بسم اللّه الرحمن الرحيم
الحمد للّه رب العالمين، وصلى اللّه وسلم وبارك على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أحبتنا المستمعين الكرام، السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
وأسعد اللّه مساءكم وكل أوقاتكم بكل خيرٍ، أهلًا ومرحبًا بكم -أحبتنا الكرام- في هذه الحلقة من برنامجكم الإفتائي المباشر (فتاوى الحج).
هذا البرنامج الذي نستضيف فيه أصحاب الفضيلة المشايخ؛ ليجيبوا عن أسئلتكم المتعلقة بأحكام الحج والعمرة وما حولهما.
أهلًا ومرحبًا بكم أيها الإخوة المستمعون الكرام.
كما نرحب أيضًا بضيفنا الكريم في هذه الحلقة، فضيلة الشيخ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية.
دكتور سعد، السلام عليكم ورحمة اللّه.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة اللّه وبركاته، وحياكم اللّه، وحيَّا اللّه الإخوة المستمعين.
المقدم: حياكم يا شيخ.
ونرحب بكم أيضًا مستمعينا الكرام، لمن أراد الاتصال، من كان لديه سؤالٌ يريد طرحه على فضيلة الشيخ الدكتور سعد الخثلان، فأهلًا ومرحبًا بكم.
نأخذ أول اتصالٍ معنا في هذه الحلقة من أخينا عبدالرحمن.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: اللّه يعطيكم العافية، عندي سؤالٌ: أنا من أهل جدة، وعملي في الخَرْج، وبيتي في الخرج، وبيتي الثاني في جدة، عند أهلي بجدة، لو أتيت إلى جدة، يعني: لمدة أسبوعين، أستطيع أن أصلي الصلاة جمعًا وقصرًا طوال مدة إقامتي، مثلًا إقامتي أسبوعان، خمسة عشر يومًا، أو أسبوعٌ تقريبًا، أستطيع أن أصلي الصلاة جمعًا وقصرًا؟
الشيخ: يعني: أنت الآن لك بيتٌ في جدة هناك مِلكك؟
المتصل: لا، أنا بيت أهلي في جدة، بيت الوالدة والوالد.
الشيخ: بيت الأهل في جدة، طيب.
المتصل: نعم، وآتي إليهم في الإجازات، إذا كان عندي إجازةٌ من العمل في الخرج، آتي إلى جدة مباشرةً.
الشيخ: نعم، وتسأل عن الجمع والقصر في بيت أهلك؟
المتصل: إي نعم.
المقدم: طيب، عندك سؤالٌ ثانٍ؟
المتصل: لا.
المقدم: تفضل يا شيخ اللّه يحفظك.
الشيخ: الحمد اللّه رب العالمين، وصلى اللّه وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بـهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فجوابًا عن سؤال الأخر الكريم، أقول: إن الضابط في ذلك هو العرف، فهذا الرجل في عرف الناس: هل يعتبر مسافرًا أو مقيمًا، وهو له منزلٌ في مدينة الخرج، وله بيت أهله في جدة؟ وننظر هنا أولًا ما بين المدينتين يعتبر مسافة قصرٍ، فله أن يترخَّص في الطريق بجميع رخص السفر، وأما إقامته في الخرج فواضحٌ أنـها ليست سفرًا؛ فلا يترخَّص برخص السفر، وأما إقامته عند أهله في جدة، فننظر؛ هل العرف يقتضي أنه مسافرٌ أو مقيمٌ؟ مع الأخذ في الاعتبار أن الأصل في الإنسان هو الإقامة، ولا يُـخرج عن هذا الأصل إلا بشيءٍ واضحٍ.
وإذا أردنا أن نعرف العرف بوضوحٍ، فنطرح سؤالًا على الأخ الكريم: لو أنك في نـهار رمضان أفطرت أمام مجموعةٍ من الناس، وقلت لهم: إنني مسافرٌ، أفطرت وأنت في بيت أهلك أمام الناس، وقلت: إنك مسافرٌ، فهل الناس سينكرون عليك، أم سيعذرونك ويعتبرونك مسافرًا؟ الواقع أن الناس لا تعذرك، وستنكر عليك، وإذا اعتذرت بأنك مسافرٌ، لا يقبلون منك هذا الاعتذار، ويقولون: كيف تكون مسافرًا وأنت في بيت أهلك؟! وعلى هذا: فالعرف يدل على أنك لست مسافرًا، ومـمَّا يبيِّـن هذا: أنك تدعو الناس إلى بيت أهلك، تدعوهم لكي يزوروك في بيت الأهل، وربما تجد إنسانًا لـم تره من مدةٍ طويلةٍ، تدعوه لتناول القهوة أو الشاي، أو تدعوه لمناسبة غداءٍ أو عشاءٍ في بيت أهلك، فأنت تتصرف تصرف المقيم، وليس تصرف المسافر أو الغريب.
وعلى هذا: فالذي يظهر أنك لا تعتبر مسافرًا، ولا تترخَّص برخص السفر؛ لأن عندنا الأصل: وهو الإقامة، فالأصل في الإنسان الإقامة، ولـم يتضح أنك مسافرٌ وأنت في بيت أهلك، وعلى ذلك نقول لك: لا تترخص برخص السفر في الخَرْج، ولا في جدة، وإنـما في الطريق فقط.
المقدم: نعم، أحسن اللّه إليكم.
