logo

(4) فتاوى الحج 1437هـ

مشاهدة من الموقع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على النبي الأمين وآله وصحبه أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مرحبًا بكم -أحبتنا الكرام- إلى حلقةٍ جديدةٍ من برنامج الفتاوى المباشر (فتاوى الحج).

ضيف حلقتنا هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة كبار العلماء.

في بدء حلقتنا نرحب بضيفنا: السلام عليكم يا شيخ سعد.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وحياكم الله وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

المذيع: حياكم الله يا شيخ سعد.

من ضمن الأسئلة التي وصلت عبر جوال البرنامج: هذه الأسئلة من الأخ أبي عبدالمجيد، يقول: هل إذا كان الرجل طويل الشعر، وأراد العمرة يكتفي بأن يأخذ من بعض رأسه قدر أَنْمَلَةٍ، أو أن يعمم ذلك على جميع رأسه؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن المطلوب من المعتمر بعدما يطوف ويسعى: أن يحلق رأسه أو يقصر، والحلق أفضل من التقصير، وقد دعا النبي للمُحَلِّقين ثلاثًا، وللمقصرين مرةً واحدةً [1]، ولكنه إذا أراد أن يكتفي بالتقصير، فلا بد أن يكون التقصير شاملًا لجميع شعر الرأس، ولا يجزئ أن يأخذ شُعَيْراتٍ من بعض جوانبه؛ لأن هذا لا يَصدُق عليه معنى التقصير لغةً ولا شرعًا، فلا بد من أن يكون التقصير شاملًا لجميع الرأس.

وعلى هذا: فما يفعله بعض الناس من أنهم بعد فراغهم من العمرة يأخذون شعيراتٍ من الجانب الأيمن، وشعيراتٍ من الجانب الأيسر، وشعيراتٍ من الخلف، هذا لا يجزئ، فلا بد أن يكون التقصير يعم جميع الشعر؛ ولذلك فالأحسن في هذا أن يستعمل ماكينة الحلاقة في التقصير، ويجعله على أي رقمٍ يريد، يجعله مثلًا على رقم اثنين أو ثلاثةٍ، ونحو ذلك، فيضمن بهذا شمول التقصير لجميع الشعر، أو أنه يتأكد من شمول التقصير لجميع الشعر بالمقص ونحوه، المهم أنه لا بد من التحقق من هذا، من أنه قد شمل التقصير جميع شعر رأسه.

المذيع: أحسن الله إليكم، وبارك في علمكم، سؤالٌ آخر أيضًا في الحج والمناسك، يقول: رجلٌ يريد الحج بزوجته، ونعلم أن تسعيرة حملات الحج قد تكون غاليةً، فهل يكون ذلك عذرًا في عدم الاستطاعة؟

الشيخ: إذا كان لا يستطيع، ولا زوجته تستطيع الحج مع الحملة، أو المؤسسة، أو الشركة المناسبة لمثلهما، فإن هذا يعتبر عذرًا؛ لأن الله إنما أوجب الحج على المستطيع، فقال: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97]، ففسر الفقهاء السابقون الاستطاعة بمِلك الزاد والراحلة، وفي وقتنا الحاضر الاستطاعة: هي أن يستطيع دفع أجرة حملةٍ أو شركة حجٍّ مناسبةٍ لمثله، فإن كان لا يستطيع أن يدفع أجرة هذه الشركة، أو الحملة المناسبة لمثله، فإنه لا يجب عليه الحج في هذه الحال، ولا يجب عليه أن يتكفف ويذهب بنفسه؛ لأن هذا فيه حرجٌ كبيرٌ.

ثم أيضًا لا يستطيع الحصول على تصريح الحج إلا عن طريق حملةٍ؛ ولهذا فإذا كان لا يستطيع الحج عن طريق حملةٍ فيعتبر غير مستطيعٍ.

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

أول اتصالات هذه الحلقة من الزلفي الأخ عبدالله، تفضل.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: كيف حالكم؟ عساكم طيبين.

المذيع: بخيرٍ، تفضل بسؤالك يا عبدالله.

المتصل: يا شيخ، سؤالي يقول: أنا مؤذن مسجدٍ وبعض الأحيان يوكلني الإمام أن أصلي بالناس، فإذا سلمت على اليمين ثم سلمت اليسار، بعض المأمومين يقوم إذا سلمت، هل هذا صلاته تنقلب إلى نافلةٍ، أم ما الحكم بارك الله فيك يا شيخ؟

المذيع: طيب سؤالٌ آخر عبدالله؟

المتصل: فقط، بارك الله فيكم.

