الرئيسية/محاضرات/تسهيل حساب الفرائض
|categories

تسهيل حساب الفرائض

مشاهدة من الموقع

…، وحسن الخلق، والكلمة الطيبة، والسماحة والرضا، والمعاملة الحسنة، ولو أوذي الإنسان أو تحمّل شيئًا من الدعوة، فأنتم تعلمون كثرة المسجِّلين وقِلة المشرفين، وتعلمون أن ما كل ما نريد أن نحققه نستطيع تحقيقه؛ وقد ينقص بعض الخدمات،… كل ما نريد، فأعينونا -جزاكم الله خيرًا- بالصبر والتحمل والرضا، ولكم منا القلوب المفتوحة، والدعاء والحب والترحيب، ونريد أن تطالبوا كل العاملين في تيسير أمور هذه الدورة الشعورَ نفسه، وأن تتحملوا إخوانكم من الطلاب، فإن هذا الميدان ميدانٌ -كما قلت لكم- يحتاج إلى الأدب قبل العلم.

أسأل الله أن يخلص نياتنا جميعًا، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يجزي المشايخ الذين شاركوا في التدريس خير الجزاء؛ فقد جمعْنا وحرصنا على أن نجمع ثُلَّةً من أشهر وأمهر العلماء الذين تمرسوا بتدريس الطلاب، فاحرصوا على أن ننهل من علومهم.

أسأل الله أن يجزيهم خيرًا، وأن يجزي العاملين خيرًا، وأن يجزي الشيخ عبدالله الراجحي خيرًا أيضًا على ما قدم ويقدم في تفعيل أمور هذه الدورة.

وأشكر أيضًا إخوتي في جامع الراجحي؛ من إمامٍ ومؤذنٍ والمسؤولين عن المجمع الذين -جزاهم الله خيرًا- أيضًا أعانوا وتحملوا، وسهلوا كثيرًا من الصعوبات، فجزى الله الجميع خيرًا.

وأسأل الله لي ولكم التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وأصحابه أجمعين.

مقدمة الشيخ الدكتور سعد الخثلان

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واتبع سنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

فبسم الله نبدأ هذه الدورة العلمية المباركة، ونسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق، ونسأل الله تعالى أن يغفر ويرحم الشيخ عبدالله بن جبرين، الذي كان يُلقي هذه الدروس، فنسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يرفع درجته في المهديين ويخلفه في عقبه بالغابرين.

ثم إنني أشكر الإخوة المنظمين لهذه الدورة، على رأسهم فضيلة الشيخ عبدالرحمن الجبرين وبقية فريق العمل، ونسأل الله تعالى للجميع التوفيق.

مقدمة في آداب طالب العلم

أيها الإخوة، لعلي أبدأ بمقدمةٍ في آداب طالب العلم، وأختصر؛ نظرًا لأنه قد أقيمت محاضرةٌ بالأمس حول هذا الموضوع، فهي ربما تغني عن كثيرٍ مما كنت أريد أن أقوله، كذلك أشار فضيلة الدكتور عبدالرحمن إلى شيءٍ من هذه الآداب.

ما العلم الذي وردت النصوص بفضله؟

طلب العلم لا يعدله شيءٌ لمن صحت نيته، كما قال الإمام أحمد.

والعلم الذي وردت النصوص بفضله والثناء عليه وعلى أهله هو علم الشريعة، وليس علوم الدنيا؛ لأن علم الشريعة هو ميراث الأنبياء، ومعروفٌ أن الأنبياء لم يورِّثوا علوم الدنيا، لم يورث الأنبياء علم الطب أو الهندسة، أو غير ذلك من علوم الدنيا؛ إنما ورثوا علوم الشريعة، فالآيات والأحاديث التي وردت في فضل العلم وأهله إنما يراد بها علم الشريعة.

فضل العلم وأهله

قد ورد في فضل العلم وأهله نصوصٌ كثيرةٌ؛ ومن ذلك: أن الله تعالى أخبر برِفعة أولي العلم: يَرفَعِ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَالَّذينَ أوتُوا العِلمَ دَرَجاتٍ [المجادلة:11]، فيرفعهم الله تعالى منزلةً عليَّةً على سائر البشر، ولذلك؛ فإن الله تعالى قد استشهد بهم على أعظم مشهودٍ وهو توحيده جل وعلا، وقال: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ وَالمَلائِكَةُ وَأُولُو العِلمِ قائِمًا بِالقِسطِ لا إِلهَ إِلّا هُوَ العَزيزُ الحَكيمُ [آل عمران:18]، فشهد الله ​​​​​​​ على وحدانيته، وقرن ذلك بشهادة ملائكته، وقرن ذلك بشهادة أولي العلم، ومن المعلوم أن الشاهد لا بد أن يكون عدلًا، فهذه الشهادة من الرب جل وعلا فيها تعديلٌ لأولي العلم، وفيها بيانٌ لفضلهم وعلو مكانتهم ومنزلتهم، خاصةً وأن المشهود به هو أجلُّ مشهودٍ، وهو توحيده جل وعلا.

وقد أمر الله تعالى نبيه بطلب الزيادة من العلم، فقال: وَقُل رَبِّ زِدني عِلمًا [طه:114]، ولم يأمره بطلب الزيادة من أي شيءٍ آخر إلا من العلم.

ثم إن الله تعالى لمَّا خلق آدم وأراد أن يُظهر فضله للملائكة، أراد جل وعلا أن يُظهر فضله بأعظم صفةٍ تكون في الإنسان، وأجل صفةٍ وأشرف صفةٍ تكون في الإنسان، وهي العلم، وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسماءَ كُلَّها علمه أسماء كل شيءٍ ثُمَّ عَرَضَهُم عَلَى المَلائِكَةِ فَقالَ أَنبِئوني بِأَسماءِ هؤُلاءِ إِن كُنتُم صادِقينَ [البقرة:31]، وعلَّمه الله تعالى الأسماء وفضله، وأظهر فضله على الملائكة بالعلم، قالوا سُبحانَكَ لا عِلمَ لَنا إِلّا ما عَلَّمتَنا إِنَّكَ أَنتَ العَليمُ الحَكيمُ ۝ قالَ يا آدَمُ أَنبِئهُم بِأَسمائِهِم [البقرة:32-33]، وهذا يدل على أن أعظم وأفضل وأشرف صفةٍ يتصف بها الإنسان هي صفة العلم.

وقد جعل الله تعالى العلم قسيمًا للجهاد في سبيله: فَلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهوا فِي الدّينِ وَلِيُنذِروا قَومَهُم [التوبة:112]، وطلب العلم هو ضربٌ من ضروب الجهاد في سبيل الله .

جاء في “الصحيحين” عن معاوية ، أن النبي  قال: من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين [1]، تأمَّلوا -أيها الإخوة- هذا الحديث، فإن مفهومه: أن مَن لم يُرَد به الخير لا يوفَّق للفقه في الدين، والإنسان -مهما كان عليه من القوة ومن العبادة- لا يمكن أن يعبد الله ​​​​​​​ كما يحب الله، إلا عن طريق العلم، ولذلك؛ فإن العالِم يعرف مظانَّ ما يحبه الله ورسوله، ويختصر كثيرًا من الوقت ومن الجهد، خلاف العابد، ولهذا مر النبي على إحدى نسائه بعد صلاة الصبح وهي تسبح، ثم رجع الضحى وقال: ما زلتِ على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، قال: لقد قلتُ بعدك أربع كلماتٍ لو وُزِنَت بما قلتِ لوَزَنَتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، سبحان الله وبحمده زنة عرشه، سبحان الله وبحمده رضا نفسه، سبحان الله وبحمده مداد كلماته [2]، هذه أربع كلماتٍ تزن التسبيح من أول النهار إلى ذلك الوقت من الضحى؛ ليبين لنا أن المسلم بالعلم يستطيع أن يُحصل أجورًا عظيمةً، وثوابًا جزيلًا، على عملٍ يسيرٍ.

حرص السلف على طلب العلم

ولكن العلم -أيها الإخوة- إن أَعطيتَه كُلَّك أعطاك بعضه، ويحتاج إلى جِدٍّ واجتهادٍ، وإلى مثابرةٍ، وإلى صبرٍ؛ فإن العلم لا يأتي للإنسان دفعةً واحدةً؛ وإنما يأتي شيئًا فشيئًا، ولهذا؛ كان السلف الصالح يرتحلون من أجل طلب العلم، وإذا قرأت في سير وتراجم العلماء السابقين تجد أن مِن أبرز سيرهم أن هذا العالِم ارتحل إلى بلاد كذا وكذا، وسمع من فلانٍ، وقرأ على فلانٍ.

وقد كان بعض الصحابة يرتحل من أجل سماع حديثٍ واحدٍ فقط، وقد جاء في “صحيح البخاري” معلَّقًا بصيغة الجزم: أن جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما ارتحل من المدينة إلى الشام؛ من أجل سماع حديثٍ واحدٍ فقط، ومكث في هذه الرحلة شهرين؛ شهرًا في الذهاب، وشهرًا في الإياب، قد ارتحل وحده على بعيره، قطع هذه الصحاري والفيافي والقفار، ولما وصل إلى الشام وجد عبدالله بن أُنيسٍ الصحابي الجليل، فاعتنقه، قال له عبدالله: “ابن عبدالله -يعني جابرًا- ما الذي أتى بك؟”، قال: “بلغني أن عندك حديثًا سمعتَه من رسول الله ، فخشيت أن أموت أو تموت ولم أسمعه منك”، فذكر له عبدالله ما سمعه من النبي ، فرجع بعد ذلك جابرٌ إلى المدينة.

فانظروا -أيها الإخوة- إلى هذا الحرص العظيم من الصحابة على طلب العلم! وبعض الناس عندما يقال: إن هناك دورةً علميةً، وهناك درسًا، يقول: والله المكان بعيدٌ، مع أنه إنما يذهب إليه بالسيارة، والأمور ميسرةٌ، ومع ذلك ربما يجد تثاقلًا.

