الحمد لله رب العالمين، وصلاةً وسلامًا على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مرحبًا بكم -أحبتنا الكرام- إلى حلقةٍ جديدةٍ من برنامج الإفتاء المباشر (فتاوى رمضان)، عبر أثير إذاعة القرآن الكريم بالمملكة العربية السعودية.
باسمكم وباسم فريق العمل نرحب بضيف البرنامج فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور: سعد بن تركي الخثلان، أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعودٍ الإسلامية.
السلام عليكم يا شيخ سعد، وأهلًا وسهلًا بك.
الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
وحياكم الله، وحيَّا الله الإخوة المستمعين.
المقدم: مرحبًا بكم أحبتنا الكرام، ومرحبًا بأسئلتكم.
أول أسئلة هذه الحلقة: أحد الإخوة يسأل -يا شيخ سعد- عن التعجيل في الفطر، هل المقصود به أن يكون مع أذان المؤذن، أو أنه يتأخر قليلًا ليتأكد من دخول الوقت؟
الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد:
ففطر الصائم يبتدئ بغروب الشمس؛ كما قال الله تعالى: ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187]، وبداية الليل هي غروب الشمس، والمقصود بغروب الشمس: سقوط قرص الشمس عن الأفق في المكان المستوي.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: إذا أقبل الليل من هاهنا، وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس، فقد أفطر الصائم [1]، وعلى ذلك: فالعبرة بالوقت وليست العبرة بأذان المؤذن؛ لأن المؤذن قد يتأخر وقد يتقدم، فالعبرة بالوقت، إذا غربت الشمس فقد حل الفطر للصائم.
وعلى هذا نقول: متى ما تحققتَ من غروب الشمس فيستحب لك أن تبادر بالفطر، وفي وقتنا الحاضر ضَبْط وقت غروب الشمس أصبح ميسورًا عبر التقاويم وأجهزة الإحداثيات، فيمكن الاعتماد عليها، والتقاويم بالنسبة لغروب الشمس في الأماكن المستوية مضبوطةٌ، وتضبط وقت غروب الشمس بدقةٍ، فيمكن الاعتماد عليها.
وإذا كان المؤذن القريب من بيتكم إذا عُرف بانضباطه ودقته، فيمكن أن تعتمد أيضًا على أذان المؤذن، فمِن حين أن يغلب على ظنك غروب الشمس؛ إما عن طريق ساعتك ومقارنتها بالتقويم، أو عن طريق المؤذن، فيستحب لك أن تبادر بالفطر، فالسنة المبادرة بالفطر؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: لا يزال الناس بخيرٍ ما عجلوا الفطر [2].
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
نستقبل أول اتصالات هذه الحلقة من مكة، الأخت أزهار، تفضلي.
المتصلة: السلام عليكم.
المقدم: عليكم السلام، حياكِ الله.
المتصلة: لو سمحت يا شيخ، أريد أن أسأل.
المقدم: تفضلي.
المتصلة: إذا امرأةٌ نسيت أن تنوي، ما نوت، ونامت؟
المقدم: كيف نسيت، ما نوت؟ يعني: هي ما عندها خبرٌ أن غدًا مثلًا رمضان، وستصوم مع الناس؟
المتصلة: نعم، ما عندها خبرٌ، فنامت واستيقظت، قالوا: إنه غدًا رمضان.
الشيخ: لكن هذا أول يومٍ من رمضان؟
المتصلة: نعم، أول يومٍ من رمضان.
المقدم: طيب، تسمعين الإجابة.
الشيخ: وما كانت تدري أنه أعلن عن دخول رمضان؟
المتصلة: لا، ما كانت تدري.
المقدم: طيب، تسمعين الإجابة إن شاء الله، شكرًا أزهار.
من معنا؟ من عسير عبده، تفضل.
المتصل: السلام الله عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
المتصل: كيف الحال يا شيخ؟
المقدم: حياك الله، يسمعك الشيخ، تفضل بسؤالك.
المتصل: الله يسلمك، بالنسبة -يا أخي- للذي عنده مبالغ مجموعةٌ، مع مبالغ له، ومعها مبالغ رِفدٍ ومساعداتٍ، نسميها (أسلاف)، يعني سأرد هذه الأسلاف فيما بعد، هل أزكيها، أو ما عليها زكاةٌ؟
المقدم: هذه تجمعونها مثلًا إذا كان عندكم مناسبةٌ، يعطونكم (الأسلاف) هذه مثلًا إذا كان عندك زواجٌ…
المتصل: … مستشفى مثلًا، حاجةٌ، شيءٌ، جمَّع لي هذا المبلغ، وصل مثلًا إلى عشرة آلاف، جمعته مع مبلغي صار عشرين ألفًا، هل أزكي عشرين ألفًا، أو أزكي عشرةً؟
المقدم: طيب، تسمع الإجابة إن شاء الله.