المذيع: وفيك، يسأل عمن يسلِّم مع الإمام بعد التسليمة الأولى، هل يعتبر بهذه الطريقة فارق الإمام، وقد يؤثر على قبول صلاته أو لا يا شيخ؟

الشيخ: أولًا: ينبغي للمسلم أن يحرص على اتباع السنة، والسنة في هذا هو ألا يسلم المأموم إلا بعد فراغ الإمام من التسليمة الثانية، هذه هي السنة في هذا، لكن لو أن المأموم سلم بعد تسليم الإمام من التسليمة الأولى فإن صلاته صحيحةٌ على القول الراجح، فإن صلاته تصح على القول الراجح؛ وذلك لأن التسليمة الثانية ليست واجبةً بأرجح أقوال أهل العلم، وإنما التسليمة الأولى هي التسليمة الواجبة، وإن كان في المسألة خلافٌ، لكن هذا هو الأقرب، وعلى هذا فصلاته صحيحةٌ، ومع هذا فالذي ننصح به ألا يسلم المأموم إلا بعد فراغ الإمام من التسليمة الثانية.

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من الرياض الأخ أبو راشدٍ، تفضل.

المتصل: السلام عليكم.

المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: عندي سؤالٌ الله يسلمك.

المذيع: تفضل.

المتصل: المرأة إذا حجت مع رفقةٍ مأمونةٍ هل تأثم، سواءٌ وجدت المحرم أم لم تجد؟

الشيخ: طيب، محرمها يرفض الحج بها؟

المتصل: مثل الخدم، أحسن الله إليكم.

الشيخ: نعم، طيب.

المتصل: السؤال الثاني: متى يكون قول الصحابي حجةً؟

السؤال الأخير: تغيير النية في الصلاة من فرضٍ إلى نفلٍ معينٍ، أو من نفلٍ معينٍ إلى فرضٍ، هل يؤثر على صحة الصلاة أم لا، أحسن الله إليكم؟

المذيع: وإليك، شكرًا جزيلًا للأخ أبي راشدٍ، تسمع إجابة الشيخ.

يسأل عن حج المرأة مع رفقةٍ مأمونةٍ، وهو يقول: مثل بعض الخادمات اللاتي يأتين إلى المملكة ليس معهن محرمٌ، فهل يجوز لها أن تذهب مع رفقةٍ مأمونةٍ لكي تؤدي مناسك الحج؟

الشيخ: نعم، أولًا: السنة للمرأة إذا أرادت أن تحج أن تحج مع محرمها؛ لقول النبي : لا تسافر امرأةٌ إلا ومعها ذو محرمٍ، فقام رجلٌ فقال: يا رسول الله، إني قد اكتُتِبْت في غزوة كذا وكذا، وإن امرأتي قد خرجت حاجةً، فقال له النبي : انطلق فحج مع امرأتك [2]، فهذا يدل على تأكد المحرم بالنسبة للمرأة.

ولكن إذا لم يوجد المحرم، إذا لم يتيسر المحرم للمرأة، وكان الحج حج فريضةٍ، فهل نقول: إن هذه المرأة غير مستطيعةٍ، أما إذا لم تجد رفقةً مأمونةً فهي غير مستطيعةٍ، لكن إذا وجدت هذه المرأة الرفقة المأمونة، فهل لها أن تحج مع هذه الرفقة؛ مثل الخدم، مثل ما ذكره الأخ السائل من الخادمات، فهل لهن الحج مع الرفقة المأمونة أم لا؟

هذه المسألة محل خلافٍ بين أهل العلم؛ فمن أهل العلم من ذهب إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تحج بدون محرمٍ ولو مع الرفقة المأمونة، وهذا هو المذهب عند الحنفية والحنابلة.

والقول الثاني: أنه يرخص في هذا إذا وُجدت الرفقة المأمونة فإنه لا بأس أن تحج المرأة مع الرفقة المأمونة ولو بدون محرمٍ، ما دام أن الحج حج فريضةٍ، وهذا ذهب إليه المالكية والشافعية وهو رواية عن الإمام أحمد، وهذا القول هو الأقرب -والله أعلم- واختاره أبو العباس ابن تيمية رحمه الله وجمعٌ من المحققين أهل العلم، لكن لا يُتوسع فيه، وإنما يكون في حالاتٍ خاصةٍ؛ كما في حالات الخدم مثلًا، فإن هذه المرأة الخادمة لو لم تحج لربما لم يتيسر لها الحج من بلادها، فإن عدد المسلمين الآن كبيرٌ جدًّا، عدد المسلمين يزيد على المليار ونصفٍ، ولا يحج الآن كل عامٍ إلا أقل من (1%)، يعني: لو حج (1%) لوصل عدد الحجاج إلى خمسة عشر مليونًا، بل حتى لا يحج ولا نصف (1%)؛ لأنه لو حج نصف (1%) لكان عدد الحجاج سبعة ملايين ونصفًا، فنسبة من يحج من المسلمين قليلةٌ، فكون هذه المرأة ترجع إلى بلادها، نسبة أنها تأتي للحج مرةً أخرى نسبةٌ ضعيفةٌ أو قليلةٌ، فكونها تغتنم وجودها في هذه البلاد، وتحج مع الرفقة المأمونة، الذي يظهر والله أعلم: أن هذا هو الأرجح؛ لأن المصالح المترتبة على حجها أعظم من مفسدة حجها بدون محرمٍ، ونحن قد اشترطنا أن تكون مع رفقةٍ مأمونةٍ.

