بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على النبي الأمين وآله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ومرحبًا بكم -أحبتنا الكرام- إلى حلقةٍ جديدةٍ من برنامج (فتاوى رمضان).
مع ضيفنا فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض.
في بدء حلقتنا باسمكم وباسم فريق العمل نرحب بضيفنا: السلام عليكم يا شيخ سعد.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وحياكم الله، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.
المقدم: حياكم الله يا شيخ سعد، ومع أولى الرسائل التي وصلتنا عبر جوال البرنامج، هذه أم عبدالعزيز تقول: الوالدة امرأة كبيرة في السن، وعندها جفاف في الحلق، وتشرب الماء كل نصف ساعة أو أقل، تقول: إنها صامت أول يوم من رمضان، وتعبت جدًّا، هل يجوز لها الفطر كل رمضان أم لا؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن الله أباح الفطر للمريض، وبدأ به في الرخصة، فقال: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].
فمن كان مريضًا يتضرر بالصيام، أو يشق عليه معه الصيام مشقة شديدة، جاز له الفطر في نهار رمضان.
وعلى هذا نقول للأخت السائلة: ما دام أن والدتك تضررت بالصيام في اليوم الأول؛ فلا بأس أن تفطر بقية أيام الشهر، ما دام أن الصوم يضرها، أو يلحقها الحرج، وبعد ذلك إن استطاعت أن تقضي بعد رمضان؛ فإنها تقضي ولا شيء عليها غير ذلك، وإن كانت لا تستطيع القضاء بعد رمضان، فتطعم عن كل يوم مسكينًا.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
شيخنا، في مثل هذه الأخت التي لا تستطيع أن تترك شرب الماء لمدة طويلة، هل نقول لها: إنها لا تستطيع الصيام في خلال العام كله، حتى في أيام الشتاء، ويكون عليها أن تفطر وتطعم عن كل يوم؟
الشيخ: المرجع في هذا لأهل الاختصاص وهم الأطباء، فإذا قرر طبيبٌ مختصٌّ أن هذه المرأة يضرها الصيام، أو أنها يلحقها الحرج بالصيام بسبب وضعها الصحي؛ فلها أن تفطر، ولا يلزمها الصيام طيلة أيام السنة، ما دام أن الصيام يضرها.
أما إذا قرر الطبيب المختص: أنها لا تستطيع الصيام فترة مؤقتة فقط، وأنها فيما بعد -ربما في أيام الشتاء- تستطيع القضاء فإنها تقضي؛ فالمرجع في ذلك لرأي الطبيب المختص.
السؤال: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
هنا أحد الإخوة يقول: أنا أمين صندوقٍ لمجموعةٍ من الأقارب؛ هل يجوز أن أعطي من زكاة الصندوق ابني المتزوج المريض بالفصام، وكذلك ابنتي الأرملة وأبناءها الصغار، مع العلم أن دخلهم لا يكفي؟
الشيخ: أولًا: لا ندري عن طبيعة هذا الصندوق، هل هو صندوق استثماري، أو صندوق اجتماعي تعاوني؟
فإن كان صندوقًا اجتماعيًّا تعاونيًّا، بحيث من يضع في هذا الصندوق مساهمته لا ترجع إليه، وإنما تصرف في حوائج الأسرة، وتصرف على المحتاجين من أفراد الأسرة، مثل سائر الصناديق العائلية؛ فهذه لا زكاة فيها.
أما إذا كان هذا الصندوق استثماريًّا، ليس صندوقًا خيريًّا، وإنما هو صندوقٌ استثماريٌّ، يضع مجموعةٌ من الأقارب أموالًا في هذا الصندوق ويستثمرونها؛ فهذا تجب فيه الزكاة.
أما كونك تأخذ من هذه الزكاة، وتعطيها ابنك أو ابنتك، فهنا ننظر لطبيعة تفويض القائمين على هذا الصندوق لك على أن توزعها؛ فإن طلبوا منك أن توزعها للآخرين المحتاجين، فإنك توزعها على المحتاجين، ولا تخص بها أولادك من ابنك أو ابنتك.