الشيخ: طيب بالنسبة للأسلاف هذه أصحابها تبرعوا بها، ولن ترجع لهم؟
الطالب: لا، والله هي من باب التبرع، لكن في عادتنا أننا نرد الأسلاف في مثل ظروفٍ ما، حصلت لهم.
الشيخ: يعني: إذا أي شخصٍ من القبيلة يحصل له ظرفٌ تساعدونه منها؟
المتصل: نعم، أي شخصٍ يحصل له ظرفٌ أو شيءٌ، فإننا في العادة نعيد له سَلَفه، نسميه (إعادة السَّلَف)، ليس سلفًا إلزاميًّا، لكن سلفٌ أخلاقيٌّ ونحوه.
المقدم: طيب، واضح.
الشيخ: نعم.
المقدم: تسمع إجابة الشيخ، شكرًا عبده.
معنا أحدٌ من المتصلين؟ فاطمة، تفضلي.
المتصلة: السلام عليكم ورحمة الله.
المقدم: وعليكم السلام، تفضلي بسؤالك.
المتصلة: تجدد النية لقراءة الميت بالقرآن؟
المقدم: تجدد النية؟
المتصلة: يجوز؟
المقدم: كيف يعني؟
المتصلة: يعني يجوز قراءة القرآن على نية الميت؟
الشيخ: يعني إهداء ثواب القراءة للميت؟
المتصلة: نعم.
الشيخ: إي نعم.
المقدم: طيب، تسمعين الإجابة.
المتصلة: وهل يجوز صلاة التراويح تتقطَّع؟
المقدم: التراويح يعني تصلين أول الليل، ثم تكملين آخر الليل، صحيحٌ؟
المتصلة: نعم.
المقدم: طيب، تسمعين الإجابة.
المتصلة: والسؤال الثالث: أختي زوجها ميت، وعندها ولد عمره سنتان، تقضي عدتها في بيت زوجها، أو تأتي عندنا تقضي عدتها؟
الشيخ: بيت زوجها؟
المتصلة: نعم، مِلك.
الشيخ: إي نعم، طيب.
المقدم: طيب، تسمعين الإجابة.
المتصلة: الله يحفظكم يا رب.
المقدم: وإياكِ، شكرًا جزيلًا، شكرًا للإخوة والأخوات.
الأخت أزهار من مكة، تقول: إن امرأةً لم تعلم بدخول الشهر، ثم لما استيقظت في نهار رمضان أخبروها بذلك، وهي لم تنوِ؟
الشيخ: يلزمها قضاء هذا اليوم؛ وذلك لأنها لم تُبيِّت النية من الليل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: لا صيام لمن لم يُجمِع النية من الليل [3].
فالصيام الواجب لا بد فيه من تبييت النية من الليل؛ حتى يكون جميع النهار مشمولًا بنية الصوم؛ لأن النية في الصوم هي ركن أساسٍ؛ فإن حقيقة الصوم: إمساكٌ بنيةٍ، وهذه الأخت الكريمة مضى عليها جزءٌ من أول النهار من غير نيةٍ، ولم تبيت النية من الليل، حتى وإن لم تكن أكلت ولا شربت، فإن هذا لم يكن بنيةٍ.
وعلى ذلك: فيلزمها أن تقضي هذا اليوم إذا كان الواقع مثل ما ذكرت الأخت الكريمة، من أنها لم تعلم برمضان، وكانت نائمةً ولم تستيقظ إلا بعدما مضى جزءٌ من النهار، ففي هذه الحال تقضي هذا اليوم بعد رمضان.
المقدم: الأخ عبده سأل عن أمرٍ منتشرٍ لديهم، وهو من عاداتهم الاجتماعية، يقول: إنهم يجمعون مبالغ سماها بـ(الأسلاف)، أو حتى إعاناتٍ بينهم، يقول: هل تعتبر مثل السَّلَف -مثل الدين- لا بد أن يعيده إذا احتاجوا؟
الشيخ: نعم، هذا المبلغ لا زكاة فيه؛ لكونه متبرَّعًا به، وهذه تفعلها بعض الأسر، وبعض القبائل يُجمع عندهم مالٌ، ثم من عرض له عارضٌ، حصل له حادثٌ، احتاج لشيءٍ من هذا المبلغ، فإنه يساعَد منه.