ومما يدل لهذا: أن أزواج النبي في عهد عمر حججن بدون محرمٍ [3]، وهذا في “صحيح البخاري”، وأيضًا هناك أدلةٌ أخرى ربما لا يتسع المقام لذكرها، وكما ذكرنا أن هذا مذهبٌ لجماعةٍ من الفقهاء واختيار ابن تيمية رحمه الله، لكن هذا في حدودٍ ضيقةٍ في حالة المرأة التي لا يتيسر لها المحرم، وفي حج الفريضة خاصةً.

أما المرأة التي يتيسر لها المحرم فإنها لا يجوز لها أن تحج بدون محرمٍ، على أن مثل هؤلاء الخادمات أيضًا ليس لهن الحج إلا مع وجود الرفقة المأمونة الموثوق بها.

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم، السؤال الثاني يقول: متى يكون قول الصحابي حُجةً؟

الشيخ: هذه المسألة محل خلافٍ بين الأصوليين، والخلاف فيها مبسوطٌ في كتب أصول الفقه، ولكن باختصار:

الصحابة  إذا اتفقوا على قولٍ فاتفاقهم هذا حجةٌ؛ لأنه يكون إجماعًا، وإذا اختلفوا فيما بينهم فليس بحجةٍ؛ لأنه ليس بقول بعضهم أولى من قول الآخر.

وأما إذا قال الصحابي قولًا ولم يُعرف عن غيره خلافٌ في المسألة، فهل يعتبر حجةً أم لا؟ هذه محل خلافٍ بين الأصوليين، والقول الراجح والله أعلم: أنه إذا اشتهر قول الصحابي فإنه يكون حجةً، إذا اشتهر ولم يُعرف له مخالفٌ؛ لأنه يكون كالإجماع السكوتي.

أما إذا لم يشتهر قول الصحابي، فجمهور الأصوليين على أنه ليس بحجةٍ؛ وذلك لأنه ليس من مصادر التشريع، لكنه يُستأنس به عند الترجيح بين المسائل الخلافية ونحو ذلك، ففي هذه الصورة ليس بحجةٍ على القول الراجح، لكنه يُستأنس به.

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم، السؤال الأخير يقول: تغيير النية من فرضٍ إلى نفلٍ معينٍ أو مطلقٍ؟

الشيخ: تغيير النية من فرضٍ إلى نفلٍ مطلقٍ، لا بأس به إذا وُجد حاجةٌ أو مصلحةٌ؛ ومن أمثلة ذلك: أن تفوت إنسانًا الصلاةُ في الجماعة، فيأتي إلى المسجد ويصلي وحده، ثم يسمع بوجود جماعةٍ تقيم الصلاة، فإنه يقلب صلاته من فرضٍ إلى نفلٍ مطلقٍ، يقلب صلاته مثلًا إلى ركعتين، وينوي بها أنها نفلٌ مطلقٌ، ثم يذهب ويلتحق بالجماعة التي تصلي؛ حتى يضمن أجر الجماعة.

وأما قلب الفرض إلى نفلٍ معينٍ، فإن هذا لا يصح؛ لأن النفل المعين لا بد له من نيةٍ من أول الصلاة، وهكذا قلبه من نفلٍ معينٍ إلى نفلٍ معينٍ أيضًا لا يصح، لكن إذا أراد أن يقلبه من نفلٍ معينٍ إلى نفلٍ مطلقٍ فلا بأس.

وأما إذا أراد العكس أن يقلبه من نفلٍ مطلقٍ إلى نفلٍ معينٍ، فإنه لا يصح، فهذه المسائل فيها تفاصيل مذكورةٌ في كتب الفقه.

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

نستقبل المتصل الثالث معنا في هذه الحلقة من الرياض أبو عائشة، تفضل.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: أيها الأستاذ فيصل بن جذيان، كيف حالك؟

المذيع: حياك الله، الله يسعدك.

المتصل: شكر الله لك على هذا البرنامج الطيب.

المذيع: ولك، الله يحفظك.

المتصل: السلام عليكم يا شيخ سعد.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: أسعد الله مساءك بالخيرات، وجزاك الله كل خيرٍ على ما تقدمه، في ميزان حسناتك إن شاء الله.

الشيخ: اللهم آمين، ومساك الله بالخير والعافية.