نقول: انظر إلى الفرق بين حال هؤلاء وبين الصحابة الذين كان عندهم حرصٌ شديدٌ على طلب العلم.

أبو أيوب الأنصاري  أيضًا، ارتحل من المدينة إلى مصر؛ من أجل سماع حديثٍ واحدٍ فقط، فلا بد من الصبر في طلب العلم.

قال يحيى بن أبي كَثيرٍ: “لا يُستطاع العلم براحة الجسد”.

وقد أورد هذا الإمام مسلمٌ في “صحيحه” في باب مواقيت الصلاة، قالوا: إنه إنما أورد ذلك في باب مواقيت الصلاة؛ لأنه جمع عدة أسانيد، وكأنه تعب في جمعها فأورد هذا الأثر: “لا يُستطاع العلم براحة الجسد”.

أبرز آداب طالب العلم

  • إخلاص النية لله ​​​​​​​

ومن أبرز آداب طالب العلم: إخلاص النية لله ​​​​​​​؛ لأن النية ما لم تكن خالصةً فإن هذا العلم يكون وبالًا على صاحبه يوم القيامة، دليل هذا: ما جاء في “صحيح مسلمٍ” عن أبي هريرة ، أن النبي قال: أول من تُسعَّر بهم النار يوم القيامة ثلاثةٌ، وذكر منهم: رجلًا تعلم العلم وعلَّمه الناس، وقرأ القرآن، فيؤتى به فيعرِّفه نعمه فيعرفها، فيقول: ما عملتَ فيها؟ فيقول: يا رب، تعلمت فيك العلم وعلمته الناس، وقرأت فيك القرآن، فيقول: كذبت، ولكنك تعلمت ليقال: هو عالمٌ، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئٌ، وقد قيل، ثم أُمر به فسحب على وجهه وألقي في النار [3]، نسأل الله السلامة والعافية، هذا العلم أصبح وبالًا على صاحبه، أصبح سببًا لأن يكون من أول من تسعَّر بهم النار يوم القيامة.

  • العمل بما يعلم

كذلك أيضًا من آداب طالب العلم: العمل بما يعلم، وعلمٌ بلا عملٍ لا فائدة منه، ويكون حجةً على صاحبه يوم القيامة، قال الإمام أحمد رحمه الله: “ما بلغني عن النبي حديثٌ إلا وقد عملتُ به، حتى إنه بلغني أن النبي احتجم وأعطى الحجام دينارًا [4]، فاحتجمت وأعطيت الحجام دينارًا”.

والعلم يهتِف بالعمل، فإن أورثه وإلا ارتحل.

ونحن -أيها الإخوة- كما ترون في هذا الزمن الذي انفتح فيه العالم بعضه على بعضٍ، وأصبح -كما يقال- العالم كالقرية الصغيرة، وكما ترون الآن مع وجود وسائل الاتصالات الحديثة، والوسائل الإعلامية الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبح هناك تياراتٌ كثيرةٌ متصارعةٌ في الساحة، وجماعاتٌ مختلفةٌ ومتباينةٌ، وكل جماعةٍ وكل تيارٍ يدَّعي أنه على الحق، وأنه على الكتاب والسنة، ومن هنا فإن هذا يستدعي من طالب العلم أن يحرص على العلم المتين، العلم المستمد من الكتاب والسنة، العلم الذي يحصِّنه، ويأخذه عن أهله، عن الراسخين في العلم، وهو -بإذن الله تعالى- الحصن الحصين، هو العصمة من هذه الفتن؛ فتن شبهاتٍ وفتن شهواتٍ.

وكما يقال: لكل قومٍ وارِثٌ، فالفِرَق التي كان يتكلم عنها علماؤنا، علماء السلف، ويردُّون عليها، نجد لها وارثين في الوقت الحاضر، لكن تحت مسمَّياتٍ مختلفةٍ، وشعاراتٍ مختلفةٍ، لكن إذا تأملت المنهج، وتأملت الطريقة، تجد أن الطريقة هي الطريقة نفسها، وهو المنهج نفسه، مع اختلاف المسميات، هذا يستدعي -أيها الإخوة- أن يحرص طالب العلم على التمسُّك بالعلم الصحيح بالكتاب والسنة على ضوء فهم السلف الصالح، فهم الصحابة والتابعين رضي الله تعالى عنهم؛ فإنهم خير القرون وأفضل القرون؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم [5]، هذه القرون الثلاثة المفضلة هي خير هذه الأمة، فينبغي للأمة أن تنتهج نهجها، وأن تتأسى بها.

  • ضبط آلية التحصيل

وقبل أن أختم هذه المقدمة أشير إلى أدبٍ مهمٍّ من آداب طالب العلم، وهو أن يُعنَى بضبط آلية التحصيل؛ لأن بعض طلاب العلم يحضر دوراتٍ كثيرةً ودروسًا كثيرةً، لكن المحصلة في النهاية ضعيفةٌ، السبب هو ضعف آلية التحصيل.

ونحن في الوقت الحاضر -أيها الإخوة- قد ضعفَت فيه الذاكرة عند أكثر الناس، حتى أصبح كثيرٌ من الناس لا يحفظ أرقام أصدقائه وأقاربه، بل بعض الناس لا يحفظ حتى رقم هاتفه الجوال، وأصبحَت الآن وسائل التقنية الحديثة أيضًا تساعد على هذا الضعف؛ لأن الذاكرة إنما تقوى بالتدريب والتمرين، مادام أن الإنسان سيعتمد على وسائل التقنية الحديثة، ولا يعتمد على ذاكرته؛ فإنها تضعف شيئًا فشيئًا.

ومن هنا، فلا بد من تعويض هذا الضعف في الذاكرة بضبط آلية التحصيل، وإلا، فالعرب كانت أمةً معروفةً بقوة الحفظ، كانت تلقَى القصيدة بعشرات الأبيات، وربما مئات الأبيات، يحفظها الناس من أول مرةٍ، كان هناك من هو مشهورٌ بالحفظ من أول مرةٍ، ابن عباسٍ رضي الله عنهما كان يحفظ الشعر من أول مرةٍ، الشعبي، الزُّهري، فكان هناك من يحفظ الشيء من أول مرةٍ، كثيرٌ من السلف الصالح، فأما في الوقت الحاضر فأين من يحفظ الشيء من خامس مرةٍ؟ حتى ربما من عاشر مرةٍ؟

ولذلك لا بد من مراجعة العلم -أيها الإخوة- من حينٍ لآخر.

أولاً: ضبط آلية التحصيل.

ثانيًا: المراجعة.

ضبط آلية التحصيل تكون بإحدى طريقتين:

  • الطريقة الأولى: بالتلخيص، يكون مع طالب العلم أوراقٌ، ويلخص فيها الدروس من هذه الدورة مثلا، ثم يستذكرها بعد ذلك من حينٍ لآخر.
  • والطريقة الثانية: التسجيل، بأن يسجل هذه الدروس ثم يستمع لها فيما بعد، ولا يكفي الاستماع مرةً واحدةً، بل أكثر من مرةٍ، فيختار طالب العلم الطريقة التي يرى أنها الأيسر والأنفع له، لكن لا بد من الضبط، أما أن طالب العلم سيحضر الدورة بدون ضبطٍ، وبدون كتابةٍ، أو بدون تسجيلٍ فإنه بعد مدةٍ سيكون قد نَسي، وربما نسي كل شيءٍ، ولا يبقى له فقط إلا الأجر والثواب على الحضور.

ينبغي إذنْ أن نُعنى بهذه القضية، قضية ضبط آلية التحصيل، ثم بعد ذلك المراجعة والمعاهدة.

والإخوة الذين أتوا لهذه الدورة يجدون وقت فراغٍ لديهم، فبإمكانهم أن يراجعوا كلَّ يومٍ ما دونوه وما سجلوه في هذه الدورة، أختم هذه المقدمة، وأنتقل بعد ذلك إلى درسنا.

الدرس كما هو مُعَنْوَنٌ له: “تسهيل حساب الفرائض”.

وعلم الفرائض من العلوم العظيمة التي ذكر الله ​​​​​​​ أصولها في كتابه، ذكَر أصول هذا العلم في كتابه جل وعلا، وتولى الله ​​​​​​​ قسمة المواريث بنفسه، ولم يكِل ذلك إلى مَلَكٍ مقربٍ ولا إلى نبيٍّ مُرسَلٍ، بل تولى القسمة بنفسه جل وعلا، وهذا يبين عظيم أهميتها، وكبير منزلتها.

وبهذه الدورة نحن لن ندرس الفرائض كلها، وإنما فقط الحساب، أما فقه الفرائض فيحتاج إلى دورةٍ أخرى، ويُفترض أن طالب العلم سبق أن درس فقه الفرائض، وأن عنده أصولًا لفقه الفرائض، فالجديد في هذه الدروس هو في الحساب، وهذا الحساب قد صنفتُ فيه كتابًا بعنوان: “تسهيل حساب الفرائض”، لعله يوزَّع على الإخوة -إن شاء الله- في هذه الدورة، وهذا الكتاب لم أذكر فيه فقه الفرائض؛ لأنني سوف أكرر ما كتبه السابقون، وأردت أن آتي بشيءٍ جديدٍ في هذا الكتاب، فذكرت فيه طرقًا مبسطةً ومبتكرةً أيضًا لا توجد في كتب السابقين، الغرض منها تسهيل حل المسألة.

وتوصلت لهذه الطرق بالتأمل وتدريس الفرائض لسنواتٍ طويلةٍ، سواءٌ بالجامعة أو في المساجد، توصلت إلى هذه الطرق وصنفت هذا الكتاب.

وأيضًا حُكِّم هذا الكتاب علميًّا، وإن كان في الطبعات الأولى قد يوجد أخطاءٌ يسيرةٌ طباعيَّةٌ، استُدرِكَت في الطبعة الأخيرة، لكن ربما الطبعات الأولى فيها بعض الأخطاء الطباعية اليسيرة التي سننبه عليها في حينها إن شاء الله.