لكن المتبرعين قد تبرعوا به، يريدون بذلك مساعدة أقاربهم، وقد يستفيدون منه، وقد يستفيد منه غيرهم، فهذا المال مالٌ متبرَّعٌ به، لا زكاة فيه، إنما فقط يزكي المال الخاص به، هو قال: عنده عشرة آلافٍ، العشرة الآلاف التي عنده يزكيها، أما العشرة الآلاف الأخرى التي هي تبرعاتٌ من أقاربه، فهذه لا زكاة فيها.
المقدم: هل قصدك -يا شيخنا- مثل الصناديق الخيرية..؟
الشيخ: مثل الصناديق العائلية، نعم.
المقدم: لكن هو ما فهمت منه أنه حصل له إما مثلًا حادثٌ، أو ربما يكون زواجٌ، أو غير ذلك، وهم أعطوه إعانةً منهم؛ لأجل هذا الأمر.
الشيخ: نعم، هذا صندوقٌ عائليٌّ يشمل الجميع، يعني: لو احتاج هو أو احتاج غيره..
المقدم: لا، هو سيصرفه لنفسه، لكنه بعد حينٍ لو أرادوا، سيتبرع من ماله.
الشيخ: الذي فهمت من السؤال هو غير هذا، إي نعم، فهمت من السؤال أنه صندوق قبيلةٍ، أو صندوق عائلةٍ، وأنهم تبرعوا به، وأن من احتاج للصرف من هذا الصندوق يساعَد منه، فهذا لا زكاة فيه.
المقدم: الأخت فاطمة تقول: إهداء ثواب قراءة القرآن للميت، هل يجوز؟
الشيخ: إهداء ثواب القراءة للميت عند جمهور أهل العلم جائزٌ، ولا بأس به، لكن الأفضل ألا يفعل هذا، وأن يقتصر على ما ورد به النص، والذي ورد به النص هو الدعاء للميت، وكذلك أيضًا الحج والعمرة، وكذلك أيضًا الصدقة، وخاصةً الصدقة الجارية، التي هي الوقف، هذه هي التي ورد النص بأنه يصل ثوابها للميت، ولكن قاس عليها جمهور أهل العلم غيرها، ومن ذلك تلاوة القرآن، فقالوا: إن ثوابها يصل للميت، لكن الذي ننصح به أن تقتصر على ما ورد به النص؛ من الحج والعمرة والدعاء والصدقة، وأما التلاوة فتجعلها لنفسها وتدعو لقريبها المتوفَّى.
المقدم: بقي لها عدة أسئلةٍ، لكن بعد استقبال بعض الاتصالات، من الجوف الأخت زينة، تفضلي.
المتصلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضلي بسؤالك.
المتصلة: يعطيكم العافية.
المقدم: الله يعافيكِ.
المتصلة: الفرق بين الحجامة والتحليل بالنسبة للصيام، الصائم، يعني أقصد…
المقدم: طيب.
المتصلة: إي نعم.
المقدم: السؤال الثاني؟
المتصلة: السؤال الثاني: في قول النبي عليه الصلاة والسلام: من صام رمضان.. [4]، ومن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه [5]، هذا يعني: يشمل الصغائر والكبائر؟
المقدم: طيب، السؤال الثالث؟
المتصلة: لا، يعطيكم العافية يا شيخ.
المقدم: وإياكِ، شكرًا زينة.
من معنا؟ أم عمر من المجمعة، تفضلي.
المتصلة: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام، تفضلي بسؤالك.
المتصلة: يا شيخ، يجوز إن أواصل على حبوب منع الحمل الكامل، يعني شهر رمضان كاملًا، يعني: لأنها تمنع الدورة، هل يجوز أو لا؟
المقدم: طيب، تسمعين الإجابة، شكرًا أم عمر.
بقي من أسئلة الأخت فاطمة تقول: هل يجوز أن أجزِّئ التراويح، هي امرأةٌ، وتصلي في بيتها، تجزِّئ التراويح أول الليل وآخر الليل؟
الشيخ: نعم، لا بأس بهذا، الأمر في هذا واسعٌ، والنبي يقول: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدةٍ [6]، بل ورد عنه عليه الصلاة والسلام في بعض الأحيان أنه كان يصلي من أول الليل، ويصلي من آخره [7].
