|categories

(15) فتاوى رمضان 1438هـ

مشاهدة من الموقع

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأهلًا ومرحبًا بكم -أحبتنا المستمعين والمستمعات- إلى حلقةٍ جديدةٍ من برنامج (فتاوى رمضان).

ضيفنا هو فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام.

في مطلع هذه الحلقة: نرحب به وبكم أحبتنا الكرام.

السلام عليكم يا شيخ سعد.

الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

وحياكم الله، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.

المقدم: حياكم الله يا شيخ سعد.

ومع أول اتصالات هذه الحلقة من (القصيم) الأخت سمية، تفضلي.

كيف يعلم المسلم أن الله يحبه وكذلك الناس؟

السائلة: كيف يعلم المسلم أنه محبوب عند الله وعند الناس؟

المقدم: شكرًا جزيلًا للأخت سمية.

سؤال عظيم! ويحتاج إلى إجابة طويلة يا شيخنا، ولكن وقت البرنامج، وهي آخر حلقة لكم –يا شيخنا- في هذا الشهر الكريم، لعلكم تختصرون في الإجابة، كيف يعلم الإنسان أن الله ​​​​​​​ يحبه وكذلك يحبه الناس؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فإن الشأن كلَّ الشأن، هو محبة الله ​​​​​​​، وأما محبة الناس فقلوب العباد بيد الله سبحانه، فإذا أحب الله تعالى إنسانًا جعل قلوب الناس تحبه، وإذا أبغض إنسانًا جعل قلوب الناس تبغضه، والمهم أن يحبك الله ​​​​​​​ حتى وإن سخط الناس، ولكن محبة الله ​​​​​​​ هي الشرف العظيم، وكل يتمنى هذا الشرف، كل يرغب في أن يحبه الله ، ولذلك حتى الكفار قالوا: إنا نحب الله، فأنزل الله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [آل عمران:31]، فإن أراد الإنسان أن ينال محبة الله ​​​​​​​ فعليه باتباع النبي ، وعليه بالاستقامة على دين الله ​​​​​​​، وقد جاء في “الصحيحين” عن أبي هريرة  أن النبي قال: إن الله تبارك وتعالى إذا أحب عبدًا نادى جبريل: إن الله قد أحب فلانًا فأحبه، فيحبه جبريل، ثم ينادي جبريل في السماء: إن الله قد أحب فلانًا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض، وإن الله إذا أبغض عبدًا نادى جبريل فأخبره بأني أبغض فلانًا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي جبريل: إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه، فتبغضه الملائكة وتوضع له البغضاء في الأرض[1].

فمحبة الله ​​​​​​​ كيف يعرف الإنسان أن الله تعالى يحبه؟

كل يتمنى هذا الشرف، أن الله يحبه، ولكن من علامة ذلك: أن الله يوفقه للعمل الصالح، وأن الله يوفقه للطاعات، ويوفقه للخير، فهذه ربما تكون من علامة محبة الله للعبد، أن الله يوفقه للطاعات والاستقامة على دينه، ومن أحبه الله تعالى؛ فإن الله تعالى يجعل له وُدًّا بين العباد؛ كما قال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا [مريم:96]، أي: محبة بين قلوب الناس.

ومن أرضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، فعلى المسلم أن يحرص على اتباع مرضات الله ​​​​​​​، حتى ولو لم يَرضَ الناسُ، حتى ولو سخط عليه الناس، يجعل محبة الله تعالى ورضاه هي المقدمة في هذا.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

حكم اللعب بلعبة الزهر

من (القصيم) الأخ أسامة، تفضل.

السائل: حكم اللعب بالنرد (النَّرْدَشِير)؟

الشيخ: ماذا تقصد بالنرد؟

السائل: اللعبة التي انتشرت التي تسمى (الشيت).

الشيخ: هي لعبة الزهر؟

السائل: نعم لعبة الزهر.

المقدم: يكون فيها (مَبَالغ) أم لعب فقط؟

السائل: لعب فقط.

