المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على النبي الأمين وآله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ومرحبًا بكم أحبتنا الكرام في يومٍ جديدٍ وحلقةٍ مُتجددةٍ من برنامج “فتاوى رمضان”، حيث نستضيف فضيلة الشيخ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء.
السلام عليكم شيخ سعد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المقدم: أسأل الله أن ينفع بكم وبعلمكم.
أولى الأسئلة التي وصلتنا في هذه الحلقة من الأخت أم عبدالملك من الرياض، تقول: هل يجوز دفع الزكاة أو جزءٍ منها لكفالة يتيمٍ، سواءٌ في داخل البلاد أو في خارجها؛ لأن هناك بعض الجمعيات الخيرية العالمية التي تُتابع بعض الأيتام خارج المملكة ممن يحتاجون إلى الرعاية، وتُرسل دائمًا تقريرًا لكافل اليتيم؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ، وعلى آله وصحبه، ومَن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فكفالة اليتيم من الأعمال العظيمة، والنبي يقول: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بأصبعيه: السبابة والوسطى [1]، ولكن بالنسبة للزكاة لا بد من كون اليتيم مُستحقًّا للزكاة؛ لأنه ليس كل يتيمٍ يكون مُستحقًّا للزكاة، فبعض اليتامى يرثون من آبائهم ثرواتٍ كبيرةً، لكنهم يحتاجون فقط مجرد كفالةٍ ورعايةٍ، ولكن عندهم أموالٌ من آبائهم تكفيهم، فهؤلاء لا يستحقون الزكاة.
إذن ليس كل يتيمٍ فقيرًا، وما طُبِعَ عند كثيرٍ من الناس: أن اليتيم فقيرٌ، هذا غير صحيحٍ، فقد يكون اليتيم غنيًّا؛ ولذلك لا يجوز دفع الزكاة لكفالة الأيتام إلا إذا تحققنا من أن هؤلاء الأيتام كلهم من الفقراء أو المساكين، أما إذا لم يتحققوا من هذا فلا تُدفع الزكاة إليهم، ولكن بعض الجمعيات الخيرية عندهم حسابٌ خاصٌّ بالزكاة، بحيث إن مَن يدفع الزكاة للأيتام لا تُصرف إلا لأيتامٍ مُستحقين، لأيتامٍ فقراء أو مساكين، وهنا لا بأس بأن تُدفع لهم الزكاة على أنها كفالة أيتامٍ.
أما إذا لم يكن عند الجمعية فرزٌ ولا تحققٌ من أن هؤلاء الأيتام كلهم مُستحقون للزكاة؛ فلا تُدفع الزكاة إليهم، نعم.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم.
نستقبل أولى اتصالات هذه الحلقة من جدة: الأخ عبدالرحمن، تفضل.
السائل: السلام عليكم يا شيخ.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل بسؤالك يا عبدالرحمن.
السائل: وأنا صائمٌ هل يجوز أخذ أجرٍ لو صمتُ؟
المقدم: كم عمرك؟ ما شاء الله! كم عمرك؟ الله يُصلحك.
السائل: تسع سنوات.
المقدم: تأخذ الأجر هذا ممن؟ يعني: من الوالد والوالدة، يعني: تشجيعًا؟
السائل: لا، أخذ الأجر من الله.
المقدم: نعم، طيب.
الشيخ: نعم، أنت مأجورٌ -إن شاء الله-، أنت على خيرٍ، وعلى أجرٍ عظيمٍ، استمر في الصيام، أكمل شهر رمضان.
السائل: إن شاء الله.
المقدم: الله يُقويك، ويُصلحك ويُصلح الجميع.
السائل: مع السلامة.
المقدم: مع السلامة، شكرًا لك، وأصلح الله الأخ عبدالرحمن وذُرياتنا وذُريات المسلمين.
أم عبدالله من الرياض، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائلة: أولًا: شهرٌ مباركٌ على البلاد وعلى العباد.
المقدم: الله يُبارك فيكِ.
السائلة: نبارك للوالد سلمان بن عبدالعزيز، ومحمد بن نايف، ومحمد بن سلمان، ومتعب بن عبدالله، ونُبارك للشعب والمواطنين كلهم، والأمة الإسلامية في كل مكانٍ، ويجعل ….. للبلاد وللعباد بالطاعة والصلاح والفلاح …..، واجعلوا ما عملتم تجدونه عند الجليل الكريم …..
المقدم: اللهم آمين، تقبل الله دعواتكم يا أم عبدالله.
السائلة: يا شيخ، أحسن الله إليكم، وأحسن الله عملكم جميعكم.
المقدم: اللهم آمين.