فالأمر في هذا واسعٌ، يمكن للأخت الكريمة أن تصلي من أول الليل ما كتب الله لها أن تصلي، ثم تصلي من آخر الليل أيضًا، ثم توتر بواحدةٍ، فلا وتران في ليلةٍ، إنما يكون الوتر مرةً واحدةً، والأفضل أن تجعل الوتر آخر صلاتها بالليل؛ لقول النبي : اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا [8].
المقدم: سؤالها الثالث: تقول: وقت الحداد، هل للمرأة أن تجلس في بيتها، أو تذهب إلى بيت أهلها؟
الشيخ: تبقى المرأة في بيت زوجها الذي توفي وهي فيه؛ وذلك لقول النبي لفُرَيعة بنت مالكٍ رضي الله عنها: امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله [9].
فالأصل أن المرأة تعتد في بيت زوجها، إلا إذا كان هناك سببٌ يستدعي انتقالها إلى بيت أهلها أو غيره.
أما إذا لم يكن هناك سببٌ، وهي قد ذكرت أن بيت زوجها بيتٌ مِلكٌ، وليس هناك سببٌ يقتضي الانتقال، فإنها تقضي العدة في بيت زوجها.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
نستقبل اتصالًا من مكة، تفضل يا محمد.
المتصل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، تفضل بسؤالك.
المتصل: شيخ سعد بارك الله فيك، حديث آكل الثوم والكراث والبصل، الوارد فيه النهي، هل هو نهي كراهةٍ، أم نهي تحريمٍ؟ أحيانًا نأكل دجاجًا مع ثومٍ مهروسٍ، يعني الوجبة تكون صحيةً وتقوي جهاز المناعة، فما أدري، ونريد أن نذهب للصلاة؟
المقدم: أهم شيء الرائحة تكون موجودةً، أو غير موجودةٍ؟
المتصل: الله أعلم، نريد أن أعرف…، نهي كراهةٍ أم نهي تحريمٍ؟
المقدم: طيب، تسمع الإجابة.
المتصل: إذا سمحتم بسؤالٍ ثانٍ.
المقدم: تفضل.
المتصل: صور ذوات الأرواح توجد في المجلات، وفي بيوتنا، وفي الجرائد والشوارع، هل تؤثر على وجود الملائكة في بيوتنا، يعني الصور الثابتة في المجلات وما إلى ذلك، حتى في المواد الغذائية على سبيل المثال، وجزاكم الله خيرًا؟
المقدم: واضحٌ، تسمع الإجابة إن شاء الله، شكرًا جزيلًا للأخ محمدٍ.
الأخت زينة تقول: هل هناك فرقٌ بين الحجامة والتحليل في موضوع الفطر، يعني سحب الدم للتحليل؟
الشيخ: إذا كان الدم المستخرج مع التحليل كثيرًا، فلا فرق بينه وبين الدم المستخرج لأجل الحجامة، فإذا كان الدم المستخرج لأجل التحليل؛ مثلًا خمسة (براويز)، أو خمسة أنابيب، فهذا في معنى دم الحجامة، لا فرق بين أن يؤخذ من الإنسان دمٌ للتحليل أو دمٌ للحجامة.
أما إذا كان الدم المستخرج لأجل التحليل قليلًا؛ كأن يكون لأجل اختبار السكر، أو نحوه، أو الذي يصحب قلع سنٍّ، ونحو ذلك، فهذا لا يؤثر على الصوم.
فإذنْ: الدم الذي يفسد الصوم إذا كان كثيرًا في معنى دم الحجامة، يعني في حدود أربعة أنابيب أو خمسةٍ فأكثر.
المقدم: الأخت أم عمر من المجمعة، تسأل عن استخدام المرأة حبوب منع الحمل لمدة رمضان كاملًا؛ حتى تدرك الصيام، هل يجوز لها ذلك؟
الشيخ: يجوز لها ذلك بشرط ألا تتضرر، فترجع للطبيب المختص، فإذا قال لها الطبيب المختص: إن استخدامها لهذه الحبوب لا يضر بها، فلا بأس.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
سأل عن النهي عن إتيان المسجد لمن أكل الثوم أو البصل أو الكراث، فيقول: هل هو نهي كراهةٍ، أو نهي تحريمٍ؟
الشيخ: النهي عن أكل البصل والثوم محمولٌ على الكراهة وليس على التحريم، ومما يدل لذلك: أنه لما قال النبي : من أكل بصلًا أو ثومًا فلا يقربن مسجدنا، قال الناس: حرمت، حرمت، فقال النبي : إنه ليس لي أن أحرم ما أحل الله [10]، فدل هذا على أن نهيه عليه الصلاة والسلام نهي كراهةٍ، وليس نهي تحريمٍ، وأن قوله: من أكل بصلًا أو ثومًا فلا يقربن مسجدنا، أن النهي محمول على الكراهة.