أما إذا لم يفعلوا ذلك، وإنما أنت من تلقاء نفسك الذي تريد أن تأخذ زكاة هذا الصندوق، وتوزعها بحكم طبيعة عملك؛ باعتبار أنك أمين الصندوق، ولم تُفَوَّض من قِبَل غيرك، فحينئذٍ لا حرج عليك أن تعطي الزكاة لهؤلاء؛ باعتبار أنهم مستحقون للزكاة.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
أول الاتصالات معنا في هذه الحلقة من الطائف أبو رهف، تفضل.
السائل: السلام عليكم، عندي سؤالان يا شيخ سعد، الله يحفظك.
السؤال الأول: المقصود في الحديث: أنها تعادل مائة ألف صلاةٍ في الحرم، هل المقصود الصلاة داخل حدود الحرم؟
المقدم: قصدك: في المسجد، أو في حدود الحرم؟
السائل: نعم.
السؤال الثاني: معروف أن المصلي له أربع تأشيرات في الصلاة، فإذا دخلت مع الإمام في الركعة الثانية على افتراض صلاة العصر، فقام الإمام للركعة الثالثة، فهل أؤشر بيدي، قام للركعة الثالثة، طبعًا من التشهد الأول؟
المقدم: كيف أربع تأشيرات؟.
السائل: يعني أربع تكبيرات بالأيدي، رفعة اليد.
الشيخ: رفع اليدين.
المقدم: رفع اليدين قصدك.
السائل: فإذا دخلت أنا معه في الركعة الثانية، هل أرفع يدي إذا قام من التشهد الأول، أم إذا قام من الركعة الثالثة؟
المقدم: شكرًا جزيلًا للأخ أبو رهف، لو تجيبنا يا شيخ على سؤاله الثاني؛ استوضحتَ أنت منه.
الشيخ: نعم إذا دخل المسبوق مع الإمام في الركعة الثانية، وقام الإمام، وهي في حقه الركعة الثالثة، وفي حق المسبوق الركعة الثانية، فالأخ الكريم يسأل يقول: هل أرفع يدي؟ نقول: لا، بالنسبة لك هي الرفعة الثانية، فلا يكون رفع اليدين إلا عند القيام من التشهد الأول، وعند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع منه، في هذه المواضع الأربعة، وأنت بالنسبة لك لا يعتبر هذا من هذه المواضع الأربع باعتبارك مسبوقًا.
المقدم: سؤاله الأول يا شيخنا يقول: هل فضيلة مائة ألف صلاةٍ، في المسجد الحرام فقط، أو في كل حدود الحرم؟
الشيخ: هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، فمن أهل العلم من قال: إن التضعيف يشمل جميع حدود الحرم؛ فمن صلى في أي بقعة من منطقة الحرم يحوز على هذا التضعيف.
والقول الثاني: إن التضعيف خاصٌّ بالمسجد الحرام فقط، ولا يشمل بقية حدود الحرم، وهذا القول هو الأقرب والله أعلم؛ أن التضعيف أو المضاعفة خاصةٌ بالمسجد الحرام الذي فيه الكعبة، ومما يدل لذلك ما جاء في “صحيح مسلم” من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي قال: صلاةٌ في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاةٍ فيما سواه من المساجد، إلا مسجد الكعبة [1]، فقوله: إلا مسجد الكعبة، نصٌّ في أن المقصود به المسجد الذي فيه الكعبة، وأنه لا يشمل جميع الحرم، ومما يدل لذلك أن النبي قال: لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى [2].
ومن المعلوم أنه لا يجوز شد الرحل إلى مسجد من مساجد مكة، غير المسجد الحرام، وما يشد إليه الرحل هو الذي تكون فيه المضاعفة، لو أراد أحد مثلًا أن يشد الرحل للصلاة في جامع الراجحي في مكة مثلًا، نقول: إن هذا لا يجوز؛ لأن الاستثناء في قوله: إلا المسجد الحرام، المقصود به مسجد الكعبة.