السائلة: الآن أقول -يعني-: كافل اليتيم، أنا أسمع كلام الرسول يقول: أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى [2]، لكن الذي ما كفله، فقط أنه يُساعده، يعني: ما أجره؟
المقدم: طيب، سؤالٌ آخر يا أم عبدالله.
السائلة: سلامتك، فقط هذا.
المقدم: تسمعين الإجابة.
شكرًا جزيلًا لكِ يا أم عبدالله، وتقبل الله دعواتك.
تسأل تقول: مَن يُساعد اليتيم، هو لا يكفله دائمًا، حتى يا شيخنا الكفالة لو كانت جزئيةً -مثلًا-، أو لمدةٍ معينةٍ: سنة أو سنتين، هل -إن شاء الله- يدخل في أجر الكفالة؟ ما تكون دائمًا.
الشيخ: أولًا: كفالة اليتيم المراد بها: أنه يأتي بهذا اليتيم ويضمه إلى بيته ويرعاه، يكون مع أسرته ويرعاه ويُنفق عليه، هذا هو المقصود بالكفالة.
أما مجرد دفع مالٍ له فهذه تُعتبر صدقةً على يتيمٍ، ففرقٌ بين كفالة اليتيم والصدقة على اليتيم، إلا إذا كانت -مثلًا- الجمعية الخيرية تضع لها دورًا لإيواء هؤلاء اليتامى، فهذا يدخل في كفالة اليتيم، أما مجرد مساعدة تُقدم لليتيم -يعني: مبلغًا ماليًّا يُقدم لليتيم- فهذه تُعتبر صدقةً على اليتيم، وليست كفالة اليتيم، وفيها أجرٌ أيضًا، يعني: هذه الكفالة والصدقة فيها أجرٌ، فهذه فيها أجرٌ، وهذه فيها أجرٌ، لكن الكفالة الواردة في الحديث المقصود بها مَن يضمه إلى بيته ويرعاه، أو أن تكون هناك دورٌ لرعاية هؤلاء اليتامى.
وأما مجرد المساعدة فهي على خيرٍ، يعني: مَن يُقدم مساعدةً لهؤلاء اليتامى هو على خيرٍ، وهو مأجورٌ -إن شاء الله تعالى-، لكنها ليست الكفالة الواردة في الحديث.
المقدم: شيخنا، الكفالة إذا كانت مستمرةً إلى أن هذا اليتيم يعتمد على نفسه، ويكبر ويرشد، هل الجزء مثلًا: لو كفله سنةً كاملةً، مثلًا: ضمَّه إلى بيته، أو بطريقة الجمعيات الخيرية التي تضع أماكن لإيواء الأيتام؛ يُعتبر هذا -إن شاء الله- من الكفالة، أو أن المقصود أن الكفالة تكون -يعني- كاملةً إلى أن يعتمد على نفسه؟
الشيخ: المقصود بالكفالة أنه يرعى هذا اليتيم حتى يبلغ، هذا هو المقصود -يعني- في الحديث، لكن مَن كفله كفالةً جزئيةً لسنةٍ أو سنتين فهو على أجرٍ، وعلى خيرٍ أيضًا، لكن ليست هي المقصودة أيضًا في الحديث؛ لأن المقصود بالكفالة أنه يرعى هذا اليتيم من صغره إلى أن يبلغ، وأن يصبح قادرًا بنفسه، يعني: قادرًا على أن يكفي نفسه مؤونة العيش، هذا هو المقصود بالحديث، والكفالة لمدةٍ وجيزةٍ مأجورٌ الإنسان عليها.
ولا نقول مثل هذا الكلام حتى لا نُثبط الإخوة المستمعين، نقول: أنتم على أجرٍ، وعلى خيرٍ، حتى لو كانت الكفالة شهرًا أو شهرين، أو سنةً أو سنتين، فأنتم على أجرٍ عظيمٍ، وعلى ثوابٍ جزيلٍ، ولكن الكفالة الكاملة بمعناها الكامل هي: أن يضمَّ هذا اليتيم إلى بيته ويرعاه إلى أن يبلغ، هذه هي أكمل صور الكفالة، لكن مَن كفله لسنواتٍ أو حتى لشهورٍ فهو على أجرٍ عظيمٍ، ويُبشر بالخير من الله .
المقدم: الحمد لله.
نستقبل اتصالًا من الرياض من الأخ أبي محمد، تفضل.
السائل: السلام عليكم يا شيخ، كيف الحال؟
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل.
السائل: يا شيخ، الوالدة عندي بعض أيام رمضان تُفطر بسبب انخفاض السكر عندها، فإذا جاءت تقضي نفس الشيء، يعني: ينخفض عندها السكر، فهل تُعيد القضاء مرةً ثانيةً، أو تُكفر عن الأيام التي أفطرتْ؟
المقدم: طيب.