المتصل: فضيلة الشيخ، حَدِّثنا عن الصلاة في الحج، هناك من يصحب الحملة مِن غير مَن لا يريد الحج، فهل حكمه حكم الحاج؛ من جمع الصلاة أو قصرها؟

السؤال الثاني: قول النبي : الحج عرفة [4]، نشاهد بعض المسلمين يكتفي بالوقوف بعرفة، ثم يعود إلى بيته، ما المقصود بـالحج عرفة، وبارك الله فيكم؟

المذيع: طيب، السؤال الأول شيخنا..، يقول: غير الحاج ممن يذهب مع الحملات، هل يعتبر مسافرًا، ويقصر ويجمع، وكذلك في يوم عرفة يجمع صلاة الظهر والعصر أم لا؟

الشيخ: غير الحاج هو كالحاج في أرجح أقوال أهل العلم، وهو قول جمهور الفقهاء، فلا فرق بين الحاج وبين غير الحاج؛ لأن العلة في ترخص الحاج ليست النسك، وإنما العلة هي السفر، وإلى هذا ذهب جمهور الفقهاء، وبناءً على هذا: لا يختلف غير الحاج عن الحاج، فإذا كان مثلًا من أهل مكة فليس له القصر، وليس له الترخص برخص السفر؛ لأنها قد اتصلت، اتصلت الآن مكة بالمشاعر.

وإذا كان من غير أهل مكة، وكانت مدة الإقامة ليست طويلةً، فإنه يترخص برخص السفر كالحاج، إنما يختلف غير الحاج عن الحاج على قول من قال من أهل العلم بأن علة قصر الحاج هي النسك، هذا هو الذي يختلف به الحاج عن غير الحاج.

وأما بناءً على القول الراجح وهو قول جماهير الفقهاء، وهو أن العلة هي السفر، فلا فرق بين الحاج وغير الحاج.

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

نستقبل اتصالًا من تبوك الأخ أبو عبدالملك، تفضل.

المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: السؤال الأول شيخنا: البعض الآن طبعًا يدفع قيمة الأضحية لبعض المكاتب الموجودة الآن قريبًا من الحرم، طبعًا لصعوبة شراء الهدي، وذبحه بنفسه.

المذيع: الأضحية أو الهدي؟

المتصل: الهدي، لكن البعض -يا شيخ- الآن يحج مُفرِدًا وهو يقدر على القِران، ويقدر على دفع الهدي، ويقول: لا أعلم متى تُذبح، وهل تؤخذ..؟ هل بمجرد أن يدفع -يا شيخ- تبرأ ذمته بذلك كأنه ذَبَح؟

المذيع: طيب، السؤال الثاني؟

المتصل: السؤال الثاني شيخنا: عن المرأة إذا كانت تملك قيمة الحملة لنفسها، ولكن لا تملك قيمة أن تأخذ معها محرمًا، هل الآن يسقط عنها الوجوب، إذا كانت لا تملك المال الذي تحجج به معها محرمًا؟

المذيع: طيب، شكرًا للأخ أبي عبدالملك.

السؤال الأول -يا شيخنا- يقول: البعض في الهدي يدفع للمكاتب، والمكاتب هذه تتكفل بأن تذبح في الوقت المحدد، البعض قد يتحرج من ذلك، ويدع النسك الأفضل، ويحج مُفرِدًا؛ لخوفه من أن هذه الهدايا لا تُذبح في وقتها؟

الشيخ: الأفضل: أن يختار النسك الأفضل، وهو التمتع، ثم القِران، وألا يلجأ للإفراد لأجل ذلك، وهو إذا وكل هذا المكتب أو هذه الجهة المسؤولة عن ذبح الهدايا برَّأ ذمته إن شاء الله، وانتقلت إلى ذمة القائمين على هذه المكاتب وهذه الجهات، وإن تيسر أن يذبح بنفسه، أو يوكل مثلًا أحدًا أن يذبح، فهذا هو الأكمل والأفضل، وأن يأكل ويتصدق من هذا الهدي؛ كما قال ربنا : فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج:28]، لكن إن لم يتيسر هذا، وأراد أن يوكل هذه الجهات فلا حرج عليه.

وننصحه بألا يعدل إلى الإفراد لأجل ذلك؛ لأنه بالتمتع يحصل على أجر عمرةٍ وحجٍّ، وهكذا أيضًا بالقِران، وإن كان أدنى في الفضل من التمتع، فأفضل الأنساك هو التمتع، وهو الذي أمر به النبي صحابته ، وقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي، ولجعلتها عمرةً [5]، أي: لكنت متمتعًا، لكنه عليه الصلاة والسلام إنما كان قارنًا؛ لأنه قد ساق الهدي، ومن ساق الهدي يتعين في حقه القِران.