وعلى هذا؛ فالتضعيف خاصٌّ بمسجد الكعبة بالمسجد الحرام فقط.
لكن مع ذلك، الصلاة في الحرم، أو في منطقة الحرم أفضل من الصلاة في الحِل؛ لأن النبي لما نزل الحديبية، وكان بعضها في الحل وبعضها في الحرم، كان إذا أراد أن يصلي دخل في الحرم وصلى فيه، مع أنه كان نازلًا في الحِل، لكن كان إذا أراد أن يصلي دخل في حدود الحرم، وهذا يدل على أن الصلاة في الحرم أفضل، لكنه لا يدل على حصول التضعيف الخاص في مسجد الكعبة.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من الدَّمَّام أبو بتال، تفضل.
السائل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يا شيخنا، أمس أول رمضان كان عندي الأولاد لا يأكلون، فقلت: والله لأجيء لكم بوجبة من الخارج، فما أكلوا معي الفطور، ورحنا من الغد نشوف المحل هذا، فلقيناه مغلقًا، فهل تلحقني الكفارة؟
الشيخ: يعني ما (أحضرت) لهم من خارج؟
السائل: لا، وجدناه مغلقًا.
المقدم: لما قلت هذه المقولة، تقصد (أحضر) لكم الآن أو حتى فيما بعد؟!
السائل: لا، من غدٍ، من بكرة، يعني اليوم أفطرنا، بكرة إن شاء الله أحضر لكم وجبة إذا فطروا معنا، فرُحنا للمحل وجدناه مقفلًا.
السؤال الثاني يا شيخ: الصلاة الإبراهيمية كيف إذا ذُكِر الرسول ، نقول: صلى الله عليه وسلم، أم نذكر الصلاة الإبراهيمية كاملة؟
السؤال الأخير: بالنسبة لصلاة التراويح، الإمام لا يمهلك أن تقرأ الفاتحة معه على طول الاستفتاح فقط؟
المقدم: تسمع الإجابة إن شاء الله، شكرًا جزيلًا لأبي بتال.
المقدم: سؤاله الأول: أنه حلف أن يأتي لأبنائه بوجبة، فذهب للمحل، فوجده مغلقًا، الحلف هل يكفر عنه أو يستطيع فيما بعد أن يأتي لهم بما حلف عليه؟
الشيخ: إذا استطاع أن يحقق ما حلف عليه بأن يأتي لهم بوجبة فإنه لا يحنث، أما إذا لم يستطع، أو أنه قصد ذلك الوقت فقط، فيكون عليه كفارة يمين؛ يطعم عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة؛ فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، فيطعم عشرة مساكين عن هذه الكفارة.
المقدم: يقول: إذا ذُكِرَ النبي هل يصلى عليه الصلاة العادية: صلى الله عليه وسلم، أو: عليه الصلاة والسلام؟ أو الأفضل أن يصلى بالصلاة الإبراهيمية: اللهم صل على محمدٍ وآل محمدٍ..؟
الشيخ: يصلى عليه إذا ذُكِر النبي ، يقال: اللهم صل وسلم على رسولك محمدٍ؛ لأن الله تعالى قال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فيقول: اللهم صل وسلم على رسولك محمدٍ.
وأما الصلاة الإبراهيمية: اللهم صل على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيدٌ، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ. هذه مما تقال في التشهد في الصلاة.
المقدم: الاقتصار على السلام أو الصلاة؟ البعض ربما يقتصر على الصلاة فقط بدون السلام، يقول: اللهم صل على محمد؟
الشيخ: الأكمل أن يسلم على النبي عليه الصلاة والسلام بعد الصلاة، فيقول: اللهم صل وسلم على رسولك محمدٍ، هذا هو الأكمل والأفضل.