شيخ سعد اللّه يحفظك، لو كانت امرأةٌ مثلًا ذهبت مع زوجها لمدينةٍ واستقرَّت فيها، وأهلها في مدينةٍ أخرى، إذا جاءت إلى أهلها، هل تترخَّص برخص السفر؟
الشيخ: نفس الحكم: لا تترخَّص برخص السفر.
هذه المسائل يقول عنها الفقهاء: إن الإنسان يكون فيها كصاحب الإقامتين، فالإنسان قد يكون متعدِّد الإقامة؛ له إقامةٌ في بلده، وإقامةٌ في بلدةٍ أخرى، وإقامةٌ في بلدةٍ ثالثةٍ، فمُتعدِّد الإقامة لا يعتبر مسافرًا في هذه البلدان كلها؛ كمن له مثلًا زوجتان: زوجةٌ في بلدٍ، وزوجةٌ في بلدٍ آخر، فهو في البلد الأول ليس مسافرًا، وفي البلد الآخر ليس مسافرًا.
المقدم: أحسن اللّه إليكم، معنا الأخ موفَّقٌ.
المتصل: السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياك الله أخي موفق، وفقك الله، تفضل.
المتصل: مساكم اللّه بالخير، لدي ثلاثة أسئلةٍ:
السؤال الأول: بالنسبة لمـحظورات الإحرام من الطِّيب، يعني: مثل الصابون والشامبو، وما يتعلق به، هل فيه استثناءٌ أم يتجنَّبه المـحرم؟
المقدم: الصابون والشامبو المعطر، يعني: الذي فيه عطرٌ؟
المتصل: نعم.
السؤال الثاني: بالنسبة لعباءة الكتف وحكمها في الشرع، ومثله وضع الدرع فوقها، هل هذا جائزٌ؟
السؤال الثالث: بالنسبة للشاب الأعزب، يُضحِّي لنفسه أم والده يضحي، لكن الوالد خارج البلد، يعني: هو ببلدٍ والوالد ببلدٍ؟
الشيخ: والشاب قادرٌ على أن يضحي بنفسه؟
المتصل: نعم، قادرٌ.
المقدم: سؤاله الأول شيخنا، يسأل عن الصابون والشامبو المعطَّر، هل يعتبر من محظورات الإحرام؟
الشيخ: الصابون والشامبو المعطر من محظورات الإحرام؛ وذلك أن المـحرم ممنوعٌ من الطيب بجميع أنواعه، سواءٌ كان ملموسًا، أو كان في شيءٍ ملبوسٍ، أو كان مأكولًا أو مشروبًا، أو كان في شيءٍ يستخدم؛ كالصابون والشامبو ونحوهما، فالمُـحرِم مـمنوعٌ من ملامسة العطر في جميع الأحوال.
وعلى ذلك: فهو مـمنوعٌ من الصابون ومن الشامبو المعطَّر.
ولكن هناك بعض أنواع الصوابين والشامبو ليست معطرةً، وإنـما فيها مـجرَّد نكهةٍ؛ لأجل تلطيف الرائحة ونحو ذلك، لكنها ليست عطرًا، مثل صابون (التايد) مثلًا، فهو فيه نكهةٌ فقط، يعني: معظم أنواعه فيها نكهةٌ، ولا يكتب عليه: مُعطَّرٌ، أما إذا كتب عليه: معطَّرٌ، قد يكون بعض أنواعه معطَّرًا؛ لذلك يكتب عليه: أنه معطَّرٌ، إذا كتب أنه معطَّرٌ، فلا يستخدمه المـحرم.
وكذلك أيضًا الصوابين السائلة؛ منها ما هو معطَّرٌ، ومنها ما ليس معطَّرًا، ويـمكن للإنسان أن يقرأ مكونات ذلك الصابون، فإذا كان مُعطَّرًا سيكون من ضمن المكونات: عطرٌ، وهكذا أيضًا بالنسبة للشامبو.
وعلى هذا فالضابط: أن ما كان مُعطَّرًا يُمنع منه المـحرم، وما لـم يكن معطرًا، وإنـما فيه مـجرَّد نكهةٍ ونحوها، فلا يـمنع منه المـحرم.
المقدم: أحسن اللّه إليكم، ذكرت المأكولات؛ يعني مثل: الزعفران والنعناع ونحوهما، هذا أيضًا مـمَّا يُـحظر على المـحرم؟
الشيخ: المأكولات التي هي طِيبٌ؛ مثل الزعفران، الزعفران عدَّه النبي طِيبًا، فقال: لا يـمسُّ من الثياب شيئًا مَسَّه زعفرانٌ ولا وَرْسٌ [1]، فالزعفران يعتبر طِيبًا بالنص، ولا اجتهاد مع النص.
أما بالنسبة للنعناع: فإنه لا يعتبر طِيبًا، إلا إذا وضع معه زعفرانٌ، فمثلًا: مشروب النعناع، بعض الناس يضع النعناع في ماءٍ حارٍّ ثم يُشرب، إذا لـم يوضع معه زعفرانٌ فلا بأس به للمحرم، أما إذا وضع معه زعفرانٌ فإن المـحرم مـمنوعٌ منه.
المقدم: بارك اللّه فيكم.
نأخذ الاتصال ثم نعود -إن شاء الله- إلى أسئلة الأخ موفقٍ، أم هاني.
المتصلة: نعم.
المقدم: تفضلي يا أختي.