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم، يقول: إذا كانت المرأة تملك قيمة ما تحج به، ولكن لا تملك ما يكون للمَحرم، هل يجب عليها بذلك الحج، ودفع مال المَحرم، أو أنه يسقط عنها الوجوب؟

الشيخ: لا يجب عليها الحج حتى تملك ما تحج به وما تحجج به محرمها، لكن لو تبرع محرمها بأن يحج معها من ماله، فيلزمها الحج في هذه الحال، أما إن أبى محرمها إلا بأن تدفع له أجرة الحج، ولم تجد، فإنها تكون غير مستطيعةٍ.

فالمرأة إذنْ لا بد أن تكون قادرةً على أن تحج بنفسها، وقادرةً أيضًا على تحجيج محرمها معها، إلا إن تبرع محرمها بأن يحج بنفسه من ماله.

المذيع: طيب -يا شيخنا- إذا كان المحرم لا يريد أن يذهب معها، وحاولت، وهو ليس لديه عذرٌ واضحٌ في ذلك، فهل يسقط بذلك عنها الحج؟

الشيخ: المحرم لا يجب عليه أن يحج معها، ولو كان زوجها، ولو كان أباها أو ابنها؛ لأننا لو أوجبنا على المحرم أن يحج مع المرأة لأوجبنا عليه الحج في العمر أكثر من مرةٍ، لكنه ينبغي له، وهذا من الإحسان، ومن حسن العشرة إذا كان زوجًا، ومن صلة الرحم إذا كان أبًا، أو كان ابنًا أو أخًا، لكنه لا يلزمه، ولا يجب عليه أن يحج بمُوَلِّيَته، لكن لو تيسر، يعني: لو أن هذه المرأة لم يتيسر لها محرمٌ فإنها تكون غير قادرةٍ، ولا يجب عليها الحج، لكن لو أرادت أن تحج مع رفقةٍ مأمونةٍ فعلى الخلاف الذي ذكرناه في مقدمة الحلقة.

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم، نستقبل اتصالًا من الرياض أبو معاذٍ، تفضل.

المتصل: السلام عليكم.

المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

المتصل: الله يحييك، سؤالان للشيخ إذا سمحت، جزاك الله خيرًا.

المذيع: تفضل.

المتصل: الأول: بالنسبة لمن عزم على الحج -إن شاء الله- هذه السنة، فنصيحة الشيخ ببعض الأمور التي قد تُعِين -إن شاء الله- وتوفق المسلم في أن يعينه الله في أن يكون حجه مبرورًا، وأن ييسر له استغلال أوقاته في هذا الحج.

السؤال الآخر: في موضوع فئة (هـ) في مِنًى، هل له وجهٌ، من يقول: إنها خارج مِنًى أو كذا؟ يعني: هل يجد بعض الحجاج في أنفسهم شيئًا من الحرج والتردد، أم هذا لا أصل له في العمل، وأن هذا يعتبر -إن شاء الله- حجه سليمًا وليس فيه أي شبهةٍ بإذن الله؟

المذيع: طيب، تسمع الإجابة.

يسأل، ويريد توجيهًا منكم -شيخ سعد- لمن عزم على الحج هذه السنة، وما هي الأمور التي تعينه لأنْ يكون حجه مبرورًا بإذن الله، ويستغل وقته في كل ما فيه نفعٌ؟

الشيخ: أولًا: عليه إخلاص النية لله ، بأن يريد بهذه الحجة وجه الله والدار الآخرة، ولا يريد بذلك رياءً أو غيره من أمور الدنيا.

وعليه كذلك: أن يتفقَّه في مسائل الحج، ويبدأ من الآن يقرأ عن الحج ويستمع للأشرطة، ولكلام أهل العلم في أحكام الحج ومسائله؛ حتى يأتي بهذه العبادة كما أمر ربنا .

وعليه أيضًا: أن يختار الرفقة الصالحة التي يكون فيها أهل علمٍ وطلبة علمٍ، يرشدون الحجاج، ويبينون لهم ما يشكل عليهم.

وكذلك أيضًا: ينبغي أن يحرص على اتباع السنة ما أمكن؛ فعلى سبيل المثال: عندما يرمي جمرة العقبة، ويريد أن يحلق رأسه، هو الآن مخيرٌ بين الحلق وبين التقصير، فينبغي له أن يختار الحلق؛ لأن الحلق هو الأفضل؛ ولأن الحلق هو الأكمل؛ ولأنه هو السنة، ولأن النبي دعا للمحلقين ثلاثًا [6]، ولو أنه اختار التقصير فلا حرج عليه، لكن حتى يكون حجه مبرورًا فينبغي أن يحرص على الأكمل والأفضل، وعلى اتباع السنة ما أمكن.

وأيضًا: ينبغي له أن يحرص على روح العبادة، والخشوع والخضوع في تلك الأماكن والمشاعر، وبخاصةٍ في يوم عرفة، عليه أن يقتدي بالنبي ، وأن يتفرغ للدعاء بحضور قلبٍ وخشوعٍ وانكسارٍ، فإن النبي في يوم عرفة من بعد زوال الشمس إلى غروب الشمس -قرابة خمس أو ست ساعاتٍ- انقطع عليه الصلاة والسلام وتفرغ للدعاء تفرغًا تامًّا، لم يشتغل بأي عملٍ آخر، بل بقي رافعًا يديه مستقبل القبلة يدعو [7].