المقدم: سؤاله الأخير يقول: في صلاة التراويح لا يدرك المأموم أن يقرأ الفاتحة في سكتة الإمام؟
الشيخ: قراءة المأموم للفاتحة في الصلاة الجهرية فيما جهر فيه الإمام محل خلاف بين أهل العلم؛ فذهب جمهور أهل العلم إلى أنها غير واجبة، وذهب الشافعية إلى وجوبها.
والقول الراجح ما عليه أكثر العلم: أنها غير واجبة؛ لأنه ليس هناك دليل ظاهر يدل على وجوبها على المأموم في الصلاة الجهرية فيما جهر فيه الإمام، وقراءة الإمام هي قراءة للمأموم؛ من كان له إمام فقراءته له قراءة [3].
ولهذا لما كان النبي يصلي بالصحابة ذات يومٍ، فسمع من يقرأ خلفه، فقال: مالي أنازع القرآن؟ [4].
فانتهى الناس عن القراءة خلف النبي فيما جهر فيه، هذا هو القول المرجح عند كثير من المحققين، كأبي العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى، وجمع من المحققين من أهل العلم: أن قراءة الفاتحة خلف الإمام في الصلاة الجهرية غير واجبة، وإنما تجب في الصلاة السرية، وفيما لم يجهر به الإمام من الصلاة الجهرية، كالركعة الثالثة والرابعة.
وعلى هذا فمن يصلي خلف الإمام في صلاة التراويح لا يجب عليه أن يقرأ الفاتحة؛ لأن قراءة الإمام قراءة للمأموم.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
من مكة الأخ أبو بكر، تفضل.
السائل: مرحبًا وسلامًا، يا أخي، أنا مقيم في المملكة، وأهلي في السودان، وأريد أن أخرج زكاة الفطر، هل أخرجها لأهلي في السودان، للمساكين هناك، أو أخرجها هنا عندي أنا؟ هذا السؤال الأول.
السؤال الثاني: أنا راعٍ في الخلاء، هل يجوز أن أصلي صلاة التراويح منفردًا، أم لا يجوز؟ وشكرًا، وجزاكم الله خيرًا.
المقدم: يعني ما أحد قريب منك تصلي معه صلاة التراويح؟
السائل: لا ليس بالقرب مني أحد، أنا وحدي.
المقدم: أعانك الله، تسمع الإجابة إن شاء الله.
أبو بكر من مكة يا شيخنا، يسأل: أنه مقيم في المملكة، هل يدفع زكاة الفطر هنا، أو في السودان؟!
الشيخ: لا بأس أن يدفع زكاة الفطر لأقاربه ومعارفه المحتاجين في السودان، بل إن دفعها لهم أولى من دفعها للمحتاجين هنا في المملكة؛ لأن حاجة الفقراء هناك أشد فيما يظهر، ولأنها أيضًا، زكاة فطرٍ، وصلة رحمٍ، وليس هناك دليل ظاهر يدل على أنه لا يجوز دفع زكاة الفطر في البلد الذي لا يقيم فيه الإنسان.
صحيحٌ، لو كانت الأمور متساويةً، يعني: كانت حاجة الفقراء هنا وهناك متساويةً، أو أن الفقراء هنا حاجتهم أشد، لكان دفعها هنا في المكان الذي يقيم فيه أولى، لكن ما دام أن الواقع بخلاف ذلك، وأن له أقارب في بلده وربما تكون حاجتهم أشد؛ فلا بأس أن يوكل من يدفع عنه زكاة الفطر في بلده.
المقدم: يسأل عن التراويح، وهو راعٍ، ويسكن في البرِّيَّة، وليس هناك من يصلي معه، يقول: هل أصلي التراويح لوحدي؟
الشيخ: نعم، تصليها لوحدك، وأنت على خيرٍ وعلى أجرٍ، وينبغي أن تشغل وقتك بما ينفعك في أمور دينك فتصلي صلاة التراويح، ولا تحد بعدد محدود؛ لقول النبي : صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة [5].