المتصلة: أنا سأحج تَـمتُّعًا، هل يلزمني أن أحرم أول شيءٍ للعمرة، وأؤدي العمرة؛ كطوافٍ وسعيٍ وتقصيرٍ، وأرجع في نفس الوقت أحرم للحج، وأعيد الطواف والسعي والتقصير وأذهب لمِنًى، أو طوافٌ وسعيٌ واحدٌ يكفي؟
المقدم: طيب، عندك سؤالٌ ثانٍ؟
المتصلة: لا، شكرًا.
المقدم: حسنًا، تسمعين الجواب على الراديو إن شاء الله.
المتصلة: طيب، شكرًا.
المقدم: شكرًا لك يا أم هاني.
المقدم: موفَّقٌ -شيخنا الله يحفظك- يسأل كذلك عن عباءة الكتف وحكمها، وقال: وضع الدرع فوقها؟
الشيخ: المطلوب من المرأة أن تلبس عباءةً تستر مفاتنها؛ إذ إن هذا هو الغرض من لبس العباءة، ولبس العباءة فوق ثياب المرأة واجبٌ، واللّه تعالى قد أمر به في قوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59].
والجلباب هو العباءة، وتسمى: المُلاءة، وهي شيءٌ زائدٌ على ملابس المرأة، أو على ثياب المرأة، تلبسه فوقها.
والعبرة بالستر؛ فإذا كانت ساترةً لمفاتن المرأة فهذا يكفي، أما إذا لـم تكن تستر مفاتن المرأة؛ وإنـما تبدو معها مفاتنها، فإنـها تكون غير كافيةٍ في الستر.
وعلى ذلك: ما سأل عنه الأخ الكريم يُرجع فيه لهذا الضابط، والناس تُفرِّق بين كون هذه المرأة لبسها مُـحتشمٌ، ولبسها ساترٌ لمفاتنها، وبين كون هذا اللبس ليس محتشمًا وليس ساترًا.
فإذنْ: المرجع في ذلك لهذا الضابط، وإلا فأنواع العباءات كثيرةٌ وتختلف، لكن عند رد الناس إلى هذا الضابط، يـمكن أن يعرفوا الإجابة بالرجوع لهذا الضابط وهو واضحٌ، وفي عرف الناس هو ظاهرٌ، فمن يرى هذه المرأة يقول: إنـها محتشمةٌ، وإنـها ساترةٌ لـما يجب ستره، وربما امرأةٌ أخرى يقال: إن هذه العباءة غير ساترةٍ، وإنـها مبديةٌ لمفاتن المرأة، فهي مأمورةٌ بأن تلبس اللباس الساتر المـحتشم.
المقدم: شيخنا، الآن لو مثلًا امرأةٌ سألت عن حكم لبس عباءة الكتف، وأُفتِيَت مثلًا بأنه يجوز، ثم لبست وهي ترى من هذه العباءة أنـها -مثلما ذكرتم- تبرز شيئًا من مفاتنها، هل يعفيها سؤالها هنا من سؤال اللّه ؟
الشيخ: لا يعفيها ذلك، المرأة مسؤولةٌ عن نفسها، فإذا كانت ترى في قرارة نفسها أن هذه العباءة غير ساترةٍ، وأنها غير محتشمةٍ، فعليها أن تجتنبها، وهي أدرى بنفسها، وربما أن المفتي يفتي بشيءٍ غير ما يُسأل عنه، أحيانًا تكون الفتوى بقدر السؤال، وربما أيضًا أن المفتي ينصرف ذهنه للباسٍ آخر، ونحو ذلك؛ ولذلك فالمرأة نفسها هي المسؤولة عن لباسها، هي المسؤولة أمام اللّه .
المقدم: أحسن الله إليكم.
نأخذ اتصالًا من أخينا محمدٍ من تبوك.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياك الله يا محمد.
المتصل: حكم لبس الإحرام المسمى بـ(التنورة) في الحج؟
المقدم: طيب تسمع إن شاء الله الجواب.
شيخنا، أيضًا ما زلنا في أسئلة أخينا موفَّقٍ، يسأل عن الشاب الأعزب الذي يسكن في مكانٍ أو بلدٍ غير بلد والده، هل يُضحِّي هو لنفسه، أم تكفيه أضحية والده؟
الشيخ: الأفضل أن يُضحِّي عن نفسه ما دام قادرًا؛ فإن الأضحية شعيرةٌ، وسنةٌ مؤكدةٌ، وهي من أفضل العبادات، بل قال الإمام ابن تيمية رحمه اللّه: “إن أفضل العبادات البدنية: الصلاة، وأفضل العبادات المالية: النحر، وقد جمع اللّه تعالى بينهما فقال: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2].
وعلى ذلك: فإذا كان الإنسان قادرًا على أن يضحي عن نفسه، فالأولى أن يضحي عن نفسه، وألا يكتفي بأضحية والده عنه، لكن مع ذلك، الأمر في هذه المسألة واسعٌ؛ فإن الأضحية سنةٌ مؤكَّدةٌ وليست واجبةً، فلو أنه اكتفى بأضحية والده لم يكن عليه بأسٌ.