وسوف أشرح هذه الطرق الجديدة المبسطة المبتكرة، وأقارنها أيضًا بما يوجد لدى العلماء السابقين.

والطرق المبسطة هذه من علم الرياضيات، وعلم الرياضيات هو متطورٌ، ويمكن أيضًا أن بعض الإخوة قد يبتكر طرقًا أخرى أبسط وأيسر.

أما فقه الفرائض فمبناها على النصوص، على القواعد، لكن الحساب -حساب الفرائض- مبناه على الرياضيات، فهي تعتمد على إيجاد طرقٍ مبسطةٍ ومختصرةٍ تستطيع أن تصل بها إلى النتيجة النهائية؛ فرأيت -بتأليف هذا الكتاب- أن هذا من التجديد في حساب الفرائض، من التجديد فيه؛ لأن الكتب المدونة تنقل ما دوَّنه الفقهاء السابقون من طرقٍ ربما تكون مناسبةً لزمنهم، لكنها لا تناسب زمننا في الوقت الحاضر.

قبل أن نبدأ في تسهيل الحساب -حساب الفرائض- لا بد من أن نذكر مقدمةً لأصول فقه الفرائض، ونذكِّر الإخوة بما كانوا قد درسوه في فقه الفرائض؛ لأن حساب الفرائض مُنْبَنٍ على فقه الفرائض، إذا كنت لا تضبط فقه الفرائض فلن تستطيع أن تتقن حساب الفرائض.

خلاصةٌ في فقه الفرائض

فقه الفرائض، أولًا بينَّا أهمية علم الفرائض، وجاء في بعض الأحاديث: أن علم الفرائض هو نصف العلم [6]، وإن كان هذا الحديث في سنده مقالٌ، وضعفه بعض أهل العلم، قالوا: إنه لا يصح، لكن على تقدير ثبوته فتوجيهه: أن علم الفرائض نصف العلم؛ أن للناس حالين: حال حياةٍ وحال وفاةٍ، وعلم الفرائض متعلقٌ بحال الوفاة، وهذا معنى كونه نصف العلم.

الحقوق المتعلقة بالتركة

تركة الميت، هي خمسة حقوقٍ:

  • الأول: مُؤَن تجهيز الميت؛ من كفنٍ، وأجرة مغسلٍ، ونحو ذلك، هذه مقدَّمةٌ على كل شيءٍ.
  • ثانيًا: الديون المتعلقة بعين التركة؛ كالديون الموثَّقة برهنٍ.
  • ثالثًا: الديون المطلَقة التي لم تتعلق بعين التركة، وإنما بذمة الميت.
  • رابعًا: الوصية بالثلث فأقل لغير وارثٍ.

ولاحظ هنا أننا قدمنا الدَّين على الوصية، مع أنه في الآية الكريمة الوصية مقدمةٌ على الدَّين: مِنْ بَعدِ وَصِيَّةٍ يُوْصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11]، لكنَّ الدين مقدمٌ على الوصية بالإجماع، وإنما قدَّم الله تعالى الوصية على الدين من باب الاهتمام بها، ولأن الغالب على الورثة التساهل بإخراجها، فقُدمت من باب الاهتمام بها، وأنه ينبغي للورثة العناية بإخراجها.

  • والحق الخامس: وهو الإرث، وهو الذي نتكلم عنه الآن.

هل زيد بن ثابتٍ أفرض الصحابة ؟

اشتُهِر أن زيد بن ثابتٍ هو أفرض الصحابة ، قد جاء ذلك في حديثٍ عن النبي أنه قال: أفرَضُكُم زيدٌ، وأول الحديث: أرحم أمتي بأمتي أبو بكرٍ، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياءً عثمان، وأقرؤهم لكتاب الله أُبي بن كعبٍ، وأفرضُهم زيد بن ثابتٍ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذٌ، ألا وإن لكل أمَّةٍ أمينًا، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة [7].

هذا الحديث بهذا اللفظ أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد والحاكم وابن حبان، لكن هذا الحديث بهذا اللفظ ضعيفٌ؛ لأنه قد جاء من طريق أبي قِلابة عن أنسٍ، وأبو قِلابة وإن كان قد سمع من أنسٍ، إلا أنه لم يسمع منه هذا الحديث، سوى آخره، وآخره: وإن لكل أمةٍ أمينًا، وأمين هذه الأمة أبو عُبيدة، هذه في “صحيح البخاري”، ولهذا؛ فالصحيح من هذا الحديث فقط آخره: لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة [8]، والصحيح منه ما اقتصر عليه البخاري في “صحيحه”.

وبهذا يكون حديث: أفرَضُكم زيدٌ ضعيفًا، والشيخ الألباني رحمه الله كان قد صحح هذا الحديث، ونقل أحد طلابه أنه راجعه في آخر حياته، وأنه رجع عن تصحيحه إلى تضعيفه.

قال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله قال: “حديث أفرضكم زيدٌ، حديثٌ ضعيفٌ، ولم يكن زيدٌ على عهد النبي معروفًا أصلًا بالفرائض”، لم يكن أصلًا معروفًا بالفرائض، العجيب من اشتهار هذا الحديث الضعيف، بل إن الشافعية بنوا مذهبهم على آراء زيد بن ثابتٍ، كما قال الرحَبي في منظومته المشهورة:

وأن زيــدًا خُـص لا مـحـالـةْ  بما حباه خاتم الـرسالــةْ
مـن قولـه في فضله منبها أفـرضـكم زيدٌ ونـاهيـك بهـا
فكان أولى باتبـاع التـابعي لاسيــما وقد نـحاه الشـافعي

لكن عند الحُفَّاظ: أن هذا الحديث لا يثبت، وابن تيمية رحمه الله يقول: إن زيد بن ثابتٍ لم يكن معروفًا بالفرائض أصلًا في عهد النبي ، هذا يستدعي من طالب العلم التحقيق حتى في الأحاديث المشتهِرة، أن يكون محققًا لها.

أسباب الميراث

أسـباب مـيراث الـورى ثلاثةْ كلٌّ يفـيد ربَّـه الوِراثـةْ
وهْـي نكاحٌ وولاءٌ ونسـبْ مـا بعـدهن للمواريث سببْ
  • السبب الأول: النكاح، وهو عقد الزوجية الصحيح، وإن لم يحصل وطءٌ ولا خلوةٌ، بمجرد العقد يحصل التوارث.
  • والسبب الثاني: الولاء، وهي عصوبةٌ سببها نعمة المعتِق على رقيقه بالعتق.
  • والسبب الثالث: النسب، وهو القرابة.

فهذه هي إذنْ أسباب الميراث.

موانع الميرات

وأما موانع الميراث:

ويمنع الشخص من المـيراثِ واحـدةٌ من عِلَلٍ ثلاثِ
رِقٌّ وقتلٌ واختلاف دِينِ فافهم فليس الشك كاليقينِ
  • المانع الأول: الرِّق، والرق معناه: عجزٌ حُكْميٌّ يقوم بالإنسان؛ بسبب كفره بالله تعالى، ولا يجوز استرقاق…

……

……

الصنف الثالث من أصحاب النصف: بنت الابن.

تستحق النصف بثلاثة شروطٍ:

  • الشرط الأول: عدم الفرع الوارث للميت الأعلى منها، أي: من بنت الابن.
  • الشرط الثاني: عدم المعصِّب لها، وهو أخوها، أو ابن عمها الذي بدرجتها.
  • الشرط الثالث: عدم المشارك لها، وهو أختها، أو بنت عمها التي في درجتها.

الصنف الرابع من أصحاب النصف: الأخت الشقيقة.

وتستحق النصف بأربعة شروطٍ، لاحِظ التدرج، الزوج شرطٌ واحدٌ، البنت شرطان، بنت الابن ثلاثة شروطٍ، الأخت الشقيقة أربعة شروطٍ:

  • الأول: عدم المعصِّب، وهو أخوها الشقيق.
  • الثاني: عدم المشارِك لها، وهي الأخت الشقيقة.
  • الثالث: عدم الأصل الوارث من الذكور.
  • والرابع: عدم الفرع الوارث للميت.

الصنف الخامس من أصحاب النصف: الأخت لأبٍ.

وتستحق النصف بخمسة شروطٍ:

الشروط الأربعة التي ذكرناها في الأخت الشقيقة، ويضاف لذلك شرط خامسٌ: وهو عدم وجود الأشقاء، يعني: عدم وجود الأخ الشقيق والأخت الشقيقة.

هؤلاء إذنْ هم أصحاب النصف، خمسة أصنافٍ: الزوج، والبنت، وبنت الابن، والأخت الشقيقة، والأخت لأبٍ.

لا بد -أيها الإخوة- من حفظ الشروط هذه، إذا لم تحفظها ربما تخطئ في القسمة.

الرُّبُع

أما أصحاب الربع فصنفان: الزوج، والزوجة.

فالزوج يستحق الربع بشرطٍ وجوديٍّ، وهو وجود الفرع الوارث للزوجة.

والصنف الثاني: الزوجة، وتستحق الربع بشرطٍ عَدَميٍّ، وهو عدم الفرع الوارث للزوج.

الثُّمُن

وأصحابه صنفٌ واحدٌ فقط، وهو الزوجة، واحدةً فأكثر، وتستحقه بشرطٍ وجوديٍّ: وهو وجود الفرع الوارث للزوج.

الثُّلُثان

أصحاب الثلثين هم أصحاب النصف ما عدا الزوج، لكن تُغَيِّر الشرط الثاني، بدل: عدم المشارِك، نضع: وجود المشارك.

فمن يَعُدُّ لنا أصحاب الثلثين؟ نقول: إن أصحاب الثلثين هم أصحاب النصف، باستبعاد الزوج، من هم إذنْ أصحاب الثلثين؟

الطالب:

الشيخ: إذنْ لا نقول: البنت؛ نقول: البنات، وبنات الابن، والأخوات الشقائق، والأخوات لأبٍ، أحسنت بارك الله فيك.