فتصلي ركعتين ركعتين، ثم توتر بواحدة، وتشغل نفسك أيضًا بتلاوة القرآن وبالتسبيح وبالتحميد والتهليل والتكبير، فينبغي أن تغتنم وقتك فيما ينفعك في أمور دينك.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم، من (جازَانَ) الأخت أم عيسى، تفضلي.
السائلة: السلام عليكم، أنا أحب أن أفعل الخير، والمشكلة أهلي يعارضون، ولا يحبون هذا الشيء؟
المقدم: يعني قصدك بدفع زكاة، بدفع صدقة.
السائلة: يعني لو رأيت أحدًا محتاجًا أعطيه، لو فعلت فطورًا لا يعجبهم، لو فعلت من غير رضاهم، يعني يجوز؟
المقدم: هذا من مالك أو من البيت؟
السائلة: لا، يعني من البيت هو أصلًا جاء من أهل الخير وأنا أخرجه للخير.
المقدم: أنتم محتاجون أصلًا؟
السائلة: ليس بشكل كبير، الحمد لله.
المقدم: طيب، تسمعين الإجابة إن شاء الله يا أم عيسى.
شيخنا أم عيسى تقول: إنها في بيتها مع أهلها تعمل شيئًا من الإفطار أو غير ذلك من الطعام وتعطيه المحتاجين، لكن أهلها لا يرضون بذلك.
الشيخ: ليس لها أن تفعل هذا إلا بإذن أهلها؛ لأن المال ليس مالًا لها، وإنما هو مال لوالدها، فليس لها أن تتصرف في غير مالها بدون إذنه، فيمكن أن تستأذن من والديها، وأن تبين لهم فضل الصدقة، وفضل إطعام الطعام، وفضل تفطير الصائمين، فإن استطاعت أن تقنعهم فحسن، وإن لم تستطع أن تقنعهم، ولم يرضوا بذلك فإنها لا تفعل هذا؛ لأنها تتصرف في غير مالها.
نعم، لو كانت تريد أن تفعل الخير من مالها هي، لا بأس، وهي مأجورة على هذا، لو أرادت أن تتصدق من مالها، أو تفطر الصائمين من مالها، أو نحو ذلك فلا بأس، أما أنها تريد أن تفعل هذا من مال غيرها، فلا بد من استئذان صاحب المال، وإلا، ليس لها ذلك.
المقدم: حتى ولو كان هذا المال الذي أتاهم من صدقات أو من زكوات؟
الشيخ: حتى ولو كان من صدقات وزكوات؛ لأنه لما أتاهم أصبح ملكًا لهم، كسائر الأموال التي يملكونها؛ ولأن عند أهل العلم قاعدةً، وهي: أن تبدل الملك سبب لتبدل الذات، ولهذا؛ لما أهدت بريرة للنبي هدية، قيل: يا رسول الله، إنه تُصُدِّقَ بها عليها، قال: هي لها صدقة، ولنا هدية[6].
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم، من (أَبْهَا) الأخ محمد، تفضل.
السائل: السلام عليكم، سؤالي يا أخي العزيز: زوجتي -الله يصلحها ويهديها لنا ولكم- مقترضة عليها دَينٌ، وما استطاعت أن تسدد هذا الدَّين، وأنا عندي زكاة مالٍ، فهل يجوز أن أعطيها زكاة مالي لتسدد به القرض الذي عليها؟
الشيخ: الدَّين الذي عليها دَينٌ حالٌّ أو مؤجلٌ.
السائل: لا والله ليس له وقت محدد.
المقدم: تستطيع أن تدفعه في أي وقت.
الشيخ: وهي محتاجة؟
السائل: وهي محتاجة طبعًا.
المقدم: يعني لا تستطيع أن تسدد من مالها هي؟
السائل: لا، ما تستطيع.