فينبغي للحاج أن يقتدي بالنبي …، يلاحَظ على بعض الحجاج، وبخاصةٍ في الأماكن الفاضلة؛ مثلًا في يوم عرفة، في عرفة يشتغلون إما بالنوم، وإما بالحكايات، وإما بأمورٍ يمكن تأجيلها، فحتى يكون الحج مبرورًا ينبغي أن يحرص على السنة، فإذا كنت في هذه الأماكن الفاضلة، فينبغي أن تشتغل بالذكر، وأن تشتغل بالدعاء، وأن تحرص على اتباع هدي النبي .

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم، سأل عن فئة (هـ) في مِنًى، الفئات طبعًا تبتدئ من (أ) القريبة من الجمرات، ثم تكون -مثل فئة (هـ)- على أطراف مِنًى، وربما خارج مِنًى، يقول: هل يعتبر من يكون هناك قد بات في مِنًى، وأن حجه صحيحٌ بإذن الله؟

الشيخ: فئة (هـ) هي تكون في أول مزدلفة، لكنها تأخذ حكم مِنًى، باعتبار أن مِنًى امتلأت الآن بالحجاج، ولا حرج في أن يختار الحجاج فئة (هـ)؛ باعتبار أن منًى قد امتلأت، وأجره تامٌّ والحمد لله، ولا يلزمه أن يخرج من مخيمه في أول مزدلفة إلى مِنًى لكي يبيت في مِنًى، لا يجب عليه ذلك؛ لأنه بامتلاء مِنًى أصبحت فئة (هـ) في حكم المبيت بمِنًى، والحمد لله.

المذيع: الحمد لله، أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من مكة إدريس، تفضل يا إدريس بسؤالك.

المتصل: السلام عليكم.

المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله.

المتصل: كيف حالكم؟ وكيف حالك فضيلة الشيخ؟

المذيع: حياك الله.

المتصل: لدي سؤالٌ: رجلٌ أصيب بشللٍ نصفيٍّ، ويريد ابنُه أن يعتمر عنه عمرة الفريضة، فهل له أن يعتمر عن والده، أم يجب على الوالد أن يعتمر حسب استطاعته؟

الشيخ: طيب، هو حج الفريضة؟

المتصل: لا، لم يحج.

المذيع: لم يحج ولم يعتمر؟

المتصل: نعم.

المذيع: وهو الآن يستطيع أن يذهب بمشقةٍ، أو لا يستطيع أصلًا؟

المتصل: هو أصيب مؤخرًا، قد يتماثل للشفاء، فنريد تفصيلًا مبسطًا من الشيخ، إن كان هل.. يتماثل للشفاء..؟

المذيع: طيب، سؤالٌ آخر؟

المتصل: لا، شكرًا.

المذيع: تسمع إجابة الشيخ، تفضل شيخنا.

الشيخ: نعم، ما دام أنه لا يستطيع أن يحج بنفسه؛ بسبب هذا الشلل، فإنه حينئذٍ لا بأس أن يُنيب ابنه في أن يحج عنه، بل إنه إذا كان مستطيعًا الحج بماله فيجب عليه أن ينيب من يحج عنه، ومما يدل لهذا: حديث ابن عباسٍ رضي الله عنهما في “الصحيحين”، أن امرأةً أتت النبي فقالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: نعم [8]، فقولها: “إن فريضة الله أدركت أبي شيخًا كبيرًا”، هذا يدل على وجوب الحج على من قدر على الحج بماله وعجز عنه ببدنه، وأنه يلزمه أن ينيب من يحج عنه.

فبالنسبة لهذا الرجل إذا كان قادرًا على الحج بماله يجب عليه أن ينيب من يحج عنه، وإذا وُجد من يتبرع عنه، والأخ السائل ذكر أن ابنه سيتبرع بالحج عنه؛ فإنه حينئذٍ ينوب عنه، ونيابته هنا صحيحةٌ، سواءٌ في حج الفريضة أو في عمرة الفريضة.

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم، نستقبل من الرياض اتصالًا من الأخ خالد، تفضل يا خالد.

طيب، ذهب المتصل خالد.

