العصر بإجماع العلماء، ولذلك لا بد من أن تكلموا هؤلاء في أن يكون بينكم وبينهم ترتيب، بحيث تنتهي آخر جمعة تقام قبل أن يدخل وقت صلاة العصر.
المقدم: سؤاله الثاني يقول: هنا يعتمدون دخول رمضان وخروجه بموجب إعلان السعودية لدخول الشهر وخروجه، فما هو التوجيه في ذلك؟
الشيخ: لا بأس بهذا، وذلك لأن المملكة العربية السعودية تقع شرق بريطانيا، فإذا رئي الهلال في المملكة فإنه لا بد أن يرى عندهم، وعلى هذا لا بأس باعتمادهم على الرؤية هنا في المملكة.
المقدم: نعم، سؤاله الثالث يقول: يخص صلاة العيد، إمام المسجد أقرها أن تكون الساعة التاسعة صباحًا، وذلك بعد شروق الشمس بثلاث ساعات ونصف؟
الشيخ: لا بأس بذلك؛ لأن وقت العيد وقت واسع يبدأ أول وقت صلاة العيد من بعد طلوع الشمس وارتفاعها قيد رمح، يعني من بعد طلوع الشمس بنحو ربع ساعة، ويمتد إلى قبيل الزوال، هذا كله وقت لصلاة العيد، فإذا جعلوها في الساعة التاسعة فلا بأس، فالأمر في هذا واسع.
المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا، إلى الأخ محمود من الرياض، تفضل يا محمود.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائل: عندي سؤالان بعد إذنك.
المقدم: تفضل الأول.
السائل: الأول حكم الذبح يا شيخ للمنزل الجديد، أو السيارة الجديدة مثلًا، وأنا كنت اشتريت رأسًا من الغنم يعني على أساس أذبحها للمنزل، ولكن لسبب ما الموضوع تأجل شوية، في مشكلة في هذا؟ هل ينفع أنني أغير الرأس بشيء آخر، أو بحاجة غيرها؟
الشيخ: ما غرضك من الذبح؟ هل الغرض مثلًا أنك تتصدق بلحم الذبيحة على الفقراء والمساكين من باب الشكر؟
السائل: نعم، الشكر، وللأهل وللمساكين.
المقدم: يعني من باب الشكر لله.
السائل: نعم.
المقدم: طيب طيب، سؤالك الثاني.
السائل: الثاني أنا أمس كنت في مصر، ورجعت للمملكة أمس، ففي السفر كان في ناس مفطرة، وناس صائمة يعني، فأيهما أفضل أو الحكم في هذا ماذا بالضبط، هل أنا مخير أفطر أو أصوم؟ هل الشيئين يعني على نفس الدرجة.
المقدم: سؤالك واضح يا محمود، سؤال الأخ محمود الأول يقول: حكم الذبح للمنزل الجديد، والسيارة الجديدة، يعني شكرًا لله على هذه النعمة.
الشيخ: إذا كان مقصوده أن يذبح هذه الذبيحة، ويوزع لحمها على الفقراء والمساكين، أو يجمع عليها أصحابه وأرحامه من باب شكر نعمة الله على هذا المنزل الجديد، أو هذه السيارة الجديدة؛ فلا بأس بذلك، ولكن هذا لا يختص بالذبح، يمكن أن يتصدق أيضًا بصدقة لله شكرًا لنعمة الله تعالى عليه بهذا المنزل، أو هذه السيارة، فلا يختص هذا بالذبح، يمكن أن يتصدق بأي صدقة، ويريد بذلك أنها من باب شكر نعمة الله عليه.