المقدم: ما دمنا في الأضحية يا شيخ، هذا أيضًا سؤالٌ من أحد الإخوة، يقول: سمعتُ أنه من السنة أن يشتري الإنسان أضحيته قبل العيد بمدةٍ، ويغذيها ويطعمها هو بنفسه حتى تسمن، ثم بعد ذلك يذبحها، هل هذا صحيحٌ؟
الشيخ: رُوي عن السلف الصالح أنهم كانوا يفعلون ذلك، وروي عن الصحابة أنهم كانوا يستسمنون الأضاحي في المدينة، أي: أنهم يشترونـها ويقومون بعلفها واستسمانها؛ وذلك استعدادًا لذبحها وقت عيد الأضحى، يوم الأضحى، أو في أيام التشريق، فهذا مأثورٌ عن السلف الصالح، وبكل حالٍ الأمر فيه واسعٌ؛ فإن كان عند الإنسان مثلًا مزرعةٌ، وأراد أن يتهيأ من الآن ويشتري الأضاحي، ويقوم باستسمانها، فهذا أمرٌ حسنٌ، وهو مأثورٌ عن السلف، وإن لـم يتيسر له ذلك، بأن لـم يكن مثلًا عنده مزرعةٌ، ولـم يكن عنده مكانٌ يضع فيه هذه المواشي، ولـم يشترها إلا قُبَيل عيد الأضحى؛ فالأمر في هذا واسعٌ، ولا حرج عليه.
المقدم: أحسن اللّه إليكم.
شيخنا، أحيانًا بعضهم يذهب إلى مثلًا صاحب الأغنام، يقول: حسنًا، ويُعيِّـن مثلًا إحدى الشياه ويشتريها، ولا يدفع هو الثمن، يقول: سأدفعه لك -إن شاء اللّه- بعد ذلك في العيد، وأيضًا لا يتسلم الأضحية، هل هذا البيع جائزٌ؟
الشيخ: البيع يتم بالإيجاب والقبول، فإذا قال: اشتريت منك هذه الشاة، وسوف أتسلمها منك مثلًا يوم العيد أو نحو ذلك، فقد تم البيع، وعلى ذلك: يبقى ثـمن الأضحية دينًا في ذمَّته، وهو سيتسلمها منه في أيام العيد، فالبيع تامٌّ وصحيحٌ.
المقدم: أنا أقصد يا شيخ: أمَا يَدخل في مسألة “كالئٍ بكالئٍ”؟
الشيخ: هذا لا يدخل في مسألة “كالئٍ بكالئٍ”؛ لأنه في حقيقة الأمر، هو اشتراها الآن، لـم يشترها كي تُدفَع له مؤجَّلًا، إنـما اشتراها الآن بثمنٍ مؤجلٍ، لكنه تأخر في تسلمها إلى يوم العيد.
المقدم: بارك اللّه فيكم، معنا مصلحٌ من جدة، تفضل يا مصلح.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: أسعد الله مساءكم، طيبون؟
المقدم: الله يمسيك بالنور والسرور.
المتصل: أنا -طال عمرك- السنة هذه سأحج -إن شاء اللّه- أنا ووالدتي وزوجتي، ذاهبين من الرياض إلى جدة، الآن أنا موجودٌ بجدة، ومقيمٌ فيها في بيتنا الثاني في جدة مع والدتي، وأريد إلى أن يأتي وقت الحج وأحج، هل أخرج من جدة وأحرم، أو أخرج للميقات وأحرم من الميقات؟
الشيخ: يعني: بيت الوالدة هناك؟
المتصل: نعم، هو بيتي أصلًا، في الأساس بيتي وبيت الوالدة، يعني: أنا جالسٌ معها الآن.
الشيخ: نعم، وعندك بيتٌ في الرياض؟
المتصل: وعندي بيتي في الرياض إيجارٌ، وهذا بيتٌ مِلكٌ -الذي عندي هنا في جدة- وأنا أعمل في الرياض الآن وليس في جدة.
الشيخ: نعم، يعني وتسأل: هل تحرم من الميقات، أو من بيتك في جدة؟
المتصل: إي نعم.
السؤال الثاني: أنا طبعًا أريد أن أكون مفرِدًا، هل أعتمر قبل، أو بعد؟
المقدم: لكن المفرد ليس له عمرةٌ يا مصلح.
المتصل: لا قبل ولا بعد يعني؟
المقدم: طيب، سيجيبك الشيخ إن شاء اللّه.
المقدم: شيخنا، نعود لسؤال أم هاني، تقول: إنـها تحج متمتعةً، وتقول: هل يلزمها أن تحرم للعمرة، يعني: هي تسأل عن طريقة التمتُّع؟
الشيخ: نعم، طريقة التمتُّع: أن تحرم بالعمرة، وأن تطوف وتسعى وتقصِّر، ثم تبقى إلى اليوم الثامن من ذي الحجة، فتحرم بالحج ضحى اليوم الثامن، قُبَيل أذان الظهر، تحرم بالحج وهي في مكانـها في مكة أو في مِنًى.
وأما سؤالها: هل تُحرِم مرةً ثانيةً، هل تأتي مرةً ثانيةً بعمرةٍ أخرى؟
نقول: لا، لا تأتي بعمرةٍ أخرى، إنـما تكفيكِ العمرة الأولى، تطوفين وتَسعَين وتقصِّرين، ثم مباشرةً تُحرِمين بالحج في ضحى اليوم الثامن، ولا حاجة لأن تأتي بعمرةٍ أخرى.