المقدم: طيب تسمع الإجابة، تفضل يا شيخنا.

الشيخ: جاء في “صحيح مسلم” أن النبي قال: من لعب بالنَّرْدَشِيرِ، فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه [2]، وهذا يدل على تحريم اللعب بالنرد، سواء أكان بعوض أو بغير عوض، ولكن ما المقصود بالنرد؟

المقصود بالنرد لعبة كانت موجودة في ذلك الزمان، وتشبه ما يسمى الآن بلعبة (الطاولة)، وليس المقصود بالنرد ما يسميه الناس النرد، وهو لعبة الزهر، هذه ليست هي النرد المقصودة في الحديث، وإنما هذه لعبة كسائر الألعاب، لكن سماها بعض الناس النرد، وهي ليست المقصودة في الحديث، فهذه اللعبة إن كانت بعوض فإنها لا تجوز، وإن كانت بغير عوض، ولم تُوقِع في محرم، ولم تُلْهِ عن واجب فلا بأس بها إن شاء الله.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من (الرياض) الأخ عبدالله.

السائل: سؤال يتكون من شقين:

الشق الأول: بالنسبة لزكاة الفطر، هل يجوز أن أشتريها قبل بداية شهر رمضان وأخرجها مثلًا، حسب المتبع الذي هو قبل العيد بيوم أو يومين؟ هذا السؤال الأول.

السؤال الثاني: ومشتق من السؤال الأول: ما هي الحكمة، أو لماذا لا نعطي المحتاج أو المستحقين الفطرة في أول الشهر لكي نغنيهم عن السؤال في رمضان، نفع الله بكم وبعلمكم؟

حكم شراء زكاة الفطر في بداية رمضان

المقدم: شراء الزكاة من وقت مبكر، لكن يخرجها في وقتها؟

الشيخ: لا بأس بأن يشتري زكاة الفطر في أي وقت من السنة، المهم الإخراج لا يكون إلا قبل العيد بيوم أو يومين، فإذا كان سيشتريها ويبقيها عنده في البيت، ثم قبل العيد بيوم أو يومين يخرجها للفقراء والمساكين، فلا بأس بهذا.

الحكمة من إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين

المقدم: يسأل عن الحكمة في تحديد الوقت في العيد أو قبله بيوم أو يومين؟

الشيخ: الحكمة في تحديد وقت إخراج الفطرة قبل العيد بيوم أو يومين: هي أن المقصود بها إغناء الفقراء والمساكين يوم العيد؛ لأن يوم العيد هو يوم فرح وسرور، وهذا الفقير الذي ليس عنده شيء، لا يفرح كما يفرح غيره بالعيد، فحتى يكون هذا العيد عيدًا للجميع، ويكون يوم فرح وسرور للجميع؛ كانت الحكمة تقتضي بأن يكون إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين، ولذلك لو أخرجت في أول رمضان لصرفها الفقير، فإذا أتى يوم العيد ما عنده شيء، ولم يشارك الأغنياء فرحتهم بالعيد.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من (الرياض) الأخ عمر، تفضل.

السائل: أنا كنت مشاركًا رجلًا في الرياض هنا، وهو من أقاربي، وفضضنا الشراكة، وكل واحد أخذ حقه، لكن زادت الديون، كانت الديون حوالي ثلاثة آلاف، أنا التزمت بالثلاثة، وهو يمكن حوالي يمكن ألف وخمسمائة أو يزيد، والتزم بهذا، وأنا قضيت الرجلَ، لكن الأخ ما يقضي، هل علي شيء؟

والسؤال الثاني: يا شيخ، هناك شخص من الجماعة تناول (تُنْبَاكًا) قبل صلاة الفجر، ونام إلى بعد الفجر، فصحا والتنباك في فمه، فهل عليه شيء؟ 

حكم الديون إذا فضت الشراكة

المقدم: شيخنا، كانت بينهما شراكة، ثم فضت الشراكة حتى وزعوا الديون بينهما، سدد ما عليه، لكن الأخ الآخر لم يسدد هل يلحقه شيء؟

الشيخ: لا يلحقه شيء؛ لأنه ما دام أنهما اتفقا على الالتزام بسداد ديون معينة، وسدد الديون التي التزم بها فقد برئت ذمته، وتبقى مسؤولية سداد الديون الأخرى على شريكه.