إذنْ هؤلاء هم أصحاب الثلثين، يعني بدل أن نقول: البنت، في النَّص، نقول هنا: البنات، وبدل أن نقول: بنت الابن، نقول: بنات الابن، وبدل أن نقول: بنت الابن، نقول: بنات الابن، وبدل أن نقول: الأخت الشقيقة، نقول: الأخوات الشقائق، وبدل أن نقول: الأخت لأبٍ، نقول: الأخوات لأبٍ، والشروط هي الشروط نفسها، لكن مع تعديل الشرط الثاني، بدل: عدم المشارِك، نقول: وجود المشارك.

الثُّلُث

وأصحاب الثلث، أو أصناف الثلث صنفان:

1- الأم، وتستحق الثلث بثلاثة شروطٍ:

  • عدم الفرع الوارث للميت.
  • وعدم الجمع من الإخوة.
  • وألا تكون المسألة إحدى العُمَريَّتين، وهي: زوجٌ وأمٌّ وأبٌ، أو زوجةٌ وأمٌّ وأبٌ؛ فإن الزوج يأخذ النصف، والأم تأخذ ثلث الباقي والأب الباقي، وهكذا المسألة الثانية؛ فالزوجة تأخذ الربع، والأم ثلث الباقي، والأب الباقي.

2- أما الصنف الثاني من أصحاب الثلث: الإخوة لأمٍّ.

والإخوة لأمٍّ يستحقون الثلث بثلاثة شروطٍ:

  • الشرط الأول: أن يكونوا جمعًا، اثنين فأكثر.
  • والشرط الثاني: عدم الأصل الوارث من الذكور.
  • والشرط الثالث: عدم الفرع الوارث مطلقًا، يعني أن تكون المسألة كَلَالَةً.

معنى الكَلَالَة

الكلالة، ما معناها؟ لا ولدَ ولا والد ذكرٌ: وَإِن كانَ رَجُلٌ يورَثُ كَلالَةً أَوِ امرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَو أُختٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنهُمَا السُّدُسُ فَإِن كانوا أَكثَرَ مِن ذلِكَ فَهُم شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ [النساء:12]، المراد بالإخوة هنا: الإخوة لأمٍّ بالإجماع.

فإذن يُشترط أن تكون المسألة كلالةً، لا ولد ولا والد ذكرٌ.

طيب أسألكم سؤالًا: هالك عن: بنتٍ، وثلاثة إخوةٍ لأمٍّ، وعمٍّ، من يقسمها لنا؟

الطالب: البنت النصف، والبقية للعم، والإخوة لأمٍّ يَسقطون.

الشيخ: أحسنت، الإخوة لأمٍّ يَسقطون بوجود الفرع الوارث، الفرع الوارث، سواءٌ كان ذكرًا أو أنثى، يُسقِط الإخوة لأمٍّ، انتبه لهذه المسألة.

طيب، لو وضعنا بدل: الإخوة لأمٍّ، إخوةً أشقاء: بنت، وثلاثة إخوةٍ أشقاء، وعم، من يقسمها؟

الطالب: البنت النصف، والإخوة الأشقاء الباقي، والعم يسقط.

الشيخ: فلاحِظ هنا: أن الإخوة الأشقاء يرثون، بينما الإخوة لأمٍّ لا يرثون؛ لأن الإخوة لأمٍّ يُشترط أن تكون المسألة كلالةً، معنى “كلالة”، يعني: لا ولد -ذكرًا كان أو أنثى- ولا والد ذكر.

السُّدُس

أصحاب السدس: سبعة أصنافٍ:

  • الصنف الأول: الأب، ويستحق السدس بشرطٍ واحدٍ: وهو وجود الفرع الوارث للميت، فإن كان ذكرًا لا يأخذ إلا السدس، وإن كان أنثى فيأخذ السدس والباقي إن وُجد.
  • الثاني: الجد، ويستحقه بشرطين:
    • عدم الفرع الوارث للميت.
    • وعدم الأب.
  • الثالث: الأم.
    وتستحق السدس بوجود الفرع الوارث للميت، أو وجود الجمع من الإخوة.
  • الرابع: الأخ لأمٍّ، ويستحق السدس بثلاثة شروطٍ:
    • الشرط الأول: انفراده.
    • الثاني: عدم الأصل من الذكور الوارثة.
    • والثالث: عدم الفرع الوارث، يعني أن تكون المسألة كلالةً.
  • والصنف الخامس من أصحاب السدس: بنت الابن، وتستحق السدس بشرطين:
    • عدم المعصِّب لها، وهو ابن الابن المساوي لها في الدرجة.
    • وكذلك أيضًا وجود فرعٍ وارثٍ أنثى أعلى منها، وارثة للنصف فرضًا.
  • الصنف السادس: الأخت لأبٍ، تستحق السدس بشرطين:
    • عدم المعصب لها وهو أخوها.
    • ووجود أختٍ شقيقةٍ وارثةٍ للنصف فرضًا.
  • والصنف السابع: الجدَّة، وتستحق السدس بشرطٍ واحدٍ، وهو: عدم الأم.

هذه هي الفروض المقدَّرة في كتاب الله ​​​​​​​.

وأعيد مرةً أخرى وأكرر أيها الإخوة: من أراد أن يضبط الفرائض فلا بد من حِفظ الشروط لكل صنفٍ، هذه الشروط التي ذكرناها، خُذها واحفظها، وطبقها مرةً ومرتين وثلاثًا حتى تتقنها، بدون حفظ الشروط لا تستطيع أن تتقن الفرائض.

التعصيب

التعصيب معناه: الإرث بلا تقديرٍ.

وينقسم إلى:

  • عصبة بالنفس.
  • وعصبة بالغير.
  • وعصبة مع الغير.

أما العصبة بالنفس

فهم الذكور المجمَع على إرثهم ما عدا اثنين، وليسوا من العصبة، من هم؟

الطالب: الزوج، والأخ لأمٍّ.

الشيخ: أحسنت بارك الله فيك.

إذنْ هم الذكور المجمع على إرثهم ما عدا الزوج والأخ لأمٍّ.

العصبة بالغير

وهم أربعة أصنافٍ:

  1. البنت فأكثر، مع الابن فأكثر.
  2. بنت الابن فأكثر، مع ابن الابن فأكثر.
  3. الأخت الشقيقة فأكثر، مع الأخ الشقيق فأكثر.
  4. الأخت لأبٍ فأكثر، مع الأخ لأبٍ فأكثر.

يعني البنات مع إخوانهن، وبنات الابن مع إخوانهن، والأخوات الشقائق مع إخوانهن، والأخوات لأبٍ مع إخوانهن.

العصبة مع الغير صنفان:

  • الصنف الأول: الأخت الشقيقة فأكثر، والأخت لأبٍ فأكثر مع البنت فأكثر، يعني: الأخوات مع البنات، يعني الأخوات الشقائق والأخوات لأبٍ مع البنات.
  • والصنف الثاني: الأخوات الشقائق والأخوات لأبٍ مع بنات الابن؛ مثال ذلك: هالكٌ عن: بنتٍ، وأختٍ شقيقةٍ، كيف نقسمها؟ البنت النصف، والشقيقة الباقي.

طيب، بنتٌ، وأختٌ شقيقةٌ، وعمٌّ، البنت النصف، والباقي للشقيقة، تَحجب العم في هذا؛ لأنها عصبةٌ مع الغير.

هذا يسميه إذنْ الفَرَضِيُّون: عصبةً مع الغير.

الحجب

الحَجْب معناه: منعُ من قام به سبب الإرث من الإرث بالكلية، أو مِن أوفر حظَّيه.

فـ”مِن الإرث بالكلية” يُسمى: حجب حِرمانٍ، أو “مِن أوفَر حظَّيه”: حجب نقصانٍ.

وحجب الحرمان معناه: أن يُحرم من الميراث بالكلية، ويمكن أن يَرِد حجب الحرمان على جميع الورثة، ما عدا ستةً من الورثة لا يمكن أن يُحجَبوا حجب حرمانٍ، فمن هم؟

يمكن أن يَرِد حجب الحرمان على جميع الورثة ما عدا ستةً أصنافٍ لا يمكن أن يحجبوا حجب حرمانٍ؟

الطالب: الأبوان، والولدان، والزوجان.

الشيخ: أحسنت، بارك الله فيك، الولدان، والوالدان، والزوجان، يعني: عمود النسب مع الزوجين، الولدان، والوالدان، والزوجان، فلا يمكن أن تجد في مسألةٍ مثلًا: أن الأب لا يرث شيئًا، لا بد أن يرث، الأم لا بد أن ترث، الابن، البنت، لا بد أن يرِثا، الزوج، الزوجة، هؤلاء الستة لا بد من إرثهم، لكن قد يُحجبون حجب نقصانٍ، الأم مثلًا تُحجب من الثلث إلى السدس، لكنها لا ترث بالكلية لا يمكن، فهؤلاء الستة لا يَرِد عليهم حجب الحرمان.

المسألة المشرَّكة

يسميها بعضهم: “المسألة الحِمَاريَّة”، و”المسألة اليَمِّيَّة”.

هي ضابطها: زوجٌ، وذات سدسٍ؛ من أمٍّ أو جدةٍ، وإخوةٌ لأمٍّ؛ اثنان فأكثر، وأخٌ شقيقٌ فأكثر.

لو أردنا أن نقسم هذه المسألة على قواعد الإرث: الزوج كم يأخذ؟ النصف؛ لأنه لا يوجد فرعٌ وارثٌ، طيب، وذات السدس؛ من أمٍّ أو جدةٍ تأخذ السدس.