المقدم: أحسن اللّه إليكم، معنا سؤال أخينا محمدٍ من تبوك، يسأل: عن حكم لبس الإحرام الذي فيه (مَغَّاطٌ) من أعلاه يا شيخ، يسمونها (تَنُّورة)؟
الشيخ: هذا لباس الإحرام المخيط، والذي يشبه ما يسمى بـ(التنورة) للنساء، أجازه بعض أهل العلم، ولكن أكثر أهل العلم المعاصرين على منعه، وأنه من المخيط، وهذا هو القول الراجح، وهو مقتضى قول أكثر أهل العلم السابقين، فقد كان عندهم ما يسمى بـ(النُّقْبَة)، وهو شبيهٌ بـهذا الإحرام، شبيهٌ به إلى درجةٍ كبيرةٍ، والفقهاء السابقون يـمنعون المـحرم من أن يلبس النُّقْبَة، فهذا الإحرام المخيط، الذي يَظهر: أنه في حكم المخيط، ولا يجوز للمحرم لبسه، وهو مفصَّلٌ على قدر العضو، وأنه يَصدُق عليه ضابط المخيط، وهو أشبه بالسراويل بلا أكمامٍ، وعلى ذلك: فالمـحرم مـمنوعٌ منه.
المقدم: شيخ سعد، بعضهم يتأذَّى أحيانًا من كثرة المشي، يكون عنده مشكلةٌ، احتكاكٌ، فيلف على فخذيه مثلًا شاشًا، على كلا الفخذين، هل يجوز مثل هذا؟
الشيخ: مـجرَّد شاشٍ لا حرج، ويـمكن أيضًا أن يدهن فخذيه، وهذا بالتجربة له أثره في إزالة الاحتكاك، يفعل هذا قبل أن يحرم، يدهن باطن فخذيه، وهذا يزول معه الاحتكاك، لكن لو وضع قطعة شاشٍ؛ فلا بأس إن شاء اللّه.
المقدم: أحسن اللّه إليكم، معنا يوسف من جازان، تفضل يا يوسف.
المتصل: السلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياك الله أخي يوسف.
المتصل: أنا قبل شهرين أو قبل ثلاثة أشهرٍ ذهبت إلى مكة لعمرةٍ، لكن تجاوزت الميقات نسيانًا، جهلًا، لا أعرف، جاوزت الميقات حتى دخلت حدود الحرم، أنا لا أعرف، بدل أن نرجع لنحرم من الميقات، ما رجعت إلى الميقات، فقط أحرمت من مسجد عائشة، ودخلت في العمرة، وبعد ذلك ذهبت، لكن الأهل معي، وأنا ما عندي استطاعةٌ أن أدفع الهَدْي أو الدم أو كذا، فقط صُمت، الحمد للّه، والزوجة الحمد للّه صامت، لكن حكم الأطفال الصغار؟
الشيخ: صمت كم يومًا؟
المتصل: عشرة أيامٍ.
الشيخ: طيب، أنت أحرمت بعد مجاوزة الميقات؟
المتصل: نعم، بعد مجاوزة الميقات.
والأطفال كيف؟ ما حكمهم؟ أنا صمت، لكن الأطفال كيف حكمهم؟
الأمر الثاني: عندنا بعض الإخوة، أنا مقيمٌ، لكن يأتون كل سنة للعمرة والحج، وإخوانهم محتاجون، وتجد عمته محتاجةً، وخالته محتاجةً، ما توجيهكم لهؤلاء الإخوة، جزاكم اللّه خيرًا؟
المقدم: شكرًا يوسف، اللّه يعطيك العافية.
نعود -يا شيخ اللّه يحفظك- إلى سؤال أخينا مصلحٍ، يقول: إنه عنده بيتٌ في الرياض، وعنده بيتٌ في جدة أيضًا، يـملك بيتًا في جدة، وهو أتى للرياض للعمل، والآن هو باقٍ في جدة، يقول: وأريد أن أحج -إن شاء اللّه- مُفرِدًا، من أين أحرم؟
الشيخ: نقول: أنت مخيرٌ؛ إن شئت أحرمت من الميقات، وإن شئت أحرمت من بيتك الذي في جدة، فأنت بالخيار، وكونك تحرم من الميقات أفضل، لكن لو أردت أن تؤخر الإحرام إلى بيتك في جدة فلا بأس.
المقدم: أحسن اللّه إليكم، السؤال الثاني يقول: سأحج مفردًا، متى أؤدي العمرة، قبل أو بعد؟
الشيخ: هو مُفرِدٌ بالحج، وليس عليه عمرةٌ، فهو يحرم بالحج من الميقات، يقول: لبيك حجًّا، ويطوف طواف القدوم، وإن شاء قدَّم سعي الحج، وإن شاء أخَّره إلى ما بعد طواف الإفاضة، وليس عليه عمرةٌ، ويأتي بأعمال النسك، لكن إن أراد أن يأتي بعمرةٍ بعد الحج، بعدما يفرغ من الحج، فلا بأس.
والأفضل من هذا كله أن يكون متمتعًا؛ وذلك بأن يأتي بعمرةٍ ويتحلل منها، ثم يحرم بالحج، هذا هو الأفضل، وهو الأكمل، لكن يكون عليه هديٌ إذا كان متمتعًا.
وينبغي أن يستحضر الإنسان أن ما يبذله من مالٍ في ذبح الهدي أن أجره عظيمٌ عند اللّه ، وأن النفقة مخلوفةٌ.
المقدم: بارك اللّه فيكم شيخنا، معنا زينة.
المتصلة: السلام عليكم ورحمة اللّه.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصلة: لو سـمحت، عندي سؤالان لو أمكن.
السؤال الأول: بالنسبة لصيام عرفة، يعني: مذكورٌ في الحديث أنه يكفِّر السنة الماضية والسنة الآتية، هل التكفير هنا المذكور في الحديث يشمل الصغائر والكبائر؟
المقدم: طيب والسؤال الثاني؟
المتصلة: والسؤال الثاني: ما هي أعمال النحر؟ وهل يجوز تقديم بعضها على بعضٍ، وجزاكم اللّه خيرًا؟
المقدم: هذا للحاج طبعًا، أو..؟
المتصلة: نعم، أعمال يوم النحر.