حكم صيام من نام قبل الفجر والتنباك في فمه

المقدم: شخص وضع (تُنْبَاكًا) في فمه، ونام قبل الفجر، ولم يَصْحُ إلا الساعة السادسة بعد الفجر بساعتين أو ساعة؟

الشيخ: إذا كان لم يبتلع شيئًا منه، لم يَنفُذْ شيء منه إلى جوفه، فصيامه صحيح، أما إذا كان يعرف من نفسه أنه يبتلع شيئًا منه، ونفذ إلى الجوف بعد طلوع الفجر، فإن هذا يفسد الصيام، على أن (التُّنْبَاك) من المحرمات، وهو مما يلحق الضرر بالصحة، وهو من الخبائث، والله تعالى يقول: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157]، فمن وقع في هذا الشيء عليه أن يتوب إلى الله ​​​​​​​ وأن يتركه، وأما من جهة أثره على الصوم فعلى التفصيل الذي ذكرت، وإذا كان الأخ السائل لا يدري فالأحوط أن يقضي هذا اليوم.

المقدم: أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ.

حكم قتل النمل لإزالة الشعر

من (الرياض) أم محمد، تفضلي بسؤالك.

السائلة: ما حكم قتل النمل لتستعمله الفتاة لإزالة الشعر من جسدها، خصوصًا أن الفتاة هذه لا تقدر أن تعمل جلسة ليزر، وأيضًا شعرها كثيرٌ جدًّا؟

الشيخ: هل هذا مجرب أنه ينفع للشعر في هذا؟

السائلة: نعم، قال الدكتور وأيضًا البنت جربته، لكن ما استطاعت أن تكمل؛ لأنها خائفة من ربها.

الشيخ: يعني النمل ينفع للشعر هنا؟

السائلة: نعم ينفع.

المقدم: طيب، تسمعين الإجابة، شكرًا جزيلًا لأم محمد.

شيخنا ما حكم ذلك؟

الشيخ: إذا كان فيه فائدة، والطبيب المختص قرر هذه الفائدة فلا حرج؛ لأن جميع ما خلقه الله تعالى في الأرض إنما هو لمصلحة بني آدم؛ كما قال الله سبحانه: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة:29]، وذكر هذا على سبيل الامتنان، ولهذا؛ يذبح الإنسان بهيمة الأنعام الإبل والبقر والغنم ليأكلها، وينتفع بها، المهم أن تثبت فائدة ما ذكرت الأخت، فإذا ثبتت الفائدة؛ فلا حرج في هذا إن شاء الله.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من (القصيم) أبو مازن، تفضل.

السائل: عندي أربعة أسئلة:

الأول: واحد سألني أمس: كان على جماع مع أهله، فمع أذان الفجر ما قضى، فما حكمه؟

السؤال الثاني: عندنا جماعة يجيئون الحج ويرجعون لبلدهم، وبعد ما يرجعون يقيمون حفلًا ويذبحون بقرة، حفلًا كبيرًا، من أجل أنه حج ورجع، بحجة أن صحابيًّا من الأصحاب فعل هذا الشيء، فأنا مرةً كلمتهم فيقولون لي: لا.

الشيخ: يعني يذبحون له ابتهاجًا بقدومه؟

السائل: نعم، يقولون حفلة لاستقباله بعد أسبوع أو أسبوعين.

الشيخ: لكن الذبح يكون لله ​​​​​​​، لكن فقط لأجل أن يكرموا هذا القادم باللحم وبالوليمة، تقصد هذا؟

السائل: لا، لا، هو القادم شخصيًّا هو نفسه الذي يذبح.