المقدم: سؤاله الثاني يقول: أمس كان عائدًا من مصر إلى السعودية، والناس على قسمين: منهم من يفطر، ومنهم من هو صائم، يقول: ما هو الموقف الصحيح له، هل الأفضل الفطر، أم الصيام؟
الشيخ: ما داموا مسافرين فلهم أن يفطروا في نهار رمضان؛ لأن المسافر يجوز له الفطر في نهار رمضان، وأما بالنسبة للأفضل، فإذا كان الصوم يشق على المسافر، فالأفضل في حقه الفطر، أما إذا كان الصوم لا يشق على المسافر؛ لأن بعض الناس الآن يكون مثلًا السيارة مكيفة والطائرة مكيفة، ولا يوجد عنده مشقة أو حرج في الصيام في السفر، بل حاله في السفر كحاله في الحضر، بسبب ما من الله تعالى به على الناس من وسائل المواصلات، ووسائل التكييف الحديثة، فإذا كان الصوم لا يشق عليه في السفر فالأفضل في حقه الصوم، والنبي كان في بعض أسفاره صائمًا، وفي بعضها كان مفطرًا، ومعظم أسفاره كان مفطرًا عليه الصلاة والسلام، لكن كان في أحد أسفاره صائمًا كان الصحابة كلهم مفطرون، إلا رسول الله وعبدالله بن رواحة، كانا صائمين.
ويظهر -والله أعلم- أنه كان في تلك السفرة لم يكن الصوم يشق عليه، عليه الصلاة والسلام؛ لأن الصحابة كانوا يتسابقون على خدمته، وعلى التظليل عليه، ونحو ذلك، فلما لم يشق الصوم عليه كان عليه الصلاة والسلام صائمًا.
وعلى ذلك نقول: الأمر واسع بالنسبة للمسافر، وكما قال عليه الصلاة والسلام: هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن. ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه [5].
المقدم: نعم، الأخت أم طارق تسأل تقول: أنا عندي عاملة مسلمة، وواضح طبعًا حاجتها إلى المال، فهل يحق لي أن أعطيها من الزكاة، وكذلك العامل الموجود في المزرعة؟
الشيخ: لا بأس بإعطاء العمال والخدم والسائقين من الزكاة بشروط:
- الشرط الأول: ألا يربط بين العمل، وبين الزكاة، فلا يعطيهم من الزكاة لأجل تجويد العمل، أو لأجل تحسين العمل، بل يتعامل معهم كما يتعامل مع أي فقير آخر.
- الشرط الثاني: ألا يلحق هذه الزكاة بالمنة أو الأذى؛ لأن بعض الناس يعطي الزكاة السائق، أو الخادمة، أو العامل، ثم بعد ذلك إذا رأى منه تقصيرًا أصبح يمتن عليه بهذه الزكاة، وهذه المنة تبطل أجر الزكاة، فإن المنة تبطل أجر الزكوات والصدقات والمعروف؛ كما قال الله تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى [البقرة:264].
- الشرط الثالث: أن يكون من المستحقين للزكاة، فهذا هو الغالب على من يغترب ويأتي لأجل العمل، الغالب عليهم أنهم مستحقون للزكاة.
فإذا تحققت هذه الشروط الثلاثة، فلا بأس: - الشرط الأول: ألا يربط بين العمل والزكاة، فلا يعطيه من الزكاة لأجل العمل.
- الشرط الثاني: ألا يتبع هذه الزكاة بالمنة أو الأذى.
- الشرط الثالث: أن يكون هذا العامل أو الخادمة مستحقًا للزكاة.
المقدم: جميل، بارك الله فيكم، إلى جازان ومعنا الأخت سهام، تفضلي يا سهام.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائلة: لو سمحت يا شيخ أنا رحت عمرة شهر إحدى عشر، وفي دعائي قلت محبة في أمي وأبوي إن الله إذا كاتب لهم مرضًا أو تعبًا يأخذ أمانتهم قبلنا، أن ما أبغاهم يحتاجون أحدًا غيرنا إذا كان عمرنا قبلهم، بعد ثلاثة أشهر توفى أبوي، فما أدري هل دعائي فيه إثم عليَّ أم لا؟
المقدم: طيب طيب تستمعين إلى الإجابة، نعم يا شيخ سعد تسأل أنها دعت الله إذا كان هناك مرض أو شيء أن يأخذ أمانة والديه قبلها، كي يقوموا بخدمتهم، تقول: هذا الدعاء هل هو في مكانه؟
الشيخ: هذا الدعاء ليس في مكانه، هذا خطأ من الأخت الكريمة، فكان ينبغي لها ألا تدعو بهذا الدعاء، وعليها أن تتوب إلى الله ، وكان ينبغي أن تحرص على أن تبر بوالديها، وألا تدعو بموت، ولا بغيره، حتى وإن كان مقصدها حسنًا.