المقدم: يوم النحر للحاج؟
المتصلة: إي نعم.
المقدم: تسمعين الجواب إن شاء الله، شكرًا لكِ يا زينة.
شيخ اللّه يحفظك، في (تويتر) هذا الأخ سـمَّى نفسه (الراحة)، يقول: وجدت في ماكينة صرافة مئتي ريالٍ، والماكينة متعطلةٌ، يقول: أخذت المبلغ لحفظه، يقول: إن رجعته للبنك ربما لا يصل لصاحبه، هل أتصدق بـهذه المئتين، أو ماذا أفعل؟
الشيخ: هذه تعتبر لُقَطَةً، الواجب عليك أن تُعرِّفها في المكان الذي وجدتـها فيه لسنةٍ كاملةٍ، فإن أتى صاحبها وإلا فهي لك، والتعريف في وقتنا الحاضر أصبح سهلًا، فبإمكانك أن تضع لافتةً في المكان الذي وجدت فيه هذا المبلغ، وتقول: عُثر على مبلغٍ نقديٍ في هذا المكان -ولا تذكر كم- فمن كان له فليتصل على هذا الرقم، وتضع رقم جوَّالك، فإذا مضت سنةٌ كاملةٌ ولم يتصل عليك أحدٌ فهو لك، لكن الآن مضت مدةٌ طويلةٌ على هذا، ما دام أنه قد مضت عليه مدةٌ، فلا ينفع التعريف حينئذٍ.
وبناءً على ذلك: عليك أولًا التوبة عن ترك واجب التعريف، كان الواجب عليك أن تُعرِّف هذه اللقطة، أو ألا تأخذها، فعليك التوبة أولًا.
وعليك ثانيًا: أن تتصدق بـهذا المبلغ عن صاحبه.
المقدم: أحسن اللّه إليكم، معنا الأخ يوسف من الدمَّام.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: الله يطول عمرك يا شيخ، أنا عندي سؤالٌ اللّه يحفظك: أنا أنوي الحج -إن شاء اللّه- هذه السنة، وأنا أعمل في الدمَّام، وأمي تسكن في الجنوب، ونريد أن نلتقي -إن شاء اللّه- في الطائف عند أحد أقاربنا، فمن أي مكانٍ يتم الإحرام؟
المقدم: عندك سؤالٌ ثانٍ؟
المتصل: لا، الله يطول عمرك.
المقدم: تسمع الجواب -إن شاء اللّه- في الراديو.
شيخ الله يحفظك، نعود لأسئلة أخينا يوسف، يقول هو: اعتمرت قبل شهرين، ويقول: تجاوزت الميقات جهلًا مني، ويقول: ما رجعت، أحرمت من مسجد عائشة في التنعيم، يقول: ما الذي يجب عليَّ الآن؟
الشيخ: نعم، هو أُفتِـي بأن عليه دمًا، وعلى زوجته أيضًا دمٌ؛ بسبب أنه تجاوز الميقات بدون إحرامٍ، ولـم يستطع أن يقوم بالدم فصام عشرة أيامٍ، وهذا يكفي، وأما بالنسبة للأطفال الذين معه، فليس عليهم شيءٌ على القول الراجح؛ وذلك لكونـهم مرفوعًا عنهم القلم، فهم غير مؤاخذين أصلًا.
وعلى ذلك: فليس عليكم شيءٌ، الحمد للّه، أتيتم بالصيام، وبالنسبة للأطفال الأظهر: هو ما ذهب إليه الحنفية وجماعةٌ من أهل العلم؛ من أنه ليس عليهم شيءٌ في هذه الحال إن شاء اللّه.
المقدم: شيخنا، بالنسبة لصومهم: هنا الحكم هذا عامٌّ، يعني مثلًا: من لـم يستطع دفع الفدية، دفع شاةٍ، يصوم عشرة أيامٍ؟
الشيخ: إي نعم، من لـم يستطع فإنه يصوم عشرة أيامٍ.
المقدم: يقول أيضًا أخونا يوسف: إن بعضهم يعتمر ويحج كل فترةٍ، ويترك بعض أقاربه، ربما يعني: من الفقراء والمساكين، لا يعطيهم، توجيهكم في هذا؟
الشيخ: الحج والعمرة عملٌ صالحٌ ينبغي ألا يُنكَر عليه فعل العمل الصالح، لكن يُوجَّه للإحسان إلى أقاربه، وإلى صلة رحمه، فلا يُربط هذا بـهذا، بعض الناس يربط الإنكار في التقصير في أمرٍ معيَّـنٍ بعملٍ صالحٍ آخر يقوم به الإنسان.
فأقول: إذا كان الإنسان يقوم بعملٍ صالحٍ، فهو على خيرٍ، ومأجورٌ على ذلك، وأما تقصيره في الأمور الأخرى، فيُنكَر عليه مـجرَّد التقصير، ويُوجَّه لأن يقوم بصلة رحمه.
المقدم: أحسن اللّه إليكم، زينة تسأل عن تكفير صيام يوم عرفة: هل هو للصغائر والكبائر؟
الشيخ: تكفير صيام يوم عرفة للصغائر، وهكذا صيام رمضان وهو أبلغ من صيام عرفة؛ لقول النبي : الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مُكفِّراتٌ لـما بينهن إذا اجتُنِبت الكبائر [2]، رواه مسلمٌ، فاشترط النبي لتكفير صيام رمضان اجتناب الكبائر، فإذا كان هذا في صيام شهر رمضان، ففي صيام يوم عرفة من باب أولى، فإذنْ: صيام يوم عرفة إنـما يكفر الصغائر دون الكبائر.