الشيخ: يذبح فقط من باب الفرح والابتهاج بكونه أدى فريضة الحج؟

السائل: لا، أي شخص جاء من الحج سواء كان عمرة أو حج، يجمع الناس في أكثر من غرفة.

المقدم: يكلف على نفسه مبلغًا كبيرًا؟

السائل: نعم، يكلف مبلغًا كبيرًا.

الشيخ: يعني أي شخص يقدم للحج هو يذبح ويكرمه.

السائل: نعم يكرمهم.

المقدم: معذرة يا أبا مازن، كل من يؤدي عمرة أو حج هو من يذبح؟

السائل: هو من يذبح نعم.

المقدم: هو من يعمل الوليمة صحيح؟

السائل: نعم هو.

السؤال الثالث: أنا طالب علم لكن متوسط، ففي بعض القروبات وعندهم استفسارات ويستفتونني وأنا أرفض، ويقولون أنت عندك علم وما تفتينا!

الشيخ: وأنت تعرف الإجابة؟

السائل: أحيانًا أعرف الإجابة وأحيانًا لازم أضطر أعمل بحث، أو أسأل شخصًا آخر.

المقدم: السؤال الرابع؟

السائل: فقط هذا هو الثالث.

المقدم: شكرًا جزيلًا لأبي مازن، تسمع الإجابة إن شاء الله.

حكم صيام من انتهى من الجماع مع أذان الفجر

يسأل: أن أحدهم جامع زوجته، لكن انتهى مع أذان الفجر؟

الشيخ: ما دام انتهى مع أذان الفجر فلا حرج، وهذا الجماع مثل الأكل والشرب؛ النبي عليه الصلاة والسلام قال: إذا سمع أحدكم النداء والإناء في يده فلا يضع حتى يقضي حاجته منه [3]، أخرجه أبو داود، وهو حديث صحيح، وإذا كان هذا مع الأذان فلا حرج عليه إن شاء الله، والأصل صحة الصيام، والأصل بقاء الليل.

حكم إقامة الولائم بعد أداء الحج والعمرة

المقدم: يقول: اعتدنا في بلادنا أن من يقدم من حج أو عمرة أنه يعمل وليمة للناس وليمة كبيرة جدًّا، ويجمع الناس، فلما كنت أنصحهم في ذلك يقولون: إنه ورد عن بعض الصحابة فعل ذلك؟

الشيخ: إذا كان هذا الشخص الذي يقوم بعمل هذه الولائم إكرامًا لمن قدم من الحج أو العمرة، إذا كان مقتدرًا وأراد بذلك الإكرام فلا بأس بهذا؛ لأن هذا من العادات، فهو إكرام لهذا الغائب الذي قدم ولا حرج فيه، وقد ورد ما يدل على جوازه، إكرامًا لقدوم الغائب، بمثل هذا التصرف، المهم أن يكون قادرًا على ذلك لا يكلف على نفسه، وأيضًا، لا يصحب هذا شيء من الإسراف، وإنما بعدما يعمل هذا الطعام ويأكل منه الناس الباقي يصرف للفقراء أو المساكين ونحو ذلك، فمثل هذا لا بأس به، هذا من قبيل الإكرام وإكرام الضيف وإكرام الغائب إذا قدم هذا من الأمور الحسنة.

المقدم: سواء الإكرام من الحاج نفسه أو من أهل بلده؟

الشيخ: نعم، هذه كلها من العادات، والأصل في العادات الحل والإباحة، كل هذه الأمور الأصل فيها الجواز.