الشيخ: لكن هل يمكن أن تأتي أيامٌ ما ينخفض عليها السكر؟ في أيام الشتاء مثلًا.
السائل: نعم، في أيامٍ ما ينخفض فيها أحيانًا، يعني: يكون فيها انخفاضٌ.
الشيخ: نعم.
المقدم: طيب، سؤالٌ آخر يا أبا محمد.
السائل: فقط.
المقدم: تسمع الإجابة.
تفضل فضيلة الشيخ.
الشيخ: تُفطر في الأيام التي تخشى من انخفاض السكر فيها، مثل: أيام الصيف، لكنها تقضي في الأيام التي يسهل عليها القضاء فيها، ولا تخشى من انخفاض السكر فيها، مثل: أيام الشتاء التي يقصر فيها النهار، ويكون الجو باردًا، فما دام أنها يمكن أن تقضي فإنها تقضي، ولا تلجأ للإطعام، وإنما الذي يُطْعِم هو الذي لا يستطيع القضاء مطلقًا في جميع أيام السنة، نعم.
المقدم: أحسن الله إليكم.
من الطائف الأخ أبو رهف، تفضل.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل بسؤالك.
السائل: يُعطيك العافية أخي فيصل، وشهرك مباركٌ، إن شاء الله.
المقدم: الله يتقبل منا ومنكم.
السائل: شهرك مباركٌ يا شيخ سعد، الله يحفظك، إن شاء الله.
الشيخ: حيَّاكم الله، على الجميع، الله يُبارك لنا ولكم، تقبل الله منا ومنكم.
السائل: يا شيخ سعد -الله يحفظك- أنا عندي جدي مريضٌ بالزهايمر.
الشيخ: نعم.
السائل: ولا يستطيع الصوم طبعًا، فأحببتُ أن أسأل عن إفطار الصائم، يعني: هل إفطار الصائم الذي يُباع في المحلات بعشرة ريالات يكفي أو ما يكفي؟ وإذا كان يكفي -يعني- ففي نهاية الشهر -مثلًا- أُخرج ثلاثين وجبةً، أو أُخرج كل يومٍ وجبةً واحدةً؟
أفيدونا، الله يحفظكم.
الشيخ: تُخرجها لمَن؟
السائل: عن جدي طبعًا.
الشيخ: عن جدك، لكن تُعطيها مَن؟
السائل: أُعطيها إفطارًا للصائمين الموجودين في المخيمات، أو الذين يُفطرون في الطرقات.
الشيخ: هل أنت متأكدٌ أن هؤلاء فقراء ومساكين؟
السائل: لا، والله لستُ مُتأكدًا.
الشيخ: هذا هو الإشكال؛ الإشكال أنك غير مُتأكدٍ، وأحيانًا يكون معهم غير مسلمين أيضًا، لكن لو تأكدتَ من مكانٍ -مثلًا- فيه فقراء ومساكين لا بأس، أما إذا كنت غير مُتأكدٍ فلا تُعطهم، وأعطي مَن تتأكد أنه من الفقراء والمساكين، والجمعيات الخيرية عندها قوائم بأسماء الفقراء والمساكين.
السائل: نعم.
الشيخ: بإمكانك أن تُعطي الجمعية مبلغًا نقديًّا، وهم يشترون طعامًا ويُوزعون على الفقراء والمساكين.
السائل: الله يحفظكم -إن شاء الله- ويُعطيكم الصحة والعافية، وشكرًا لكم.
المقدم: شكرًا جزيلًا للأخ أبي رهف.
من الرياض الأخ خالد، تفضل.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله.
السائل: والله أنا أُحبكم في الله ، خاصةً الشيخ سعد الخثلان.
الشيخ: أحبَّك الله وأكرمك، وبارك الله فيك.
السائل: أبو عبدالرحمن، يا شيخ، جزاكم الله خيرًا على هذا البرنامج القيِّم والله.
المقدم: الله يُسعدك ويحفظك، أعطنا سؤالك يا خالد.
السائل: أول شيءٍ يا شيخ أين “فقه المعاملات” للشيخ؟
الشيخ: نعم؟
السائل: “فقه المعاملات” برنامج الشيخ سعد الخثلان -جزاه الله خيرًا- ليس ظاهرًا.
الشيخ: نعم، هو أُذيع ثم أُعيدت إذاعته مرةً أخرى واكتمل، وهو الآن في أقراصٍ موجودةٍ، إن أحببتَ أن أُعطيك -إن شاء الله- نسخةً منها، وفي موقع إذاعة القرآن موجودٌ أيضًا.
المقدم: موجودٌ في قناة (اليوتيوب) لإذاعة القرآن الكريم، جميع الحلقات موجودةٌ: فقه العبادات، وفقه المعاملات.
السائل: يا شيخ، أنت تكلمتَ في البرنامج عن الوقف، وما أدراك ما الوقف!