من ضمن الأسئلة التي وصلتنا عبر جوال البرنامج شيخنا: أحد الإخوة يقول: هل يجوز لي أن أحج عن والدي غير المقتدر صحيًّا على الحج نهائيًّا، علمًا بأني أسكن في السعودية، وقد أديت حجة الإسلام قبل عشر سنواتٍ، ووالدي خارج المملكة، ويقول: هل يجب ألا يكون علي دينٌ أنا، وأنا أحج عن أبي؟

الشيخ: هذا الإجابة عن هذا السؤال كالإجابة عن السؤال السابق؛ نقول للأخ الكريم: ما دام أن والدك لا يستطيع أن يحج بنفسه، فلا بأس أن تحج عنه، وأنت مأجورٌ على ذلك، وهذا يدخل أيضًا في البر بالوالد؛ لأنه يدخل السرور على أبيه، يدخل عليه سرورًا عظيمًا، وفرحًا كبيرًا، بأن ولده قد قام بالحج عنه، فيدخل هذا في بر الوالدين، فأنت مأجورٌ على هذا.

وأما بالنسبة للدَّين فلا حرج عليك أن تحج عن والدك؛ لأنك إنما تحج عن والدك، وليس عن نفسك، لكن إذا كان هذا الحج يحتاج إلى نفقةٍ فسداد الدين الحال هو أولى من الحج؛ لأن الحج إنما يجب على المستطيع، والدين يجب عليك أن تسدده.

فينبغي أن تقدم سداد الدين الحال على الحج عن والدك، لكن لو أذن الدائن في أن تحج فلا حرج، فتتحلل من الدائن، وتطلب منه أن يأذن لك بأن تحج عن والدك، والغالب أن الدائن في مثل هذه الأحوال يأذن ولا يمانع غالبًا.

المذيع: أحسن الله إليكم -فضيلة الشيخ- وبارك في علمكم.

عاد لنا الأخ خالد من الرياض، تفضل يا خالد.

المتصل: السلام عليكم.

المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله.

المتصل: جزى الله الجميع خير الجزاء.

المذيع: آمين وإياك.

المتصل: عندي ثلاثة أسئلةٍ إن شاء الله.

المذيع: تفضل.

المتصل: السؤال الأول: هل الحلول التي جاءت في الإسلام؛ مثلًا كتحرير رقبة في القتل الخطأ، هل مثل هذه الحلول تعود للمسلمين في المستقبل إن شاء الله؟

السؤال الثاني: لو حصل زواجٌ ووضعت المرأة بعد ستة أشهرٍ من زواجها، هل مثل هذا الابن ابن زنًا؟

السؤال الثالث: قول الله في آخر آيةٍ، لعلها في سورة يونس: أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّماوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ [يونس:18]، ما معنى هذه الآية؟

المذيع: طيب، هناك شيءٌ معينٌ في الآية التي تسأل عنها، أو تريد تفسير الآية كاملةً؟ البرنامج للفتاوى وليس للتفسير.

المتصل: لا، أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ، معنى هذه الآية: أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّماوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ.

المذيع: طيب، تسمع -إن شاء الله- الجواب من الشيخ.

شيخنا يقول: إذا كان المولود بعد ستةٍ أشهر، هل بعد ستة أشهرٍ من الزواج هل يعتبر هذا طفلًا شرعيًّا؟

الشيخ: نعم، يعتبر طفلًا شرعيًّا، وينسب لصاحب الفراش؛ لقول النبي : الولد للفراش، وللعاهر الحَجَر [9]، وأقل مدة الحمل هي ستة أشهرٍ، فما دام أن هذه المرأة أنجبت هذا الطفل بعد مضي ستة أشهرٍ، فهو طفلٌ شرعيٌّ، ويُنسب لهذا الزوج.

المذيع: أستأذنكم شيخنا، ونحن في آخر الحلقة، نريد أن نستقبل الاتصال الأخير، ونعتذر من الأخ خالد، أو ممن يسأل عن تفسير آيةٍ والبسط فيها، ونحن في برنامج للفتاوى، وخصوصًا فتاوى الحج هي ما نقدمها على غيرها من الفتاوى.

أستأذنكم شيخنا في استقبال المتصل الأخير الأخ عبدالله.

المتصل: السلام عليكم فضيلة الشيخ.

المذيع: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، يسمعك الشيخ، تفضل.

المتصل: حياك الله، في الآية يقول: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ [المائدة:3]، نحن المذكاة هذه ما نأكلها، ونتقزز منها.

الشيخ: أنت تعرف معنى المذكَّى؟

المتصل: المذكَّاة هي التي تكون بين الحياة والموت.

الشيخ: لكنها تُذبح.

المتصل: نعم، لكن نحن نتقزز منها يا فضيلة الشيخ.

المذيع: لا، قصده -يا شيخنا- التي تُحلل، التي تكون مريضةً وتُشرِف على الهلاك، وتُحلَّل بالذبح.

المتصل: وربما لما يكون العيد تقع من مكانٍ، وكذا وكذا، ما… نأكله نحن.

المذيع: طيب.

المتصل: لو الشيخ يكلمني أتكلم معه، عندنا بقيةٌ من مفردات اللغة العربية ربما نكون نحن فيها مخطئين يا أخي.