حكم ترك طالب العلم الإجابة عن استفسارات الناس

المقدم: يقول: إنه طالب علم، لكن في بدايته، وتأتيه بعض الاستفسارات ويرفض الجواب خوفًا من أن يتجرأ على الفتيا؟

الشيخ: أنصح الأخ الكريم بأن يكون متفاعلًا مع الناس، فإن المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وما كان يعرف إجابته يجيب، وما لم يكن يعرف إجابته يقول: سوف أسأل لكم العلماء، ويسأل ويأتي لهم بالإجابة، ويدعوهم إلى الله ​​​​​​​، ويضع مقاطع دعوية مفيدة، ويضع فتاوى مفيدة، ويكون متفاعلًا لا منزويًا، فما دام أنه طالب علم فينبغي أن يكون عنده حرص على الدعوة إلى الله ​​​​​​​، وحرص على نشر العلم الصحيح، ويتلقى أسئلة من في هذه المجموعة، ويجيب عما يعرفه، أو يقول: الشيخ الفلاني أفتى في هذه المسألة بكذا مثلًا ممن يثق فيه من أهل العلم، وإذا لم يكن يجد إجابة يقول: سوف أسأل لكم، وآتيكم بالإجابة، هذا أحسن من أن يكون سلبيًّا ولا يتجاوب معهم، ويقاطعهم أو يريد الخروج من هذه المجموعة.

المقدم: والناس يا شيخنا بحاجة؟

الشيخ: نعم، الناس بحاجة إلى العلماء، وإلى طلبة العلم، وإلى الدعاة إلى الله ​​​​​​​؛ لكي يوجهوهم ويرشدوهم ويذكروهم، هذه الآن فرصة، يعني وجود مثل هذه المجموعات هي من الفرص الكبيرة للدعوة إلى الله ​​​​​​​، دعوة الناس إلى دين الله سبحانه، وإلى الاستقامة على طاعة الله ​​​​​​​، نقل المقاطع الدعوية المفيدة ونشر العلم الصحيح، فهو يستطيع أن يصل إلى هؤلاء في بيوتهم، هذه من نعم الله علينا، ينبغي للأخ الكريم -ما دام أنه طالب علم- أن يكون فاعلًا، وأن يكون مؤمنًا قويًّا، فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من (جدة) الأخ محمد، تفضل.

السائل: ما حكم من يقول: من يصلي مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة، أنا أصلي التراويح فقط، لكني أوتر في البيت، هل آخذ أجر قيام الليلة؟

الشيخ: لماذا لا توتر مع الإمام؟

السائل: لأن عندي عمل؛ أصلي التراويح فقط وأوتر في البيت، آخر الليل أوتر في البيت الساعة الثالثة، أو الثانية.

والسؤال الثاني: العمرة، أنا اعتمرت، وعندما حللت وقصرت، قال لي: لا، ما ينفع أنا أقصر لك، لا بد أن يكون إنسانًا متحللًا هو الذي يقصر لك، فهل هذا الكلام يجوز؟

المقدم: التقصير يعني تأخذون من كل جهة؟

السائل: نعم، التقصير، أنا أريد أن أحلق حلقًا كاملًا وهو يقول: لا، أنا وأنت معتمران؛ لا يجوز أن أقصر لك، لا بد أن تبحث عن إنسان متحلل هو يقصر لك، فقلت له: هل هذا الكلام يجوز أو ما يجوز؟

المقدم: طيب تسمع الإجابة.

من ينصرف قبل الوتر هل يكتب له قيام ليلة؟

يقول: حكم من ينصرف قبل الوتر؛ لأن لديه عملًا ويقول: يوتر في آخر الليل، لكن هل آخذ فضل ما جاء في الحديث أنه يحسب له قيام ليلة؟

الشيخ: الأفضل أن لا ينصرف حتى ينصرف الإمام؛ فإن النبي يقول: من قام مع الإمام حتى ينصرف -يعني: حتى يسلم من الركعة الأخيرة- كُتب له قيام ليلة [4]، وظاهر هذا: أنه إذا انصرف قبل انصراف الإمام، لا يحوز على هذا الفضل المذكور في الحديث؛ فأنصح الأخ الكريم بأن يستمر مع الإمام، وأن لا ينصرف حتى ينصرف الإمام من الركعة الأخيرة، وإن كان عنده عمل ولا يتيسر يمكن أن يبحث عن إمام مسجد مثلًا، يبكر بالصلاة حتى يصلي معه الصلاة كاملة، فيحوز على هذا الأجر، فإن لم يتيسر هذا ولا ذاك، فلا حرج عليه، يصلي ما تيسر من التراويح ويوتر في آخر الليل، وصلاة التراويح ليست واجبة، هي مستحبة، والأمر في هذا واسع، والحمد لله.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