الشيخ: نعم.
المقدم: بالتأكيد أنه موجودٌ فيه.
السائل: أنا عندي بيتٌ وأريد أن أُوقفه لأولادي من أجل ألا يتعبوا عندما أموت، فكيف تكون طريقة الوقف يا شيخ؟
المقدم: طيب، يتواصل معك شيخنا على جوالك، إن شاء الله.
الشيخ: لا، أبدًا، نُجيبك الآن، أو الشيخ فيصل …
المقدم: طيب، ما ترى يا شيخ، إذا كانت هناك إجابةٌ عامةٌ، وإذا كان يريد استشارةً خاصةً تكون عن طريق الجوال.
الشيخ: نعم، الأحسن -بارك الله فيك- أنك تُوقفه الآن وقفًا مُنَجَّزًا، وتشترط أنك تسكن فيه ومَن يرغب من أسرتك، ويكون بعد وفاتك وقفًا لمَن يريد من أسرتك، فإن لم يوجد أحدٌ يرغب في السُّكنى فيه فيُؤجَّر ويُصرف عائد الرّيع في وجوه البرِّ.
السائل: ما يريدونه بعد.
الشيخ: ما يريدونه، بهذه الطريقة لا يبيعونه، ويصبح مركزًا للأسرة، وهذه نصيحةٌ أُوجهها للإخوة المستمعين؛ لأنه الآن في بعض الأُسَر يخشى الأب أنه بعد وفاته تتفرق الأسرة، فيريد أن يجعل بيته مركزًا لأسرته، فيُوقف البيت -وهذا من الأشياء الحسنة الجميلة- ويشترط أن يسكن فيه طيلة حياته، ومَن يرغب من الأسرة، وبعد وفاته يسكن فيه مَن يريد، أو مَن يحتاج من أسرته، فيبقى هذا البيت لا يُباع، ويبقى مركزًا للأسرة، ويبقى أيضًا -يعني- مكانًا لمَن يحتاج من الأسرة: كبنتٍ -مثلًا- مُطلقةٍ، أو ابنٍ يحتاج، أو نحو ذلك، فيكون بهذا قد أحسن لأسرته إحسانًا عظيمًا؛ لأنه لو لم يُوقف هذا البيت ربما أن الأسرة -يعني- كُلٌّ يريد البيع، ثم يُقسم المال على الورثة، وربما -يعني- تبقى -مثلًا- والدتهم أو مَن يحتاج من الأسرة بدون بيتٍ؛ فيذهب -يعني- للاستئجار، لكن لو أن هذا البيت قد أُوقف لبَقِيَ مركزًا لجميع الأسرة.
السائل: يا شيخ، السؤال الثاني: قوله : وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ [الفتح:25]، السؤال: هل العمرة كان فيها هديٌ؟
هذا هو السؤال الأول.
المقدم: طيب، السؤال الثاني؟
السائل: السؤال الثاني: ماذا يأخذ أهل السنة والجماعة على الظاهرية؟
الشيخ: ماذا؟
المقدم: مآخذهم على الظاهرية.
الشيخ: نعم.
المقدم: طيب، تسمع الإجابة.
السائل: الكلام واضحٌ، إن شاء الله؟
المقدم: واضحٌ، وستسمع الإجابة.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام.
شكرًا جزيلًا للأخ خالد.
وقبل أن نأخذ الإجابات عليه يا شيخ نستأذنك في استقبال اتصالٍ من عسير.
أبو معاذ، تفضل.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل بسؤالك، الله يحفظك.
السائل: عندي سؤالان، الله يحفظك.
المقدم: تفضل.
السائل: السؤال الأول: عندي أخي عُملتْ له عملية زراعة كُلْيَة قبل حوالي ثلاث سنواتٍ تقريبًا، وبعد العملية -يعني- أخذ علاجاتٍ لفترةٍ طويلةٍ، ثم ما استطاع أن يصوم إلى الآن من ثلاث سنواتٍ، وأُصيب بعدها بعملية مرض الشريان، وأُجريت له عمليةٌ للشريان، ثم بعدها أُصيب بمرضٍ آخر، والآن بلغ عمره ستين تقريبًا، وهو من مرضٍ إلى مرضٍ، وحالته -يعني- إلى تَرَدٍّ، فما أدري: هل يُترك إلى أن يُشْفَى كحال مَن يُرْجَى بُرْؤه، أم يُطْعَم عنه؟
هذا السؤال الأول.
الشيخ: لكن ما رأي الأطباء؟ هل مرضه يُرْجَى بُرْؤه أم لا؟
السائل: بالنسبة للزراعة يا شيخ يُرْجَى بُرْؤه.
الشيخ: نعم.