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: أيها الناس إنه ليس علي أن أحرم ما أحل الله، ولكنها شجرةٌ أكره ريحها، فأكل البصل والثوم والمجيء للمسجد مكروهٌ.
ولكن في وقتنا الحاضر يوجد لدى الصيدليات مواد إذا استخدمها الإنسان تزيل رائحة البصل والثوم، فهذه موجودةٌ لدى الصيدليات، يمكن للأخ الكريم أن يسأل أصحاب الصيدليات عنها، وهي تباع بثمنٍ يسيرٍ، فمن أراد أن يأكل البصل والثوم لا بأس، لكن يستخدم هذه المزيلات للرائحة الكريهة، أو أنه يميتها طبخًا، إذا أماتها طبخًا زالت رائحتها الكريهة، أما كونه يأكل البصل والثوم، ويأتي للمسجد ويؤذي من عن يمينه وعن يساره من المصلين؛ فهذا نوع أذيةٍ، يعتبر أذيةً للمصلين حوله، لكن يبقى النهي للكراهة وليس للتحريم.
المقدم: سأل عن الصور ذوات الأرواح في البيت، هل تمنع حضور الملائكة؟
الشيخ: يقول النبي : لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورةٌ ولا كلبٌ [11]، ولكن المقصود بالصورة: الصورة التي تتحقق فيها المضاهاة لخلق الله ؛ ومن ذلك: الصور المجسمة، والصور المرسومة، هذه تتحقق فيها المضاهاة لخلق الله سبحانه.
أما الصور الفوتوغرافية والتلفزيونية: فهذه هي كصورة الإنسان في المرآة، لكنها بحكم التقنية الحديثة طورت.
فالذي يظهر: أن هذه لا تدخل في الصور المحرمة؛ ولذلك كانت عندنا في المملكة العربية السعودية قديمًا ما كانت تسمى صورًا، كانت تسمى عكوسًا، وهذا هو الوصف الدقيق لها.
فالذي يمنع من دخول الملائكة: هي الصور المجسمة المنحوتة، التماثيل، وكذلك أيضًا المرسومة، وأيضًا الكلاب، الكلاب غير كلب صيدٍ أو حرثٍ أو ماشيةٍ، هذه تمنع من دخول الملائكة، بعض الناس يربون الكلاب ويضعونها في بيوتهم، وهي ليست من كلب الصيد والحرث والماشية، هذه الكلاب وجودها في البيت يمنع من دخول الملائكة.
وإذا لم تدخل الملائكة البيت دخلته الشياطين، والشياطين تؤذي بني آدم، تسبب لهم الكوابيس، وتسبب لهم الإزعاج، وربما أيضًا يكون لها أثرٌ في تقريب السحر، ونحو ذلك.
والملائكة تدخل البيوت بالرحمة وبالخير، ولذلك فعلى المسلم أن يُبعِد أي شيءٍ يمنع من دخول الملائكة إلى بيته.
المقدم: أحسن الله إليكم وبارك في علمكم.
نستقبل اتصالًا من المدينة، الأخ عليٌّ، تفضل يا علي، أنت على الهواء.
السائل: السلام عليكم.
المقدم: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
السائل: عندي سؤالٌ -طال عمرك -عن تبييت النية لرمضان، هل يكفي النية أول ليلةٍ لرمضان، أو كل ليلةٍ أبيت النية؟
المقدم: طيب، تسمع الإجابة إن شاء الله، تفضل يا شيخنا بالإجابة على الأخ عليٍّ.
الشيخ: يكفي نيةٌ واحدةٌ من أول شهر رمضان على القول الراجح، فإذا بيت الناس النية من أول رمضان، نوى أنه يصوم جميع شهر رمضان كاملًا، فهذه النية الواحدة تكفي، إلا إذا قطع الصيام لعذرٍ؛ كامرأةٍ مثلًا أتاها الحيض وأفطرت بسبب ذلك، ثم طهرت، ثم أرادت أن تستأنف الصيام، فهنا لا بد من تبييت النية من جديدٍ، فمن قطع الصيام لعذرٍ هنا يحتاج إلى أن يبيت النية مرةً أخرى بعد زوال العذر، أما من كان مستمرًّا في صومه، فتكفيه نيةٌ واحدةٌ من أول الشهر.