لكن هذا قد حصل، وأيضًا حصل منها جهلًا، فأرجو ألا يكون عليها شيء إن شاء الله تعالى، وأما وفاة والدها فهذا هو أجله الذي كتبه الله تعالى له، فهي آجال مضروبة، والأجل مكتوب للإنسان قبل أن يخلق، فلا يدخلها الآن التحسر على ذلك، وأنه ربما استجيبت دعوتها؛ لأن هذا هو أجل والدها.
لكن عليها مستقبلًا أن تنتبه، وأن تبتعد عن مثل هذه الدعوات، وعليها بالنسبة لوالدها الآن أن تبر به بعد موته، وذلك بالدعاء له، تحرص على أن تدعو له كل يوم، وأيضًا إن تيسر أن تتصدق عنه، أو أن تعتمر، أو تحج عنه، أو توكل من يعتمر أو يحج عنه، فإنه يصله ثواب ذلك، ويفرح ويسر به.
المقدم: وهل هذا يا شيخ يدخل تحت قول: جُعل يومي قبل يومك، مخاطبًا مثلًا والده أو والدته؟
الشيخ: كذلك أيضًا هذه من الأدعية التي تنتشر عند بعض العامة، وهذا دعاء أيضًا فيه إشكال؛ لأنه يدعو على نفسه بالموت، إذا قال: جُعل يومي قبل يومك، كأنك تقول: يا رب أمتني قبل أن يموت فلان، وكونه يدعو على نفسه بالموت هذا قد ورد النهي عنه، بل حتى مجرد تمني الموت؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به [6]، وإن المؤمن لن يزيده عمره إلا خيرًا، وذلك أنه بالموت ينقطع العمل، وينتقل الإنسان إلى دار الجزاء والحساب، والمؤمن عمره يزيده خيرًا؛ لأنه بطول العمر يزداد أعمالًا صالحة، ويزداد حسنات، وخيركم من طال عمره، وحسن عمله، فهذه أيضًا من الأدعية الشائعة عند بعض العامة، وهذا دعاء لا يجوز الدعاء به، بل ربما يكون هذا من الاعتداء في الدعاء، لا يدعو الإنسان على نفسه، ولا على غيره بالموت بأية صورة من الصور.
المقدم: جميل، إلى الأخت أم عبدالعزيز، تفضلي يا أم عبدالعزيز.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائلة: عندي سؤال يا شيخ أنا الحين لما أصلي صلاة القيام أقدر أقرأ دعاء في الوتر من الجوال، عندي مجموعة أدعية في الجوال جمعتها، لما يأتي وقت الدعاء أحس أنها شاملة، وما أتذكر أغلبها، فعادي أكون ماسك الجوال وقت الوتر وأقرأ منه.
المقدم: طيب في سؤال ثان يا أم عبدالعزيز.
السائلة: لا، شكرًا، الله يسعدك، وجزاكم الله خيرًا.
المقدم: نعم، تسأل يا شيخ سعد عن قراءة الأدعية من الجوال أثناء الوتر.
الشيخ: لا بأس بذلك، الأمر في هذا واسع، لكن الذي أنصح به ألا تفعل، وأن تقتصر في دعاء القنوت على ما تحفظ، وعلى ما ورد: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، ونحو ذلك من جوامع الدعاء.