السائل: لكن الآن يا شيخ -يعني- نحن من الواقع ومن الدُّرْبَة أنه عُملتْ له عمليةٌ بعدها، ثم بعدها عملية، ثم بعدها عملية، وتردَّتْ حالته، والآن من سيئٍ إلى أسوأ.
المقدم: الآن يستطيع أن يصوم أو ما يستطيع؟
السائل: ما يستطيع الآن يا شيخ أبدًا، متعبٌ جدًّا.
الشيخ: يغلب على ظنكم أنه لن يستطيع في المستقبل؟
السائل: يغلب على ظنه -يا شيخ- أنه لن تتحسن حالته أبدًا، هذا الغالب على ظنِّه.
المقدم: طيب، السؤال الثاني.
السائل: السؤال الثاني يا شيخ في مسألة زكاة السَّائمة من الغنم: هل تجب الثَّنية يا شيخ أم أن الأمر واسعٌ؟
الآن بعض الناس يُربون أغنامًا عندنا في البوادي، فتجد عندهم الصغيرة والكبيرة، والثَّنية والربعة والسدسة، لكن -يا شيخ- هناك حرجٌ، بعض الناس …، هل لا بد من الثَّنية؟ أن تكون ثنيةً، أو أن تكون لها سنةٌ، أم أن الأمر واسعٌ -يا شيخ- فيُؤخذ من وسطها بغض النظر عن السن؟ وسلامتكم.
المقدم: الله يُسلمك.
شكرًا جزيلًا يا أبا معاذ.
شيخنا، سؤاله الأول اتَّضح لكم، هل يُطْعَم عنه أو أنه …؟
الشيخ: نعم، ما دام أن الوصف مثلما ذكر فهذا يُطْعَم عنه عن كل يومٍ مسكينًا؛ لأنه يغلب على الظن عدم شفائه، وذلك طبعًا في علم البشر، وإلا فالله على كل شيءٍ قديرٌ، لكن في علم البشر يغلب على الظن عدم شفائه من مرضه وكِبَر سنِّه؛ فيُطْعَم عنه عن كل يومٍ مسكينًا، نعم.
المقدم: السؤال الثاني عن زكاة السَّائمة.
الشيخ: نعم، السن إنما هو مُعتبرٌ في الإبل، وفي البقر، وأما الأغنام فالأمر فيها واسعٌ، لا يُشترط فيها سِنٌّ مُعينةٌ، لكن لا تكون من الصغار، ولا تكون أيضًا ذكورًا، فلا يُخرج تيسًا، ولا هرمةً، ولا أيضًا سَخْلَةً صغيرةً، وإنما تكون من الوسط، فالواجب هو من وسط الأغنام، نعم.
المقدم: هل الواجب -يا شيخنا- أن يُزكي بنفس الأغنام، أو أنه -مثلًا- يدفعها مالًا؟
الشيخ: الأصل أنها من نفس الأغنام، في كل أربعين شاةً شاةٌ، هذا هو الأصل، لكن إذا اقتضت المصلحة أن يدفعها نقدًا فلا بأس، كأن تكون مصلحة الفقير -مثلًا- أنه يريدها نقدًا، أو أن صاحب الأغنام نفسه اقتضت المصلحة أن يدفعها نقدًا؛ فلا بأس.
المقصود أن الأصل أن تُدفع أغنامًا، لكن إذا وُجدت مصلحةٌ راجحةٌ في دفعها نقدًا فلا بأس.
المقدم: أسئلة الأخ خالد، لديه سؤالان:
السؤال الأول يقول: هل العمرة فيها هديٌ أم لا؟
الشيخ: العمرة ليس فيها هديٌ، وأما ما سأل عنه من الآية الكريمة: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ [الفتح:25]، فهذه الآية أنزلها الله في شأن صلح الحُديبية؛ لما ذهب النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته يريدون العمرة، لا يريدون القتال، فمنعتهم قريش، وكان معهم الهدي، فأنزل الله تعالى هذه الآية: هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يعني: منعوكم عن المسجد الحرام وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ [الفتح:25] يعني: صدُّوا الهدي عن أن يصل إلى محله، وهو البيت الحرام، وهذا من عنادهم وبغيهم.
وكان الهدي مع النبي عليه الصلاة والسلام سبعين بدنةً.
وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الفتح:25] أي: أنهم كانوا بين أظهرهم، كان بين أظهر قريش في مكة مَن يكتم إيمانه من رجالٍ مؤمنين، ونساءٍ مؤمناتٍ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ يعني: لا تعرفوهم، ولا تدرون أنهم -يعني- مؤمنون: أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ ربما أنكم لو ذهبتم وقاتلتُموهم وسلَّطكم الله تعالى عليهم فقتلتم هؤلاء المؤمنين، فلحقتكم مَعَرَّةٌ يعني: إثمًا، بِغَيْرِ عِلْمٍ يعني: بغير قصدٍ، لكنكم بهذا التَّصرف قد يلحقكم هذا الإثم.
لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [الفتح:25] يعني: لو تميز الكفار عن المؤمنين الذين بين أظهرهم لسلط الله المؤمنين على هؤلاء الكفار، وعذَّبهم عذابًا أليمًا.
وهذا يدل على عظيم شأن حُرمة المؤمن، وكيف أن الله تعالى لم يُسلط المؤمنين على الكفار لوجود مؤمنين بين أظهرهم لم يعلم بهم الصحابة، وإلا لو تميز هؤلاء المؤمنون عن كفار قريش لسلط الله المؤمنين عليهم في ذلك الوقت.
المقصود أن قوله: وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ الذي سأل عنه الأخ السائل، هذا إنما كان في ذلك الحين، ويعني: لا بأس أن يُهدي الإنسان للحرم في غير وقت الحج، والنبي عليه الصلاة والسلام كانت معه سبعون بدنةً.
فإذا أراد الإنسان أن يُهدي هديًا -هدي تطوعٍ- فلا بأس، وليس بلازمٍ أن يكون في الحج، وإنما لو أراد في غير الحج أن يُهدي للبيت فلا بأس بهذا، وهو مأجورٌ على ذلك -إن شاء الله تعالى- لكن العمرة ليس من شروطها الهدي، فالهدي ليس شرطًا في العمرة، وليس واجبًا في العمرة، وإنما هو واجبٌ في الحج: حج التمتع والقران خاصةً، نعم.
المقدم: والهدايا للبيت الحرام في كل وقتٍ يا شيخنا؟
الشيخ: نعم في كل وقتٍ، ويُسميه العلماء بهدي التطوع.
المقدم: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ.
السؤال الآخر يقول: ما المآخذ على مذهب الظاهرية؟
الشيخ: مذهب الظاهرية هو مذهبٌ لأبي محمد علي بن حزم الظاهري، وأبرز مآخذ العلماء عليهم: أنهم يعملون بظاهر النص من غير نظرٍ لمقاصده، فيأخذون بظاهر النص مطلقًا، يعني: على سبيل المثال في قول النبي عليه الصلاة والسلام: لا يَبُولَنَّ أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه [3]، يقولون: البول ممنوعٌ منه، لكن الغائط ليس ممنوعًا منه.
وهذا فهمٌ بعيدٌ عن مقاصد الشريعة، فإذا كان الإنسان ممنوعًا من البول في الماء الراكد، فهو ممنوعٌ من الغائط من باب أولى.
مثلًا: إذا صلى ركعتي الفجر عندهم أنه يجب عليه أن يضطجع وجوبًا، وإلا لما صحَّت صلاة الفجر.
هذا قولٌ بعيدٌ عن أصول القواعد الشرعية؛ ولهذا في كثيرٍ من المسائل معدودٌ -يعني- هذا المذهب من المذاهب الضعيفة، وبعض أهل العلم لا يُعول عليه كثيرًا، وإنما المُعول عليه المذاهب الأربعة: الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وما أُثر عن الصحابة وعن التابعين.
وأحيانًا أيضًا مذهب الظاهرية تكون لهم آراء جيدةٌ -أيضًا من باب الإنصاف- لكن كمنهجيةٍ فجملة العلماء لا يرتضون المنهجية التي يسير عليها فقهاء هذا المذهب.
المقدم: شيخنا، للتوضيح، لما سأل يقول: “مآخذ أهل السنة والجماعة على الظاهرية”، طبعًا نحن لا نُخرج الظاهرية من مذاهب أهل السنة والجماعة، فهو مذهبٌ فقهيٌّ.
الشيخ: نعم، نحن نتكلم عنه من الناحية الفقهية، أما من الناحية العقدية فهذه مسألةٌ أخرى، فأبو محمد ابن حزم -عفا الله عنه- كان عنده -يعني- شيءٌ من عقائد الجهمية، كما قال ابن عبدالهادي: إنه كان يتبنى عقيدة الجهمية في بعض الصفات، عفا الله تعالى عنا وعنه.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم.
نستقبل اتصالًا من تبوك، الأخ أبو عبدالملك، تفضل.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضل.
السائل: أهلًا أخي فيصل، أسعدكم الله.