المقدم: تسمع الإجابة إن شاء الله، شكرًا جزيلًا للأخ محمد من (أبها).
شيخ سعد، زوجته اقترضت ولم تستطع أن تفي بالدَّين فيقول: هل أعطي من زكاة مالي لتسديد دَين زوجتي؟
الشيخ: الزوج مطالب بالنفقة على زوجته، وليس له أن يعطيها من زكاة ماله لسد حاجتها؛ لأنه مطالب هو بسد حاجتها، ولكن إذا كان عليها دَينٌ، وهذا الدَّين حالٌّ، أي أن الدائن يطالب به، وهي عاجزةٌ عن سداد هذا الدَّين، فلا بأس أن يسدد هو دينها؛ لأن تسديدها لهذا الدين ليس له علاقة بالنفقة؛ ولهذا أيضًا يجوز للإنسان أن يسدد الدين الحالَّ على والده إذا كان عاجزًا عن سداده، ولا بأس أن يسدد الوالد الدين الحال على ولده إذا كان عاجزًا عن سداده؛ لأن كل هؤلاء غير مطالبين بسداد الديون عن أقاربهم، فسداد الدين لا بأس به.
نقول للأخ الكريم: إذا كنت فقط ستسدد الدَّين الحال على زوجتك، وهي عاجزة عن سداد هذا الدين فلا بأس، وأما ما عدا ذلك: أنك تريد أن تعطيها لحاجتها، فهذا لا يصح؛ لأنها إذا احتاجت يجب عليك أنت، أيها الزوج، أن تنفق عليها من حُرِّ مالك وليس من الزكاة.
السؤال: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
هنا أحد الإخوة يسأل عن طريق جوال البرنامج، فيقول: أنا علَيَّ نذر أن أذبح جملًا إذا نجح ولدي، وأريد أن أذبح الآن بقيمة الجمل خِرفانًا؛ لأن الأغلبية لا يأكلون لحم الجمل، فهل يجوز ذلك؟
الشيخ: إذا كان الواقع كما ذكر الأخ الكريم، من أنه في بلدهم، الأغلبية لا يأكلون لحم الجمل؛ وإنما يأكلون لحم الغنم، فلا بأس بأن يذبح أغنامًا مكان هذا الجمل بقيمته؛ لأن تبديل النذر بما هو أصلح منه لا بأس به، وقد جاء عند أبي داود وغيره، بسندٍ صحيحٍ، أن رجلًا أتى النبي فقال: يا رسول الله، إني نذرتُ إن فتح الله عليكَ أن أصلي في بيت المقدس، فقال له النبي : صل ها هنا، يعني في المسجد الحرام، فأعاد عليه، قال: صل ها هنا، فأعاد عليه، قال: صل ها هنا، فأعاد عليه، قال: شأنك إِذَن [7].
فالنبي أمر هذا الرجل بأن يصلي في المسجد الحرام، مع أن نذره أن يصلي في بيت المقدس؛ لأن صلاته في المسجد الحرام أفضل من صلاته في بيت المقدس؛ وهكذا نقول للأخ الكريم: إذا كان في بلدكم لحم الأغنام أفضل من لحم الجمال، وتريد أن تبدل النذر بأن تجعل قيمة هذا الجمل أغنامًا فلا بأس بذلك إن شاء الله.
المقدم: هنا الأخ أبو عامر يقول: هل يجوز أن أتصدق على غير المسلمين؟
الشيخ: نعم، صدقة التطوع تجوز على غير المسلمين، وقد نقل إجماع العلماء على ذلك، مما يدل لهذا: قول الله : وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا [الإنسان:8]، والأسرى وقت نزول الآية كانوا من غير المسلمين، ويدل لذلك أيضًا: أنه لما أسلم أناس، وكان لهم أقارب من غير المسلمين، تحرجوا أن يتصدقوا عليهم، وأن يصلوهم، فأنزل الله قوله: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ [البقرة: 272]. فدل هذا على أنه تجوز الصدقة على غير المسلم، لكن من صدقة التطوع.