وأما هذه الأدعية المكتوبة يمكن أن تقرأ بها خارج الصلاة، تفتح هذا الكتاب الذي فيه هذه الأدعية التي أعجبت الأخت الكريمة، وتقرأ بها خارج الصلاة، وأما دعاء القنوت ينبغي عدم الإطالة فيه، وعدم التوسع، بل إن النبي صلى معه عدد من الصحابة، ولم ينقل أنه كان يدعو في صلاة الوتر في القنوت في صلاة الوتر، صلى معه ابن مسعود وصلى معه حذيفة ، وصلى معه ابن عباس ، ولم ينقلوا أنه قد دعا في القنوت في صلاة الوتر، لكن ورد أنه علّم الحسن : “اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت” [7]، فأخذ العلماء من ذلك مشروعية الدعاء في القنوت في صلاة الوتر، لكن ينبغي ألا يكون في هذا طول، وألا يكون في هذا توسع، وأن يترك الدعاء في القنوت في صلاة الوتر أحيانًا.
المقدم: نعم، أبو عبدالرحمن من جدة يسأل يقول: ابنتي وزوجها كان عندهم يوم الاثنين رحلة من الدمام إلى جدة، وإقلاع الرحلة الساعة الثانية بعد الظهر، ولم يعقدوا نية الصيام ذلك اليوم، فما هو الحكم؟
الشيخ: ما دام أن الرحلة الثانية ظهرًا، يعني في منتصف النهار، فلا شيء عليهم لأجل السفر، لكن كان ينبغي لهم أن يصوموا، ثم إذا بدأ السفر أفطروا؛ لأن الإنسان ربما يعقد نية السفر، ثم يرجع عنه.
وأيضًا ليس له أن يفطر إلا بعد مفارقة العمران، ليس له أن يفطر إلا بعد مفارقة العمران.
ولهذا كان الواجب عليهم أن يصبحوا صائمين، حتى إذا فارقت الطائرة عمران البلد أفطروا، أما فعلهم هذا بهذه الطريقة فهذا خطأ، لكن باعتبار أنهم كانوا جاهلين بالحكم، وأنهم سافروا بالفعل، فأرجو ألا يكون عليهم شيء.
لكن مستقبلًا يتنبهون لهذه المسألة: من أراد السفر ليس له أن يفطر إلا بعد مفارقة العمران، وعلى ذلك فإذا جزم بنية السفر عليه أن ينوي صيام ذلك اليوم، وأن يستمر صائمًا، حتى إذا فارق العمران أبيح له الفطر في نهار رمضان.
أما أنه يصبح مفطرًا باعتبار أنه سيسافر، فهذا لا يجوز، هذا لا يجوز؛ لأنه لا يدري ما يعرض له، ربما لا يسافر، وربما تتغير الأمور، ربما يكون هناك عوائق، فهذا لا يجوز، لكن هذه الواقعة التي حصلت من هذا الرجل وزوجته حصلت بطريق الجهل والخطأ، فأرجو ألا يكون عليهم شيء، ويقضون هذا اليوم بعد رمضان، لكن يتنبهون في المستقبل إلى التصرف الصحيح في هذا.
المقدم: نعم، إلى رفحا ومعنا الأخت نوره، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائلة: الله يسعدك، أنا عندي سؤال للشيخ: أنا والدي متوفي من زمان يعني الله يرحمه ويغفر له، بس أنا سمعت مقطع يقول: إن الدموع التي تنزل على الميت…، أنا ما هو اعتراض على قضاء الله، بس أنا لليوم هذا أنا أبكي أبوي، لو أدري لو أتصدق لو أسوي أي شيء لو يجي ذكر أبوي دموعي غصبًا عني تنزل، أنا ما أعرف هل أنا أكون سبب لعذاب والدي أم لا؟
الشيخ: كم لوالدك من مدة؟
المقدم: كم له متوفي؟
السائلة: ثلاث وعشرين سنة.
الشيخ: منذ ثلاث وعشرين سنة، وأنت يعني لا تزالي تبكين عليه إلى الآن.
السائلة: نعم.
المقدم: شكرًا لك يا نوره، ورحم الله والدك، تسأل يا شيخ سعد عن البكاء على والدها، علمًا أنه قد توفي قبل ثلاث وعشرين سنة.