الكبائر لا بد فيها من توبةٍ، من وقع في كبيرةٍ من كبائر الذنوب لا بد من أن يتوب إلى اللّه ، التوبة الصادقة المستجمعة لشروطها، فإذا تاب منها فمن تاب تاب الله عليه.
المقدم: أحسن اللّه إليكم.
معنا اتصالٌ، أبو سلطان، تفضل يا أبا سلطان.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلةٍ لو سمحت:
الأول طال عمرك: الحمد للّه تـهيأ لي هذه السنة التسجيل في حَمْلةٍ، مقر الحملة عمائر في العزيزية، يعني: خارج مِنًى، فسؤالي -طال عمرك- المبيت أيام التشريق، المبيت في مِنًى: هل يلزمني الذهاب إلى مِنًى أكثر الليل، أو أكتفي بالجلوس في مقر الحملة في العزيزية؟
السؤال الثاني: أنا أريد أسـمع الجواب مباشرةً من الشيخ.
المقدم: ما عندك راديو؟
المتصل: لا؛ لأني في المستوصف وجاءني السؤال الآن، فأريد أن أسـمع.
المقدم: طيب اللّه يعافيك، تفضل شيخ سعد اللّه يحفظك.
الشيخ: الواجب على من لـم يجد مكانًا في مِنًى أن يبيت في أقرب مكانٍ إلى مِنًى، حتى يكون قد اتقى اللّه ما استطاع؛ ولذلك نقول للأخ السائل الكريم: المبيت في أقرب مكانٍ إلى مِنًى، والواجب هو أن تـمكث في مِنًى أكثر من نصف الليل.
المتصل: جزاك اللّه خيرًا، طيب السؤال الثاني: أنا أسكن في (بحرا)، يعني: في الحل، على حدود مكة، فهل يجوز لي أن أذهب يوم العيد، أذهب إلى الأهل مثلًا..، إلى الوالدين أيام التشريق، يعني: أذهب الصباح، وفي المساء أعود للحملة؟
المقدم: هم في مكة، هم أهلك؟
المتصل: لا، أهلي في الحِل في (بحرا)، حدود مكة.
الشيخ: لا بأس أن تذهب إليهم يوم العيد نـهارًا، وكذلك في اليوم الحادي عشر نـهارًا، لكن إذا فرغت من أعمال النسك، فليس لك أن تنفر حتى تطوف طواف الوداع، قبل ذلك في يوم العيد واليوم الحادي عشر لا بأس أن تذهب نـهارًا، وأما في الليل فإنك ترجع إلى مِنًى.
المتصل: هل يلزمنا نحن أهل (بحرا) طواف وداعٍ؟
الشيخ: نعم، يلزمكم طواف وداعٍ؛ لأنه يصدق عليكم النَّفْرة، والنبي يقول: لا يَنفِرنَّ أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت [3]، والذين ليس عليهم طواف وداعٍ هم أهل مكة فقط.
المقدم: السؤال الثالث يا أبا سلطان..، طيب، شكرًا لك يا أبا سلطان، اللّه يعطيك العافية.
نعود لسؤال الأخت زينة، تسأل عن أعمال يوم النحر للحاج يا شيخ سعد حفظك اللّه؟
الشيخ: أعمال يوم النحر، أولها: رمي جمرة العقبة، وهي تحية مِنًى بالنسبة للحُجَّاج، يليها: الذبح أو النحر، ثم بعد ذلك: الحلق أو التقصير، ثم الطواف، ثم السعي، هكذا تُرتَّب، لكن إن لـم يلتزم بالترتيب فقدَّم وأخَّر فلا بأس؛ لأن النبي ما سُئل عن شيءٍ قُدِّم ولا أُخِّر يوم العيد، إلا قال: افعل ولا حرج [4].
المقدم: أحسن اللّه إليكم، الأخ يوسف يقول: أنا في الدمَّام، وأريد أن أذهب للطائف، يقول: ووالدتي في الجنوب، سنلتقي أنا وهي في الطائف، من أين نحرم؟
الشيخ: تُحرِمون من الطائف، أنت في الدمَّام ميقاتك ميقات السَّيْل، ووالدتك حتى لو أتت من الجنوب لا بأس أن تحرم من الطائف؛ لأن النبي يقول: هنَّ لهنَّ، ولمن أتى عليهن من غير أهلهن مـمن أراد الحج أو العمرة [5]، والميقات هو ميقات السيل الكبير -يعني: الذي في الطائف هو ميقات السيل الكبير- وفي أعلاه وادي مَـحْرَمٍ، فهو ميقاتٌ واحدٌ، هو وادٍ متسعٌ، أعلاه وادي مَـحرمٍ، وأسفله السيل الكبير، فتحرمون إما من السيل، أو من وادي مـحرمٍ.
المقدم: نعم، أحسن اللّه إليكم.
معنا المتصل الأخير في هذه الحلقة، الأخ تركي.
المتصل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: سؤالي اللّه يحفظك: أنا متجهٌ من الرياض لجدة -إن شاء اللّـه- لعملٍ، والرغبة والنية موجودةٌ للحج إن شاء اللّه، ولكن بحسب ظروف العمل؛ فإن يسر اللّه سأحج، فمن أين أحرم؟ أحرم من جدة، أو أرجع إلى ميقاتي؟ هذا السؤال الأول.