حكم تقصير المحرم لغيره

يسأل عما وقع له عندما كان سيقصر لصديقه في العمرة، فقال له: لا بد من إنسان انتهى من عمرته حتى يقصر لنا، أما نحن لازلنا على النسك؟

الشيخ: لا بأس أن يتولى التقصير هو أو غيره، حتى وإن كان غيره محرمًا؛ لأنه إنما يفعل أمرًا مشروعًا، وهو هذا الحلق أو التقصير، فهو لا يفعل أمرًا محرمًا، ولذلك؛ فلا حرج في أن يتولى هو التقصير لنفسه أو أن يتولى غيره التقصير أو الحلق، ولو كان ذلك الغير محرمًا؛ لكونه إنما يفعل أمرًا مشروعًا وليس أمرًا محرمًا.

حكم التقصير لجميع الرأس عند التحلل

المقدم: بشرط أن يكون التقصير لجميع أجزاء الرأس؟

الشيخ: نعم، لا بد أن يكون التقصير شاملًا لجميع الشعر، فأما تقصير شعيرات من جهة اليمين وأخرى من اليسار وأخرى في الوسط، هذه لا تجزئ؛ لا بد أن يشمل تقصير جميع الشعر، ولذلك؛ الأحسن أن يستخدم الماكينة، أو أن يتأكد من أن المقصر قد شمل بالتقصير جميع شعر رأسه.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

من (الرياض) الأخ محمد، تفضل.

حكم من منعه الأطباء من الصيام

السائل: أنا -يا شيخ- مريض بالسكر، وأصبت قبل رمضان بأربعة شهر بتليف في الكبد، فمنعوني الأطباء من الصيام، فماذا علي يا شيخ؟

سؤالي الثاني: ما حكم الذهب الملبوس المستخدم هل عليه زكاة؟ بارك الله فيك يا شيخ.

المقدم: وإياك، وشفاك الله أخي محمد، تسمع الإجابة إن شاء الله.

سؤاله عن الصيام يا شيخنا، ماذا عليه؟

الشيخ: بالنسبة للصيام: يجوز له أن يفطر في نهار رمضان، ويطعم عن كل يوم مسكينًا، ما دام أن الطبيب قد نصحه بسبب ما ذكر من المرض، فيلتزم بتعليمات الطبيب، ويفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا؛ فالله تعالى يقول: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، هذا في حق المريض القادر على القضاء، لكن إذا كان مثل ما وصف الأخ السائل أنه لا يستطيع الصيام، ولا حتى القضاء، فإنه يطعم عن كل يوم مسكينًا.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

حكم الزكاة على الذهب الملبوس

يسأل عن الذهب الملبوس للمرأة عليه زكاة؟

الشيخ: الذهب الملبوس للمرأة لا زكاة فيه، في أرجح قولَيِ العلماء، ذلك؛ لأن القاعدة الشرعية: أن ما كان مُعدًّا للاستعمال والقِنْيَة لا زكاة فيه، لقول النبي : ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة. متفقٌ عليه[5]، ولذلك؛ بيت الإنسان لا زكاة فيه، سيارته لا زكاة فيها، الفرش وأواني المنزل لا زكاة فيها، هكذا أيضًا، الحلي المعد للاستعمال لا زكاة، ومن ذهب إلى إيجاب الزكاة فيه اعتمد على أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي ، كما قال الترمذي: لا يصح في هذا الباب شيء.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.

تبقى دقائق يسيرة في آخر هذه الحلقة، خصصتها لأسئلةٍ كثيرةٍ وصلت، لَعلِّي أقرأ بعضها يا شيخنا، ولعلكم مشكورين أن تختصروا في الإجابة قدر الإمكان.