المذيع: تكلمنا معك في الحلقة الماضية عن أن المفردات هذه والمعاني لا بد أن تتفق مع ما أتى به العلماء في التفسير، وألا يفسَّر القرآن بمعرفتنا، أو بما تعارفنا عليه.

المتصل: نحن عندنا.. اللغة العربية…

الشيخ: أنت استمعت أمس لحلقة الأمس، والقانع والمعتر.

المذيع: نعم، هو نفس صاحب السؤال.

المتصل: نعم.

الشيخ: نعم، وضحنا القانع والمعتر، وأنها لا تتفق مع ما هو معروف عندكم، هذا المعروف عندكم أنه غير صحيحٍ.

المتصل: لكن عندنا كثيرٌ من مفردات اللغة العربية، كثيرة جدًا يا فضيلة الشيخ، وأنا قلت: أتكلم معك على الهواء من أجل مواضيع كثيرةٍ.

المذيع: طيب، شكرًا للأخ عبدالله.

سأل عن المذكاة يا شيخنا إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ [المائدة:3]، يقول: إن لدينا من يتقزز من ذلك، هل هذا التقزز وعدم الأكل مما يُذكى ويسمى عند البعض (المحلَّل)، الذي قبل أن تُشرِف على الهلاك البهيمة تُذبح، فهم كأنهم يتقززون من ذلك، تقززهم هذا هل يعتبر فيه شيءٌ؟

الشيخ: المذكاة أباحها الله حتى ولو أنها شارفت على الهلاك ثم أدركها الإنسان وقام بتذكيتها؛ لقول الله : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ [المائدة:3]، فقوله: إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ، يدل على أنه إذا أُدركت هذه الذبيحة وذُكِّيت فإنها تكون حلالًا، وكون الإنسان يتقذر من أكلها، أو لا يحب أكلها لا حرج عليه في هذا، لا حرج على الإنسان في هذا، لكنه لا يعتقد حرمتها، ولا يحرِّمها على الآخرين، فرقٌ بين كون الإنسان يقول: إن هذه حلالٌ ولكن نفسي لا تشتهيها، وبين أن يحرمها على الآخرين، الإشكال هو التحريم على الآخرين، ليس لإنسانٍ أن يحرم ما أحل الله.

أما كون نفسه لا تشتهي هذا المأكول، أو هذه الذبيحة، أو هذا الطعام فلا حرج عليه، والنبي لما دُعي للأكل من الضَّبِّ قال: إني أجد نفسي تعافه، إنه ليس بأرض قومي [10]، فلا يلام الإنسان على كون نفسه تعاف هذا الشيء ولا تشتهيه أو تأباه، لا حرج عليه، لكن المهم هو ألا يحرم هذا على الناس.

المذيع: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

السؤال الأخير الذي وصلنا عبر جوال البرنامج: الأخت أم ريَّان تقول: هل يجوز لي أن أضع الزكاة في شراء عُلبٍ من الماء وأضعها في المسجد؟

الشيخ: هذه العلب من الماء لا تختص بالفقراء والمساكين وأهل الزكاة، وإنما يشرب منها الجميع، يشرب منها الفقير وغير الفقير؛ ولذلك ليس لكِ أن تشتري ماءً وتضعيه في مسجدٍ وأنت لا تضمنين أنه لا يشرب منه إلا أهل الزكاة، ليس لكِ ذلك، وإنما الزكاة تكون للمصارف الثمانية الذين ذكرهم الله في آية التوبة: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ [التوبة:60]، هؤلاء هم أهل الزكاة، فوضع الماء في المساجد من الزكاة هذا يترتب عليه أنه يشرب من هذا الماء مَن ليس مِن أصحاب الزكاة، فليس لكِ إذنْ أن تفعلي ذلك.

المذيع: نسأل الله لكم فضيلة الشيخ..، وبارك في علمكم، نشكركم في ختام هذه الحلقة أن أجبتم على أسئلة الإخوة المتصلين، وكذلك الذين أرسلوا لنا عبر جوال البرنامج، شكرًا جزيلًا.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.

المذيع: شكرًا لكم أنتم أحبتنا الكرام، وحتى الملتقى بكم غدًا بإذن الله عند تمام الساعة الخامسة مساءً.

حتى الملتقى بكم نستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1, ^6 رواه البخاري: 1728، ومسلم: 1302.
^2 رواه البخاري: 1862، ومسلم: 1341، بنحوه.
^3 رواه البخاري: 1860.
^4 رواه الترمذي: 889، وابن ماجه: 3015، والنسائي: 3016، وأحمد: 18774.
^5 رواه البخاري: 1785، ومسلم: 1216.
^7 رواه مسلم: 1218.
^8 رواه البخاري: 1513، ومسلم: 1334.
^9 رواه البخاري: 2053، ومسلم: 1457.
^10 رواه البخاري: 5391، ومسلم: 1945.
zh