إذنْ، أخذنا الآن النصف، وأخذنا السدس، كم بقي؟ ما بقي إلا الثلث، عندنا إخوةٌ لأمٍّ، وعندنا إخوةٌ أشقاء؛ فالإخوة لأمٍّ يرثون بالفرض، والأشقاء بالتعصيب، فإذا أعطينا الإخوة لأمٍّ الثلث، هل يبقى شيءٌ للأشقاء؟ لا يبقى شيءٌ.

فهذه المسألة اختلف فيها العلماء؛ فمن العلماء من قال: إن الإخوة لأمٍّ في هذه المسألة يرثون، والأشقاء يسقطون، وهذا هو المذهب عند الحنابلة.

والقول الثاني: أن الإخوة لأمٍّ يشتركون مع الإخوة الأشقاء، يشترك الإخوة لأمٍّ مع الأخوة الأشقاء جميعًا في الثلث.

إذا أجرينا هذه المسألة على قواعد الميراث، نجد أن القول الأول أقرب، وأن الإخوة لأمٍّ يرثون، والإخوة الأشقاء يسقطون، لكن إذا تأملنا الآثار المروية عن الصحابة ، نجد أن القول الثاني أقرب، وهو التشريك، فالمروي عن الصحابة  هو القول بالتشريك، بل لم يثبت عن أحدٍ من الصحابة أنه قال بعدم التشريك، إلا ما رُوي عن عليٍّ ، على أن الرواية عن عليٍّ في سندها مقالٌ.

وأما ما رُوي عن عمر  أنه كان قد قضى بالثلث للإخوة لأمٍّ، ثم أتى الإخوة الأشقاء، ثم قالوا: هب أن أبانا حمارًا، هب أن أبانا حجرًا، فهذا لا يصح، من ناحية الإسناد، لا يصح عن عمر  إلا القضاء بالتشريك.

القول الراجح: هو القول بالتشريك؛ لأنه مأثورٌ عن الصحابة ، ثم أيضًا كيف يرث الإخوة لأمٍّ، ولا يرث الإخوة الأشقاء؟

هذا بعيدٌ، الإخوة الأشقاء من أمٍّ وأبٍ لا يرثون، والإخوة لأمٍّ يرثون؟

القول الراجح: هو القول بالتشريك، وهو المأثور عن الصحابة ، بل حكاه بعض التابعين إجماعًا.

هذه التي تسمى: “المسألة المشرَّكة”.

ويذكر الفَرَضيُّون بعد ذلك، يختمون به الفرائض:

باب الجد مع الإخوة

والجَدُّ مع الإخوة، هذه المسألة محل خلافٍ بين أهل العلم، والمقصود بالإخوة هنا: الأشقاء والإخوة لأبٍ، أما الإخوة لأمٍّ فيسقطون بالجَد بالإجماع؛ لأن من شرط ميراث الإخوة لأمٍّ: أن تكون المسألة كلالةً، ومعنى كلالة: لا ولد ولا والد ذكر، فإذا وُجِدَ الجَد، يسقط الإخوة لأمٍّ بالإجماع، لكن الكلام في الإخوة الأشقاء والإخوة لأبٍ.

هل يحجب الجدُّ الإخوة؟

فإذنْ هالكٌ عن: جدٍّ، وثلاثة إخوةٍ أشقاء، هل نقول: إن الجد كالأب يحجب الإخوة؟ أو نقول: إن الجد يشترك مع الإخوة، أو يشترك معه الإخوة في الميراث؟

هذه المسألة محل خلافٍ بين الفقهاء.

  • فذهب الحنفية إلى أن الجد كالأب، وهذا المروي عن عددٍ من الصحابة؛ كأبي بكرٍ الصديق، وابن عباسٍ، وعدد من الصحابة . 
  • والقول الثاني: هو قول جمهور الفقهاء، وهو القول بتشريك الإخوة مع الجد، وهذا مرويٌّ عن زيد بن ثابتٍ ، ومذهب المالكية والشافعية والحنابلة.

والقول الراجح: هو القول الأول، وهو أن الجد يحجب الإخوة، وأن الجد كالأب، ولهذا؛ رُوي عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أنه كان يقول: “ألا يتقي الله زيدٌ، يجعل ابن الابن ابنًا ولا يجعل أب الأب أبًا؟!”، يعني: ابن الابن يقوم مقام الابن بالإجماع، فلماذا أبُ الأبِ لا يقوم مقام الأب؟

يقول: إن أب الأب يقوم مقام الأب، فالأب يحجب الإخوة بالإجماع، كذلك الجد أيضًا يحجب الإخوة.

القول الراجح إذنْ: أن الجد كالأب، وأنه يحجب الإخوة مطلقًا.

الجمهور لهم تفاصيل؛ لمَّا قالوا بأن الإخوة يشتركون مع الجد، اختلفوا كيف يشرَّك الإخوة مع الجد؟

هناك طريقة زيد بن ثابتٍ .

وهناك طريقة علي بن أبي طالبٍ .

وطريقة ابن مسعودٍ .

على خلافٍ بينهم في طريقة التشريك، لكن على القول الراجح لا نحتاج لهذه التفاصيل كلها.

نقول: إن الجد كالأب؛ يحجب الإخوة جميعًا، سواء كانوا إخوةً لأمٍّ بالإجماع، أو إخوةً أشقاء، أو إخوةً لأبٍ.

هذه نُبذةٌ مختصرةٌ في فقه الفرائض، وأحببتُ أن أُقدِّم بها، وأرجو من الإخوة مراجعتها، خاصةً الشروط.

حساب الفرائض

وقبل أن ندخل في حساب الفرائض أنبه إلى أن طريقة تعلم الفرائض، تختلف عن غيره من العلوم؛ فغيره من العلوم بإمكانك أن تستمع وتحفظ وتضبط، تَحضر مثلًا مثل هذا الدرس، ثم تستمع له مرةً، مرتين، وتضبط هذا الدرس، لكن الفرائض إذا أردت أن تتقن الفرائض، وتضبط الفرائض، فلا بد من الممارسة، كيف الممارسة؟ يعني: تأخذ هذه المسائل وتقسمها بنفسك مرةً، مرتين، ثلاثًا، ثم تختبر نفسك، وتنظر إلى مواضع الخطأ، وتتداركها مرةً ثانيةً.

فبدون الورقة والقلم وحل المسائل، لا تستطيع أن تتقن الفرائض، حتى لو ظننت أنك أتقنتها من الناحية النظريَّة، عندما تَعرِض لك أي مسألةٍ، تخطئ فيها، فلهذا؛ لا بد -أيها الإخوة- من الممارسة، لا بد من أن يكون عندك ورقةٌ وقلمٌ، وتحل المسائل بنفسك، لا بد من هذا.

ولذلك أريد من الإخوة الذين يتابعوننا أن يكون معهم ورقةٌ وقلمٌ؛ سنطرح من حينٍ لآخر مسائل، وأطلب حلها، نأخذ تمارين ونطلب حلها.

حساب الفرائض، والذي قصدناه بالشرح في هذه الدورة، ونعتذر عن الإطالة في المقدمة، لكن لا بد منها؛ لأن حساب الفرائض مُنْبَنٍ على فقه الفرائض.

ما أدري الكتاب وُزِّع؟

موزَّعٌ، طيب، إذا كان موزعًا يساعدنا في الشرح.

تعريف علم الحساب

الكتاب بدأ بتعريف الحساب، والحساب من العلوم العظيمة التي يستفاد منها في الفرائض، ويستفاد منها في أمورٍ أخرى أيضًا، وقد أصبح علمًا مستقلًّا له قواعده وأصوله، يُستفاد منه في حساب مواقيت الصلاة، مواقيت الصلاة الآن المؤذنون يؤذنون على مواقيت الصلاة المضبوطة بالحساب، مثلًا زوال الشمس كيف يُضبط بالحساب؟ وحتى غروب الشمس أيضًا، يستفيد منه الناس في ضبط مواقيت الصلاة، كذلك الصيام، الصيام عند أكثر أهل العلم أنه لا يُعتمَد في دخوله على الحساب، لكن يُستأنس بالحساب في ضبط الرؤية، خاصةً في حساب الوقت الحاضر الذي تَقدَّم تقدمًا كبيرًا، تبعًا لتقدم علم الفلك، يُستأنس به لكن لا يُعتمَد عليه في إثبات الأهِلَّة، كذلك أيضًا يستفاد منه في حساب الزكاة والعِدد والآجال ونحو ذلك، فإذنْ الحساب هو جزءٌ من علم الفرائض.

النِّسب الأربع في الحساب

أول ما نبدأ به في الحساب: النِّسب الأربع، سوف تدخل معك في جميع المسائل، الذي لا يضبطها معنا الآن لا يمكن أن يمشي معنا، النِّسب الأربع، هذه تدخل معنا في جميع المسائل، ولا تغني عنها بعض الطرق الحديثة؛ مثل: القاسم المشترك الأكبر، والمضاعف والمشترك البسيط، هذه لا تغني عن النسب الأربع، لماذا؟ لأن هذه النسب يُحتاج إليها في النظر بين السهام والرؤوس، وبين المسائل والسِّهام، وهذه لا ينفع معها القاسم المشترك الأكبر.

فالنسب الأربع تمشي معك في جميع المسائل، بينما القاسم المشترك الأكبر لا يمشي معك في جميع المسائل.

النسب الأربع:

  • المماثَلة.
  • والمداخَلة.
  • والمبايَنة.
  • والموافَقة.

فـ”المماثلة” من لفظها، من التماثل، ومعناها التشابه والتساوي؛ مثل: اثنين اثنين، ثلاثة ثلاثة، أربعة أربعة.

“المداخلة” أيضًا من لفظها: أي دخول أحد العددين في الآخَر.

وضابطها: انقسام أكبر العددين على أصغرهما بلا كسر، مثل: اثنين وأربعة، لاحِظ أن أربعة تنقسم على اثنين بلا كسر.

من يذكر لنا مثالًا آخر؟ نعم ثلاثة وستة، ستة تنقسم على ثلاثة بلا كسر، أيضًا؟ أربعة وثمانية، ثمانيةٌ تنقسم على أربعةٍ بلا كسرٍ، وهكذا، هذه تسمى “مداخلة”.