حكم قراءة القرآن في وقت العمل

يقول: ما حكم قراءة القرآن في وقت العمل، هذا أحد الإخوة سألني وقلتُ: هل يؤثر على العمل أو لا يؤثر؟ قال: إنه يؤثر، ما الجواب في ذلك؟

الشيخ: إذا كان يؤثر على العمل فليس له أن يفعل ذلك؛ لأن أداءه للعمل واجب، ويتقاضى عليه أجرًا، وقراءة القرآن مستحبة، والفقه ألا يقدم المستحب على الواجب، ما دامت قراءة القرآن تؤثر على العمل فليس له أن يقرأ القرآن، لكن يقرأ القرآن خارج وقت العمل.

حكم العمرة عن القادر

المقدم: هنا محمد، سوداني مقيم في مكة، يقول: هل يجوز لي أن أعتمر عن نفسي ثم عن والدتي، علمًا بأنها على قيد الحياة وبعافية -ولله الحمد- ولكن لا أستطيع ماديًّا أن أحضرها للعمرة؟

الشيخ: ما دامت والدته حية وقادرة فليس له أن يعتمر عنها، في أرجح أقوال أهل العلم، إنما النيابة في العمرة، وكذا الحج، تكون عن الميت وعن الحي العاجز، أما الحي القادر فليس له ذلك، فينتظر يدعو، يكتفي بالدعاء لها، ويسأل الله تعالى أن يرزقه مالًا لكي يستطيع أن يحضرها وتؤدي العمرة، وهي ليس عليها شيء؛ الحج والعمرة إنما يجبان على المستطيع، وغير المستطيع لا يجبان عليه، وذمتها بريئة والحمد لله.

حكم استخدام عطر المسجد للأشياء الخاصة

المقدم: الأخت تركية تقول: نعطر سجاداتنا الخاصة بالعطورات الموجودة في المسجد عند أداء صلاة التراويح، ما الحكم؟

الشيخ: إذا كانت هذه العطورات خالية من الكحول فلا بأس، بل هذا من الأمور الحسنة الطيبة.

المقدم: تقصد أنها من المسجد، هل يجوز لنا؟ لأنها تأخذ سجادتها إلى المسجد، تصلي ثم تتعطر من عطر المسجد وترجع إلى بيتها بسجادتها، تقول: استخدام هذا العطر؟

الشيخ: إي نعم، استخدام عطر المسجد لسجادتها، الأصل أن عطر المسجد إنما يكون لسجاد المسجد؛ لأنه وقف أو متبرع به للمسجد، فما دام أن الأخت الكريمة تسأل عن براءة ذمتها، فلا تستخدم هذا العمل المخصص للمسجد.

هل تقال أذكار النوم في نوم النهار؟

المقدم: هنا أحد الإخوة يقول: كثيرون يحرصون على أذكار النوم، ولكن قد يتعذر عليهم النوم ليلًا في مثل هذه الأيام، هل تقال الأذكار في نوم النهار؟

الشيخ: نعم، تقال في نوم النهار، إذا كان لا ينام مثلًا إلا بعد صلاة الفجر، فقبل أن ينام يأتي بأذكار النوم.

هل أكل التمر في السحور سنة؟

المقدم: يقول: ورد في الحديث: نعم سحور المؤمن التمر، هل نقول: إن أكل التمر في السحور يعد سُنة؟