المقدم: لأن بعض الناس يشدد في ذلك، وربما يدخل في الوساوس في هذا الأمر.
الشيخ: نعم، من علم أن غدًا رمضان، ومن عادته الصيام، فقد نوى، من تسحر فقد نوى، فالنية تتبع العِلم؛ ولذلك لا يشدِّد الإنسان في أمر النية كثيرًا؛ لأن هذا التشديد يؤدي للوسواس.
المقدم: نعم، هنا الأخت حميدة تقول: ما حكم عمل جدولٍ لختم القرآن الكريم؟
الشيخ: هذا عملٌ طيبٌ، هذا من الترتيب والتنظيم للوقت، الإنسان إذا لم يرتب وقته فإن وقته يذهب عليه سدًى، يذهب عليه من غير فائدةٍ، فكون الإنسان يرتب وقته، أو يعمل جدولًا للختمات ولتلاوة القرآن، وأيضًا حتى الأمور الأخرى؛ من الأذكار ومن أيضًا الصدقات ونحو ذلك، فهذا من الأمور الحسنة.
ولذلك أبي بن كعبٍ كان له وقتٌ خصصه للدعاء، وسأل النبي في أن يستبدله بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، فأرشده عليه الصلاة والسلام إلى ذلك، وقال: إذنْ يُغفر ذنبك، وتُكفَى همَّك [12].
لكن الشاهد من هذا: أن أبيًّا كان له وقتٌ قد خصصه للدعاء، وهذا يدل على أن تخصيص الوقت وترتيبه وإدارته مأثورٌ عن الصحابة وعن السلف رحمهم الله.
فما ذكر في السؤال من وضع جدولٍ للختمات، هذا من الأمور الطيبة المعينة على كثرة التلاوة.
المقدم: هنا أحد الإخوة يقول: هل جوامع الدعاء تكفي للوصول لما أريد من خيري الدنيا والآخرة؟
الشيخ: جوامع الدعاء، السنة الدعاء بها، أن يدعو المسلم بها؛ كأن يقول: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]، لكن إذا كان له حاجاتٌ خاصةٌ، فيدعو الله تعالى بها أيضًا، مع الدعاء بالجوامع.
فإذا كان له حاجاتٌ خاصةٌ يريد تحقيقها، فيدعو الله بها؛ لأن الدعاء ليس توقيفيًّا -لا يقتصر فيه إلا على ما ورد- وإنما للإنسان أن ينشئ دعواتٍ من نفسه، لكنه يجتنب الاعتداء في الدعاء.
فله أن يدعو الله ، ويتخير من الدعاء ما أعجبه من خيري الدنيا والآخرة، لكنه يركز في دعائه على الجوامع، ثم بعد ذلك يدعو بقضاء حوائجه الخاصة.
المقدم: شكر الله لكم شيخ سعد في ختام هذه الحلقة، شكرًا جزيلًا.
الشيخ: وشكرًا لكم وللإخوة المستمعين.
المقدم: شكرًا لكم أنتم أحبتنا الكرام، وَصَلْنا بكم إلى ختام هذه الحلقة، تقبل الله منا ومنكم صالح القول والعمل.
حتى نلتقي بكم بإذن الله في حلقةٍ قادمةٍ غدًا، عند تمام الساعة السادسة، نستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحاشية السفلية
^1 | رواه البخاري: 1954، ومسلم: 1100. |
---|---|
^2 | رواه البخاري: 1957، ومسلم: 1098. |
^3 | رواه أبو داود: 2454، والترمذي: 730، والنسائي: 2335، وابن ماجه: 1700، بنحوه. |
^4 | رواه البخاري: 38، ومسلم: 760. |
^5 | رواه البخاري: 37، ومسلم: 759. |
^6 | رواه البخاري: 990، ومسلم: 749. |
^7 | رواه البخاري: 996، ومسلم: 745. |
^8 | رواه البخاري: 998، ومسلم: 751. |
^9 | رواه أبو داود: 2300، والترمذي: 1204، وابن ماجه: 2031، والنسائي: 3528. |
^10 | رواه مسلم: 565، بنحوه. |
^11 | رواه البخاري: 3322، ومسلم: 2106، بنحوه. |
^12 | رواه الترمذي: 2457. |