“مباينة” من التباين، ومعناها: ألا يتفق العددان بجزءٍ من الأجزاء، بل يختلفان، يعني: تبايُنٌ، ليس بينهما أي اتفاقٍ، مثل: ثلاثة وأربعة، أو ثلاثة وخمسة، وكل عددين متواليين فهما متباينان.

“الموافقة” معناها: أن يتفق العددان في القسمة على عددٍ آخر، طبعًا سِوى الواحد، ولا ينقسم الأكبر على الأصغر إلا بكسرٍ، مثلًا أربعة وستّة، أربعة وستة يتفقان في القسمة على اثنين، لكن ستة ما تنقسم على أربعة إلا بكسرٍ، فيكون بينهما توافق في القسمة على اثنين، وهذا معنى الموافقة، طيب، من يذكر لنا أمثلةً أخرى للموافقة؟

نعم، ستة وثمانية يتفقان في القسمة على اثنين، أيضًا ستة وعشرة، عشرة واثنا عشر، وهكذا، تسعة واثنا عشر يتفقان في القسمة على ثلاثةٍ.

طيب، كان يفترض أن يكون في (البروجكتر) موضَّحًا.

طريقة التعامل مع النِّسَب

في المماثلة نكتفي بأحد العددين، يعني ثلاثة وثلاثة: ثلاثة. أربعة وأربعة: أربعة. خمسة وخمسة: خمسة.

في المداخلة نأخذ الأكبر، مثلًا: اثنين وأربعة نأخذ أربعة، ثلاثة وستة نأخذ ستة، أربعة وثمانية نأخذ ثمانية.

في المباينة نضرب أحد العددين في الآخر، مثلًا اثنين وثلاثة نقول: (2×3=6).

لا بد -يا إخوان- من حفظ جدول الضرب، جدول الضرب يعين هنا على معرفة الحساب، فأيضًا من أراد أن يتقن الفرائض لا بد من أن يحفظ جدول الضرب، يحفظ الشروط التي ذكرناها، الفروض المقدرة في كتاب الله، يحفظ كل صنفٍ وشروطه، ويحفظ أيضًا جدول الضرب.

طيب، ثلاثة وأربعة؟ مباينة.

الطريقة: نضرب أحد العددين بالآخر، (3×4) كم؟=(12)، (4×5=20)، وهكذا.

المماثلة والمداخلة والمباينة أمرها سهلٌ.

أكثر ما يقع فيه الخطأ في الموافقة، أكثر ما يقع فيه الخطأ في كيفية التعامل مع الموافقة.

الموافقة قلنا: أن يتفق العددان في القسمة على عددٍ آخر، وألا ينقسم الأكبر على الأصغر إلا بكسرٍ، مثَّلنا لذلك مثلًا بأربعة وستة.

طيب، كيف نتعامل مع الموافقة؟

نقول: خُذ وِفْقَ أحدهما، واضربه في كامل الآخر، وِفْق أحدهما، ما هو الوِفُق؟ الوِفْق هو: حاصل قسمة أحد العددين على محل الاتفاق، فمثلًا قلنا: (4، 6) ما هو محل الاتفاق؟ اثنان، نقسم (4÷2=2)، إذنْ: (2) هذا هو الوفق، نضربه في كامل الآخر: (2×6=12)، أو (6) على محل الاتفاق: (6÷2=3)، (3) اضربها بالعدد الآخر الذي هو (4)، (3×4=12)، هذه طريقة استخراج الموافقة.

إذنْ مرةً أخرى، قاعدة في الموافقة: هي أن تضرب وفق أحدهما في كامل الآخر. ما هو الوفق؟ الوفق هو: حاصل قسمة أحد العددين على محل الاتفاق.

فعندنا مثلًا: (4، 6)، محل الاتفاق: (2)، إذنْ نقسم (4÷2=2)، ونضربه في (6) يكون (12)؛ (4÷2=2)، (2×6=12).

أو: (6÷2=3)، نضربها في (4) يكون (12)؛ (6÷2=3)، (3×4=12).

طيب، نعطيكم مثالًا آخر، وأريد الآن كيفية التعامل مع هذا الرقم.

مثلًا (6، 8) هذه موافقةٌ، كيف ننظر لهذين العددين بهذه النسبة؟

الطالب:

الشيخ: نعم الرقم ما هو؟ اثنين، طيب، النتيجة: (24).

إذنْ: (6، 8) محل الاتفاق هو كم؟ هو (2)، نقسم أحد العددين على محل الاتفاق، والناتج نضربه في العدد الآخر (6÷2=3)، (3×8=24)، أو (8÷2=4)، (4×6=24).

واضحٌ يا إخوان؟ لا بد من ضبط الموافقة؛ ‏لأن أكثر الأخطاء تكون في الموافقة.

‏فإذنْ تقسم أحد العددين على محل الاتفاق، ‏والناتج تضربه في كامل العدد الآخر، ‏هذا معنى كونها موافَقةً. ‏

إذنْ هذه هي النِّسَب الأربع: ‏مماثلة، ومداخلة، ومباينة، وموافقة، وستتكرر معنا في المسائل أو في الدروس القادمة -إن شاء الله- كلها، الذي ما ضبطها الآن سيضبطها -إن شاء الله- في الدروس القادمة.

أصول المسائل

ننتقل بعد ذلك إلى التأصيل:

التأصيل معناه: ‏تحصيل أقل عددٍ يخرج منه فرض المسألة أو فروضها بلا كسرٍ.

وتنقسم أصول المسائل إلى قسمين:

الأول: إذا كانوا كلهم عصباتٍ، فأصول المسائل لا حصر لها، غير محصورةٍ؛ لأنها تكون من عدد الرؤوس، وإذا كانوا ذكورًا فللذكر مثل حظ الأنثيين، وإذا كانوا أصحاب فروضٍ فإن أصول ‏المسائل محصورة في (2، 3، 4، 6، 8، 12، 24)، هذه أصول المسائل المتفق عليها.

هناك أصول المسائل المختلف فيها تبعًا للاختلاف في ميراث الإخوة مع الجد، فمن قال: إن الإخوة يشتركون مع الجد في الميراث، فأثبت أصل (18، 36).

لكن ‏على القول الراجح وهو: أن الجد أبٌ، ‏يقوم مقام الأب، لا نحتاج لهذين الأصلين.

فإذنْ: الأصول هي هذه الأصول السبعة: (2، 3، 4، 6، 8، 12، 24)، يعني لا يمكن أن يَخرج معك أصل المسألة من غير هذه الأصول السبعة، إلا أن تكون عصبة، فإذا أردت أن تضبطها، ‏تقول: الاثنان وضِعفُها، وضِعفُ ضِعفِها، والثلاثة وضِعفُها، وضِعفُ ضِعفِها، وضِعفُ ضِعفِ ضِعفِها.

‏الاثنان وضِعفُها، كم ضِعف الاثنين؟ أربعة، ضعف ضعفها ثمانية.

الثلاثة ضعفها ستة، ضعف ضعفها اثنا عشر، وضعفُ ضعفِ ضعفها أربعة وعشرين، أو تَعكِس، تقول: أربع وعشرون ونصفها، ونصفُ نِصفِها، ونصفُ نصفِ نصفها، وثمانية ونصفُها ونصفُ نصفها، يعني هذا من باب التفنُّن في العبارة، وإلا إذا ضبطتَ هذه الأرقام ما تحتاج لهذه كلها. ‏

إذنْ كيفية التأصيل، نحن قلنا: إنها تنقسم إلى عصبةٍ فتكون من عدد الرؤوس، أو أصحاب فرضٍ.

أما إذا كانوا عصبةً، فإذا كان جميع من في المسألة عصبةً، ولا يوجد معهم صاحب فرضٍ، فالمسألة مِن عدد الرؤوس، لكن عند اجتماع الذكور مع الإناث يُفرَض للذكر عن رأسين، عن ثنتين.

هالكٌ مثلًا عن خمسة أبناء: مِن خمسة، عن ستة أبناء: مِن ستة، عن أربعة إخوةٍ أشقاء: مِن أربعة.

لكن لو دخل معهم إناثٌ، فلو قلنا مثلًا: هالكٌ عن: ابنٍ، وبنتٍ، المسألة من كم؟ من ثلاثة، للابن اثنين، والبنت واحد، طيب ابنين وبنتين؛ بنتين: كل بنتٍ واحد، واحد، والابنين أربعة؛ اثنين، واثنين، تكون من ستةٍ إذنْ.

طيب، بنتين وابنٍ: من أربعة؛ بنتين: كل واحدةٍ واحد، واحد، وابن عن اثنين، فأربعة، وهكذا.

  • الحال الثانية: أن يكون في المسألة صاحب فرضٍ واحدٌ، فأصل المسألة من مخرج ذلك الفرض؛ مثال ذلك: هالكٌ مثلًا عن: زوجةٍ، وعمٍّ، الزوجة كم فرضها؟ النصف أم الربع؟ الربع، والباقي للعم، المسألة إذنْ تكون من أربعةٍ، قلنا القاعدة: أن أصل المسألة من مقام ذلك الفرض، ما دام أنها رُبُعٌ فالمسألة من أربعة، طيب، زوجٍ وعمٍّ، الزوج كم له؟ النصف، والعم الباقي، المسألة من كم؟ أصلها من اثنين من مقام ذلك الفرض، طيب، أخٍ لأمٍّ، وعمٍّ، الأخ لأمٍّ كم له؟ السدس، والعم له الباقي، إذنْ المسألة من كم؟ من ستةٍ، السدس واحد، والباقي للعم، خمسة، وهكذا.

إذنْ: إذا كان في المسألة صاحب فرضٍ واحدٌ، فالمسألة يكون أصلها من مقام ذلك الفرض.