وأما الزكاة؛ فإنها لا تجوز على غير المسلم، إلا في حالة واحدة، وهي أن يكون من المؤلفة قلوبهم.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
السؤال الثاني للأخ أبو عامر يقول: هل يجوز أن أهجر المسجد الذي بجوار بيتي؟ أظن يقصد أنه يصلي في مساجد أخرى، وليس في المسجد القريب؟
الشيخ: ما دمت تصلي مع الجماعة في المسجد؛ فلا حرج عليك، ولا يلزم أن تصلي في المسجد القريب من بيتك، المهم أنك تصلي مع الجماعة في المسجد، ولكني أنصحك بألا تفعل هذا -على سبيل النصيحة- وإن كان ذلك يجوز لك، لكن على سبيل النصيحة أنصحك بأن تحرص على أن تصلي في أقرب مسجد إلى بيتك؛ لأن صلاتك في المسجد القريب من البيت يحقق مقصود الشارع من صلاة الجماعة؛ فإن مقصود الشارع من صلاة الجماعة أن يجتمع أهل الحي، وأن يتعارفوا بينهم، وأن تسود بينهم روح التكافل الاجتماعي والمحبة والمودة، وتفقد بعضهم أحوال بعض، وهذه المعاني يفتقدها الإنسان إذا كان لا يصلي في المسجد القريب إلى بيته، فالذي أنصحك أن تصلي في المسجد القريب إلى بيتك، وأن تحرص على أن تسلم على الجيران وأن تصلهم، وأن تحسن إليهم، فهذا خير لك من أن تصلي في المساجد البعيدة.
المقدم: السؤال الأخير معنا في هذه الحلقة يا شيخ، من الأخ محمد الغامدي، يقول: إنه يَغسل الكُلى -نسأل الله أن يشفيه وجميع مرضى المسلمين، يقول: وأصلي الظهر على ظَهري؛ خوفًا من خروج الوقت؛ لأن خروجي من الغسيل بعد الرابعة عصرًا؟
الشيخ: الأحسن من هذا أنك تجمع بين الظهر والعصر؛ إما جمع تقديم قبل أن تبدأ في غسل الكُلى، وإما جمع تأخير بعدما تنتهي من غسيل الكُلى، هذا أفضل من كونك تصلي وأنت على ظهرك، لكن لو افترضنا أن مدة الغسيل امتدت، ولم تستطع أن تجمع جمع تقديم ولا جمع تأخير؛ فإنك تصلي على حسب استطاعتك: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، لكن الذي يَظهر أن وقت غسيل الكُلى لا يستوعب وقت الظهر ووقت العصر؛ فإن وقت الظهر وقت طويل، في حدود ثلاث ساعات، ووقت العصر خاصة في هذه الأيام أيضًا، وقت طويل، فبإمكانك أن تجمع بين الظهر والعصر، إما جمع تقديم، أو جمع تأخير.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
نشكركم يا شيخ سعد، في ختام هذه الحلقة، أن كنتم معنا وأجبتم على أسئلة الإخوة والأخوات.
الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: شكرًا لكم أنتم أحبتنا الكرام، وهذه تحية من الزملاء؛ من منفذ الفترة: خالد السعيدان، ومن مذيعها الزميل: عبدالرحمن الشايع، وتحية من التنسيق: جمعان الجمعان، وعبدالرحمن الحوطي، ومن الإعلامي الجديد: فرحان السبيعي ونبيل الخليف، وهذه تحية من منفذ البرنامج الزميل: فارس بن سعود المضيان، ومن الإعداد والتقديم محدثكم: فيصل بن جديان العتيبي، وهذه تحية عطرة من مخرج البرنامج: عزام بن حسن الحميضي.
حتى الملتقى بكم في حلقة قادمة بإذن الله في تمام الساعة السادسة غدًا، أستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.