الشيخ: هذا الحديث، حديث صحيح، أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة  أن النبي قال: نعم سحور المؤمن التمر [6]، وهو يدل على أن السحور سنة، وأن من أحسن ما يتسحر به التمر، ولكن ليس فيه دلالة ظاهرة على استحباب أكل التمر في السحور؛ وإنما هو مدح للتمر، مثل مدح النبي عليه الصلاة والسلام للعسل مثلا، أو إخباره بأن الشفاء في إحدى ثلاث: كية نار أو شربة عسل [7]، وكذلك أيضًا: الحجامة: إن أمثل ما تداويتم به الحجامة [8]، أيضًا، وغير ذلك مما ورد مما مدحه النبي عليه الصلاة والسلام من الأطعمة، هذه إرشادات من النبي عليه الصلاة والسلام لهذه الأطعمة وهذه الأمور، لكن هذا لا يقتضي القول باستحبابها، فلا يقال مثلًا: إن الحجامة مستحبة. ولا يقال: إن تناول العسل مستحب. وهكذا أيضًا، بالنسبة للتمر، هو يقال: إنه من أفضل ما يتسحر عليه. لكن لا يقال باستحباب التسحر عليه، وإنما الذي وردت به السُّنة: استحباب التسحر عمومًا، كما أرشد إلى ذلك النبي ، وقال: لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر [9]، وكان عليه الصلاة والسلام يقول: تسحروا فإن في السحور بركة [10]، وهذا أمرٌ، وأقلُّ ما يفيده الأمر: الاستحباب، إلى غير ذلك مما ورد، فالتسحر سنة، وتأخيره كذلك سنة، ولكن ليس هناك دلالة ظاهرة تدل على استحباب التسحر على التمر، لكن هذا الحديث: يدل على أنه من أفضل ما يتسحر عليه من الأطعمة.

تصدقَت بمبلغ فحوَّله ولدها من حسابه وولدها لا يزكي

المقدم: سؤال أخير معنا: أم فائز من (الطائف)، تقول: امرأة تريد أن تتصدق بمبلغ 1,500 ريال لإحدى الجمعيات، ولكنها لا تستطيع أن تذهب إلى البنك لتودعها بنفسها، فتعطي ابنها هذا المبلغ نقدًا، ثم يقوم هو بتحويل هذا المبلغ من حسابه الخاص في البنك، عن طريق الإنترنت مع العلم أن ابنها لا يزكي ماله فهل عليها شيء؟ وماذا يترتب على ذلك؟

الشيخ: ليس عليها شيء، ويعتبر هذا المبلغ قد وصل إلى هذه الجمعية؛ لأن النقود لا تتعين بالتعيين، فإذا كان مثلًا عند الإنسان ألف ريال، وأعطاها لشخص وطلب منه أن يعطي غيره ألف ريال، فأعطاه إياها فقد وصلت، فليس المقصود الألف ريال هذه الأوراق نفسها الألف الريال، إنما المقصود قيمتها، فهي لا تتعين بالتعيين.

المقدم: ولا يؤثر عليه كونه لا يزكي ماله؟

الشيخ: ليس لعدم زكاته ماله علاقة، هو مجرد أنه أوصل هذا المبلغ للجمعية، مستخدمًا التقنية، وأما كونه عنده تقصير في الزكاة، أو في الصلاة، أو في غير ذلك، فليس لهذا علاقة بتوصيله لصدقتها.

المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم شيخنا.

نشكركم في ختام هذه الحلقة، وهي المتممة لخمسة عشر حلقة، والنصف الأول من هذا البرنامج.

سعدنا باستضافتكم في هذه الحلقات يا شيخ سعد.

الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين، وأستودع الله تعالى الإخوة المستمعين، وأسأل الله ​​​​​​​ أن يبارك لنا جميعًا في شهر رمضان، وأن يعيننا على إتمام صيامه وقيامه على الوجه الذي يرضيه، وأن يستعملنا جميعًا في طاعته.

وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 البخاري: 3209، ومسلم: 2637/ 157.
^2 مسلم: 2260.
^3 أبو داود: 2350.
^4 رواه أبو داود: 1375، والترمذي: 806، والنسائي: 1363، وابن ماجه: 1327، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
^5 البخاري: 1464، ومسلم: 982.
^6 أبو داود: 2345.
^7 رواه البخاري: 5680.
^8 رواه البخاري: 5696.
^9 رواه البخاري: 1957، ومسلم: 1098.
^10 رواه البخاري: 1923، ومسلم: 1095.