  • الحالة الثالثة: أن يكون في المسألة أكثر من صاحب فرضٍ، فيُستخرج أصل المسألة بالنظر بين مقامات الفروض، عن طريق النِّسَب الأربع، وحاصل النظر هو أصل المسألة.

مثلًا: هالِكة عن: زوجٍ، وأختٍ شقيقةٍ، الزوج: النصف، والاخت الشقيقة: النصف، إذنْ عندنا اثنان واثنان، النسبة بينهما مماثَلةٌ، تكون المسألة من اثنين، النصف واحدٌ، والنصف واحدٌ، يعني نصف الاثنين واحدٌ، ونصف الاثنين واحدٌ، واحدٌ وواحدٌ.

طيب، هالكةٌ عن: زوجٍ، وبنتٍ، وعمٍّ، الزوج: الربع، والبنت: النصف، والعم: الباقي، إذنْ أصل المسألة من كم؟ أربعة، الربع واحدٌ، والنصف اثنان، والباقي واحدٌ للعم.

طيب، لو قلنا مثلًا: زوجٍ، وأمٍّ، وابنٍ، الزوج: الربع؛ لوجود الفرع الوارث، والأم: السدس أيضًا؛ لوجود الفرع الوارث، والباقي للابن، فعندنا الآن ربعٌ، وسدسٌ، أربعةٌ وستةٌ، النسبة بينهما موافقةٌ، يتفقان في القسمة على اثنين، إذنْ نقول: (4÷2×6)، أو (6÷2×4) النتيجة (12)، فيكون أصل المسألة إذنْ (12)، وربع الـ(12) كم؟ (3)، ونصف الـ(12) (6)، (3+6=9) يبقى كم؟ يبقى (3).

طيب، إذنْ هذه هي أصول المسائل، أصول المسائل تحصل معك بالمِران، يعني إذا أكثرت من قسمة المسائل تحصل معك أصول المسائل بالمِران، لكن لا بد من الممارسة، ومن أراد -يا إخوان- أن يتقن الفرائض لا بد من أن يجعل له واجبًا يحل فيه عددًا من المسائل، يأخذ مسائل الكتاب، أو من غير الكتاب، ويحل عددًا من المسائل، ويختبر نفسه في هذه القسمة.

ما أدري نكتفي بهذا القدر؟

طيب، نقف عند العَوْل إذنْ، ونفتتح به -إن شاء الله- درسنا القادم، ولعلنا -إن شاء الله- يُهيَّأ (البروجكتر) أيضًا؛ حتى يكون أسهل في التوضيح.

الأسئلة والأجوبة:

نبدأ بالأسئلة المكتوبة، ثم بعد ذلك الشفهية:

السؤال: يقول: نرجو الإكثار من الأمثلة، والإكثار من الفوائد؟

الجواب: الأمثلة -إن شاء الله- نحن سنذكر ما تيسر من الأمثلة، لكن بقية الأمثلة موجودةٌ في الكتاب، وبإمكانك أن تختبر نفسك، وتصحح لنفسك، أو مع بعض زملائك، الإخوة المقيمون في السكن بإمكانهم أن يختبر بعضهم بعضًا، يطرح بعضهم على بعضٍ المسائل، فمن أراد أن يتقن المسائل لا بد أن يكثر من المسائل.

هل (18، 36) مُصِحَّان أم أصلان؟

السؤال:… قال: ويرى بعضهم أنهما مُصِحَّان لا أصلان؟

الجواب: هذه في الـ(18، 36)، هناك من يقول: إنهما أصلان من الأصول المختلف فيها، وهناك من يقول: أصلًا هما ليسا بأصلين، وإنما هما مُصِحَّان، يعني لأجل التصحيح، لتصحيح القسمة وليسا أصلين.

أيهما أفضل لطالب العلم: “الرَّحَبيَّة” أو “البُرهانية”؟

السؤال: أيهما تفضِّل لطالب العلم: “الرَّحَبية” أو “البُرهانية”؟

الجواب: “الرحبية” أيسر عبارةً، وأشهر، ومتداولةٌ عند أهل العلم، لكن انتبه، “الرحبية” نظمها الرحَبي على مذهب الإمام الشافعي، على مذهب الشافعية، ولذلك؛ لا تجد فيها مثلًا باب الرد، ولا ذوي الأرحام، لماذا؟ لأن الشافعية لا يقولون بالرد، ولا بتوريث ذوي الأرحام.

وتجد مثلًا الجد مع الإخوة، تجده يسير فيها على مذهب الإمام الشافعي، فإذنْ قد نظمها الرحَبي على الشافعية، لكنني أنصح بحفظ “متن الرحبية”، فمثلًا لو أردت أن تحفظ أسباب الميراث، يعني إذا كنت حافظًا النظم يسهل معك ربطها:

أسـباب مـيراث الـورى ثلاثةْ كلٌّ يفـيد ربَّـه الوِراثـةْ
وهْـي نكاحٌ وولاءٌ ونسـبْ مـا بعـدهُن للمواريث سببْ

يعني حفِظتَها، والنظم أيضًا يَسهُل حفظُه وضبطُه، ما تنساه، موانع الإرث مثلًا:

ويمنع الشخص من المـيراثِ واحـدةٌ من عِلَلٍ ثلاثِ
رقٌّ وقتلٌ واختلاف دِينِ فافهم فليس الشك كاليقينِ

وهكذا، فإذنْ أنا أنصح الإخوة بحفظ “الرحبية”، حفظ “الرحبية” هذا مفيدٌ جدًّا لطالب العلم، ويعينك على ضبط الأصول في هذا.

هل يتوارث الكفار إذا اختلفت مِلَلهم؟

السؤال: قال: ذكرتم أنه لا توارُث بين ملَّتين، ثم رتّبتُم على ذلك: لا يرث المسلم الكافر، فهل هذا من باب ضرب المثال، أم أنه الراجح، أن الكفر مِلَّةٌ واحدةٌ؟

الجواب: هذه محل خلافٍ بين العلماء، هل الكفر مِلَّةٌ واحدةٌ، أو مِللٌ متعددةٌ، أما كون المسلم لا يرث الكافر، والكافر لا يرث المسلم هذا بالاتفاق؛ لأن هذا منصوصٌ عليه بقول النبي : لا يرث المسلمُ الكافرَ، ولا الكافرُ المسلمَ [9].

لكن إذا كان كفارٌ بعضهم مع بعضٍ، يهوديٌّ ونصرانيٌّ مثلًا، هل يرث اليهودي من النصراني مثلًا، أو لا يرث؟ هذه محل خلافٍ بين العلماء، والخلاف راجع إلى خلافٍ في مسألةٍ أخرى، وهي: هل الكفر مِلَّةٌ واحدةٌ، أو مِلَلٌ شتَّى؟

فمن أهل العلم من قال: إن الكفر ملةٌ واحدةٌ؛ وبناءً على ذلك: اليهودي يرث النصراني، والنصراني يرث اليهودي.

ومن العلماء من قال: لا، إن الكفر مِللٌ شتى؛ فلا يرث اليهودي النصراني، ولا النصراني اليهودي، وهذا هو القول الراجح: أن الكفر مِللٌ شتى.

هل يرث الإخوة الأشقاء أو لأبٍ مع الإخوة لأمٍّ؟

السؤال: قال: في المسألة المشرَّكة سبق في شرح “الرَّحَبية” أنك رجحت إسقاط الإخوة الأشقاء والإخوة لأبٍ، وتوريث الإخوة لأمٍّ، واليوم رجحت عدم إسقاطهم وتوريث الجميع، هل رجعت عن قولك السابق؟

الجواب: نعم، هذا سؤالٌ جيدٌ، نعم أنا رجعتُ عن قولي السابق، كنتُ فيما مضى أرجِّح القول بأن الإخوة الأشقاء يَسقطون في المسألة المشرَّكة، وأن الإخوة لأمٍّ يأخذون الثلث، وجريت على طريقة مشايخنا في ترجيح هذا القول، ولكن لمَّا بحثت المسألة أكثر، خاصةً من جهة الأثر، الذي جعلني أرجِع هو أنني وجدتُ الآثار عن الصحابة كلها في التشريك، آثارٌ عن الصحابة، عن عمر، وعن جميع الصحابة ما عدا عليًّا في أثَرٍ أيضًا في سنده مقالٌ، يعني لو قلنا: إن الأثر عن عليٍّ لا يصح، تكون المسألة إجماعًا، فلما وجدت أن الآثار عن الصحابة  وعن أكثر التابعين على القول بالتشريك، هذا أيضًا يجعل طالب العلم يجعل للقول الآخر قوةً واعتبارًا، كيف أن الصحابة هؤلاء كلهم متواردون على القول بالتشريك، فهذا هو الذي جعلني أرجع عن القول، هو أنني لما قرأت في الآثار ووجدت الآثار عن الصحابة أنها في القول بالتشريك، رأيت أن الأقرب -والله أعلم- هو القول بالتشريك؛ اعتمادًا على الآثار المروية عن الصحابة، وكذلك أيضًا عن التابعين، بل أكابر التابعين، بعض أكابر التابعين حكى الإجماع على ذلك.

ثم أيضًا: إن الأقرب للأصول والقواعد الشرعية هو القول بالتشريك، كيف يُحرَم الأشقاء وهم الأقوى، والإخوة لأمٍّ وهم الأضعف يرثون؟ هذا أيضًا لا يَرِد من ناحية القواعد والأصول الشرعية، فيُعتبرون على الأقل كأنهم إخوةٌ لأمٍّ جميعًا، فنشاركهم في هذا الثلث، وكون الإخوة الأشقاء يتشاركون مع الإخوة لأمٍّ أقرب لأصول القواعد الشرعية من حرمان الأشقاء وتوريث الإخوة لأمٍّ، فالإخوة لأمٍّ أضعف من الإخوة الأشقاء، كيف نورثهم ثم نحرم الإخوة الأشقاء؟!