السؤال الأول شيخنا: رجلٌ عنده قاصرٌ، وولي القاصر طبعًا مُسافرٌ، ويُرسل مصروفًا لهذا الرجل؛ يُرسل ألف ريالٍ كل شهرٍ مصروفًا لهذه القاصر، وهذا الرجل يضع المصروف جانبًا، ويصرف عليها من حسابه الخاص، ويدَّخر لها المصروف الذي يُرسله وليُّها، ويُخرج زكاته كل عامٍ دون علمهم -دون علم الولي والقاصر-، ما حكم فعل هذا؟
الشيخ: طيب، ما هدفه من هذا التصرف؟
السائل: الهدف من هذا قال: إذا -يعني- كبرتْ سيُعطيها هذا المال الذي جمعه لها، وسيُخبرها فيما بعد أن وليَّها كان يُرسل هذا المال لها، وهو يصرف من حسابه الخاص، طلب الأجر يعني.
المقدم: طيب، سؤالٌ آخر؟
السائل: السؤال الآخر شيخنا: إخراج الزكاة -زكاة الفطر أو غيرها- أحيانًا يوجد في بعض الأحياء أو في بعض العمالة الفقراء، والإنسان على يقينٍ بأن هذا فقيرٌ، فهل الأفضل أن يُعطيهم الزكاة، أم يُعطيها للأقارب، مع غلبة الظن أنهم محتاجون، وليس على يقينٍ -يعني- أنهم بحاجةٍ؟
المقدم: تقصد الزكاة عمومًا أو زكاة الفطر؟
السائل: الزكاة عمومًا يا شيخ.
المقدم: طيب، تسمع إجابة الشيخ.
شكرًا جزيلًا لأبي عبدالملك.
من الجوف الأخت أم أحمد، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم ورحمة الله.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله، تفضلي بالسؤال.
السائلة: أريد أن أسألكم سؤالًا، ولن أُطول عليكم.
المقدم: تفضلي.
السائلة: الله يُعطيكم العافية.
أشكو يا شيخنا أحيانًا من الحدث الدائم، فهل الوضوء منه واجبٌ أو مُستحبٌّ؟
البعض يقول: واجبٌ. والبعض يقول: مُستحبٌّ. فما قولكم يا شيخ؟
المقدم: طيب.
الشيخ: ماذا؟
المقدم: مَن لديه حدثٌ.
السائلة: الوضوء من الحدث الدائم، هل هو مُستحبٌّ أم واجبٌ؟
المقدم: نعم، بالأمس الشيخ تكلم عنها، وفصَّل فيها، لكن يُعيد -إن شاء الله- الشيخ، نستأذنه في إعادة الحديث عن هذه المسألة بشكلٍ مُختصرٍ.
شكرًا جزيلًا يا أم أحمد.
كانت هي المتصلة الأخيرة معنا.
شيخنا، هي تسأل عمَّن حدثه دائمٌ، هل الوضوء في حقِّه واجبٌ أو مُستحبٌّ؟
الشيخ: هذه مسألةٌ تكلمنا عنها في الحلقة السابقة، والقول الراجح: أنه مُستحبٌّ، وليس واجبًا؛ لأنه ليس هناك دليلٌ ظاهرٌ يدل على الوجوب.
وأما حديث عائشة في المُستحاضة: ثم توضَّئي لكل صلاةٍ [4] فلا يثبت مرفوعًا إلى النبي ، وإنما هو مُدرجٌ من قول عروة بن الزبير؛ ولهذا الإمام مسلمٌ في “صحيحه” ترك إخراج هذه الزيادة، وأشار لهذا فقال: “وفيها حرفٌ تركناه عمدًا”.
وكذلك أيضًا الحافظ ابن رجب في “فتح الباري” تكلم عن هذه الزيادة، وخلص إلى ترجيح عدم ثبوتها.
فإذا كان لم يثبت في هذا شيءٌ عن النبي فلا نستطيع أن نُلزم عباد الله بما لم يُلزمهم به الله .
وعلى هذا فالأقرب أن وضوء صاحب الحدث الدائم عند دخول وقت الصلاة مُستحبٌّ، وليس واجبًا، يعني: إذا توضأ، ثم خرج الوقت، ودخل وقت الصلاة التي بعدها، فوضوؤه للوقت التالي مُستحبٌّ، وليس واجبًا، ما لم تنتقض طهارته بحدثٍ آخر غير الحدث الدائم، نعم.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم.
بقي سؤالان لأبي عبدالملك من تبوك، يقول: رجلٌ عنده قاصرةٌ، ووليُّها مُسافرٌ يُرسل مصروفًا شهريًّا ألف ريالٍ، وهو يجمع هذا المصروف بدون ذكر ذلك للولي أو للقاصرة، يقول: أجمعه إلى حين أن تبلغ، أو كذلك يأتي وليُّها، وأُعطيها كل ما جمعتُه، هذا ما أجمعه، أنا أدفع من رصيدي، لكن هذا ما أجمعه لها، وأعتبره -إن شاء الله- صدقةً عليها، فهل عليه زكاةٌ أم لا؟
الشيخ: أولًا: هذا التصرف لا بد أن تستأذن فيه الولي، ما دام أن الولي الآن مُتكفلٌ بنفقتها، فربما أن الولي لا يرضى بهذا الإنسان، لا يلزم أن يكون تحت مِنَّة غيره، وربما بعض الناس أيضًا لا يرضى بأن يتصدق على موليته، فلا بد إذن من الاستئذان من هذا الولي.