المقدم: أنت أين؟ في الرياض؟
المتصل: نعم في الرياض.
المقدم: السؤال الثاني؟
الشيخ: لكن أنت أيام الحج ستكون هناك في مِنًى، كذا؟
المتصل: إن شاء اللّه، أنا يعني قبلها بيومين أو ثلاثة يتأكد موضوع حجي أو لا.
الشيخ: نعم، طيب.
المتصل: السؤال الثاني: تعمد دخول مكة بلبس ثوبٍ مثلًا أو كذا، وفي خاطره يذبح فديةً، هل هذا جائزٌ أو لا؟
المقدم: شيخنا، سؤاله الأول يقول: إنه سيذهب إلى جدة، وإذا تيسر له حجٌّ فمن أين يُحرِم؟
الشيخ: يحرم من جدة، إذا عزم النيَّة وهو في جدة أحرم من مكانه؛ وذلك لأنه لـمَّا مر بالميقات لـم يكن جازمًا بالنية؛ وإنـما هو مترددٌ، ويقول: بحسب ظروف العمل، فإذا جزم بالنيَّة وهو في جدة أحرم من جدة، ولو قُدِّر أنه لـم يجزم بالنية في جدة، وذهب لأداء مهام عمله، ولـم يجزم بالنية إلا في مِنًى، أحرم من مِنًى، فيحرم من المكان الذي جزم فيه بنيته.
المقدم: أحسن اللّه إليكم، أيضًا يسأل عمن تعمَّد دخول مكة وهو يلبس ثيابه، وهو محرمٌ، لكن لبس ثيابه من أجل أن يتحايل على الأنظمة؟
الشيخ: المطلوب من الجميع التقيُّد بالأنظمة التي وضعتها الدولة لمصلحة الحجيج؛ فإن هذه الأنظمة والتصريح وضع للمصلحة العامة، وعدد المسلمين يزيد على مليارٍ ونصفٍ، ولو أنه سُـمِح لـ(1%) من هذا العدد للحج، لكان مجموع الحجاج خمسة عشر مليونًا، وهؤلاء لا تتسع لهم المشاعر، بل لو سُـمِح لنصف (1%) لكان العدد سبعة ملايين ونصفًا، وهؤلاء لا تتسع لهم المشاعر أيضًا.
ولذلك: فهذه الإجراءات التي وضعتها الدولة إنـما هي لمصلحة الحجيج، فينبغي التقيد بـهذه التعليمات، وعدم التحايل عليها.
المقدم: أحسن اللّه إليكم، في (تويتر) أحد الإخوة يقول: أنا من سكان جدة، وأريد الذهاب للحج هذا العام، ولكن سأذهب بأولادي لجيزان وأرجع لجدة قبل يوم السابع، من أين أحرم؟ من جدة، أو من ميقات جيزان؟
الشيخ: هذا مر قريبًا مثل حالة الأخ في أول الحلقة، وقلنا: إن من له منزلٌ في جدة، ومنزلٌ في بلدٍ آخر؛ كالرياض أو جيزان مثلًا، السؤال السابق الرياض، وفي هذا السؤال جيزان، هو بالخيار؛ إن شاء أحرم من الميقات، وإن شاء أحرم من بيته في جدة، والأفضل أن يحرم من الميقات.
المقدم: السؤال الأخير أيضًا عبر (تويتر): أحد الإخوة يقول: الوالدة تريد الحج وهي مريضةٌ، يقول: عندها مرضٌ في قلبها، ويقول: سبق أن حجت، لكنها تقول: كنت حاجةً في الشباب، وكنت جاهلةً، السائل يقول: هل ترى -يا شيخ- أن نـمنعها من الحج أو نحج بـها؟
الشيخ: يُسأل الطبيب المختص؛ إذا لـم يكن عليها خطرٌ في حجها، فيحج بـها؛ لأنـها تريد أن تعمل عملًا صالحًا، والحج عملٌ صالحٌ عظيمٌ، يرجع الإنسان بعده كيوم ولدته أمه إذا اتقى اللّه تعالى في حجه، فإذا لـم يكن في ذلك خطورةٌ على صحتها، فالذي أرى أنكم تحجون بـها وتحققون رغبتها.
أما إذا قال الطبيب المختص: إن حجها فيه خطورةٌ عليها، وأنها لو حجت لربما حصل لها مكروهٌ، فهنا تُنصح وتُقنع بألا تحج؛ لأن في حجها في هذه الحال نوعًا من إلقاء النفس في التهلكة، والمرجع في تقدير الخطر من عدمه إلى الطبيب المختص.
المقدم: بهذه الإجابة -أيها الإخوة- نصل إلى ختام هذه الحلقة التي قد تَفَضَّل فيها بالإجابة عن أسئلتكم فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية.
جزاكم اللّه خيرًا شيخ سعد، ونفع اللّه بكم.
الشيخ: بارك اللّه فيكم، وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: أيضًا نشكركم -مستمعينا الكرام- على حسن متابعتكم وتواصلكم معنا في هذه الحلقة، نسأل اللّه جل وعلا أن يتقبَّل منا ومنكم صالح القول والعمل، وأن يوفقنا وإياكم للعلم النافع، والعمل الصالح الذي يرضيه عنَّا.
نلتقيكم غدًا إن شاء اللّه تعالى، حتى ذلك الحين نستودعكم اللّه.
والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.