على كل حالٍ: العمدة في هذا على الآثار عن الصحابة ، فكما قال الأخ السائل -جزاه الله خيرًا- فعلًا أنا كنت شرحت “الرَّحَبية”، ورجحت القول بعدم التشريك، لكن لما نظرت في الآثار المروية عن الصحابة ترجح عندي القول بالتشريك فرجعت عن قولي السابق.

طريقةٌ أخرى لحساب الموافقة

السؤال: هذا يقول: بالنسبة للموافقة، هل يمكن أن نختصرها؛ بحيث تصبح المباينة في الأربعة والستة، نقسم كلا العددين على اثنين، يصير الناتج اثنين في ثلاثة، ثم نطبِّق المباينة؟

الجواب: على كل حالٍ هناك -كما ذكرت- طرقٌ متعددةٌ، بإمكانك أن تختار أي طريقةٍ، فإذا رأى الأخ السائل أن هذه الطريقة تمشي معه وتنضبط، فيمكن أن يعتمدها، وكما ذكرتُ علم حساب الفرائض علمٌ قابلٌ للتجديد، قابلٌ للابتكار.

وسترون -إن شاء الله- في باب المناسخات: أن الجداول التي ذكرها السابقون، سأقول لكم أنه لا حاجة لها كلها، سأعطيكم طريقةً مبسطةً جدًّا، وأن هذه الجداول التي ذُكِرَت لا داعي لها إطلاقًا، سأبين لكم هذا -إن شاء الله- في حينه، وأن هذه المناسخات التي ربما سبَّبت عقدةً عند بعض الطلاب لا داعي لها، وسيصبح -إن شاء الله سترون هذا- أن المناسخات سيصبح من أسهل أبواب الفرائض.

فهناك طرقٌ جديدةٌ، يمكن أن تبتكر طرقًا جديدةً غير ما ذكرتُ؛ لأن حساب الفرائض يعتمد على الرياضيات، والرياضيات تعتمد على سيولة الذهن، وتتوصل إلى النتيجة بطريقةٍ حسابيةٍ، لكن لا نستعجل، اختبرها مرةً ومرتين وثلاثًا، بعض الطلاب يأتي بطريقةٍ، ثم تنجح معه في مسألة، فيعممها، لا، لا بد أن تختبرها على عدد من المسائل.

السؤال: قال: (2، 6) هل تُعتبَر موافقةً أو مداخلةً؟ يا إخوان، ما رأيكم؟

الجواب: مداخلةً؛ لأن ضابط المداخلة ينطبق عليها، ستة تقبل القسمة على اثنين بلا كسرٍ، فينطبق عليها ضابط المداخلة.

السؤال: مسألةٌ: زوجٍ، وأمٍّ، وأبٍ، وابنٍ؟

الجواب: الزوج، قلنا كم يأخذ؟ النصف؟ والأم؟ أم زوج وأم وأب وابن، التي شرحناها.

الزوج كم يأخذ مع وجود الابن؟ الربع، والأم؟ السدس، عندنا أربعة، وعندنا ستة، والابن له الباقي، عندنا أربعة وسته، فيكون أصل المسألة كم؟ اثنا عشر.

طيب، إذا قلنا: الزوج له الربع، ربع اثنا عشر كم؟ ثلاثة، وإذا قلنا الأم لها السدس، سدس اثنا عشر: اثنين، (3+2=5)، (5-12=7)، هذه قِسمتها.

الأخ يقول: إننا ما قلنا: سبعة، قبل قليلٍ، إن كنا ما قلناه فيصحح هذا.

طيب، الأسئلة المكتوبة انتهت الآن.

الطالب:….

الشيخ: يعني قصدك مثال: إخوة لأمٍّ، وعم؟ إي نعم، نحن ما أسقطناهم أبدًا، ما يمكن يسقطون.

مع وجود البنت، بنت، وإخوة لأم، وعم: البنت تأخذ النصف، والإخوة لأمٍّ يَسقطون، وللعم الباقي أو أبناء العم، فالإخوة لأمٍّ ضابطهم تأخذه من القرآن، تكون المسألة كلالةً، لا ولد ولا والد ذكر.

وغرضي من المثال: هو النظر إلى أن البنت كالابن في إسقاط الإخوة لأمٍّ؛ لأن بعض الطلاب -وهذه من الأخطاء الشائعة- إذا رأى المسألة فيها بنتٌ ما أسقط الإخوة لأمٍّ، إذا وجدتَ حتى بنت ابن تُسقِط الإخوة لأمٍّ، إذا وجدت فرعًا وارثًا، ذكرًا أو أنثى، تُسقط الإخوة لأمٍّ، وهذا بخلاف الإخوة الأشقاء والإخوة لأبٍ؛ لأنهم لا يَسقطون مع الفرع الوارث الأنثى، أما مع الفرع الوارث الذكر فيسقطون.

القاعدة: “لا إرث للحواشي مع ذَكَر الفروع”، هذه قاعدةٌ مُجمَعٌ عليها.

ما معنى الحواشي؟ الإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم، فإذا وُجد ابنٌ فلا تنظر لشيءٍ اسمه إخوةٌ أو أعمامٌ، يسقطون، ولا إرث للحواشي مع الأب بالإجماع أيضًا.

وعلى القول الراجح بأن الجد كالأب، نستطيع أن نقول: لا إرث للحواشي مع ذَكَر الأصول.

إذنْ: “لا إرث للحواشي مع ذَكَر الفروع، ولا إرث للحواشي مع ذَكَر الأصول”، هذه قواعد مفيدةٌ جدًّا، فإذا وُجد أبٌ، لا تنظر للإخوة ولا الأعمام، وإذا وُجد ابنٌ كذلك، وإذا وجد جَدٌّ -على القول الراجح أيضًا- أنه يُسقِط الحواشي جميعها.

الطالب:

الشيخ: رواه ابن أبي شيبة، كان في سنده مقالٌ، وبعضهم يُحسِّنه.

الطالب:

الشيخ: نعم، قيد الذَّكَر مهمٌّ في تعريف الكلالة، لا ولد ولا والد ذكر؛ لأنه لو وُجد أمٌّ وإخوةٌ لأمٍّ يرثون أو لا يرثون؟ يرثون، فعندنا أصلٌ، لكنها أنثى، فلا تُعتبر المسألة كلالةً، لا بد من تقييده بالذَّكَر؛ احترازًا مثلًا مِن الأم، أو الجدة؛ لأنهما لا يَمنعان من إرث الإخوة لأمٍّ.

إذنْ -يا إخوان- أنا أكرر مرةً أخرى قبل أن أختم، بأن تأخذوا الورقة والقلم، وتراجعوا ما شرحنا، وخاصةً النِّسَب الأربع، تمرَّنوا عليها، وبخاصةٍ الموافقة؛ فالموافقة هي مظِنَّة الخطأ، فأرجو التمرين والتدريب.

أيضًا: حفظ الشروط في الفروض المقدرة في كتاب الله، أرجو من الجميع مراجعتها.

كذلك أيضًا: التأصيل، فأرجو غدًا -إن شاء الله تعالى في بداية الدرس القادم- أن يكون الجميع قد أصبح عنده شيءٌ من التمرُّس.

غدًا -أيها الإخوة- أنا عندي دورةٌ في جامع الصانع، جامع الصانع عندهم اليوم العلمي في شرح “دليل الطالب”، واليوم العلمي الفجر والعصر والمغرب والعشاء، كل واحدٍ من المشايخ يأخذ له يومًا؛ فعندي أنا في اليوم العلمي غدًا: شرح “دليل الطالب” في جامع الصانع، عندي درس بعد الفجر، وكذلك العصر والمغرب والعشاء، فكنت أخبرت الإخوة المنظمين للدورة قبل أن أعطيهم الموافقة، فقبلوا اعتذاري، ما أستطيع أن أحضر غدًا هنا؛ بسبب ارتباطي بدورة جامع الصانع.

فغدًا لن يكون هناك فرائض، وسيأتي أحدٌ من المشايخ سيُلقي درسًا هنا، لكن -إن شاء الله- سأستكمل الدرس بعد غدٍ، يوم الاثنين.

قد حاولنا أن يكون هناك مبادلةٌ مع بعض المشايخ في درس الاثنين المغرب أو العشاء، لكن لم يتيسر، أو الثلاثاء، حاولت مع الإخوة المرتبين للدورة أن يكون هناك مبادلةٌ، لكن ما تيسر هذا، فلذلك؛ غدًا لن يكون فيه درس فرائض، وإنما -إن شاء الله- يوم الاثنين نستمر، فلعله أيضًا فرصةٌ لمراجعة ما شرحناه في هذا، ومراجعة أيضًا الشروط التي ذكرناها، وهي مهمةٌ جدًّا، فإن شاء الله تعالى ألتقي بكم يوم الاثنين القادم.

نكتفي بهذا القدر، والله أعلى وأعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ.

الحاشية السفلية

الحاشية السفلية
^1 رواه البخاري: 71، ومسلم: 1037.
^2 رواه مسلم: 2726.
^3 رواه مسلم: 1905.
^4 رواه الطبراني: 11934، بهذا اللفظ، ورواه البخاري: 2279، ومسلم: 1202، دون ذكر الدينار.
^5 رواه البخاري: 2535، مسلم: 2651.
^6 رواه ابن ماجه: 2719.
^7 رواه الترمذي: 3790، وابن ماجه: 154، وأحمد: 12904، والحاكم: 5784، وابن حبان: 7131.
^8 رواه البخاري: 4382.
^9 رواه البخاري: 6764، ومسلم: 1614.
مواد ذات صلة
  • عناصر المادةحديث حذيفة  في التحذير من الفتنضعف الإنسان أمام الفتنأبرز أسباب الفتنالاستشراف للفتنةاتباع الهوىضعف التقوىفتنة التكفيرتحصين الشباب من فتنة…

  • عناصر المادةجزاء محبة الله للعبدمعنى محبة الله ومنزلتهاصفات من يحبهم الله كما في القرآن الكريمصفة الإحسانفيم يكون الإحسان؟صفة الصبرحقيقة الصبرصفة…