الشيخ: النبي يقول: إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه [8]، وهذا البكاء على الميت لا ينفعه، بل ربما يتعذب به، ولذلك نقول للأخت الكريمة: إن هذا البكاء على والدك الذي مات من ثلاث وعشرين سنة لا فائدة منه، بل ربما يعذب به.
وعليك أن تفعلي ما يفرح به أبوك، وما يسر به، وهو الدعاء أن تقومين بالدعاء له كل يوم، وكذلك الصدقة والحج والعمرة، ونحو ذلك، هذه هي التي ينتفع بها، ثم أيضًا هذا المصير الذي صار لوالدك سيصير لك، وسيصير لنا وللناس جميعًا، فهذا هو مصير، هذه سنة الله ، فهذا البكاء الذي يأتيك هذا عليك ما أمكن أن تحرصي على التخلص من هذا البكاء، خاصة أنه قد مضى عليه مدة طويلة، ومثل هذا ربما يسبب لك أحزانًا، ويثبطك عن الطاعة، وربما حتى يسبب لك مشاكل نفسية أيضًا.
ولذلك نقول للأخت الكريمة: أعرضي عن هذا البكاء، يعني لو كانت وفاة والدك قريبة، ربما يكون هذا يعني مقبولًا، لكن ثلاث وعشرون سنة ولا تزالين تبكين عليه، هذا يعني هذا التصرف تصرف غير مقبول، فعليك أن تكفي عن البكاء عن والدك، وأن تحرصي على ما ينفعك من الأعمال الصالحة، وأمور الطاعة والعبادة، وأن تحرصي أيضًا على ما ينفع والدك من الدعاء والصدقة، ونحو ذلك.
المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا، آخر سؤال معنا في هذه الحلقة، أحد الإخوة يسأل عمَّا يسمى بإبرة الفراشة أو المغذي التي تعطى للمريض.
الشيخ: إبرة المغذي تفسد الصوم، وذلك؛ لأن هذه الإبر المغذية تقوم مقام الطعام والشراب، ولهذا نجد أن المرضى في المستشفيات يستغنون بهذه الإبر المغذية عن الطعام والشراب، وقد يستغنون بها مدة طويلة، فهي تقوم مقام الطعام والشراب.
وعلى هذا فالإبر المغذية، ومثلها أيضًا إبر الفيتامينات هذه كلها مفسدة للصيام، أما الإبر العلاجية فهذه لا تفسد الصيام، الإبر التي تكون للعلاج، ومن ذلك إبرة السكر ونحو ذلك، هذه لا تفسد الصيام.
لكن الإبر المغذية، وفي حكمها إبر الفيتامينات هذه كلها تفسد الصيام.
المقدم: نعم، هو يا شيخ أحيانًا طبيًّا يضعون سائلًا، ليس المغذي وإنما سائل يوضع في اليد، حتى يختبرون جريان هذا السائل داخل الوريد.
الشيخ: نعم، المقصود إذا كان يعني هذا الذي يدخل في الوريد إذا كان مغذيًا؛ فإنه يفسد الصيام، إذا كان فيه جلوكوز، وكان فيه أمور يحصل بها التغذية فيفسد الصيام، أما إذا كانت إبر علاجية فقط، فهذه الصوم معها صحيح.
المقدم: وماذا عن البنج يا شيخ؟
الشيخ: البنج لا يفسد الصوم، لا أثر له على الصوم.
المقدم: نعم، جزاكم الله خيرًا شيخ سعد على هذه المشاركة معنا في هذه الحلقة، وكتب الله لكم الأجر.
الشيخ: اللهم آمين، وبارك الله فيكم، وفي الإخوة المستمعين.
المقدم: إذن شكرًا لضيفنا في هذه الحلقة الأستاذ الدكتور/ سعد بن تركي الخثلان، رئيس مجلس إدارة الجمعية الفقهية السعودية، وأستاذ الدراسات العليا في كلية الشريعة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الذي كان ضيفًا معنا في هذا اللقاء.
نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.