وأما كونك تجمع هذا المبلغ الذي يُرسله الولي، وتدفع من عند نفسك، لا بد فيه من الاستئذان؛ لأن بعض الناس يأنف من الصدقة على موليته، وعلى قريبه، ويريد أن يتكفل هو بنفقاتهم، إذن لا بد من الاستئذان.
الأمر الثاني: لو افترضنا أنه أذن، فهذا المبلغ الذي يُجمع فيه الزكاة؛ لأن أموال اليتامى والمجانين، ومثل هذا أيضًا المبلغ الذي يُجمع لهذه القاصرة، هذا تجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول، نعم.
المقدم: السؤال الثاني يقول: في زكاة الفطر أو غيرها من الزكوات، إذا أراد الإنسان أن يُعطيها بعض العمالة ممن يتيقن أنهم مُستحقون للزكاة، هل يُقدمها لهم، أو يُقدمها لبعض أقاربه الذين يغلب على ظنه أنهم مُستحقون؟
الشيخ: الأفضل أن يُعطي الزكاة لمَن كان أكثر حاجةً، بغض النظر عن كونه قريبًا أو غير قريبٍ، مَن كان أشدّ حاجةً يُعطيه الزكاة، هذا هو الأفضل، لكن إذا وجد له قريبًا مُحتاجًا، ووجد محتاجًا غير قريبٍ، فالقريب المُحتاج أولى، والزكاة له أفضل؛ لأنها تجمع بين الزكاة وصِلة الرحم، فكلما كان مَن يُعطى أشد حاجةً كان أعظم أجرًا وثوابًا، والله تعالى يقول: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ [البلد:11-16].
فعلى مَن عنده زكاةٌ أن يتحرى الفقراء والمساكين، ومَن كانوا أشدّ حاجةً، وينبغي أن يبحث عن المُتعففين الذين لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ [البقرة:273]، هؤلاء ينبغي أن نبحث عنهم، وأن نُعطيهم من الزكاة، فهم أولى من السائلين؛ لأن هذا السائل إن لم تُعطه سيُكلم غيرك، وسيُعطيه غيرك، لكن الشأن في هذا المُتعفف الذي يستحي أن يسأل، أو يستحي أن يُنبه الناس إلى حاله، أو أنه لا يُحسن التَّدبير، نعم، فمثل هذا ينبغي أن نُبادره ونُعطيه من الزكوات ومن الصدقات، نعم.
المقدم: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم.
سؤالٌ أخيرٌ في هذه الحلقة وصل من أحد الإخوة -وكثر السؤال عن ذلك يا شيخنا؛ عن الإطعام- يقول: هناك شيخٌ كبيرٌ في السنِّ فاقدٌ للعقل أحيانًا، ولا يدري عن الوقت والصلاة والصيام، فهل يُطْعَم عنه أو لا؟
الشيخ: إذا كان فاقدًا للعقل بالكلية فهذا لا يُطْعَم عنه؛ لأنه مرفوعٌ عنه القلم: رُفِعَ القلم عن ثلاثةٍ، وذكر منهم عن المجنون حتى يفيق [5]، لكن إذا كان عقله يأتي أحيانًا، ويغيب أحيانًا …
المقدم: نعم.
الشيخ: وهذا الذي يكثر السؤال عنه: إذا كان يأتي أحيانًا، ويغيب أحيانًا، فهنا يُطْعَم عنه إذا كان لا يستطيع القضاء، ولا يمكنه القضاء في المستقبل؛ لظرفه الصحي، فيُطْعَم عنه.
أما إذا كان أيضًا يُؤمل أنه يفيق ويستطيع القضاء، فهذا لا يُطْعَم عنه، وإنما يقضي.
فهناك إذن أحوالٌ:
- الحالة الأولى: أن يكون فاقد العقل بالكلية، فهذا لا قضاء عليه ولا إطعام.
- الحالة الثانية: أن يكون يفيق أحيانًا، لكنه يستطيع أن يقضي في المستقبل، فهذا لا يُطْعَم عنه، وإنما ينتظر حتى يتيسر له القضاء.
- الحالة الثالثة: أن يكون يفيق أحيانًا، لكنه لا يُرْجَى أن يقضي في المستقبل، فيُطْعَم عنه عن كل يومٍ مسكينًا.
المقدم: شكر الله لكم، وأحسن الله إليكم فضيلة الشيخ.
الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: أستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.